ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
56 - د.
محمد سعيد حوى كيف
نتعامل مع الصحيحين – 3 - بينا
فيما مضى ان السنة الى عهد
البخاري ومسلم, مرّت بعدة مراحل:. 1-
الرواية الشفوية على الاكثر
الى بدايات القرن الثاني. 2-
البدء بالتدوين في بداية
القرن الثاني. 3-
التدوين الشمولي الموسوعي
وبدء دراسات نقدية، لكن التدوين
في اغلبه لم تكن منهجيته واضحة
ولم يميز بين الصحيح وغيره مع
تميز الموطأ في ذلك، وهذا بدأ من
منتصف القرن الثاني الى بدايات
القرن الثالث. 4-
مرحلة البخاري ومسلم؛ مرحلة
التصنيف المنهجي الشمولي
النقدي. وهنا
تحدثنا عن حال السنة قبل
الصحيحين ورأينا استشعار كل من
البخاري ومسلم خطورة الامر
واختلاط الروايات والحاجة الى
النقد، فكانت النتيجة ان يستخلص
الشيخان ما مجموعه 5000 حديث يُرى
انها الاصح وسنعود للوقوف على
حال ومكانة الصحيحين وهنا نود
ان نلقي نظرة موجزة على عمل
الائمة الاربعة (ابو داود،
الترمذي، النسائي، ابن ماجه) اذ
يلاحظ ان ائمة الحديث ركزوا
بشدة على الكتب الستة الصحيحين
والاربعة المذكورة وعدّوها
خلاصة السنة واصفى وانقى ما قدم
في التدوين مع الاختلاف في كون
سادس الكتب هل هو الموطأ او سنن
ابن ماجه او سنن الدارمي فتحصل
من مجموع ذلك ثمانية مصنفات
فاذا اضيف لها سند الامام احمد
كانت تسعة مصنفات هي المراجع
الاساسية في السنة, ومن ثم يلاحظ
اهل العلم ان أي حديث ينفرد به
مصنف جاء بعد هؤلاء لا يكاد يكون
صحيحاً واذا انفرد بطريق ما
لحديث ولو كان موجوداً اصله في
الكتب التسعة فان هذا الطريق
الذي يتفرد به بعض المتأخرين
محل شك او علة التفرد والغرابة،
بمعنى لو وجدنا حديثاً رواه
الترمذي بسند ما ربما نراه
ضعيفاً فنجد بعد ذلك ان لهذا
الحديث طريقاً آخر تفرد به
الطبراني (360) او ابن عساكر او
الحاكم في المستدرك، ان مجيء
هذا الطريق علة في حد ذاته، اذ
كيف يتفرد به المتأخرون، ولا
يعرفه المتقدمون وهم يحاولون ان
يقدموا الافضل. من هذا
المنطلق، نريد ان نفهم ماذا
اراد الأئمة الاربعة بتدوين
كتبهم، لقد لاحظ الائمة الاربعة
الحال التي كانت عليها السنة من
حيث كثرة المنكرات والعلل
والاخطاء في الرواية. ولاحظوا
جهد البخاري ومسلم في استخلاص
جملة من الاحاديث هي الاصح
والأنقى ولكن وجدوا في الوقت
نفسه ان ثمة احاديث او روايات او
طرقاً يمكن ان تضاف لجهد
الشيخين ولاحظوا ان بعض ما في
الصحيحين لا يخلو من نقد كما
لاحظوا تداول كثير من الفقهاء
والوعاظ والمفسرين وعلماء
العقائد لاحاديث لا بد من معرفة
مخارجها وهل تصلح للاحتجاج بها
او الاستشهاد او انها معلولة. كما
ارادوا ان يستكملوا عمل الشيخين
في تقديم ما هو الاصلح والانقى
وهذا لا يعني انه صحيح بحال. اذن
نستطيع القول ان جهد الائمة
الاربعة اشتمل على:. 1-
نقد بعض ما في الصحيحين ولو
من خلال بيان علل بعض الطرق,
وهذا يحتاج قطعاً الى دراسة
استقرائية لعله يأتي وقتها. 2-
استكمال عمل الشيخين في
تقديم طائفة اخرى من الاحاديث
الصحيحة او المعتبر بها او تقبل
التقوية. 3-
استقراء ادلة الفقهاء واصول
العقائد والتفسير ولو كان بعضها
ضعيفاً, ليقدموا اصول هذه
العلوم من جهة ولينقدوا ما
يحتاج الى نقد وان اختلفت
مناهجهم في النقد وكلها تحتاج
الى دراسات مفصلة. 4-
كانت النتيجة التلقائية
لجهد الائمة هؤلاء ان أي حديث
يأتي من أي طريق لحديث عندهم
سيكون محل شك وعلة
- الا ان يثبت العكس – ومن ثم
ندر حقيقة ان يسلم حديث يتفرد به
متأخر عن القرن الثالث. بل
وجدنا ان الجهود المتميزة جهود
ابن خزيمة وابن حبان في
صحيحيهما فلا تكاد تجد حديثاً
عندهما ليس موجوداً في الكتب
الستة. ونظراً
لمحاولة الحاكم توسيع دائرة
الصحيح نلاحظ ان ثلاثة ارباعه
ما بين الموضوع المكذوب او
الضعيف او المعلول ما يسلم منه
اصوله في الكتب الستة. 5-
مع التأكيد هنا ونتيجة
طبيعية لما سبق ان الكتب
الاربعة اشتملت على كثير من
الضعيف والمعلول، والسبب انهم
ارادوا ان يقدموا الاصلح مما
اعتمد عليه الفقهاء والوعاظ
وعلماء التفسير والعقيدة
ويقدموا نقدهم لها وينبهوا على
عللها ولم يريدوا ان يقدموا
الصحيح. الخلاصة:. 1-
ان جهود الائمة الاربعة
مكملة لعمل الشيخين في تنقية
السنة. 2-
ان ما في الكتب الستة هو
الانقى والاصلح. 3-
ليس بالضرورة كل فيها صحيح
ولم يرد الائمة الاربعة ذلك. 4-
ان هدف الائمة الستة اضافة
الى محاولات التنقية والاصطفاء
والتعليل حصر ما يمكن الافادة
منه من السنة. 5-
ان معظم ما جاء بعد الكتب
الستة معلول او مشكوك فيه او
ضعيف اذا تفرد به المتأخرون. 6-
انه ستبقى هذه الكتب – مع
كونها الافضل مع خصوصية
الصحيحين – ستبقى في دائرة
النقد, ولم يدع احد من مؤلفيها
سلامتها من النقد. سنجد من
يعترض على هذا التحليل لكنني
سأنقل من كلام الائمة انفسهم ما
يؤيد ذلك، مؤخراً الحديث عن
الصحيحين. قال ابو
داود:. "سألتموني
ان اذكر لكم الاحاديث التي في
كتاب السنن اهي اصح ما عرفت في
الباب؟ فاعلموا
انه كذلك.. وليس في كتاب السنن
الذي صنفته عن رجل متروك الحديث
شيء، واذا كان فيه حديث منكر
بينته, وليس على نحوه في الباب
غيره وما كان في كتابي من حديث
فيه وهن شديد فقد بينته ومنه ما
لا يصح سنداً وما لم اذكر فيه
شيئاً فهو صالح وبعضها اصبح من
بعض وهو كتاب لا ترد عليك سنة عن
النبي (صلى الله عليه وسلم) الا
وهي فيه ولا اعلم شيئاً بعد
القرآن الزم للناس ان يتعلموه
من هذا الكتاب, ولا يضر رجلاً ان
لا يكتب من العلم شيئاً بعدما
يكتب هذا الكتاب" رسالة ابي
داود الى أهل مكة, تحقيق الصباغ
ص 24 فما بعد. وانت
ترى واضحاً في النص ان فيه
الضعيف وما دونه وما فوقه وانه
حاول ان يحصي السنة التي يلزم
العمل بها.. على نحو ما ذكرت من
قبل. وقال
الترمذي في كتاب العلل في سننه
(5/736): جميع ما في هذا الكتاب
معمول به, وقد اخذ به بعض اهل
العلم ما خلا حديثين.. وهنا اذكر
ان مصطلحاً معمولاً به لا يعني
انه صحيح. والملاحظ
الآن انه بعد وجود الحاسوب من
السهل ان تجد طرقاً عديدة لحديث
ما ولكنها كلها في كتب
المتأخرين بعد القرن الثالث ولا
نجد لها ذكراً في كتب
المتقدمين، ان بعض الباحثين يظن
ذلك ايجابياً وحقيقة الحال انه
امر سلبي، الامر يحتاج الى
دراسة ايضاً وبعد هذه الملحوظات
على عمل الائمة الاربعة نعود
لبيان حال الصحيحين وكيف نتعامل
معها ان شاء الله. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |