ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
48 - د.
محمد سعيد حوى تطبيقاً
لقاعدة ان الحديث اذا لم تجمع
طرقه والفاظه والباب اذا لم
تجمع احاديثه لا يتبين الخطأ؟. استعرضت
حديث تركت فيكم كتاب الله. وهنا
لاحظنا اننا امام حديثين اشتهرا
وصحا بلفظ محدد:. الاول:
خطبته صلى الله عليه وسلم في
عرفة وهي بلفظ "تركت فيكم
كتاب الله" ولم يذكر فيها أي
زيادة فلا يثبت فيها ذكر (وعترتي)
ولا ذكر (وسنتي) فالعصمة في كتاب
الله وحسب. الثاني:
خطبة غدير خم, وصح فيها لفظ اني
تارك فيكم ثقلين اولهما كتاب
الله فيه الهدى والنور فخذوا
بكتاب الله واستمسكوا به فحث
على كتاب الله ورغب فيه. واهل
بيتي اذكركم الله في اهل بيتي
فهذا اللفظ الصحيح, والفرق انه
بيّن في هذا اللفظ حق الكتاب على
حدة, وحق اهل البيت على حدة. اما
الالفاظ الاخرى فمعلولة من
وجهين: ا- مخالفة رواية الثقات. 2-
ان كل طريق شاذ او مخالف جاء من
طريق من تُكلم فيه, واثر الغفلة
عن هذه العلل حملنا على ان نجعل
العصمة من الضلال في امر غير
القرآن. والصواب
ان العصمة والحفظ من الضلال
انما هو في القرآن – كما هو في
خطبة عرفة وصحيح خطبة غد يرخم. وهذا
ابداً لا يعني عدم العمل بالسنة
وان فيها الهدى والنور وكل
الخير. لكن: 1-
هذا اللفظ لم يثبت بهذا
اللفظ فكيف نقوّل رسول الله ما
لم يقله. 2-
ان السنة كما هو معلوم لا بد
ان تخضع لميزان النقد فيداخلها
الخطأ والوهم من قبل الرواة
فتبقى في اطار الظن الغالب ان
صمت بلا علل. ولا شك
ان القرآن وجه الى العمل بالسنة
وطاعة رسول الله، لكن في سياق
الحديث عن عصمة الامة من الضلال
فلا شك ان كتاب الله هو العصمة
المطلقة. اما
اللفظ الآخر "وعترتي" فكذا
نقول لا نسلم بتقويل رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) ما لم يقله ثم ان
كانت العترة ملتزمة بالقرآن
فلماذا تذكر والمحذور هنا ان
يجعل شيء مع القرآن له عصمة او
ان يظن ان هناك مصدراً للتشريع
سوى كتاب الله, وما وجه اليه
كتاب الله من طاعة رسول الله. اما اهل
البيت فلهم علينا حقوق عظيمة
نؤمن بها لهم ونقرها فلهم في
قلوبنا صادق الحب والمودة
والولاء الصادق لقوله تعالى:
"قل ما اسألكم عليه اجراً الا
المودة في القربى". ونعتقد
فيهم ومن ضمنهم ازواجه صلى الله
عليه وسلم نعتقد فيهم كل
الطهارة والاستقامة "انما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل
البيت ويطهركم تطهيراً". ولهم
حق الصلاة والسلام عليهم في
صلاتنا كما علمنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم. اما
التشريع فاذا وجد من اهل البيت
عالم مجتهد فقيه وثبت النقل عنه
فهو محل الاعتبار والتقدير لكن
العصمة لا تثبت الا لكتاب الله
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه
المعاني التي اردت ان احررها من
خلال دقة النقد لمرويات حديث
خطبة عرفة وخطبة غدير خم وقد خلط
الناس بينهما وزادوا في كل
واحدة او حرفوا فأتوا بما لم
يقله رسول الله، وتوهم بعض
النقاد فصحح كل هذه الاوهام
والزيادات ونحن في غنى عن ذلك. ومن هنا,
يظهر لنا جلياً الاثر السلبي
للاحتجاج بالشواهد التي رواها
الضعفاء ومن ليس بضابط ويظهر
اثر الاحتجاج بالحسن دون اختبار
وعرضه على رواية الثقات, واثر
عدم جمع روايات الباب واثر عدم
عرض المتن على القرآن والله
تعالى يقول "ان هذا القرآن
يهدي للتي هي أقوم". انه لا
مناص لنا اذا ما اردنا ان نوحد
الامة ونفتح آفاق الاجتهاد
الصحيح واستيعاب مستجدات
الحياة واذا ما اردنا ان تُحفظ
الأمة من الضلال انه لا مناص اذا
اردنا ذلك فلا بد ان يكون القرآن
العظيم هو الميزان الدقيق
والمصدر الذي كما وصفه ربنا "يهدي
للتي هي أقوم" وكما قال ربنا
"ونزلنا عليك الكتاب تبياناً
لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى
للمسلمين" النحل 89. ونؤمن
ان من مهمة رسولنا صلى الله عليه
وسلم بيان ما في الكتاب, فسبحان
من قال في سورة النحل ايضاً "وانزلنا
اليك الذكر لتبين للناس ما نُزل
اليهم ولعلهم يتفكرون" النحل
44. وكما
قال سبحانه في سورة النحل ايضاً
"وما انزلنا عليك الكتاب الا
لتبين لهم الذي اختلفوا فيه
وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"
النحل 64. فاذ
نؤمن ونصدق ونقر ان كتاب الله
فيه العصمة والهداية والنور
وفيه حفظ الامة من الضلال ونؤمن
ونقر ان الله كتب الحفظ المطلق
لكتابه العزيز "فلا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه"،
و"انا نحن نزلنا الذكر وانا
له لحافظون"، فجعل الله
سبحانه لكتابه خاصية الحفظ
المطلق في ذاته والهداية
المطلقة "ألم، ذلك الكتاب لا
ريب فيه هدى للمتقين". وقد هدى
القرآن ولا شك الى طاعة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وان
طاعة رسول الله من طاعة الله "قل
ان كنتم تحبون الله فاتبعوني
يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"
آل عمران 31. وتعددت
الآيات في بيان وجوب طاعة الله
وطاعة رسوله.. هذا لا شك ولا ريب
فيه لكن الذي لا بد ان نتنبه
اليه ان الله حفظ القرآن حفظاً
مطلقاً ولم يوكل لأحد امر حفظه. أما
السنة النبوية فشاء الله ان
تروى بروايات الآحاد.. وان يقع
فيها الصحيح وما دونه ويقع فيها
الوهم والعلل مما يستوجب بحثاً
وتحرياً فلئن كان رسولنا صلى
الله عليه وسلم معصوماً "لا
ينطق عن الهوى" فان الرواة
عنه قد يخطئون ويزيدون وينقصون
وقد يرون بالمعنى وقد يتكلم
النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمر
بصفته اماماً او بحكم السياسة
الشرعية أي حكماً استثنائياً او
بصفته قاضياً أي في واقعة محددة
او لملابسات وظروف خاصة, فلا
يتقن بعض الرواة ولا يضبط او
يتصرف. اولاً
ينزل الحديث على ما ينبغي ان
ينزل عليه وقد يكون بعضها حلاً
لاشكال خاص في مسألة او واقعة
محددة او بعضها صلحاً بين اثنين
فيظن بعضهم انه حكم عام وهذه
قضايا تناولها باستيفاء علماء
اصول الفقه. وقد نقف
مع نماذج منها فيما بعد.. اقول:
انك اذا نظرت الى السنة بكل هذه
الاعتبارات وعلمت ان القرآن
ببيانه المعجز هو الذي يسع
الزمان والمكان والمستجدات
كلها اذا نظرت الى هذا كله تبين
لنا لماذا كان قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم: في خطبة عرفة
"تركت فيكم كتاب الله" ولم
يذكر معه شيئاً آخر، وانه لسنا
بحاجة اساساً ان يُذكر معه شيء
آخر لأن القرآن احال على طاعة
رسول الله (اذا صح ذلك عنه بلا شك
ولا علل) ومن ثم لا يمكن ان يقرن
مع القرآن شيء لذاته لا من حيث
قطعية الثبوت ولا من حيث قطعية
الالزام, وفي الوقت نفسه لا يمكن
ان يكون هناك مصدر للتشريع الا
الكتاب وما احال عليه الكتاب من
طاعة رسول الله .. واذا
استطرد بنا الحديث الى هذه
القضايا اجدني ملزماً ان ادرس
حديثين في هذا الصدد، حديث
العرباص بن سارية وعظنا رسول
الله موعظة بليغة وفيه قوله: "عليكم
بسنتي وبسنة الخلفاء الراشدين..
الحديث الآخر: حديث ايتوني
بكتاب اكتب لكم.. فقال عمر عندنا
كتاب الله، حسبنا كتاب الله.. اذ
يثار حولهما اشكالات كثيرة هذا
ما سنبينه إن شاء الله. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |