ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 04/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

- 54 -

د. محمد سعيد حوى

التعامل مع الصحيحين(1).

بمقدار ما كان وجود الصحيحين إنجازا علمياً هائلاً عظيماً مباركاً انتقل بالسنة النبوية من طور إلى طور آخر متميز؛ بمقدار ذلك فقد كان وجود الصحيحين إشكالية عند آخرين، فكيف؟ ولماذا؟.

والحديث هنا عن صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم، كما لا يخفى.

قبل الصحيحين مرّت السنة بأدوار عدة، لا نستطيع التفصيل فيها الآن، ولكن بإيجاز نستطيع الإشارة إليها بحملة:.

1-        فقد كانت تعتمد السنة على الرواية الشفوية – الا قليلاً – وهذا امر شائع ومشهور، خاصة أن بعض المحدثين تمسك بحديث رسول الله فيما رواه الإمام مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري "لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن..".

2-        مع مطلع القرن الثاني الهجري بدأ التفكير في تدوين السنة, التدوين الذي اصطلح عليه بالتدوين الرسمي.

والواقع أن مصطلح (الرسمي) يراد منه أن يقال: أن التدوين كان موجوداً قبل ذلك لكنه كان بجهود فردية ونقول قبل هذه الفترة وبعدها قبل الرسمي وبعد الرسمي كان تدوين السنة تدويناً فردياً ولم يحدث قط أن وجد تدوين رسمي بالمعنى الدقيق كأن تشكل لجنة للمتابعة أو أن يوجد عمل يقوم عليه مجموعة علماء بإشراف من الخلافة أو سواها.. لم يوجد شيء من ذلك.

ولقد حاول بعض الباحثين المعاصرين مثل الدكتور محمد مصطفى الاعظمي في كتابه "دراسات في الحديث النبوي" أن يؤكد أن التدوين كان من اليوم الأول وأورد في ذلك وثائق كثيرة, وكان جهده مباركاً وأراد أن يقول للعلماء أن ما يدعيه المستشرقون من عدم التدوين غير صحيح، وبالتالي ما يبنون عليه من القول أن السنة لا يوثق بها لأنها مبنية على الرواية الشفوية ليس صحيحاً.

وهنا أود أن أناقش الدكتور الاعظمي بإيجاز من أكثر من وجوه:

1-        إن جميع ما أورده من وثائق تدل على وجود التدوين لو جمع لا يشكل مجلداً واحداً في السنة النبوية, بمعنى آخر فأين باقي السنة النبوية، لا شك أنها كانت تعتمد على الرواية الشفوية.

2-        إننا اذا وقفنا مع النص الذي يعتمد القول أن القرن الأول كان فيه تدوين لكنه غير رسمي وان القرن الثاني كان فيه التدوين الرسمي.

إن هذا النص ينفي ذلك كله، ويؤكد النص أن التدوين لم يكن شائعاً قبل القرن الأول, وان كلمة تدوين رسمي هي إطلاق مجازي اصطلح عليه البعض ليقولوا لنا أن اصل التدوين موجود وشائع ولكن انتقل إلى كونه رسمياً, وحتى لا نتجادل في هذا الموضوع دعونا نقف مع النص ذاته، كما هو في صحيح البخاري في كتاب العلم باب رقم 34 قال البخاري: باب كيف يقبض العلم, وكتب عمر بن عبدالعزيز، إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاكتبه، فاني خفت دروس العلم (انقراض العلم) وذهاب العلماء، ولا تقبل الا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم, ولتجلسوا حتى يُعلّم من لا يعلم، فان العلم لا يهلك حتى يكون سراً ثم اسند البخاري الحديث بسنده إلى عمر بن عبدالعزيز، هذا هو النص المعتمد في قضية التدوين الرسمي. وسمي رسمياً لأن الخليفة عمر بن عبدالعزيز (المتوفى 101 هـ) أرسل إلى عامله على المدينة أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري وهو تابعي فقيه استعمله عمر على إمرة المدينة وقضائها ولهذا كتب إليه ومن ثم سمي رسمياً وأؤكد أنهم قالوا (رسمي) فقط ليقولوا أن التدوين كان موجوداً رغبة في الرد على المستشرقين والا فلو نظرنا في النص نفسه لعلمنا أن ينبأ إن الواقع يؤكد أن التدوين لم يكن شائعاً.

وهذا الذي أقول هو عين ما قاله ابن حجر في شرح النص (1/194) من فتح الباري قال ابن حجر: قوله: فاكتبه: يستفاد منه ابتداء تدوين الحديث النبوي، وكانوا قبل ذلك يعتمدون على الحفظ، فلما خاف عمر بن عبدالعزيز وكان على رأس المائة الأولى من ذهاب العلم بموت العلماء؛ رأى أن في تدوينه ضبطاً له وإبقاء. وقد روى أبو نعيم في تاريخ اصبهان هذه القصة بلفظ: كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الآفاق انظروا حديث رسول الله فاجمعوه أ.هـ من الفتح.؟

إذن الحقيقة، أن التدوين لم يكن معروفاً ولا شائعاً الا في حدود على هيئة ورقات وصحف.

والحقيقة أن عمر بن الخطاب جدّ عمر بن عبدالعزيز (فأم عمر بن عبدالعزيز بنت عاصم بن عمر بن الخطاب) فعمر بن الخطاب هو الذي شدد في منع تدوين السنة في وقته.

إذ روي عنه "إني كنت أردت أن اكتب السنن، واني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، واني والله لا البس كتاب الله بشيء ابداً".. ينظر (تقييد العلم للخطيب البغدادي ص 49) فلما كان عمر بن الخطاب منع التدوين لما تخوف منه جاء الحفيد عمر بن عبدالعزيز ليزيل هذا المنع، والا فان التدوين بقي عمل فردياً وجهوداً خاصة قام بها من قام من العلماء كما هو الواقع.

3-        ومع ذلك نقول: إن كون التدوين لم يكن معروفاً قبل القرن الأول لا يعني الطعن بالسنة إنما فقط قضية الدراسة، والنقد وكونها ظنية, وذلك لما عرف عن الصحابة والتابعين من دقة في الرواية.

إذن، المرحلة الثانية من السنة مرحلة التدوين أو بدء انتشار التدوين  - إذ لا شك كان هناك شيء وان كان يسيراً من التدوين قبل ذلك.

ومن آثار هذه المرحلة وصلنا جامع معمر بن راشد (المتوفى 154) وموطأ مالك (ت 179).

4-        ثم في مرحلة ثالثة من المراحل التي مرت بها السنة الانتقال إلى التدوين الموسوعي مع بدء تدوين قواعد علوم الحديث وكان من نتاج هذه المرحلة الرسالة للإمام الشافعي (ت 204).

ومصنف عبدالرزاق (ت 211) ومصنف ابن ابي شيبة (ت 231) ومسند الإمام احمد (ت 241) والملاحظ على هذه المرحلة انها ركزت على الجمع الشمولي دون النظر في النقد والصحة والضعف.

5-        ثم جاءت مرحلة الإمام البخاري ومسلم وقد شعر كل من الإمام البخاري ومسلم كثرة الدّس في حديث رسول الله، بل وكثرة المنكرات والخطأ في الرواية، فكل منهما شعر بالحاجة إلى تأليف من نوع خاص في السنة يعتمد الانتقاء الدقيق والاقتصار على الصحيح ضمن منهجية شاملة.

من هنا، نقول إن مرحلة كتابة الصحيحين مرحلة فاصلة بين طور وطور آخر انتقلت فيه السنة انتقالة هائلة – كان ذلك في أواسط القرن الثالث الهجري.

ويحدثنا مسلم بصراحة عن الحال التي كان عليها الأمر مما دعاه إلى تأليف وكتابة صحيحه, وكذا نجد البخاري يشير إلى شيء من ذلك.

ونحن بصدد الحديث كيف نتعامل مع الصحيحين – قد يكون من المناسب أن نقف على كلام الشيخين إذ يبينان حال الرواية للسنة قبل عهدهما لنتبين اهمية العمل الذي قاما به ونتبين كما هو مطلوب لنا الحذر ونحن نتعامل مع روايات الحديث المنسوبة لرسول الله, وقد اختلط الامر على كثيرين.

هذا ما سنتابعه ان شاء الله.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ