ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (13) د.
محمد سعيد حوى مع
القاعدة السابعة:. اكدت
انه لا بد من حسن الفهم للنص
الذي سلم من العلل قبل رده.
لاننا في هذا العصر بين مدرستين
في نقد الحديث (والكلام هنا عن
اهل السنة والجماعة حصراً, ولا
يعنيني اتباع المدارس الاخرى,
الآن). المدرسة
الاولى: عنيت بالاسانيد ولا
تكاد تنظر في المتن وان قالت
خلاف ذلك. المدرسة
الثانية: لا تكاد تنظر الا في
المتن ومع نظرها في المتن ترد
الحديث لادنى شبهة عقلية او
شرعية في نظرها ولربما لو تأنت
في النظر ومحصت مع الأخذ بعين
الاعتبار انتفاء الحديث من علله
لكان الموقف مختلفاً. والكل
في نظري يقصد الدفاع عن سنة
المصطفى عليه الصلاة والسلام
وتقديم الاسلام بأبهى صورة . ولا شك
ان الحكم على حديث ما صحة او
ضعفا خطر شديد , ذلك لانه اما ان
تنسب لرسول الله عليه السلام
قولاً مع ما يترتب على ذلك من
احكام ومواقف واما ان تنفي
قولاً لربما قاله عليه السلام
حقيقة. من هنا
نحن بحاجة الى المدرسة المتوسطة
, التي تمحص السند وتتأكد من
خلوه من العلل وتنظر في المتن
نظراً شرعياً دقيقاً لتصدر في
حكمها وقد جمعت بين دراسة السند
والمتن معاً وبدقة متناهية, فإن
خلا الحديث من العلل سنداً بقي
ان نتأكد ان المتن منسجم مع
الشريعة وقواعدها واحكامها..
غير مخالف للكتاب والسنة, حيث ان
السنة بمعظمها رويت بروايات
الاحاد والوهم جائز عليهم, ومن
ثم كانت ظنية ولا يجوز ان نأخذ
بالظن ونترك القطعي ان كان ثمة
تعارض الا ان يكون التوفيق
سائغاً ظاهراً من غير تعسف او
اثبات حكم يخالف القطعي. ومثال
ذلك:. حديث :
ابى الله ان يجعل لقاتل المؤمن
توبة" ويصححه بعضهم كما في (صحيح
كنوز السنة, باب التوبة رقم 2,
وكما في صحيح الجامع الصغير رقم
23 والصحيحة 689, والحديث اخرجه
الطبراني والمقدسي من طريق
سليمان التيمي عن حميد بن انس
وبعضهم قال سليمان التيمي عن
انس وباعتبار ان سليمان التيمي
سمع من انس لا يكون ثمة علة قال
الالباني: اسناده صحيح ورجاله
كلهم ثقات ، رجال مسلم. وامام
ما نرى في المتن من اشكال سأشير
اليه لا بد من التدقيق في السند
اولا . 1- يبقى
احتمال ان لا يكون سليمان سمع
الحديث من انس بل من حميد وأُخذ
على حميد الطويل مآخذ منها انه
يدلس في بعض حديثه عن انس أي
يروي عن انس ما لم يسمعه منه (تهذيب
الكمال 7/362). 2- اتهم
حميد بالنسيان كما قال شعبة بن
الحجاج (تهذيب الكمال 7/360). وان
النسيان والشك وقع في حديث انس
خاصة. 3- اما
سليمان بن طرخان التيمي فهو ثقة
لكنه كما قيل: لا يبلغ منزلة
ايوب ويونس وابن عون (تهذيب
الكمال 12/10) وهذه اشارة الى انه
خالف هؤلاء الثقات في حديث رواه
مسلم فزاد فيه "واذا قرأنا
نصتوا" اذن له بعض المخالفات. ثم ان
للحديث سبب جاء من رواية عقبة بن
مالك الليثي ان النبي بعث سرية
فاغاروا على قوم فشذ رجل منهم
فاتبعه رجل من السرية شاهراً
سيفه فقال: اني مسلم, فقتله فنهي
(أي رفع امره) الى النبي عليه
السلام فقال قولا شديداً"
اخرجه احمر وغيره (4/110) والى هنا
لا تجد فيها اشكالا. ورواه
بشر بن عاصم بزيادة ابى الله على
من قتل مؤمناً" وبشر لم يوثق
فهو شبه مجهول (ألجرح والتعديل
1/360). على ان
هذا اللفظ ليس فيه ذكر عدم قبول
التوبة وهو يوافق حديث اسامة بن
زيد في الصحيحين الذي سنذكره
والخلاف والاشكال هو في ذكر عدم
قبول التوبة فان يشدد رسول الله
في امر من يقتل مؤمناً فهذا حق
وموافق لصريح القرآن وان يقول
فيه قولا شديداً ، ويقول ابى
الله نعم يمكن.. لكن ان
نقول ابى الله لقاتل المؤمن
توبة.. فقد يكون زاد بعض الرواة
كلمة (توبة) فاوقعتنا في الاشكال
لأنها تخالف اصول الشريعة ونصوص
القرآن والسنّة :. 1-
النصوص القرآنية في التوبة
الشاملة من كل ذنب يا عبادي
الذين اسرفوا على انفسهم لا
تقنطوا من رحمة الله ان الله
يغفر الذنوب جميعاً" فكيف
يمكن ان تخصص هذه الاية بحديث
فيه علل واشكالات.. 2-
قوله تعالى "إن الله لا
يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء". ومعلوم
بالاجماع ان المقصود هنا اذا
مات على الشرك اما من تاب من
الشرك فيقبل اسلامه فكيف بمن
تاب بما دون الشرك مع ان الآية
تصرح بامكان المغفرة مطلقاً. 3- حديث
الذي قتل تسعة وتسعين نفساً ثم
اتمها بالمائة.. وان يقال هذا
خاص بشرع من قبلنا, فلا دليل اذ
ان رحمة الله بهذه الامة ابلغ,
ثم لماذا يحدثنا رسول الله بهذا
. 4- اذا
لم نفتح للقاتل توبة اليس هذا
مدعاة لان يسير في طريق الغواية
بلا نهاية, فهل بعد هذا افساد. 5- قصة
اسامة بن زيد, ولعلها هي
المقصودة من رواية الحديث اصلاً
وليس فيها شيء من ذكر عدم قبول
التوبة. وفيها
"بعثنا رسول الله الى الحُرقه
من جهينة فصبحنا القوم فهزمناهم"
ولحقت انا ورجل من الانصار رجلا
منهم فلما غشيناه قال : " لا
اله الا الله "فكف عنه
الانصاري وطعنته برمحي حتى
قتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك
النبي فقال لي يا اسامة اقتلته
بعد ما قال لا اله الا الله قلت
يا رسول الله انما قالها متعوذ (أي
قالها خشية القتل) ثم كرر النبي
النكير عليه ، يقول اسامة فما
زال يكررها حتى تمنيت اني لم اكن
اسلمت" اخرجه البخاري (4269
ومسلم 287 و288). فانت
ترى ان مسلماً قتل مسلماً (نعم
قتله متأولاً) لكن شدد فيه النبي
صلى الله عليه وسلم .. ولم يأت
فيه ذكر عدم قبول التوبة بحال..
ويبدو ان سبب الحديث هو هذه
القصة وكما ترى رواية الشيخين
ليس فيها عدم قبول التوبة, اذن
نحن هنا امام نموذج من الاحاديث. صح بلفظ
(ان النبي قال قولاً شديداً). وخالفه
بعض الرواة فزاد عبارة "ابى
الله لقاتل مؤمن" وزاد بعضهم
كلمة (توبة) فبحسب اللفظين
الاولين لا اشكال. وخاصة رواية
الصحيحين. انما
الاشكال في زيادة كلمة (توبة)
لذا ومع ايراد الشيخين للقصة
ولم يذكرا هذه الزيادة يتأكد
بانها منكرة, ولا يبعد وقوع مثل
هذا الوهم على الرواة ، مع
مخالفة ذلك لصريح القرآن والسنة. 6- ان
سبب ورود الحديث المزعوم هو قتل
متأول أي اجتهادي, فكيف لا يكون
له توبة. 7- وحتى
من قتل متعمداً فتوبته النصوح
وفق صريح الآيات تقبل, فكيف بمن
قتل مجتهداً متأولاً واين نذهب
باقتتال الصحابة . 8 - اين
نذهب بقوله تعالى " وَإِن
طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا....."
فسماهما مؤمنين. ومن هنا
لا بد من دراسة دقيقة للعلل
سنداً ومتناً ، ولا بد من حسن
الفهم والنظر في المتون مع
الاسانيد لنقف على نقد سليم واي
خلل يورث
نتائج غير دقيقة. فاذن لا
يمكن ان يكون حديث "ابى الله
لقاتل مؤمن توبة " صحيحا ، ولا
بد من القول ان ما ذكر من علل
حديث سليمان التيمي وحميد
الطويل لا ينسحب على كل حديث اذا
لم يكن فيها اشكال ، وكل حديث
يدرس على حده .....ما دام ان
الراوي في اساسه ثقه . فهل
نستطيع ان نوجد هذه المدرسة
الشاملة في النقد والله الموفق ملحوظة
: هناك رأي ينسب لابن عباس في عدم
قبول توبة القاتل ،يحتاج الى
دراسة وليس من موضوعنا ( ينظر
صحيح البخاري رقم 4484- 4486). يتبع.. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |