ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الإسلام
والغرب.. صراع المشاريع الحلقة
الثانية عشر د.
علي محمد الصلابي الوجود
الصليبي قبل موقعة حطين يستمر
الحديث عن القادة والأمراء
والقادة السلاجقة، الذين كان
لهم السبق في مقاومة الاحتلال
الصليبي، وفي هذه الحلقة نقوم
بالتعريف بجهاد الأمير نجم
الدين ايلغاري صاحب ماردين،
وقائد معركة ساحة الدم. ** نجم
الدين ايلغازي صاحب ماردين :
ارتبطت حركة الجهاد الإسلامي ضد
الصليبيين ارتباطا شديداً
بزعماء الموصل الذين كانوا تحت
طاعة السلاجقة وأدت وفاة
السلطان محمد بن ملكشاة سنة 512ه/1117م
إلى ازدياد تدهور أحوال
السلاجقة في العراق، فسعى
السلطان محمود بن محمد ملكشاة
إلى استدعاء آقسنقر من الموصل
لتوليته شحنكية بغداد [1]الأمر
الذي أفقد الموصل مكانتها
القيادية في بعث حركة الجهاد
الإسلامي ضد الصليبيين مؤقتاً،
وانتقال هذه القيادة إلى نجم
الدين ايلغازي صاحب ماردين. استهل
ايلغازي أعماله بالاستيلاء على
حلب سنة 511ه/1117م، لأهميتها
بالنسبة لأية قيادة عسكرية
وسياسية تسعى لمجابهة
الصليبيين وذلك لما كانت تتمتع
به مركز استراتيجي حيوي من
النواحي البشرية والعسكرية
والسياسية والاقتصادية، وكانت
حلب تقع بين إمارتين صليبيتين
هما الرها وأنطاكية، وفي نفس
الوقت يمكنها الاتصال بالقوى
الإسلامية التركمانية المنتشرة
في منطقة الجزيرة. لذا كان
الاستيلاء عليها بمثابة فتح
الطريق لقيادة حركة الجهاد،
وذلك ما حدث فعلاً بالنسبة لنجم
الدين ايلغازي وابن أخيه بلك بن
بهرام ومن بعدهما آقسنقر
البرسقي وعماد الدين زنكي ونور
الدين محمود فيما بعد [2]. وأما عن
تفاصيل استيلاء نجم الدين
ايلغازي على حلب سنة 511ه/1117م فقد
تجدد بها من الحوادث ما أطمع
الصليبيين في الاستيلاء عليها
حيث بلغت حداً من الضعف
والضائقة الاقتصادية مما أعجز
أهلها عن تقديم القوت لدوابهم
ولكن خوف أهلها من أنه تسقط بيد
الصليبيين أجبرهم على استدعاء
نجم الدين ايلغازي وتسليمه حلب
في السنة المذكورة، واستهل
ايلغازي أعماله في حلب بفرض
سيطرته على بعض المواقع التابعة
لها كبالنس، ومصادرة بعض
ممتلكات رجال حلب للحصول منهم
على مال يهادن به الصليبيين،
فاستوحش منه أهل حلب وجندها –
على حد قول ابن العديم – مما
اضطره إلى مغادرتها إلى ماردين
بعد أن استخلف على حلب ابنه حسام
الدين تمرتاش. واستغل
الجند المقيمون في بالس موجة
الغلاء التي مروا بها في نفس
السنة 511ه/1117م، فأرسلوا إلى
الصليبيين ليسلموها إليهم
فاضطر إيلغازي إلى العودة على
رأس قوة من التركمان إلى حلب،
فلما شعر الصليبيون بالخطر،
انسحبوا عنها فتسلمها ايلغازي
للمرة الثانية، وعاد إلى ماردين
بعد أن عقد معهم هدنة بعدم
اعتداء أي منهما على ممتلكات
الطرف الآخر[3]. * نقض
الصليبيين للهدنة: وجد
الصليبيون الفرصة سانحة
لمهاجمة حلب مرة أخرى بعد خروج
ايلغازي وأغاروا على عزاز
وشددوا الحصار عليها حتى اضطر
من بها من المسلمين إلى
التسليم، واضطر أهل حلب إلى
مراسلة الصليبيين وطلبوا منهم
التمسك بالهدنة التي كان قد
عقدها معهم ايلغازي وأن يسلموهم
أي أهل حلب تل هراق ويؤدون لهم
القطيعة المقررة على حلب عن
أربعة أشهر ومقدارها ألف دينار
ويكون لهم من حلب شمالاً وغربا
[4]. وغضب
نجم الدين ايلغازي لما وصلت
إليه أخبار حلب، ولكنه لم يستطع
العودة إليها وإنقاذها مما هي
فيه لقلة عساكرها فاتجه إلى شرق
منطقة الجزيرة بقصد جمع العساكر
في الوقت الذي أبلغ فيه ظهير
الدين طغتكين عن رغبته في
الاجتماع به سنة 512ه/1118م واجتمعا
على قلعة دوسر بهدف القيام بدفع
الصليبيين عن حلب ولكن ذلك لم
يتيسر لهما، الأمر الذي دفع
الصليبيين إلى أحكام السيطرة
على مداخل حلب بعد أن استولوا
على بزاغة فتردت الأحوال بحلب
حتى بلغت حد التلف على حد قول
ابن العديم [5] ، ولم يجد أهل حلب
بدا من الاستعانة بالخلافة
العباسية والدولة السلجوقية في
بغداد، إلا أنهم لم يغاثوا
نظراً لانشغال السلاجقة
بالمنازعات الأسرية فيما بينهم
من جهة وضعف الخلافة العباسية
من جهة أخرى. * إعلان
النفير ضد الصليبيين: لم يتيسر
لنجم الدين ايلغازي لقاء
الصليبيين فقد فارق طغتكين وعاد
إلى ماردين لجمع العساكر
تمهيداً للعودة للجهاد
والالتقاء مع الصليبيين في
معركة حاسمة [6]وفي ماردين حشد
نجم الدين ايلغازي ما يزيد على
عشرين ألفا من التركمان [7]، بقصد
قتال الصليبيين الذين ضيقوا على
حلب حتى كادت أن تعدم القوت. وأرسل
ايلغازي رسله إلى بغداد لإعلان
النفير ضد الصليبيين وإعلام
الخليفة العباسي المسترشد
بالله والسلطان السلجوقي محمود
بن محمد بن ملكشاة بما فعله
الصليبيون بالديار الجزرية
وأنهم ملكوا قلعة عند الرها
وقتلوا صاحبها بن عطير [8]وكان
نجم الدين ايلغازي قد تواعد مع
ظهير الدين طغتكين في سنة 512ه/1118م
على ملاقاة الصليبيين في شهر
صفر من السنة التالية 513ه/1119م
بالشام. توجه
ايلغازي قبل الموعد المحدد إلى
الرها وشدد عليها الحصار، مما
اضطر من بها من الصليبيين إلى
مصالحته لقاء تنازلهم عن الأسرى
المسلمين الموجدين بها فأجابهم
ايلغازي وشرط عليهم عدم التوجه
لمساعدة أمير إنطاكية في حالة
حدوث قتل معه فأجابوه من عزل
إحدى قوى الصليبيين عن مديد
العون للقوى الأخرى وهذا دليل
واضح على ضعف رضوخ الصليبيين في
منطقة الجزيرة إلى مطالب
الأمراء المسلمين[9]. * معركة
ساحة الدم:بعد أن أطمأن ايلغازي
إلى أنه لن يتعرض إلى طعنة
الصليبيين من الخلف توجه إلى
بلاد الشام وقد انضم إليه أسامة
بن المبارك بن شبل الكلابي
والأمير طغان أرسلان صاحب بدليس
وارزن، وواصل سيره حتى بلغ
قريباً من الاثارب بأرض سرمدا
في ربيع الأول سنة 513ه/1119م وهناك
انتظر وصول ظهير الدين طغتكين،
وكان الصليبيون بقيادة روجر
صاحب أنطاكية قد نزلوا بتل
عقرين وشرعوا في بناء حصن لهم
هناك ولم يدر بخلدهم أن نجم
الدين ايلغازي سيباغتهم هناك
لضيق الطريق، تم لتوهمهم أن
المسلمين سينالون الإثارب
أوزوردنا، حتى أن الغرور قد
أصابهم لاعتقادهم بحصانة
موقعهم، فأرسلوا إلى ايلغازي
يقولون له: لا تتعب نفسك بالمسير
إلينا فنحن واصلون إليك [10]. ولما
طال انتظار ايلغازي لوصول
حليفه، لبى رغبة الأمراء الذين
كانوا معه في التعجيل بمباغتة
الصليبيين، فما شعر الصليبيون
إلا ورايات المسلمين قد اقبلوا
وأحاطوا بهم من كل جانب، وذلك
يوم الجمعة السادس عشر من ربيع
الأول من السنة 513ه/1119م. وخرج
قاضي حلب أبو الفضل بن الخشاب
وخطب في المسلمين خطبة بليغة
استنهض فيها عزائم المسلمين على
الجهاد، فحمل المسلمون على
الصليبيين حملة واحدة من جميع
الجهات فكانت السهام على
الصليبيين كالجراد في الوقت
الذي أخذتهم السيوف من سائر
نواحيهم، فلم يفلت منهم غير
يسير بينما كان الباقون بين
قتيل وجريح وكان ضمن القتلى
روجر صاحب أنطاكية الذي كان قد
تعجل لقاء المسلمين قبل وصول
قوات بيت المقدس وطرابلس وغيرها
ووقع في الأسر نيفا وسبعين من
فرسان الصليبيين ومقدميهم،
وحاولوا أن يفتدوا نفوسهم بمبلغ
ثلاثمائة ألف دينار فلم يقبل
منهم نجم الدين ايلغازي بل أمر
بقتلهم جميعاً [11]، وقد عرفت هذه
الواقعة عند المؤرخين
اللاتينيين، ومن نقل عنهم من
المؤرخين المحدثين باسم ساحة
الدم لكثرة ما قتل فيها من
الصليبيين والتي لم يقتل فيها
من المسلمين سوى العدد القليل
[12]. *
الأبعاد التي حققها الانتصار
على الصليبيين في معركة ساحة
الدم:إن أهمية ما حل بالصليبيين
لم تقف عند حد النصر العسكري
الذي حققه نجم الدين ايلغازي
عليهم، بل تعداه إلى أنه قد صاحب
هذا النصر قيام جبهة إسلامية
متحدة من الأمراء المسلمين في
الشام والجزيرة إضافة إلى إنها
جعلت حلب في منأى عن أخطار
الصليبيين خصوصاً بعد استيلاء
نجم الدين ايلغازي على حصن قريب
من الإثارب في السنة نفسها
فضلاً عن إنها كانت كارثة فادحة
حرمت أنطاكية من زعيمها روجر
وجيشها مما جعل السريان والأرمن
بأنطاكية يتشككون في موقعهم إلى
جانب الصليبيين وهـذا على ما
يبدو ما دفعهم إلى التآمر
للتخلص من الصليبيين الغربيين
فيما بعد [13]. وذكر
ابن العديم أن نجم الدين
ايلغازي نزل بعد انتهاء المعركة
إلى خيمة روجر ليسلم إليه
المسلمون الغنائم التي حصلوا
عليها ولكنه رد جميع الغنائم
إلى المقاتلين ولم يأخذ منهم
إلا سلاحاً يهديه لملوك الإسلام
ليبعث في نفوسهم حب الجهاد
الإسلامي ضد الصليبيين [14]واستطاع
ايلغازي أن يحقق سلسلة من
الانتصارات في شمال الشام هيأت
للمسلمين جوا من الهدوء
والاستقرار. فقد
استطاع المسلمون أن يلحقوا
بالنجدة الصليبية التي أتت
بزعامة بلدوين ملك بيت المقدس
لنجدة روجر صاحب إنطاكية هزيمة
ساحقة [15] ، ولم يكتف نجم الدين
ايلغازي بهذا بل اجتمع في ارتاح
بحليفه طغتكين واتفقا على
مهاجمة الإثارب وزردنا،
فاستطاعا الاستيلاء عليهما من
الصليبيين، ثم سار ايلغازي إلى
دانيت بنفر قليل من المسلمين
والتقى ببلدوين ملك بيت المقدس
وروبرت صاحب زردنا ودارت بين
الطرفين معركة في جمادى الأولى
من السنة 513ه/1119م أسفرت عن
انتصار نجم الدين ايلغازي
وهزيمة الصليبيين الذين احتموا
بحصن هاب بعد مطاردة نجم الدين
لهم [16]. ثم عاد
نجم الدين ايلغازي إلى حلب
بينما التقى رجاله في طريق
عودتهم بصاحب زردنا روبرت
الأبرص وبصحبته قوة من
الصليبيين، فهاجمتهم قوة
ايلغازي مما اضطر من سلم من
الصليبيين إلى العودة إلى حصن
هاب، في الوقت الذي وقع فيه
الابرص اسيراً في أيدي المسلمين
فحملوه إلى ايلغازي بحلب،
وأنفذه بدوره إلى طغتكين بدمشق
حيث قتله صبراً [17]، وفي أواخر
جمادى الأولى سنة 513ه/1119م غادر
ايلغازي حلب إلى ماردين بسبب
الضائقة المالية التي مر بها
إضافة إلى أن حلب كانت من الضعف
بحيث جعلته لا يستطيع البقاء
فيها [18]. * حصار
إنطاكية وعقد الهدنة مع ملك بيت
الملك:بالرغم من انشغال نجم
الدين ايلغازي ببعض الأمور
الإدارية في ماردين، فقد جمع
جيشاً من التركمان عبر بهم
الفرات إلى بلاد الشام في سنة 514ه/1120م
واجتمع بطغتكين وسارا إلى
أنطاكية حيث ضرب عليها حصاراً،
فلم يتمكنا منها، فدخلا إلى
قنسرين، وحاصراها يوماً وليلة،
ولم ينالا منها شيئاً، وعندها
أشار ظهير الدين طغتكين على
صاحبه برفع الحصار عنها وأن
يعود كل منهما إلى بلده، فقبل
نجم الدين ايلغازي مشورة صاحبه،
وعاد إلى حلب بعد أن أدرك ما
عليه الصليبيون من القوة، وتفرق
عساكره من التركمان واضطر
ايلغازي إلى عقد هدنة مع ملك بيت
المقدس بلدوين الثاني على أن
يكون للصليبيين المعرة وكفر طاب
والبارة وضياع من جبل السماق،
وعلى أن يكون أمد هذه الهدنة
نهاية السنة [19]. * نقض
الهدنة:لم يتقيد الصليبيون بهذه
المعاهدة، فقد أغار جوسلين صاحب
تل باشر في السنة نفسها 514ه/1120م
على بعض البلاد التابعة لحلب،
مما اضطر أهل حلب إلى إرسال
احتجاج شديد اللهجة إلى بلدوين
الثاني ملك بيت المقدس يخبرونه
فيه باعتداءات جوسلين على
المسلمين، ولكنه رد عليهم بقوله:
ما لي على جوسلين يد [20]. ولم يقف
الصليبيون عند هذا الحد بل أغار
الصليبيون بأنطاكية على بلد
شيزر وأسروا جماعة من المسلمين
وطالبوا أمير شيزر العربي أبو
العسـاكر سـلطان بن منقذ ببعض
المطالـب التعسفية مما اضطره
إلى مصالحتهم على مال يدفعه
إليهم [21]. وبالإضافة إلى ذلك فقد
استغل الصليبيون فرصة خلو حلب
من ايلغازي فشنوا في صفر من سنة
515ه/1121م هجوماً على الإثارب
وأحرقوا ما بها من الدور
والغلال وسار بلدوين الثاني
وأغار على حلب نفسها، وفرض
عليها حصاراً شديداً أدى إلى
وقوع خمسين أسيراً من أهلها في
يده ونجح الحلبيون في استنقاذ
إخوانهم وأجبروه على التراجع
عنها إلى أنطاكية [22]. وعلى ما
يبدو فإن نجم الدين ايلغازي قد
اضطر إلى البقاء في ماردين بعض
الوقت مما دعاه إلى مراسلة ولده
سليمان بن ايلغازي النائب عنه
في حلب يأمره بعقد صلح مع
الصليبيين، حصل الصليبيون
بموجبه على سرمين وبلدة ليلون
وبعض الجهات الزراعية المحيطة
بحلب، والإثارب [23]. * تمرد
سليمان بن ايلغازي على أبيه:على
الرغم من أن الصلح الذي عقده
سليمان بن ايلغازي مع الصليبيين
لم يكن في صالح المسلمين، فإن
سليمان بن ايلغازي لم يسع إلى
علاج ما استجد بحلب من الفوضى
والاضطراب، بل أعلن عصيانه على
والده وأعلن استقلاله بحلب، وقد
شجعت هذه الخطوة من قِبل سليمان
بن ايلغازي الصليبيين على
مضايقة حلب والاستيلاء على بعض
المواقع المحيطة بها في جمادى
الآخرة من سنة 515ه/1121م، ومطالبة
صاحبها سليمان بالتنازل عن
الإثارب لبلدوين الثاني ملك بيت
المقدس، ولكن سكان الإثارب من
المسلمين رفضوا الخضوع
للصليبيين الأمر الذي أجبر
بلدوين على التراجع إلى إنطاكية
ومنها إلى بيت المقدس [24]. *
القضاء على التمرد:أما نجم
الدين ايلغازي، فإنه ما أن سمع
بعصيان ابنه بحلب حتى قدم إليها
على وجه السرعة، فعاقب من كان
وراء عصيان ابنه، فلما رأى
سليمان بأعوانه من عقاب شديد
خاف على نفسه وهرب إلى دمشق وطلب
من صاحبها طغتكين حق اللجوء،
ولما تم لايلغازي القضاء على
الفتنة بحلب استناب بها ابن
أخيه بدر الدولة سليمان بن
عبدالجبار بن أرتق، وعقد هدنة
جديدة مع الصليبيين لمدة سنة
كاملة، وكان هدف ايلغازي من عقد
تلك الهدنة مع الصليبيين هو كسب
الوقت حتى يتمكن من العودة إلى
ديار بكر وحشد ما يمكن حشده من
قوات ليعيد الكرة على
الصليبيين، إضافة إلى خوفه من
قيام الصليبيين بغارة على حلب
فلا يستطيع ابن أخيه صدهم [25]. وفي
ماردين استطاع نجم الدين
ايلغازي أن يحشد أكبر عدد من
التركمان ثم سار بهم إلى بلاد
الشام في شهر ربيع الآخر سنة 516ه/1122م،
مستغلاً في ذلك الشقاق الذي حصل
بين بلدوين ملك بيت المقدس
ويونز صاحب طرابلس، ولكن نجم
الدين ايلغازي لم يستطع أن يحقق
نصراً حاسماً على الصليبيين،
بالرغم من انضمام بلك بن بهرام
بن أرتق وظهير الدين طغتكين إلى
جانبه، غير أنه حرم الصليبيين
من أن يمدوا نفوذهم وسيطرتهم
على حلب [26]. * وفاة
ايلغازي وأثر ذلك على المسلمين:
في شهر رمضان من سنة 516ه/1122م أحس
ايلغازي بتدهور صحته فعاد إلى
ميا فارقين حيث وافته منيته
هناك، وبقدر ما كانت وفاة نجم
الدين ايلغازي خسارة فادحة
للمسلمين في بلاد الشام
والجزيرة عامة فإن المصيبة كانت
أعظم على أهل حلب الذين عظمت
عليهم وفاته، لأن نجم الدين
ايلغازي كان قد قطع أمل زعماء
الصليبيين في الاستيلاء عليها،
ولم تقف أهمية وفاة نجم الدين
ايلغازي إلى هذا الحد، بل أدت
إلى أن إمارته قد تفككت وقسمت
بين أولاده حسام الدين تمرتاش
الذي حصل على ماردين، وابنه
سليمان الذي حصل على ميا
فارقين، بينما بقيت حلب من نصيب
ابن أخيه سليمان بن عبدالجبار
بن أرتق، واحتفظ بلك بن بهرام بن
ارتق بقلعة خرتبرت وضم إليهم
حران فيما بعد [27]. ويضاف
إلى ذلك أن حلب التي كانت تعتمد
على عساكر التركمان الذين كان
يحشدهم ايلغازي من شمال الجزيرة
قد افتقرت هذا العنصر البشري
الذي رجح كفة المسلمين على
الصليبيين في عهد ايلغازي مما
جعلها عرضة لغارات الصليبيين،
وضعف مركز صاحبها سليمان
عبدالجبار بن أرتق عن دفع
الصليبيين الذين استغلوا وفاة
نجم الدين وأغاروا بقيادة
بلدوين الثاني ملك بيت المقدس
على بزاعة وبالس على نهر
الفرات، ولم يقف الأمر عند هذا
الحد بل استطاع الملك الصليبي
الاستيلاء على قلعة البيرة، حتى
أصبحت حلب محاطة بالصليبيين من
جميع الجهات، مما حتم على
سليمان بن عبدالجبـار أن يعقد
مع الصليبيين صلحاً سنة 517ه/1123م
تنازل بموجبه لهم عن حصن
الأثارب [28]. يتبع
بمشيئة الله .. ------------------- [1]
الوافي بالوفيات (9/310) النجوم
الزاهرة (5/214). [2]
الإمارات الإرتقية في بلاد
الشام والجزيرة ص 234 - 235. [3]
زبدة الحلب (2/180) الجهاد ضد
الصليبيين في الشرق الإسلامي ص
125. [4]
زبدة حلب (2/185 – 186). [5]
المصدر نفسه (2/186). [6]
المصدر نفسه (2/186). [7]
المصدر نفسه (2/187 -190). [8]
الجهاد ضد الصليبيين في الشرق
الإسلامي ص 153. [9]
الإمارات الأرتقية في بلاد
الشام والجزيرة، عماد الدين
خليل ص 241. [10]
زبدة الحلب (2/190) الجهاد ضد
الصليبيين ص 154. [11]
الجهاد ضد الصليبيين ص 154 نقلاً
عن الكامل في التاريخ. [12]
الشرق الأوسط والحروب الصليبية
(1/473) الإمارات الأرتقية ص 242. [13]
الاعتبار ص 40،41، الحركة
الصليبية (1/492). [14]
زبدة الحلب (2/190) الجهاد ضد
الصليبيين ص 155. [15]
الجهاد ضد الصليبيين ص 155. [16]
زبدة الحلب (2/190) الجهاد ضد
الصليبيين ص 156. [17]
تاريخ الحروب الصليبية (2/245). [18]
الجهاد ضد الصليبيين ص 156. [19]
المصدر نفسه ص 156. [20]
المصدر نفسه ص 156،157. [21]
المصدر نفسه ص 157. [22]
زبدة الحلب (2/199) الجهاد ضد
الصليبيين ص 157. [23]
زبدة الحلب (2/199-205) الجهاد وضد
الصليبيين ص 157. [24]
المصدر نفسه. [25]
الإمارات الارتقية ص 60. [26]
زبدة الحلب (2/205) الجهاد ضد
الصليبيين ص 158. [27]
الشرق الأوسط والحروب الصليبية
(1/480 – 481) للعريني . [28]
الكامل في التاريخ (8/632). ـــــــــ
المصدر
: إسلام أون لاين -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |