ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  01/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


موقف الإسلام من التدابير غير العقابية

التدابير المقيدة والسالبة للحرية كنموذجين

( رؤية مقارنة )

بقلم : يسري عبد الغني عبد الله*

مدخل :

مع ظهور المدرسة الوضعية ،ومع تطور الدراسات الجنائية ، وجد أن العقوبة قد لا تفي بالغرض منها في بعض المواقف نظراً لظروف خاصة بالجاني ، ومن ثم فقد ظهرت التدابير الاحترازية لتحل محل العقوبة .

ويمثل في هذه التدابير رد الفعل الاجتماعي على الجريمة ،فإن كان الجاني لا يمكن معالجته نظراً لمرضه العقلي ، أو لصغر سنه ، فإن أمن المجتمع وسلامة مصالحه ، يتطلبان الحماية في مثل هذه الأحوال .

وعليه يتعين اتخاذ تدبير جنائي آخر غير العقوبة يهدف إلى الوقاية من خطورة الجاني ، وهذا هو التدبير الاحترازي ، بالإضافة إلى تدابير الأمن .

والأصل في تدابير الأمن أنها ابتدعت لمواجهة الحالات الخطرة، أي الحالات التي أفلست العقوبات المقررة في علاجها .

وتدابير الأمن الوضعية لا تقتصر على التدابير البديلة عن العقوبات ، أي الخاصة بمن أجرموا بالفعل ، ويراد اتقاء شرهم في المستقبل ، بل أنها كانت تضم التدابير الاحترازية أي التي تتخذ ضد الجانحين الذين تنبئ حالتهم الخطرة عن احتمال إقدامهم على الإجرام ، كما في حالة الشواذ ، ومدمني المخدرات والمسكرات ، وبالجملة كل الخطرين على أمن المجتمع . (1)

أنواع التدابير غير العقابية في إطار القوانين :

هناك أنواع ثلاثة من التدابير غير العقابية ، وهي التدابير العازلة ، والتدابير التربوية أو العلاجية ، والتدابير الوقائية ، وسوف نتحدث بإيجاز غير مخل عن كل نوع من هذه التدابير .

أولا : التدابير العازلة :

وهذا النوع من التدابير يكون نوعين : إما تدابير مقيدة للحرية ، أو للنفس ، مثل الإبعاد ( النفي ) ، أو تحديد الإقامة الجبرية .

وإما تدابير عازلة سالبة للحرية ، كالإيداع في مؤسسة ، أو الاعتقال .

ثانياً : تدابير تربوية أو علاجية :

وقد تكون هذه التدابير : عامة أو خاصة ، فالتدابير العامة تتمثل في الاختبار القضائي ، أو الوضع تحت مراقبة الشرطة ، أو العمل الإجباري ، أو الإفراج المشروط ، أو الحكم تحت شرط ، أو الوعد بحسن السلوك ، أو رعاية المفرج عنه ( الرعاية اللاحقة ) .

أما التدابير الخاصة فتكون عادة بالنسبة للأحداث والشباب ، كالإيداع في المؤسسات الإصلاحية ( الإصلاحيات ) ، أو محال استضافة الشباب ، أو الاختبار القضائي ، أو التسليم لمؤسسة خيرية ( مؤسسات المجتمع المدني ) ، أو الإيداع في أسرة بديلة أمينة ، أو التوبيخ ، أو العقاب البدني ،أو التسليم بضمان .

ثالثاً : تدابير وقائية :

وهي إما أن تكون تدابير سالبة للحرية ، مثل اعتقال شخص يهدد بارتكاب جريمة خطرة ، إما أن تكون تدابير مقيدة للحرية كالمنع من ممارسة بعض المهن ، أو العزل من الوظيفة .

وإما أن تكون تدابير بدنية كالإخصاء ، وإما أن تكون تدابير مالية كالغرامة ، أو المصادرة .

التدابير الاحترازية في الشريعة الإسلامية :

وبعد أن عرفنا بأنواع التدابير الاحترازية التي عرفتها القوانين الوضعية ، نقول : إن الشريعة الإسلامية قد عرفت هذه التدابير ، وطبقتها قبل أن تعرفها القوانين الوضعية ، وسوف نوضح ذلك فيما يلي :-

أولاً : الإسلام والتدابير السالبة للحرية :

وذلك مثل الحجز على من شرع في إيذاء الناس دون أن يكون عليه دليل على جريمة معينة .

وخير مثال على هذا ، المجرمون الخطرون حيث يظل هؤلاء محتجزون حتى تنصلح حالهم ، فتطلق سراحهم ، ويعفى عنهم ، وهذا التدبير يتخذ من باب حماية المصلحة العامة في الشريعة الإسلامية . (2)

وقد أجاز بعض الفقهاء عزل السارق بعد قطع يده ، ورجله ، حتى يتوب توبة نصوح . (3)

ومن المقرر كذلك في الشريعة الإسلامية حجز المجنون الخطر على الناس ، حتى لا يؤذيهم .

وكذلك عزل الصبي الجانح حتى تنصلح حاله ، إذا كان يرتكب الجريمة ، أو يخشى منه ارتكابها . (4)

ثانياً : الإسلام والتدابير المقيدة للحرية :

لقد تناولت الشريعة الإسلامية في كثير من أبوابها ، التدابير المقيدة للحرية ، كالحبس والنفي .

ومن أمثلة الحبس ، الحبس حتى التوبة النصوح ، وكذلك حبس الصبي العاقل ( المميز ) المرتد عن الإسلام .

وعند الإمام / أبي حنيفة النعمان أن الصبي المميز ، تعتبر ردته ، ولكنها لا تقبل ، ويجبر على الإسلام ، ويحبس حتى تظهر توبته ، ويخلى سبيله إذا أسلم .

ومن يسرق للمرة الثالثة عند الإمام/ أبي حنيفة لا يقام عليه حد السرقة من جديد ، ولكنه يعزر ، ويحبس حتى يتوب أو يموت.

ومن أمثلة الحبس حتى الموت التي قال بها الفقهاء ، حكم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على من أمسك رجلاً لأخر حتى قتله ، بالحبس حتى الممات .

ونحب أن نقول في هذا المقام: إن فكرة العقوبة بالسجن كانت معروفة قبل الإسلام .

وفي القرآن الكريم ما يدل على أن عزيز مصر كان عنده سجن ، ودخله نبي الله يوسف ( عليه السلام ) ، ودخل معه فتيان دعاهما إلى توحيد الله تعالى ، وهذا ما نجده في الآيات من ( 36 ) إلى ( 42 ) من سورة يوسف .

وفي القرآن الكريم أيضاً : أن فرعون مصر الذي أرسل إليه نبي الله ورسوله موسى ( عليه السلام ) كان له سجن هدده بإدخاله فيه .

وقد جاء في محكم التنزيل قوله تعالى : { قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين . } [ الشعراء : 29 ]

وفكرة السجن موجودة في الإسلام ، ولم تكن أيام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالمعنى المتبادر إلى الذهن من اتخاذ دار خاصة يوضع فيها من استحق عقوبة . (5)

ولم تكن كذلك أيام أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) ، ولكن كان هناك حبس بمعنى تعويق الشخص ، ومنعه من التصرف الحر ، حتى يقضي ديناً وجب عليه ،أو يرد حقاً اغتصبه .

وكان الذي يلازم المحبوس هو الخصم أو وكيله ،ولهذا أسماه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أسيراً

وجاء في حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه ) أن الحبس كان يوماً وليلة استظهاراً ، وطلبًا لإظهار الحق بالاعتراف .

وروى البيهقي في سننه ، أن عبداً كان بين رجلين فأعتق أحدهم نصبيه فحبسهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حتى باع غنيمة له ، (هذا الحديث وإن كان فيه انقطاع ، فإنه روي عن طريق أخرى ، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً ).

والبخاري في صحيحه جعل باباً بعنوان : ( باب الربط والحبس في الحرم ) ،قال ابن حجر العسقلاني في شرحه للبخاري ( فتح الباري ): كأنه أشار في هذا التبويب إلى رد ما نقل عن طاووس أنه كان يكره السجن بمكة ، ويقول : لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون في بيت رحمه .

ويقال أن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) هو أول من اتخذ داراً للسجن في مكة ، اشتراها من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم ، وكان ذلك بمعرفة عامله على مكة ، نافع بن الحارث الخزاعي .

وقيل : أن أول من اتخذ داراً للسجن هو معاوية بن أبي سفيان ، كما ذكر ذلك المقريزي في خططه .

وكان القاضي شريح هو أول من حبس في الدين ، ومن وقائع الحبس أيام عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ، أنه حبس الحطيئة الشاعر الهجاء لتطاوله على ابن بدر .

أما عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) فقد أقر عقوبة الحبس ، ومن سجنائه ( ابن الحارث ) الذي هجا بني جرول .

ويلاحظ أنه لم يكن للسجن مكان خاص ، بل كان المذنب يسجن أحياناً في السجن ، أو في بعض دهاليز البيوت .

وأما علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ) فيقال أنه حبس الغاصب ، وآكل مال اليتيم ظلماً ، والخائن للأمانة ، وخصص للسجن مكاناً ، وكان أولاً من أعواد القصب ، ثم بنى غيره محكماً.

ويقول البلاذري ، والمسعودي : إن معاوية بن أبي سفيان ، أربى على الخلفاء في أعداد السجون ، والاهتمام بها .

ومن أنواع السجن النفي ، لأنه فصل عن المجتمع الذي كان يعيش فيه المنفي ، وقد قرر القرآن الكريم في جزاء المحاربين المفسدين أن ينفوا من الأرض . (6)

هذا ، وقد قرر الفقهاء إيقاع الحبس على المشترك في جناية حتى يفصل فيها ، وكذلك أجاز التعزيرات للردع ، ولسداد الديون أو حتى ترد الديون ، وللتأديب الذي يراه الحاكم (7) .

أما السجن الموجود في وقتنا هذا فهو نوع من التعزيرات التي لم تحدد في الإسلام ، لا كماً ولا كيفاً ، بل ترك أمرها إلى القاضي ليقرر ما يراه مناسباً للجريمة ، أو المخالفة بوجه عام .

أما بالنسبة لبعض المعاملات القاسية واللاإنسانية التي تتخذ مع المسجونين الآن ، وفي بعض الدول ، رأى العلماء عدم جوازها على الإطلاق ، رجوعاً إلى عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وخليفته أبو بكر الصديق (رضي الله عنه ) ، مع استبدال إجراءات أخرى به تضمن رد الحقوق إلى أصحابها ، ومنع الضرر عن الناس .

هذا ، وقد تطورت السجون في التشريعات الحديثة لدى بعض الدول ، فتحولت إلى مؤسسات تربوية علاجية يعامل فيها المسجون كمريض تدرس أحواله دراسة جيدة ، ويعالج بطرق خاصة ، لتجعل منه مواطناً صالحاً بعد الانتهاء من مدة احتجازه .

يقول الإمام / الشوكاني في كتابه : ( نيل الأوطار ) بعد بحثه لموضوع ( السجن ) : والحاصل أن الحبس وقع في زمن النبوة ، وفي أيام الصحابة ، والتابعين ، فمن بعدهم إلى الآن ، في جميع الأعصار والأمصار ، ومن دون إنكار ، وفيه من المصالح ما لا يخفى. (8).

وأخذ الشوكاني بعد ذلك يعدد هذه المصالح ، إلى أن قال : وقد استدل البخاري على جواز الربط بما وقع منه ( صلى الله عليه وسلم ) من ربط ثمامة بن آثال بسارية من سواري مسجده الشريف كما في القصة المشهورة في الصحيح . (9)

موقف الإسلام من النفي كتدبير مقيد للحرية :

ورد النفي بنص القرآن الكريم ، حيث يقول المولى عز وجل : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو ينفوا من الأرض ، ذلك لهم خزي في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم } [ المائدة : 33 ]

و ( تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) أي تقطع أيديهم اليمنى ، وأرجلهم اليسرى .

و( الخزي ) أي ذل وفضيحة ، وفعله : خزى ، يخزي ، خزياً ، فهو : خز ، وخزيان ، وهم خزايا .

والمعنى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) ، أي يحاربون أولياءهما ، ويسعون في الأرض فساداً ، أن يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى ، أو ينفوا من الأرض ، ذلك خزي يتبعهم عاره في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم ، إلا الذين تابوا توبة نصوح ، من قبل أن تقدروا عليهم ، فاعلموا أن الله غفور رحيم (10) .

والنفي يكون في حالة أن يطلبوا للعقاب فيمتنعوا ، أما من قدر عليه ، أقيم عليه الحد إلى أن يتوب .

وعند الأحناف : المراد به نفيه من جميع الأرض ، وذلك لا يتحقق الباتة مادام المذنب حياً .

أو المراد نفيه من بلدته إلى بلد أخرى ، وبه لا يحدث المراد أو المقصود ، وهو رفع أذاه عن الناس .

أو يكون المراد نفيه عن دار الإسلام إلى دار الحرب ، وفيه تعويض له عن الردة .

فالمراد إذن نفيه من جميع الأرض موضع حبسه ، فإن المحبوس يسمى خارجاً عن الدنيا .

وفي اللغة أن النفي معناه : التنحية والإبعاد . أما الحبس فمعناه: المنع ، أو الإمساك ، ويقال سجنه ، أي : أوقفه ، وسلب حريته .

النفي في السنة النبوية :-

وقد ثبت النفي في أحاديث الرسول " صلي الله عليه وسلم " ، نذكر منها : عن أبي هريرة (رضي الله عنه ) ، أن النبي " صلى الله عليه وسلم " قضي في من زنى ولم يحصن بنفي عام ، وإقامة الحد عليه .

وعن عبادة بن الصامت ( رضي الله عنه ) ، قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " : خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر ، جلد مائة ، ونفي سنة ، والثيب بالثيب ، جلد مائة ورجم . {رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي } .

ويقال أن النفي كان قبل ذلك في البيت ، إلى أن قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " في الحديث السالف : " خذوا عني ، خذوا عني …." .

وهو الذي عليه جمهور الفقهاء ، وأخذ به الخلفاء الراشدين جميعاً ، وهو قول : عبد الله بن عمر ، وعطاء ، وطاووس ، وسفيان الثوري ، ومالك ، وأحمد بن حنبل ( رضي الله عنهم جميعاً ) .

وقد أخذ بالتغريب الخلفاء الراشدون - كما أسلفنا - ولم ينكره أحد ، فالصديق ( رضي الله عنه ) غرب إلي فدك ، والفاروق عمر ( رضي الله عنه ) غرب إلى الشام ، وعثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) غرب إلى مصر ، وعلي ( كرم الله وجه ) غرب إلى البصرة .

وروي أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قام بنفي اثنين من المخنثين كانا بالمدينة ، يقال لأحدهما ( هيت ) ، وللأخر ( مانع ) .

ويقال أن أحدهما شكا الضيق من مكان نفيه ، فأذن له بعض الأئمة أن يدخل المدينة يوماً في الجمعة يتسوق ثم ينصرف .

وأهل العلم من الفقهاء يعرفون هذا ، ويقولون به ، ولا نجدهم إلا مجتمعين عليه ، وإن كان لا يثبت كثبوت نفي الزنى ، مع الإشارة إلي أن القصة التي أسلفناها وردت ضمن حديثاً مرسلاً

ثالثاً : التدابير الوقائية :-

وخير مثال علي التدابير الوقائية في الشريعة الإسلامية هو : مصادرة أدوات الجريمة ، ومصادرة حيازتها ، كإتلاف أواني الخمر ، واللبن المغشوش …… إلخ .

وفي كتابه القيم : ( الطرق الحكمية ) يتحدث العلامة / ابن القيم حديثاً رائعاً نحن في حاجة إليه على أيامنا هذه ، إنه يتكلم عن الكتب المليئة بالفساد ، مؤكداً على أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة ، يجب إتلافها ، وإعدامها ، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو ، وإتلاف آنية الخمر ، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه . !! (11) .

وقد روي الإمام / الترمذي في سننه أن النبي " صلى الله عليه وسلم " أتى بسارق فقطعت يده ، ثم أمر به فعلقت في عنقه ، وبذلك تحقق الردع العام ، والردع الخاص ، والتدبير الوقائي .

رابعاً : التدابير التربوية :-

ومن التدابير التربوية في الشريعة الإسلامية : هجر الزوجة في الفراش ، يقول سبحانه وتعالى {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ، واهجروهن في المضاجع } ( النساء : 34 )

و ( نشوزهن ) أي ترفعهن ، وعصيانهن ، يقال : نشزت المرأة ، تنشز ، نشوزاً ، أي ترفعت على زوجها وعصته ، و( المضاجع ) جمع مضجع ، وهو المرقد .

هذا ، وقد حكم الله تعالى بأن الرجال يجب أن يتولوا أمر النساء ليقودهن إلى كمالهن ، وذلك بسبب تفضيل الله للرجال بالقوة الجسدية ، وخاصة قوة الاحتمال ، وبسبب قيامهن عليهن بالإنفاق . (12) .

وكذلك يمكن تأديب الصبية تأديباً معنوياً ، أو من الممكن ضربهم ضرباً غير مبرح ، فهذه تربية لهم .

موازنة ومقارنة :-

لعل القارئ المفضال قد لاحظ من كلامنا السابق ، أن الشريعة الإسلامية الغراء ، قد عرفت تماماً التدابير الاحترازية ، بالنظر إلى طبيعتها ، والغرض منها ، وذلك قبل أن يعرفها الفقه الجنائي الحديث ويتشدق بها ، ونذهب نحن - كعادتنا دائماً - لنستوردها منه .

فالشريعة الإسلامية أقرت : النفي أو التغريب ، والإجراء الإصلاحي للصبي ، وغيرها من التدابير الوقائية والتربوية والعلاجية ، بغرض وقاية المجتمع من خطورة الجاني ، ووقايته من الإجرام بوجه عام .

بل أن فقهاء الشريعة تناولوا ما إذا كانت العقوبة أو التدبير يسبق أحدهما الأخر في التنفيذ .

 أي أن الفقه الجنائي الحديث لم يأتي بجديد .. !!

والله تعالى ولي التوفيق

ــــــــ

الهوامش والأسانيد

(1) نادرة محمود سالم ، السياسة الجنائية المعاصرة ومبادئ الدفاع الاجتماعي من منظور إسلامي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1995 م ، ص 108 ، وما بعدها ، بتصرف من عندنا .

(2) برهان الدين أبو الوفا إبراهيم بن فرحون العمري المالكي (المتوفى 799 هـ) ، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام ، الطبعة الأولى ، المطبعة العامرة الشرقية بمصر المحمية ، القاهرة ، 1301 هـ ، 2 / 264 .

(3) ابن عابدين ، حاشية ابن عابدين المسماة : رد المحتار على الدر المختار ، شرح تنوير الأبصار في فقه أبي حنيفة النعمان ، الطبعة الثالثة ، المطبعة الكبرى الأميرية ، القاهرة ، 1333 هـ ، 3 / 260 ، و 3 / 319 .

(4) عبد القادر عودة ، التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، بدون تاريخ ، 1 / 768 .

(5) عطية صقر ، أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام ، العدد ( 7 ) ، دار الغد العربي ، القاهرة ، بدون تاريخ ، ص 190 ، وما بعدها .

 (6) عطيه صقر ، مرجع سابق ، ص 200 وما بعدها .

(7) المقريزى ، الخطط ، القاهرة ، 1959 م ، 3 / 303 ، وقد كتب العديد من المعلومات القيمة عن نشأة السجون فليعد إليها من أراد المزيد .

(8) محمد بن علي الشوكاني ، نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار ، دار الخير ، دمشق ، 1998 م ، 9 / 218 ، وما بعدها ، بتصرف من عندنا .

(9) عبد العزيز عامر ، التعزير في الشريعة الإسلامية ، القاهرة ، ص 212 ، وما بعدها .

(10) محمد فريد وجدي ، المصحف المفسر ، دار الشعب ، القاهرة ، 1974 م ، تفسير سورة المائدة .

(11) ابن قيم الجوزية ، الطرق الحكمية ، طبعة بيروتية ، بدون تاريخ ، ص 298 ، وما بعدها ، بتصرف من عندنا .

(12) محمد فريد وجدي ، المصحف المفسر ، مرجع سبق ذكره ، تفسير سورة النساء .

ـــــــــــ

*باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية وخبير في الدفاع الاجتماعي

ayusri_a@hotmail.com

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ