ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هل
يمكن تجاوز مشاكل المياه في
مصر؟ أ.د/جمال
ابراهيم – استاذ جامعي يشكل الإيراد المائي
لنهر النيل القسم الرئيسي و
الحاسم في إجمالي الإيراد
المائي لمصر ، و يسهم نهر النيل
بما يقرب من 55 و نصف المليار متر
مكعب من المياه سنويا تمثل حصة
مصر من مياه النيل وفق
الاتفاقية المعقودة مع السودان
في عام 1959 ، ويلي نهر النيل في
الأهمية الإيراد المائي من
المياه الجوفية و الذي يقترب من
الستة مليارات من الأمتار
المكعبة سنويا ، و لا تشكل
الأمطار مصدرا يعتد به للمياه
في مصر ولم يتجاوز المستخدم
منها حتى الآن اكثر من نصف
المليار من الأمتار المكعبة
سنويا وذلك في زراعة بعض أنواع
الحبوب في المناطق الساحلية.و في السطور التالية سوف
نتناول بشيء من التفصيل طبيعة
الموارد المائية و مشكلات
تنميتها. نهر النيل : يستقبل النيل ماءه من مصدرين كبيرين : إقليم البحيرات الاستوائية بنبعها وأمطارها الهاطلة والهضبة الأثيوبية بأمطارها الموسمية الصيفية. وإقليم البحيرات الاستوائية يبدأ في بحيرة فيكتوريا وهي بمثابة جسم ضخم من الماء العذب تبلغ مساحته السطحية 69485 كم2، وقرابة ثلث التدفق الكلي للبحيرة مستمد من منابع نهر كاجيرا الواقع في جنوبها الغربي، وتقع معظم أراضى راوندا وبوروندي في هذا الحوض في حين يقع 33% و 10 % من مستجمع الأمطار داخل أراضى تنزانيا وأوغندا علي التوالي . ومن بحيرة فيكتوريا ينبع نهر فيكتوريا الذي يقطع بحيرة كيوجا الضحلة المتعددة الأذرع ثم ينحدر بسرعة إلى بحيرة البرت مرورا بشلالات مورشيسون. ومتوسط التصرفات السنوية لهذه الشبكة البحيرية يبلغ 32 مليار م3، وبعد مغادرته لبحيرة البرت يتدفق النهر بهدوء لحوالي 225 كم بين ضفاف مستنقعيه إلى تيمولي علي الحدود الأوغندية السودانية، لحوالي 210 كم ليصل إلى سهول السودان. ويرتفع منسوب بحيرة فيكتوريا عن منسوب النهر في جدوبا عند الفيضان بمقدار 680 مترا مما يؤدي إلى انسياب المياه بسرعة نسبيا، أما من جوبا إلى ملكال فان قاع النهر يتسطح لمسافة 958 كم وينحدر بنحو 69 متر فقط خلال تلك المسافة ، وعلي طول هذا الامتداد يفيض النهر علي ضفتيه مكونا منطقة من المستنقعات المعروفة باليم “السد” ويمتد هذا المستنقع الدائم حوالي 6000 كم 2 ، ويوجد به الجزء التالي من النهر والمعروف باسم “ بحر الجيل " ويفقد حوالي 14 مليار متر مكعب من الماء خلال البخر والنتح في هذه المنطقة وخلال إقليم السد يحافظ النهر علي سرعة بطيئة نسبيا في مسار متعرج إلى أن يتصل برافد “ بحر الغزال" الكبير الذي يستقبل مياهه من فرعي " نيل الكنغو" ونيل تشاد" اللذان ينبعان من زائير
النيل الأزرق 59% - نهر عطبره 13 % - نهر سوباط 14% - بحر الجبل 14%. ويتراوح الإيراد المائي لنهر النيل بين 62 مليار متر مكعب و133 مليار ( مسجل علي مدى قرن من الزمان ) بمتوسط إيراد 84 مليار متر مكعب. إن هذا التفاوت الشديد في الإيراد السنوي لنهر النيل بالإضافة إلى التفاوت الحدي فيإيراده الشهري والذي يترواح بين 2 مليار متر مكعب و 25 مليار متر مكعب شهريا اشترط من البداية نوعيه من التخزين لمياه النيل، والتخزين الموسمي والذي يهدف إلى تخفيف حده التفاوت الشهري في الإيراد المائي وثانيا التخزين القرني والذي يهدف إلى تخفيف اثر التفاوت السنوي في الإيراد. وخلال رحله السيطرة علي مياه النيل وضبطها، أقيمت العديد من المشروعات عبر ما يزيد عن قرن ونصف من الزمان بهدف التخزين الموسمي للمياه. وكان من أبرزها خزان أسوان والذي انتهت تعليته الثالثة في عام 1933 ، وسد سفار والذي أقيم علي النيل الأزرق لصالح مشروع الجزيرة عام 1925، وسد جبل الأولياء والذي أقيم علي النيل الأبيض ليحجز مياه السوباط لصالح مصر خلال الخريف، وشد حشم القرية والمقام علي نهر عطبرة لصالح النوبيين الذي تم تهجيرهم من مواطنهم الأصلي في عام 1966، وسد الروصيرص والذي أقيم علي النيل الأزرق عام 1966 من اجل مشروع منادل الذي هو بمثابة امتداد لمشروع الجزيرة في السودان . إن مشروعات التخزين الموسمي فضلا عن سعتها التخزينية المحدودة لم تتغلب علي مشكلة التنبؤ بإيراد النيل ومن اجل تحقيق ذلك تم إنشاء السد العالي في أسوان والذي وفر 32 مليار متر مكعب من الماء سنويا يفقد منها 10 مليارات بالبخر والرشح ويتبقى للاستخدام 22 مليار كانت تصب في البحر .وبالإضافة إلى ذلك أمكن مد الخزان الجديد (بحيرة ناصر) بحوالي 11.5 مليار متر مكعب سنويا في الفترة من 1964 إلى 1974، حتى وصل إلى طاقاته القصوى وهي 130 مليار متر مكعب، وقد قدم العون في فتره انخفاض الإيراد- من 82 إلى 88 - للحفاظ علي متطلبات الزراعة في مصر والسودان في هذه الفترة. مشروعات أعالي النيل: وعلى الرغم من المشروعات المقامة فعلا علي امتداد نهر النيل والتي لقيت ولا تزال دوراً حيويا - وخصوصا السد العالي - في السيطرة على مياه النيل إلا أن الفاقد في المياه الواردةإلى النهر ما يزال مرتفعا بشكل مؤثر وخصوصا في إقليم السد والذي يهدر فيه من المياه ما يقترب من استخدامات مصر الزراعية من مياه النيل. ( 50 مليار متر مكعب سنويا). وقد اقترحت العديد من المشروعات في أعالي النيل بهدف الاستفادة من المياه المهدرة ، تبنت منها هيئه مياه النيل باتفاق الجانب المصري والسودان اربعة مشروعات يمكنها أن توفر ما يقرب من 18 مليار متر مكعب يتم توزيعها مناصفة بين البلدين، وهذه المشروعات هي : * قناة جونجلى : والهدف من إقامتها إنقاذ جانب من المياه المهدرة خلال مرورها في إقليم السد ، وذلك بتغير مجرى النهر وتحويله حول المستنقع، ومن اجل هذا الغرض ستتجه القناة شمال جوبا عند "بور" ثم تلتف شرقا حول المستنقع لحوالي 280 كم لتسليم إيرادها إلى النيل عند ملكالوقد تم تصميم هذا القناة لحمل 7 مليارات متر مكعب تكون متاحة لمصر والسودان خلال الموسم الممتد من ديسمبر إلى يوليو. والمرحلة الأولى من قناة جونجلي ما تزال تحت الإنشاء في الوقت الحالي وقد تم تنفيذ حوالي 70% من أعمال الحفر إلا انها توقفت للظروف الأمنية في الجنوب السوداني (تاريخ بدأ المشروع 1981 !!!!) . * مشروع مشار : ويهدف
إلى توفير ما مقداره أربعة
مليارات من الأمتار المكعبة
وذلك من خلال إنشاء قناة تحويل
لتجنب مستنقعات مشار التي يمر
بها نهر سوباط * مشروع بحر الغزال : ويهدف إلى توفير 7 مليارات من الأمتار المكعبة وذلك من خلال إنشاء قناة تحويل لتحاشي المستنقعات التي يمر بها بحر الغزال وكذلك إقامة سد علي بحيرة البرت لاستخدامها في التخزين القرني . وهذا المشروع يتطلب بالضرورة اكتمال قناة جونجلي ووصولها إلى السعه التصمصميه أي استكمال المرحلة الأولى وإنجاز الثانية. إذن فالحصيلة المتوقعة من زيادة إيراد النيل من خلال تنفيذ المشروعاتالمقترحة يمكن أن تبلغ 18 مليار متر مكعب، تتقاسمها مصر والسودان. ويقف دون تحقيق هذه الزيادة الحيوية في إيراد النيل عددا من العقبات الهامة يمكن تناولها من محاور مختلفة : - الاقتصادي : وسوف تقتصر في تناولنا للمحددات الاقتصادية علي جانب التكلفة نظرا لأهميته النسبية،ويحتاج الأمر إلى معيار مناسب لمقارنه التكلفة الاقتصادية للمشروعات السنوية في هذا الخصوص . وفي أحد التقديرات
التكلفة الــ 1000 متر مكعب من
الإيراد المحتمل لمشروعات
أعالي النيل، حوالي 10 جنيهات
مصريه في عام 1985، ( أي ما يقرب من
100 جنية 2003 ) وهو رقم تكلفة
منخفضة إلى حد كبير بالقياس
لمختلف بدائل تنمية الموارد
المائية و التي يعكسها الجدول
التالي[1]:
. وبشكل عام يمكن القول بأن مشروعات أعالي النيل في حاله تنفيذها تعتبر من المشروعات الملائمة في تكلفتها الاقتصادية النسبية . ومن الجانب السياسي فهناك عقبات عديدة تقف دون تنفيذ مشروعات أعالي النيل في الوقت الحالي، فمعظم مشروعات أعالي النيل تحتاج إلى موافقة دول أخرى غير مصر والسودان، فمشروع مشار يتطلب إقامة سد في جامبيلا بأثيوبيا، والمرحلة الثانية من قناة جونجلي تحتاج للتعاون مع زائير وأوغندا ومن ناحية أخرى فان المشروعات المحتملة لإنقاذ 4-5 مليار متر مكعب اعتمادا علي التخزين في بحيرة البرت و فيكتوريا يحتاج للتعاون مع دول ست هي كينيا وأوغندا، زائير ، تنزانيا، رواندا وبوروندي. وقبل تجاوز مسألة التعاون مع هذه الدول و الذي تجلت صعوبته الشديدة في الآونة الأخيرة بعد الإتفاق الإطاري بين اثيوبيا و عدد آخر من دول حوض النيل علي اطار جديد لتقاسم المياه, فهناك الاعتراض القائم من قبل أهالي جنوب السودان - المرشح للإنفصال في 2011 - والذي يمكن أن تتأثر مراعيهم وبالتالي اقتصادهم بتجفيف إقليم السد. ومن الزوايا البيئية
، ورغم الافتقار إلى دراسات
علميه يعتمد عليها في هذا الأمر
إلا أن هناك بعض التقديرات
العامة لأثر مشروعات أعالي
النيل البيئية، يبدو أهمها أن
زيادة المخزون في بحيرة
فيكتوريا يمكن أن يهدد الأراضي
الزراعية المنخفضة في أوغندا أو
كينيا تهديدا خطيرا وبالتالي
فان هناك حدودا لما يمكن تخزينه
في البحيرة ومن ناحية أخرى فان
إقامة قنوات التحويل المختلفة :
جونجلي و غيرها سوف يؤدي إلى
تجفيف المستنقعات، مما قد يصيب
بالضرر البيئة الحالية
وتوازنها . المياه الجوفية: عند سقوط الأمطار ، ينساب جزء من الماء الساقط علي سطح الأرض مكونا مجاري مائية، بينما يتسرب جانب آخر من خلال التربة متجها إلى اسفل بفعل الجاذبية إلى أن يقابل طبقة صماء فيسير في التراكيب ألا رضيه المسامية إلى أن يصل إلى البحر ، أو يبقى محبوسا إذا ما تخلل تركيب مسامي محصور بين تركيبين غير منفذين. وتظل المياه في هذه الحالة محبوسة في التركيب المسامي ما لم تنفجر في صوره ينابيع طبيعية أو تستخرج بفعل الإنسان من خلال الآبار ، ويعرف هذا التركيب المشبع بالماء بالخزان الجوفي، وهو قد يكون صغيرا لا يتجاوز مخزونة عده ملايين من الأمتار المكعبة أو كبير يحتوي علي عده مليارات ، ومن أهم التراكيب الصخرية المسامية التي تتشبع بالماء وتحتفظ به الحجر الطباشير والذي ينتشر في المشرق العربي والحجر الرملي والذي ينتشر في وادي النيل والمغرب العربي وشبه الجزيرة العربية . و التقديرات المتغيرة دوما تشير إلي أن المعدل الآمن و الممكن الوصول إليه في تنمية الموارد المائية في مصر يمكن أن يصل إلى ما يقرب من 7 مليارات متر مكعب سنويا (عام 2003 ) ، و يتم الآن استخراج ما يزيد قليلاعن المليارات الستة سنويا أي اكثر من 85 % من الحد الأقصى المسموح به. وابرز محددات الحد الأقصى لاستخراج المياه من باطن الأرض هو انخفاض منسوب المياه الجوفية بما يسمح لمياه البحر بالتقدم إلي الخزان الجوفي و رفع مستوى الملوحة للمياه الجوفية مما يشكل الخطر الأساسي على نوعية المياه و صلاحيتها لمختلف الاستخدامات. والسحب الجائر والذي يؤدي إلى نضوب الآبار السريع وزيادة ملوحتها، من أهم المشكلات التي تواجهة تنمية استخدام المياه الجوفية في المحافظات الشمالية في مصر , و معروف ان نفس المشكلات قد أثرت علي الموارد المائية في دولة الكيان الصهيوني وزادت من اعتمادهم علي مياه الضفة الغربية الجوفية التي يتم سحبها وحقن المناطق الساحلية لوقف زحف الموجه المالحة إليالآبار. ومعروف أن تكلفة استخراج المياه الجوفية تزداد كلما بعدت الآبار عن المصادر التقليدية للطاقة، وقد تم دراسة نموذجا جديدا لازدواج استخدام الطاقة الشمسية مع رفع المياه من الآبار في المناطق البعيدة ( وادي والعوينات- جنوب أسوان) إلا انه ما يزال
نموذجا تجريبيا ولم يعمم
لاحتياجه إلى مزيد من التجارب
والدراسات التي تهدف أي خفض
التكلفة إلى اقل حد ممكن
واقترابها من تكلفة استخدام
الطاقة التقليدية في المناطق
القريبة، والدراسة قد أشارت إلى
ارتفاع تكلفة استخدام الطاقة
الشمسية في الرفع بنسبة 60% من
الطاقة التقليدية وبشكل عام فان
ازدواج استخدام الطاقة الشمسية
في الرفع اثبت كفاءه وقدره
مقبولة تبشر بنجاحه. تمويل
المشروعات المائية: فيما عدا السعودية ودول الخليج فإن تمويل الاستثمارات الأزمة لخطط تنمية الموارد المائية في نطاق الدول العربية بالمنطقة يبدو أهم العقبات التي تحول دون تبني استراتيجية واضحة المعالم تهدف إلى تحقيق الاستغلال الأمثل لمقدرات المنطقة المائية. ويرجع هذا بدرجة كبيرة إلى طبيعة نمط تمويل الاستثمارات المقيد والمشوه فيجميع بلدان المنطقة، والتي يعكسها التشوه الذي صاحب نمو هياكلها الاقتصادية خلال فتره انخراطها الطويلة في السوق الرأسمالي العالمي في مختلف مراحل تطوره وحتى الآن.(نمو مفرط في القطاعات الخدمية وقطاعات الإنتاج ألاوليه وتقلص مزمن في قطاعات الإنتاج الديناميكية والتي تسهم بدورها في توسيع السوق المحلي) وإذا كانت المحاولات الوطنية التي سعت إلى تحسين هيكل التمويل الكالح إبان الحرب العالمية الثانية قد أسهمت بدرجات متفاوتة في تعديل الصورة إلا أن الضغوط العديدة التي مورست علي دول المنطقة (ومن بينها العدوان الصهيوني) قد أفلحت في قبول مقتضيات التكيف مع النظام الدولي والتي من أبرزها التنازل عن جانب أساسي من حريتها في تقرير أولويات تمويل خططها التنموية ومن الطبيعي أن هامش الحرية المتاح في تحديد أولويات الاستثمار يتقلص كلما زادت الاستجابة والرضوخ لمقتضيات التكيف مع النظام الدولي . وعندما يلتقي هذا الاتجاه العام مع موقف واضح وقديم من دول الغرب الكبرى إزاء مسألة المياه في المنطقة (الموقف من تمويل السد العالي قديما- والموقف الحالي من تمويل المشروعات ذات ألاولويه) فمن الطبيعي استبعاد التمويل الخارجي من ترسيمة تمويل مشروعات ذات أولوية في مجال تنمية الموارد المائية في المنطقة. كما أن شكوكا أكيدة يصعب التخلص منها إزاء موقف الادخار المحلي وقدرته علي القيام بالدور الحاسم في هذا الصدد. فمعروف أن التمويل الخارجي والذي يحدد بداية طبيعة النشاط المستثمر فيه يشترط في جميع الأحوالالتزاوج مع جانب من الادخار المحلي بهدف استنفاذه في اوجه النشاط التي يراها النظام الدولي ذات اولوية بالنسبة لمصالحه. يضاف إلى ذلك أن التورط المتزايد في دائرة التمويل الخارجي تقتضي تخصيص جانب أساسي من الفائض الاقتصادي المتاح لسداد الديون. وفي حاله مصر مثلا، حددت استراتيجية تطوير واستخدام الموارد المائية (المخطط الرئيسي للموارد المائية) ثلاثة بدائل تغطي الفترة من 1981 -2000 تراوح حجم الاستثمار الإجمالي المقدر لها بين 11 مليار و 14 مليار جنيه مصري (بأسعار 1980) . وفي متابعة الدكتور محمد ابو مندور (كتاب أزمة مياه النيل) لمدى الالتزام بهذا المخطط وجد أن معدل الاستثمار المتحقق إلى استثمار المستهدف لم يزد عن 26 % في الخطة الخمسية (82-86) ، كما انخفض بشكل ملحوظ في الخطة التالية (87-91) ولم يتجاوز الـ 11 % من الاستثمار المطلوب ، ومن المثير للانتباه- الكلام للدكتور محمد ابو مندور- انه في الوقت الذي تصاعدت فيه أزمة نقص المياه خلال الخطة السابقة ، وعند التحضير للخطة التالية، فإن هذا الوضع لم ينعكس في الإحساس بالقلق ومن ثم زيادة الاستثمار اللازمة في الخطة التالية مقارنه الأولى، بل لوحظ علي العكس أن المستهدف من الاستثمارات فيها كان اقل بكثير منه في الخطة الأولى. من الواضح أن العجز في تمويل الاستثمارات المائية- المختارة والمحددة في المخطط الحكومي لمصري- يتزايد بشكل ملموس، يتزامن هذا العجز من الرضوخ المتزايد لشروط صندوق النقد الدولي (طليعة التمويل الأجنبي في مسيره ما يسمى "الإصلاح الاقتصادي" للحكومة المصرية) ، أو بمعنى آخر الرضوخ لمقتضيات التكييف مع النظام الدولي. ولا نرى هذا الارتباط تعسفيا عليالإطلاق بل نرى فيه التفسير الأساسي للعجز المتزايد عن تمويل الاستثمارات في جميع اوجه النشاط الديناميكية بما فيها تنمية الموارد المائية. والذي يأتي كنتيجة طبيعة لتقييد الإرادة الوطنية في ترتيب أولويات الاستثمار. من
الواضح إن تنمية الموارد
النيلية من خلال المشروعات التي
سبق تناولها ، يواجه العديد من
المشكلات : التمويل – تعارض
المصالح مع دول حوض النيل –
الإخلال بالنظام البيئي لحوض
النيل في المواقع المقترحة لتلك
المشروعات – مصالح النظام
الرأسمالي العالمي في تفتيت
النظم و الوحدات الإقليمية و
خصوصا وحدة وادي النيل. ومن جانب
آخر فان تنمية الموارد الجوفية
قد وصل في مصر إلي مستوى متقدم –
قد يكون جائرا في بعض الأحيان –
ولم يعد ممكنا زيادة الموارد
المائية الجوفية بأكثر من
المليار متر مكعب في هذه الآونة.
لم يتبق إذن غير محور أساسي واحد
وهو ترشيد استخدام المياه في
مصر ، وهو ما سيتم تناوله في
السطور التالية. ترشيد
استخدام المياه في مصر : تقدر
كمية المياه المستخدمة في مصر
في الوقت الحالي بحوالي 76 مليار
متر مكعب !! ، يسهم فيها نهر
النيل بحوالي 55,5 مليار
متر مكعب و المياه الجوفية
بحوالي 6,5 مليار
متر مكعب وهى كما أسلفنا تشكل
الموارد الأساسية للمياه في مصر
في حين تأتى بقية المياه
المستخدمة و التي تبلغ حوالي 14
مليار متر مكعب من إعادة
استخدام جانب من مياه الصرف
الزراعي ( حوالي 11,5 مليار متر
مكعب ) و الباقي من الوفورات
المائية خلف السد ( حصة السودان
غير المستخدمة). و تستخدم المياه
على الوجه التالي: 1. الزراعة:
تستحوذ على نصيب الأسد و يصل ما
تستهلكه في السنة الواحدة إلي
ما يقرب من 50 مليار متر مكعب.
2. الصناعة:
و تستهلك ما يقرب من 12 مليار من
الأمتار المكعبة.
3. الاستهلاك
المنزلي: و يصل إلي ما يقرب من
السبعة مليارات.
4. الملاحة:
حوالي 4 مليار متر مكعب ( للحفاظ
على منسوب ثابت يسمح للبواخر و
السفن النيلية بالحركة)
5. استخدامات
أخرى: وهى استخدامات متنوعة
تستهلك ما يقرب من 3 مليار متر
مكعب. ويبلغ متوسط استخدام
الفرد من المياه في مصر اقل من
1000 متر مكعب سنويا ، وهو معدل
يقل كثيرا عن الدول المطيرة و
الصناعية المتقدمة. ويبدو أن
الأمل اصبح لصيقا بأعمال ترشيد
الاستخدام لدفع التنمية
الاقتصادية و الاجتماعية
بالمعدلات المأمولة. خصوصا
عندما نرى بعض الدراسات تشير
إلي إمكانية توفير ما يقرب من
المليارات العشرة عند اتباع بعض
أساليب ترشيد الاستخدام و التي
أبرزها: تطوير وسائل نقل
المياه – تطوير الري الحقلي –
تعديل التركيب المحصولي –
استخدام أصناف جديدة مقاومة
للجفاف سريعة النضج – إعادة
استخدام مياه الصرف الزراعي. أولا
: تطوير وسائل نقل المياه
: المقصود
بوسائل نقل المياه ، مجموعة
الترع و القنوات و المساقي التي
تقوم بنقل المياه من مصدرها إلى
الحقول ، معروف أن مصر و سوريا و
العراق و السودان (أحواض انهار
أساسا) تعتمد على شبكة من
القنوات المفتوحةلنقل المياه. واستخدام هذا
النظام في نقل المياه يؤدي إلي
هدر نسبة ملموسة منها من خلال
البخر و الترسيب في باطن الأرض
يصل إلى 40% منها و لا يتوقف قدر
تسرب المياه في باطن الأرض علي
خفض كميات مؤثرة من المياه بل
يتخطاها إلى تهديد خصوبة التربة
الزراعية و إنتاجيتها نتيجة
ارتفاع منسوب المياه الأرضية (مشروع
الصرف المغطى في وسط الدلتا). وهناك وسائل عديدة
لخفض المياه المهدر من القنوات
المفتوحة أهمها: -
تبطين
القنوات بمواد غير منفذه للماء
تحول دون فقد المياه عن طريق
الرشح. -
تغطية أسطح
القنوات الصغيرة للحيلولة دون
فقد المياه بالبخر. -استخدام
المواسير المدفونة (PVC)
تحت سطح الأرض لعمق مناسب بدلا
من القنوات الصغيرة ، بالإضافة
إلي توفيرها للمياه المهدرة من
خلال الرشح أو البخر فإنها توفر
مساحة إضافية من الأراضي كان
مشغولا بهذه القنوات. وبديهي أن النظام
الأمثل لنقل المياه لكسب أعلى
معدل من المياه المهدرة هو نظامالنقل و التوزيع بالأنابيب
، فهو يعمل علي وقف المياه
المهدرة بالبخر و الرشح معا
بالإضافة إلي فوائده المحققة في
اكتساب مساحة جديدة من الأراضي
كانت تستخدم في شق القنوات
المفتوحة ، و أيضا تحقيق مزيدا
من التحكم في توزيع المياه و
بالتالي خفض الفائض من جراء سوء
التوزيع ، كما أنه تنفيذه يحول
دون ارتفاع منسوب المياه
الأرضية و تلافي آثارها السلبية
على الإنتاجية الزراعية. ثانيا:
تطوير وسائل الري الحقلي: يمكنتصنيف وسائل الري الحقلي
إلي ثلاثة أنواع أساسية. أ- الري بالغمر (الري
السطحي) معروف انه اقل نظم الري
كفاءة في استخدام المياه ، لا
تتجاوز كفاءه استخدام المياه
قيمة60% و ترجع أسباب انتشار هذا
النوع من الري ليسود اكثر من 90%
من الأرض المزروعة في مناطق
الجوار (باستثناء الإرض المحتلة)
إلى فاعليته في غسل التربة من
الأملاح بالإضافة إلى سهولة
التشغيل و الصيانة و انخفاض
تكلفته الاستثمارية ، و اتجاهات
تطوير الري السطحي بهدف رفع
كفاءته عديدة و متنوعة ، و
بالإضافة إلي استخدام شبكات
التوزيع المدفونة و تبطين
القنوات وغيرها من طرق خفض
الفاقد فقد تم تطوير عدة طرق
للري السطحي ، مثل طريقة
الأنابيب البوابية ، و تتلخص
الطريقة في استخدام أنابيب
مصنوعة من البلاستيك سهلة الفك
و التركيب أو خراطيم سهلة الطيذات أقطار مناسبة ولها
بوابات أو فتحات على مسافات
مناسبة يمكن أن تتحكم في كمية و
معدل تصرف الماء بدءا من السماح
بقطرات قليلة إلي بضعة عشرات من
اللترات في الساعة وذات تبعا
للحاجة، و عندما يكون توصيل
الماء إلى الحقل يتم بواسطة
شبكة من الأنابيب المدفونة تحت
سطح التربة ذات مخارج أعلى
السطح على مسافات مناسبة، يتم
تخطيط الأرضوتقسيمها إلي شرائح و يركب
الأنبوب البوابي بحيث يكون
عموديا على اتجاه التخطيط و
تنظيم الفتحات البوابية بحيث
تتفق المسافات بينهما مع
المسافات بين الخطوط وذلكيتم بضبط تصرف أي مقدار ، من
الماء ، ثم يفتح صنبور أنبوب
الري فيتدفق الماء في الخرطوم
البوابى و ينساب من الفتحات إلي
الخطوط بحيث يملؤها بالقدر
المطلوب في الزمن المحدد سلفا و
بعد انتهاء الرى يتم فك
الأنابيب البوابية أو الخراطيم
إذا لزم الأمر لاستخدامها في
مكان آخر أو تترك لحين موعد الرى
التالية . وتحقق
طريقة الرى بالأنابيب البوابيه
مزايا عديدة بالمقارنة بالري
السطحي التقليدي ، فهي تحقق
أعلى درجة من التحكم في استخدام
الماء ، كذلك يمكن باتباعها ري
شرائح تمتد بطول الحقل حتى و لو
كان عدة كيلومترات بدون الحاجة
إلي إقامة حدود أو بدون استخدام
الآلات الزراعية . و نظرا لخفة
وزن الأنابيب و مرونتها وسهولة
فكها و تركيبها ، يمكن
استخدامها بسهولة و يسر فيتم
تركيبها قبل الرى و استخدامها و
فكها و نقلها إلي حقل آخر بأقل
مجهود . و هي توفر الأجزاء
المقطوعة من الأرض على شكل حدود
و بتون و يمكنها أن تتلقى المياه
من أنابيب سفلية أو أعلى سطح
الأرض أو أي وسيلة لنقل المياه . إن تطوير طرق الرى
السطحي يمكن أن يضيف ما لا يقل
عن 10% من المياه المستخدمة في
الزراعة ، أي يمكن أن يضيف ما
يقرب من 4 مليار متر مكعب من
المياه إلى إجمالي الموارد
المائية في مصر على سبيل المثال
. و رغم انخفاض التكلفة
النسبية لتطوير نظم الري السطحي
و عدم الحاجة إلي استيراد
للتكنولوجيا أو الخامات و
المواد الأولية في تصنيع نظم
الرى المطورة إلا أن انتشار
النظم الحديثة في الري السطحي
تكتنفه العديد من العقبات يبرز
على رأسها جميعا سيادة زراعة
الحيازات صغيرة المساحة في مصر
و التي تعني الارتفاع النسبي
لتكلفة التطوير بالمقارنة مع
تكلفة الحيازات الكبيرة. و
تجاوز هذا العائق يعتمد بالأساس
على تجاوز تخلف علاقات الإنتاج
الحالية في أرياف مصر و التي أدت
إلي شكل كالح للحيازة الزراعية
و ذلك من خلال العلاقات
التعاونية و التجميع الزراعي . ب) الري بالرش
الري بالرشهو تقليد للري المطري الطبيعي ، و الغرض من استخدامه هو توفير الماء و ري الأراضي غير المستوية . و نظام الري بالرش يتكون أساسا من أنابيب لنقل المياه و رشاشات تقذف الماء في شكل رذاذ و مضخة لدفع الماء في الأنابيب تحت ضغط مناسب و ابرز أنظمته : الرشاشات الدوارة : و تستخدم في هذه الحالة مضخة مناسبة لدفع الماء و خطوط من الأنابيب لتوصيل الماء متصل بها محاور عمودية أنبوبية يركب في كل منها رشاشة أو اثنين مائلتان تدوران تحت تأثير ضغط الماء في حركة دورانية و يندفع منها الماء في شكل رذاذ يغطي دوائر يختلف قطرها تبعا لمقدار ضغط الماء المستخدم و يتم توزيع الرشاشات في الحقل تبعا لدوائر تأثير الرشاشة الواحدة بحيث يؤمن ري المساحة المطلوبة ، و يمكن فك النظام و نقلة و تركيبة في حقل آخر أو تركه في موقعه تبعا للحاجة. ج. الرش المحوري
: يستخدم في هذه الطريقة أنبوب
طويل يتراوح طوله بين 200-500 متر
محمول بارتفاع مناسب على إطارات
مطاطية على مسافات على إطارات
مطاطية على مسافات ملائمة و
يتحرك في شكل دوائر حول أحد
الطرفين المتصل بمصدر مياه الري
ويتم توزيع عدد مناسب من
الرشاشات بطول الذراع الأنبوبي
لضمان تجانس عملية الرش و تبلغ
المساحة المروية مساحة دوائر
قطرها ضعف طول الذراع الأنبوبي
الدوار ، و يمكن التحكم في كمية
المياه بالتحكم في سرعة الدوران
( مرة في اليوم أو اكثر أو اقل ) . من ابرز مزايا
استخدام هذه الطريقة : توفير
حوالي 35% من الماء بالمقارنة
بالري السطحي ولا يتسبب عنها
ارتفاع لمنسوب الماء الأرضي كما
تصل كفاءة توزيع المياه إلي 95% و
يمكن توفير ا يقرب من 11% من مساحة
الأرض التي كانت تستخدم في
إنشاء القنوات و البتون و
المصارف ، كذلك زراعة الأرض دون
تسوية تامة ( تسوية أولية محددة )
و يضاف إلي ذلك تحسن الإنتاجية
بنسب تتراوح بين 10-30% ، و أهم
العقبات الأساسية التي تواجه
نشر هذه الطرق هي الوضع الحالي
للحيازة الزراعية و التي تحول
دون تطبيق هذا النظام بتكاليف
اقتصادية ملائمة و بالتالي لا
يتم استخدام هذه الطريقة في
الري إلا في الأراضي المستصلحة
الحديثة و التي تناسب أحجامه
حيازاتها التكلفة الاقتصادية
لنشر نظام الري بالرش و تبلغ
تكلفة الفدان الاستثمارية
لتطبيق نظام الري بالرش في
الأراضي المستصلحة حوالي 2500جنيه
و من الجدير بالذكر هنا أن تكلفة
التسوية التامة للأراضي في حالة
الري السطحي لا تقل عن 750 جنيه
للفدان و تصل في بعض الأراضي إلي
1400 جنيه وهي تكلفة أساسية
لتطبيق نظام الرى السطحي . ثالثا: تطوير
هيكل الزراعة المصرية: تبنت الحكومة المصريةسياسة تحرير الفلاح و التى
استهدفت منذ البداية فض الالزام
الاجبارى للفلاح بالدورة
الزراعية دون اي اعتبار للآثار
شديدة السلبية لهذه السياسة
نتيجة ندرة اهم موردين في
الزراعة المصرية و هما المياه و
الأرض. و قد ادت هذه السياسة الى
انفلات زراعة الارز فى مصر حتى
اصبحت المساحات المزروعة اكثر
من ضعف المساحة التى تغطى
الاستهلاك المحلى من الارز (2,4
مليون فدان تقريبا تم زراعتها
هذا العام 2009 فى حين تكفى مساحة
800 الف فدان لتغطية الاستهلاك
المحلي من الارز). و معروف ان
الارز من اكبر الزراعات
المستهلكة للمياه، ففدان الارز
يحتاج ما يزيد قليلا عن 10000 متر
مكعب من المياه و بالتالى فإن
المساحة المزروعة تحتاج اكثر من
24 مليار متر مكعب من المياه اى
ما يقرب من 35 % من المياه
الاجمالية العذبة التى تحصل
عليها البلاد خلال العام ( 55 و
نصف مليار تشكل حصة مصر من مياه
النيل و حوالى 6,5 مليارات من
المياه الجوفية) كما تشكل ما
يقرب من 40 % من حصتنا من مياه
النيل. و خطورة الامر تأتى من ان
زيادة الضغوط على مواردنا
المائية ادت الى ظهور قصور كبير
فى تلبية احتياجات المياه
للمحافظات الشمالية (كفر الشيخ
– البحيرة – دمياط ..) مما اجبر
وزارة الرى الى اللجوء لمياه
على درجة كبيرة من التلوث
لاستخدامها فى هذه المناطق: وصل
الامر الى خلط مياه صرف صناعى و
صحى مع مياه عذبة بنسبة 90% فى
مركز بلطيم و توابعة ). كما ادى
هذا القصور الى التوسع في سياسة
اعادة استخدام مياه الصرف
الزراعى ( و المحملة بالملوثات
المستخدمة فى الزراعة بالاضافة
الى مخلفات الصرف الصحى غير
المعالجة و التى لا تتوافر لها
اى وسائل لمعالجتها و ايضا
الملوثات التى تحملها المخلفات
الصلبة الملقاه فى قنوات الصرف
و خطوطه) حتي انتهي الأمر الي
اعادة استخدام كل المياه
المحتملة من الصرف الزراعي و
الصحي و الصناعي دون معالجةرغم الخطورة الشديدة لهذه
الإجراء علي الصحة العامة وهو
ما اسهم بدورة في ارتفاع معدلات
التدهور الصحي التي شهدتها
البلاد خلال العقدين الأخيرين . ان التوسع في زراعة الأرز
في مصر تعد النموذج الأكثر
وضوحا للخلل في هيكل الزراعة
المصرية الحالي. وقد لعبت
السياسات الحكومية دورا حاسما
في هذا الأمر بدءآ بفض الإلزام
الإجباري و
الذي كان متبعا خلال الستينيات
و السبعينيات و تشجيع زراعة
الأرز من خلال سياسات تسويقية
محفزة بما فيها تصديره , و من
جانب ثان اهمال تطوير القطن و
الذي شكل تاريخ التنمية
الزراعية في مصر لأكثر من قرن من
الزمان و هو البديل الأساسي
للأرز . و من غير المفهوم ان
تتطور جميع الحاصلات الزراعية
من ناحية الإنتاجية و مختلف
النواحي الإخري في حين تتدهور
انتاجية القطن في مصر خلال
العقدين السابقين علي الرغم من
تطور زراعته في العالم. ان خفضا واضحا لمساحات
الأرز – مثلا الإكتفاء بزراعة
مايكفي حاجة الإستهلاك المحلي
او اقل من ذلك – كفيل بتوفير
مياه عذبة تصل الي ما يقرب من 6
مليارات متر مكعب من المياه. رابعا: الأصناف الجديدة: يرى الكثيرون أن
القرن الحادي و العشرين قد أتى
قبل الأوان ، فلم تشهد العصور
العلمية على اختلاف ازمانها
عصرا اكثر إبداعا من عصرنا هذا
الذي نعيشه فنحن الآن في ملتقى
موجه علميه متداخلة و متشابكة
تلعب فيها علوم البيولوجي بصفة
عامة و علوم الوراثة بصفة خاصة
الدور الرئيسي في تطوير الزراعة
، إن أزمة المياه التي عانينا
منها في الماضي القريب بسبب
الفيضانات المتواضعة المتتابعة
، سوف نعاني منها اكثر و اكثر
بسبب حتمية التوسع الزراعي من
جهة مع ثبات بل و احتمال تناقص
حصة مصر من مياه النيل بتوالي
تزايد الطلب عليه من دول حوض
النهر من جهة أخرى .كنا في الماضي القريب نحرص
على تهيئة الظروف البيئية
المعروفة من ارض و ماء و هواء
لتلائم أصناف زراعة بذاتها و
لقد واجهتنا بهذا الصدد تحديات
عدم التمكن من استعمال أراضى و
مصادر للمياه دون المستوى
المطلوب و بناء عليه كان
التفكير المبدع بابتداء تفصيل
أصناف زراعة تلائم أجواء غير
مثلى متحملة أو مقاومة لظروف و
ضغوط بيئية صعبة على رأسها شح
الماء و قلة جودته . و ابرز الاتجاهات الحديثة في تطوير الأصناف الزراعية بهدف مواجهة نقص المياه و قلة جودتها ( زيادة الملوحة – القلوية ) 1- أصناف سريعة النضج
عاليه الإنتاج و هذا الاتجاه
يسعى إلي تطوير الأصناف الحالية
إلي أصناف سريعة النضج و عالية
الإنتاج إن أمكن ، و أهمية هذا
الاتجاه ترتكز على الخفض النسبي
لاستخدام المياه بالنسبة للغلة
الناتجة و بمعنى آخر خفض المقنن
المائي لوحدة المنتج من الغلة (
متر مكعب ماء / إردب قمح مثلا ). و
بديهي أن زيادة المحصول للفدان
المقنن المائي يعني رفع كفاءة
استخدام المياه المتاحة ،فمثلا
عندما يرتفع إنتاج القمح من 1.5
طن إلي 2 طن للفدان باستخدام نفس
كمية المياه فهذا باختصار يعني
وفر في المياه لنفس الإنتاج
بمقدار الربع تقريبا . و
في الزراعة المصرية على سبيل
المثال تم دفع عددا كبيرا من
الأصناف عالية الإنتاج من القمح
و الذرة و فول الصويا و الأرز و
في الفترة الأخيرة و لقد ساهمت
هذه الأصناف في رفع الإنتاجية
على مدى العشر سنوات الممتدة من
1980 حتى 1990 بنسب ملحوظة (انظر
الجدول)[2]
بالإضافة
إلي تطوير و نشر الأصناف عالية
الإنتاج فان تطوير الأصناف
سريعة النمو و النضج يمكن أن
يضيف الكثير إلي ترشيد استخدام
المياه في الزراعة و في أحد
التقديرات يتراوح ما يمكن خفضه
من المياه بشكل مباشر عند
استخدام المحاصيل مبكرة النضج
ما بين 15-20 % من المياه المستخدمة
في ري المحاصيل التقليدية وعلى
سبيل المثال فان الزراعة
المصرية استنبطت أصناف جديدة من
الأرز ( جيزة 2175 فليبيني ) ينضج
في 145 ، 135 يوما مقارنة بحوالي 160
يوما للأصناف القديمة و كذلك
أمكن استنباط أصناف مبكرة النضج
من فول الصويا تتضح في حوالي 85-90
يوما مقارنة بالأصناف الحالية و
التي تتضح في حوالي 120-130 يوما و
تعطي نفس الإنتاج. إن الأصناف الجديدة
من القمح و التي استعملت بالهند
اعتبارا من 1966 أدت إلي مضاعفة
المحصول عام 1970 ، وقد تم زيادة
ثلاثة أصناف في 1980 حتى أصبحت
الهند تكتفي ذاتيا من محصول
القمح و هو إنجاز يشار له
بالبنان كما و أن زراعة أصناف
أرز جديدة قصيرة العمر أدت إلي
زراعة محصولان و ثلاث محاصيل في
السنة الواحدة في آسيا. إن هذا الاتجاه في
تطوير و نشر أصناف سريعة النضج
لا يتوقف إسهامه على خفض المياه
بشكل مباشر نتيجة انخفاض مدةمكوثه في الأرض بل يساهم
بشكل كبير في زيادة التكثيف
المحصولي و التحول من زراعة
محصولين سنويا إلي زراعة ثلاث
محاصيل سنويا و هو ما بات حتميا
في ظل تحقيق متطلبات النمو في
السنوات القادمة و هناك بعض
الجهود لإنتاج أصنافا من القمح
عالية المحصول سريعة النضج يمكن
أن تحصد في أوائل شهر أبريل معا
يعني إمكانية تحقيق هذا التحول
في الزراعة المصرية من نظام
المحصولين إلي نظام المحاصيل
الثلاثة سنويا . 2- أصناف مقاومة
للجفاف : و يهدف هذا الاتجاه
إلي تطوير أصناف زراعية تتميز
بانخفاض مقننها المائي بالقياس
إلي نظائرها التقليدية . و يعتمد
هذا الاتجاه على ركيزتين
أساسيتين : استخدام مواد مثبطة
للنتح للهدف إلي خفضمعدل فقد المياه بواسطة
النتح و بالتالي خفض المقنن
المائي للأصناف المعروف ، تعديل
الخصائص الوراثية بهدف رفع
كفاءة النبات فى استخدام الماء . و رغم حداثة هذه
الاتجاهات في تطوير الأصناف
الزراعية إلا أن نتائجها
الحالية مبشرة بدرجة كبيرة،و بالإضافة إلي دور الأصناف
المتطورة المؤكدة إلي خفض
استخدام المياه فان دورها
المتميز يبرز في الاستفادة من
موارد مائية كانت مهدورة تماما
و هي الأمطار المحدودة و
الضعيفة التي تسقط في نطاقات
عديدة بالمنطقة ( الساحل
الشمالي في مصر ) و يبدو أن هذا
الدور كان وراء اهتمام ابحاث
الزراعة المصرية بمثل هذه
الأصناف،فقد تم إنتاج و نشر عدد من
الأصناف الجديدة تصلح للزراعات
المطرية في مناطق الساحل
الشمالي منها جيزة 155و 160بالإضافة إلي أصناف القرطم
و نباتات المراعي و شجيرات
المناطق الجافة . إن الأهمية بالنسبة
لهذا البديل ممكن أن تتكشف
عندما نعلم أن بعض الأصناف
الحالية التي تم تطويرها بالفعل
رغم حداثة هذا الاتجاه يمكن أن
توفر اكثر من 25% من المياه
المستخدمة في زراعتها و تحقق
نفس الإنتاجية دون أدني تغير
يذكر في البيئة ويمكن أيضا أن
تضيف موارد مائية مباشرة مما
يؤثر بالايجاب فى أجمالي
الموارد المائية عند استغلال
الأمطار المحدودة و الضعيفة في
المنطقة الزراعية لتلك الأصناف
. 3- أصناف مقاومة
للملوحة : لا تتحمل النباتات
التي يتعامل معها الإنسان في
الوقت الحالي على الأقل ملوحة
اكبر من ثلاثة آلاف جزء في
المليون ( 3 جرام في اللتر تقريبا
) و الحد الأقصى لما يمكن أن
تتحمله قد يتجاوز الخمسة آلاف
جزء بقليل لبعض الأصناف . و من ثم
فان إنتاج أصناف جديدة قادرة
إلى مقاومة الملوحة يعتبر
إسهاما كبيرا في تطوير الزراعة
فمن جانب يمكن من الاستفادة
بمياه ذات جودة منخفضة ( نتيجة
ارتفاع ملوحتها ) كان مصدرها
فيما سبق الصرف إلي البحر أو غير
ذلك ومن جانب آخر يمكن
الاستفادة من مساحات جيدة من
الأراضي ذات التربة شبه الملحية.
أن آفاقا رحبة تنتظر هذا
الاتجاه من ترشيد استخدام
المياه فيمكن مع تطوير أصناف
مقاومة للملوحة عالية
الإنتاجية إعادة استخدام
المياه عدة مرات في الزراعة (
معروف أن نسبة الملوحة تزيد مع
استخدام المياه في الري). و
بالإضافة إلي ذلك يمكن استخدام
أنواع جديدة من المياه مثل
المياه نصف المالحة Brakish في الزراعة و
بالتالي إضافة موارد جديدة
للثروة المائية كما يمكن أيضا
استخدام مياه البحر مباشرة في
الزراعة و هو الأمر الذي يبدو
ضرب من الخيال في الوقت الحالي . و بعيدا عن آفاق المستقبل و التماسا لتفهم واقع الحال ، فان دراسات عديدة تمت و تتم بمعرفة جهات البحث المعنية في هذا المجال و كان من ابرز نتائجها النجاح في تقييم عددا كبيرا من السلالات النباتية من زاوية مقاومة الملوحة و الوقوف على افضل الأصناف و التي أهمها في الوقت الحالي القمح خ (8) خ(92) و الشعير جيزة (119) و الأرز 1368 و الذي بدأ إثماره في مصر منذ العام ( 1991) . كما تم فرز 22 محصولا في هذا التاريخ من الخضر بهدف معرفة مقدار تحملها للملوحة . و حتى ألان فان
محدودية هذا النجاح ترجع في
المقام الأول إلي اسلوب التهيئة
الوراثية في انتقاء الصنف
المقاوم : التربية باستغلال
المستودعات الجينية الطبيعية ،
و هذه تتمثل في الأصناف
المتباينة داخل النوع الواحد أو
الأنواع المختلفة داخل الجنس
الواحد بعد تعريضها لبيئات
عالية الملوحة و انتخاب المحتمل
و المقاومة و إشراكها في برامج
تربية للتوصل إلي أصناف
اقتصادية و قد يبدو إن اسلوب
اصطفاء جينات تحمل الملوحة من
بين المجموعات النباتية و
إدخالها في الأصناف المنزرعة
اسلوبا سخي المصدر عديم المشاكل
إلا أن هناك حواجز تحد من نجاح
هذا الأسلوب مثل احتمال معانات
الأجيال المتعاقبة من العقم أو
حدوث انعزالات شاذة تؤثر في
عملية الانتخاب بالإضافة إلي
توريث صفات غير مرغوب فيها . و الهندسة الوراثية
لا تقف عند هذا الاسلوب
التقليدي ( و المستخدم حاليا على
المستوى العملي في مصر) بل
تتجاوزه بأساليب جديدة متنوعة
مثل اسلوب مزارع الخلايا ( في
بداية السبعينات ) و اسلوب
التلقيح باستخدام جينات ضبط
الإيقاع الاسموزي للنبات سواء
بطريقة الحقن أو التثقيب
الكهربي أو غيرها . و إذا كانت اتباع
الاسلوب التقليدي في الهندسة
الوراثية قد اسمر نباتات على
درجة كبيرة من مقاومة الملوحة (
يصل تحملها إلي 20000 جزء في
المليون أي اكثر من عشرين ضعفا
للملوحة المعتادة ) فكيف يكون
الحال عند اتباع منهج رشيد في
الاستفادة بكافة أساليب
الهندسة الوراثية و خصوصا
التطوارت الحديثة و المذهلة و
المتمثلة بالحقن بجزئ DNA
مهندس
لأغراض مختارة في
تحقيق الهدف. ويمكن الرجوع فى
هذا الصدد الى رسالة الدكتوراه
لأحمد عامر من زراعة الأزهر[3]. خامسا: إعادة
استخدام مياه الصرف الزراعي : ترتبط كميات مياه
الصرف الزراعي بأمرين أساسين :
مدى انتشار نظام الري السطحي و
الأمر الثاني مدى إحكام شبكة
الصرف و يمكن أن تبلغ مياه الصرف
الزراعي نسبة مؤثرة لاجمالي
المياه المستخدمة في الزراعة في
ظل توفر الشرطين السابقين ، ففي
مصر تصل كميه مياه الصرف
الزراعي إلي حوالي 17 مليار متر
مكعب سنويا ، أي ما يوازي 35% من
إجمالي المياه المستخدمة في
الزراعة في الوقت الحالي ، كما
تقدر المياه التي يتم صرفها إلي
المستودعاتالمالحة (البحر المتوسط و
البحيرات المرتبطة به – بركتي
قارون و الريان )
إلي حوالي 14 مليار متر مكعب .
من الواضح أن كميات المياه التي
يمكن توفيرها عند إعادة استخدام
مياه الصرف تفوق كميات الماء
المتوقع تدبيره عند تنفيذ جميع
مشروعات أعالي النيل المقترحة . و لا يعتبر استخدام
مياه الصرف بصفة عامة جديدا في
مصر ، فالفكر تحت التطبيقمنذ البداية وذلك بإعادة
جميع مصارف الوجه القبلي تقريبا
إلي نهر النيل حيث يفوق التصرف
الكبير للنهر تصرفات شبكة مصارف
الوجه القبلي و بالتالي لا
يتأثر مياه النهر تأثيرا يذكر
من جودة المياه (!!) . و قد مكن ذلك
من اكتساب 2.3 مليار متر مكعب من
المياه تضاف إلي إيراد النهر
عند بعض النقاط في الوجه القبلي
كذلك روعي في تصميم شبكات صرف
جنوب الدلتا و جزاء من شمالها و
غيرها أن تصب بعض المياه في فرعي
النيل أو الترع الرئيسية . و تتوقف صلاحية مياه الصرف للاستخدامات الزراعية على عدة عوامل :- - مقدار الأملاح الكلية الذائبة في المياه - درجة تركيز أملاح الصوديوم و مدى احتمال حدوث تراكم للأملاح داخل التربة -
مدى تلوث
مياه الصرف بمياه الصرف الصحي ،
و الصرف الصناعي . - طبيعة التربة المروية و خصائصها من زوايا تحمل الملوحة -
المحاصيل
الملائمة و طرق الرى المستخدمة و هذا يعني أن
الاستفادة تماما من مياه الصرف
أمر صعب التحقيق لتعذر تحقق بعض
من المعايير السابقة ، و
لمواجهة تلك الصعوبات الفنية
فان تنشيط الخطط البحثية في
اتجاهات واضحة محددة تهدف إلي
تجنب تلك المصاعب ( محاصيل
مقاومة للملوحة و تعديل خصائص
التربة – معالجة المياه
للاغراض الزراعية ) هو أمر ضروري
للتعجيل بتحقيق أعلى استفادة من
مياه الصرف الزراعي مرة و مرات
في الري . ويمكن الرجوع ال كل من[4]
الدراسات الموضحة بالهامش. تفيد البيانات
الحكومية إن أقصى ما يمكن
الاستفادة به من مياه الصرف
الزراعي في مصر( 17مليار متر مكعب
) هو 10 مليار فقط ، الباقي (7
مليار) فيتعذر استخدامه لعدم
تجاوز للمعايير السابقة أو
بعضها و بيانها كالتالي : -4.8
مليار متر مربع لا يمكن
استعمالها في الوقت الحالي حيث
يتجاوز ملوحتها 5000 جزء في
المليون ( لقد أمكن بالفعل
استنباط سلالات و حاصلات زراعية
يمكنها أن تتحمل ملوحة تزيد عن
هذا الرقم في مصر في السنوات
الأخيرة ، و هذا سوف يؤدى
بالضرورة إلي الاستفادة من هذا
المقدار الضخم من المياه و الذي
يوازي تقريبا ما يمكن أن يحقق
مشروعات جونجلي من المياه . - 1.2 مليار متر مكعب تخطت الحدود المسموح بها لبعض الأملاح و المعادن . -
2مليار متر
مكعب تصرف للبحيرات الشمالية
لتعويض الفقد بالبخر منها. ومن ال10مليارات التي
تم تحديدها من قبل المسؤولين في
مصر ( يلاحظ أن الحد الأقصى يمكن
أن يرتفع في حال تنمية محاصيل
ذات قدرة عالية على مقاومة
الملوحة ) يصل إلي 14 مليار متر
مكعب كحد أقصى. وواقع الحال ان
استخدام مياه الصرف الزراعي قد
وصل الي هذا الرقم – 14 مليار متر
مكعب سنويا -في الأونة الأخيرة (2010 )
نتيحة الضغوط الشديدة علي
المياه . و معروف إن إعادة
استخدام مياه الصرف من البدائل
قليلة التكلفة إلي حد كبير
خصوصا عندما تكون المياه ذات
جودة ملائمة ، و غالبا ما تتم
العملية برفع مياه المصارف
المستهدفة و خلطها مع مياه
المصادر العذبة المعدة للري
بالنسبة التي تلائم أغراض الري .
و لكن عندما تقل جودة المياه
فترتفع ملوحتها الكلية إلي درجة
كبيرة أو تحتوي على ملوثات ذات
اثر سام و مدمر للتربة و النبات
فان الأمر يختلف ، و لا تصلح طرق
التخفيف ( الخلط من الماء العذب )
لتأمين مياه ذات نوعية مقبولة
بل يحتاج الأمر إلي طرق جديدة
مستقلة لمعالجة المياه و التخلص
من تلك السموم قبل استخدامها (
أو حتى قبل صرفها على
المستقبلات المالحة للحفاظ
عليها من التلوث ) و من الطبيعي و
الحال كذلك أن ترتفع تكلفة
إصلاح المياه ذات الجودة
المنخفضة و تصبح عناصر التكلفة
و التكنولوجيا الخاصة
بالمعالجة من العناصر الحاسمة
في تقدير الأهمية النسبية
لإصلاح مثل هذه المياه .إن تلوث المياه بشكل عام و
تلوثها بمخلفات الصناعة بشكل
خاص يظهر أثره المباشر هذا على
نوعية المياه العذبة و مياه
الصرف ويمكن أن يشكل أهم عوائق
الاستفادة من مياه الصرف
الحرمان من موارد مياه يسيرة
قابلة للاستخدام بتكلفة محدودة
للغاية. البدائل و
المحددات: في تناولنا لبدائل
الموارد المائية و ترشيد
استخداماتها ، بات واضحا بشكل
عام أن تجاوز الأزمة ( ملائمة
الموارد المتاحة لكافة
الاستخدامات من اجل الوفاء
بمتطلبات التنمية ) أمر ممكن
بشرط الالتزام باستراتيجية
واضحة المعالم تضع في اعتبارها
و ضمن عناصرها أولوية البدائل
المتاحة من زوايا الملائمة
الاقتصادية و الاجتماعية و
السياسية و البيئية و أيضا
التكنولوجية . و قبل هذا و بعدة
نفترض الانتباه و اليقظة لأهمية
هذا المحور و أثره المباشر و غير
المباشر على الأمن القومي و
الوطني لمصر وخصوصا فيما يتعلق
بالصراع مع الكيان الصهيوني و
التي تضع هذا المحور في موضعه
الذي يستحق منذ قيامه و حتى الآن
،بل استطاع فرضه على جميع الدول
العربية المجاورة كمحور من
محاور الصراع ، و كان له ما كان
من ميزة المبادرة .و تسعى بداية
نتفهم الظروف الموضوعية العامة
للقضية و أيضا الخاصة بكل بديل
من البدائل المتاحة بهدف
التشخيص الدقيق قبل تحديد مدى
القدرة عن مواجهة غير المرئي
منها في ظل السياسات و الهياكل
الحالية . وقد تم رصد البدائل الأساسية المتاحة في مصر في الجدول التالي[5] و يمكن تلخيص أهم الملاحظات فيما يلي :- الوفر الممكن في الماء في مصر من خلال البدائل المتاحة ( إجمالي الموارد المائية المطلقة 62 مليار متر مكعب سنويا دون اى من اشكال اعادة الاستخدام) من الواضح ان
الازمة الحالية للمياه يمكن
تجاوزها ، ولكن دون ذلك عمل دؤوب
وحزمة سياسات مختلفة بل و في بعض
الأحيان متعارضة مع السياسات
الحكومية الحالية تضع
في اعتبارها ان ندرة المياه و
الأرض الصالحة للزراعة هي قضايا
حاكمة في اي خطط لتنمية البلاد. [1] الورقة المقدمة إلى ندوه أزمة مياه النيل وتحديات التسعينات من 24 إلى 25 مارس 1990 - المهندس ثروت حسن فهمي رئيس الهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف . ملحوظة: هذا الجدول
استخدم بواسطة مقدم الورقة في
ورقه مشابه في اكتو بر 1985 دون
تغير يذكر في أرقام التكلفة
المدونة وهذا ما يشير إلى ضعف
الأرقام في دلالاتها
المطلقة، وإنما قد تصلح في
دلالاتها النسبية للمقارنة
بين بعض البدائل المذكورة
وخصوصا فيما يتعلق بالبدائل
الثلاث الأول -[2] البيانات مأخوذة من ورقة دور الأصناف الجديدة في ترشيد استهلاك المياه د.عبد السلام جمعة ، ندوة مياه النيل - بقية
الجدول تم حسابه بمعرفتنا لا
براز الأهمية النسبية لهذا
الاتجاه . [3]
نمو النباتات باستعمال مياه
البحر في الأراضي الصحراوية (
رسالة دكتوراه – احمد عامر
زراعة الأزهر 1989) . [4]
- جمال ابراهيم محمد على "
اعادة استخدام مياه الصرف فى
الزراعة" دراسة لحساب جهاز
بناء و تنمية القرية ، منشور
بعض موضوعاتها فى مجلة نقابة
المهندسين لعامى 1993و1994 . -
محمد محمود جاسر – مدير معهد
بحوث الصرف . "إعادة استخدام مياه الصرف في أغراض الري" ندوة
نقابة المهندسين . [5]
تم تكوين هذا
الجدول من المعلومات الواردة
بالمصادر التالية: د.
رشدي سعيد – أزمة مياه النيل
(1998). (1)حديث
لوزير الأشغال الموارد
المائية لجريدة الأخبار في
13\10 1991م (2)
هذه
النسبة تقديرية: و هل رأينا
اقل نسبة يمكن تحقيقها في
حالة اتباع الأساليب
التقليدية المعروفة و قد
أثبتت التجارب ارتفاع النسبة
عن 15% في حالة اتباع اسلوب
الأنابيب البوابية في نظام
الري السطحي و هو التطوير
الممكن لنظام الري الحالي في
معظم الأراضي القديمة. (3)
د0\محمد
ابو مندور في مقالة بكتاب
ازمة مياه النيل يرى أن تعميم
أصناف جديدة في الزراعات
الخمسة الأساسية ( البرسيم ،
القطن ، الأرز ، القصب ، الذرة
) و التي تستلهم ما يقرب من 75%
من إجمالي المياه في الزراعة
المصرية يمكن أن يوفر حوالي 5.7
مليار متر مكعب مياه على أساس
توفير 20% من المقنن المائي فقط
. (4)
في
حديث الوزير المشار إليه في (3)
ذكر أن استخدامات مياه الصرف
حاليا 4.8 مليار متر مكعب ، وفي
مصدر آخر سبق الإشارة إليه (
وهو مصدر مسؤول أيضا ) حددت
وزارة الري أقصى ما يمكن
استخدامه من مياه الري بعشرة
مليارات متر مكعب من مياه
الصرف ، و قد تم حساب الرقم
هذا الأساس ( معروف إن إجمالي
مياه الصرف الزراعي تبلغ 17مليار
متر مكعب . (5)
قد
تهدر المياه بسبب الحشائش
المائية بمقدار 3 مليار متر
مكعب من المياه سنويا ، وبغرض
النجاح في مقاومة الحشائش
بنسبة 70% عن الوضع الحالي فان
ما يمكن توفيره لا يقل عن 2
مليار متر مكعب من المياه
سنويا . [6]
تمت التعلية منذ
سنوات فليلة (2007 ) -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |