ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإسلام والغرب.. صراع المشاريع

الحلقة الثامنة عشر

زنكي ومعارك ما بعد فتح الرها

د. علي محمد الصلابي

أدرك زنكي أن التوحد قرين التوحيد

ينتقل بنا الحديث في هذه الحلقة إلى الأحداث التي تلت فتح إمارة الرها وتحريرها من أيدي الصليبيين، على يد القائد المجاهد عماد الدين زنكي، حيث نتطرق إلى سلسلة المعارك التي وقعت في تلك الفترة، وكيف أنها كانت التمهيد الحقيقي لما حققه كل من نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي.

الأحداث العسكرية بعد فتح الرها:

 

كان فتح الرها بداية لها ما بعدها، إذ لم يكن من الصعب على عماد الذين زنكي أن يستكمل مهمته بفتـح بـاقي المعـاقل الصليبية التابعة لهذه الإمارة، فاستغل فرصة تضعضع أحوال الصليبيين في المنطقة(1)، واتجه إلى سروج التي تخلت حاميتها عنها مولية الفرار واستولى عليها، وما لبثت الحصون المجاورة أن أخذت تسقط في يديه واحدة تلو الأخرى(2) وجعل لا يمّر بعمل من أعمالها ولا معقل من معاقلها، إلا سّلم إليه في الحال(3) .

 

ثم يمم وجهه صوب قلعة البيرة الحصينة المطلة على الفرات، وكانت من أهم الحصون التي تبقت لجوسلين الثاني، وأشدها مناعة ففرض الحصار عليها وقطع عنها ما كان يصل إليها من القوت والميرة والمعونة حتى أشرفت على الاستسلام، وحينذاك بلغ زنكي نبأ مقتل نائبه في الموصل فاضطر إلى فك الحصار والإسراع بالتوجه إلى مقر إمارته لإقرار الأوضاع فيها، إلا أن الصليبيين في الحصن خافوا من مهاجمته إياهم ثانية، فأرسلوا إلى حسام الدين تمرتاش الأرتقي وأعلموه برغبتهم في التنازل له عن موقعهم هذا، قبل أن يسقط بيد عدوهم اللدود.

 

وهكذا فقد صليبيو الرها كافة حصونهم الواقعة شرقي الفرات(4)، كنتيجة مباشرة لسقوط القاعدة الأم بيد زنكي، ولم يتبق لجوسلين من إمارته الواسعة سوى عدد من الحصون المنتشرة غربي الفرات كتل باشر ومرعش ودلوك وسميساط وعينتاب وعزاز(5) واستطاع نور الدين محمود – فيما بعد – اكتساحها جميعاً، ومحو أولى الإمارات الصليبية من الوجود(6).

 

من أساليب عماد الدين زنكي في محاربة الصليبيين:

 

لم يقتصر عماد الدين زنكي، في قتاله للصليبيين على الحروب النظامية، فحسب، إذ كان ذلك يقتضي منـه البقاء باستمرار في بلاد الشام، واستنفاد قواه في قتال أعدائه هؤلاء، وعدم تمكنه – بالتالي – من التفرغ لتصفية مشاكله العديدة في العراق، وقد أدرك زنكي أهمية الاستفادة من الغارات، أي الهجوم والانسحاب السريع، سيما في فترات غيابه عن الشام، ذلك أن هذا النوع من القتال سيتيح له الحصول على نتائج هامة، أولها إقلاق الصليبيين وعدم إعطائهم المجال لإعادة تنظيم قواتهم، ورسم الخطط الهجومية على مواقع المسلمين في المنطقة، ومن ثم تمكين هؤلاء من الدفاع عن مراكزهم والاحتفاظ بها.

 

وثانيها إضعاف قوى العدو العسكرية والاقتصادية، بما تحدثه – هذه الحروب – من قتل وأسر ونهب وتخريب، وثالث تلك النتائج قطع الاتصال بين المراكز الصليبية شمالي الشام، وعدم إعطائهم الفرصة للتجمع وتوجيه ضربة موحدة ضد المسلمين(7) ، وقد اعتمد زنكي في هذا النوع من القتال على محاربي التركمان، ومهد لذلك بتوثيق علاقاته بقادتهم وإسناد كبرى المناصب الحربية إليهم.

 

وقد عمل زنكي على توفير القيادة الحاذقة من التركمان ايتكين، ولجة التركي والياروق وغيرهم من المحاربين الشجعان، للقيام بشن ما يطلق عليه اليوم حروب المقاومة والعصابات، وجعل من حلب مركزاً لهم نظراً لأهمية موقعها بالنسبة للحصون الصليبية والإسلامية على السواء، فهي تتوسط أنطاكية والرها الصليبيتين، وتسيطر على خطوط المواصلات بينهما، كما أنها تعد خير قاعدة عسكرية لتوجيه الهجمات السريعة ضد مواقع وتحركات الصليبيين، وقوافل إمدادهم وتموينهم.

 

وقد قامت هذه الجماعات من التركمان بشن غارات عديدة ضد جيوش الأعداء ومعسكراتهم، وقوافلهم ومراكز تجمعهم، ولم تخل سنة من سني الصراع من حروب العصابات التي كان يقوم بها هؤلاء التركمـان، ويلحقون – بفضلها – خسائر مختلفة في صفوف أعدائهم، ففي رجب من عام 524ه على سبيل المثال جهز زنكي قوة عسكرية أغارت على عزاز الصليبية وعاثت في بلاد جوسلين أمير الرها(8) وفي العام التالي حدث اشتباك بين سوار وجوسلين، شمالي حلب، أسفر عن انتصار الصليبيين ومقتل عدد من المسلمين، مما دفع سوار إلى القيام بهجوم على ربض الأثارب، والاستيلاء على مقادير من أمـوالهم ومحاصيله ثم ما لبث، بعـد عام واحد 526ه أن أوقع بصليبي تل باشر وقتل منهم خلقاً كثير(9)  .

 

ولم يتوقف سوار وجنده التركمان عن شن الغارات ضد الصليبيين كلما أتيحت الفرصة لذلك، وشهد صفر من عام 527ه عدة اشتباكات بين الطرفين، وقع أحدها بالقرب من قنسرين، أثر قيام بلدوين بيت المقدس بمحاولة للهجوم على أطراف حلب، حيث تصدى له سوار، وجماعة من جنده، وأسفر القتال عن هزيمة المسلمين وانسحابهم إلى حلب، إلا أن قائدهم الشجاع ما لبث أن خرج بهم ثانية ووقع على طائفة منهم فأوقع بهم وأكثر القتل والأسر، وانهزم من سلم منهم إلى بلادهم وعاد إلى حلب حاملاً معه رؤوس القتلى والأسرى وكان يوماً مشهوداً (10).

 

ولم تمض سوى أيام قلائل حتى قام صليبيو الرها بمحاولة جديدة للإغارة على أعمال حلب، فخرج إليهم سوار يصحبه الأمير حسان البعلبكي أمير منبج، وأوقع بهم على حين غرة، وتمكن من إبادة عدد كبير منهم، وأسر الباقين، ثم قفل عائداً إلى حلب دون أن يصاب أحد من جنده بأذى(11)وفي جمادي الآخرة من نفس العام قام سوار على رأس قوة من الفرسان بالإغارة على تل باشر، فتصدى له صليبيو ذلك الموقع، إلا أنه تمكن من هزيمتهم، وحصد رؤوس ألف رجل، حملها معه إلى حلب(12).

 

وفي ربيع الأول من العام التالي سار صاحب موقع القدموس الصليبي إلى قنسرين، على رأس قوة من فرسان أنطاكية، فلقيهم عسكر حلب بقيادة سوار وأسفر القتال عن انتصار الصليبيين واضطر قائد زنكي إلى مصالحتهم، إلا أنه ما لبث أن باغت إحدى سراياهم بهجوم سريع وتمكن من قتل معظم أفرادها، ثم قفل عائداً إلى حلب.

 

ولم يمض سوى وقت قصير حتى أغار فرسان الرها على أطراف حلب الشمالية في طريقهم إلى إحدى المعسكرات الصليبية فأوقع بهم سوار وحليفه أمير منبج، وأباد عدداً كبير منهم، بينما وقع معظم الباقين في الأسر(13) ، ثم ما لبث سوار أن قام – في نفس العام – بغارة واسعة على المواقع الصليبية في منطقة الجزر(14) ، وزردنا، وأوقع بأعدائه عند حارم تم عاد إلى حلب محملاً بالغنائم والأسلاب(15)  .

 

وأخذ نطاق الغارات والهجمات المفاجئة يتسع شيئاً فشيئاً، وشهد رجب من عام 530ه محاولة واسعة قام بها سوار، إذ سار على رأس ثلاثة آلاف فارس من التركمان وفاجأ بلاد اللاذقية وأعمالها بهجوم مباغت لم يكن الصليبيون يحسبون له أي حساب، وتمكن بذلك من أسر سبعة آلاف أسير، والحصول على مقادير كبيرة من الغنائم، واجتياح عشرات من القرى والمزارع الصليبية ملأ المسلمون أيديهم منها بالأسرى والغنائم، وقد استبشر مسلمو المنطقة أيما استبشار لهذا النصر الكبير الذي أحرزه سوار، والذي كان بالنسبة لصليبي الشمال نكبة لم يمنوا بمثلها(16)  .

 

والواقع أن ما شاهدته أنطاكية، خلال عامي 529ه،530ه من فتن داخلية بسبب النزاع على الحكم، أسهم إلى حد كبير في عجز هذه الإمارة عن الدفاع عن نفسها إزاء هجمات المسلمين(17) الأمر الذي دفع قائدهم إلى استغلال الفرصة وتحقيق نصر كبير ضد صليبي الشمال وفي أواخر العام التالي قام سوار بهجوم مباغث ضد سرية بيزنطية كبيرة العـدد، كانت تتقـدم شرقاً، وتمكن من قتل وأسر عدد من أفرادها تم قفل عائداً إلى مقره في حلب(18)  .

 

ولم تمض سوى أشهر معدودات على هذا الهجوم حتى قام الصليبيون والبيزنطيون بإرسال قوات مشتركة لاحتلال قلعة الأثارب القريبة من حلب، وبعد أن حققت هذه القوات هدفها، وأوكل إليها حراسة أسرى المسلمين الذين جمعوا في هذا الموقع. إلا أن سوار ما لبث أن خرج على رأس قواته وهاجم الحامية الصليبية والبيزنطية، وتمكن من استخلاص معظم أسرى المسلمين من أيديهم، وعاد بهم إلى حلب التي عمها السرور وسادتها الأفراح لهذا النصر الذي حققه أميرها(19)  .

 

وفي عام 533ه هاجم سوار عدداً من المواقع الصليبية واستولى على بعض الغنائم، إلا أن فرسان الصليبيين تمكنوا من اللحاق به وإنزال هزيمة بقواته أسفرت عن أسر ما يزيد عن ألف فارس منهم، وانسحب هو إلى حلب بمن سلم من جنده(20) واستمرت المناوشات بين الطرفين طيلة السنين التالية، وأصابها بعض الفتور خلال عامي 534ه - 535ه ، إثر فشل زنكي في الاستيلاء على دمشق، وتحالف الصليبيون والدمشقيون ضده إلا أن هذه المناوشات ما لبثت أن استعرت من جديد في عام 536ه والسنين التي تلته.

 

ففي الأشهر الأولى من هذا العام قام الصليبيون بهجوم سريع ضد بعض المواقع الإسلامية غربي حلب، ولدى تفرقهم، أرسل سوار قوة من التركمان بقيادة ابنه علم الدين، أغارت على المواقع الصليبية وتوغلت إلى أسوار أنطاكية، تم عادت تحمل معها كثيراً من الغنائم والأسلاب(21) وبعد فترة قصيرة أغار لجة التركي على بعض المناطق الصليبية في الشمال فساق وسبى وقتل، وذكر أن عدد القتلى بلغ سبعمائة رجل(22) ، وفي رمضان من العام نفسه هاجم سوار معسكراً صليبياً عند جسر الحديد، إلى الشمال الشرقي من أنطاكية، بعد أن اجتاز بقواته نهر العاصي صوب تجمعات العدو، وتمكن من قتل معظم أفراد المعسكر، وأسر الباقين(23).

 

وما لبث أمير أنطاكية أن خرج – في العام التالي – للإغارة على وادي بزاعة القريب من حلب، فتصدى له سوار وأجبره على الانسحاب. وتمكن جوسلين من الفرصة فقام بهجوم على تجمعات المسلمين عند ضفاف الفرات، وتمكن من أسر تسعمائة رجل منهم، تم ارتأى الطرفان عقد هدنة بينهما لم يكن لأمير أنطاكية نصيب فيها(24)، وهكذا ظل القتال مستمراً بين هذه الإمارة وقوات حلب وعندما خرجت طائفة كبيرة من تجار أنطاكية في جمادي الأولى من عام 538ه - تحرسها قوة من الفرسان في طريقها إلى بعض البلاد الصليبية المجاورة ومعها مال كثير وأموال ومتاع باغتها المسلمون، وأوقعوا بهـا، وتمكنوا من إبادة كافة أفراد القوة التي خرجت لحمايتها، وغنموا ما كانت تحمله من بضائع قيمة(25) وفي أواخر ذي القعدة من العام نفسه هاجمت مجموعة من فرسان حلب قوة من الفرسان الصليبيين الخارجين من باسوطا وأبادوهم، وأسروا صاحب باسوطا حيث اعتقله سوار في حلب(26).

 

حصيلة الدور السياسي العسكري الذي لعبه عماد الدين على مسرح التاريخ الإسلامي:

 

يمكن القول بأن عماد الذين زنكي استطاع أن يحقق قسطاً كبيراً من برنامجه وأن يكون لنفسه مكانه خاصة في التاريخ الإسلامي كسياسي بارع وعسكري متمكن ومسلم واع أدرك الخطر الذي أحاط بالعالم الإسلامي من قِبل الصليبيين فقد استطاع أن يوجه الظروف التاريخية القائمة لصالح المسلمين، وذلك بتجميعه القوى الإسلامية، بعد القضاء على عوامل التجزئة والانقسام وتوحيد المدن والإمارات المنفصلة في نطاق دولة واحدة، استطاع بمقدرته أن يستغل أقصى ما يمكن أن تقدمه من إمكانات تستطيع أن توقف الزحف الصليبي، ومن ثم تبدأ بالهجوم المنظم على قواعد الصليبيين.

 

 هذه العوامل التي دفعت زنكي إلى إتباع سياسة الهجوم، والتي تخللتها أحياناً علاقات سلمية ومعاهدات استدعتها طبيعة الظرف الذي كان يمر فيه. وفي نفس الوقت، عمل زنكي على تأمين حدود إمارته باتجاه الشرق والشمال الشرقي، حيث يشكل الأكراد والتركمان في هذه المناطق عناصر خطر بالغة ضد إمارته، لاسيما عند تأزم علاقاته بالإمارات الغربية، أو عند توغله بعيداً عن مقره في الموصل(27).

 

وقد اتضح لنا من خلال استعراض علاقة عماد الدين زنكي بالقوى الإسلامية كإمارات المدن والإمارات المحلية في الجزيرة والشام، والقبائل الكردية والتركمانية – مدى قدرته السياسية وبراعة خططه العسكرية خلال علاقاته السلمية والحربية مع هذه القوى المنبثة في المنطقة، فهو من الناحية الرسمية كان قد تسلم من السلطان السلجوقي "محمود بن محمد بن ملكشاه " عام 522ه منشوراً يقر سلطته الشرعية على الموصل والجزيرة والشام، وقد تأكد هذا المنشور خلال الأعوام التالية.

 

إلا إنه لم يكن كافياً لتثبيت سلطته الفعلية في هذه الفترة التي استطاع فيها عدد كبير من الأمراء أن يفرضوا سلطتهم على عدد لا يحصى من المدن والأقاليم، مستقلين إلى حد كبير عن السلطة السلجوقية ومستفيدين من مجموعة من العوامل الشخصية والسياسية والجغرافية والاقتصادية والبشرية، فكان لابد لزنكي إذن، من إخضاع هذه العدد الكبير من السلطات المتمركزة في المنطقة، ومن اختيار أسلوب الهجوم، منُذ البداية بالرغم مما يحيق بهذا الأسلوب من أخطار أولها احتمال تشكيل حلف دفاعي مضاد من الأمراء العادين وقد يتحول هذا الحلف فيما بعد إلى حلف هجومي، كما حدث بالنسبة للأراتقية.

 

وثاني تلك الأخطار عدم وجود خط رجعة في حالة انكساره أو انسحابه أمام الأمراء المحليين الذين كانوا يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم. إلا أنه لم يأبه لهذه الأخطار، وراح يهاجم الأمراء المحليين منُذ البداية، ودفعه إلى ذلك طموحه وشجاعته الشخصية، واطمئنانه إلى قاعدة شعبية تحبه وتخلص له لمواقفه السابقة تجاه الصليبيين، قبل أن يتولى الحكم في الموصل، كما ساعده على ذلك منشور السلطان، آنف الذكر بتسلم الموصل والجزيرة والشام، وما كان يتضمنه من اعتراف بحرية زنكي في الاشتباك مع التشكيلات السياسية المحلية واكتساحها، والتوسل بأية وسيلة يراها مناسبة لتحقيق هذا الهدف(28).

 

ولكن الأهم من ذلك كله ما تمتع به زنكي من مقدرة سياسية وعسكرية وما تميز به من نظر بعيد. ذلك أنه عرف – منُذ البدء – أنه إذا ما سلك سبيل المسالمة والتودد تجاه الأمراء المحليين فإن حصونهم ومدنهم وإماراتهم ستظل تشكل عوامل خطر ضد إمارته، لقربها منها، ولإستراتيجية مواقعها إذ تشكل نقاط تسلط مرتفعة، انحدارها باتجاه الموصل، وخطوطها الخلفية سلاسل جبلية وأنهار متشابكة وحصون منيعة.

 

كما أن السياسة الانعزالية التي اتبعها أولئك الأمراء تجاه الخطر الصليبي المتقدم نحو الشرق، وما تبع ذلك من تشتيت لإمكانات المسلمين البشرية والعسكرية والاقتصادية، أدى إلى عجز هذه الإمارات عن الوقوف بوجه هذا الخطر الصليبي الزاحف، هذا في الوقت الذي كان على زنكي فيه أن يعمل على إزالة العقبات التي تقف أمام توحيد الإمارات المتفرقة، المبعثرة، في جبهة إسلامية موحدة.

 

ومن تم تبدو لنا واضحة أهمية الدور الذي لعبه زنكي في التاريخ الإسلامي إذ يعتبر أول قائد قام بتجميع القوى الإسلامية وفق برنامج معين ليجابه بها تزايد الخطر الصليبي الذي ملم توقفه المحاولات الجدية التي سبقت زنكي وبخاصة تلك التي تمت على يد كل من مودود بن التونتكين 502 - 507ه وإيلغازي وبلك الأرتقيين 512 – 518هـ(29).

 

ومن المرجح أنه لو تمكن زنكي من فتح دمشق وإنجاز محاولته لتوحيد الشام، ولو لم يقتل – وهو في قمة انتصاراته ضد الصليبيين – لكان قد استطاع أن يستكمل الأجزاء المتبقية من برنامجه، ولتكاملت أمام الباحث الحديث الصورة الواضحة للدور الذي قام به في التاريخ الإسلامي، وهو دور فاصل تتضح خطورته، إذا عرفنا أن نور الدين محمود، ومن بعده صلاح الدين لم تكن جهودهما سوى إتمام العمل الذي بدأه عماد الدين زنكي وفي نفس الطريق(30).

------------------------

(1) تاريخ الزنكيين في الموصل وبلاد الشام ص 156.

(2) ذيل تاريخ دمشق ص 280 عماد الدين زنكي ص 156.

(3) ذيل تاريخ دمشق ص 280 عماد الدين زنكي ص 157.

(4) مفرج الكروب (1/96) عماد الدين زنكي ص 157.

(5) عماد الدين زنكي ص 157.

(6) عماد الدين زنكي ص 157.

(7) عماد الدين زنكي ص 158.

(8) مفرج الكروب (1/4) عماد الدين زنكي ص 159.

(9) عماد الدين زنكي ص 160.

(10) ذيل تاريخ دمشق ص 240 – 241 عماد الدين زنكي ص 160.

(11) عماد الدين زنكي ص 160.

(12) المصدر نفسه ص 161.

(13) زبدة حلب (2/252).

(14) الجزر : إحدى كور حلب معجم البلدان (2/71).

(15) زبدة حلب (2/254) عماد الدين زنكي ص 161.

(16) ذيل تاريخ دمشق ص 255 – 256) عماد الدين زنكي ص 161.

(17) الحروب الصليبية، العريني (1/510) عماد الدين زنكي ص 161.

(18) عماد الدين زنكي ص 162 زبدة حلب (2/263).

(19) الكامل في التاريخ نقلاً عن عماد الدين زنكي ص 162.

(20) زبدة حلب (2/271) عماد الدين زنكي ص 162.

(21) زبدة حلب (2/275) عماد الدين زنكي ص 162.

(22) عماد الدين زنكي ص 163 زبدة حلب (2/275).

(23) زبدة (2/276) عماد الدين زنكي ص 163.

(24) عماد الدين زنكي.

(25) ذيل تاريخ دمشق ص 278 زبدة حلب(2/277 – 278).

(26) زبدة حلب (2/278) عماد الدين زنكي ص 163.

(27) المصدر نفسه ص 166.

(28) عماد الدين زنكي ص 165.

(29) عماد الدين زنكي ص 166.

(30) المصدر نفسه ص 166.

يتبع بإذن الله ..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ