ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 03/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(20)

د. محمد سعيد حوى

مع القاعدة العاشرة.

ومن الشواهد المهمة لبيان اثر عدم التزام بقواعد الدقيقة في التصحيح على الشواهد والمتابعات: الاحاديث المتعلقة بحكم الذهب المحلق للنساء.

فقد اجمع الفقهاء على تحريم الذهب على الرجال وكان ما يشبه الاجماع على حل الذهب للنساء لكننا رأينا بعض اهل العلم من المتأخرين يذهب, مذهباً آخر اذ يقرر ان الذهب نوعان محلق (أي ما كان على شكل حلقة او يحيط بالعضو كالاساورة والخاتم والحلق والطوق) ومعلق وهو ما كان على شكل قطعة ذهبية اياً كان وزنها وشكلها لكنها تعلق من غير ان تكون محيطة بالعضو كأن تعلق بسلسال فضة, او خيط ونحو ذلك فيرى ان ما كان من الذهب معلقاً فيجوز للنساء لبسه وما كان محلقاً لا يجوز.

والذي دفعه لذلك انه علم صحة احاديث تبيح الذهب للنساء كحديث "أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها".

ووقف على احاديث ظاهرها يحرم الذهب على النساء فجمع بين النصوص بأن حمل احاديث التحريم على المحلق وحمل احاديث الاباحة على المعلق.

وكان سبب ذلك كله عدم التقيد بالقواعد النقدية المتعلقة بالتصحيح على الشواهد والمتابعات.

وفيما يلي عرض موجز لأهم هذه النصوص.

1-        حديث اسيد بن ابي اسيد البراد عن نافع بن عياش عن ابي هريرة مرفوعاً "من أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب..." اخرجه احمد وابو داود ينظر السند الجامع 20/429.

مداره على اسيد: لم يوثق وذكره ابن حبان في كتاب الثقات كعادته في ذكر المجاهيل.

واختلف في اسمه وذكره ابن سعد في الطبقات وقال: قليل الحديث, وقال الدارقطني: يعتبر به, وهذه تعني لو توبع متابعة صحيحة, وكون الترمذي صحح حديثاً آخر من روايته لا يدل على توثيق هذا الراوي كما هو معلوم.

فهل يجوز ان يعتمد راو مجهول لاصدار حكم على الحلق؟.

والحديث الثاني: عن ابي زيد عن ابي هريرة: كنت قاعداً عند النبي فأتت امرأة فقالت يا رسول الله: سواران من ذهب قال: سواران من نار.." أخرجه احمد 2/440 وأبو زيد مجهول.

ولا يصلح ان يكون متابعة للحديث السابق لشدة جهالة ابي زيد ثم لاختلاف المتن كلياً.

الحديث الثالث: عن ام سلمة جعلت شعائر من ذهب في رقبتها.. فأعرض النبي عنها ثم قال: "زعموا انه قال ما ضر احداكن لو جعلت قرصاً (حلقاً) من ورق (فضة) ثم جعلته بزعفران.

1-        الحديث روى من طرق ثلاث عن عطاء عن ام سلمة الاول: خصيف بن عبدالرحمن, سيء الحفظ.

الثاني: ابن جريج مدلس وقد رواه بالعنعنة.

الثالث: ليث ابي سليم شديد الضعف.

2-        اضطربت رواياتهم فرواية ابن جريج المذكورة وفيه قوله: زعموا انه قال.ز فهي موضع الشاهد وواضح انها غير متصلة.

ورواية خصيف بلفظ مختلف: سألت رسول الله عن الذهب يربط به المسك (فهي عن استعمال الذهب, لا عن لبسه) والثالثة بلفظ: ما يؤمنك ان يقلدك الله مكانها يوم القيامة شعرات من نار.

وهذه الرواية الثالثة هي اصرح رواية بالتحريم لكنها من رواية اضعفهم (ليث بن ابي سليم).

وواضح انه لما كان الرواة ضعفاء اضطربوا في الرواية فكل واحد رواه على نحو مختلف عن الآخر.

واحدى الروايات ليس فيها دليل على المقصود (رواية خصيف ورواية ابن جريج منقطعة ورواية ليث شديدة الضعف, فلم يتوافر في أي منها شروط التقوية بالمتابعات.

ولما كان الحديث لا يثبت عن ام سلمة, فلا يصح ان يكون شاهداً لحديث ابي هريرة, حيث لم يثبت الحديث الى أي منهم مع اختلاف المتن, كما انه روى عن ام سلمة خلاف هذا الحديث بسند حسن (وكنت البس اوضاحاً من ذهب, فقلت يا رسول الله اكنز هو, فقال (صلى الله عليه وسلم) ما بلغ ان تؤدي زكاته فليس بكنز, اخرجه ابو داود من طريق ثابت بن عجلان وهو صدوق (بنظر المسند الجامع 19/611).

وفي الحديث علل اخرى ليس هذا مكان بسطها والحديث الرابع عن شهر بن حوثب عن اسماء بنت يزيد ان النبي (صلى الله عليه وسلم) جمع النساء للبيعة وفي النساء خالة لها وعليها قلبان من ذهب وخواتيم فقال هل يسرك ان يحليك يوم القيامة من جمر جهنم سوارين وخواتيم.. اطرحي ما عليك فطرحته.

بنظر المسند الجامع (19/73).

وفي الحديث علل عدة:.

1-        شهر بن حوشب متكلم في ضبطه.

2-        اضطربت الروايات عن شهر فمنها ما كان نصاً في اداء الزكاة بلفظ "اتعطيان زكاته...".

فهو تهديد عن لا يؤدي الزكاة.

3-        خالف الروايات التي في الصحيحين والتي حث فيها النبي (صلى الله عليه وسلم) النساء على الصدقة فقال: تصدقن ولو من حليكن" اخرجه البخاري (1466) ومسلم (1000) فتبين ان الموضوع متعلق بأداء الصدقة لا مجرد اللبس.

4-        تابعه محمود بن عمرو لكنه شديد الجهالة فكيف يصح هذا الحديث؟.

وكيف يقال ان يشهد لما سبق ولم يثبت أي منها الى أي صحابي.

والحديث الخامس الذي يحتج به من يرى حرمة الذهب المحلق للنساء حديث ثوبان جاءت بنت هييره الى رسول الله وفي يدها فتح (خواتم ضخام) فجعل رسول الله يضرب يدها, قد خلت على فاطمة بنت رسول الله تشكوا اليها الذي صنع رسول الله, فانتزعت فاطمة سلسلة في عنقها من ذهب, وقالت هذه اهداها ابو حسن, فدخل رسول الله والسلسلة في يدها فقال يا فاطمة: ان يقول الناس ابنة رسول الله في يدها سلسلة من نار, فباعتها واشترت بها عبداً فأعتقته.. فقال (صلى الله عليه وسلم): الحمد لله الذي أنجى فاطمة من النار" اخرجه أحمد والنسائي.

الحديث من رواية يحيى بن ابي كثير, وهو كثير الارسال وقد رواه عند زيد بن سلاّم, ومع انه صرح بالسماع في هذا الحديث فقد رجح عدد من النقاد ان يحيى لم يسمع من زيد اشار الى ذلك ابن معين وابن القطان وابن القيم والذهبي.

وللحديث طريق اخرى عن يحيى عن ابي سلام ممطور وهي منقطعة ايضاً.

ولعل الأهم مما مضى فقد المتن من وجوه:.

1-        اما هذه الفتاة صغيرة, فكيف يضربها النبي (صلى الله عليه وسلم) وهي لا تعلم الاحكام وغير مكلفة.

واما انها كبيرة فكيف يمد النبي (صلى الله عليه وسلم) على من لا تحل له.

2-        كيف يجرؤ احد ان يشكو صنيع النبي.

3-        كيف تجرؤ فاطمة ان تعترض باخراج سلسلة في عنقها.

4-        كيف تجهل فاطمة وعلى هذه الأحكام.

5-        كيف يعلق النبي التحريم على قول الناس (أيسرك ان يقول الناس...).

6-        ان النجاة من النار ممكن ان تكون لمجرد العتق للعبد وهذا ثابت.

7-        انه من الممكن ان يكون اصل الحديث دعوة الى الزهد لكنه لم يضبط بشكل صحيح.

وهكذا يتبين لنا انه لم يثبت الحديث الى أي صحابي, فكيف يقال بعد ذلك ان مجموع هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً ويستفاد منها قوة وصحة.

وكيف يجوز ان تصدر احكاماً مبنية على الظنون والأوهام.

كما ان هذه الاحاديث تخالف احاديث اصح كالتي صرحت بمطلق اباحة الذهب للنساء.

والاحاديث التي جاءت تدعو النساء الى اداء الزكاة او الصدقة من حليهن.

كما صح في مسلم (209) ان رسول الله رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه فقال ايعمد احدكم الى جمرة من نار فيجعلها في يده وقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله خذ خاتمك فانتفع به.. فكيف يستطيع الانتفاع به لولا انه حل للنساء والصحابة يعلمون ذلك.

وفي حديث ثوبان كيف صح لفاطمة ان تبيع السلسلة لولا وجود من يلبسها.

وقد حكى الاجماع على اباحة الذهب للنساء عدد من العلماء ينظر ابن حجر في الفتح (10/37).

وهكذا نرى ان الغفلة عن شروط التصحيح للمتابعات والشواهد ادى الى القول بحكم شرعي غريب خالف فيه صاحبه الاجماع وصحيح السنة بل وخالف نص القرآن الذي وصف النساء بقوله: " أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ "..

يتبع..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ