ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 05/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تركيا وأرمينيا: بدء عصر جديد؟

سيزار شلالا - نيويورك

يشكّل الإعلان عن قرار تركيا وأرمينيا إنشاء علاقات دبلوماسية إجراءاً هاماً، تذهب أهميته إلى ما وراء العلاقة بين الدولتين، ربما يُحفّز طلب تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ويحسّن موقف أرمينيا في المنطقة.

بينما كانت الإمبراطورية العثمانية في العام 1915 تعاني سكرات الموت، قُتِل ما يزيد على المليون أرمني على يد القوات العثمانية لأنهم اعتبروا تهديداً لأمن الإمبراطورية، وأجبر كثيرون غيرهم على الذهاب إلى المنفى. ورغم أن الأرمن يعتبرون ذلك عمل قتل جماعي إلا أن تركيا أنكرت بإصرار ذلك الاتهام، وتدعي أن هؤلاء الأرمن قُتِلوا في أعمال حربية. وما يزال العداء تجاه الأتراك من جانب الأرمن يراوح مكانه وقد تسبب بتوترات عميقة وانعدام ثقة بين البلدين.

أشعر بارتباط قوي مع كلا الشعبين لأن أحد أجدادي يأتي من أصول تركية أرمنية، فقد ولدت إحدى جداتي في أضنة، والتي كانت أرمنية في يوم من الأيام، وهي الآن جزء من تركيا. أثناء زيارة قمت بها قبل سنتين إلى أرمينيا، ذكّرني ما شهدته بعدم إنسانية البشر تجاه بعضهم بعضاً، كذلك وجدت نفسي وجهاً لوجه مع قوة الذاكرة والحقد.

هل يمكن التغلب على المرارة بحيث يمكن تطوير علاقة منتجة بين الشعبين والدولتين؟

تكلّمت أثناء رحلتي في ييرفان، عاصمة أرمينيا مع الأستاذة ميرا انتونيان، مديرة صندوق الإغاثة الأرمني حول آثار الأحداث الماضية على الأرمن اليوم. "الأمر الوحيد الذي يوحّدنا اليوم ]كأرمن[ هو استياؤنا من الأتراك بسبب أحداث الماضي"، أخبرتني الأستاذة ميرا. شاركها رأيها هذا زوجها وصديق لهما، وكلاهما يمارسان أعمالاً تجارية مع الأتراك، رغم معاملاتهما المنتظمة. "كونك أرمنياً يعني أن عندك ذكريات حزينة"، أضافت الأستاذة.

أخبرتهم أنني أشعر أن الأرمن واقعون في مستنقع لا يستطيعون التحرك قدماً فيه بسبب الوزن الضخم للأحداث السابقة. أجابني زوج ميرا: "يشكّل القتل الجماعي عبئاً ثقيلاً جداً على أكتافنا. لا نستطيع مجرد نسيان ما حدث. لا نستطيع محو ذاكرتنا".

إلا أنه يبدو أن هناك فجوة تتعلق بالأجيال حول هذه القضية. تصر الأجيال السابقة (من هم فوق الخمسين سنة من العمر) على ضرورة الحصول على اعتذار رسمي من الحكومة التركية على اغتيالات الأرمن. تشعر الأجيال الأصغر عمراً، دون رفض حقائق التاريخ، بالحاجة للتغلب على النتائج السلبية لهذه الذكريات، وهم يعتقدون أن هذا الارتباط العميق بالماضي له قوة تدميرية ذاتية.

أخبرتني كاميللا بتروسيان وهي طبيبة نفسانية في أواخر الثلاثينات من عمرها كيف وصل ابنها البالغ من العمر 4 سنوات إلى البيت في أحد الأيام من الروضة خائفاً بشكل مميت عندما علم بمجازر عام 1915. "علينا أن نوقف ثقافة الضحية هذه"، قالت السيدة بتروسيان، "وإلا فلن نستطيع التحرك قدماً".

كذلك أدلى عدد من المفكرين الأتراك، بمن فيهم أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل في الأدب عام 2006 بتصريحات علنية حول الحاجة إلى التحرك قدماً. أما الرئيس التركي عبدالله غول فقد كان حاسماً حول الحاجة إلى، والملاءمة المحتملة المتبادلة لعلاقات أفضل بين الدولتين، وقد نادى بتشكيل لجنة مشتركة من العلماء الأتراك والأرمن لتقييم الأحداث السابقة.

ورغم أن باموك واجه ردة فعل رهيبة من الحكومة التركية بسبب وجهات نظره حول أعمال القتل الجماعي ضد الأرمن، إلا أنه استمر وبشجاعة بالتعبير عن آرائه. وقد استقبلت محاولات غول الدفع باتجاه علاقات فضلى بشكل جيد من قبل المسؤولين الأرمن، الذين يتوق العديد منهم لتحقيق علاقات أفضل مع تركيا.

يمثل تشكيل لجنة من المؤرخين الأتراك والأرمن برعاية الأمم المتحدة، مع ممثلين من محكمة العدل الدولية في لاهاي خطوة هامة وضرورية. سوف تكون مهمة لجنة كهذه تحليل الوثائق التاريخية التي يمكن أن تلقي ضوءاً حاسماً على أحداث الماضي.

هناك حاجة يائسة لتغيير في النظام يسمح لنا بالتحرك بعيداً عن ثقافة العداء باتجاه ثقافة التسوية.

وقد جرى حتى الآن اتخاذ بعض الخطوات الهامة. ففي تموز/يوليو عام 2008، دعى الرئيس الأرمني سيرج سركسيان الرئيس التركي عبدالله غول لزيارة أرمينيا. كانت الزيارة التي تمت في شهر أيلول/سبتمبر 2008 أول زيارة يقوم بها رئيس تركيا إلى دولة أرمينيا وأدت إلى محادثات رفيعة المستوى بين المسؤولين من كلا البلدين.

كتب ريتشارد غيراغوسيان مدير المركز الأرمني للدراسات الوطنية والدولية في ييرفان مؤخراً أن العلاقة المتغيرة قد تؤدي إلى وضع يربح فيه الجميع. بالنسبة لأرمينيا، يوفّر هذا الوضع فرصاً اقتصادية جديدة وتحوّل في السياسة الخارجية هناك حاجة ماسة له، وخاصة في قضية كانت لها كلفة اقتصادية ونفسية هائلة للأرض. بالنسبة لتركيا، سوف يؤدي هذا الوضع إلى تحسن في الوضع المتعلق بالاتحاد الأوروبي.

تُظهِر علاقات سلمية ومنتجة بين تركيا وأرمينيا في عالم مؤهّل للحرب أن التفاهم بين الشعوب التي تحمل أعباء الماضي ممكن، ويمكنها كذلك أن تقدم مثالاً ونموذجاً هاماً لمجموعات أخرى، مثل العلاقة بين تركيا وسكانها الأكراد. الأهم من ذلك أن بإمكان هذه الأحداث أن توجِد قوة اندفاع من أجل السلام في منطقة من العالم هي في أمسّ الحاجة إليها.

ــــــــــــ

* سيزار شلالا مؤلف مشارك لمقال "مفقود أو قتيل في الأرجنتين: البحث اليائس عن آلاف الضحايا المختطفين" وهو مقال غلاف لمجلة نيويورك تايمز حصل على جائزة نادي الصحافة الأمريكي وراء البحار" بشكل مشارك. كُتب هذا المقال لخدمة Common Ground الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 2 تشرين الأول/أكتوبر 2009

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ