ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
42 - د.
محمد سعيد حوى القاعدة
الثالثة عشرة: ضرورة
التزام قواعد النقد الحديثي
المتفق عليها المحررة وتحرير
قواعد النقد الحديثي المختلف
عليها. ان
علماء الحديث من اوائل من توجه
نحو تقعيد القواعد التي تضبط
علوم الحديث رواية ودراية, بل ان
علوم الحديث تعرف بأنها: "القواعد
التي يتوصل بها الى معرفة حال
الراوي والمروي", "او معرفة
حال الحديث سنداً ومتناً قبولاً
او ورداً" (النكت على ابن
الصلاح, لأبن حجر 1/225). والقواعد
تعرف بأنها "قضية كلية منطبقة
على جميع جزئياتها "الجرجاني،
التعريفات ص 177" او انها "حكم
كلي ينطبق على جميع جزئياته
ليتعرف على احكامها منه" (التفتازاتي,
التلويح 1/52). اذن
القاعدة امر كلي ينطبق على جميع
جزئياته, ومن هنا فان من اهم
قواعد علم الحديث, تعريف الحديث
الصحيح "ما اتصل سنده بنقل
العدل تام الضبط عن مثله من مبدأ
السند الى منتهاه من غير شذوذ
ولا علة فادحة". فهذا
التعريف للحديث الصحيح, هو
قاعدة وهو امر كلي فكل ما اندرج
تحته من جزئيات واستوفى جميع
الشروط من الاحاديث فهو صحيح. ويترتب
على ذلك قاعدة مهمة:. لا يحتج
بالحديث الا اذا كان صحيحاً
سالماً من كل شذوذ او علة, كما
سبق بيانه، ولقد بينت كيف
يتساهل كثيرون في تطبيق هذه
القاعدة. ولأهمية
قضية التقعيد في ضبط أي علم بشكل
عام ولأهمية ذلك في علم الحديث
خاصة وجدنا علماء الحديث يطلقون
على كتبهم التي تختص بعلوم
الحديث اسم القواعد او الاصول
كتسمية الخطيب البغدادي لكتابه:
"الكفاية في قوانين الرواية". وكان
جهد الامام الشافعي في كتاب
الرسالة نموذجاً مهماً
ومتقدماً جداً في علم تقعيد
القواعد ومنها قواعد في الاصول
ومنها قواعد في علوم الحديث. ومن ذلك
مؤلف الامام التهانوي في مقدمة
اعلاء السنن والذي سماه محققه
الشيخ عبدالفتاح ابو غدة "قواعد
في علوم الحديث" وذلك ان ضبط
قواعد أي علم مفيد غاية الفائدة
في تحصيل ذلك العلم وحسن
التعامل معه، على نحو ما نسير
فيه في هذه المقالات، لذا, قال
الزركشي: فان ضبط الامور
المنتشرة المتعددة في القوانين
المتحدة هو اوعى لحفظها وادعى
لضبطها" (المنثور في القواعد
ص 33). وان مما
يجري مجرى القاعدة والضابط الذي
يهتذب في هذا العلم وكل علم قوله
تعالى: "ولا تقف ما ليس لك به
علم" وقوله تعالى "ان جاءكم
فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا
قوماً بجهالة فتصبحوا على ما
فعلتم نادمين". وقوله (صلى
الله عليه وسلم): (من كذب عليّ
متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)
(خ 107). وما
يجري مجرى القاعدة قول عمر في
التثبت "الحديث عن رسول الله
شديد" ينظر كتاب المجروحين
(1/37). ومن هذه
القواعد المهمة:. قول ابن
عباس (فلما ركب الناس الصعب
والذلول لم نأخذ الا ما نعرف)
مقدمة مسلم 1/26. وقول
ابن سيرين (لم يكونوا يسألون عن
الاسناد فلما وقعت الفتنة قالوا
سموا لنا رجالكم) مقدمة صحيح
مسلم 1/28. وقول
ابن المبارك:. (الاسناد
من الدين ولولا الاسناد لقال من
شاء ما شاء) مقدمة مسلم. ومن
نماذج القواعد المهمة في علم
الحديث: قول الشافعي (لا تقبل من
مدلس حديثاً حتى يقول فيه حدثني
او سمعت الرسالة) ص 372. وقول
الشافعي (لا نقبل حديثاً الا عن
ثقة) الرسالة ص 389. نعم,
لقد قدم الامام الشافعي جهداً
مميزاً في ذلك وسابقاً، فعليه
رحمة الله. ان
غايتنا من هذه المقالة ان نلفت
النظر الى نماذج من هذه القواعد
الصحيحة المحررة المتفق عليها
وضرورة التزامها, وهي تأكيد على
القاعدة السابقة وتفريغ عنها ثم
بيان ان هناك من القواعد ما هو
محل اختلاف او نقاش فلا بد ان
يحرر, وقبل ان استرسل معكم في
ذكر نماذج من القواعد المحررة
او التي تحتاج الى نظر. اود ان
اضع بين يدي القارئ حديثاً
مبيناً اثر الخطأ في تصحيحه في
ضوء عدم مراعاة قضايا النقد
الدقيقة. وذلك ما
اخرجه ابو داود (3933) وغيره عن
عائشة قالت وقعت جويرية بنت
الحارث بن المصطلق في سهم ثابت
بن قيس او ابن عم له وكانت امرأة
(حلوة) ملاحة تأخذها العين.. تقول
عائشة فجاءت تسأل رسول الله في
كتابتها فلما قامت على الباب
فرأيتها فكرهت مكانها وعرفت ان
رسول الله سيرى منها مثل الذي
رأيت.. ثم ذكرت زواج رسول الله
منها وانه ادى عنها مكاتبتها
وان المسلمين اعتقوا ما في
ايديهم من السبي اكراماً لاصهار
رسول الله". الحديث
فيه جوانب كريمة عظيمة منها:
زواج النبي من بنت سيد قوم بني
المصطلق مما كان سبباً في تحرير
السبي من قومها او سبباً في
اسلام قومها وتواثيق العرى بين
المسلمين وبعض قبائل العرب. لكن في
الحديث اشكال خطير وهو قول
عائشة: "إنها امرأة حلوة
ملاحة تأخذها العين".. ثم
قولها "وعرفت ان رسول الله
سيرى منها الذي رأيت". وفي
رواية "لا يراها احد الا اخذت
بنفسه" وللحديث روايات عدة
متقاربة ينظر (احمد 27120) و(ابن
حبان 4130). فهل
يجوز ان يتصور متصور ان رسول
الله تزوجها لجمالها كما صورت
العبارات المنسوبة للسيدة
عائشة. وفي
الحديث معلول (لا يصح). ذلك ان
مداره على محمد بن اسحاق وان
ذكره بخير عدد من النقاد. لكن
شدد فيه الامام مالك لما كان يرى
من مناكيره التي يتفرد بها وشدد
فيه الامام احمد بن حنبل ومنه
قوله: لا يحتج به, وسئل احمد بن
حنبل اذا تفرد ابن اسحاق بحديث
تقبله قال: لا والله اني رأيته
يحدث عن جماعة بالحديث الواحد،
لا يفصل كلام اذا عن ذا. وتعددت
الفاظ يحيى بن معين فيه ومنها
قوله: (ليس بذاك، ضعيف) وكذا قال
النسائي: ليس بالقوي. وقال
الذهبي ما له عندي من ذنب الا ما
قد حشا في السيرة من الاشياء
المنكرة المنقطعة والاسفار
المكذوبة). ونقل
الذهبي عن الدارقطني: (لا يحتج
بابن اسحاق واتهمه سليمان
التيمي ومالك وهشام بن عروة
بالكذب) .. ينظر ميزان الاعتدال
3/468 وتهذيب الكمال 24/405. فرجل
هذا بعض شأنه كيف اقبل منه ان
ينقل في حق رسول الله مثل هذا
الاتهام الشنيع "سبحانك هذا
بهتان عظيم". انه آن
لنا ان ننقي هذه السنة وهذه
السيرة بمنهجية دقيقة صارمة فلا
نقبل على الله ولا على رسوله ما
لا يثبت ولا يصح، وما لا يجوز
شرعاً ولا نقلاً ولا عقلاً
ومفتاح ذلك الالتزام الدقيق
بالقواعد وتمريرها عند الحاجة
كما سنرى. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |