ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (2) د.
محمد سعيد حوى القاعدة
الاولى: حجية السنة النبوية:. من
بدهيات العلم واولوياته تقرير
مبدأ حجية سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم, أي انها سنة
ملزمة حجة في ذاتها واجبة
الاتباع. ومع ذلك,
فنحن بحاجة ان نقرر ذلك ابتداءً
لانه مما يؤسف له اننا نقع –
ونحن نتحدث عن منهج التعامل مع
السنة – بين تيارات. فمن
قائل ان السنة ليست بحجة ولا
ملزمة ومن قائل انها حجة لكنك
تجده يشكك في كل شيء بلا حجة ولا
برهان. ومن مدع
انه لا يلزمنا من سنة رسول الله
الا ما كان متواتراً وما عدا ذلك
انما هي ارشادات غير ملزمة. وفي
الوقت نفسه, نجد انفسنا امام
آخرين امام مبدأ حجية السنة
تجدهم يندفعون بقبول أي حديث
نسب الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم دون تحر دقيق واف. واذا ما
قام باحث ليدقق ويحرر وينقح
وينصح اتهم انه معادٍ للسنة
النبوية او اتهم بالانكار او
الابتداع.. لهذا
كله كان لا بد من تقرير مبدأ
حجية السنة والتصرف الى مكانتها
ووجوب العمل بها رداً لمزاعم من
يتهم الباحثين الراغبين في
التحقيق بالانكار ورداً لمزاعم
الرادين للعمل بالسنة تحت دعاوى
التشكيك او غير ذلك. عندما
نواجه بعض الرافضين للاخذ
بالسنة بالادلة يبادرون الى
التشكيك بما رواه ائمة الهدى من
علماء الحديث متجاهلين الجهود
العظيمة التي بذلها علماؤنا في
جمع حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم وروايته ونقده,
وتمييز صحيحه من سقيمه, والوقوف
على خفايا العلل فيه مما يمكن ان
يكون بعض الرواة الثقات قد اخطأ
فيه, فضلاً عن كشف ما اخطأ فيه,
فضلاً عن كشف ما اخطأ فيه عامة
الرواة. ومن يقف
على علوم الحديث ونقده, يدرك انه
امام علم متكامل في النقد
التاريخي للنصوص تفردت به الامة
الاسلامية. ولا
نتفاجأ بمواقف هؤلاء المغرضين
او المنكرين او المشككين لأن
رسول الله صلى الله عليه وسلم
اخبرنا عنهم فقد روى الترمذي عن
المقدام بن معدي كرب عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "الا
هل عسى رجل يبلغه الحديث عني,
وهو متكئ على اريكته فيقول:
بيننا وبينكم كتاب الله, فما
وجدنا فيه حلالاً استحللناه,
وما وجدنا فيه حراماً حرمناه,
وان ما حرم رسول الله كما حرم
الله" (سنن الترمذي 5/38) كتاب
العلم. وروى
نحوه ابو داود (4/200) في كتاب
السنة بلفظ:. الا
واني اوتيت الكتاب ومثله معه,
الا يوشك رجل شبعان على اريكته
يقول: عليكم بهذا القرآن فما
وجدتموه فيه من حلال فأحلوه, وما
وجدتم فيه من حرام فحرموه, وان
ما حرم رسول الله كما حرم الله". ولك ان
تقف مع بعض الفاظ الحديث وهو
يصور حال اولئك الرافضين لسنة
رسول الله, انه انسان مترف, ملأت
الدنيا قلبه, يتكلم بلا مسؤولية,
يلقي الكلام على عواهنه, مع ما
في نفسه من كبر واستعلاء وجهل في
آن معاً, يصور ذلك كله قوله صلى
الله عليه وسلم: "رجل شبعان
متكئ على اريكيته". ويأتي
الرد النبوي على رافضي سنته من
وجوه بأبلغ ما يكون, اذ يبين انه
صلى الله عليه وسلم:. 1-
اوتي الكتاب ومثله معه. 2-
ان ما حرم رسول الله كما حرم
الله. وتفصيل
ذلك:. ان
القرآن الذي تدعي ايها المُنكر
للسنة الاخذ به هو الذي يأمرنا
بالأخذ بكل ما جاء وثبت عن رسول
الله في آيات كثيرة:. "وما
آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم
عنه فانتهوا", "واطيعوا
الله واطيعوا الرسول", "وما
ينطق عن الهوى ان هو الا وحي
يوحي", "من يطع الرسول فقد
اطاع الله", "قل ان تحبون
الله فاتبعوني يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم". وكما ان
القرآن امر بطاعة النبي, بين ان
النبي مبين لما في الكتاب, قال
تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر
لتبين للناس ما نزل إليهم
ولعلهم يتفكرون", "وما
أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين
لهم الذي اختلفوا فيه وهدى
ورحمة لقوم يؤمنون". وعليه,
فلو اردت ان تطبق القرآن في امر
الصلاة او الزكاة او الصوم او
الحج او المعاملات وغير ذلك من
مسائل الزواج او الطلاق.. فكيف
يمكننا ذلك من غير السنة, فجاءت
آيات القرآن لتبين تلك الحقائق
وتقول لمن يزعم انه يؤمن
بالقرآن: ان القرآن يقول لك ان
بياني عند رسول الله. علاقة
السنة بالقرآن:. ومن ثم
بين العلماء علاقة السنة
بالقرآن ومكانتها من وجوه:. فهي
تفصل المجمل كتفصيل امر الصلاة
فقال صلى الله عليه وسلم:. "صلوا
كما رأيتموني أصلي". وهي
تفيد المطلق, فالله تعالى يقول:
"والسارق والسارقة فاقطعوا
أيديهما.." وجاءت السنة لتبين
ان القطع يكون من الرسغ وليس لكل
اليد. والسنة
تخصيص العام, فالله تعالى يقول:
"الذين آمنوا ولم يلبسوا
إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن
وهم مهتدون". فقال
الصحابة أينا لم يظلم نفسه..
فقال صلى الله عليه وسلم ليس ذلك
إنما هو الشرك, الم تسمعوا إلى
قوله تعالى: "إن الشرك لظلم
عظيم". وكما ان
السنة قد تؤكد احكاماً فانها
ربما قررت احكاماً سكت عنها
القرآن, وانما دل عليها القرآن
ان اجمالاً او اشارة او احالة
بأن احالنا الى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ومن ذلك:. ذكر
الدجال (بقطع النظر عن صحة بعض
التفاصيل) وتفاصيل الوضوء
والصلاة, وتحريم الجمع بين
المرأة وعمتها او خالتها. والخلاصة
انك لن تكون صحيح الاخذ بكتاب
الله سليم الايمان به الا ان
تؤمن بالسنة الصحيحة الثابتة. نعم,
لقد نقل الينا القرآن متواتراً
كله, برواية جمع عظيم عن جمع
عظيم يستحيل تواطؤهم على الكذب,
بينما نقلت السنة في معظمها بما
يعرف برواية الآحاد, لكن
العلماء وضعوا القواعد المتينة
لتمييز ما صح وما لم يصح. ومن هنا,
قلنا انه لا بد من تبين هذه
القواعد ومعرفتها وتطبيقها
بدقة متناهية, فليس كل من نسب
الى رسول الله حديثاً قبلناه,
كما انه ليس لنا ان نطعن
بمصداقية السنة لمجرد الهوى او
الرأي الخاص.. او لما تراه يتفق
مع فهمك لنص ما. فاذا ما
جاءنا عن رسول الله نص ما
اخضعناه لموازين النقد الحديثي
الدقيق متناً وسنداً. اما
سنداً فبالقواعد الحديثية
المعلومة في مظانها واما متناً
فمن خلال محاكمة النص الى
المعلوم من كتاب الله والثابت
من سنته صلى الله عليه وسلم
والمقرر من قطعيات الشريعة
وقواعدها. فالنقد
للمتن لا يكون لمجرد الرأي
والهوى والتفكير الذاتي
للانسان, وانما يكون لدلالات
الشريعة وقواعدها. وهنا
نقول قد يقع الاخذ والرد في مثل
هذه القضايا وتتباين وجهات
النظر فلا بد ان يبقى لدينا متسع
في القلوب للحوار والاجتهاد
والنظر مع التأكيد على امرين
اثنين. 1-
ضرورة ان لا يتكلم في امر
السنة الا ذو اختصاص علمي دقيق
جمع الى علم الشريعة وقواعدها
ونقهها علم النقد الحديثي. 2-
ان يكون متجرداً عن الهوى
متقياً لله ناصحاً لله ولرسوله
ولأئمة المسلمين. نموذج
لنقد المتن الشرعي:. واود ان
اضع بين يدي القارئ الكريم
انموذجاً لنقد المتن في اطار من
الضوابط الشرعية مقدماً بايجاز
وجهة نظر من يرد الحديث ومن
يدافع عنه, وكيف ان الامر في
احيان كثيرة قابل للاجتهاد
والنظر من اهله, وهذا لا يضير مع
التحري وتقوى الله:. حدث
البخاري في كتاب الانبياء رقم
3226 باسناده عن ابي هريرة قال
رسول الله: أرسل ملك الموت إلى
موسى عليه السلام فلما جاءه صكه
(ففقأ عينه, كما في بعض الروايات)
فرجع (الملَك) إلى ربه فقال:
أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت,
قال: ارجع إليه فقل له يضع يده
على متن ثور, فله بما غطت يده بكل
شعرة سنة (فلما رجع الملك إلى
موسى) قال موسى: أي رب ثم ماذا
قال الموت, قال فالآن...). هذا
الحديث في نظر البخاري وجماهير
العلماء صحيح وينتقده بعض اهل
العلم يرون ان ذلك مما حمله ابو
هريرة عن اهل الكتاب ونسب خطأ
لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وسبب النقد:. 1- هل
يتأخر أجل الانسان. 2-هل جاء
الملك قبل وقته؟ وكيف يأتي قبل
وقته. 3-هل
يسلط الانسان على الملك. 4-هل
للملك عين تفقأ. 5-هل
يستأذن احد بالموت. 6-هل يصح
ان يرفض موسى وهو النبي العظيم
لقاء الله. تساؤلات
كثيرة جعلتهم يقولون اذن هذا
مما رواه ابو هريرة عن بعض اهل
الكتاب ونسب خطأ لرسول الله
وخاصة ان الحديث روي من طريق
طاووس عن ابي هريرة من قوله كما
في احد روايات البخاري بينما
روي من طريق همام عن ابي هريرة,
من قول رسول الله. اذن
وبالرغم من وجود هذا الحديث في
صحيح البخاري فقد تعرض للنقد
سنداً ومتناً ويجيب من يراه
صحيحا. ان من
رواه مرفوعاً ثقة ثبت مقبول
الرواية وان المقصود من القصة
اخذ العبرة وان الموت حتم مهما
طالت حياة الانسان عندها يستوي
العام والألف عام وان الله جعل
الملك يأتي على صورة انسان وان
موسى سلط على الصورة الانسية لا
على الحقيقة الملكية, وهكذا ترى
ان ميدان النقد متاح ما دام في
اطار من الضوابط الشرعية
الدقيقة والتجرد العلمي والأدب
الشرعي. ومع ذلك,
فهذا لا يسمح لنا ان نطعن بصحيح
البخاري جملة وان وجد بعض النقد
لبعض الروايات. كما لا
يسمح لنا ان نشكك بسنة رسول الله
اذ بعد تقرير مبدأ حجية السنة
نؤكد انه لا بد من دقة التحري
والبحث فلا نرد بلا دليل ولا
نطعن بل مرجعية علمية, كما لا
نقبل بلا بصيرة ويبقى الاساس هو
النصح لله ولرسوله وللحديث تتمة
ان شاء الله. يتبع.. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |