ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 11/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تحليل لمؤسسات وعملية صنع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية

د. علاء مطر

تعتبر السياسة الخارجية للدول عبارة عن مجموعة من الأهداف السياسية التي تحددها للتواصل فيما بينها، سعياً إلى حماية مصالحها القومية. وعادة ما يحدد السياسة الخارجية مؤسسات صنع القرار في الدولة مع الأخذ في الاعتبار عند تحديدها العوامل المؤثرة فيها. يقع رسم السياسة الخارجية الإيرانية وبشكل مباشر في دائرة سلطات الزعامة، والسلطتين التنفيذية والتشريعية، ولكل منها سلطات محددة في هذا الشأن. ويمكن التعريف بمؤسسات وعملية صنع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية من واقع مواد الدستور الإيراني، على النحو التالي:

أولاً: الزعامة

يعد منصب الزعيم، الأرفع في هرم النظام السياسي، والمنصب الأول في الدولة، وأقوى مؤسسة في صنع القرار في إيران، حيث ينوب الولي الفقيه عن الإمام الغائب في إدارة أمور المسلمين، ما يعني أن إطاعته واجبة، يقول الخميني"إذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيه عالم عادل، فإنه يلي من أمور المجتمع ما كان يليه النبي-صلى الله عليه وسلم- منهم، ووجب على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا. ويملك هذا الحاكم أمر الإدارة والرعاية والسياسة للناس ما كان يملكه الرسول-صلى الله عليه وسلم- والإمام علي بن أبي طالب-عليه السلام- على ما يمتاز به الرسول والإمام من فضائل ومناقب خاصة".

ويقول آية الله يزد "إن ما يصدره الولي الفقيه من أوامر حتى ولو كانت في ظاهرها غير متفقة مع الأحكام الشرعية فإنها لا تخرج عن النواميس الشرعية بل إنها تكون أحد هذه القوانين والأحكام الشرعية". أما آية الله مشكين، فيقول"إذا أفتى مرجع بأن شراء السلاح من الدولة الفلانية حرام، وقال الزعيم إن شراء السلاح من هذه الدولة فيه صلاح للبلاد والإسلام، فإن شراء السلاح يتم وعلى الحكومة أن تنفذ أوامر الزعيم ولا تنفذ فتوى المرجع لأن الحكم ينقض الفتوى".

يتضح مما سبق ثقل منصب الزعيم في النظام الإيراني الذي يجعل قراراته تعلو على مؤسسات النظام كافة بما لا يسمح بمخالفتها، لأن ذلك يعد مخالفة لأحكام الشرع الإسلامي. كما يعد الزعيم الأقدر على معرفة مصلحة البلاد من غيره، وبذلك أعطي الزعيم مساحة كبيرة من التحرك على الصعيد السياسي بما يخدم المصلحة الإيرانية.

تنص المادة الخامسة من الدستور الإيراني على أنه "في زمن غيبة الإمام المهدي"عجل الله تعالى فرجه" تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير وذلك وفقاً للمادة 107 من الدستور". هذا وقد جاء في المادة السابعة بعد المئة"....تُوكل مهمة تعيين القائد إلى الخبراء المنتخبين من الجامعين للشرائط.....، ومتى ما شخصوا فرداً باعتباره الأعلم بالأحكام والموضوعات الفقهية، أو المسائل السياسية والاجتماعية، أو حيازته تأييد الرأي العام، أو تمتعه بشكل بارز بإحدى الصفات المذكورة في المادة التاسعة بعد المئة انتخبوه للقيادة، وإلا فإنهم ينتخبون أحدهم ويعلنونه قائداً، ويتمتع القائد المنتخب بولاية الأمر ويتحمل كل المسؤوليات الناشئة عن ذلك......". 

يتكون مجلس الخبراء المنوط به اختيار الزعيم من فقهاء منتخبين من قبل الشعب ويشوب هذا المجلس بعض المسائل، أولها أن مرشحيه ينتمون إلى مدرسة فقهية واحدة تؤمن بنظرية ولاية الفقيه مما يعني عدم إمكانية تغيير النظام أو تطويره إذا ثبت عليه أي قصور. ثانيها أن المرشحين ينجحون في الوصول إلى مقاعد المجلس لما لهم من مقلدين في دوائر ترشيحهم إزاء طبيعة الإفتاء في المذهب الشيعي التي تملي على الجماهير الإلتزام بمرجع ديني معين. ثالثهما أن تعديل الدستور الإيراني سمح للمجتهد تولي الزعامة ولم يقصره على المرجع مما جعل من الممكن عقد صفقات في المجلس لتولي زعيم أقل كفاءة بدعاوي مختلفة.

تنص المادة التاسعة بعد المئة على الشروط والصفات اللازم توافرها في القائد، وهي:

1-الكفاءة العلمية اللازمة للافتاء في مختلف أبواب الفقه.

2-العدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة الإسلامية.

3-الرؤية السياسية الصحيحة، والكفاءة الاجتماعية، والإدارية، والتدبير والشجاعة، والقدرة الكافية للقيادة. وعند تعدد من تتوفر فيهم الشروط المذكورة يفضل من كان منهم حائزاً على رؤية فقهية وسياسية أقوى من غيره.

سماح الدستور الإيراني للمجتهد بتولي الزعامة وعدم قصرها على المرجع، جعل من الممكن عقد صفقات في المجلس لتولي زعيم أقل كفاءة بدعاوي مختلفة، وهذا ما أشرنا إليه سابقاً.

أما المادة العاشرة بعد المئة، فتنص على مهام وصلاحيات القائد وهي:

1-تعيين السياسات العامة لنظام جمهورية إيران الإسلامية بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.

2-الإشراف على حسن إجراءات السياسات العامة للنظام.

3-إصدار الأمر بالاستفتاء العام.

4-القيادة العامة للقوات المسلحة.

5-إعلان الحرب والسلام والنفير العام.

6-نصب وعزل وقبول استقالة كل من:

        أ-فقهاء مجلس صيانة الدستور.

       ب-أعلى مسؤول في السلطة القضائية.

       ج-رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في جمهورية إيران الإسلامية.

        د-رئيس أركان القيادة المشتركة.

     هـ-القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية.

       و-القيادة العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي.

    7-حل الاختلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث.

   8-حل مشكلات النظام التي لا يمكن حلها بالطرق العادية من خلال مجمع تشخيص مصلحة النظام.   

   9-إمضاء حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب. أما بالنسبة لصلاحية المرشحين لرئاسة الجمهورية من حيث توفر الشروط المعينة في هذا الدستور فيهم، فيجب أن تنال قبل الانتخابات موافقة مجلس صيانة الدستور، وفي الدورة الأولى تنال موافقة القيادة.

  10-عزل رئيس الجمهورية مع ملاحظة مصالح البلاد وذلك بعد صدور حكم المحكمة العليا بتخلفه عن وظائفه القانونية أو بعد رأي مجلس الشورى الإسلامي بعدم كفاءته السياسية.....      11-العفو أو التخفيف من عقوبات المحكوم عليهم في إطار الموازين الإسلامية بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية. ويستطيع القائد أن يوكل شخصاً آخر أداء بعض وظائفه وصلاحياته.

هذه المساحة الكبيرة من المهام التي تقع ضمن اختصاص الزعيم، تؤهله لأن يكون صانع القرار الأول في إيران على الصعد كافة وبلا منازع، وأن الكلمة الفصل في علاقات إيران الخارجية لن تمر دون موافقة الزعيم.

 من جهة أخرى، توضح المادة الحادية عشر بعد المئة، النتيجة المترتبة على عجز القائد عن القيام بأداء وظائفه القانونية أو أحد الشروط الخاصة باختياره، أو في حالة وفاته أو استقالته أو مرضه أو أي أمر آخر، حيث تنص "عند عجز القائد عن أداء وظائفه القانونية أو فقده أحد الشروط المذكورة في المادة الخامسة والمادة التاسعة بعد المئة أو عُلم فقدانه لبعضها منذ البدء، فإنه يعزل عن منصبه. ويعود تشخيص هذا الأمر إلى مجلس الخبراء المذكورة في المادة الثامنة بعد المئة. وفي حالة وفاة القائد أو استقالته أو عزله، فإن الخبراء مكلفون بالقيام بأسرع وقت بتعيين القائد الجديد وإعلان ذلك، وحتى يتم إعلان القائد فإن مجلس شورى مؤلف من رئيس الجمهورية، ورئيس السلطة القضائية، وأحد فقهاء مجلس صيانة الدستور- منتخب من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام- يتحمل جميع مسؤوليات القيادة بشكل مؤقت، وإذا لم يتمكن أحد هؤلاء من القيام بواجباته في هذه الفترة( لأي سبب كان) يعين شخص آخر في الشورى من قبل تشخيص مصلحة النظام مع التركيز على بقاء أكثرية الفقهاء. وهذا المجلس يقوم بتنفيذ الوظائف المذكورة في البنود(1،3،5،10) والفقرات (د، هـ، و) في البند السادس من المادة العاشرة بعد المئة بعد موافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام. ومتى عجز القائد –أثر مرضه أو أية حادثة أخرى- عن القيام بواجبات القيادة مؤقتاً، يقوم المجلس المذكور في هذه المادة-خلال مدة العجز- بأداء مسؤوليات القائد. 

ومن المؤسسات التي ترتبط مباشرة بالزعيم ولها أهمية كبيرة في صناعة القرار الإيراني خارجياً:

1-مجمع تشخيص مصلحة النظام

 تنص المادة الثانية عشرة بعد المئة من الفصل الثامن الخاص بالقائد، على تشكيل مجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي يعد هيئة استشارية للقائد إلا أنه يحظى بأهمية كبيرة في مجال وضع السياسات العامة للنظام وكذلك إعطاء الرأي بشأن النقاط والمواضيع التي يحدث بشأنها اختلاف بين مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور، حيث تنص المادة على" يتم تشكيل مجمع تشخيص مصلحة النظام- بأمر من القائد- لتشخيص المصلحة في الحالات التي يرى مجلس صيانة الدستور أن قرار مجلس الشورى الإسلامي يخالف موازين الشريعة أو الدستور- في حين لم يقبل مجلس الشورى الإسلامي رأي مجلس صيانة الدستور- بملاحظة مصلحة النظام. وكذلك للتشاور في الأمور التي يكلها القائد إليه وسائر الوظائف المذكورة في هذا الدستور. ويقوم القائد بتعيين الأعضاء الدائمين والمؤقتين لهذا المجمع. أما المقررات التي تتعلق بهذا المجمع فتتم تهيئتها والمصادقة عليها من قبل المجمع أنفسهم وتُرفع إلى القائد لتتم الموافقة عليها. 

تنبع أهمية مجمع تشخيص مصلحة النظام في صناعة السياسة الخارجية الإيرانية، من أنه هيئة استشارية للزعيم ويقع على عاتقه جزء هام في وضع السياسة الخارجية الإيرانية. وتعد للمجمع الكلمة الفصل في حال نشوب نزاع بين شقي البرلمان في إيران، وهما مجلسي الشورى الإسلامي وصيانة الدستور، ومن هذه النزاعات ما قد يقع في صلب قرارات لها علاقة في السياسة الخارجية الإيرانية، وتخضع قرارات هذا المجمع لموافقة الزعيم.

2-المجلس الأعلى للأمن القومي

 تنص المادة السادسة والسبعون بعد المئة على تشكيل المجلس الأعلى للأمن القومي، لغرض تأمين المصالح الوطنية وحراسة الثورة ووحدة أراضي البلاد والسيادة الوطنية. يرأس المجلس رئيس الجمهورية، وتتكون عضويته من رؤساء السلطات الثلاث، ورئيس هيئة أركان القيادة العامة للقوات المسلحة، ومسؤول شؤون التخطيط والميزانية، وثلاثة أشخاص من الجامعيين. هذا ويدخل جزءاً رئيسياً من مهام المجلس في نطاق السياسة الخارجية، حيث تنص المادة على:

1-تعيين السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد في إطار السياسات العامة التي يحددها القائد.

2-تنسيق النشاطات السياسية، والأمنية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية ذات العلاقة بالخطط الدفاعية الأمنية العامة.

3-الاستفادة من الإمكانيات المادية والمعنوية للبلاد لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.

وفيما يتعلق بقرارات المجلس فيجب أن تطرح للاستفتاء العام- بعد أن يتم تأييدها والمصادقة عليها من قبل القائد- وتحصل على موافقة الأكثرية المطلقة للمشاركين في الاستفتاء.

تشير المواد الدستورية السابقة إلى الدور والصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور الإيراني للزعيم، سواء على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية، ما يمكن القول أنه السلطة الأعلى في إيران، بما يملكه من زمام السلطة السياسية والدينية. وفيما يتعلق في السياسة الخارجية فإن جزء هام من قراراتها يقع بشكل مباشر وغير مباشر على عاتق القائد، كما أن أي قرارات سياسية من قبل مؤسسات النظام الإيراني يجب أن تخضع لموافقة الزعيم. هذا وتوضح المواد الدستورية السابقة سيما المادة 110 التي توكل للقائد رسم السياسات العامة للنظام والإشراف عليها، وسلطة إعلان الحرب والسلام.

كما يسيطر القائد على أقوى مؤسستين لهما صلة في إصدار القوانين وسن التشريعات وهما، مجمع تشخيص مصلحة النظام، الذي يحظى بأهمية كبيرة في مجال وضع السياسات العامة للنظام، وهو هيئة استشارية للقائد وأعضائه يتم تعيينهم من القائد نفسه، كما أن المقررات التي تتعلق بهذا المجمع يجب موافقة القائد عليها، علاوة على فصله في الخلافات التي تحدث بين شقي البرلمان الإيراني. أما المؤسسة الأخرى فهي، مجلس صيانة الدستور الذي يعين القائد ستة من أعضائه بشكل مباشر والستة الآخرين يرشحهم رئيس السلطة القضائية -الذي يُعين مباشرة من القائد-  ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي، حيث يقوم هذا المجلس بدور مهم في مراقبة السياسة الخارجية وذلك من خلال مصادقته على القرارات والتشريعات التي يصدرها مجلس الشورى الإسلامي ومنها ما يتعلق بالسياسة الخارجية والتأكد من مطابقتها للدستور والشرع.

 من ناحية أخرى، فإن جميع قرارات المجلس الأعلى للأمن القومي والذي يرتبط جزء منها بالسياسات الخارجية لا بدو وأن تحصل على مصادقة القائد. إن هذه السلطات المطلقة للزعيم وقوة المؤسسات التي يسيطر عليها، و التي لها أهمية كبيرة في صناعة قرار السياسة الخارجية الإيرانية، تعطي دلالة واضحة على أن أي قرار على صعيد السياسة الخارجية لن يكتب له النفاذ دون موافقة الزعيم.

 

 

 

 

 

ثانياً: السلطة التنفيذية

تتكون السلطة التنفيذية في إيران من رئيس منتخب، وحكومة تضم وزراء معينين من الرئيس ومصادق على تعيينهم من قبل مجلس الشورى الإسلامي.

1-الرئيس

يأتي منصب رئيس الجمهورية الإيرانية بعد الزعامة مباشرة في الأهمية كأعلى منصب رسمي في البلاد وهو المسؤول الأول عن تنفيذ القانون فيما عدا ما يتعلق مباشرة  بالزعامة. تنص المادة الثالثة عشرة بعد المئة "يعتبر رئيس الجمهورية أعلى سلطة رسمية في البلاد بعد مقام القيادة، وهو المسؤول عن تنفيذ الدستور، كما أنه يرأس السلطة التنفيذية إلا في المجالات التي ترتبط مباشرة بالقيادة ". هذا ويكون الرئيس مسؤول أمام الشعب وقائد الثورة ومجلس الشوری الإسلامی، تنص المادة الثانية والعشرون بعد المئة على أن "رئيس الجمهورية– في نطاق صلاحياته ووظائفه بموجب هذا الدستور أو القوانين العادية- مسؤول أمام الشعب وقائد الثورة ومجلس الشوری الإسلامي".

وفيما يتعلق في مدة ولايته، تنص المادة الرابعة عشرة بعد المئة على" يُنتخب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب لمدة أربع سنوات، ولا يجوز انتخابه لأكثر من دورتين متواليتين". 

وعن الشروط التي يجب توافرها في المرشح لمنصب الرئيس، تنص المادة الخامسة عشر بعد المئة على، ينتخب رئيس الجمهورية من بين الرجال المتدينين السياسيين الذين تتوفر فيهم الشروط التالية:

1-أن يكون إيراني الأصل ويحمل الجنسية الإيرانية.

2- قديراً في مجالس الإدارة والتدبير.

3- ذا ماضٍ جيد.

4-تتوفر فيه الأمانة والتقوى.

5- مؤمناً ومعتقداً بمبادئ جمهورية إيران الإسلامية والمذهب الرسمي للبلاد.

تدلل الشروط التي يجب توافرها في الرئيس الإيراني، على عدم السماح للإيرانيين من الديانات غير الإسلامية، ومن المسلمين غير الشيعة بالوصول لهذا المنصب.

أما مهمات وصلاحيات الرئيس، فقد جاءت المواد الدستورية موضحة لها كما يلي:

المادة الثلاثة والعشرون بعد المئة "على رئيس الجمهورية أن يوقع على مقررات مجلس الشورى الإسلامي، وعلى نتيجة الاستفتاء العام بعد مرورها بالمراحل القانونية، وإبلاغها إياه، وعليه أن يسلمها للمسؤولين لتنفيذها".

المادة الرابعة والعشرون بعد المئة "يستطيع رئيس الجمهورية-للقيام بأعباء واجباته القانونية- أن يعين معاونين له، ويقوم المعاون الأول لرئيس الجمهورية–بموافقته-بمهمة إدارة جلسات مجلس الوزراء، والتنسيق بين سائر المعاونيات".

المادة الخامسة والعشرون بعد المئة "يوقع رئيس الجمهورية أو ممثله القانوني– بعد مصادقة مجلس الشورى الإسلامي- على المعاهدات أو العقود والاتفاقيات والمواثيق التي تُبرم بين الحكومة الإيرانية وسائر الدول، وكذلك المعاهدات المتعلقة بالاتحادات الدولية".

المادة السادسة والعشرون بعد المئة "يتولى رئيس الجمهورية مسؤولية أمور التخطيط والميزانية الوطنية والأمور الإدارية والتوظيفية للبلاد بشكل مباشر ويمكن أن يوكل شخصاً آخر لإدارتها".

المادة السابعة والعشرون بعد المئة " في حالات خاصة -ولمقتضيات الضرورة- وبمصادقة مجلس الوزراء يحق لرئيس الجمهورية تعيين ممثل خاص له -أو عدة ممثلين- وتحديد صلاحياتهم. وفي هذه الحالات، تعتبر القرارات التي يتخذها الممثل أو الممثلون المذكورون بمثابة قرارات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء".

المادة الثامنة بعد العشرون "يتم تعيين السفراء باقتراح من وزير الخارجية ومصادقة رئيس الجمهورية. ويقوم رئيس الجمهورية بالتوقيع على أوراق اعتماد السفراء، ويتسلم أوراق اعتماد سفراء الدول الأخرى".

أما في حالة أصبح منصب الرئيس شاغراً لأي سبب من الأسباب وما يترتب على ذلك من تبعات، فإن المادة الحادية والثلاثون بعد المئة تنص على" في حالة وفاة رئيس الجمهورية، أو عزله، أو استقالته، أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو في حالة انتهاء فترة رئاسة الجمهورية وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية نتيجة وجود بعض العقبات أو الأمور أخرى من هذا القبيل، يتولى المعاون الأول لرئيس الجمهورية أداء وظائف رئيس أداء وظائف رئيس الجمهورية ويتمتع بصلاحياته بموافقة القيادة، ويتوجب على هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى الإسلامي ورئيس السلطة القضائية والمعاون الأول لرئيس الجمهورية أن تعد الأمور ليتم انتخاب رئيس جديد الجمهورية خلال فترة خمسين يوماً – على الأكثر- وفي حالة وفاة المعاون الأول لرئيس الجمهورية أو لوجود أمور أخرى تحول دون قيامه بواجباته، وكذلك فيما إذا لم يكن لرئيس الجمهورية معاون أول، تعين القيادة شخصاً آخر مكانه". 

كما تنص المادة الثانية والثلاثون بعد المئة "خلال الفترة التي يتولى فيها المعاون الأول لرئيس الجمهورية- أو شخص آخر عين بموجب المادة الحادية والثلاثون بعد المئة- مسؤوليات رئيس الجمهورية ويتمتع بصلاحياته، لا يمكن استيضاح الوزراء أو حجب الثقة عنهم، ولا يمكن –كذلك- القيام بإعادة النظر في إصدار النظر في الدستور أو إصدار الأمر بإجراء الاستفتاء العام في البلاد". 

هذا وفي حال أراد الرئيس تقديم استقالته فعليه تقديمها للقائد، تنص المادة الثلاثون بعد المئة " يقدم رئيس الجمهورية استقالته إلى القائد، ويستمر في القيام بوظائفه إلى أن تتم الموافقة على استقالته".  

2-مجلس الوزراء

تنص المادة الثالثة والثلاثون بعد المئة "يعين رئيس الجمهورية الوزراء ويطلب إلى مجلس الشورى الإسلامي منحهم الثقة ولا يلزم طلب الثقة من جديد عند تغيير مجلس الشورى الإسلامي. يعين القانون عدد الوزراء وحدود صلاحيات كل واحد منهم".

أما المادة الرابعة والثلاثون بعد المئة فتنص على " تسند رئاسة مجلس الوزراء إلى رئيس الجمهورية الذي يشرف على عمل الوزراء- عبر اتخاذ التدابير اللازمة- بالتنسيق بين قرارات الوزراء ومجلس الوزراء، ويعين – بالتعاون مع الوزراء- السياسة العامة لعمل الدولة ونهجها، كما يقوم بتنفيذ القوانين. وفي حالات اختلاف الرأي أو التداخل في المسؤوليات القانونية، للأجهزة الحكومية- حيث يحتاج الموضوع إلى تفسير أو تغيير للقانون- يكون قرار مجلس الوزراء المتخذ باقتراح من رئيس الجمهورية ملزماً. ويكون رئيس الجمهورية مسؤولاً أمام مجلس الشورى الإسلامي عن إجراءات مجلس الوزراء. 

وعن مهام مجلس الوزراء، فقد جاء في المادة الثامنة والثلاثون بعد المئة "علاوة على الحالات التي يكلف فيها مجلس الوزراء أو أحد الوزراء بتدوين اللوائح التنفيذية للقوانين فإن لمجلس الوزراء- في سبيل القيام بالوظائف الإدارية وتأمين إجراء القوانين وتنظيم المؤسسات الإدارية- الحق في وضع القرارات واللوائح الإدارية لكل وزير- في حدود وظائفه ومقررات مجلس الوزراء- الحق أيضاً في وضع اللوائح الإدارية وإصدار التعميمات، إلا أن مفاد هذه القرارات يجب أن لا يتنافى مع نص روح القوانين. ويمكن لمجلس الوزراء أن يكل أمر الموافقة على بعض الأمور المتعلقة بواجباته إلى لجان مشكلة من عدد من الوزراء وتكون قرارات هذه اللجان لازمة التنفيذ في إطار القوانين وبعد موافقة رئيس الجمهورية. وترسل هذه القرارات واللوائح الصادرة من مجلس الوزراء أو اللجان المذكورة في هذه المادة -ضمن إبلاغها للتنفيذ-إلى رئيس مجلس الشورى الإسلامي لأخذ العلم بها حتى إذا ما وجدها مخالفة للقوانين يقوم بإرجاعها إلى مجلس الوزراء- مع تبيان السبب- ليقوم بإعادة النظر فيها".

أما المادة السابعة والثلاثون بعد المئة فتنص على "يكون كل من الوزراء مسؤولاً عن واجباته الخاصة به تجاه رئيس الجمهورية والمجلس، وفي الأمور التي يوافق عليها مجلس الوزراء يكون  الوزير مسؤولاً عن أعمال الوزراء الآخرين أيضاً بهذا الخصوص".

وفيما يتعلق بإقالة أو استقالة الوزراء، تنص المادة الخامسة والثلاثون بعد المئة "يبقى الوزراء في وظائفهم ما لم يتم عزلهم أو حجب المجلس الثقة عنهم أثر استيضاحهم أو طلب الثقة لهم من المجلس. وتقدم استقالة مجلس الوزراء أو أي منهم إلى رئيس الجمهورية، ويستمر مجلس الوزراء في القيام بمهامه حتى يتم تعيين الوزراة الجديدة. ويستطيع رئيس الجمهورية أن يعين مشرفين للوزارات التي لا وزير لها لمدة أقصاها ثلاثة أشهر". 

هذا وتنص المادة السادسة والثلاثون بعد المئة على "يستطيع رئيس الجمهورية أن يعزل الوزراء وفي هذه الحالة يطلب إلى المجلس منح الثقة للوزير الجديد أو الوزراء الجدد. وفي حالة تغيير نصف أعضاء مجلس الوزراء- بعد منحهم الثقة من قبل المجلس- فإن على رئيس الجمهورية أن يطلب إلى المجلس منح الثقة لمجلس الوزراء من جديد". 

توضح المواد الدستورية الخاصة بمهام وصلاحيات السلطة التنفيذية، إلى عظم المسؤولية التي تقع على رئيس الجمهورية ومجلس وزرائه فيما يتعلق في سياسة البلاد داخلياً وخارجياً. وفيما يخص صنع القرار في السياسة الخارجية، فإن الرئيس يتمتع بدور كبير وهام من خلال اختياره لوزير الخارجية والسفراء وممثلي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واعتماد السفراء الأجانب في إيران، يضاف إلى ذلك التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق بين الحكومة الإيرانية وسائر الدول، علاوة ذلك يقع ضمن مسؤوليته التوقيع على المعاهدات مع الاتحادات والهيئات والمنظمات الدولية. من جهة أخرى في أن الحكومة التي يشكلها ويرأسها رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعمل على تنفيذ السياسات العامة للبلاد، كما أن إقامة أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى من جملة مهام السلطة التنفيذية.

لكن بالرغم ما يخوله الدستور من صلاحيات للسلطة التنفيذية على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، إلا أن هذا الصلاحيات تظل مقيدة بشكل كبير سيما مع وجود منصب الزعامة "الولي الفقيه". فالسلطة التنفيذية في نظام ولاية الفقيه هي بالأساس قائمة على تنفيذ الولاية الإلهية وولاية الرسول عليه الصلاة والسلام وولاية الأئمة من بعد ثم ولاية الفقيه الذي ينوب عن الإمام الغائب، عليه فلا مجال لمخالفة سلطة للزعيم.

ثالثاً: السلطة التشريعية

تتكون السلطة التشريعية في إيران من مجلسي الشورى الإسلامي وصيانة الدستور، حيث ينتخب الأول من الشعب مباشرة ولمدة أربع سنوات، وهو يتمتع بسلطات تشريعية واسعة تتمثل بتشريع القوانين في جميع الأمور والقضايا وذلك في حدود الدستور. كما يساهم المجلس في السياسة الخارجية للدولة من خلال تصديقه على جميع المعاهدات والاتفاقات والمواثيق الدولية. يضاف إلى ذلك ضرورة مصادقة المجلس على أي نوع من تغيير لحدود الدولة، والحصول أو منح قروض، وجلب الخبراء الأجانب.

أما مجلس صيانة الدستور، فهو يقوم بدور مهم في مجال المراقبة والتصديق على التشريعات الصادرة عن مجلس الشورى الإسلامي بما فيها المتعلقة بالسياسة الخارجية. للبحث أكثر في تركيبة السلطة التشريعية وطبيعة عملها في إيران، يمكن الإشارة إلى المواد الدستورية التالية:

1-مجلس الشورى الإسلامي

 تنص المادة الثانية والستون على"يتألف مجلس الشورى الإسلامي من نواب الشعب الذين ينتخبون مباشرة، وبالاقتراع السري....". وتنص المادة الثلاثة والستون على"مدة النيابة في مجلس الشورى الإسلامي أربع سنوات، وتجري انتخابات كل دورة قبل انتهاء الدورة السابقة...." . كما توضح المادة الرابعة والستون عدد نواب المجلس، وحصة الأقليات فيه "عدد نواب مجلس الشورى الإسلامي هو مئتان وسبعون نائب وابتداء من تاريخ العام 1368 هجرية شمسية وبعد كل عشر سنوات مع ملاحظة العوامل الإنسانية والسياسية والجغرافية وأمثالها يمكن إضافة عشرين نائباً كحد أعلى، وينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائباً واحداً، وينتخب المسيحيون الآشوريون والكلدانيون معاً نائباً واحداً، وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كل على حدة نائباً واحداً...".

هذا يوضح الدستور الإيراني مهام وصلاحيات مجلس الشورى الإسلامي وحدود هذه الصلاحيات، على النحو التالي:

المادة الحادية والسبعون" يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين في القضايا كافة، ضمن الحدود المقررة في الدستور".

المادة الثانية والسبعون" لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للبلاد أو المغايرة للدستور. ويتولى مجلس صيانة الدستور مهمة البت في هذا الأمر طبقاً للمادة السادسة والتسعين من الدستور".

المادة الثالثة والسبعون" شرح القوانين العادية وتفسيرها يعتبران من صلاحيات مجلس الشورى الإسلامي.....".

المادة الرابعة والسبعون" تقدم اللوائح القانونية بعد مصادقة مجلس الوزراء عليها إلى مجلس الشورى الإسلامي، كما يستطيع ما لا يقل عن خمسة عشر نائباً اقتراح مشاريع القوانين، وطرحها في مجلس الشورى الإسلامي".

المادة السادسة والسبعون" يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يتولى التدقيق والتحقيق في جميع شؤون البلاد".

المادة السابعة والسبعون" يجب أن تتم المصادقة على المواثيق، والعقود، والمعاهدات، والاتفاقيات الدولية من قبل مجلس الشورى الإسلامي".

المادة الثامنة والسبعون" يحظر إدخال أي تغيير في الخطوط الحدودية سوى التغييرات الجزئية مع مراعاة مصالح البلاد ويشترط أن تتم التغييرات بصورة متقابلة، وأن لا تضر باستقلال ووحدة أراضي البلاد، وأن يصادق عليها أربعة أخماس عدد النواب في مجلس الشورى الإسلامي".

المادة التاسعة والسبعون "يُحظر فرض الأحكام العرفية، وفي حالات الحرب والظروف الاضطرارية المشابهة يحق للحكومة بعد مصادقة مجلس الشورى الإسلامي أن تفرض -مؤقتاً- بعض القيود الضرورية على أن لا تستمر –مطلقاً- أكثر من ثلاثين يوماً، وفي حالة استمرار حالة الضرورة على الحكومة أن تستأذن المجلس من جديد".

المادة الثمانون "عمليات الاقتراض والإقراض أو منح المساعدات – داخل البلاد وخارجها- التي تجريها الحكومة يجب أن تتم بمصادقة مجلس الشورى الإسلامي".

المادة الحادية والثمانون "يُمنع منعاً باتاً منح الأجانب حق تأسيس الشركات والمؤسسات في مجال التجارة والصناعة والزراعة والمعادن والخدمات".

المادة الثانية والثمانون "لا يجوز للحكومة توظيف الخبراء الأجانب إلا في حالات الضرورة وبمصادقة مجلس الشورى الإسلامي".

هذا ومن وظائف مجلس الشورى الإسلامي أيضاً منح الثقة للحكومة، حيث تنص المادة السابعة والثمانون "يجب على رئيس الجمهورية بعد تشكيل مجلس الوزراء- وقبل أي خطوة- أن يحصل لهم على ثقة مجلس الشورى الإسلامي، ويستطيع خلال فترة توليه المسؤولية أن يطلب من مجلس الشورى الإسلامي منح مجلس الوزراء الثقة في الأمور المهمة، والقضايا المختلف عليها".

في حين تنص المواد التالية على الوظيفة الرقابية للمجلس وهي كما يلي:

تنص المادة الثامنة والثمانون "في حالة توجيه ربع نواب مجلس الشورى الإسلامي- على الأقل- سؤالاً إلى رئيس الجمهورية، أو توجيه أي نائب سؤالاً إلى الوزير المسؤول فإن على رئيس الجمهورية أو الوزير المسؤول الحضور في المجلس للإجابة عن السؤال الموجه إليه ويجب أن لا تتأخر الإجابة – في حالة رئيس الجمهورية- عن شهر واحد، وفي حالة الوزير عن عشرة أيام، إلا أن يكون هناك عذر مقبول بتشخيص مجلس الشورى الإسلامي".

وتنص المادة التاسعة والثمانون على:

1- يستطيع أعضاء المجلس استيضاح مجلس الوزراء أو أحدهم في أي مجال يرونه ضرورياً ويكون الاستيضاح قابلاً في المجلس إذا قدمه ما لا يقل عن عشرة نواب. وعلى مجلس الوزراء أو الوزير الذي يُستدعى للاستيضاح أن يحضر في المجلس خلال عشرة أيام من تاريخ عرض الاستيضاح في المجلس وأن يجيب عنه ويطلب من المجلس منه الثقة، وفي حالة عدم حضور مجلس الوزراء أو الوزير للرد على الاستجواب يقدم النواب المذكورون التوضيحات اللازمة فيما يتعلق بالاستيضاح المعروض من قبلهم، ويحق للمجلس سحب ثقته، فيما إذا رأى ما يقتضي ذلك. وإذا لم يمنح المجلس ثقته، يُعزل مجلس الوزراء أو الوزير المقصود بالاستيضاح، وفي كلتا الحالتين فإن الوزراء الذين استوضحوا لا يستطيعون الاشتراك في الوزارة التي تأتي بعد ذلك مباشرة.

2 - في حالة استيضاح رئيس الجمهورية من قبل ثلث النواب- على الأقل- في مجلس الشورى الإسلامي حول القيام بواجبات إدارة السلطة التنفيذية وإدارة الأمور التنفيذية في البلاد فإن على رئيس الجمهورية – خلال مدة شهر من طرح الاستيضاح- أن يحضر في المجلس ويعطي التوضيحات الكافية حول المسائل المطروحة، وعند انتهاء مناقشات النواب المعارضين والمؤيدين وجواب رئيس الجمهورية إذا صوتت أكثرية الثلثين من النواب على عدم كفاءة رئيس الجمهورية فإن ذلك يُرفع وفق الفقرة العاشرة من المادة العشرة بعد المئة إلى مقام القيادة لإطلاعها عليه.

أما المادة التسعون فتنص على "يستطيع كل من له شكوى حول طريقة عمل المجلس أو السلطة التنفيذية أو السلطة القضائية أن يرفع شكواه تحريرياًً إلى مجلس الشورى الإسلامي، والمجلس ملزم بالتحقيق في هذه الشكاوي وإعطاء الرد الكافي عليها، وحينما تكون الشكوى متعلقة بالسلطة التنفيذية أو السلطة القضائية فيجب على المجلس أن يطلب السلطة بالتحقيق والرد الكافي ويعلن النتيجة خلال فترة مناسبة. وإذا كانت الشكوى ذات صفة عامة وجب إعلام الشعب بالنتيجة".

2- مجلس صيانة الدستور

يتمثل دور مجلس صيانة الدستور بضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي للدستور والشرع. توضح المواد الدستورية التالية تركيبته ومدة ولايته وصلاحياته. تنص المادة الحادية والتسعون على يتم تشكيل مجلس باسم: مجلس صيانة الدستور، بهدف ضمان مطابقة ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور. ويتكون على النحو التالي:

1- ستة أعضاء من الفقهاء العدول العارفين بمقتضيات العصر وقضايا الساعة، ويختارهم القائد.

2-ستة أعضاء من الحقوقيين المسلمين من ذوي الاختصاص في مختلف فروع القانون، يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي.

وعن مدة ولاية المجلس تنص المادة الثانية والتسعون على "دورة مجلس صيانة الدستور ست سنوات. وفي الدورة الأولى يتم تغيير نصف أعضاء كلا الفريقين- بطريقة القرعة-بعد ثلاث سنوات من تشكيله، ويجري اختيار أعضاء جدد مكانهم".

أما مهام وصلاحيات المجلس، فتنص المادة الرابعة والتسعون على "يجب على مجلس الشورى الإسلامي إرسال جميع ما يصادق عليه إلى مجلس صيانة الدستور. وخلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ الوصول، يجب على مجلس صيانة الدستور دراسة وتقرير مدى مطابقته مع الموازين الإسلامية ومواد الدستور، فإذا وجده مغايراً لها فعليه إعادته إلى مجلس الشورى الإسلامي لإعادة النظر وإلا يعتبر نافذ المفعول".

هذا وتنص المادة الخامسة والتسعون "في الأحوال التي يرى مجلس صيانة الدستور أن مدة عشرة أيام غير كافية للمناقشة وإبداء الرأي النهائي، يستطيع أن يطلب من مجلس الشورى الإسلامي تمديد المهلة لمدة أقصاها عشرة أيام أخرى، مع ذكر السبب".

في حين تنص المادة السادسة والتسعون على "تحديد عدم تعارض ما يصادق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع أحكام الإسلام يتم بأغلبية الفقهاء في مجلس صيانة الدستور. أما تحديد عدم التعارض مع مواد الدستور فيتم بأكثرية جميع أعضائه".

أما المادة السابعة والتسعون فتنص على "يستطيع أعضاء مجلس صيانة الدستور-توفيراً للوقت- الحضور في جلسات مجلس الشورى الإسلامي واستماع مناقشة اللوائح ومشاريع القوانين المطروحة. وينبغي عليهم الحضور أثناء مناقشة مجلس الشورى الإسلامي إذا كانت اللوائح أو مشاريع القوانين المطروحة في جدول أعمال المجلس تقتضي فورية البت، وأن يبدو رأيهم فيها".

ومن صلاحيات مجلس صيانة الدستور أيضاً، ما تنص عليه المادة الثامنة والتسعون "تفسير الدستور من اختصاص مجلس صيانة الدستور ويتم بمصادقة ثلاثة أرباع الأعضاء".

كما تنص المادة التاسعة والتسعون على "يتولى مجلس صيانة الدستور الإشراف على انتخاب مجلس خبراء القيادة ورئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي، وعلى الاستفتاء العام".  وفي النهاية يمكن القول أنه لا شرعية لعمل مجلس الشورى الإسلامي بدون مجلس صيانة الدستور، حيث تنص المادة الثالثة والتسعون في هذا الصدد"لا مشروعية لمجلس الشورى الإسلامي دون وجود مجلس صيانة الدستور، عدا ما يتعلق بإصدار وثائق عضوية النواب، وانتخاب ستة أعضاء حقوقيين لمجلس صيانة الدستور".

من واقع المواد الدستورية التي توضح عمل وصلاحيات السلطة التشريعية في إيران، يتضح بدايةً أن مجلس الشورى الإسلامي يساهم في السياسة الخارجية الإيرانية من خلال تصديقه على جميع المعاهدات والاتفاقات والمواثيق. كما أن أي نوع من التغيير في حدود الدولة، والحصول أو منح القروض، واستقدام الخبراء الأجانب لا بد من مصادقة المجلس أيضاً. يضاف إلى ذلك وجوب منح المجلس الثقة للحكومة بما فيها وزير الخارجية، كما أن من مهام المجلس مراقبة لأعمال الحكومة بما فيها ما يقع ضمن اختصاصات السياسة الخارجية، إلا أن قرارات هذا المجلس مقيدة بموافقة مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظين.

أما بالنسبة لمجلس صيانة الدستور، فدوره في صنع القرار في السياسة الخارجية يأتي من خلال مراقبته لهذه السياسة، وذلك بوجوب مصادقته على القرارات والتشريعات التي يصدرها مجلس الشورى الإسلامي، والتي يتعلق جزء منها بالسياسة الخارجية وذلك بهدف التأكد من مطابقتها للدستور والشرع. عليه فإن أي قرار صادر عن مجلس الشورى لن يجد طريقه  لحيز النور دون موافقة مجلس صيانة الدستور.

من جهة أخرى، فإنه يمكن القول أن مجلس الشورى الإسلامي، يعتبر أهم المؤسسات التي تشرع القوانين من ناحية دستورية، إلا أنه هو الأدنى سلطة بين مؤسسات صنع القرار التي لها صلة مباشرة في التشريع، حيث تحتاج قراراته وقوانينه التي يسنها إلى مراجعة من مجلس صيانة الدستور، واحتكامه إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام.

كما يتحكم مجلس صيانة الدستور في مجلس الشوى الإسلامي من ناحيتين: الأولى أنه يجري مراجعة على كل المتقدمين للترشيح لعضوية المجلس، ومن حقه حجب أي مرشح بدعوى عدم أهليته، ثم أنه يستطيع حجب نتيجة أي مرشح عند إقراره النتائج النهائية للانتخابات بدعوى حدوث تدليس في سير العملية الانتخابية. أما الناحية الثانية فهي مراجعة كل القوانين التي تصدر عن مجلس الشورى ورفض أو إعادة أي قوانين بدعوى عدم دستوريتها أو عدم توافقها مع الشريعة الإسلامية أو المذهب الرسمي في البلاد. وفي حال اشتد الخلاف بين مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور حول دستورية قانون ما، فإنه يُحتكم إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام-يسيطر عليه المحافظين- الذي يفصل في الخلاف بين المجلسين، حيث يوافق على رأي أحدهما مما يعني أنه يستطيع إحباط عمل مجلس الشورى الإسلامي بدعوى عدم مطابقة القانون مع مصلحة النظام. كما أن للزعيم أيضاً الحق في رفض أي قانون أو منع مناقشته دون إبداء أية أسباب.

خاتمة

تبين من تحليل مؤسسات وعملية صنع القرار في السياسة الخارجية الإيرانية، أنها تخضع لسيطرة اليمين المحافظ، الممثل في الزعيم- الذي تعد قراراته تعلو على مؤسسات النظام كافة، وأن هذه القرارات لا يجوز مخالفتها لأن ذلك يعد مخالفة لأحكام الشرع الإسلامي. كما يعد الزعيم الأقدر على معرفة مصلحة البلاد من غيره، وبذلك يعطي الزعيم مساحة كبيرة من التحرك على الصعيد السياسي بما يخدم المصلحة الإيرانية- والمؤسسات التي ترتبط به أهمها، مجمع تشخيص مصلحة النظام، والمجلس الأعلى للأمن القومي، ومجلس صيانة الدستور.

يعطي ذلك مؤشراً واضحاً على أن توجهات السياسة الخارجية الإيرانية التي يرسمها بشكل أساسي هو اليمين المحافظ في إيران، وأن أي قرار خارجي لن يتم دون موافقة هذا اليمين خاصة وأن القرار الأول والأخير في صناعة القرار يعود للزعيم.

أما مؤسسة الرئاسة ومجلس الشورى الإسلامي وإن كان لهما دور هام على صعيد السياسة الخارجية إلا أنهما مقيدتان بمؤسسات صنع القرار الأخرى التي يسيطر عليها اليمين المحافظ.

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ