ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 05/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(29)

د. محمد سعيد حوى

بينت جملة من الحقائق تترتب على قضية كون السنة فيها الصحيح المتفق عليه وفيها الصحيح المختلف فيه بين علماء الحديث انفسهم، كما ان فيها ما هو حسن او ضعيف وهذا في النهاية معنى قولنا: ظنية الثبوت, فكم من حديث صححه عالم ثم تراجع عن تصحيحه او العكس، وكم من حديث صححه عالم، وضعفه آخر وقد يكون الحديث صححه عالم وضعفه آخر وقد يكون الحديث ثابتاً من حيث سنده لكنه من حيث المتن يحتمل اوجهاً في الفهم وهذا الذي يسمى ظني الدلالة.

فاذن الاحاديث النبوية منها ما هو:.

1-        ظني الثبوت ظني الدلالة.

2-        او ظني الثبوت قطعي الدلالة, أي لا يحتمل الا معنى واحداً واضحاً.

3-        او قطعي الثبوت (المتواتر) وهو قليل جداً ولكنه مع ذلك قد يكون ظني الدلالة.

4-        او قطعي الثبوت قطعي الدلالة.

ولقد بينت ان من ثمرات ظنية السنة ثبوتاً او دلالة انه اذ اثيرت شبهة حول حديث ما كادعاء مخالفة العقل او وجد نص او هم ما لا يجوز في حق الله او رسوله فان امام الباحث – كون السنة ظنية – ثبوتاً او دلالة ميدان واسع من الاجتهاد في التعامل مع النص، فقد يلجأ الى نقد الحديث ورده او يسعى الى التوفيق او الترجيح او التوقف او التأويل ضمن اصول النقد وقواعد الفهم الشرعي من المختصين، ولولا كون السنة ظنية (في معظمها) لما كان لنا هذا الميدان الواسع من الحركة ولربما اتخذ احدهم نصاً ما ذريعة للطعن في دين الله او استغلال نص ما لتشويه الاسلام, ولا بد من ضرب بعض الامثلة للتوضيح، فمن هذه الامثلة:.

حديث معاوية بن الحكم السلمي ولا اسوقه هنا لأطعن فيه، لا أبداً ليس هذا الهدف ولكن لأبين كيف ان الاحتمال يتطرق الى بعض النصوص ومن ثم تحتمل اوجهاً من التعامل سواء من حيث السند او المتن وفي هذا توسعة على الخلق من جهة وصيانة لمعاني الاسلام والسنة من الطعن.

وعوداً الى الحديث الحديث طويل وفيه: ان جارية لمعاوية بن الحكم ترعى غنما له فذهب الذئب بشاة من غنمها، فصكَّها (ضربها على وجهها) فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك عليه، فقال يا رسول الله: أفلا اعتقها؟.

قال: ائتني بها فأتيته بها، فقال لها:.

اين الله؟ قالت: في السماء.

قال من انا؟ قالت: رسول الله.

قال: اعتقها فإنها مؤمنة.

اخرجه احمد 5/447 و5/448.

ومسلم (537) وغيرهما.

من طرق عن يحيى بن ابي كثير عن هلال بن علي بن ابي ميمونة عن عطاء بن يسار  عن معاوية بن الحكم السلمي واخرجه مالك ص 485 فقال عن هلال بن اسامة وهو هلال بن علي نفسه.

والحديث مع كونه في صحيح مسلم فقد اعله جمهرة من أهل العلم سندا ومتنا اما سندا فمداره على هلال بن علي بن ابي ميمونة.

قال ابو حاتم: شيخ يكتب حديثه (أي ضعيف يعتبر اذا توبع، ولكنه تقرر بهذا اللفظ).

وقال النسائي: ليس به بأس ووثقه الدارقطني (تهذيب 11/82).

فهذا مما اختلف في ضبطه فاذا انفرد بحديث اشتمل على ما استذكره من قضايا في المتن جعلت بعض اهل العلم لا يقبلون تفرده.

اما متناً فأمور:.

1- لماذا يتوقف النبي في اعتاقها على كونها مؤمنة، اذ ضربت ظلماً.

2- هل يعرف ايمان الانسان بمجرد ان يعتقد ان الله في السماء.

3- السؤال بأين (مما يقتضي اثبات المكان وهذا) مما يتنافى مع تنزيه الله عن المكان.

4- ان الحديث في هذا الجزء منه مضطرب متناً فقد روي بألفاظ اخرى منها:.

أ- ما اخرجه احمد في مسنده عن الشريدين سويد ان أمه اوصت ان يعتق رقبة مؤمنة.. فقال لها النبي: من ربك؟ (احمد رقم 18647) و(18636) و(17266) وهذا وان كان ظاهره في قصة اخرى فالسؤال ادق شرعاً وموافق للمعهود: "من ربك" وهذا الشاهد.

ب- ما اخرجه ابو داود (2857) بسنده عن ابي هريرة ان رجلا جاء بجارية سوداء.. (فاشارت الى السماء) أي لم تكن تتكلم فاكتفى منها بالاشارة التي تفيد انها لا تعبد المعبودات الارضية..

وفي رواية: "بجارية سوداء لا تفصح" بغية الحارث (1/24) أي ان هذا السؤال كان لعلة خاصة فاستفهم اشارة عن عقيدتها.

3- في رواية اخرجها مالك (1270) وعبدالرزاق 9/175 رقم (16814) عن الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة من رجل من الانصار جاء بأمة سوداء.. فقال لها النبي: اتشهدين ان لا اله الا الله قالت نعم: قال اتشهدين اني رسول الله قالت نعم..

وهذا سند صحيح.. وهو اولى بالقبول سنداً ومتناً اذ لا اشكال فيه..

4- واخرج الحديث عبدالرزاق (16816) عن معمر عن يحيى بن ابي كثير بن ابي كثير مرسلاً قال صك رجل جارية.. (وهو راوي حديث هلال) فقال لها: من ربك.

فتعدد هذه الروايات واختلافها فتارة "اتشهدين". وتارة (من ربك) وتارة أين الله وتارة انه اشارة.. في حكم سند الحديث, جعلت النص ظنياً يحتمل وجوهاً..

وهكذا انت ترى اثر كون الثبوت ظنياً ان الروايات تعددت واختلفت وان بعض هذه الروايات اثار اشكالا عقدياً عند بعض اهل العلم.

ومن ثم فامام كونها ظنية فالميدان فسيح امام الناقد اما ان يجتهد في الترجيح بين هذه الالفاظ واما ان يرد هذه الرواية واما ان يلجأ الى التأويل بما ينسجم مع القواعد الشرعية.

وقد أول أهل العلم قوله تعالى "وهو معكم أينما كنتم" فقالوا أي بعلمه, وأولوا قوله تعالى "أأمنتم من في السماء" قالوا أي (امره) او قالوا: (على السماء) وكله تأويل..

وربما اثبت بعضهم النص على ظاهره مع التنزيه لله فليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

والخلاصة: ان النص لما لم يكن قطعي الثبوت امكن التعامل معه بوجوه عند اهل العلم على اختلاف مذاهبهم.

يتبع..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ