ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

عام على الربيع العربي : 

التداعيات الإقليمية والدولية 

إعداد : لبنى نبيه – ثروت محمد حسن

مركز الرافدين للدراسات والبحوث الإستراتيجية

4/5/2012

المقدمة:-

منذ أن أقدم محمد بوعزيزي على إشعال النار في نفسه في ديسمبر 2010، إمتدت ألسنة النيران إلى جميع أرجاء الشرق الأوسط، وقد سُميت الإحتجاجات والإضطرابات التى تلت ذلك بالـ"ربيع العربي"، و"الصحوة العربية"، و"الإنتفاضة العربية" وقد نجحت في إقصاء، وتهديد أو على الأقل تخويف كل الأنظمة فى المنطقة. إن المسميات التى أُطلقت على هذه الظاهرة تشير بوضوح إلى ابتعاد الشرق الأوسط عن عشرات السنوات من الجمود السياسيّ والصمت، التى سبقت صنيع بوعزيزي، كما تشير إلى أن بدائل ثقيلة تطرق أبواب الشرق الأوسط .

ومع تعدد التحليلات والرؤى حول الأبعاد الداخلية لهذه الثورات، اهتم معهد أبحاث الأمن القومي بدراسة التداعيات الإقليمية والدولية للربيع العربي، مع الإشارة إلى الآثار المحتملة على الأمن القومي الإسرائيلي، وذلك في دراسة مطولة أصدرها المعهد شهر مارس 2012، بعنوان "عام على الربيع العربي: التداعيات الإقليمية والدولية" ، والتي شارك في إعدادها العديد من الكتاب والمحللين الإسرائيليين في شتى المناحي.

ضمت الدراسة أربعة محاور رئيسية، استعرض المحور الأول مرور عام على الثورات العربية، وجاء المحور الثاني تحت عنوان "البعد الدولي" الذي تحدث عن (مجابهة الولايات المتحدة لتحديات الشرق الأوسط – موقف الإتحاد الأوروبي من الربيع العربي – روسيا إزاء نتائج الربيع العربي – موقف تنظيم القاعدة وشركائه من الربيع العربي).

أما المحور الثالث فجاء تحت عنوان "البعد الإقليمي" وركز على (التداعيات الإقليمية للربيع العربي – إيران والزعزعة في العالم العربي – ممالك الخليج والربيع العربي – الأردن بين التظاهرات والإصلاحات – جبهة بلاد الشام والربيع العربي – تركيا والصحوة العربية) .

وأخيرا جاء المحور الرابع تحت عنوان "إسرائيل وواقع جديد في ظل الربيع العربي" مشيراً إلى (تداعيات الربيع العربي على القضية الفلسطينية – تأثير الربيع العربي على الجيش الإسرائيلي – ردة الفعل الإسرائيلية على الربيع العربي).

استعرض عاموس يدلين في دراسته بعنوان "عام على الثورات العربية" تطورات الربيع العربي خلال عام، مشيراً إلى أن مقولة مبارك بأن حكمه يمنع اعتلاء الإسلام المتعصب لسدة الحكم باتت صحيحة، وساوى بين الربيع العربي الذي يعيشه حالياً الشرق الأوسط وبين الصحوة العربية التي شهدها القرن التاسع عشر، تلك الصحوة التي أسفرت عن تكوين دول عربية قومية غير إسلامية وترسيم الحدود بينها بموجب اتفاق تم إبرامه بين فرنسا وبريطانيا، كما أن الربيع العربي يساوي في أهميته تلك الثورة العربية التي شهدها منتصف القرن العشرين، والتي قام العرب في خضمها بطرد الأنظمة الاستعمارية نهائياً وغيروا قطاعاً كبيراً من الدول الملكية محاولين تجسيد الرؤيا العربية الإشتراكية التي روج لها عبد الناصر وحزب البعث.

وأشار يدلين إلى أن كل مقومات الثورة كانت موجودة بالفعل منذ سنوات كثيرة، متسائلاً لماذا لم يقم العرب بما قامت به دول أوروبا وأمريكا الجنوبية وشرق آسيا، خاصة وأن هناك ثلاثة عيوب كانت تواجه العالم العربي وتعوق تقدمه وهي (الحرية – العلم – مكانة النساء في المجتمع)، وأرجع يدلين نشوب الثورات العربية في الوقت الحالي إلى (1) تغلغل الإنترنت في حياة الطبقة الوسطى (2) محطات الأقمار الصناعية (3) مواقع التواصل الإجتماعي، خاصة الفيس بوك الذي كان من بين الألقاب التي عرفت بها الثورات العربية في عام 2011 .

وقال يدلين أن الثورات العربية التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا واليمن وأخيراً سوريا كانت بدون زعامة وأيديولوجيا، الأمر الذي مكن الإخوان المسلمين والسلفيين من اختطافها.

وأكد يدلين على وجود وسائل كانت أكثر تأثيراً على اندلاع الثورات العربية من شبكة الجزيرة والفيس بوك، ألا وهي المساجد والعمل الإجتماعي، وهو ما يجيده الإسلاميون، وظهرت بوادره في نتائج الانتخابات، حتى أن هناك البعض ممن يتوقعون امتداد تأثير الثورات إلى باقي الدول العربية، إلا أن ست دول فقط من بين 22 دولة هي التي شهدت حراكا ثوريا.

وأحصى يدلين أربعة أبعاد مركزية سوف تؤثر على تطور الصحوة العربية مستقبلاً على النحو التالي :

1 – ولاء الجيش للنظام واستعداده لاستخدام القوة ضد التغيير، ففي سوريا مازالت الصراعات مستمرة بلا هوادة بين المعارضة والنظام.

2- انحياز المؤسسات الدينية للنظام أو الوقوف ضده .

3- استعداد المجتمع الدولي للوقوف ضد الأنظمة الحاكمة القائمة .

4 – الإقتصاد، وهو الأكثر أهمية وتأثيره على المدى الطويل حيوي، لأن كل دولة عربية ملزمة بإحراز نمو اقتصادي حقيقي، وتوفير فرص عمل للشباب. وهو ما أوقفته الصحوة العربية. فكل من مصر وسوريا تعانيان من تراجع اقتصادي: حيث توقفت السياحة، وتوقف تدفق الاستثمارات الخارجية، وزاد الإنفاق العام سوياً مع زيادة الدعم، وتراجع عائد العملة الأجنبية، حتى بات الوضع الإقتصادي في مصر متأزماً.

أكد عوديد عيران في دراسته بعنوان "الولايات المتحدة تجابهة تحديات فى الشرق الأوسط" أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة ذات بعدين متناقضين تجاه الشرق الأوسط، فمن جانب قررت الإنسحاب من العراق بعد ثماني سنوات إحتلال وإراقة دماء جنودها وإنفاقها بكثرة من مواردها المالية، وتدريجياً ستنسحب الولايات المتحدة من أفغانستان دون تحقيق انتصار، ومن الجانب الآخر تجد الولايات المتحدة نفسها مجبرة على التدخل لوقف برنامج إيران النووي العسكري من منطلق رغبتها في التأثير على اتجاه التطورات في المنطقة .

وقال عوديد عيران أن المقام المشترك في اتجاهي العمل المتناقضين هو أن الولايات المتحدة تجد نفسها تجابه أزمة مالية مستمرة لأن شركائها خاصة دول غرب أوروبا تواجه هي أيضاً هذه الأزمة

وهناك تحد آخر للإدارة الأمريكية يتمثل في كيفية مواجهة الأزمة السورية، فبعد التدخل في ليبيا لم تظهر الدول الأوروبية حماسا تجاه التدخل العسكري في سوريا، مما أثار مخاوف أمريكا في أن تتصدى بمفردها للدعوة لهذا التدخل فتتحمل تكاليفه بمفردها، وهو الأمر الذي لن يقبل به الأمريكيون خاصة مع اقتراب الانتخابات. كما تعمل الولايات المتحدة على تحريك العملية السياسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والسباق نحو البيت الأبيض يحد من مواصلة هذا الطريق. يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة التخوفات الإسرائيلية بشأن مستقبل العلاقة مع مصر مع تصاعد المد الإسلامي. من أجل كل هذه التحديات يعتقد عيران أن أمريكا في حاجة ماسة لحليفتها إسرائيل لإعادة تشكيل الشرق الأوسط في أعقاب الثورة العربية.

وتحدث الباحث شمعون شتاين في دراسته بعنوان "الاتحاد الأوروبي والربيع العربي" عن أن "ثورة الياسمين" في تونس وتلتها "ثورة اللوتس" بمصر إحتلتا الإتحاد الأوروبي بمفاجأة وبحرج، فحتى هذين الحدثين شارك الإتحاد الأوروبي في دعم الحكام العرب من أجل المحافظة على إمدادات النفط من جهة، وكبح جماح إنتشار الإسلام الراديكالي ومنع الهجرة غير الشرعية. ومن أجل تجسيد هذه المصالح أقامت الإتحاد أطر إقليمية للتعاةت مثل "عملية برشلونا" و"الإتحاد من أجل المتوسط" و "دول الجوار الأوروبيّة" بهدف دفع الإصلاحات الهيكليّة لتحقيق تنمية إقتصادي وخلق فرص عمل وتشجيع الديمقراطية، والتعدددية السياسية ودفع الحريات الخاصة، ويرى شمعون شتاين أن تنفيذ الإصلاحيات كان من شأنه أن يسهم في تحقيق الإستقرار السياسي، الإقتصادي والاجتماعي، وهذا يخدم الحاجة الأوروبية للاستقرار والأمن.

وأوضح الباحث أن الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها تونس ومصر، وفيما بعد ليبيا وسوريا، ألزمت الاتحاد الأوروبي ببلورت إستراتيجية جديدة، وأصدرت وثيقة بعنوان " تعاون للديمقراطية وإزدهار مشترك" يقوم على الشراكة وتطوير العلاقات على ثلاثتة أصعدة (التحول للديمقراطية وبناء مؤسسات ، تعزيز التعاون مع منظمات المجتمع المدني، والمساعدة من أجل التنمية الاقتصادية، مع الأخذ في الإعتبار الإختلاف بين الدول، واشتراط المساعدات بالممارسة الديمقراطية ، بل وفرض عقوبات إذا لزم الأمر (كما في حالة ليبيا). ومع ذلك فإن الأزمات المالية المتكررة التي يتعرض لها الاتحاد الأوربي ستحد من إمكانية تقديم الدعم لدول الشرق الأوسط.

وأشار الباحث إلى أنه كجزء من تقييم الوضع سيضطر الإتحاد الأوروبي إلى إبداء رأيه في مستقبل الإطار الإقليمي مثل الإتحاد من أجل المتوسط والذي أقيم في 2008 بمبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزى . ورغم أنه لم يتضح حتى الآن المهام التى ستلقى على المنظمة (وميزانياته) يتبيّن أن تغيير السياسات ستستوجب تغيير دور المنظمة وإقامة قوة مهمة لدول جنوب البحر المتوسط (مكوّنة من قوات مهمة منفصلة لكل دولة).

وأوضح الباحث أنه رغم أهمية المبادئ التى ستحكم التعاون الجديد في مجالات القيم والديمقراطية، إلا أن الوضع الاقتصادي الكدر، الذي ازداد تفاقماً إثر الأحداث، ألزم الإتحاد الأوروبي ببذل جهد اقتصادي ومالي أكبر من الماضي، لكن لسوء الحظ اندلعت هذه الثورات في الوقت الذي يمر فيه الإتحاد الأوروبي بأزمة اقتصادية ومالية طاحنة تقلِص من قدرته على المساعدة.

وباستثناء المساعدة في مجال الديمقراطية والإزدهار الإقتصادي، يولي الإتحاد الأوروبي أهمية كبيرة لتسوية الصراعات، خاصة الصراع الإسرائيلي / الفلسطيني من أجل تحقيق الأمن والإستقرار. وعلى عكس الموقف الإسرائيلي الذي يعتقد أن الوقت غير سانح لتحمل مخاطر، فإن الإتحاد الأوروبي يعتقد أن الوضع الحالي ينطوي على فرص ويجب استغلالها.

كما أن الربيع العربي أظهر مدى التخبط في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، والذي ظهر حين أعلن ساركوزي اعترافه بالمجلس الانتقالي الليبي من دون التنسيق مع باقي الزعماء الأوروبيين، كما تعثر حدوث اتفاق بين دول الاتحاد بشأن التدخل العسكري وفرض العقوبات على النظام الليبي. لكن يبقى أن أوروبا تعلمت أنه لا بد من إعادة ترتيب علاقاتها المستقبلية مع الشرق الأوسط، على أساس من الشراكة يقوم على افتراض أن دول المنطقة هي التي تختار النموذج الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي تتبناه. وأن ما يجري في المنطقة يُحدث تأثيره المباشر على الاتحاد الأوروبي.

وعموماً، فإن ما يوجه سياسات الإتحاد الأوروبي مع دول جنوب البحر المتوسط هو ارتباط الأمن والإستقرار في أوروبا بالواقع الذي يسود منطقة جنوب البحر المتوسط، حيث أن الصحوة العربية أدخلت المنطقة لفترة انتقالية نهايتها لم تظهر بعد، مما يعزز عدم الإستقرار، الأمر الذي سيكون له مردود في أوروبا.

وأوضح الباحث أن الإتحاد الأوروبي استخلص الدروس من الصحوة العربية، حيث قرر تنظيم منظومة علاقاته المستقبلية مع المنطقة على أساس الشراكة أو التعاون بشرط أن تختار دلو المنطقة لنفسها نموذجاً سياسياً اجتماعياً واقتصادياً.

في هذا الدراسة يتناول زيفي ماجن الموقف الروسي خلال عام على الثورات العربية، مؤكداً أن روسيا لم تكن مستعدة للصحوة العربية، والتي أفقدتها كثير من ثرواتها الهامة، وجعلتها تعمل على تقليل هذه الأضرار وتكييف حلولها مع الموقف في المنطقة. واستعرض الباحث السياسة السابقة لروسيا، والتي تمثلت في منح حصانة للمحور المناهض للغرب في الشرق الأوسط والمتمثل في (إيران وسوريا والمنظمات الراديكالية المؤيدة لإيران مثل حزب الله وحماس)، وفي نفس الوقت انتهجت روسيا سياسة ، وذلك من منطلق التنافس مع الغرب في التأثير على المنطقة.

ومنذ اندلاع الثورات عملت روسيا على مواءمة سياستها مع الأجواء الجديدة للحفاظ على إنجازاتها السابقة، والخروج رابحة من الوضع الجديد، ولذلك تعاونت مع المجتمع الدولي ومع الأنظمة الجديدة في المنطقة، وتخلت عن الأنظمة الاستبدادية التي تتقوض، فأيدت التدخل الدولي في ليبيا، إلا أنها ما زالت تتمسك بشدة بعلاقاتها مع دول محور الشر الذي يتفكك، والمتمثل في إيران وسوريا ، وفي نفس الوقت تتوسط بينه وبين المعارضة على أمل أنه لو سقط فلا تخسر المعارضة التي ستشكل الحكومة الجديدة، وإذا فشلت الثورة لا تندم على إفساد علاقتها بالأسد.

كل هذا في الوقت الذي تسعى فيه روسيا حثيثا للترويج لمؤتمر السلام في موسكو هذا العام، لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين تحت رعايتها، وكأنها تحاول الإستفادة من تداعي النفوذ الأمريكي في المنطقة لصالحها.

وأوضح الباحث أن روسيا تتخبط بشأن مواصلة دربها إزاء تحدي فقدان نفوذها في المنطقة. وتساءل عن الإتجاهات المحتملة من وجهة نظرها، حيث يبدو أن روسيا ما زالت تشعر أنها تلعب دوراً ملموساً في حالة عدم الإستقرار والتشكك في المنطقة، وتبدي اهتماماً بقولبة كتلة دول مؤيدة، كإرث استراتيجي لها، وذلك من منطلق الإفتراض بأن المقام المشترك في الشرق الأوسط مستقبلاً سيظل منهضاً للغرب، ولذا يبدو أن الإتجاه المفضل لروسيا هو محاولة خلق حوار مع جميع الأطراف في المنطقة، بما في ذلك المنظومة الإسلامية الجديدة، وبأي ثمن. وفي الوقت نفسه تحفِز روسيا دورها التقليدي كوسيط وجسر بين المعسكرات واللاعبين الإقليميين، حيث تساعد إيران في جسر خط الإنقسام الشيعي / السني، وفي نفس الوقت تدافع عن سوريا، كما تجسر الفجوات بين المتمردين ونظام الأسد.

عامة، ما برحت روسا ترى نفسها لاحب هام فى شؤون الشرق الأوسط وستعمل على إقرار مكانتها المتزعزعة. ويبدو أن استعدادها للمصالحة مع الغرب حول موضوع الشرق الأوسط أكبر مما كان عليه مسبقاً. ويمكن الإفتراض، أن مصالحة من هذا القبيل ستكون قريبة، الأمر الذي سيدفع بالضغط الدولي على النظام السوري وتحفيز العقوبات على إيران، كذلك سيوفر لروسيا مخرجاً وقوراً.

أما يورام شفايتزر فتحدث في دراسته بعنوان عن منظمة القاعدة وشركائها إزاء هزة الربيع العربي، وقال إنه مع إندلاع الربيع العربي أكد كثير من المحللين والأكاديميين أن منظمة القاعدة وشركائها فى الجهاد العالمي يقفون فى الجانب الخاسر من الخارطة السياسية الجديدة، وكان هناك من زاد من تحليله وقال إن الثورات تعتبر ضربة قاضية لهذه المنظمات ولأفكارهم.

وأوضح الباحث أن أحداث الربيع العربي أوجدت للقاعدة وشركائها مجالات بقاء وعمل يسير في الدول التي عمتها الفوضى في الشرق الأوسط، حيث أن عدم استقرار الأنظمة الجديدة، وتفكيك أجهزة الأمن التى عملت في السابق بصلافة ونجاعة ضد عناصر القاعدة، أوجد مجالات مفتوحة وفّرت مخبأ ونشاطاً للمنظمة، بالإضافة إلى الإفراج عن سجنائها كل ذلك يعتبر مكسباً واضحاً للمنظمة وشركائها.

فقد استفادت القاعدة من الأوضاع الراهنة، خاصة في ليبيا واليمن وسعت بقوة لتأكيد وجودها، بل لقد خدم تفكيك الأجهزة الأمنية في مصر هذا التنظيم بشدة، حيث كان يقف لها بالمرصاد، وبالتالي فقد أوجدت لنفسها مكانا داخل الأراضي المصرية، على حد قول شفايتزر الذي يدلل على وجود القاعدة في مصر بالتفجيرات المتتالية لأنابيب الغاز المتجهة إلى إسرائيل، بل ويخلط بين تواجد القاعدة وتصاعد المد السلفي والإخوان في مصر، وهو الأمر الذي يحوي الكثير من المغالطات.

إن الفوضى التي عمت العالم العربي تضع أمام إسرائيل تحديات أمنية وسياسية أكثر تعقيداً مما مضى، فالأنظمة السابقة، وعلى الأخص نظام حسني مبارك في مصر، كان غريماً لمنظمة القاعدة وأبدى اهتماماً كبيراً بكبح عناصرها ومنعها من الوصول إلى الحدود الإسرائيلية والمساس بالمصالح الإسرائيلية في مصر، كما منعت الحكومات المعادية لإسرائيل والموجودة في سوريا ولبنان وحماس في غزة نشاطات القاعدة وشركائها من منطلق رغبتهم في منع إشعال أحداث مع إسرائيل طالما أنها ليس بمبادرة من تلك الحكومات ولا تحت سيطرتها.

وأوضح الباحث أن منظمة القاعدة وشركائها يأملون في أن يحل محل نظام مبارك نظام إسلامي وفقاً للشريعة الإسلامية في أكبر وأهم دولة مركزية، وذلك وفقاً لرؤية الظواهري، وهو الأمر الذي لم يتجسد. ومع هذا، فإن تفكيك أجهزة الأمن الداخلية في مصر، التي طاردت بنجاعة ووحشية عناصر المنظمة، وقتلتهم وسجنتهم وعذبتهم، يعتبر بشرى هامة لمنظمات الجهاد بمختلف أنواعها في مصر، بما في ذلك سيناء، خاصة وأنه تم الإفراج عن الكثير من عناصر الجهاد، الذين هم في الأساس من الشباب، وقد يمثلون احتياطي قوة بشرية لتنظيم القاعدة، إضافة إلى أن الإنجاز الذي حققه السلفيون في الإنتخابات البرلمانية يضمن جبهة سياسية هامة لنشاط المنظمة وأفكارها.

وأكد الباحث أن الموقف البراجماتي لجماعة الإخوان المسلمين، التي امتنعت حتى الآن من الإعلان بشكل لا يقبل التأويل عن إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل فوراً، واستعدادها للحفاظ على علاقات معتدلة مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، العدو الأكبر لتنظيم القاعدة، كل ذلك يؤكد على إمكانية استمرار المواجهات بين النظام الجديد / القديم في مصر وبين تنظيم القاعدة والمنظمات السلفية.

أما المحور الثالث فجاء بعنوان "البعد الدولي" واشتمل على سبع دراسات، الأولى تحت عنوان "التداعيات الإقليمية للربيع العربي" للباحث شلومو بروم، وتحدث فيها عن أن التصور الأولي للربيع العربي كان أن هذه التطورات ستخلق بيئة شرق أوسطية أكثر صعوبة وتعقيداً بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وكلاهما خاسرتان بسبب فقدانهما ثروات رئيسية ونفوذ في العالم العربي. فالبنسبة لإسرائيل، فإن الواقع الجديد يخلق تهديدات أمنية جديدة، والتي من بينها القلق على مصير اتفاق السلام مع مصر والأردن والفوضى في سيناء، التي حولت تلك الحدود الطويلة إلى بؤرة احتكاك أمني، بينما الرابحون من الربيع العربي فهي العناصر الراديكالية المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل. ومع ذلك، فإنه بعد مرور عام على هذه الثورات، فإن الواقع المتطور في الشرق الأوسط العربي أكثر تعقيداً، وعليه فإن تحديد الرابحون والخاسرون ليس بالأمر البسيط.

وأشار الباحث إلى أنه ليس هناك خلافاً حول أن سقوط نظام مبارك والإضرار بالأنظمة الأخرى، مثل النظام الأردني، والتي كانت تحت النفوذ الأمريكي ، وحافظت على استقرار العلاقات مع إسرائيل وأيدت السلام معها، أضر بموقف الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل على المدى القصير والمتوسط.

وتحدث الباحث عن أن الربيع العربي أبرز تلك المنافسة التي شهدتها الأعوام الأخيرة بين إيران وتركيا لدعم الشعوب العربية التي تمردت على حكامها، وقد بدى أن النموذج التركي هو الذي هزم نظيره الإيراني بشكل واضح، كما أوجد الربيع العربي مصلحة لدى تركيا ولدى الولايات المتحدة لتوطيد التعاون بينهما، ويمكن الإفتراض بأن الحكومات الجديدة برئاسة الأحزاب الإسلامية التي حققت فوزاً في الإنتخابات ستتطلع لتجسيد الدور التركي، وأنها ستتمكن من الاستمرار في علاقاتها مع العالم الغربي المرتبطة به اقتصادياً، وهذا يكشف عن استنتاجين : الأول: أن أهمية تركيا كلاعب ذو تأثير إقليمي برزت إزاء إيران، والثاني: أن التكهنات بزوال النفوذ الغربي وبخاصة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط كانت سابقة لأوانها.

وقال الباحث أنه في حال سقوط النظام السوري، فإنه سيندثر المحور الراديكالي بزعامة إيران، ورغم أن النظام الجديد قد يكون معادياً لإسرائيل، إلا أنه على الأقل لم يتعاون مع إيران وحزب الله. بينما في حال عدم سقوط النظام في سوريا، فإن هذا سيشكل على الأقل تحدياً للولايات المتحدة وإسرائيل لكونه سيكون ضعيفاً، ولذلك ستسهل مجابهته.

ومضى الباحث يقول أن الربيع العربي يؤثر على السعودية ودول الخليج المحافظة، والتي ينتهج زعماءها سياسة أكثر صرامة من الماضي، كما وحدوا سياستهم المناهضة لإيران خوفاً من عبثها بجبهاتهم الداخلية .

فإيران على سبيل المثال، توقعت لدى انطلاق الثورات العربية عدة نقاط إيجابية تصب لمصلحتها، من أهمها استعادة العلاقات مع مصر، وإمكانية بناء حوار مع القوى الإسلامية المتصاعدة، وكذلك انشغال كل الأنظمة العربية بتثبيت أوضاعها يحول دون موقف موحد ضد التهديدات الإيرانية، كل هذا جعل إيران ترحب بالانتفاضات العربية علها تحقق دورا رياديا لها في المنطقة. ولكن سرعان ما انهارت أحلامها بعد موقفها المخزي من الثورة السورية.

ومن ثم فقد منيت كل توقعاتها بالفشل، فلا هي استعادت علاقتها بمصر، ولا استطاعت بناء حوار مع القوى الإسلامية السنية، ولا نجحت في دعمها للاحتجاجات الشيعية في البحرين، بل لقد خسرت كل ما كانت أحرزته خلال العامين السابقين من تحسن علاقتها مع تركيا، بعد وقوفها إلى جانب نظام الأسد، والأدهى من ذلك أنها لم تعد بمأمن من امتداد الاحتجاجات إليها هي نفسها، وربما لا تستطيع أن تقضي على الاحتجاجات القادمة بالقوة كما فعلت عام 2009.

وتعتبر تركيا بالطبع الحصان الرابح في خضم أحداث الربيع العربي، خاصة أن الكثير من المحللين يقارن بين حزب العدالة والتنمية التركي، وبين أحزاب إسلامية ناشئة أو قديمة كحزب العدالة والتنمية المغربي أو حزب الحرية والعدالة المصري، أو حزب النهضة التونسي، والتي ربما تستلهم التجربة التركية في الحكم، وهو ما تدركه تركيا جيدا وتسعى لدعم دورها الريادي في المنطقة على أساس أنها ملهمة القوى الإسلامية في المنطقة، خاصة مع تراجع الدور الأمريكي.

أما بالنسبة للدول العربية التي لم تشهد حراكا ثوريا، فيمكن تقسيمها إلى مجموعتين من الدول، المجموعة الأولى تضم ممالك وإمارات بعضها استعان بالمال والفوائض النفطية في مواجهة أي احتجاجات (دول الخليج)، وبعضها (الأردن والمغرب) سارع بتلبية طموحات الشعب من دون انتظار لتفاقم الاحتجاجات.

بالإضافة إلى أن الطابع القبلي لا يزال قويا في هذه الدول، مما يسهل حفاظ العائلات المالكة على اتصال مباشر بزعماء القبائل من دون وساطة. ولعبت أيضا الشرعية الدينية دورا هاما في الحفاظ على بعض هذه الأنظمة من امتداد الاحتجاجات إليها. وأخيرا قامت بعض هذه الأنظمة بخطوات استباقية كالتعجيل بالانتخابات التشريعية، وإحداث إصلاحات سياسية تمتص غضب الشعوب.

أما المجموعة الثانية فتشمل تلك الدول التي عانت في العشرين عاما الأخيرة من حروب أهلية واضطرابات وتدمير للبنى التحتية كالعراق ولبنان والجزائر وفلسطين.

نأتي الآن إلى الجزء الأكثر أهمية في الدراسة، وهو المتعلق بتداعيات الربيع العربي على إسرائيل، وأول هذه التداعيات ما يتعلق بسقوط نظام مبارك الذي كان يمثل خط الدفاع الأول عن الأمن القومي الإسرائيلي، ومن ثم فإن الإسرائيليين لن يغفروا للولايات المتحدة تخليها عن مبارك على حد قول عوديد عيران.

ومع تصاعد هيمنة الإسلاميين في المنطقة بعد الربيع العربي، فإن المخاوف الإسرائيلية تزداد بشأن الأمن القومي الإسرائيلي، ومن هنا لابد من الاستعداد للتعامل مع أية عواقب قد تنجم، بما فيها ضرورة الحفاظ على النظام الأردني الذي يقوم بدور شبيه بما كان يفعله مبارك، من هنا فإن الدراسة توصي بأنه يجب على أمريكا ألا تسمح بتكرار خطئها، لأن في استمراره ضمان مصالح إسرائيل الأمنية.

كما توصي الدراسة بضرورة فتح قنوات اتصال مع الإسلاميين على غرار ما قامت به أمريكا، للحد على الأقل من سوء الفهم بين الجانبين، كما يجب على إسرائيل أن تولي أهمية لملف التسوية مع الفلسطينيين، لأن الحرية التي تمتعت بها إسرائيل من قبل ربما لن تتكرر.

ويضم المحور الرابع ثلاث دراسات الأولى بعنوان "الرابيع العربي والساحة الإسرائيلية/الفلسطينية" للباحثة عنات كورتس" تحدثت فيها عن أن الاضطرابات التي غمرت منطقة الشرق الأوسط لم تجرف سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد يكون سبب ذلك أن الإصلاح المؤسساتي والأمني والاقتصادي الذي شهدته الضفة الغربية في الأعوام الأخيرة بإشراف الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض، لم يجعل أحداث "الربيع العربي"مصدر إلهام للثورة في الضفة الغربية، على الرغم من الرفض الفلسطيني القاطع لاستمرار السيطرة الإسرائيلية على الضفة، والنقد العلني، والحاد أحياناً، للسلطة الوطنية الفلسطينية، بسبب عجزها عن إحداث تغيير سياسي في وضع الأراضي وتحقيق حلم السيادة. وينطبق هذا الوضع أيضاً على قطاع غزة حيث لم تمتد رقعة الاضطرابات، وإن كان ذلك لأسباب مختلفة، إذ جرى قمع كل أشكال التعبير عن التضامن مع المتظاهرين المصريين في ساحة التحرير، الذين طالبوا برحيل نظام الرئيس حسني مبارك، بقسوة شديدة من جانب قوات الأمن المحلية التي كانت تسعى لمنع تحول تظاهرات التضامن مع مصر إلى حركة احتجاج ضد نظام حماس.

مع ذلك، وإبان اندلاع الاحتجاجات الشعبية في دول المنطقة، وربما بوحيمنها، انطلقت مسيرات شعبية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة طالبت بإنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، أي بين السلطة الوطنية الفلسطينية التي تقودها "فتح" في الضفة الغربية، وبين سلطة "حماس" في قطاع غزة. ولقد طُرحت الدعوة إلى المصالحة الوطنية على لسان المتظاهرين على أنها هدف قومي بعينه، ووسيلة لتقريب إنهاء احتلال إسرائيل للضفة الغربية.

وقد استجابت قيادتا فتح وحماس لهذه الدعوة. وفي ظل غياب أي إنجاز سياسي، سعت السلطة الوطنية الفلسطينية لتسوية الخلافات مع حماس من أجل توسيع قاعدة الدعم الشعبي لها. وعلى خلفية الجمود في التسوية السياسية، اعتبرت السلطة الفلسطينية أن صورتها الدولية لن تتضرر بصورة جوهرية إذا هي توصلت إلى تفاهمات مؤسساتية مع حماس. من جهتها، رأت قيادة حماس أن الحوار بين الفصيلين هو وسيلة لتعزيز مكانتها خارج حدود قطاع غزة. إذ إن اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، وما رافقها من زعزعة لنظام بشار الأسد، هدد بتقويض مكانة حماس في دمشق، في الوقت الذي وعد فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، الذي حل محل نظام مبارك، بصد أي هجوم إسرائيلي على حماس في قطاع غزة.

في كافة الأحوال، لن يكون تجدد المواجهات نتيجة مباشرة للربيع العربي، فالساحة الإسرائيلية - الفلسطينية لها ديناميتها الخاصة بها، إذ يستطيع سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إعطاء دروس لجماهير المتظاهرين في الدول العربية في الانتفاضات الشعبية. لكن على الرغم من ذلك، فإن تجدد المواجهة سيؤدي إلى تآكل الفرصة، الضعيفة أصلاً، في تحقيق اختراق في مسار التسوية السلمية. وسوف يُضاف هذا التآكل إلى تداعيات الاضطرابات التي سيطرت على منطقة الشرق الأوسط، والتي باتت تشكل سبباً من أسباب المأزق السياسي.

من هنا، كل ما يبقى على إسرائيل والسلطة الوطنية فعله هو مواصلة التركيز على إدارة الصراع. والمقصود بذلك هو أن عليهما إدامة الجهد المشترك لمنع اندلاع الاحتجاج الشعبي في الساحة الفلسطينية، والذي يمكن أن يتطور إلى مواجهة عارمة.

ومن شأن هذا السعي لمنع المواجهة أن يدفع حكومة إسرائيل إلى أن تبذل جهوداً، على الرغم من الصعوبات السياسية المعروفة، ومن خلال السعي لاحتواء التهديدات الأمنية، للتخفيف عن كاهل سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك من خلال التوصل إلى تفاهمات مع حركة "حماس" في هذا الخصوص. وحبذا لو تتراجع إسرائيل عن معارضتها المبدئية لتحسين العلاقات بين حركتي "فتح" و"حماس"، لإعطاء فرصة لتشكيل سلطة فلسطينية موحدة. ومن شأن أي تطور في هذا الاتجاه أن يشكل ثقلاً موازناً في مقابل الاستعدادات القتالية وسط الجمهور الفلسطيني، وفي صفوف حركة "حماس" أيضاً. وعلى السلطة الوطنية الفلسطينية أن تدرك جيداً أنه في غياب حوار سياسي، ولو في حده الأدنى، أي في الموضوعات المتصلة بإدارة الصراع. البحتة، فهي قد تواجه أمراً عسيراً من ناحية زعزعة ثقة الجمهور الفلسطيني بها، الأمر الذي قد يعرّضها لحركة احتجاج شعبي قد تنتقل إلى ساحة الصراع

مع إسرائيل.

عندئذ، سيتم لجم النمو الاقتصادي والبناء المؤسساتي في الضفة الغربية، وستتراخى قبضة السلطة الوطنية في الضفة، الأمر الذي قد يمهد السبيل أمام "حماس" لتحقيق أسبقيتها في الساحة الفلسطينية. كما أن تسلسل الأحداث في هذا الاتجاه سيشكل مرحلة متقدمة في تحصين المعسكر الإسلامي في المنطقة، وسيساهم في ابتعاد إسرائيل والسلطة الوطنية عن فرصة استئناف الحوار بينهما في سبيل تسوية سلمية. وفي الوقت ذاته، يمكن تفسير هذا المسار بصفته تعبيراً فلسطينياً فريداً عن اتجاه يسود المنطقة حالياً، وقد أدت أحداث الربيع العربي إلى تسارعه، ولو بشكل غير مباشر.

على صعيد أسلحة الدمار الشامل، تؤكد الدراسة التى أعدها ديفيد فيردمان وإفرايم أسكولاى وأيميلي لانداو بعنوان "تداعيات أحداث الربيع العربي في مجال الأسلحة غير التقليدية على أن مصر كانت من أوائل الدول التى دخلت إلى مجال الأسلحة غير التقليدية منذ الستينيات عندما طوّرت وتزوّدت واستخدمت غاز الخردل في اليمن. وخلال الإضطرابات التى إندلعت في بدياية 2012 لم يحتل الموضوع مكانة هامة، وكانت هناك اتهامات من عناصر داخلية – لم تؤكد- أن تم استخدام الغاز المدمع C2وربما أيضا CRوأيضا غاز الأعصاب تصاعد المخاوف . لكن حتى الآن مازالت الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التى بحوزة مصر تحت السيطرة، إلا أن توعات انضمام مصر إلى معاهدة الأسلحة تتراجع حيث أنها حتى الآن تشترط انضمام إسرائيل بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية .

وتعتبر سوريا قوة كبرى فى مجال السلاح الكيماوي والبيولوجي المتنوع، إضافة إلى امتلاكها أنظمة متطورة لإطلاقه، وهذه الأنظمة تسيطر عليها القوات الموالية لنظام بشار الأسد، وترى سوريا أنه بامتلاكها لهذه الأسلحة فإنها تمتلك رداً على القدرة الإستراتيجية الإسرائيلية، خاصة في حال نشوب حرب شاملة مع إسرائيل، إلا أن الوضع الراهن يشير إلى سيناريوهات أخرى بشأن استخدام تلك الأسلحة، ومن بين تلك السيناريوهات أنه إذا وصل الأسد إلى حالة ميئوس منها، فإنه سيقرر استخدام تلك الأسلحة ضد المتمردين، أو أن المتمردين سيستولون على مخازن الأسلحة، وهناك سيناريو آخر وهو أن الأسد عندما يتيقن أن حكمه في زوال، سيقدم على ضرب إسرائيل بالسلاح الكيماوي لصرف الإنتباه لمكان آخر. أما السيناريو الثالث، وهو المحتمل والأكثر منطقية، وهو أنه في مرحلة معينة خلال الإنتفاضة وكنتيجة لضعف الحراسة والرقابة على هذا السلاح، فإن المنظمات الإرهابية وخاصة حزب الله سوف تسيطر على جزء من هذه المستودعات، وفي هذه الحالة سيكون من الصعب ردعه.

وفيما يتعلق بليبيا، فقد كان لديها خطط تطوير وفي مجال التزود بالسلاح الكيماوي والبيولوجي، إضافة إلى مستودعات تنفيذية لهذه الأسحة، غير أن ليبيا قامت بتدمير تلك الأسلحة لدى انضمامها للمعاهدة الكيماوية، ورغم ذلك ومع اندلاع المعارك في عام 2011 تم العثور على جزء من تلك الأسلحة بحوزتها، وعلى غرار الوضع في سوريا، فإن المخاوف تصاعدت أكثر من مرة من أن يقدم الموالين للقذافي على استخدام السلاح الكيماوي، أو وصول هذه الأسلحة لأيدي إرهابيين أو منتمين إلى تنظيم القاعدة. بالإضافة إلى التخوف بشأن الأنظمة الجديدة في البلاد التي نجحت فيها الثورات والتي لا يمكن التنبؤ بخططها المستقبلية حول تطوير الأسلحة الكيماوية والنووية، خاصة مع تصاعد الإسلاميين في هذه البلاد، وهو ما يثير رعب إسرائيل على وجه الخصوص.

ردة الفعل الإسرائيلية على الربيع العربي أما على الصعيد العسكري الإسرائيلي والخطط الأمنية المستقبلية، فإنه ينبغي على إسرائيل بحسب الدراسة أن تسارع للقيام بالعديد من الإجراءات الإستباقية.

ففي قطاع غزة، فرض الواقع السياسي الجديد في مصر على إسرائيل أن تغير من مواقفها العسكرية، فأي عملية عسكرية في غزة ستواجه برد قاس من الشارع المصري للضغط على النظام لاتخاذ ردود فعل عنيفة، وبالتالي فإن إسرائيل لن تجد المناخ المواتي لها الذي لاقته أثناء عملية "الرصاص المصبوب"على قطاع غزة قبل ثلاثة أعوام.

لذا فإنه يجب على الإسرائيليين استمرار التنسيق مع الولايات المتحدة من جهة، وإقناع الرأي العام العالمي والعربي – بما يشمل الرأي العام المصري – بضرورة القضاء على البنية التحتية للإرهاب، خاصة مع استمرار إطلاق الصواريخ من غزة، وهو الأمر الذي يجب على إسرائيل استغلاله جيدا. كما أنه لا بد من إعداد خطط استباقية لأية تطورات تتعلق بإلغاء معاهدة السلام مع المصريين أو تعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء في ظل قيام حكومة من الإسلاميين.

وبالنسبة لمرتفعات الجولان، فليس واضحاً حتى الآن ما ستؤدي إليه الأحداث في سوريا من نتائج، ولذا لابد على الجيش الإسرائيلي الإستعداد للتعامل مع أية محاولات للتسلل سواء كانت عفوية أو منظمة، بما في ذلك جمع المعلومات الإستخباراتية وتدريب القوات الإسرائيلية، والتنسيق مع القوات الدولية المتمركزة في المنطقة.

وأخيرا، فإن الصورة الذهنية حول الأمن القومي الإسرائيلي قد تصبح وهمية إذا ما انزلقت إلى مواجهة واسعة النطاق مع الجانب الفلسطيني، فقد يحدث انقلاب داخل المجتمع الفلسطيني تأثرا بعدم الاستقرار في المنطقة، أو قرار من جانب القيادة الفلسطينية بالدخول في مواجهة إذا ما ارتأت أن مثل هذه المواجهة تخدم طموحاتها السياسية، وفي الحالتين لا بد من الاستعداد للتعامل مع أية اضطرابات قد تعيد الانتفاضة الأولى إلى الذاكرة.

وتؤكد الدراسة في ختامها أن التغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط ما زالت في بداياتها، وقد تؤدي عمليات التحول الديمقراطي إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتعزيز الاستقرار في المنطقة، ولكنها أيضا قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها بالنسبة لإسرائيل، التي لن تتردد في استخدام القوة لتعزيز شرعية وجودها في المنطقة!

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

   

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ