ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قراءة
في الذهنية العنصرية اليهودية
الصهيونية الحركة
الصهيونية العالمية ومحاولات
توظيف التراث الديني اليهودي
كمنبع رئيس لمكوّنات الوجدان
الصهيوني العنصري بقلم
: أوس داوود يعقوب* إن
عمليات الإرهاب و القتل الجماعي
و الاغتيالات والتصفيات التي
يمارسها الصهاينة نابعة من
الفكر والعقيدة اليهودية
المستمدة من خرافات وأساطير
التلمود والتي أكدتها
الصهيونية قولاً وعملاً، وكانت
التربية اليهودية بخلفيتها
الدينية والتوراتية التلمودية
العنصرية، وبفلسفتها المستمدة
من تعاليم الصهيونية
العدوانية، هي الوسيلة
الأولى والأهم التي استخدمت
لتحقيق أهداف الصهاينة في إنشاء
الكيان الصهيوني وبقائه. ويشكّل
التراث الديني اليهودي المنبع
الرئيس لمكوّنات الوجدان
الصهيوني المعاصر، الذي تأثر به
تأثراً عميقاً، ووظّفه مفكّرو
الصهيونية وروّادها وقادتها
ليصبّ في أهدافهم العنصرية
الكبرى. حيث حوَّلت الصهيونية
العهد القديم إلى فلكلور للشعب
اليهودي، وهو كتاب تفيض صفحاته
بوصف حروب كثيرة خاضتها (جماعة
يسرائيل أو العبرانيون) مع
الكنعانيين وغيرهم من الشعوب،
فقاموا بطرد بعضهم وإبادة البعض
الآخر. و(جماعة يسرائيل) يحل
فيها الإله الذي يوحي لها بما
تريد أن تفعل، ويبارك يدها التي
تقوم بالقتل والنهب، فكل أفعال
الشعب مباركة مقدَّسة لأن الإله
يحل فيه.
ولا يعني الاهتمام الصهيوني-
باليهودية أنّ البحث الحقيقي عن
مُثل أو قيم روحية- أخلاقية قد
توجد في هذا التراث، وإنما يعني
الاهتمام بمدى تعبير اليهودية
عن (الذات القومية)، التي يريدون
لها (الانبعاث) في (أرض الميعاد).
ويدرك
الدارس لتاريخ الجماعات
اليهودية والحركة الصهيونية ،
أنّ هناك ترابطاً عضوياً لا
تنفصم عراه بين كلّ من اليهود
والصهيونيّة. فاليهود يعدّون
أنّ كلّ يهودي في العالم هو جزء
منهم، وأن لا فرق من الناحية
القومية، بين اليهود الذين
يعيشون في الكيان الصهيوني،
وبين اليهود في أمريكا أو روسيا
مثلاً، فالدين اليهودي بالنسبة
إليهم يُعَدُّ عنصراً أساسياً
في القومية، خلافاً لكلّ
النظريات والدراسات والأبحاث،
التي أجمع عليها العالم كلّه في
هذا السياق. وقد تم
بلورة مفهوم الصهيونية وملامح
المشروع الصهيوني بشكل كامل ،
في الفترة بين منتصف القرن
التاسع عشر وعام 1880 على يد
المفكـرين الصهاينة غــير
اليهـود أمثال لورد شافتـسبري
ولورانـس أوليفانت. وقد لخص
شافتسبري التعريف الغربي
لمفهوم الصهيونية في عبارة أرض
بلا شعب، لشعب بلا أرض (في كلمات
تقترب كثيراً من الشعار
الصهيوني). وقد حاول أوليفانت أن
يضع المشروع الصهيوني موضع
التنفيذ. وبعد
المؤتمر الصهيوني الأول 1897 في
بازل، تحدَّد المصطلح وأصبح
يشير إلى الدعوة التي تبشر بها
المنظمة الصهيونية وإلى الجهود
التي تبذلها، وأصبح الصهيوني هو
من يؤمن ببرنامج بازل (في مقابل
المرحلة السابقة على ذلك، أي
مرحلة أحباء صهيون بجهودها
التسللية المتفرقة) . ولعل من
أبرز أهداف الصهيونية ، تطبيق
التعاليم اليهودية والالتزام
بالطابع الديني للدولة
اليهودية، وتؤمن الصهيونية
عموماً بأنّ الدين هو الدافع
الأول لخلق الدولة اليهودية.
وأنّ العلاقة بين اليهودية
والصهيونية علاقة عضوية.
فالدين
في نظر المفكرين اليهود
والصهاينة، هو (الأساس الذي
تقوم عليه الأيديولوجية أو
القومية اليهودية) ، كما يقول
البروفسور اليهودي يسرائيل
شاحاك، وهو القاسم المشترك بين
اليهود، الذين يضمن (نقاءهم
العنصري وولاءهم القومي)، الأمر
الذي عبّر عنه البروفسور يعقوب
تالمون، أستاذ التاريخ في
الجامعة العبرية، بقوله: (إنّ
الكنيس اليهودي هو وحده محور
الهويّة الذاتية في دول الغرب).
وتنطوي
المعتقدات اليهودية على انغلاق
شوفيني وتعصّب عرقي وعنصرية
حاقدة وأهداف سياسية خطيرة. حيث
أنّ الفلسفة العنصرية تشكّل
معيناً ينهل منها الصهاينة
جميعاً، أفراداً وأحزاباً
وتيّارات ومؤسّسات، فكراً
وممارسة. وهذه
العنصرية هي التي تقبع خلف
المواقف والاتجاهات والأحزاب
والسياسات المختلفة. وما
الأفراد الصهاينة والجماعات
الصهيونية غير تجليّات متنوعة
لجوهر واحد، هو العنصرية. والواقع
أنّ الولاء ( للدين والطقوس
والشريعة) هي العناصر التي تجمع
بين اليهود، في الظاهر على
الأقل، وحجّة الآخذين بهذا
الرأي تقوم على ثلاثة عناصر هي
: 1- إنّ
البقاء اليهودي عبر العصور هو
أشبه بالمعجزة، التي لا يمكن
تفسيرها إلا على أساس الدين،
الذي يُنظر إليه وكأنه قادر على
التعويض عن غياب جميع العوامل
الأخرى لحفظ التلاحم (القومي
اليهودي). وفي هذا السياق يقول
النظر الصهيوني آحاد هاعام: (لقد
كنّا يهوداً لمدة ثلاثة آلاف
سنة لأنه لم يكن بوسعنا أن نكون
شيئاً آخر، ولأنّ قوة جبارة
تربطنا بالديانة اليهودية
وتفرض نفسها على قلوبنا، ولأنّ
الديانة اليهودية تعيش فينا
جنباً إلى جنب مع جميع الغرائز
الطبيعية التي تنمو في الإنسان
منذ ساعة ولادته) . 2- إنّ
الحقّ التاريخي الذي يخوّل
اليهود الاستيلاء على أرض
فلسطين، يستمدّ مقوماته
الجوهرية من الديانة اليهودية.
3- إنّ
مبرّر وجود (إسرائيل)، لا بل (حقها
في الوجود) ، يزعمون أنه
مُستَمدٌّ من الدين اليهودي. وبهذا
يتغافل أصحاب هذه الرؤية ، عن
حقيقة عدة أمور أثبتت صحتها
الدراسات التاريخية ومن أبرزها
أنّ اليهود لا يشكّلون (أمةً
واحدةً)، ولا يُكوّنون (مجموعة
قومية أو عرقية)، وليس هناك (تركيبة
إثنية يهودية)، ولا وجود لـ (جنس
يهودي متميّز)، وإنّما هم عناصر
بشرية تنتمي إلى جميع الأجناس،
من أوروبا إلى أمريكا مرورا إلى
آسيا وأفريقيا. وليس لهم (لغة
واحدة)، بل يتكلمون لغات الشعوب
التي يعيشون بين ظهرانيها. وليس
لليهود (عادات مشتركة وتاريخ
مشترك)، فسلوكهم يعكس تقاليد
وعادات المجتمعات في أوطانهم
الأصليّة. و(الدولة اليهودية)
القديمة، التي يشيرون إليها
باستمرار لم تدم أكثر من (78)
عاماً في عهدي داوود وسليمان،
وفي رقعة لا تتجاوز عشرة أميال
مربعة. علماً أنه ظهرت في الآونة
الأخيرة دراسات وأبحاث لمؤرخين
يهود تشكّك جذرياً بصحة تلك
المزاعم. وبناء
عليه فالكيان الصهيوني، الذي
أوجدته القوى الاستعمارية
الكبرى في أرض فلسطين، يحمل في
تركيبته الأثنية- القومية كل
الخلافات العرقية. فما الذي
يجمع (قومياً) اليهودي الروسي
واليهودي الألماني واليهودي
المغربي واليهودي الأمريكي
واليهودي الأثيوبي مع اليهودي
الفرنسي.. الخ؟! ومما
لاشك فيه أن الصهيونية
بأحابيلها ودسائسها وتضليلها
ومزاعمها ساقت الأفراد اليهود ،
من أصقاع الأرض ، باسم (العودة
إلى أرض الميعاد)، وباسم (الخلاص
والتحرّر من الاضطهاد وأوضاع
الجيتو) ، وتحت عنوان الهروب من (العداء
للسامية) والتمييز العنصري..
ساقت إلى أرض فلسطين العربية ،
بدعم مباشر من الدول الغربية
الكبرى ، ملايين اليهود الذين
ينحدرون من مائة وخمسين بلداً،
وينتمون إلى أكثر من ثمانين
شعباً ولغة. ويتوزعون على
اتجاهات فكرية وثقافية تتجاوز
خمسين اتجاهاً متناحراً. ولكن
الخطورة تكمن هنا في أنّ اليهود
يؤمنون بدرجات ونسب متفاوتة،
أنّهم عندما يبنون (دولة
إسرائيل)، فإنما يحقّقون بذلك
استرجاع (الدولة اليهودية)
القديمة، التي تستوجب (إعادة
بناء هيكل سليمان). كما يعتقدون
بأنّ الربّ اختار بنفسه (صهيون)
لتكون مسكناً له. فهي ليست (عاصمة
داود السياسية) فحسب، وإنما هي (العاصمة
الدينية) التي لا يمكن للإله أن
يستقر، أو يسكن، أو يُعبَد،
إلاّ فيها،( الربّ اختار صهيون،
اشتهاها مسكناً له) [مزموز132]. فالنفسية
اليهودية مبنيّة على فكرة
أسطورية بتفوّق اليهود،
وتساميهم على الآخرين. واليهود
يشعرون بأنهم متفوقون أخلاقياً
على جميع الأمم. وهذا الشعور
يجسّد ذاته في فكرة (الشعب
المختار) ، كما يقول آحاد هاعام،.
وهذا (الشعب) يقول ناحوم
غولدمان :(هو
شعب فريد في التاريخ. والشعور
بالتفرد يستتبع الشعور بالتفوق
على شعوب أخرى. ولا غرو فمفهوم
"الشعب المختار" يشكل
جانباً أساسيّاً من الدين
اليهودي). وقد
رسّخت عصور الضياع والنبذ
والمصادرة جذور الانعزالية
والتعصب العنصري اليهودي ،
والشكّ بكلّ الأمم والشعوب،
وشكّلت، بتقسيمها العالم إلى
قسمين: الشعب اليهودي (المختار)
والشعوب غير اليهودية (الأغيار)،
شكلت المرتكزات الأساسية
للذهنية العنصرية، المتداخلة
مع قراءات منتقاة لنصوص مُعيّنة
من الدين اليهودي. ومن تلك
النصوص والتفسيرات والاجتهادات
انبثقت جملة من المقولات
العنصرية، التي ترفعها
الصهيونية شعارات (مقدّسة) لا
تقبل التشكيك أو المناقشة، مثل
مقولات (الشعب المختار، الشعب
المميّز، ورثة أمجاد الرّب،
أرباب العهود مع اللّه، أمّة
الكهنة والقديسين، أنقى جنس
خلقه اللّه) ، و(المخلوق الفريد)
، (المُحاط بهالة من أشعّة
الأمجاد) وغيرها الكثير من
مخزون الاستعلائية، الصهيونية
العنصرية. فالقومية
الصهيونية لا تنفصل بتاتاً عن
العقيدة اليهودية ومفرداتها
ومفاهيمها وتعاليمها،
ومقولاتها، التي تنص صراحة على
أنّ (اليهود يشكلون عنصراً
مميزاً على سائر العناصر
البشرية، وشعباً متميزاً على
الشعوب كافة، بخصائصه وفرادته،
واختياره من قبل الربّ ذاته).
وهي بذلك تجعل من نظرّية الجنس،
أو العرق، أساساً جوهرياً لها.
وعلى هذا الأساس تقوم النظرية
العنصرية اليهودية - الصهيونية.
انطلاقا
مما تقدم فإنّ دراسة الصهيونية
ومرتكزاتها العنصرية، تقتضي
دراسة مقولات ومفاهيم العقيدة
اليهودية، لأنها المنبع
الرئيس، الذي تستمدّ الصهيونية
منها توجهاتها وقيمها
وديماغوجيتها العنصرية،
الشوفينية، ومنه استقت الحركات
والجماعات الصهيونية
الإرهابية، المتطرفة ، بُغضها
الشديد للعرب وحقدها على
الفلسطينيين وعلى الشعوب
والأمم الأخرى. من هنا
لا تُفرّق أغلبية اليهود بين
دينها وقوميتها ، إنهما وجهان
لأيديولوجية شاملة.
فكلمة (يهودي) تشير إلى دين.
وكلمة (صهيوني) تشير إلى أرض،
وعليه فهناك وضع تلاحمي - تكاملي
بين النواحي الدينية والقومية
والأيديولوجية في فكر الصهاينة
وممارساتهم العدوانية-
الإرهابية. وهذا الحاخام الأكبر
لتل أبيب، شلومو غوريون، يعلن
أنه (لا يمكن الفصل بين أرض [إسرائيل]
وبين تعاليم اليهودية، وإنّ فصل
قيم التوراة عن وصايا استيطان
البلد هو بمثابة فصل الروح عن
الجسد). وقد
استمدت الصهيونية في جوهرها
عقيدة متطرفة، أصولها من مفاهيم
الديانة اليهودية وأساطير تعود
إلى ثلاثة آلاف سنة، والتي تنصّ
على أنّ إله اليهود (يهوه) قد وعد
شعبه الخاص (بني إسرائيل)، بأرض
فلسطين، ملكاً أبدياً.. وخصّهم
بها ميراثاً أزلياً. وجاءت
الحركة الصهيونية فوظّفت تلك
القصص والحكايات والأساطير،
وتبنّت - وفق خطة إستراتيجية
متغيرة، متجدّدة - تحقق تلك
التنبؤات والأحلام، القائمة في
جذور الديانة اليهودية، وفي
أعماق العقل (الجمعي اليهودي).
وبذلك أصبحت الحركة الصهيونية ،
التجسيد العملي والواقعي للرؤى
اليهودية. وهذا ما عبّر عنه بن
غوريون بقوله: (إنّ الصهيونية
تستمدّ وجودها وحيويتها وقوتها
من مصدر عميق، عاطفي، دائم،
مستقل عن الزمان والمكان، وقديم
قدم الشعب اليهودي، هذا المصدر
هو الوعد الإلهي، والأمل
بالعودة). ويُفهم
من كلام معظم قادة الصهيونية
أنّ هذه الحركة أقامت ،
بالتعاون الوثيق مع الدول
الغربية الكبرى ، (دولة إسرائيل)
في أرض فلسطين، استناداً إلى
أساطير وتنبؤات (العهد القديم).
ويُفهم أيضاً أن الصهيونية حركة
قومية، عنصرية، إرهابية، لها
جذورها العميقة في الديانة
اليهودية. فلا صهيونية من دون
يهودية، لأن الصهيونية ما فتئت
تعمل، بجهود هائلة وأساليب
شديدة التنويع والمكر، على
تحويل التنبؤات والرؤى
والأساطير والوعود إلى حقائق
واقعية. وقد اتخذ قادة
الصهيونية ومفكّروها من عقيدة (العودة)
إلى (أرض الميعاد) وسيلة لإثارة
حماس اليهود الديني والعاطفي،
وتحشيدهم، ومن ثم استغلال ذلك
كلّه لاقتلاع اليهود من مواطنهم
الأصليّة، وشحنهم إلى فلسطين. ولهذا
لا يمكن فهم أبعاد العنصرية
الصهيونية، والتطرّف والإرهاب
الصهيوني، ما لم تتم العودة إلى
المنابع والمصادر والمرتكزات
التي تقوم عليها وبها العنصرية
الصهيونية، تلك القائمة على
الروح العنصرية والتمايز
العنصري والعقلية الاستعلائية
الحاقدة. إذ أن العقلية
اليهودية الصهيونية الحاضرة،
تضرب عميقاً في التراث الديني
واليهودي وتاريخ الجماعات
اليهودية، وتتغذى من نزعة
التفوق والشعور بالتميّز عن
الآخرين، والتفرّد والاختيار.
والتوراة
هي الكتاب (المقدّس) الأول لدى
اليهود، وهي المرآة التي أسقط
عليها اليهود أخلاقهم ورؤيتهم
وتطلعاتهم. وقد وضع عددٌ من
الكتّاب مؤلفات وبحوث ودراسات،
تحلّل الصلة الروحية والنفسيّة
والذهنية بين نصوص التوراة التي
وقع تحريفها وتصرفات اليهود
الحاليين، والإرهاب الذي
تمارسه الصهيونية، سواء في
فلسطين والأراضي العربية
المحتلة، أو في أنحاء العالم
الأخرى. فمن
يستطيع محو الاعتقاد اليهودي
بأنّ الإله (يهوه) هو الذي
حذّرهم من مخالطة الشعوب، أو
قطع العهود معهم. ومن بإمكانه
إلغاء الإيمان اليهودي
المتوارث منذ آلاف السنين، بأنّ
الربّ هو من فرض عليهم إبادة
الشعوب المجاورة أو طردها.
كقوله ـ أو قول قادتهم على لسان
الربّ ـ : (متى أتى بك الربّ إلهك
إلى الأرض التي أنت داخل إليها
لتمتلكها، وطرد شعوباً كثيرة من
أمامك الحثيين والجرجاشيين
والأموريين والكنعانيين
والفرزيين والحوريين
واليبوسيين. سبع شعوب أكثر
وأعظم منك ودفعهم الربّ إلهك
أمامك وضربتهم فإنك تحرّمهم. لا
تقطع لهم عهداً ولا تشفق عليهم)،
[تثنية، الاصحاح السابع:1-2]. والقول
أيضاً :( وأما مدن هؤلاء الشعوب
التي يعطيك الربّ إلهك نصيباً
فلا تستبق منها نسمة ما، بل
تحرّمها تحريماً)، [تثنية،
الاصحاح العشرون: 16] ، ومئات
غيرها من (الوصايا والتعاليم)،
التي تنفجر حقداً وعنصرية
ورُعْباً. ومن
يقدر على إقناع اليهودي العاديّ
أنّ الإله (يهوه) لن ينصرهم على (الأعداء)،
ويمكّن (شعبه الخاص) من
الاستيلاء على أراضي الشعوب
ومدنها ومزارعها ومياهها.
أليسوا مؤمنين بأنّ (يهوه) مقاتل
باطش، مرعب، حقود، منتقم، يسير
أمام المحاربين (اليهود) لأنه
ربّ الجنود وهو الذي (أمرهم)
بتدمير المدن وتقتيل البشر في
هجمات وحشية صاعقة، كاسحة. ومنذ
اتخذ بنو إسرائيل (يهوه) إلهاً
لهم، جعلوه إلهاً غاضباً،
ظالماً، قاسياً، متعطشاً لدماء
الضحايا، حقوداً. فهو يأمر (شعبه
المختار) بإبادة (كلّ ما في
المدينة من رجل وامرأة، من طفل
وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير
بحدّ السيف)، [ يشوع: الاصحاح
السادس: 21]. فهل
يمكن للإله الرحيم أن يقول: (واقتل
رجلاً وامرأة، طفلاً ورضيعاً،
بقراً وغنماً، جملاً وحماراً)، [سفر
صموئيل الأول، الاصحاح الخامس
عشر: 3]؟! وهل غير (ربّ اليهود
يهوه) يمكن أن يأمر بقتل الأطفال
والرضّع والحيوانات ؟! فلسفة الاضطهاد
وإحياء التراث اليهودي يستند
الصهاينة فيما
يقومون به من أعمال إرهابية ضد
الغرباء (الغوييم)، أي غير
اليهود إلى الأساطير
التلمودية، حيث جاء في كتاب (التلمود)
العديد من المواقف التي تبرر
لهم ذلك وأهمها ، كما وردت فيه : 1)
كتب على شعوب الأرض أن
لحومكم من لحوم الحمير وزرعكم
من زرع الحيوانات ولهذا السبب
فالمباركون أولاد الحق هم
اليهود، وأرومتهم التي تضمخت
على جبل سيناء تبعد عنهم كل
قذارة. 2)
إذا وقع وثني في حفرة
فاسددها عليه بحجر كبير، وقال
النسر بن ميمون: محرم عليك أن
تأخذك الشفقة على وثني، بل
عندما تراه قد تدهور في نهر أو
زلت قدمه فكاد أن يموت، أجهز
عليه ولا تخلصه. 3)
أقتل الجاحد بيدك إذا
استطعت، ومن سفك دم الكفار بيده
يقدم قرباناً مرضياً لله، قال
الراب عازار: هذا يعني يسوع
وأتباعه، ويقول الراب يوشافاط:
هذا يعني كل الأجناس أيضاً بغير
استثناء وإن الوصية القائلة (لا
تقتل) معناها: (لا يجوز أن تقتل
إسرائيلياً)، وقال بن ميمون: إن
من ينكر التعليم اليهودي
وخصوصاً النصارى تتحتم إبادتهم
عن بكرة أبيهم وإهراق دمهم يكون
دائماً من الأعمال المحمودة،
وإذا كان التنكيل بهم غير
مستطاع، فالوشاية بهم واجبة. 4)
كما أن ربة البيت تعيش من
خيرات زوجها، هكذا (أبناء
إسرائيل) يجب أن يعيشوا من خيرات
أمم الأرض دون أن يحتملوا عناء
العمل. قال
العالم بفافركن: (إن ممتلكات
النصراني بالنظر إلى اليهودي هي
ممتلكات لا مالك لها مثل رمال
البحار، وأول يهودي يستولي
عليها عنوة يكون مالكها الأصلي).
وقد
امتد الإرهاب الصهيوني المستند
على الفهم الانتقائي والسياسي
لتعاليم التلمود والمصاغة
سياسياً بمبادئ (الدولة العبرية)
وخاصة مبدأ التجمع والاقتحام
حتى بعد قيام الكيان الصهيوني،
ولكن تحت الغطاء الرسمي (للدولة
العبرية) عبر مصادرة الأراضي
وهدم القرى واقتلاع الأشجار ،
وسن القوانين العنصرية وعمليات
الاغتيالات والتصفيات الممارسة
تجاه الآخرين، فإرهاب الدولة
الصهيونية له مرجعية فكرية
تلمودية وصهيونية عنصرية
متأصلة ومتوارثة من جيل لجيل،
وبالطبع هناك العديد من العوامل
والأسباب التضليلية المزيفة
التي أرتكزوا عليها في أعمالهم
الإرهابية اليومية المتجددة . وقد آمن
قادة الكيان الصهيوني من
متدينيين وسياسيين باعتماد
سياسات إرهابية دائماً
ومارسوها عملياً ، ولم ولن
يتوقفوا عنها مستقبلاً . وخير
دليل على ذلك قول هرتزل: (إني
أعتبر أن الاضطهاد ضرورة من
ضرورات الصهيونية، فاللاسامية
فيها بعض عناصر التلهي القاسي
والمنافسة التجارية والتعصب
الموروث واللاتسامح الديني،
ولكنني أجد فيها أيضاً الحاجة
الملحة للدفاع عن النفس). ويرى
قادة الحركة الصهيونية أن (الاضطهاد،
أثر في تحطيم شعور الاستقلال
القومي عند اليهود، وأفقدهم كل
مقومات الأمة من لغة وعادات
وأرض مشتركة)، ويتفقون على أن
المسألة اليهودية هي مسألة
قومية وليست اجتماعية أو دينية،
ولذلك يجب أن يصبحوا أمة.. (فنحن
شعب واحد) كما يقول هرتزل. وبهذا
انطلق تفكير آخر ورأي آخر، غير
فلسفة الاضطهاد تنادي بإنشاء
دولة يهودية تقوم على إحياء
التراث اليهودي والروح
اليهودية وكان على رأس هؤلاء
الفلاسفة والمفكرين آحاد هاعام
حيث يقول: (إن مشاعر الناس
القومية تهدف وتأمل في الوصول
إلى حل مشاكلهم الروحية أيضاً
بالإضافة إلى المتاعب المادية،
وظل اليهود على خلاف مع سائر
الأمم القديمة) ، ويعتقد هاعام
بقوله: (إن قادة إسرائيل إذا لم
يكونوا مثقفين بالثقافة
اليهودية، فإنه مهما بلغ
إخلاصهم لدولتهم ومصالحها، فان
مقياس هذه المصالح سيكون وفقاً
للحضارات الأجنبية، لأنهم هم
أنفسهم اقتبسوها وسوف يحاولون
بالإقناع أو بالقوة أن يثبتوا
أن تلك الحضارات في الدولة
اليهودية، ستحولها في النهاية
من دولة يهودية إلى دولة ألمان
أو فرنسيين من شعب يهودي). ثم يبرر
هاعام دور
التربية في تحقيق ما يدعو إليه
فيقول: (إن الحياة القومية
الكاملة تتضمن شيئين اثنين: 1)
فسح المجال للقدرات المبدعة
للأمة من خلال ثقافة قومية خاصة
بها. 2)
نظام من القيم يمكن من خلاله
لجميع أفراد الأمة أن يتشربوا
تلك الثقافة وينصهرون فيها..
وهذان الجانبان يعتمدان على
بعضهما، وإذا لم يتشرب الأفراد
بالثقافة القومية فإن نمو الأمة
سيتوقف وإذا لم تستخدم هذه
القدرات في خدمة تنمية الثقافة
القومية بشكل كاف فإن تربية
الصغار ستصبح ضيقة وسيتضاءل
تأثيرها تدريجيا على الأفراد). ويزعم
الصهاينة أن اليهود جميعاً
ينتمون إلى قومية يهودية مميزة
لها ذاتياتها ومعالمها وقيمها
الروحية والمادية، وأنهم
بمختلف أجناسهم يحملون سماتها
وملامحها المتجانسة التي
تلازمهم أينما أقاموا في أنحاء
العالم، ومظهر هذه القومية
لديهم هو اتحادهم في الجنس
والأصل وفي اللغة وفي الدين وفي
الثقافة وفي التاريخ، وهم
يربطون بين هذه القومية
المشتركة وبين أرض فلسطين
بروابط دينية ووطنية. والذي
يمكن ملاحظته هنا أن هذا الزعم
يتعرض للنقد من الشرق والغرب ،
حيث لا يوجد ضمن تقسيم السلالات
والأجناس في علم الانثربولوجيا
جنس يهودي خالص ، كما أسلفنا . أما
عن اللغة فإنها لا تكفي وحدها
لإيجاد قومية مشتركة، حيث نرى
أن كثيراً من دول العالم تتكلم
الإنجليزية مثل الولايات
المتحدة الأميركية وكندا
وأستراليا وكثير من المستعمرات
البريطانية، ولم تدّعِ إنجلترا
أن هذه الدول تكوّن القومية
البريطانية، بالإضافة إلى أن
هناك ثلاث لغات تجمع اليهود هي
لغة الإيديش واللغة العبرية
القديمة والعبرية الحديثة. أما
رابطة الدين كأحد مقومات
القومية المشتركة فإنها لا تنهض
دليلاً قاطعاً على اكتساب هذه
القومية فالدين وحده لا يمكن أن
يخلق القومية أبداً وإلا أصبح
أصحاب الدين المسيحي قومية
واحدة من شرق الصين إلى أميركا
اللاتينية، وينطبق القول كذلك
على الثقافة حيث أن توزع اليهود
بين سائر الأمم ،جعلهم يحملون
صفات مغايرة لثقافات تلك الشعوب.
وبالنسبة
للتاريخ نورد في هذا الصدد قول
الفيلسوف جان بول سارتر: (إنني
أنكر حق اليهود في اصطناع قومية
وطنية، أو حتى اشتراكهم في
عاطفة واحدة أو تاريخ واحد، أو
تراث فكري مشترك، ذلك لأن تاريخ
وطن اليهود في فلسطين قد اندثر
منذ ألفي سنة فليس سوى العقيدة
الدينية رابطة تؤلف بينهم
ويشتركون فيها). الجذور الدينية
والسياسية للحركة الصهيونية عند
التحدث عن الحركة الصهيونية
كأحد أهم مصادر التربية
اليهودية فإنه لا بد لنا من
العودة إلى الجذور التاريخية
للحركة الصهيونية والتعرف على
الوسائل والمؤسسات التي
أقامتها لبلورة أيديولوجية
خاصة بها، بإقامة إقليم يهودي
مستقل ذاتياً، واستقطاب
المهاجرين اليهود من مختلف
أنحاء العالم، وقلب الأفكار
والوقائع، و تنقسم الصهيونية
إلى جزأين متكاملين هما:
الصهيونية الدينية والصهيونية
السياسية، فالصهيونية الدينية
ترتبط بالأمل اليهودي الكبير
القائم على العودة إلى (أرض
الميعاد). وقد
كانت الصهيونية الدينية وراء
التقليد بالحج إلى الأراضي
المقدسة في العصور الوسطى وفي
خلال القرن 19حين ظهرت حركة (أحباء
صهيون) وهي المجموعات الصهيونية
التي هاجرت من أوروبا الشرقية
وخاصة روسيا وبولونيا
ورومانيا، في سنوات (1881 – 1904)
وأقامت فيها المستوطنات الأولى
وكان هدفها على حد قول الفيلسوف
الفرنسي روجيه غارودي: ( هو خلق
مركز روحي على أرض فلسطين [صهيون]
تتألف منه العقيدة والثقافة
اليهوديتان). أما
الصهيونية السياسية فهي مذهب
سياسي يدعو إلى تجميع اليهود في
أرض فلسطين على أساس قومي
عنصري، وهي الحركة التي تدعو
إلى التطبيق
العملي لمنهاج مؤسسها ثيودور
هرتزل والمتمثلة في النقاط
التالية: 1)
تبنى فكرة استعمار يهودي
منظم بمقياس واسع لفلسطين. 2)
الحصول على حق قانوني معترف
به دولياً بشرعية استعمار
اليهود لفلسطين. 3)
تشكيل منظمة دائمة تعمل
لتوحيد جميع اليهود للعمل في
سبيل الصهيونية. وكان
هناك نوعان من المؤيدين في صفوف
الحركة الصهيونية، يطلب الأول،
تحقيق النواحي الثقافية، بينما
يطلب الآخر الأغراض السياسية،
حيث تمثل مطلبهم في (تأسيس دولة
قومية يهودية في فلسطين). أما
الصهيونيون الثقافيون فكانوا
يهتمون أولاً وقبل كل شيء
بإعادة تربية الإنسان اليهودي،
وتشكيله ذهنياً، ببعث الثقافة
العبرية من النواحي اللغوية
والدينية والعنصرية كمقومات
تشكل بنية الفكر الصهيوني،
والأيديولوجية الصهيونية بشكل
عام. ولقد شكلت الحركة
الصهيونية لجاناً ومنظمات
وهيئات هدفها، بث الدعوة
الصهيونية بين اليهود في
أوروبا، وكانت تأخذ شكل دورس في
العبرية وفي التلمود وفي الفكر
السياسي الصهيوني. وكانت بوتقة
التعليم بالنسبة لدعوتهم
العمود الفقري لنجاحهم في
استقطاب الآلاف من اليهود الذين
كانوا يعيشون في( الجيتو) روحاً
وجسداً. من خلال
كل ما سبق ، نلاحظ كيف كانت
الحركة الصهيونية أحد مصادر
فلسفة التربية عند اليهود نظراً
لما قدمته من أفكار ونظريات
وخدمات تعليمية من أجل وضع أسس
تربوية خاصة تستطيع من خلالها
تطبيق أهدافها الأيديولوجية
والتربوية بين صفوف اليهود في
كل مكان. ويعتقد
اليهود أن أرض فلسطين - بل الأرض
الممتدة من النيل إلى الفرات -
وعد إلهي لهم على مدار الزمان
منذ إبراهيم واسحق ويعقوب خالصة
لهم من دون الناس . وكان
الانغلاق العنصري الصهيوني
ضروري لعودة كل يهودي من الشتات
إلى (أرض الميعاد) وترحيل غير
اليهودي عنها . ويعتقد اليهود لا
أحد غيرهم سيدخل الجنة ، وأما
سواهم فمأواهم الجحيم. ويعتقدون
أن (خيرات الأرض لهم وكل ما في
أيدي الناس ملكهم ، ولو لم يخلق
الله اليهود لانعدمت البركة من
الأرض ولما أمكن باقي المخلوقات
أن تعيش) ، وأن الله (سلطهم على
أموال الأمم الأخرى ودمائهم ،
وأن لليهودي حق سرقة الأجنبي
وغشه واخذ ماله بالربا الفاحش). وأن (
قتل اليهودي للأمي لا يعد جريمة
في نظرهم بل فعل يرضي الله ،
وجرائمهم مع الناس قربان يثيبهم
الله عليها ). وقد
اعتمد اليهود منذ وطئت أقدامهم
ثرى فلسطين ، منهج القتل وسفك
الدماء وارتكاب المجازر البشعة
، والقصد من ذلك تفريغ الأرض من
أصحابها الشرعيين والاستيلاء
عليها . وظلت هذه السياسة متبعة
من المنظمات الإرهابية
اليهودية حتى العام 1948م . ثم
تشاركت معها فيه دولة الظلم
والعدوان بمختلف أجهزتها منذ
ذلك الوقت إلى يومنا هذا ، ولم
يوقف توقيع الاتفاقيات بين
الكيان الصهيوني ومنظمة
التحرير الفلسطينية ، على شدة
بأسها وإهدارها للحقوق
الفلسطينية التاريخية ورفضنا
المطلق لها ، هذا النهج
العدواني الدموي الإرهابي بل
استحكم هذا المنهج ، واستعمل
الصهاينة كل أنواع الأسلحة ،
حتى المحرمة منها ، ضد المدنيين
العزل ، وصوبوا أسلحتهم نحو
الجزء العلوي من الجسم بقصد
القتل ، ولم يتورعوا عن استهداف
الأطفال والنساء والشيوخ ، ولا
فرق عندهم بين المقاوم الذي
يدافع عن حقه وبين المدنيين
العزل والأطفال والنساء . نظرة عنصرية
استعلائية رافضة للوجود
الفلسطيني تفهم
العنصرية الصهيونية الفصل
والعزل بطريقتها الخاصة ،
والقائمة أساساً على : إعادة
توطين الجماعات اليهودية
الآتية من مختلف أنحاء العالم
فيما يسمى بأرض الميعاد لإقامة
دولة اليهود ، مقابل القيام
بطرد الفلسطينيين السكان
الأصليين من أرضهم وإحلال
المهاجرين محلهم . وهنا تكمن
حقيقة المأساة والجريمة التي
يسعى قادة الكيان الصهيوني ، بل
وأصحاب القرار في المجتمع
الدولي إلى محاولة طمسها وتغييب
الإجابة عن التساؤلات الجوهرية
التي تطرحها طبيعة وجود هذا
الكيان العنصري ، وفي مقدمتها : ما
ذنب العرب وخاصة الشعب
الفلسطيني في أن تكون فلسطين
حلا للمسألة اليهودية ؟ وأن يتم
تفريغ الأرض من أصحابها
الشرعيين ، بذريعة (أرض بلا شعب )
، وبالتالي خلق ما يطلق عليه (القضية
الفلسطينية) . والحقيقة
أن جوهر فكرة الفصل العنصري في
المفهوم والتطبيق الصهيوني هو
حدوث التزامن بين (عملية الضخ
إلى الخارج ، والضخ إلى الداخل) . بيد
أن الحركة الصهيونية لم تفلح في
تهجير كل السكان الأصليين
الفلسطينيين ، والذين نفضل شيوع
استخدام مصطلح (فلسطينيو
الأراضي المحتلة عام 48 ) خلافا
للتسمية الرسمية الصهيونية : (عرب
إسرائيل ) أو (الأقلية العربية) ،
أو غيرها من التسميات العربية
ومنها (فلسطينيو الخط الأخضر ) ،
فهؤلاء هم تلك الشريحة الهامة
من الشعب الفلسطيني الذين
تشبثوا بأرضهم ولم يغادروا
ديارهم على أرض فلسطين عقب نكبة
عام 1948 ، وكان تعدادهم ، وقتئذ ،
قرابة 170 ألف نسمة ، بعد أن تمكن
الصهاينة باعتمادهم أبشع آليات
ووسائل الإرهاب ، من تهجير أكثر
من 850 ألف فلسطيني من وطنهم ،
وشكلوا .آنذاك، نحو 20 % من تعداد
سكان الأراضي المغتصبة ، في
حوزتهم 21% من الأرض ، وبعد أكثر
من 60 عاماً من الاحتلال ، تقلص
ما بيدهم إلى 4% من جملة مساحة
الوطن المحتل بفعل مصادرة
الأراضي وهدم القرى . وكان معظم
هؤلاء من الفلاحين ، وقد
تكاثروا خمس مرات تقريبا خلال
العقود الستة الماضية ، نتيجة
أن معدل زيادتهم السكانية كانت
هي الأعلى في العالم ، وحسب
الإحصاءات الصهيونية الرسمية
لعام 1998 ، وصل
عددهم إلى مليون و 254 ألف نسمة ،
بنسبة 20.8% مقابل 4 ملايين و783 ألف
يهودي ، يتمركزون في الجليل(
شمالا) وعاصمته الناصرة العاصمة
الاقتصادية والسياسية
والثقافية ، وفي المثلث العربي (
في الوسط ) ورأسه في أم الفحم
وقاعدته في كفر قاسم والطيرة
والطيبة ، وفي النقب ( جنوبا )
إضافة إلي وجود مختلط في مدن
يافا وعكا واللد والرملة وحيفا .
وقد
فرضت سلطات الاحتلال عليهم منذ
1948 وحتى 1966 الحكم العسكري بموجب
ما يسمى بقانون الدفاع ( قانون
الطوارئ عام 1954 ) ونتيجة لصمودهم
وتمسكهم بوطنهم وأرضهم ، ولأن
الاحتلال كان يسعى لتسويق نفسه
دولياً ، خاصة في الغرب "
كواحة للديمقراطية " واحترام
حقوق الإنسان ، اضطر أن يعرض
عليهم حمل (جنسية المحتل) أو
مغادرة البلاد بعد مهلة محددة ،
فقبلوا أن يكونوا ( مواطنين ) في
دولة الاحتلال ، انطلاقاً من
قناعتهم أنه لا يجب ترك أرضهم
للغرباء. أي أنه في الوقت الذي
يعتبر فيه هؤلاء من الناحية
القانونية الدولية مواطنين
ويتحتم على سلطات الاحتلال أن
تعاملهم على أساس أنهم سكان
أصليون ولهم جميع الحقوق
والحريات ، طبقا للقواعد
القانونية الدولية بهذا الخصوص
، فإن شيئا من هذا لم يحدث ولن
يحدث ، فالنظام العنصري
الصهيوني ، وأية عنصرية أخرى
ترفض بطبيعتها المساواة ، بل
يعتبر إجهازاً على المفهوم
العنصري ذاته ، فالاستعلاء
الصهيوني المستمد من منطلق (الشعب
المختار) ، ومن مبدأ استعلاء
الأرض المستمد من منطلق (الإيمان
بأرض الميعاد) ، وهذا بالإضافة
إلى ربط هذين المفهومين بالإله
القوي (الله القوي) واختصاص
اليهودية به واختصاصه باليهود ،
وصب ذلك في قالب سياسي
ذي نزعة استعمارية شرسة ،
استيطانية اقتلاعية وإحلالية ،
وهي العنصرية الصهيونية ،
القائمة بالأساس على نفي الآخر
وتهجيره ، ومن ثم تصبح ألوان
التمييز مسألة طبيعية وظاهرة
يومية إزاء كل من يفرض تواجده
بين أولئك العنصريين ، بمعنى
أخر تصطبغ الحياة بكافة مناحيها
السياسية والقانونية
والاقتصادية . . . الخ بالصبغة
العنصرية التمييزية ، وهي
سياسات تمييز مؤسساتي ، وبصورة
منهجية ومبرمجة ، في ضوء أزمة
المساواتية المعلنة والتمييز
الضمني وتلك خاصية ملازمة
للمشروع الصهيوني منذ تأسيسه . ومنذ
عسرينات القرن الماضي ، حاول
الصهاينة تكريس المزاعم بأن
فلسطين هي ( ارض
بلا شعب ) للتغطية على حقيقة أن
اليهود لم تتجاوز نسبتهم (11%) من
سكان فلسطين عام 1917 ، و بدأت هذه
النسبة تتزايد ، بفضل هجرتهم
غير الشرعية ، تجاه (
أرض الميعاد) إلى أن بلغت نسبتهم
(30%)عام 1947 ، ثلاثة أرباعهم ولدوا
خارج فلسطين ، ولا يحملون
الجنسية الفلسطينية ، ثم قامت
هذه الأقلية بإتباعها نهجاً
عنصرياً إرهابياً ، بطرد سكان
البلاد الشرعيين من موطنهم ،
وهم الغالبية وهجرتهم إلى أنحاء
الأرض ، لتلاحقهم بعد ذلك
بالموت والدمار. وفعليا قامت
قوات الاحتلال بطرد نحو 850 ألف
فلسطيني ، آنذاك ، من وطنهم وهم
سكان 526 مدينة وقرية ، وأحلت
مكانهم المستوطنين اليهود
الذين غادروا أوطانهم الأصلية
طوعا وطمعا بتأثير الحركة
الصهيونية . وعانى الفلسطينيون
الأمرين من جراء اقتلاعهم من
أرضهم وحرمانهم من الوطن
والهوية ، كما عانوا الأمرين في
مناطق اللجوء ، في المخيمات
جراء شظف العيش والضياع والفراغ
المؤسساتي والقانوني ، كما
تعرضت وحدتهم المجتمعية لمخاطر
التفكيك والتذويب بسبب تباين
النظم التي خضعوا لها . وحاليا
يبلغ عدد هؤلاء اللاجئين مع
المنحدرين منهم قرابة ستة
ملايين نسمة ، أي أنهم ليسوا فقط
الـ 3.7 مليون فلسطيني المسجلين
لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
– الاونروا – والموزعين على
أكثر من ستين مخيما للاجئين ،
خاصة في أربع دول عربية هي (سوريا
و الأردن ولبنان ومصر) لأن العدد
يشمل أيضا ألوف الفلسطينيين في
الأراضي التي قام عليها الكيان
الصهيوني عام 1948 ، أي اللاجئين
الداخليين الذين يرون أمام
أعينهم مواطنهم وممتلكاتهم ولا
يستطيعون العودة إليها ، وتصفهم
سلطات الاحتلال بأنهم (غائبون –
حاضرون ) . وبظهور
مشكلة اللاجئين الفلسطينيين
وبخاصة بعد حرب 1948 الكارثة
والجريمة الصهيونية
العنصرية التي ارتكبت بحق
الشعب الفلسطيني والتي تتابعت
فصولها خلال أكثر من ستين عاما ،
تولدت جهود متضافرة داخل الأمم
المتحدة لحل المشكلة في إطار
تسوية سياسية وكان محط الاهتمام
الرئيسي للأمم المتحدة قرار
الجمعية العامة للأمم المتحدة
الصادر في 11/12/1948 والذي يحمل
الرقم 194 بشأن حق العودة والذي
نال دعم 35 دولة منها الولايات
المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضد 15
، وامتناع ثماني دول عن التصويت
، والذي تنص الفقرة 11 منه على
الآتي : (تقرر
الأمم المتحدة وجوب السماح في
أقرب وقت ممكن للاجئين الذين
يرغبون في العودة إلى ديارهم
والعيش مع جيرانهم ويجب أن يسمح
لهم بذلك في أول فرصة عملية ،
ويجب دفع التعويض لأملاك هؤلاء
الذين يختارون عدم العودة ودفع
الخسائر والأضرار للممتلكات ،
حسب مبادئ القانوني الدولي
والعدالة من قبل الحكومات –
والسلطات المسئولة ) . سياسات عنصرية
استيطانية إحلالية استناداً
إلى الوقائع التاريخية يتحمل
قادة الكيان الصهيوني وزر
المسؤولية الكاملة عن المعاناة
الإنسانية المروعة التي تعرض
لها شعبنا الفلسطيني من مجازر
دامية ، بلغت حتى يومنا هذا أكثر
من 125 مجزرة ، من بينها كفر قاسم
وقبية ودير ياسين ويازور
والطنطورة والحولا
وعين الزيتون، وأن ما يقترب من
500 بلدة وقرية فلسطينية سويت
تماما بالأرض لإجبار سكانها على
النزوح هربا من اعتداءات يشنها
رجال العصابات الإرهابية
الصهيونية على بلداتهم وقراهم .
وفى حالات متعددة بناء على
أوامر رسمية صهيونية لإنجاز
عملية تطهير عرقي غير مسبوقة في
القرن العشرين ، وليس استجابة
لنداء من القيادات العربية أو
طوعا ، كما تذهب الرواية
الصهيونية بشان قرابة 850 ألف
فلسطيني طردوا من ديارهم وجردوا
من ممتلكاتهم إضافة إلى تفنيد
الأسطورة الأكثر ذيوعا
وشيوعا عن حرب 1948 والتي يؤمن
غالبية الصهاينة بأن تلك الحرب
كانت صراعا بين داود (الإسرائيلي
الصغير) في مواجهة العملاق (غوليات)
فالحقيقة التي توافرت لدى
باحثي (تيار المؤرخين
الإسرائيليين الجدد) أن اليهود
كانوا متفوقين على العرب عتادا
وتنظيما وتخطيطا وفى عدد
المقاتلين المدربين على كل
الجبهات ، وفى كل المعارك
تقريبا . وبالتالي مسؤولية
الصهاينة تجاه كافة أفراد الشعب
الفلسطيني لما تعرضوا له من
عمليات إرهاب دولة منظم ومتعمد
، وتشريد مخطط ، وعدوان متواصل
وخروقات متكررة لحقوق الإنسان
في مختلف الأراضي العربية
المحتلة . بما فيها الأراضي
المحتلة عام 1948 ، والأحداث التي
أعقبت زيارة بلدوزر الإرهاب
الصهيوني أرئيل شارون لباحة
المسجد الأقصى ، واندلاع
انتفاضة الأقصى والاستقلال في 28
أيلول/سبتمبر 2000 ، خرجت تظاهرات
احتجاج عارمة داخل الأراضي
المحتلة عام 48 ، فكان رد الحكومة
الصهيونية ضد مواطنيها العرب ـ
الفلسطينيون ـ الذين لم يقوموا
بأكثر من التظاهر المدني السلمي
ضد سياسة الحكومة واستفزازات
غلاة اليمين المتطرف ، بمثابة (
إعلان حرب ). وما تزال الصور
والتعبيرات عن مدى وحشية قوات
الشرطة الصهيونية ضد مواطنيها
العرب ، والتي تثبت وجود خطة
مسبقة لسحق أي تعبير تضامني لهم
مع نضال إخوانهم الفلسطينيين في
الأراضي المحتلة عام 1967 ، كما أن
تعامل قوات الشرطة بتلك الوحشية
وهذا القدر من العنف وبعقلية
الدول البوليسية وجذور العنف
والعنصرية المتفشية بين صفوف
أفراد هذه الشرطة ، والتي تعمدت
استخدام الرصاص الحي إضافة
للرصاص المطاطي ، وقتلت بدم
بارد 13 شهيداً من فلسطينيي 1948
وأكثر من مائة جريح ، بعضهم كانت
إصابتهم خطرة . وثبت أن معظم
الإصابات كانت إما في الرأس أو
الصدر فيما يعني تعمد القتل ،
وبروز ظاهرة إطلاق النار بشكل
مكثف باتجاه العرب ، وقيام قوات
الشرطة بحماية المعتدين من
اليهود الذين قاموا بإلقاء
زجاجات حارقة على المنازل
العربية والمقدسات الإسلامية ،
وإضرام النار في العشرات من
المحلات التجارية التي يملكها
فلسطينيو الـ 48. وقد
واكبت هذه الأحداث وساعدت على
بروز حالة هيستريا عنصرية من
المتطرفين اليهود ضد المواطنين
العرب ، وضد ممثليهم في الكنيست
، وصلت إلى حد التقدم بمشروع
قانون يشترط ( منح المواطنة
للعرب بولاء مشفوع بالقسم
للدولة اليهودية ، ونزع حق أي
نائب عربي ينفي الطابع اليهودي
للدولة من الترشيح ثانية
للحيلولة دون قيام نواب عرب
بتأييد منظمات معادية) – في
إشارة إلى تصريحات النائب ،
آنذاك ، الدكتور عزمي بشارة
والذي اعتبر مقاومة حزب الله في
لبنان ضد العدوان الصهيوني
مقاومة مشروعة ضد استمرار
الاحتلال الصهيوني لمزارع شبعا
اللبنانية . كما
طالب المتطرفون الصاينة
حكومتهم حظر
نشاط الحركة الإسلامية
الفلسطينية في الداخل المحتل . ومن
الأهمية بيان أن تلك الأحداث
ليست ( حالة استثنائية ) ، وإنما
هي استمرارية في تنفيذ سياسة
منهجية ومبرمجة لطمس الهوية
الوطنية الفلسطينية ، وتجسيداً
متواصلاً للعنصرية
اليهودية ،والتي تشكل تعبيرا عن
عقيدة الدولة ومبررا لوجود
الكيان الصهيوني. فالحركة
الصهيونية ، فكرا وعقيدة
وممارسة ، حركة عنصرية ، في
الماضي والحاضر والمستقبل . والحقيقة
التي لا مراء فيها أن السياسات
الصهيونية ليست
تمييزاً عنصرياً فحسب ، بل هي
مواصلة لمساعٍ لا تنتهي لإلغاء
وجود وهوية شعب ، قصد إيجاد هوية
لشعب آخر محله . وليس التمييز أو
المفاضلة بين شعب وشعب ، وإنما
هو نفي للوجود الوطني الفلسطيني
، لا بل الوجود المادي والجسدي
لشعب فلسطين من أجل إيجاد وجود (وطني
للشعب اليهودي) ، دون أدنى علاقة
أو مسؤولية ، مباشرة أو غير
مباشرة ، عن مسؤولية الشعب
الفلسطيني ، جغرافياً
وتاريخياً ، عن حل (المسألة
اليهودية). وإن أحد
الأشكال الأساسية للعنصرية
والعنف الصهيوني ، هو رفض
الصهاينة قبول الواقع والتاريخ
العربي في فلسطين ، باعتبار أن
الذات الصهيونية واليهودية هي
مركز هذا الواقع ومرجعيته
الوحيدة. وعليه
يستبعد الصهاينة العناصر
الأساسية (غير اليهودية)
المكونة لواقع فلسطين وتاريخها
من وجدانهم ورؤيتهم وخريطتهم
الإدراكية. ومما
لاشك فيه أن ما يسمى بقانون (العودة
الإسرائيلي) ، ليس إلا ترجمة
للعنصرية والعنف الصهيوني حين
يُعطي أيُّ يهودي في العالم حق (العودة
إلى إسرائيل) في أي وقت شاء ،
ويُنكر هذا الحق على ملايين
الفلسطينيين الذين طُردوا من
فلسطين على دفعات منذ عام 1948،
رغم أن يهود العالم لا يودون
الهجرة إلى إسرائيل بينما يقرع
ملايين الفلسطينيون أبوابها. وتظل
العنصرية الصهيونية ذات جذور
خاصة تمنحها بعض السمات المميزة:
أهمها أن الصهيونية لم تكن
حركة استعمارية وحسب وإنما هي
حركة استيطانية إحلالية (أرض
بلا شعب) وهو ما يعني ضرورة أن
تُخلي الأرض التي سيُنفَّذ فيها
المشروع الصهيوني من السكان
الأصليين، ولا يمكن أن يتم هذا
إلا من خلال أقصى درجات العنف
النظري والإرهاب الفعلي.
وهذا ما
يحدث فعلياً كل يوم في القدس
والخليل ونعلين وبلعين
والمعصرة وغيرها من المدن
والقرى الفلسطينية المحتلة ،
حيث القتل اليومي ومصادرة
الأراضي والمزيد من الاستيطان
والاستمرار في بناء جدار الفصل
العنصري، بحيث لم تعد توجد قرية
فلسطينية واحدة لم يعزلها
الجدار أو تمزقها المستوطنات
القريبة فوق أراضيها. وتتضح
أبرز تجليات العنصرية والإرهاب
الصهيوني ، من الجردة المأساوية
للعدوان الصهيوني على كافة
أبناء الشعب الفلسطيني في
الانتفاضتين (الأولى والثانية)
، حيث تقدر حصيلة الإرهاب
الصهيوني أثناء الانتفاضة
الأولى ما بين (1987 و1993) حوالي 1300
شهيد ، ونحو 90 ألف جريح ومصاب و15
ألف معتقل فضلاً عن تدمير ونسف
1228 منزلاً واقتلاع 140 ألف شجرة
من الحقول والمزارع الفلسطينية.
أما
حصيلة الانتفاضة الثانية (انتفاضة
الأقصى) ، فحسب تقرير رسمي أعده
مركز المعلومات الصحية
الفلسطيني التابع لوزارة الصحة
فإن ضحايا الإرهاب الصهيوني بلغ
نحو 3015 فلسطينياً
، بينهم 951 طفلاً فلسطينياً
استشهدوا على يد قوات الاحتلال
، في حين بلغ عدد الجرحى عشرات
الآلاف ، بينهم حوالي 18811 طفلاً.
كما اعتقلت سلطات الاحتلال ( 7600 )
طفل وطفلة منذ اندلاع انتفاضة
الأقصى ، وأن من بينهم قرابة (200 طفل
قاصر) تعرضوا للاعتقال الإداري
دون تهمة أو محاكمة. وجاء في
تقرير آخر أعده المركز
الفلسطيني لحقوق الإنسان في 3 آب/أغسطس
2006 حول جرائم (الإعدام خارج نطاق
القانون) التي اقترفتها قوات
الاحتلال الصهيوني خلال الفترة
بين ( آب/أغسطس 2006- حزيران/يونيو
2008) ، أن العدو الصهيوني اقترف
ما يقارب من 252 جريمة اغتيال ،
راح ضحيتها 603 فلسطينياً ، أي ما
يقارب 20% من عدد المدنيين
الفلسطينيين الذين سقطوا خلال
انتفاضة الأقصى. كما
أشار تقرير صادر عن مركز غزة
للحقوق والقانون الفلسطيني إلى
أن عدد الجرحى الفلسطينيين بلغ
نحو 24 ألفا منهم ألف جريح يعانون
من إعاقة دائمة. وتندرج
الهجمة الصهيونية الوحشية التي
شنت في السابع والعشرين من شهر
كانون الأول/ديسمبر/2008، على
قطاع غزة في سياق السياسات
الصهيونية العنصرية الإرهابية
لاستكمال عملية التطهير
العرقي . حيث سقط خلال ثلاثة
أسابيع من القصف المكثف أكثر من
ألف وثلاثمائة شهيد وأكثر من
خمسة آلاف جريح . وقد
أثبت هذا العدوان الوحشي أن
الدولة الصهيونية ليست مستعدة
للتعاطي مع الفلسطينيين إلا
بمقدار ما يتخلون عن حقوقهم
الوطنية ويرضون بالعيش في (
كانتونات معزولة )، أو في
مخيّمات اللجوء في الخارج. وما أن
انتهى العدوان الصهيوني ، حتى
أعلنت العديد من المؤسسات
الإنسانية الأممية والإعلامية
، ومنها (الغارديان) البريطانية
من أنها تمكنت من جمع أدلة عن
ارتكاب الكيان الصهيوني جرائم
حرب في غزة ، وجرائم ضد
الإنسانية ، بما يستلزم
المحاكمة والعقاب أمام محكمة
الجنايات الدولية ، كما تضمنت
هذه الأدلة شهادات جنود
الاحتلال الصهيوني عن الجرائم
التي ارتكبوها في قطاع غزة،
وطلبت العديد من المنظمات
الحقوقية ، من الأمم المتحدة
إنشاء محكمة خاصة مؤقتة على
غرار رواندا وسيراليون
وكمبوديا لملاحقة مجرمي الحرب
الصهاينة قضائياً وتجريمهم. وقد كشف
تقرير لجنة الأمم المتحدة لتقصي
الحقائق حول الحرب على غزة،
برئاسة القاضي اليهودي
الصهيوني الجنوب أفريقي،
ريتشارد غولدستون ، ارتكاب
الجيش الصهيوني لجرائم حرب ضد
الفلسطينيين خلال هجومه على غزة
. وقد
صادق مجلس حقوق الإنسان التابع
للأمم المتحدة في جنيف مساء يوم
16/تشرين الأول /أكتوبر الجاري ،
على مشروع القرار الخاص بتبني
التقرير وإحالته إلى مجلس الأمن
الدولي، والى الجمعية العامة
للأمم المتحدة أيضاً، وهو ما
يوفر الأساس لتقديم قادة العدو
الصهيوني إلى محكمة الجنايات
الدولية. وتجدر
الإشارة هنا إلى أن
نيكول ابنة ريتشارد
غولدستون، دافعت بضراوة عن
يهودية وصهيونية والدها في
مقابلة مع إذاعة العدو ،تحدثت
فيها باللغة العبرية، جازمة بأن
والدها ، المغضوب عليه صهيونياً
، وعلى تقريره هو صهيوني ويحب (إسرائيل)
وأنه قد (خفف من قسوة التقرير،
ولو كان غيره لخرج التقرير أكثر
قسوة بكثير). وهذا صحيح فعلاً
لأن غولدستون حاول في تقريره
المساواة بين الضحية والجلاد ما
استطاع، وتجاهل أن يدرج في
تقريره صفة (جرائم ضد الإنسانية)
مكتفياً باعتبار أن ما حدث هو (
جرائم حرب ارتكبتها قوات
الاحتلال الصهيوني من جهة وحركة
حماس من جهة ثانية )!! . وبالرغم
من كل ذلك بذل قادة العدو
الصهيوني منذ صدور تقرير
غولدستان جهودا دبلوماسية
وقانونية لمنع اعتقال قادة
الكيان ومسؤوليه في دول أجنبية
بعد اتهامهم بارتكاب جرائم حرب.
واعتبر وزير الخارجية الصهيوني
المتطرف ،حارس البارات الروسية
سابقاً ، أفيغدور ليبرمان،
في بيان صحفي عممه مكتبه، في17
سبتمبر 2009 ، أنه (تم تشكيل لجنة
غولدستون بهدف تجريم إسرائيل
بجرائم تم تحديدها سلفا. وأعضاء
اللجنة لم يجعلوا الحقائق
تربكهم، إذ أن غاية التقرير كان
يهدف إلى تقويض صورة إسرائيل
بواسطة دول لا تَرِد مصطلحات
مثل حقوق الإنسان وأخلاقيات
القتال في قواميسها) في إشارة
إلى دول عربية وإسلامية يدعي
قادة العدو أنها تقف وراء تشكيل
اللجنة الأممية. وأضاف
الإرهابي المتطرف ليبرمان ، أن (
تقرير غولدستون يريد إعادة
الأمم المتحدة إلى فتراتها
الأكثر حلكة والتي أقرت فيها إن
الصهيونية عنصرية). ورأى أنه (لا
توجد للتقرير أية قيمة قانونية
أو أخلاقية ولا يستند إلى
حقائق، وهو يجرم كاتبي التقرير
ومرسليهم أكثر مما يجرم
إسرائيل، وسوف تستمر إسرائيل في
الدفاع عن جنودها أمام هجمة
النفاق والتزوير). كما كشف
الصحفي السويدي دونالد بوسترم
في 17 آب/أغسطس الماضي ، في
تحقيق استقصائي بعنوان: (أبناؤنا
نُهِبَت أعضاؤهم)، عن جرائم
سرقة سلطات الاحتلال الصهيوني
لأعضاء الفلسطينيين بعد
استشهادهم أو قتلهم للمتاجرة
بها . وتحدث الصحفي السويدي عن
أن سرقة أعضاء الفلسطينيين التي
تتضمَّن أمرين؛ الأول هو شراء
الصهاينة الأعضاء البشرية من
الفلسطينيين الفقراء ويبيعها
بعد ذلك في نيويورك ، والأمر
الثاني قيام الصهاينة بسرقة
أعضاء الفلسطينيين الجرحى أو
القتلى، وأكد بوسترم ( أن هناك
سرقةً للأعضاء تتم بدافع علمي؛
حيث تستخدم جثث الفلسطينيين في
دروس العلوم في مدارس الكيان
الصهيوني)، كما تضمن التحقيق
الإشارة إلى قصة الحاخام ليفي
يتسحاك روزنباوم الذي تورط
مؤخرا في قضايا الاتجار
بالأعضاء البشرية التي أثارت
عاصفة في الولايات المتحدة
وإسرائيل. و في
الختام ، يجدر القول بعد كل ما
تقدم ، أنَّ
حصر الجرائم الإرهابية
العنصرية ، التي نُفِّذت بأيدي
قوات الاحتلال الصهيوني ضد
الفلسطينيين داخل الأراضي
المحتلة وخارجها ، عملاً جديراً
ببذل الجهد رغم صعوبته ، ليكون
بين أيدينا الدليل القاطع حول
جرائم الحرب والجرائم ضد
الإنسانية التي اقترافها قادة
وجنرالات العدو الصهيوني
ضد المدنيين الفلسطينيين
العزل ، لملاحقتهم وتقديمهم
للمحكمة الجنائية الدولية ،
آخذين بعين الاعتبار أن هذه
الجرائم لا تسقط بالتقادم مهما
طال الزمن . فمنذ
عام 1948 وسلطات الاحتلال
الصهيوني تطور آليات ممارسة
إرهاب الدولة المنظم منتهكة كل
بنود الاتفاقات الدولية
الخارجية بمعاملة السكان
المدنيين تحت الاحتلال. ويبرز
بين هذه الآليات الإرهابية
الاستخدام الواسع والمكثَّف
لأساليب العقاب الجماعي من حظر
للتجوال وفرض الحصار الأمني (الإغلاق)
وهدم البيوت وغيرها. وتاريخ
الأراضي المحتلة عقب نكسة 1967 هو
سجل يومي لشتى ممارسات العنصرية
والإرهاب التي تعتبر ثمرة تراث
سلطة احتلال استيطاني، بدءاً من
إطلاق النار على المتظاهرين
وسقوط الشهداء والجرحى وضمنهم
الأطفال والنساء، والاعتداء
على السياسيين والمثقفين
وترحيلهم خارج البـلاد. وفرض
أوامر الإقامـة الجبرية
والاعتقال والتعذيب بمختلف
أنواعه. أهم
المصادر والمراجع : الموسوعات والكتب : 1.
د.خلف محمد الجراد ، الأبعاد
الفكريّة والعلميّة -التقنيّة
للصراع العربي – الصهيوني،
منشورات اتحاد الكتّاب العرب-
دمشق 2000. 2.
سالم الصفار، الصهيونية :
أصل الإرهاب و أصوليته ، دار
المحجة البيضاء، بيروت، 2005. 3.
صالح عبد الله سرية ، تعليم
العرب في إسرائيل، مركز الأبحاث
الفلسطيني / بيروت 1974. 4.
د.عبد الوهاب المسيري ،
موسوعة اليهود واليهودية
والصهيونية
، دار الشروق ، القاهرة ،
عام 1999. 5.
الموسوعة الفلسطينية،
القسم الثاني، هيئة الموسوعة
الفلسطينية، بيروت، 1990. 6.
الموسوعة الفلسطينية، ط1،
هيئة الموسوعة الفلسطينية،
دمشق،1984. 7.
محسن خليفة التونسي ، (ترجمة)
، الخطر اليهودي، بروتوكولات
حكماء صهيون ،ط 4، 1961. 8.
موفق النقيب، منابع الإرهاب
: الصهيونية إسرائيل ، دار
الرائي، دمشق، 2005. .......... تقارير ودراسات : 1.
داود درعاوي ، تقرير حول
جرائم الحرب والجرائم ضد
الإنسانية (مسؤولية إسرائيل
الدولية عن الجرائم خلال
انتفاضة الأقصى) الهيئة
المستقلة لحقوق المواطن سلسلة
التقارير القانونية رقم 24، رام
الله فلسطين، آب/أغسطس 2001. 2.
سمعان بطرس فرج الله ،
الجرائم ضد الإنسانية إبادة
الجنس البشري وجرائم الحرب
وتطور مفاهيمها، دراسات في
القانون الدولي الإنساني ،
إعداد نخبة من المتخصصين
والخبراء صدر عن بعثة اللجنة
الدولية للصليب الأحمر
بالقاهرة، الناشر دار المستقبل
العربي واللجنة الدولية للصليب
الأحمر ط1، 2000. 3.
مؤسسة الحق، تصفية قوات
الاحتلال الإسرائيلي للمواطن
الفلسطيني في الأراضي
الفلسطينية المحتلة، مؤسسة
الحق، رام الله، فلسطين، شباط
2001م. 4.
محمود شريف بسيوني، وآخرون
، المجلد الأول لحقوق الإنسان،
دار العلم للملايين، بيروت، 1988. 5.
الهيئة الفلسطينية
المستقلة لحقوق المواطن،
التقرير السنوي السادس، حالة
المواطن الفلسطيني، 1 كانون
الثاني 2000 – 31 كانون أول 2000،
الهيئة، شباط 2001، رام الله،
فلسطين. مواقع الانترنيت : 1.
موقع الشبكة الإعلامية
الفلسطينية...
www.pal-media.net 2.
موقع المركز الإعلامي
الفلسطيني... www.palestine-info.info 3.
موقع المركز الفلسطيني
للتوثيق والمعلومات ... www.malaf.info 4.
موقع شبكة فلسطين الإخبارية...
www.pnn.ps/arabic/index.htm 5.
موقع فلسطين اليوم... www.paltoday.com/arabic 6.
موقع مركز المعلومات الوطني
الفلسطيني... www.pnic.gov.ps ـــــــــــــ *كاتب
وباحث فلسطيني متخصص
في شؤون الارهاب الصهيوني -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |