عين
على سورية
2007
ـ 2008
(4)
المشهد
السياسي
السيد الأسد وحزب البعث يفوزون
في الانتخابات: لقد أمد
انتخابات البرلمان في نيسان،
والاستفتاء الرئاسي الذي أجري
في الشهر التالي، أمدا حزب
البعث الحاكم والرئيس، بشار
الأسد، بفرص لإعادة تأكيد
هيمنتهم الخاصة على مؤسسات
سورية السياسية. إن الرسالة
التي تبعثها هذه الممارسات
المدبرة إلى درجة كبيرة وراء
الكواليس، عبر التحرك الشعبي
بالدرجة الأولى أن نظام السيد
الأسد يعتمد على مؤسسات آمنة،
وأنه مجهز بشكل جيد للتعامل مع
الضغط الممارس عليه من قبل
الولايات المتحدة والقوى
الغربية الأخرى لتغيير مقاربته
تجاه لبنان، والعراق، والصراع
العربي الإسرائيلي، ولإعادة
النظر في تحالفه مع إيران
لاعتناق الإصلاح السياسي
الداخلي.
من كلا العمليتين الانتخابيتين
واللتين عقدتا في نيسان وأيار،
فإن الثانية منهما، والتي مهدت
السبيل لاستمرار حكم الأسد مدة
سبع سنوات آخرى كانت الأكثر
أهمية وقد كان هذا منعكساً في
الجهد الأكبر المبذول من قبل
السلطات للتشجيع على مشاركة
الناخبين. لقد كانت الانتخابات
البرلمانية أساساً ممارسة
لتقاسم الدعم السياسي في داخل
حزب البعث الحاكم والتشكيلات
المتحالفة معه، وقد فشل بالتالي
في استثارة الكثير من الحماسة.
بالمقابل، فإن الانتخابات
الرئاسية صورت على أنها تأكيد
على إرادة سورية الوطنية،
متجسدة في موقف السيد الأسد
الثابت في مواجهة مساعي
الولايات المتحدة للهيمنة على
المنطقة بالاشتراك مع إسرائيل.
الانتخابات البرلمانية:
وفقاً للنظام الموجود في دستور
1973 المعدل، يمنح حزب البعث
وتسعة تشكيلات موالية ثلثي
المقاعد الـ250 على الأقل، مما
يعني أن هناك مجالاً ضئيلاً لأي
نقاش سياسي ذي معنى، من المقاعد
الباقية، إن المعركة بين
المستقلين هي في أساسها صراع
على حقوق التعيين في المراكز
الحكومية، وتحريش الاختلافات
والنفعية من النظام بين مجموعات
العمل بعضها ضد بعض. وتعكس
التعليقات على مواقع الانترنت
الممنوعة رسمياً مثل (شام برس) و(أخبار
سورية) والتي تمتلكها جماعات
مصالح منافسة من داخل المؤسسة
تعكس سخرية كبيرة حول قيمة
الانتخابات، التي أجريت في 22 و23
نيسان. لقد كان هناك كذلك
تعليقات جارية مقدمة من موقع
للمعارضة مقره في الخارج،
وترتكز على تقارير من باحثين
على أرض الحدث. وتشير هذه
التقارير إلى وجود اضطرابات في
عدد من المناطق في الشمال
الشرقي من البلاد كنتيجة للتدخل
الرسمي لمنع انتخاب القادة
السياسيين الأكراد والذين
يتصرفون كمستقلين. إن تأخير
إعلان نتائج الانتخابات، والتي
ظهرت مؤخراً بعد ثلاثة أيام من
إغلاق صناديق الانتخاب، يشير
إلى أن العملية لم تجر بالسلاسة
التي أرادتها السلطات.
وفقاً لوزارة الداخلية، في نسبة
المشاركين في الانتخابات
العامة كانت 56.12% من الناخبين
الذين قاموا بالانتخاب هذا
الرقم الذي يمثل 4.2 مليون من أصل
7.4 مليون في السجل الانتخابي،
سخر منه خصوم السيد الأسد في
المنفى باعتباره مبالغة ضخمة.
وقد وصل عدد مقاعد الجبهة
الوطنية التقدمية، ائتلاف
الأحزاب التي يقودها حزب البعث،
إلى 172 مقعداً والتي ذهب 135 منها
إلى البعث، أي أكثر بخمسة مقاعد
من ثلثي المقاعد المخصصة له
بخمسة مقاعد، إن عدد المستقلين
قد تناقص إلى 78 من أصل 83. وقد قال
وزير الداخلية العميد بسام
عبدالمجيد، إن الانتخابات قد
أديرت بطريقة ديمقراطية
وصحيحة، وبدون تسجيل حوادث
أمنية خطيرة. وقال إنه تم
التعامل مع اضطراب ضئيل في
الشمال الشرقي من محافظة الرقة
من قبل الشرطة المحلية. وفقاً
لجماعة معارضة تتخذ من واشنطن
مقراً لها، وتقوم بنشر تقارير
من قبل مراقبين داخل سورية، فإن
المشاركين في الانتخابات كانوا
الأقل عدداً في التاريخ
الانتخابي السوري، لم يتجاوز
الـ20% حتى في أكثر المناطق
الانتخابية نشاطاً. وقد دعت (جبهة
الخلاص الوطني) المعارضة
المنفية، دعت السوريين إلى
مقاطعة الانتخابات.
الرئيس الأسد يحصل على تفويض
بالإجماع تقريباً:
إن العنصر الأول على أجندة
البرلمان الجديد كان التأكيد
على الرئيس باعتباره مرشحها
للاستفتاء الشعبي الرئاسي،
والذي كان مقرراً في 27 أيار. وقد
حصل الأسد كما كان متوقعاً على
مدة سبع سنوات أخرى في الرئاسة
تقريباً بالتأييد بالإجماع 11.7
مليون سوري والذين كانوا مؤهلين
للتصويت في الاستفتاء. وقد تم
إبراز الحدث باحتفالات سخية
استغرقت معظم الأسبوع. على
اعتبار تأكيد شرعية الأسد، يبدو
أنه كان من المهم أن يكون
التصويت للفترة الثانية أكثر
إثارة من الاستفتاء الأول في
تموز 2000، بعد أن تم لي القوانين
الدستورية للسماح له بتسلم
السلطة من والده الراحل حافظ
الأسد، والذي حكم سورية لمدة 30
عاماً. وقد ادعي أن التصويت بـ (نعم)
كان هذه المرة بما نسبته 97.62%
وذلك بتصويت 11.2 مليون شخص للسيد
الأسد، بحضور بلغت نسبته 95.86%.
وكان مجموع التصويت بـ (لا) 19.653
وكان هناك ما يقدر 253.059 صوتاً
تالفاً. في عام 2000 حصد السيد
الأسد 8.7 مليون صوت، بمعدل تأييد
بلغ 97.29%، إن الهامش الأعلى هذه
المرة يرجع الدعم إلى الحجة
التي قدمها مسؤولو الحكومة بأن
الظروف في سورية قد تحسنت خلال
فترة السيد الأسد الأولى. إن
المشاركة الجماهيرية الظاهرة
في الاستفتاء تقدم كذلك تباينا
مع الحضور الأدنى في الانتخابات
البرلمانية مما يبعث برسالة
مفادها أن الرئيس الأسد هو أكثر
شعبية حتى من حزب البعث.
النظام يتحرك للتضييق على
الانتقادات:
في وسط الانتقادات التي أحاطت
بإعادة انتخاب السيد الأسد،
أعطى النظام إشارة حية على عدم
تسامحه مع النقد. ففي الأشهر
القليلة الفائتة، قامت أجهزته
الأمنية بالتضييق على حفنة من
محاميي حقوق الإنسان والمثقفين
الذين تجرؤوا على التعبير عن
رؤى معارضة. وقد أثار هذا السؤال
عن سبب كون إجراءات قاسية كهذه
ضرورية إذا كان الأمر كما يدعي
النظام، بأن هذه الرؤى غير
معبرة وإذا كان السيد الأسد
يتمتع بتأييد شامل كهذا. كرد،
صورت السلطات المعارضين كعملاء
للقوى الخارجية، وصورت
الإجراءات القاسية ضدهم كجزء من
فلسفة الأسد للمقاومة ضد الخطط
العدائية الأمريكية والفرنسية
والإسرائيلية والبريطانية ودول
عربية معينة.
لقد بدأت سلسلة الأحكام الأخيرة
التي أقرتها محكمة أمن الدولة
ضد المعارضين في 24 نيسان، عندما
حكم على أنور البني وهو محام
لحقوق الإنسان، بخمس سنوات من
السجن بتهمة إضعاف الشعور
القومي. كما أنه أمر بدفع غرامة
مقدارها 2000 دولار أمريكي كتعويض
لوزارة العدل والشؤون
الاجتماعية عن مبالغ تلقاها من
الاتحاد الأوربي لتأسيس مركز
لحقوق الإنسان (والذي تم إغلاقه
في آذار 2006، بعد أسبوع واحد من
فتحه). وقد تم اعتقال السيد
البني في أيار 2006 إلى جوار عدة
موقعين آخرين على إعلان بيروت ـ
دمشق، الذي دعا الحكومة السورية
إلى احترام قرار الأمم المتحدة
الداعي إلى إقامة علاقات طبيعية
مع لبنان. في 13 أيار، تم الحكم
على اثنين آخرين من الموقعين
على نفس الإعلان، ميشيل كيلو
ومحمد عيسى، لمدة ثلاث سنوات في
السجن، وقد حكم على اثنين آخرين
غيابياً، وهما مختفيان، بعشر
سنوات لكل منهما، خمس سنوات
لإضعاف الشعور القومي وخمس
سنوات لتحريض دولة أجنبية على
مهاجمة سورية. وقد احتفظ
بالمعاملة الأقسى لكمال
اللبواني، والذي حكم عليه في 10
أيار بالسجن مدى الحياة،
استبدلت بـ12 سنة مع الأشغال
الشاقة، لتحريض دولة أجنبية على
مهاجمة سورية. وقد تم اعتقال
اللبواني، الذي أسس مجموعة
اسمها التجمع الليبرالي
الديموقراطي، في تشرين ثاني 2005
لدى وصوله إلى مطار دمشق بعد
رحلة إلى أروبة وأمريكا للدعوة
لدعم الإصلاح السياسي في سورية.
يتبــــع
|