ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
موقف
الإسلام من التدابير غير
العقابية التدابير
المقيدة والسالبة للحرية
كنموذجين (
رؤية مقارنة ) بقلم
: يسري عبد الغني عبد الله* مدخل
: مع ظهور
المدرسة الوضعية ،ومع تطور
الدراسات الجنائية ، وجد أن
العقوبة قد لا تفي بالغرض منها
في بعض المواقف نظراً لظروف
خاصة بالجاني ، ومن ثم فقد ظهرت
التدابير الاحترازية لتحل محل
العقوبة . ويمثل
في هذه التدابير رد الفعل
الاجتماعي على الجريمة ،فإن كان
الجاني لا يمكن معالجته نظراً
لمرضه العقلي ، أو لصغر سنه ،
فإن أمن المجتمع وسلامة مصالحه
، يتطلبان الحماية في مثل هذه
الأحوال . وعليه
يتعين اتخاذ تدبير جنائي آخر
غير العقوبة يهدف إلى الوقاية
من خطورة الجاني ، وهذا هو
التدبير الاحترازي ، بالإضافة
إلى تدابير الأمن . والأصل
في تدابير الأمن أنها ابتدعت
لمواجهة الحالات الخطرة، أي
الحالات التي أفلست العقوبات
المقررة في علاجها . وتدابير
الأمن الوضعية لا تقتصر على
التدابير البديلة عن العقوبات ،
أي الخاصة بمن أجرموا بالفعل ،
ويراد اتقاء شرهم في المستقبل ،
بل أنها كانت تضم التدابير
الاحترازية أي التي تتخذ ضد
الجانحين الذين تنبئ حالتهم
الخطرة عن احتمال إقدامهم على
الإجرام ، كما في حالة الشواذ ،
ومدمني المخدرات والمسكرات ،
وبالجملة كل الخطرين على أمن
المجتمع . (1) أنواع
التدابير غير العقابية في إطار
القوانين : هناك
أنواع ثلاثة من التدابير غير
العقابية ، وهي التدابير
العازلة ، والتدابير التربوية
أو العلاجية ، والتدابير
الوقائية ، وسوف نتحدث بإيجاز
غير مخل عن كل نوع من هذه
التدابير . أولا :
التدابير العازلة : وهذا
النوع من التدابير يكون نوعين :
إما تدابير مقيدة للحرية ، أو
للنفس ، مثل الإبعاد ( النفي ) ،
أو تحديد الإقامة الجبرية . وإما
تدابير عازلة سالبة للحرية ،
كالإيداع في مؤسسة ، أو
الاعتقال . ثانياً
: تدابير تربوية أو علاجية : وقد
تكون هذه التدابير : عامة أو
خاصة ، فالتدابير العامة تتمثل
في الاختبار القضائي ، أو الوضع
تحت مراقبة الشرطة ، أو العمل
الإجباري ، أو الإفراج المشروط
، أو الحكم تحت شرط ، أو الوعد
بحسن السلوك ، أو رعاية المفرج
عنه ( الرعاية اللاحقة ) . أما
التدابير الخاصة فتكون عادة
بالنسبة للأحداث والشباب ،
كالإيداع في المؤسسات
الإصلاحية ( الإصلاحيات ) ، أو
محال استضافة الشباب ، أو
الاختبار القضائي ، أو التسليم
لمؤسسة خيرية ( مؤسسات المجتمع
المدني ) ، أو الإيداع في أسرة
بديلة أمينة ، أو التوبيخ ، أو
العقاب البدني ،أو التسليم
بضمان . ثالثاً
: تدابير وقائية : وهي إما
أن تكون تدابير سالبة للحرية ،
مثل اعتقال شخص يهدد بارتكاب
جريمة خطرة ، إما أن تكون تدابير
مقيدة للحرية كالمنع من ممارسة
بعض المهن ، أو العزل من الوظيفة
. وإما أن
تكون تدابير بدنية كالإخصاء ،
وإما أن تكون تدابير مالية
كالغرامة ، أو المصادرة . التدابير
الاحترازية في الشريعة
الإسلامية : وبعد أن
عرفنا بأنواع التدابير
الاحترازية التي عرفتها
القوانين الوضعية ، نقول : إن
الشريعة الإسلامية قد عرفت هذه
التدابير ، وطبقتها قبل أن
تعرفها القوانين الوضعية ، وسوف
نوضح ذلك فيما يلي :- أولاً :
الإسلام والتدابير السالبة
للحرية : وذلك
مثل الحجز على من شرع في إيذاء
الناس دون أن يكون عليه دليل على
جريمة معينة . وخير
مثال على هذا ، المجرمون
الخطرون حيث يظل هؤلاء محتجزون
حتى تنصلح حالهم ، فتطلق سراحهم
، ويعفى عنهم ، وهذا التدبير
يتخذ من باب حماية المصلحة
العامة في الشريعة الإسلامية .
(2) وقد
أجاز بعض الفقهاء عزل السارق
بعد قطع يده ، ورجله ، حتى يتوب
توبة نصوح . (3) ومن
المقرر كذلك في الشريعة
الإسلامية حجز المجنون الخطر
على الناس ، حتى لا يؤذيهم . وكذلك
عزل الصبي الجانح حتى تنصلح
حاله ، إذا كان يرتكب الجريمة ،
أو يخشى منه ارتكابها . (4) ثانياً
: الإسلام والتدابير المقيدة
للحرية : لقد
تناولت الشريعة الإسلامية في
كثير من أبوابها ، التدابير
المقيدة للحرية ، كالحبس والنفي
. ومن
أمثلة الحبس ، الحبس حتى التوبة
النصوح ، وكذلك حبس الصبي
العاقل ( المميز ) المرتد عن
الإسلام . وعند
الإمام / أبي حنيفة النعمان أن
الصبي المميز ، تعتبر ردته ،
ولكنها لا تقبل ، ويجبر على
الإسلام ، ويحبس حتى تظهر توبته
، ويخلى سبيله إذا أسلم . ومن
يسرق للمرة الثالثة عند الإمام/
أبي حنيفة لا يقام عليه حد
السرقة من جديد ، ولكنه يعزر ،
ويحبس حتى يتوب أو يموت. ومن
أمثلة الحبس حتى الموت التي قال
بها الفقهاء ، حكم النبي ( صلى
الله عليه وسلم ) على من أمسك
رجلاً لأخر حتى قتله ، بالحبس
حتى الممات . ونحب أن
نقول في هذا المقام: إن فكرة
العقوبة بالسجن كانت معروفة قبل
الإسلام . وفي
القرآن الكريم ما يدل على أن
عزيز مصر كان عنده سجن ، ودخله
نبي الله يوسف ( عليه السلام ) ،
ودخل معه فتيان دعاهما إلى
توحيد الله تعالى ، وهذا ما نجده
في الآيات من ( 36 ) إلى ( 42 ) من
سورة يوسف . وفي
القرآن الكريم أيضاً : أن فرعون
مصر الذي أرسل إليه نبي الله
ورسوله موسى ( عليه السلام ) كان
له سجن هدده بإدخاله فيه . وقد جاء
في محكم التنزيل قوله تعالى : {
قال لئن اتخذت إلهاً غيري
لأجعلنك من المسجونين . } [
الشعراء : 29 ] وفكرة
السجن موجودة في الإسلام ، ولم
تكن أيام النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) بالمعنى المتبادر إلى
الذهن من اتخاذ دار خاصة يوضع
فيها من استحق عقوبة . (5) ولم تكن
كذلك أيام أبي بكر الصديق ( رضي
الله عنه ) ، ولكن كان هناك حبس
بمعنى تعويق الشخص ، ومنعه من
التصرف الحر ، حتى يقضي ديناً
وجب عليه ،أو يرد حقاً اغتصبه . وكان
الذي يلازم المحبوس هو الخصم أو
وكيله ،ولهذا أسماه النبي ( صلى
الله عليه وسلم ) أسيراً وجاء في
حديث أبي هريرة ( رضي الله عنه )
أن الحبس كان يوماً وليلة
استظهاراً ، وطلبًا لإظهار الحق
بالاعتراف . وروى
البيهقي في سننه ، أن عبداً كان
بين رجلين فأعتق أحدهم نصبيه
فحبسهم النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) حتى باع غنيمة له ، (هذا
الحديث وإن كان فيه انقطاع ،
فإنه روي عن طريق أخرى ، عن عبد
الله بن مسعود مرفوعاً ). والبخاري
في صحيحه جعل باباً بعنوان : (
باب الربط والحبس في الحرم )
،قال ابن حجر العسقلاني في شرحه
للبخاري ( فتح الباري ): كأنه
أشار في هذا التبويب إلى رد ما
نقل عن طاووس أنه كان يكره السجن
بمكة ، ويقول : لا ينبغي لبيت
عذاب أن يكون في بيت رحمه . ويقال
أن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه )
هو أول من اتخذ داراً للسجن في
مكة ، اشتراها من صفوان بن أمية
بأربعة آلاف درهم ، وكان ذلك
بمعرفة عامله على مكة ، نافع بن
الحارث الخزاعي . وقيل :
أن أول من اتخذ داراً للسجن هو
معاوية بن أبي سفيان ، كما ذكر
ذلك المقريزي في خططه . وكان
القاضي شريح هو أول من حبس في
الدين ، ومن وقائع الحبس أيام
عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ،
أنه حبس الحطيئة الشاعر الهجاء
لتطاوله على ابن بدر . أما
عثمان بن عفان ( رضي الله عنه )
فقد أقر عقوبة الحبس ، ومن
سجنائه ( ابن الحارث ) الذي هجا
بني جرول . ويلاحظ
أنه لم يكن للسجن مكان خاص ، بل
كان المذنب يسجن أحياناً في
السجن ، أو في بعض دهاليز البيوت
. وأما
علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه )
فيقال أنه حبس الغاصب ، وآكل مال
اليتيم ظلماً ، والخائن للأمانة
، وخصص للسجن مكاناً ، وكان
أولاً من أعواد القصب ، ثم بنى
غيره محكماً. ويقول
البلاذري ، والمسعودي : إن
معاوية بن أبي سفيان ، أربى على
الخلفاء في أعداد السجون ،
والاهتمام بها . ومن
أنواع السجن النفي ، لأنه فصل عن
المجتمع الذي كان يعيش فيه
المنفي ، وقد قرر القرآن الكريم
في جزاء المحاربين المفسدين أن
ينفوا من الأرض . (6) هذا ،
وقد قرر الفقهاء إيقاع الحبس
على المشترك في جناية حتى يفصل
فيها ، وكذلك أجاز التعزيرات
للردع ، ولسداد الديون أو حتى
ترد الديون ، وللتأديب الذي
يراه الحاكم (7) . أما
السجن الموجود في وقتنا هذا فهو
نوع من التعزيرات التي لم تحدد
في الإسلام ، لا كماً ولا كيفاً
، بل ترك أمرها إلى القاضي ليقرر
ما يراه مناسباً للجريمة ، أو
المخالفة بوجه عام . أما
بالنسبة لبعض المعاملات
القاسية واللاإنسانية التي
تتخذ مع المسجونين الآن ، وفي
بعض الدول ، رأى العلماء عدم
جوازها على الإطلاق ، رجوعاً
إلى عهد النبي ( صلى الله عليه
وسلم ) ، وخليفته أبو بكر الصديق
(رضي الله عنه ) ، مع استبدال
إجراءات أخرى به تضمن رد الحقوق
إلى أصحابها ، ومنع الضرر عن
الناس . هذا ،
وقد تطورت السجون في التشريعات
الحديثة لدى بعض الدول ، فتحولت
إلى مؤسسات تربوية علاجية يعامل
فيها المسجون كمريض تدرس أحواله
دراسة جيدة ، ويعالج بطرق خاصة ،
لتجعل منه مواطناً صالحاً بعد
الانتهاء من مدة احتجازه . يقول
الإمام / الشوكاني في كتابه : (
نيل الأوطار ) بعد بحثه لموضوع (
السجن ) : والحاصل أن الحبس وقع
في زمن النبوة ، وفي أيام
الصحابة ، والتابعين ، فمن
بعدهم إلى الآن ، في جميع
الأعصار والأمصار ، ومن دون
إنكار ، وفيه من المصالح ما لا
يخفى. (8). وأخذ
الشوكاني بعد ذلك يعدد هذه
المصالح ، إلى أن قال : وقد استدل
البخاري على جواز الربط بما وقع
منه ( صلى الله عليه وسلم ) من ربط
ثمامة بن آثال بسارية من سواري
مسجده الشريف كما في القصة
المشهورة في الصحيح . (9) موقف
الإسلام من النفي كتدبير مقيد
للحرية : ورد
النفي بنص القرآن الكريم ، حيث
يقول المولى عز وجل : { إنما جزاء
الذين يحاربون الله ورسوله
ويسعون في الأرض فساداً أن
يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع
أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو
ينفوا من الأرض ، ذلك لهم خزي في
الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب
عظيم } [ المائدة : 33 ] و ( تقطع
أيديهم وأرجلهم من خلاف ) أي
تقطع أيديهم اليمنى ، وأرجلهم
اليسرى . و(
الخزي ) أي ذل وفضيحة ، وفعله :
خزى ، يخزي ، خزياً ، فهو : خز ،
وخزيان ، وهم خزايا . والمعنى
: إنما جزاء الذين يحاربون الله
ورسوله الكريم ( صلى الله عليه
وسلم ) ، أي يحاربون أولياءهما ،
ويسعون في الأرض فساداً ، أن
يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع
أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى ،
أو ينفوا من الأرض ، ذلك خزي
يتبعهم عاره في الدنيا ، ولهم في
الآخرة عذاب عظيم ، إلا الذين
تابوا توبة نصوح ، من قبل أن
تقدروا عليهم ، فاعلموا أن الله
غفور رحيم (10) . والنفي
يكون في حالة أن يطلبوا للعقاب
فيمتنعوا ، أما من قدر عليه ،
أقيم عليه الحد إلى أن يتوب . وعند
الأحناف : المراد به نفيه من
جميع الأرض ، وذلك لا يتحقق
الباتة مادام المذنب حياً . أو
المراد نفيه من بلدته إلى بلد
أخرى ، وبه لا يحدث المراد أو
المقصود ، وهو رفع أذاه عن الناس
. أو يكون
المراد نفيه عن دار الإسلام إلى
دار الحرب ، وفيه تعويض له عن
الردة . فالمراد
إذن نفيه من جميع الأرض موضع
حبسه ، فإن المحبوس يسمى خارجاً
عن الدنيا . وفي
اللغة أن النفي معناه : التنحية
والإبعاد . أما الحبس فمعناه:
المنع ، أو الإمساك ، ويقال سجنه
، أي : أوقفه ، وسلب حريته . النفي
في السنة النبوية :- وقد ثبت
النفي في أحاديث الرسول " صلي
الله عليه وسلم " ، نذكر منها :
عن أبي هريرة (رضي الله عنه ) ، أن
النبي " صلى الله عليه وسلم
" قضي في من زنى ولم يحصن بنفي
عام ، وإقامة الحد عليه . وعن
عبادة بن الصامت ( رضي الله عنه )
، قال : قال رسول الله " صلى
الله عليه وسلم " : خذوا عني ،
خذوا عني ، قد جعل الله لهن
سبيلاً ، البكر بالبكر ، جلد
مائة ، ونفي سنة ، والثيب بالثيب
، جلد مائة ورجم . {رواه الجماعة
إلا البخاري والنسائي } . ويقال
أن النفي كان قبل ذلك في البيت ،
إلى أن قال رسول الله " صلى
الله عليه وسلم " في الحديث
السالف : " خذوا عني ، خذوا عني
…." . وهو
الذي عليه جمهور الفقهاء ، وأخذ
به الخلفاء الراشدين جميعاً ،
وهو قول : عبد الله بن عمر ،
وعطاء ، وطاووس ، وسفيان الثوري
، ومالك ، وأحمد بن حنبل ( رضي
الله عنهم جميعاً ) . وقد أخذ
بالتغريب الخلفاء الراشدون -
كما أسلفنا - ولم ينكره أحد ،
فالصديق ( رضي الله عنه ) غرب إلي
فدك ، والفاروق عمر ( رضي الله
عنه ) غرب إلى الشام ، وعثمان بن
عفان ( رضي الله عنه ) غرب إلى مصر
، وعلي ( كرم الله وجه ) غرب إلى
البصرة . وروي أن
رسول الله " صلى الله عليه
وسلم " قام بنفي اثنين من
المخنثين كانا بالمدينة ، يقال
لأحدهما ( هيت ) ، وللأخر ( مانع ) .
ويقال
أن أحدهما شكا الضيق من مكان
نفيه ، فأذن له بعض الأئمة أن
يدخل المدينة يوماً في الجمعة
يتسوق ثم ينصرف . وأهل
العلم من الفقهاء يعرفون هذا ،
ويقولون به ، ولا نجدهم إلا
مجتمعين عليه ، وإن كان لا يثبت
كثبوت نفي الزنى ، مع الإشارة
إلي أن القصة التي أسلفناها
وردت ضمن حديثاً مرسلاً ثالثاً
: التدابير الوقائية :- وخير
مثال علي التدابير الوقائية في
الشريعة الإسلامية هو : مصادرة
أدوات الجريمة ، ومصادرة
حيازتها ، كإتلاف أواني الخمر ،
واللبن المغشوش …… إلخ . وفي
كتابه القيم : ( الطرق الحكمية )
يتحدث العلامة / ابن القيم
حديثاً رائعاً نحن في حاجة إليه
على أيامنا هذه ، إنه يتكلم عن
الكتب المليئة بالفساد ، مؤكداً
على أن هذه الكتب المشتملة على
الكذب والبدعة ، يجب إتلافها ،
وإعدامها ، وهي أولى بذلك من
إتلاف آلات اللهو ، وإتلاف آنية
الخمر ، فإن ضررها أعظم من ضرر
هذه . !! (11) . وقد روي
الإمام / الترمذي في سننه أن
النبي " صلى الله عليه وسلم
" أتى بسارق فقطعت يده ، ثم
أمر به فعلقت في عنقه ، وبذلك
تحقق الردع العام ، والردع
الخاص ، والتدبير الوقائي . رابعاً
: التدابير التربوية :- ومن
التدابير التربوية في الشريعة
الإسلامية : هجر الزوجة في
الفراش ، يقول سبحانه وتعالى {واللاتي
تخافون نشوزهن فعظوهن ،
واهجروهن في المضاجع } ( النساء :
34 ) و (
نشوزهن ) أي ترفعهن ، وعصيانهن ،
يقال : نشزت المرأة ، تنشز ،
نشوزاً ، أي ترفعت على زوجها
وعصته ، و( المضاجع ) جمع مضجع ،
وهو المرقد . هذا ،
وقد حكم الله تعالى بأن الرجال
يجب أن يتولوا أمر النساء
ليقودهن إلى كمالهن ، وذلك بسبب
تفضيل الله للرجال بالقوة
الجسدية ، وخاصة قوة الاحتمال ،
وبسبب قيامهن عليهن بالإنفاق .
(12) . وكذلك
يمكن تأديب الصبية تأديباً
معنوياً ، أو من الممكن ضربهم
ضرباً غير مبرح ، فهذه تربية لهم
. موازنة
ومقارنة :- لعل
القارئ المفضال قد لاحظ من
كلامنا السابق ، أن الشريعة
الإسلامية الغراء ، قد عرفت
تماماً التدابير الاحترازية ،
بالنظر إلى طبيعتها ، والغرض
منها ، وذلك قبل أن يعرفها الفقه
الجنائي الحديث ويتشدق بها ،
ونذهب نحن - كعادتنا دائماً -
لنستوردها منه . فالشريعة
الإسلامية أقرت : النفي أو
التغريب ، والإجراء الإصلاحي
للصبي ، وغيرها من التدابير
الوقائية والتربوية والعلاجية
، بغرض وقاية المجتمع من خطورة
الجاني ، ووقايته من الإجرام
بوجه عام . بل أن
فقهاء الشريعة تناولوا ما إذا
كانت العقوبة أو التدبير يسبق
أحدهما الأخر في التنفيذ . أي
أن الفقه الجنائي الحديث لم
يأتي بجديد .. !! والله
تعالى ولي التوفيق ــــــــ الهوامش
والأسانيد (1)
نادرة محمود سالم ، السياسة
الجنائية المعاصرة ومبادئ
الدفاع الاجتماعي من منظور
إسلامي ، دار النهضة العربية ،
القاهرة ، 1995 م ، ص 108 ، وما بعدها
، بتصرف من عندنا . (2)
برهان الدين أبو الوفا إبراهيم
بن فرحون العمري المالكي (المتوفى
799 هـ) ، تبصرة الحكام في أصول
الأقضية ومناهج الأحكام ،
الطبعة الأولى ، المطبعة
العامرة الشرقية بمصر المحمية ،
القاهرة ، 1301 هـ ، 2 / 264 . (3) ابن
عابدين ، حاشية ابن عابدين
المسماة : رد المحتار على الدر
المختار ، شرح تنوير الأبصار في
فقه أبي حنيفة النعمان ، الطبعة
الثالثة ، المطبعة الكبرى
الأميرية ، القاهرة ، 1333 هـ ، 3 /
260 ، و 3 / 319 . (4) عبد
القادر عودة ، التشريع الجنائي
الإسلامي مقارناً بالقانون
الوضعي ، دار الكتاب العربي ،
بيروت ، بدون تاريخ ، 1 / 768 . (5) عطية
صقر ، أحسن الكلام في الفتاوى
والأحكام ، العدد ( 7 ) ، دار الغد
العربي ، القاهرة ، بدون تاريخ ،
ص 190 ، وما بعدها . (6)
عطيه صقر ، مرجع سابق ، ص 200 وما
بعدها . (7)
المقريزى ، الخطط ، القاهرة ، 1959
م ، 3 / 303 ، وقد كتب العديد من
المعلومات القيمة عن نشأة
السجون فليعد إليها من أراد
المزيد . (8) محمد
بن علي الشوكاني ، نيل الأوطار
شرح منتقى الأخبار من أحاديث
سيد الأخيار ، دار الخير ، دمشق
، 1998 م ، 9 / 218 ، وما بعدها ، بتصرف
من عندنا . (9) عبد
العزيز عامر ، التعزير في
الشريعة الإسلامية ، القاهرة ،
ص 212 ، وما بعدها . (10) محمد
فريد وجدي ، المصحف المفسر ، دار
الشعب ، القاهرة ، 1974 م ، تفسير
سورة المائدة . (11) ابن
قيم الجوزية ، الطرق الحكمية ،
طبعة بيروتية ، بدون تاريخ ، ص 298
، وما بعدها ، بتصرف من عندنا . (12) محمد
فريد وجدي ، المصحف المفسر ،
مرجع سبق ذكره ، تفسير سورة
النساء . ـــــــــــ *باحث
ومحاضر في الدراسات العربية
والإسلامية وخبير في الدفاع
الاجتماعي -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |