ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خطر
القواعد الأمريكية في العراق بقلم
د. محمد جواد فارس* يستعد
العراق لدخول مرحلة جديدة من
الخضوع للأمريكيين، وذلك مع
دخول الاتفاقية الأمنية
الإستراتيجية حيز التنفيذ
العملي. وقد لاحظ المراقبون
لتطورات الأوضاع في العراق، أن
هذا البلد قد بدأ بالفعل هذه
المرحلة الجديدة مع اقتراب موعد
الانسحاب من مراكز المدن،
وانتقال القوات الأمريكية إلى
قواعد ضخمة في أطراف المحافظات.
وكان رئيس الوزراء الحالي نوري
المالكي، قد اتفق مع الرئيس
الامريكي السابق جورج بوش خلال
دائرة تلفزيونية مغلقة على ما
سمي باتفاقية الإطار
الاستراتيجي. ومعلوم أن واشنطن
رأت في توقيع المالكي بمثابة
"الجائزة الكبرى" التي
حصلت عليها أخيرا نتيجة للغزو
والاحتلال. وبالطبع؛ فإن
الإدارة الديمقراطية الجديدة
بقيادة باراك أوباما، سوف تواصل
الحفاظ على هذه الجائزة. لقد شنت
الولايات المتحدة الامريكية
الحرب على العراق في آذار/ مارس
عام 2003 بحجة وجود أسلحة دمار
شامل لدى العراق، ووجود علاقة
بين النظام القائم انذاك
والقاعدة. وكما بينت الأحداث،
فقد كانت هذه حجة واهية، سرعان
ما اعترف المسئولون في واشنطن
ولندن وسواها من عواصم الغرب،
بأنها كانت نوعا من"التلفيق
المنهجي" للمعلومات الكاذبة
التي استخدمت كذريعة للغزو. بيد
أن هذه الذريعة لم تسقط كليا من
الحساب، إذ ظهرت ذرائع جديدة
مماثلة وربما موازية، كان الغرض
من استخدامها حمل العراق على
القبول بالخضوع طويل الأمد
للمشيئة الأمريكية، وبهذا
المعنى؛ فإن بقاء الأمريكيين في
قواعد ثابتة ولوقت مفتوح سيكون
تجسيدا لهذا النمط من الذرائع
التي يجري استخدامها وتوظيفها،
في كل مرة وبطرق مختلفة. وقد
أشار تومي فرانكس قائدا للقيادة
المركزية الأمريكية (central command) أثناء احتلال العراق في كتابه الذي نشره
عن الحرب بعنوان (American
soldier) إلى
هذه الوقائع، مؤكدا أن واشنطن
استخدمت ذريعة "أسلحة
التدمير الشامل" وهي تدرك أن
ذلك ليس مؤكدا. إن العودة
للتذكير بهذا الأمر، يتصل
بمسالة وجود القواعد الأمريكية
في العراق، اتصالا عضويا،
فالقوات الأمريكية تستخدم
اليوم ما يزيد عن 320 معسكرا
وقاعدة حربية في العراق بحجة
"مكافحة الإرهاب" و "مواجهة
القاعدة". إن الوظيفة
الحقيقية لهذه القواعد الضخمة،
يجب أن تكون محط اهتمام سائر
المعنيين بالشأن العراقي. إن
المخطط الأمريكي أبعد من ذلك،
حيث كشفت كوندليزا رايس مستشارة
الأمن القومي ووزيرة الخارجية
لاحقا أن الولايات المتحدة جادة
في تشكيل الشرق الأوسط الكبير
أو الشرق الأوسط الجديد. هذا
الشرق الأوسط سيكون تجسيدا
وتطبيقا لمبدأ "تقسيم المقسم"
وتجزيء المجزأ على أساس طائفي
وقومي وعرقي (إثني) تصبح فيه
إسرائيل الدولة الأهم والأقوى
والأكثر قدرة على إدارة شؤون
المنطقة. وكما يلاحظ، فإن
الوظيفة الحقيقية للقواعد
الأمريكية في العراق، قد تتعدى
نطاق حماية "دويلات الشرق
الأوسط الجديدة"، ذلك أن
نظاما أمنيا متكاملا تديره
إسرائيل، هو الذي سيتولى هذه
المهمة، بينما يصبح هذا الشرق
الأوسط الجديد، بمثابة "حاملة
طائرات عملاقة" تفرض على
العالم بأسره منطقا جديدا في
العلاقات الدولية يقوم على أساس
استخدام مفرط وجنوني للقوة. ومن
هنا يتوجب التنبه إلى حقيقة أن
وجود قواعد ثابتة وعملاقة في
العراق، ولوقت طويل، هو أمر
يتجاوز حاجات الأمن القومي
الأمريكي التقليدي، إذ ما الذي
تنشده واشنطن- إذا كان الأمر
يتعلق بأمنها القومي- من إنشاء
هذا العدد الهائل من القواعد
"البعيدة جغرافيا" لو لم
يكن ذلك مصمما لأغراض الهيمنة
على العالم؟.. أما
الكيان الصهيوني؛ فمن المؤكد
أنه سيكون أكثر المستفيدين من
وجود هذه القواعد التي سوف تتيح
له إمكانيات فرض سيطرته وهيمنته
المباشرة على دول وشعوب
المنطقة، وليلعب دورا أمنيا
رياديا في ما يسمى "تثبيت
استقرار المنطقة" بواسطة لغة
التهديد والهيمنة والسطوة
المسلحة. كما أن ذلك يتيح للكيان
الصهيوني فرصا أفضل لتصفية
القضية الفلسطينية إلى الأبد.
إإن حماية أمن إسرائيل والحفاظ
عليها أحد أهم الأهداف -غير
المباشرة- والكامنة وراء مخطط
غزو العراق واحتلاله، هذا إلى
جانب أهداف أخرى تتمثل في
السيطرة على منابع النفط
العراقي والعربي، واستكمال
الهيمنة العسكرية والسياسية
المباشرة على الممرات البحرية
وطرق المواصلات العالمية
لترسيخ الزعامة الأمريكية
الصهيونية على العالم العربي.
ويمكن للمرء أن يتصور بسهولة،
كيف أن نشر شبكة من القواعد
الضخمة في العراق، سيكون على
المدى القريب والبعيد، مصمما
لأغراض تتجاوز حاجات الأمن
القومي الأمريكي التقليدية، ما
دامت المنطقة في وضعها الراهن
لا تشكل أي مصدر تهديد حقيقي لا
اليوم ولا في الغد. بيد أن نشر
القواعد سيؤدي لا محالة إلى
ضمان أمن إسرائيل، وتحقيق جزء
من أهدافها. وبهذا المعنى يكون
الاحتلال الأمريكي للعراق قد
حقق وإلى حد كبير أهداف إسرائيل
في الهيمنة على مقدرات المنطقة
وفي التحكم بمصيرها ومستقبلها.
لقد كان تدمير قدرات العراق
العسكرية والقتالية يعني زوال
الخطر الحقيقي الذي طالما هدد
الكيان الصهيوني، وهنا يطرح
السؤال نفسه: لماذا جرى غزو
العراق وتحطيم وتفكيك الدولة
فيه، وإدخال شعبه في دوامة ما
يسمى بالصراع الطائفي الشيعي
السني ومن ثم الكردي التركماني (قضية
كركوك الغنية بالنفط والثروة
المعدني) وكذلك الصراع العربي
الكردي؟ إن عراقا ضعيفا لا
يستطيع أن يكون الند لدولة
الكيان الصهيوني، خاصة وان
العرب ومن ضمنهم العراق اعتبر
القضية الفلسطينية هي قضية
العرب المركزية، هو العراق الذي
لطالما تمنت تل أبيب رؤيته
محطما، وها هو الحلم يتحقق. لقد
عملت دولة الكيان الصهيوني على
تعزيز العلاقات الكردية-الإسرائيلية
واستأنفت وحدات الأمن
الإسرائيلي قبل نهاية عام 2005
نشاطها في كل أرجاء العراق لا
المنطقة الكردية وحدها، واليوم
ثمة معلومات مؤكدة تشير على أن
الموساد والقوات الخاصة
الصهيونية تعمل تحت مختلف
الواجهات على تدريب عناصر الأمن
الكردي، وهذا جزء من نشاط واسع
يجري تنفيذه من خلال التعاون
الاسرائيلي مع حكومة إقليم
كردستان. وكتبت
صحيفة "يديعوت أحرنوت"
الصادرة يوم الجمعة 2/12/2005 أنّ
العناصر الأمنية الاسرائيلية
في العراق تساندها شركات كبرى
تعمل على تزويد الأمن الكردي
بالأسلحة والعتاد. وبحسب ما جاء
في الصحيفة؛ فإن تل أبيب لا
تتردد عن تأكيد مشاركة العديد
من الشركات الاسرائيلية وعلى
رأسها "موتورولا وميغل"
اللتان زودتا حكومة الإقليم
بالعتاد والقوى البشرية
لمشاريع يصل حجمها إلى مئات
ملايين الدولارات. وأكدت
الصحيفة أن إسرائيل تعمل بشكل
كبير في العراق من خلال شركاتها
هناك، وأنها بذلت جهودا كبيرة
لإنشاء مطار دولي يحمل اسم "هاولير"
قرب مدينة أربيل، وهذا المطار
يدخل ضمن الطموحات الكردية
للانفصال وإقامة دولتهم
المستقلة. وهذا يعني دون أدنى
شك؛ أن تل أبيب تسعى إلى إقناع
حكومة الإقليم، أنها الطرف
الوحيد في المنطقة الراغب
والقادر على مساعدتهم في تحقيق
حلمهم في "الدولة"، وهو كما
يعلم الجميع حلم كردي غير مسموح
به، نظرا لما يمكن أن يتسبب فيه
من مشكلات في سائر أرجاء
المنطقة. وفي هذا السياق كتب
الصحفي الأمريكي المعروف توماس
فريدمان (والذي كان لفترة من
الوقت المستشار الخاص لمادلين
أولبرايت وزيرة الخارجية
الامريكية السابقة) في صحيفة
نيويورك تايمز في 28/3/1999، مقالة
تحت عنوان "من أجل أن تنتصر
العولمة" أشار فيها بوضوح إلى
مخططات واشنطن في المنطقة وإلى
أهدافها غير المعلنة من غزو
العراق، وقال "إن على أمريكا
أن لا تخشى التصرف كقوة عظمى لا
تهزم، وهي فعلا كذلك. إن اليد
الخفية للسوق لا يمكن أن تعمل من
دون قبضة قوية، وهي الجيش
والطيران والقوة البحرية
للولايات المتحدة". ويوضح هذا
المنطق الاستعماري الذي
يستخدمه فريدمان للترويج
لبضاعة العولمة، كيف أن
الأذرع العسكرية الأخطبوطية
الأمريكية، ومن أهمها القواعد
الجديدة في العراق، ستكون موظفة
بصورة لا لبس فيها لتأسيس نظام
دولي جديد مهيمن عليه كليا
بواسطة القوة العسكرية
الأمريكية. وليس دون معنى أن
كوندوليزا رايس وزيرة خارجية
الولايات المتحدة الامريكية
الأسبق، اعترفت قبل فترة - قبل
مغادرتها مركزها الحكومي- بأن
الولايات المتحدة ارتكبت آلاف
الأخطاء التكتيكية، ولكن من دون
أن تتخلى عن أهدافها التي
رسمتها لغزو العراق. وبحسب
معاهدات جنيف ولاهاي فإن الجيوش
المحتلة مسئولة عن الأمن في
البلد الذي تحتله، لكن الولايات
المتحدة لم ترتكب مجرد أخطاء
هنا أو هناك؛ بل قامت بعمل منهجي
يقوم على السلب والنهب
والتدمير، إذ جرى بنهب السجلات
الحكومية والمكتبات وكل ما
يتعلق بمؤسسات الدولة من سجلات
وغيره ، بحيث تم القضاء على
ذاكرة العراق. إن كل هذه الأعمال
التي تمت تحت سمع وبصر قوات
الاحتلال الموجودة في العراق،
ليست مجرد أخطاء وإنما هي جزء من
عمل منظم كان الغرض منه محو
وتدمير الدولة في هذا البلد. وكان
واضحا أن الأمريكيين تقصدوا -دون
أدنى تمويه- وعند دخول الجيش
الأمريكي إلى بغداد، الحديث عن
جماعات عرقية وطائفية بعينها.
لم يعد أحد في الإدارة
الأمريكية أو في القيادة
العسكرية يتكلم عن "الشعب
العراقي" بل عن " شيعة وسنة
" و"عرب وأكراد وتركمان
وباقي الأقليات الأخرى". لقد
قاموا بتشجيع كل أشكال نشر "الثقافة
الطائفية" في العراق من خلال
تشكيل مجلس الحكم المؤقت على
أساس طائفي وإثني عنصري. ولذلك
سرعان ما تفجر الصراع الطائفي
المرير والدموي، وطفت على السطح
"شعارات" وأهداف معلنة
تؤدي كلها - في المدى المنظور-
إلى تقسيم هذا البلد والإمعان
في تحطيمه. وعلى هذا الأساس
انتشرت أعمال الفوضى والقتل
العشوائي الذي اتخذ أشكالا
سادية متعددة الأوجه قتل فيها
آلاف الأبرياء، كما جرى تهجير
ما يزيد عن أربعة ملايين من
أبناء الشعب داخل وخارج الوطن،
كما جرى استهداف العلماء
والأطباء وتمت مطاردتهم بعد
الاحتلال وتصفية بعضهم،
واعتقال آخرين وتهديدهم بتسليم
ما لديهم من أبحاث. وكل هذا ضمن
المخطط الذي سعى لحرمان العراق
من كوادره الفنية والهندسية،
ومنع استمرار برنامج التنمية في
شتى المجالات الاقتصادية
والفنية والعلمية والاجتماعية
والصحية وغيرها. الاتفاقية
الأمنية بين الولايات المتحدة
والعراق المحتل قبل
التطرق لما جاء في الاتفاقية،
لا بد من الإشارة إلى اتفاقيات
الذل التي خضع لها العراق إبان
الحكم الملكي من قبل المستعمر
البريطاني بعد ثورة حزيران 1920
والتي سميت بثورة العشرين
المجيدة. هذه الثورة التي كبدت
المحتل خسائر جسيمة حيث هب
العراق من شماله حتى جنوبه
بأسلحة بسيطة وأجبروا الانكليز
على الاعتراف بالاستقلال
وتتويج فيصل الأول ملكا على
العراق. (كان الغرض من توقيع
معاهدة 1930 الجائرة إقامة قواعد
عسكرية داخل العراق، وهنا لابد
من الإشارة أن بريطانيا ضغطت
على جميع الساسة العراقيين في
بداية الاحتلال البريطاني
لتوقيع معاهدة أمنية، وبالفعل،
فقد حصلت لندن على ما تريد من
الطبقة السياسية الفاسدة، ولكن
الشعب العراقي لم يكن ليستسلم
أو يستكين لهذا التطور الخطير
في حياته ومستقبل وطنه على
الطرف الآخر كان البريطانيون
يهددون العراق بأن عدم التوقيع
على المعاهدة ستكون له عواقب
خطيرة من بينها ضياع الموصل. كما
أن لندن هددت العراق بصورة
مباشرة عام 1930 وفي حالة عدم
التوقيع على الاتفاقية بحرمان
العراق من الدخول في عصبة الأمم.
وفي كل السنوات التالية كان
المطلب الرئيسي
للعراقيين هو إلغاء المعاهدة
والحصول على الاستقلال الكامل
وإخراج البريطانيين من قاعدتي
الحبانية والشعيبة. وفي عام 1948
وقع بيفن البريطاني مع صالح جبر
رئيس الوزراء العراقي في هذا
الوقت، معاهدة بورت سموث بحجة
حماية العراق من الأفكار
الهدامة، وسميت بهذا الاسم
كناية بمدينة بورت سموث
البريطانية ، وهنا هبّ الشعب
العراقي في كل مدن وقصبات
العراق بقيادة الحركة الوطنية
العراقية من أجل إسقاط المعاهدة
وحدثت معركة الجسر وقدم الشعب
العراقي الشهداء من أجل اسقاط
المعاهدة. وبالفعل أسقطت
الجماهير العراقية الغاضبة
التي ظلت تسير في الشوارع على
امتداد أيام، لا المعاهدة وحسب؛
بل والحكومة التي ربطت مصيرها
بإرادة المحتل البريطاني. وهنا
أريد أن أقول إن الشعب العراقي
سوف يقاوم كل المعاهدات
المنتقصة للسيادته بكل السبل
ومنها المقاومة المسلحة. لذلك،
فإن الأمل كبير في الشعب
العراقي الذي أسقط كل المعاهدات
المذلّة وخرج من حلف بغداد
المشؤوم وحرر العملة الوطنية
بالخروج من الاسترليني عندما
فجّر ثورة الرابع عشر من تموز
المجيدة عام 1958م. إن
الحركة الوطنية العراقية
المقاومة للاحتلال وهي سائرة من
أجل طرد الاحتلال وإنهاء
لإفرازاته هي التي سوف تسقط
معاهدة الذلّ. "الاستراتيجية
الأمريكية" وتكتيك إنشاء "قواعد
عسكرية ثابتة ومؤقتة" في
العراق تعني"دائمة"
في الاصطلاح العسكري الأمريكي،
البقاء لوقت غير محدود وغير
مقيد من الناحية القانونية بأي
التزامات، بما فيها الالتزامات
المالية. وعلى سبيل المثال، لا
تنص الاتفاقية الأمنية على أي
التزامات واضحة في الجانب
المالي، وكما أنها لا تشير إلى
أي ضمانات قانونية بشأن "إمكانية
شن عدوان" انطلاقا من العراق
ضد بلدان الجوار. وفي حالة
العودة إلى أسباب غزو العراق
واحتلاله من قبل القوات
الأمريكية، سنجد أن احد أهم
الأسباب التي كانت وراء
الاحتلال، تتصل اتصالا مباشرا
بحقيقة أن العراق خزان نفطي
هائل يمكن أن يظل إلى أكثر من
نصف قرن بعد انتهاء نفط المنطقة
بأسره، إضافة إلى سبب جوهري آخر
يتعلق ببقاء دولة الكيان
الصهيوني في أمان لحين فرض
اتفاقيات عربية-إسرائيلية ، تنص
على اعتراف العرب والمسلمين
بإسرائيل كدولة يهودية تعيش مع
العرب والمسلمين في المنطقة دون
حروب. وهذان الهدفان هما من بين
أكثر الأهداف بروزا في المعاهدة
الأمنية الإستراتيجية، فهي في
أكثر بكثير من مجرد اتفاقية
لتنظيم وجود القوات المحتلة؛
كما أنها أبعد بكثير من مجرد
اتفاقية تحصل بموجبها واشنطن
على امتيازات في العراق. إنها
بكلام أدق، النواة الصلبة في
تشكيل نظام أمني إقليمي متكامل،
تلعب فيه إسرائيل دورا مركزيا،
ويصبح أمنها جزء من الأمن
القومي العربي. وأكثر من ذلك أن
يتحول العراق إلى بلد ضامن لأمن
إسرائيل. وفي هذا السياق، يتوجب
فهم مغزى إثارة مشكلة كركوك
بالارتباط مع توقيع هذه
الاتفاقية، ذلك أن كركوك وبحسب
المخطط البريطاني القديم،
ستكون هي محطة وقود الكيان
الصهيوني والتي سوف تقوم
بتزويده بالنفط في حال حدوث ما
يمكن تسميته "بالمجاعة
النفطية" في منتصف القرن
الحالي. وفي
المعاهدة الأمنية بين العراق
والولايات المتحدة الامريكية
جاء بالنص قواعد والمقصود هنا
لغويا أكثر من قاعدة، حيث ذكرت
الصحافة الأمريكية تعبيرين
أحدهما قواعد عملاقة (bases
mega) والاخر هو قواعد صغيرة (bases
micro)، وبما أن المفاوض الأمريكي
يفهم وقع كلمة قواعد على
المواطن العراقي، مستمدا من
تجربة القواعد البريطانية أيام
الاحتلال البريطاني قبل ثورة
الرابع عشر من تموز1958 ، وبما
أنها ومن جاء معها تدعي التحرير
وليس الاحتلال، لذلك استخدمت
كلمة "قاعدة" لكل ما يسمى
قواعد كبيرة وعملاقة واستعمل
لما تبقى كلمة معسكر (camp) ولذلك سوف نلاحظ أن الأمريكيين، يتحدثون
عن ثلاث أو أربع "قواعد"
بينما يتحدث طارق الهاشمي نائب
رئيس الجمهورية عن حوالي (400)
قاعدة. وفي
صحيفة الاندبندت البريطانية
كتب كوكبرن عن نوايا الولايات
المتحدة الامريكية في إقامة 50
قاعدة تشمل القواعد العملاقة
والقواعد الاعتيادية مع
الاستثناء للقواعد الصغيرة. وكتبت
صحيفة النيويورك تايمس في 20/3/2003
على صدر صفحتها الأولى مقالا
تحت عنوان "البنتاغون يتوقع
دخولا طويل الامد لقواعد العراق
الرئيسية (long expect pentagon Iraq access term bases) أكدت أكدت فيه أن الأمريكيين
استحوذوا بالفعل على أربع قواعد
عسكرية عراقية ضخمة. وجاء في
الواشنطن بوست في 22/5/2003م عن
القواعد العسكرية في العراق "أن
القيادة العسكرية الأمريكية
تعمل على تجميع قواتها في
العراق في 4 قواعد ضخمة، حيث يتم
"العمل عن التخلي عن أكثر من
100 قاعدة أخرى وإعطاؤها تدريجيا
للقوات العراقية أو الأجنبية".
وكانت سلسلة منتظمة من التقارير
الصحفية والسياسية قد أشارت إلى
أن البناء يتم في القواعد
الضخمة باستعمال المواد التي
تعطي طابعا دائميا مثل
الكونكريت المسلح. وقد أكدت
الواشنطن بوست أن "القيادة
المركزية الأمريكية تذكر دائما
أنها لا تعمل على إبقاء قوات
أمريكية في العراق بصورة دائمة،
وأن الاستراتيجية الأمريكية هي
بالنتيجة مراقبة العراق من
قواعد في الكويت، أي ستكون
القوات الأمريكية قريبة
لتستجيب وبسرعة لأي حدث يقع في
العراق يستوجب تدخلها". وكتبت
الواشنطن بوست مقالا في 4/2/ 2006
حول "قاعدة بلد" غربي
العراق ذكرت فيه "أن قاعدة
بلد هي مقر أهم العمليات الجوية
الامريكية، وقد وصل عدد
العسكريين فيها وقت كتابة
المقال إلى ما يقرب من 20 ألف
عسكري أمريكي، بالإضافة إلى
آلاف العاملين المدنيين
الأجانب الذين يعملون على إكمال
الإنشاءات الضخمة بقيادة شركة (KBR) التي تقدر قيمة المصروفات على
هذه الإنشاءات بمليارات
الدولارات، إنها في ذلك الوقت
كانت تحتوي على مطار ذي مدرج
طويل، ويقول مسؤول القاعدة، إنه
المطار الأكثر ازدحاما في
العالم بعد مطار هيثرو في لندن،
إذ يوجد فيه 250 طائرة منها 188 من
طراز F16، و من بينها 15 قاذفات ومقاتلات و70 طائرة
اعتيادية و70 مروحية. وفي هذا
السياق كتب توم إنكلهارت في 15
حزيران 2008 في موقع (truth out)
الأمريكي مقالة اعتمد فيها على
ما كتبه كوكبرن في الاندبندنت،
ولكن ليخبرنا بخبر جديد مفاده
أن هناك أكثر من 50 قاعدة عسكرية
ضمن الاتفاقية التي وقعت، وهو
يتكلم فيها بالطبع عن القواعد
العملاقة التي صرفت لأجلها
مليارات الدولارات، وأصبحت
بمثابة مدن أمريكية على شكل
قلاع هجومية دفاعية، على مساحة
تقارب 42 كيلو متر مربع ، كما أن
قاعدة بلد تضم اليوم ما يزيد عن
40 ألف عسكري، وبذلك أصبحت الأن
مشروعا عملاقا يحتوي على طرق
وأبنية ومنشآت مقامة للاستمرار
لعقود طويلة قادمة، وتعتبر
واحدة من أكبر القواعد العسكرية
الموجودة في العالم ، كما أن
قاعدة "عين الأسد" التي
تشبهها من حيث الضخامة تضم ضعف
هذا العدد من الجنود بحسب
تقارير موثقة. وأشار الكاتب
أيضا إلى قاعدة أخرى ضخمة داخل
بغداد وهي السفارة الأمريكية
والتي بنيت بكلفة ( 750 ) مليون
دولار، وهي مصممة لكي تكون
قاعدة، وبداخلها قاعدة دفاعية
لمقاومة أنواع الهجوم من
المقاومة وإن كلفة تشغيلها
السنوية تصل إلى 1،2 مليار دولار. إن
القواعد التي يراد انشاؤها في
العراق ، مقصود بها أن تكون
قواعد دائمة ، أي لعدة عقود، وأن
تكون هناك جيوش مسلحة بأحدث
الأسلحة المتطورة تكنلوجيا
لحمايتها، فضلا عن كل ذلك؛ فإن
الاتفاقية الأمنية مع بغداد
تتيح للأمريكيين الإفلات لا من
المساءلة القانونية بشأن
تصرفاتهم فحسب، وإنما من التمتع
بالقوت غير المحدود لإقامتهم،
لأنها لم تحدد مدة بقاء هذه
القواعد. وهذا يعني البقاء عدة
سنوات قابلة للتجديد، وهذا يعني
احتلالا أو استعمارا له شرعية
بموجب اتفاقية رسمية ولذلك سميت
بالاتفاقية الاستراتيجية، وهنا
يجب التاكيد على أن المقاومة
حتى ولو ترك قسم منها النضال
والتحق بما يسمى بالعملية
السياسية؛ فإن مجاميع مقاومة
أخرى سوف تظهر وتجدد النضال من
أجل التحرر من استعمار القواعد
الدائمة، وكما صرح مرة جورج بوش
قائلا لو أن بلدي وقع تحت
الاحتلال لقاومت الاحتلال؛ فإن
العراقيين الذين يعرفون من هو
القائل وطبيعة جرائمه، سوف
يواصلون النضال حتى التحرير
والاستقلال.
حول
المشكلات التي تواجها القوات
العسكرية الأمريكية في العراق في خطاب
ألقاه الرئيس بوش في معسكر "فورت
براغ" -وهو قاعدة عسكرية
أمريكية كبرى- أعلن أنه "ليس
هناك نداء أعلى من نداء الخدمة
في قواتنا المسلحة"، ويبدو أن
عددا أقل فأقل من الشباب
الأمريكيين وآبائهم يوافقونه
الرأي. فالقوات الأمريكية تجد
من الصعب بصورة متزايدة أن تديم
بقاءها. وهكذا على الرغم مما
ينبغي أن يبدو للوهلة الأولى
شروطا مثمرة للخدمة العسكرية:
أحداث 11 أيلول/ سبتمبر والمخاوف
بشأن الإرهاب، والحجة التي
تسوقها إدارة بوش والقائلة بأن
الحرب العالمية على الإزهاب
لابد من أن تشن في أفغانستان
والعراق وأماكن أخرى بعيدة ،
فإن الأمر سينتهي إلى وجوب
خوضها في الداخل الأمريكي،
وحروب أمريكا المتواصلة التي
تجلب إلى شاشات التلفزيون يوميا
حكايات المحاربين الأبطال
الذين يحررون الأبرياء
ويدافعون عنهم. وتصف الصحف
الأمريكية الجيش الأمريكي بأنه
"يواجه واحدا من أكبر تحديات
التجنيد في تاريخه"
والعسكريون الأمريكييون قلقون
من أعماقهم بفضل استمرار عمليات
المقاومة التي بدأت تحولا في
استراتيجيتها. وقد كتب الجنرال
باري ماكافوري -وهو الأستاذ في
كلية وستبوين- في صحيفة وول
ستريت جورنال: "إن الولايات
المتحدة في سباق ضد الزمن في
العراق بسبب المصاعب الواقعة
على القوات العسكرية، وقال إن
القوات الأمريكية "بدأت
تتفكك" ويذهب إلى أن "الجيش
الإمريكي ومشاة البحرية/
المارينز" يعانيان نقصا
شديدا في الرجال وفي الموارد،
إلى حدّ لا يتمكنان معه من إدامة
هذه السياسة الأمنية إلى ما بعد
الخريف المقبل والعواقب وخيمة.
وعدّ ماكافوري القوات
الأمريكية في العراق "جوهرة
التاج الضمانة لأمننا القومي
بالنسبة إلى الشعب الأمريكي في
الحرب على الإرهاب". والسؤال
المطروح اليوم أمام الأمريكيين
هو إذا كانت هذه هي جوهرتنا التي
أصبحت في أعماق المستنقع
العراقي، فكيف يمكن لنا البقاء
هناك إلى وقت طويل. لقد بات
الوضع من الناحية العسكرية
مشحونا بأخطار تهدد مستقبل
الحروب الامريكية في العراق
وأفغانستان. وبحسب تعبير
ماكافوري فإن من "شأن الفشل
أن يكون كارثة للسياسة الخارجية
الأمريكية وللمصالح الاقتصادية
الأمريكية للسنوات العشرين
التالية". لقد وعد
الرئيس بوش أنه سيرسل مزيدا من
القوات إلى العراق إذا طلب
القادة العسكريون في الميدان
ذلك، وزعم أنهم لم يطالبوه،
بينما قال السيناتور
الديمقراطي من ولاية نيفادا
هاري ريد ، زعيم الأغلبية
الديمقراطية في مجلس الشيوخ"
عن القادة العسكريين
الأمريكيين في العراق أنهم
أبلغوه بأنهم يحتاجون إلى مزيد
من القوات ، ولكنهم يعرفون أن
هذا المزيد ليس متاحا". ويقول
ريد "إن الاستنتاج الذي توصلت
إليه هو أنهم يعرفون أنه لا وجود
لمزيد من الجنود، فما الداعي
لأن يطلبوا شيئا يعرفون أنه غير
موجود". ويتضح من هذه الأقوال
أن وضع القوات الأمريكية خلال
فترة حكم الجمهوريين كان في
الحضيض. أما اليوم، ومع وجود
مؤشرات على تحول مثير في
استراتيجية المقاومة العراقية؛
فإن وضع هذه القوات سيكون غاية
في التعقيد. إن واحدة من أهم
المؤشرات على حدوث تحول في
أساليب المقاومة، أن الفصائل
المقاومة تستعد لمرحلة "القواعد
الثابتة" أو"الدائمة"
بإنتاج أسلحة وتجربة تكتيكات
غاية في الفعالية. وأستطيع أن
أؤكد لقراء ومستمعي هذه الدراسة
، أن المقاومة العراقية سوف
تحيل القواعد الدائمة إلى "براميل
بارود متفجر" بفعل الضربات
القاتلة التي سوف توجه لها. إن
التحول في الاستراتيجية
الأمنية والعسكرية الأمريكية
في المرحلة المقبلة -ما بعد
الانسحاب- سوف تتلازم مع التحول
المماثل في استراتيجيات مقاومة
الاحتلال. ولدى المقاومة قدرة
مذهلة على التكيف والتعايش مع
أعقد الظروف. وبينما تستطيع
المقاومة في حقبة ما بعد
الانسحاب، ضم المزيد من الشباب
المقاتلة؛ فإن الجيش الأمريكي
سيكون عاجزا عن سد النقص في
أعداده. ذلك أن مشكلات التجنيد
في الجيش الامريكي، تكمن في
حقيقة أن الجيش يعاني قصورا
بنسبة 40 في المائة عن تحقيق هدفه
من التجنيد. لقد أخفق الجيش في
تلبية أهدافه الشهرية للتجنيد
طوال العام الماضي والحالي، لقد
أبلغ الجنرال بيتر شوميكر
السابق، رئيس أركان الجيش
الامريكي، مجلس الشيوخ بأننا
"نواجه تحديات هائلة" فيما
يتعلق بتجنيد جنود جدد. وهدف
الجيش تجنيد ثمانين ألف عنصر
جديد لهذا العام "هو مخاطرة
جسيمة" والعام القادم "قد
يكون الظرف الأشد قسوة على
الإطلاق فيما يخص التجنيد"،
وهو يعتقد أن مشكلات التجنيد
هذه يرجح أن تمتد إلى "وقت
طويل في المستقبل". إن نسبة
تبلغ نحو 7 في المئة من
العسكريين الأمريكيين ليسوا
مواطنين أمريكيين. فهناك نحو 30
الف جندي أجنبي في القوات
الأمريكية ينتمون الى أكثر من
مئة بلد، وأكثر من ثلثهم من
الناطقين بالأسبانية، أي لغة
أمريكا اللاتينية. ولئن
أخفقت إدارة جورج بوش السابقة
في إيضاح دعواها للقيام بحرب
جنونية في العراق؛ فإن الشعب
الأمريكي لن يكف عن مطالبة
الرئيس الجديد أوباما بسحب
القوات والتخلي عن فكرة القواعد
الدائمة. إن الشعب الأمريكي
الذي يرى ويقرأ ما يحدث بالفعل
في هذه الحرب، سوف يواصل رفضه
للحرب والاحتلال في العراق
وأفغانستان. ولعل البلدات
والمدن الأمريكية التي تواجه
واقع وفاة آلاف العسكريين
الأمريكيين وما يربو على عشرات
الاف من الجرحى والمعاقين، سوف
تساهم في هذه الاحتجاجات. وهناك
في أنحاء الولايات المتحدة
الامريكية حملة متزايدة النمو
ضد التجنيد العسكري، تجمع
الآباء والمعلمين والناشطين من
أجل السلام بهدف حماية الطلاب
من مندوبي التجنيد العسكري.
وثمة مشكلات متزايدة ناجمة عن
تصاعد معدلات الهروب من الخدمة.
لقد أعترف البنتاغون بأن أكثر
من 5500 جندي فروا من الخدمة منذ
بداية حرب العراق (الاحصائية
لعام 2005)، وهذه الارقام تضاعفت
خلال الفترة المنصرمة ولحد
اليوم ، إضافة للكثير من الجنود
الذين كانوا في الخدمة والآن
يعالجون من أمراض نفسية ألمت
بهم خلال تواجدهم في الخدمة في
العراق، ولا يخفى على المتابعين
للحرب على العراق أن الجيش
الأمريكي وقواته الأمنية
تستعين بالشركات الأمنية
لحمايتها ومصالحها من الضربات
التي تكيلها لهم المقاومة، وهذه
الشركات ومنها بلاك ووتر لم
تتورع عن استخدام أساليب وحشية
وبشعة وغير أخلاقية وصلت حد
المزج بين الاغتصاب والقتل، وهو
نمط من الجرائم لا شبيه له في
التاريخ الثقافي والاجتماعي
العراقي، بمقدار ما هو مستمد من
تاريخ الجريمة في الولايات
المتحدة الأمريكية. وفي حالات
غير نادرة كانت شركات القطاع
الخاص (الشركات الأمنية) تقوم
بقتل كل من يقترب منها أو يقترب
ممن تقوم بحراسته من الأمريكان
أو من العملاء المكلفة
بحمايتهم، وحسب ما جاء بما يسمى
الاتفاقية الأمنية بين العراق
والولايات المتحدة الامريكية؛
فإن كلا من المتعاقد مع الشركات
الأمنية والجندي الأمريكي
القاتل لا يخضعان للتحقيق على
يد الأجهزة القانونية
العراقية، الأمر الذي يعني أن
الأمريكيين من الجنود
النظاميين والمرتزقة على حد
سواء، سوف يفلتون من أي نوع من
المحاسبة حتى في حال قيامهم
بأعمال ذات طابع جرمي مقصود.
وهذا يطلق لهم العنان بارتكاب
الجرائم بحجة الدفاع عن النفس
وهناك جرائم مريعة تشهد على هذا
السلوك الجنوني. وفي هذا
السياق تقوم أجهزة المخابرات
الأمريكية بالتجسس على من قاموا
بتنصيبهم في دفة الحكم، وكتبت الوشنطن
بوست الصحيفة الامريكية
الواسعة الانتشار، أن الولايات
المتحدة قامت بالتجسس على رئيس
الوزراء نوري المالكي وزعماء
عراقيين آخرين، كما كتب بوب
وودور "إن التجسس على رئيس
الوزراء العراقي سبب بعض الذعر
بين كبار المسؤولين الامريكيين
الذين أثاروا تساؤلات بشأن ما
إذا كان العمل يستحق المغامرة
في ضوء جهود بوش لكسب المالكي". يكشف
هذا السلوك المشين عن الحقيقة
التالية: أن الأمريكيين يريدون
من وراء أعمال التجسس على
المسئولين، إرسال رسالة مفادها
أن النظام السياسي برمته هو تحت
رحمتهم، وأن القادة السياسيين
المحليين لا يملكون أي إمكانية
للاحتجاج. وبالطبع، يمكن وضع
هذا السلوك في إطار الضغوط
السياسية والنفسية التي
تمارسها الولايات المتحدة
لتمرير بنود الاتفاقية الأمنية
وبالطريقة التي ترغب هي في
تنفيذها. ومما جاء في المادة
الرابعة-المهام ، يمكن فهم هذا
الجانب من الترابط بين الضغوط
وعمليات الابتزاز وبين عمليات
تنفيذ وتطبيق الاتفاقية. إن
المادة المذكورة أعلاه هي من
أخطر المواد الموجودة في
الاتفاقية، فهي تنص على ردع
كافة التهديدات الداخلية،
والخارجية. وتعزيز التعاون
لإلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة
والمجموعات الأخرى الخارجة على
القانون. ماذا يعني ذلك؟ إنه
يعني ببساطة أن العراق يوافق
على تغيير جوهري في وظيفته
كدولة، ويتحول بموجب هذه المادة
إلى منصة وثوب في حرب دائمة
تشنها الولايات المتحدة
الأمريكية في أي وقت ولأي هدف
ولأي سبب وضد أي عدو. وهذا هو كما
سبقت الإشارة، المضمون الحقيقي
للمعاهدة الأمنية التي سوف تحول
العراق إلى ركن رئيس في نظام
أمني/ مظلة أمنية تشمل المنطقة
بأسرها. إن لهذه
المادة معنى فضفاضا فكلمة
القاعدة والمجموعات الأخرى، هو
تعبير قد يتعدى نطاق مواجهة
المقاومة العراقية، وربما يشمل
كل حركات التحرر في المنطقة.
والكل يعرف أن لا وجود للقاعدة
قبل عملية السطو المسلح على
العراق والتي قامت بها الولايات
المتحدة الأمريكية دون أي تفويض
من مجلس الأمن أو بموافقة من
الأمم المتحدة، خارقة كل
المعاهدات والمواثيق الدولية
وضاربة عرض الحائط بعدم موافقة
الرأي العام العالمي (والذي خرج
في عواصم الغرب وحتى في مدن
الولايات المتحدة الامريكية
رافضا الحصار على العراق والحرب
ضده). وبالفعل، لم يكن للقاعدة
أي تواجد، وهذا جاء باعترافات
القادة الأمريكيين بعد أن شنوا
الحرب. ومع ذلك فإن إصرار واشنطن
على أن حربها في العراق هي حرب
ضد القاعدة، إنما هو محاولة
لتغيير طبيعة المعركة بتحويلها
إلى حرب شرعية تقوم بها دولة
عظمى، ضد خطر في مكان بعيد. القواعد
الأمريكية في العراق: مهام
ووظائف سيطرت
الولايات المتحدة الامريكية
على أكثر من 106 موقع استراتيجي
في العراق تتراوح بين معسكر
تدريب ومواقع انتشار رادار
وقواعد عسكرية (علما أنها تمتلك
أكثر من 870 قاعدة عسكرية منتشرة
في العالم في 140 دولة أجنبية في
العالم، وأنها تمتلك أكثر من 6000
قاعدة فقط داخل الولايات
المتحدة الامريكية أو في دول
تخضع للسيطرة الأمريكية). وعلى
الرغم من الجدل الكبير الدائر
حول الوجود الأمريكي الدائم في
العراق، وشكل الاتفاقية
المستقبلية الأمنية مع
الولايات المتحدة، فإن أغلب
التقارير الاستراتيجية تشير
إلى عزم الولايات المتحدة على
بناء 14 قاعدة أمريكية مهمة في
مختلف أنحاء العراق، وذلك
لأسباب مختلفة، أبرزها تعويض
النقص عن انسحابها من السعودية
وحاجتها لتغير مركز عملياتها في
الخليج مع تبدل الخريطة
الإقليمية، ولمواجهة تداعيات
مرحلة الحرب على الإرهاب التي
تتركز في آسيا وشرقها وتحديدا
إيران، الخطر الأكبر على
سياستها كما تزعم الولايات
المتحدة الأمريكية. وتحصر بعض
التقارير الوجود الأمريكي
الدائم في العراق في أربع قواعد
عسكرية رئيسة، بالإضافة إلى
عشرات المعسكرات الأخرى
المنتشرة في أنحاء العراق وهذه
القواعد هي : 1- قاعدة
بلد وسط العراق (شمال بغداد) تعتبر
هذه القاعدة الأكثر شهرة بين
"القواعد العاملة" المشادة
في العراق، وتتميز بأنها الأشد
ازدحاما بالحركة الجوية في
المنطقة، وتضم المقاتلات
الجوية وطائرات النقل ، وإلى
جوارها يوجد معسكر أناكوندا
الذي يعمل كقاعدة رئيسية لتقديم
الإمداد والخدمات اللوجستية
للقوات الأمريكية العاملة في
العراق. وتكمن أهمية هذه
القاعدة في وجود التسهيلات التي
تمكنها من أن تصبح أكثر من مجرد
قاعدة مثالية، بسبب المزايا
التي تتيحها لمحاربة تنظيمات
المقاومة في العراق، وتمثل
القاعدة مكانا ملائما لنشر
القوى العسكرية الأمريكية في كل
منطقة الشرق الأوسط، وهي على
الأرجح؛ فإنها ستكون مؤهلة خلال
السنوات القادمة لتلعب دورا
مركزيا في الاستراتيجية
العسكرية الأمريكية في الشرق
الأوسط. 2- قاعدة
الصقر الجوية: وهي معسكر ضخم
يستوعب نحو خمسة آلاف جندي. 3- قاعدة
التاجي (في منطقة التاجي شمال
بغداد) وهو موقع سابق للحرس
الجمهوري العراقي بمثابة مدينة
عسكرية، وقد تم تحويله ليصبح
قاعدة أمريكية كبيرة للعمل
الحربي وإقامة وترفيه الجنود
وتحتوي على قطار أنفاق وبرجر
كينج وبيزاهت وغيرها من الشقق
السكنية والترفيهية. 4- قاعدة
أربيل -وتدخل ضمن منطقة الحكم
الذاتي للأكراد في شمال العراق-
وتعتبر أربيل عاصمة الحكم
الذاتي الكردي 5- قاعدة
الناصرية: جنوب العراق تقع على
ضفاف نهر الفرات ولا توجد
معلومات كافية عن هذه القاعدة
لظروف تتعلق بقربها من إيران،
ووكانت تسمى قاعدة الإمام علي. 6- قاعدة
الفلوجة: لا توجد أي معلومات
مؤكدة حول موقعها أو حجمها نظرا
لظروف واحتياجات القاعدة للعمل
العسكري التي تنشط في هذه
المنطقة في تكريت شمال بغداد. 7- معسكر
شبايشر: وسمي بهذا الاسم نسبة
إلى الجندي الأمريكي الذي أسقطت
طائرته في تكريت عام 1991. 8- قاعدة
رينج في كركوك : تقع قرب حقول
النفط في مدينة كركوك ومصفاة
تكرير النفط ومصنع
البتروكمياويات وتستوعب 1464
جندي مظلي في ثلاث عشر بناية
بحيث تحتوي كل غرفة على ست الى
ثمانية جنود. 9- معسكر
فيكتوري أو النصر: ويمتد على
مساحة حوالي خمسة كيلومترات
مربعة على أراضي مطار بغداد
الدولي الذي تم تحويله إلى
قاعدة عسكرية رئيسة للأعمال
الحربية في منطقة غرب العراق،
وتستوعب القاعدة أكثر من أربعة
عشر ألف جندي، وتضم قصر الفاو
الموجود على بحيرة مصنوعة
لاستضافة مؤتمرات الجيش
الامريكي ولقاءات المسؤولين
الأمريكان. 11-
قاعدة الحرية: الموصل، وهي في
أحد المواقع الرئاسية لصدام
حسين وتحول الآن إلى إقامة
الوحدة 101 المحمولة جوا. 12-
معسكر الكادو(بلد) قاعدة
أمريكية لوجستية لتقديم
الخدمات الحربية واللوجستية
ويمتد المعسكر على طول 15 ميل
مربع، وأنشئ ليستوعب نحو عشرين
ألف جندي. ويشغل مساحة تبلغ 15
ميلا مربعا ويضم حمامي سباحة
وقاعة للألعاب الرياضية وملعبا
صغيرا للجولف ودار سينما لعرض
أحدث الأفلام. ويقيم فيه 20 ألف
جندي أمريكي بوسعهم شراء أحدث
الأجهزة الألكترونية
والأسطوانات من أحد متجرين في
القاعدة يضم كل منها أطنانا من
البضائع. 13-
المنطقة الخضراء: وسط بغداد
وتضم القصر الجمهوري وأغلب
المؤسسات الحاكمة في العراق
بالإضافة لسكن الدبلوماسيين
الأجانب والحكومة العراقية
وتحتوي موقع السفارة الأمريكية
المؤقت وكذلك البريطانية. 14-
قاعدة عين الأسد: التي تقع الى
إلغرب من بغداد بمسافة 200 كم في
مدينة البغدادي والتي كانت
سابقا قاعدة القادسية الجوية،
وهي أيضا من القواعد الكبرى
التي تضم فرقة من المارينز
قوامها 16 ألف جندي وتسيطر على كل
محافظة الأنبار وترتبط بها
معسكرات للمارينز في كل من
الرمادي (معسكر الورار سابقا
ومعسكر سد حديثة على نهر
الفرات، ومعسكر هيت، ومعسكر
عانة، ومعسكر القائم) وهي
القاعدة التي هبط بها بوش أثناء
زياريه الأخيرة للعراق وهي بنفس
حجم قاعدة بلد ومزودة بكل وسائل
الترفيه وأسواق البضائع. بعد
احتلال العراق وسقوط عاصمة
الرشيد بيد قوات الاحتلال وبدء
عملية تدميره ونهبه والذي شمل
البنية التحتية للدولة
العراقية، باشر الأمريكيون في
إقامة اكبر قاعدة أمريكية على
بعد 160 كيلو متر من دمشق العاصمة
السورية وعمان عاصمة الأردن،
ولكنهم كانوا يتجنبون التجوال
بواسطة الآليات العسكرية،
ويستخدمون المروحيات في أعمال
الدوريات الروتينية، وتشكل
نقطة الكيلو متر 160، ملتفى الطرق
للقادمين من عمان ودمشق، وتقع
على طرف بادية الشام، ووتبعد
القاعدة عن العاصمتين الأردنية
والسورية مسافة ثلاث ساعات فقط
في السيارة. فلماذا جرى
الاستحواذ على هذه النقطة؟ خلال
حرب (عاصفة الصحراء) استهدفت
القوات العراقية من هذه النقطة
دولة الكيان الصهيوني بنحو 39
صاروخا من طراز سكود. ولذلك؛ فإن
الجيش الأمريكي أقام أكبر تجمع
لقواته في هذه المنطقة وتحديدا
عند مثلث لورنس الشعلان،
واستحدث مطارا حربيا للمقاتلات
والقاذفات. وهناك معلومات تقول
بوجود خبراء إسرائيليين في هذه
المنطقة وأنهم يشرفون على تركيب
محطات إنذار مبكر فيها. إن
انتشار القواعد العسكرية
الأمريكية بطول وعرض العراق، لم
يكن وليدالصدفة، وإنما جاء
ليؤكد أنها وضعت وبدقة متناهية
ومحسوبة وفق استراتيجية
عسكرية، عمل البنتاغون فيها منذ
فترة قبل الغزو الأمريكي للعراق
، وبدأ التدريب عليها في تموز/
يوليو عام 1990، وقبل أن تبدأ حرب
الكويت وضعت الأهداف التي تقصف
وما بعدها. إن ما
حدث خلال حرب الخليج الأولى (الحرب
العراقية-الايرانية) يبين أن
الولايات المتحدة الأمريكية
ودولا أخرى ساعدت العراق لمصالح
خاصة بهذه الدول، واستطاع
العراق أن يستفيد من
التكنولوجيا ليطور بعض الأسلحة
التي تشكل نوعا من الردع
لإسرائيل، غير أن أمريكا اعتبرت
ذلك غير مقبول استراتيجيا،
ويشكل خطرا على إسرائيل وعلى
مصالحها. وهذه الاستراتيجة اخذت
بنظر الاعتبار المصالح
الأمريكية الامبريالية ليس في
العراق فحسب، وإنما على مستوى
الشرق الاوسط ، ومن هنا جاءت
التسمية التي أطلقتها كوندليزا
رايس مستشارة الأمن القومي
ولاحقا وزيرة خارجية الولايات
المتحدة الأمريكية (الشرق
الأوسط الكبير أو الجديد). إن
الغزو الأمريكي للعراق عقد
الأمور الاقتصادية للولايات
المتحدة الأمريكية نتيجة
الخسائر البشرية والمادية،
فالعجز في إحدى السنوات وصل إلى
500 مليار دولار، وفي سنوات أخرى
إما بالحجم نفسه أو أكثر،وكذلك
انخفض الدولار الأمريكي بحوالي
30 في المئة وأحيانا أقل من
قيمته، كما أن ديون أمريكا
ازدادت وتجاوزت 3 تريليونات
دولار، إضافة للصعوبات
العسكرية التي تواجهها القوات
الأمريكية في العراق، نتيجة
تصاعد المقاومة العراقية،
والتي تزداد قوة وانتشارا على
الرغم من التعتيم الاعلامي
عليها، والاساءة لها في عملية
الخلط بين المقاومة والإرهاب،
والذي يأتي من جهات متعددة
تستهدف المدنين الآمنين في
المدن والأسواق ومآتم العزاء
وأسواق الثقافة ومن بينها
العمليات التي تستهدف جنود
الاحتلال ومواقع تجمعاته
وآلياته. أما
بالنسبة للتضليل الإعلامي فبعد
أحداث 11 أيلول/ سبتمبر أنشأت
وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)
قسما للتضليل الإعلامي، هكذا
كانوا يسمونه، وبعد ردود الفعل
السلبية السيئة في العالم حول
هذا الموضوع، تم دمج هذا القسم
في قسم آخر، ولكن بقيت المهمات
المطلوبة نفسها. وهذا التضليل
يتواصل اليوم حتى على الشعب
الأمريكي، في التلاعب بالحقائق
على الأرض كما هي، ويشهد الرأي
العام العالمي على الكذب الذي
مارسته إدارة جورج بوش منذ
الأيام الاولى للغزو وحتى يومنا
هذا. ولكن المزاج الشعبي
الأمريكي شهد في المقابل تحولا
مثيرا، فقد ضاق الأمريكي العادي
من دافعي الضرائب (أي الأمريكي
غير المسيّس ولكنه "الأمريكي
الأخلاقي" الذي يشعر بالعار
من السلوك الإمبريالي للولايات
المتحدة) ذرعا بسياسة التضليل.
ولذلك فمن المتوقع أن تواجه
إدارة اوباما إرث بوش البغيض،
وهي في حالة تردد وحيرة. لقد شهد
العالم سلسلة لم تنقطع من
التظاهرات والاعتصامات أمام
البيت الأبيي، كما تم تشكيل
منظمات من أجل عودة الجنود
المقاتلين من العراق
وأفغانستان، وهذه دون أدنى شك
من النتائج الإيجابية لتغير
المزاج الشعبي الرافض للحرب
والاحتلال، وبداية انتقاله من
الاحتجاج الصامت إلى القيام
بأعمال أكثر فاعلية. لقد دخل
باراك اأباما على خط منافسة
الجمهوريين في انتخابات
الرئاسة الأمريكية بوعود
انتخابية تقوم على أساس سحب
القوات من العراق في حالة وصوله
إلى دفة الحكم. واليوم نجد أن
القوات الأمريكية بدأت
بالانسحاب من المدن وقسم منها
بدأ يخرج من العراق عن طريق
تركيا والكويت، والقسم الآخر
بصدد إعادة الانتشار
في بعض مناطق العراق. مما
تقدم في هذا الإيجاز يمكن أن
نستنتج أن خطر القواعد العسكرية
في العراق يتحدد في المحاور
التالية: 1- إن
وجود القواعد الدائمة مصمم
للسيطرة على الشريان الحيوي
للنفط وهم يعرفون أن العراق
ثاني أكبر خزان نفطي في المنطقة.
إن الاتفاقية الأولية الموقعة
بين وزارة النفط العراقية وشركة
شيل لمشروع غاز الجنوب، وهو
مشروع منفذ فعليا وكل ما يحتاجه
هو إعادة تأهيله، تندرج في هذا
الإطار، حيث من المتوقع أن تمهد
هذه الاتفاقية السبيل أمام
الشركات النفطية العملاقة
للدخول على خط المشاريع النفطية
في مجالي التنقيب والاستخراج. 2- ومن
خلال المواقع المتخذة في بناء
وتطوير القواعد العسكرية، يجب
أن نلاحظ الدقة في اختيار
الموقع من الناحية الجغرافية،
حيث أنها تستهدف ضرب حركات
التحرر في المنطقة وتركيع قوى
المقاومة والممانعة للمخطط
الامبريالي الأمريكي في الشرق
الاوسط وتهديد الجمهورية
الإسلامية الإيرانية من الشرق
وكذلك المقاومة اللبنانية،
لحماية أمن الكيان الصهيوني. 3- حماية
أمن الكيان الصهيوني وفرض
التسوية السياسية في المنطقة
لصالح الكيان الصهيوني وفرض
هيمنته على ما يسمى بالشرق
الأوسط الكبير أو الجديد ، بعد
تقسيم الأمة العربية إلى كيانات
على أسس طائفية وعرقية ضعيفة
تشتد المعارك الجانبية بينها. ومن
وجهة نظري؛ فإن الكيان الصهيوني
لن يدوم طويلا، وقد سبقه إلى
الزوال الاستيطان الفرنسي
للجزائر والذي دام 132 عاما وعادت
الجزائر إلى الأمة العربية
وانهزم الاستعمار الفرنسي بفعل
المقاومة الجزائرية حيث قدم
الشعب الجزائري أكثر من مليون
شهيد في معركة الاستقلال
والحرية. وكذلك الحكم العنصري
للبيض في جمهورية إفريقيا
الجنوبية والذي دام حوالى أكثر
من قرنين وبفعل مقاومة السود
حصلت جنوب أفريقيا على
الاستقلال الوطني. فزوال الكيان
الصهيوني بالتأكيد سوف يأتي ومن
العوامل المعجلة هي وحدة الامة
العربية في اتخاذ مواقف مبدئية
من هذا الكيان وعدم التطبيع معه
واعتباره كيانا مغتصبا للأرض
الفلسطينية والعربية، كما أن
وحدة المقاومة الفلسطنية
وتوحيدها على برنامج وطني موحد
للاستقلال وما بعد الاستقلال،
سوف يكون عاملا حاسما في توطيد
النضال الوطني والتحرري
وتعزيزه. هناك
توقعات حول نهاية الكيان
الصهيوني حددت بإكماله المئة
عام على نشوئه للأسباب التالية : 1-
العامل الاقتصادي والدعم
الأمريكي سوف ينحسر على المدى
البعيد، لا بفعل الأزمة المالية
الخانقة والتي تعيشها
الرأسمالية العالمية، وعدم
تحملها عبء دولة الكيان
الصهيوني فحسب، وإنما كذلك
لافتقاد هذا الكيان لمقومات
الاستمرار. لقد ناقش مؤتنمر
هرتزليا الأخير في تل أبيب
السؤال التالي الذي طرح على
علماء الاجتماع والاقتصاد في
إسرائيل: هل تستطيع إسرائيل
البقاء على قيد الحياة بعد 100
عام؟ وكانت معظم النقاشات تدور
حول الحقيقة القائلةZأن إسرائيل ستظل تواجه تحديا من
محيطها، لن يكون قابلا للحل دون
تخليها عن سياسات التوسع. 2- تغلغل
المافيا الروسية وغيرها من
المافيات الدولية في داخل
الكيان الصهيوني والمجتمع،
وبذلك تصبح دولة لا تمتلك
مقومات الدولة التي تتبجح
بالديمقراطية الزائة. 3- وجود
60 في المئة من الاسرائليين
يحملون جنسيات أخرى وهذا يدلل
على الخوف من مستقبل هذه الدولة. 4-
العامل الديموغرافي بين سكان
البلد الأصليين أي الفلسطينين
والمستوطنيين، حيث معدل
الولادة في الأسرة الفلسطينية
يعادل خمسة أضعاف معدل الأسرة
الصهيونية، وبذلك سوف تكون
إسرائيل في المدى المنظور في
مواجهة القنبلة الديموغرافية
الفلسطينية. 5- إن
إسرائيل كمجتمع-معسكر لا تستطيع
البقاء في حالة طوارئ دائمة.
ولذلك سيكون للقلق من احتمال
نشوب سلسلة من الحروب
والمواجهات مع العرب، ولعل
تجربة حرب تموز التي قادها حزب
الله ببسالة نموذجية وانتصر
فيها أثره في تمزيق الوجدان"الصهيوني"
القائم على فكرة إسرائيل
المزدهرة غير الخائفة. 6- لقد
بينت تجربة التطبيع، أن إسرائيل
لن تتمكن من العيش بأمن حتى مع
الأنظمة العربية المنهزمة وأن
هذه الأنظمة لا تستطيع أن تقدم
لها أكثر من التطبيع الشكلي. إن
الوجدان الشعبي العربي-الإسلامي
الذي يرفض فكرة "وجود إسرائيل"
من الأساس، سوف يكون مصدر
التهديد الدائم لهذا الكيان،
بما يفرزه من قيم تحررية. إن
أجيالا جديدة من العرب تظهر
اليوم وستظهر في الغد وهي مفعمة
بقيم النضال، بينما تولد في
إسرائيل أجيال جديدة تدرك يوما
إثر يوم أنها تعيش في قلب مجتمع
قد ينفجر في كل لحظة من الداخل،
بفعل تناقضات مستعصية على الحل. المراجع 1- الحرب
على العراق –يوميات –وثائق –تقارير
1900-2005، مركز دراسات الوحدة
العربية. 2-
العراق من الاحتلال إلى
التحرير، د. خيري الدين حسيب،
مركز دراسات الوحدة العربية. 3-
التغلغل الإسرائيلي في العراق،
محمد الحوراني، مركز الراية. 4-
الاتفاقية الأمنية المقترحة
بين العراق والولايات المتحدة،
فؤاد قاسم الأمير، دار مصر –دار
مرتضى. 5-
القواعد الأمريكية في العراق،
موقع (over line). ـــــــــــ *كاتب
عراقي عضو المؤتمر القومي
العربي المصدر
: مداد القلم 2/4/2010 -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |