ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أسباب الطعن بعدم الدستورية (2) فارس
حامد عبد الكريم* الفرع
الثالث عدم
الاختصاص الزمني قد يضع الدستور
قيداً زمنياً
على ممارسة اختصاص التشريع
من قبل السلطة التشريعية
أو من قبل السلطة
التنفيذية، فإذا لم تراع السلطة
التي تقوم
بتلك المهمة القيد الزمني
وأصدرت التشريع في وقت لم يكن
لها الحق في ممارسة هذا
الاختصاص، تكون قد خرجت عن الحد
الزمني المحدد دستورياً
لإصداره، ويترتب على ذلك مخالفة
التشريع للقيد الزمني الذي جاء
به الدستور.(20) ومن الفروض التي
تحقق فيها
تخلف القيد الزمني في الاختصاص
أن يحدد المشرع أجلاً لإصدار
تشريع معين فيصدر التشريع قبل
حلول ذلك الأجل، أو أن يقر
البرلمان تشريعاً بعد حله، ومثل
هذا التشريع لا يملك المجلس سنه
لأن زمن اختصاص المجلس قد انتهى. أو أن يصدر رئيس
الجمهورية تشريعاً في حالة
التفويض التشريعي بعد انتهاء
المدة الزمنية
المحددة لممارسة هذا
التفويض. كذلك عندما تنتهي
ولاية رئيس الجمهورية فإنه لا
يستطيع أن يباشر أي اختصاص من
اختصاصاته التي ينتهي حقه في
مباشرتها بانتهاء المدة التي
حددها الدستور لولايته إلا من قبيل تصريف الأعمال
لحين مباشرة خلفه. ومن أمثلة القيود
الزمنية التي جاء بها
الدستورالعراقي النافذ، ماجاء
في المواد التالية : ماجاء في المادة (142) (
أولاً ـ يشكّل مجلس النواب في
بداية عمله لجنة من أعضائه تكون
ممثلة للمكونات الرئيسية في
المجتمع العراقي مهمتها تقديم
تقرير إلى مجلس النواب، خلال
مدة لا تتجاوز أربعة أشهر،
يتضمن توصية بالتعديلات
الضرورية التي يمكن إجراؤها على
الدستور. وتحلّ اللجنة بعد البت
في مقترحاتها. ثانياً ـ تعرض
التعديلات المقترحة من قبل
اللجنة دفعة واحدة على مجلس
النواب للتصويت عليها، وتعد
مقرة بموافقة الأغلبية المطلقة
لعدد أعضاء المجلس. ثالثاً ـ
تطرح المواد المعدلة من قبل
مجلس النواب، وفقا لما ورد في
البند (ثانياً) من هذه المادة
على الشعب للاستفتاء عليها خلال
مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ
إقرار التعديل في مجلس النواب. ) ونصت المادة (56) على
أنه (أولاً : تكون مدة الدورة
الانتخابية لمجلس النواب أربع
سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسة
له، وتنتهي بنهاية السنة
الرابعة. ثانياً : يجري انتخاب
مجلس النواب الجديد قبل خمسةٍ
واربعين يوماً من تاريخ انتهاء
الدورة الانتخابية السابقة.) كما نصت المادة (57)
على أنه ( لمجلس النواب دورة
انعقاد سنوية بفصلين تشريعيين
أمدهما ثمانية أشهر، يحدد
النظام الداخلي كيفية
انعقادهما، ولا ينتهي فصل
الانعقاد الذي تعرض فيه
الموازنة العامة الا بعد
الموافقة عليها.) وحسب المادة ( 126/ثانيا)،
فإنه ( ثانياً: لا يجوز تعديل
المبادئ الأساسية الواردة في
الباب الأول والحقوق والحريات
الواردة في الباب الثاني من
الدستور، إلا بعد دورتين
انتخابيتين متعاقبتين، وبناء
على موافقة ثلثي أعضاء مجلس
النواب عليه، وموافقة الشعب
بالاستفتاء العام ومصادقة رئيس
الجمهورية خلال سبعة أيام. ) الفرع
الرابع عدم
الاختصاص المكاني تحدد بعض الدساتير
مكاناً معيناً تمارس فيه السلطة
التشريعية مهامها، كما هو حال
الدستور المصري الذي حدد مكان
انعقاد مجلس الشعب في القاهرة،
ولا يجوز عقده خارجها إلا في
حالة الضرورة، بحيث أنه إذا
مارس الاختصاص خارج النطاق
المكاني المحدد في الدستور فان
التشريع الذي يصدر في هذه
الحالة يكون
غير دستوري لمخالفته قواعد
الاختصاص المكاني.
(21) وحسب الدستور
العراقي فإنه لا يجوز للسلطة
الاتحادية أن تمارس صلاحياتها
مكانياً في الأقاليم، فيما عدا
ما خصها به الدستور من
اختصاصات، حيث نصت المادة (121)على
انه (أولاً: لسلطات الأقاليم
الحق في ممارسة السلطات
التشريعية والتنفيذية
والقضائية وفقاً لأحكام هذا
الدستور، باستثناء ما ورد فيه
من اختصاصات حصرية للسلطات
الاتحادية.) ويترتب على
مخالفة العنصر المكاني في
الاختصاص بطلان
التشريع. يتضح مما تقدم أنه
إذا قام عيب عدم الاختصاص
الدستوري في أي عنصر من عناصر نص
تشريعي معين، فإن مثل
هذا النص يكون معيباً بعيب عدم
الدستورية، ويكون محلاً للطعن
أمام المحكمة الاتحادية العليا
لمخالفته للقواعد المنصوص
عليها في الدستور.
المبحث
الثاني العيب
الذي يلحق محل التشريع المطلب الأول ـ بيان
ماهية عيب محل التشريع وتمييزه
عن الأوضاع التي تشتبه به المطلب الثاني ـ صور
عيب محل التشريع المطلب
الأول بيان
ماهية عيب محل التشريع وتمييزه
عن الأوضاع التي تشتبه به ونتنأول ذلك في فرعين
: الفرع
الأول ماهية
عيب محل التشريع إن محل التشريع هو
موضوعه، وموضوع التشريع هو
المركز القانوني الذي تتجه
إرادة المشرع إلى إحداثه، وهو
أنشاء حالة قانونية معينة أو
تعديلها أو إلغائها، فالتشريع
الذي يسن بشأن الخدمة العامة
يكون مضمونه خلق مراكز قانونية
متعددة منها المركز القانوني
للموظف العام والرئيس الإداري
وطبيعة سلم التدرج الوظيفي
وواجبات الموظف العام وحقوقه،
وغير ذلك من مراكز قانونية،
ويتعين أن يكون محل التشريع
متفقا مع مضمون الدستور ومبادئه
العامة ملتزماً بالضوابط
والقيود التي تضعها القواعد
الدستورية.
ومنها مبدأ مساواة المواطنين
أمام القانون، ومبدأ لا جريمة
ولا عقوبة إلا بقانون أو بناءاً
على قانون، أو مبدأ استقلال
القضاء، أو مبدأ لا ضريبة إلا
بقانون، ومبدأ حماية الحقوق
المكتسبة وغير ذلك من مبادئ
دستورية. فإن منح القانون،على
سبيل المثال، موظفي جهة إدارية
معينة امتيازات وحقوق تفوق ما
منح لغيرهم من موظفي إدارات
الدولة الاخرى، من دون مبرر
واقعي أو قانوني يكون سنداً
للتمييز، فإن المشرع يكون بذلك
قد خرج على مبدأ دستوري مهم هو
مبدأ مساواة المواطنين أمام
القانون. وهذا هو العيب الذي
يلحق محل التشريع أو موضوعه. الفرع
الثاني تمييزعيب
محل التشريع عن الأوضاع التي
تشتبه به يقتضي التمييز في هذا
المقام بين عيب عدم الاختصاص
الشخصي(العضوي)
وعيب عدم الاختصاص الموضوعي
والعيب الذي يلحق محل التشريع
أو موضوعه. إن الفروق الجوهرية
بينها، هي أن الاختصاص الشخصي
يعني أن يمارس الاختصاص شخصيا
من قبل من خصه الدستور باختصاص
معين، أما الاختصاص الموضوعي
فيتعلق بجهة ممارسة موضوع
الاختصاص وهل هي السلطة
تشريعية، أم التنفيذية، أم
القضائية، بينما يتعلق موضوع
التشريع أو محله بمضمون التشريع
ومحتواه، ويتضح الفرق بينهما من
خلال الفروض التالية : ـ إذا خولت السلطة
التشريعية اختصاص التشريع إلى
السلطة التنفيذية، دون سند من
الدستور، تحقق عيب عدم الاختصاص
الشخصي. ـ إذا باشرت السلطة
التنفيذية اختصاص التشريع من
تلقاء نفسها، دون سند من
الدستور، تحقق عيب عدم الاختصاص
الموضوعي. ـ إذا قامت السلطة
التشريعية بسن تشريع يخالف
مضمون مبدأ أو قاعدة دستورية،أو
قامت السلطة التنفيذية بوضع
أنظمة أو تعليمات (تشريع فرعي)
خالفت فيه مبدأ أو قاعدة
دستورية، تحقق عيب محل التشريع. المطلب
الثاني صور
عيب محل التشريع للعيب
الذي يلحق محل التشريع عدة صور،
ونتناول ذلك في خمسة فروع: الفرع
الأول مخالفة
مبدأ سمو الدسـتور القواعد القانونية
التي يتضمنها النظام القانوني
للدولة ليست في مرتبة واحدة
وإنما هي مراتب متدرجة، ويترتب
على ذلك أن كل قاعدة ينبغي أن لا
تخالف القاعدة التي تعلوها في
المرتبة وعلى هذا النحو يُمثل
النظام القانوني في الدولة بأنه
كالهرم الذي تقف على قمته
القواعد الدستورية، ومن جانب
اخر فان الدستور هو الذي ينشأ
سلطات الدولة المختلفة وهو الذي
يحدد اختصاصاتها وكذلك طبيعة
العلاقة بين كل سلطة والسلطات
الأخرى في الدولة، إن هاتين
الخاصتين تجعلان منه ذو سمو
عُرف في فقه القانون الدستوري
بمبدأ سمو الدستور. ويراد بمبدأ سمو
الدستور علو القواعد الدستورية
على غيرها من القواعد القانونية
المطبقة في الدولة، وهذا يعني
أن أي قانون تصدره الدولة يجب أن
لا يكون مخالفاً للدستور. ويراد
بسمو الدستور أيضا أن النظام
القانوني للدولة بأكمله يكون
محكوماً بالقواعد الدستورية،
وأن أية سلطة من سلطات الدولة لا
يمكن ان تمارس إلا من قبل الهيئة
التي خولها إياها الدستور
وبالحدود التي رسمها. ويعتبر
مبدأ سمو الدستور من المبادئ
المسلم بها في فقه القانون
الدستوري حتى في حالة عدم النص
عليه في صلب الوثيقة الدستورية. وجدت فكرة سمو
الدستور أساسها في كتابات مفكري
نظرية العقد الاجتماعي في
القرنين السابع عشر والثامن عشر
الأوربي، إلا أنه لم يترسخ
كمبدأ إلا بعد انتصار الثورتين
الأمريكية والفرنسية وقد نُص
على المبدأ لأول مرة في الدستور
الأمريكي لعام 1787، في المادة (6)
منه. وبعد الثورة الفرنسية ساد
المبدأ ونصت عليه أغلب دساتير
الدول.(22) وقد
نصت المادة (13) من دستور جمهورية
العراق لسنة 2005 على هذا المبدأ
الدستوري العريق صراحة بقولها (أولاً
: يُعدُ هذا الدستور القانون
الأسمى والأعلى في العراق،
ويكون ملزماً في أنحائه كافة
وبدون استثناء.
ثانياً : لا يجوز سن قانون
يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد
باطلاً كل نص يرد في دساتير
الأقاليم أو أي نص قــانوني
آخــر يتعارض معه.) وسمو الدستور قد يكون
سمواً موضوعياً (مادياً) وقد
يكون سمواً شكلياً: الفقرة أولاً ـ السمو
الموضوعي (المادي للدستور) :
ومقتضى السمو الموضوعي، أن نشاط
سلطات الدولة المختلفة يجب أن
يكون محكوماً بالدستور في كل ما
يصدر منهم من قوانين وأنشطة
مختلفة، لأن خروج تلك السلطات
عن القواعد الدستورية التي
أوجدتها ونظمت طريقة ممارستها
للسلطة يعد هدراً لسند وجود تلك
السلطات وللأساس القانوني
لاختصاصاتها وبالتالي يعتبر
مساساً بجوهر الدستور
وانتهاكاً لسموه الموضوعي. ويتمتع الدستور بسمو
سواء كان دستوراً جامداً أم
مرناً. ذلك لأن المشرع العادي
وإن كان يملك حق تعديل الدستور
المرن بنفس إجراءات تعديل
القانون العادي، إلا أنه ملزم
دائماً باحترام الأساس النظري
الذي يقوم عليه الدستور. ويترتب على السمو
الموضوعي عدة نتائج : 1ـ أن القواعد
الدستورية ملزمة لجميع سلطات
الدولة، وأن أي نشاط يكون
مخالفاً لهذه القواعد لا يتمتع
بأية قيمة قانونية. 2ـ
السمو الموضوعي يرتبط بمبدأ
المشروعية مما يعني وجوب احترام
القوانين الصادرة من السلطة
التشريعية ووجوب مطابقة تلك
القوانين للدستور. 3ـ بما ان الدستور هو
مصدر جميع السلطات في الدولة،
فهذا يعني ان هذه السلطات لا
تمارس حقاً شخصياً تتصرف به كما
تشاء، وإنما تمارس وظيفة تحددها
النصوص الدستورية، ويترتب على
ذلك أن هذه السلطات لا تستطيع
تفويض اختصاصاتها للغير، إلا
بنص دستوري يبيح ذلك، تطبيقاً
للمبدأ الذي يقول ( الاختصاصات
المفوضة لا تقبل التفويض). إن مبدأ سمو الدستور
لا ينتج أثره القانوني إلا
بوجود رقابة على دستورية
القوانين، ولا يمكن تنظيم هذه
الرقابة ما لم يتحقق للدستور
السمو الشكلي إلى جانب السمو
الموضوعي. الفقرة ثانياً ـ
السمو الشكلي للدستور: يقصد بالسمو الشكلي
للدستور أن عملية تعديله تتطلب
اجراءات خاصة أشد تعقيداً من
إجراءات تعديل القانون العادي،
وعلى هذا النحو لا يتحقق السمو
الشكلي للدساتير المرنة رغم
تمتعها بالسمو الموضوعي لأن
إجراءات تعديل الدستور المرن
والقانون واحدة، وهذا يعني أن
صفة الجمود هي التي تضفي على
الدستور سمواً شكلياً على
القوانين العادية إضافة إلى
السمو الموضوعي. وتتمتع جميع القواعد
الدستورية سواء كانت قواعد
موضوعية أو قواعد شكلية بالسمو
الشكلي في الدستور الجامد.(23) في تفسير مبدأ سمو
الدستور تقول المحكمة
الدستورية العليا في مصر في حكم
لها صادر بتاريخ 12/2/1994 (أن
القواعد الدستورية تحتل من
القواعد القانونية مكاناً
عالياً لأنها تتوسد منها المقام
الأسمى كقواعد آمرة، ويعني هذا
المبدأ أن النص الدستوري يسمو
ويتقدم على ما عداه من نصوص
قانونية فيتوجب أن لا تخالف تلك
النصوص أي قاعدة دستورية، إذ أن
"كل سلطات الدولة الحديثة من
تشريعية وتنفيذية وقضائية تخضع
للدستور بحسبان أن الدستور هو
سند وجود هذه السلطات جميعاً
وهو مصدر شرعيتها فإذا كان ذلك
كذلك فإنه لا يتصور أن يصدر عن
السلطة التشريعية قانون يخالف
الدستور وكذلك أيضاً لا يجوز
للسلطة التنفيذية أن تصدر
قرارات مخالفة للدستور الذي هو
سند وجود هذه السلطة وهو الذي
أعطاها ما تمارسه من اختصاصات..). وعليه
فإن السلطة التشريعية تلتزم،
طبقاً لهذا المبدأ، بأن لا تصدر
أي قانون يخالف أو يناقض النص
الدستوري والقيود الموضوعية
الواردة فيه.(23) ومن تطبيقات مبدأ سمو
الدستور في قضاء المحكمة
الدستورية العليا في مصر، نورد
التطبيقات القضائية الآتية :(24) 1ـ قضت المحكمة بعدم
دستورية الفقرة (1) من المادة(40)
من قانون التأمين
الاجتماعي
الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975،
وذلك فيما نصت عليه من وقف صرف
المعاش فى
حالة قيام صاحب المعاش بالعمل
بإحدى الجهات الخارجة عن مجال
تطبيق القانون لوجود نظام بديل مقرر وفقاً
للقانون وذلك حتى تاريخ انتهاء
خدمته لديها أو بلوغه السن
المقررة لمخالفة
ذلك لأحكام المادة 7، 12، 13، 62، 122
من الدستور والتي تكفل
مضمونها التزام
الدولة بكفالة الخدمات
التأمينية لمواطنيها وعدم
إخلالها بالملكية الخاصة
التى ينصرف مدلولها على الحقوق
الشخصية والعينية وهو الحق فى
المعاش وهما ينشأن أصلاً من
علاقتهم بجهات عملهم الأصلية.(25) 2ـ
قضت المحكمة بعدم دستورية
المادة 99 من قانون التقاعد
والتأمين والمعاشات للقوات
المسلحة رقم 90 لسنة 1975، لذات
الأسباب السابق الإشارة بالفقرة (1) بشأن حظر
الجمع بين المعاش والمرتب. (26) 3ـ قضـت المحكمـة
بعدم دستورية الفقرة الثانية من
المادة 40 من القانون رقم 79 لسنة
1975 بشأن التأمين الاجتماعي بالنسبة للمخاطبين بها فيما
تضمنته من حرمانهم من حق الجمع
بين المعاش والمرتب
لمخالفـة ذلك
لأحكام المـواد (7، 12، 13، 34، 40، 62
) من الدستور.(27) الفرع
الثاني نظرية
الضرورة هناك اسـتثناء يرد
على هذا مبدأ سمو الدستور يعرف
بنظرية الضرورة، وتكتسب هذه
النظرية أهمية خاصة في الأوقات
العصيبة التي تمر بها الدولة،
ويقتضي البحث بيان ماهيتها
وموقف الفقه والتشريعات والفقه
الاسلامي والمشرع العراقي
منها، ونتنأول ذلك في فقرات. الفقرة
أولاً ـ ماهية نظرية الضرورة: مفاد هذه النظرية، أن
المبادئ الدستورية إنما شرعت
للظروف الاعتيادية الطبيعية
فإذا تعرضت الدولة لخطر جسيم أو
ظروف استثنائية كحرب خارجية أو
داخلية مثل العصيان المسلح
والمظاهرات العنيفة غير
السلمية أو أزمة اقتصادية أو
كوارث طبيعية، فيمكن وفق شروط
وقيود قانونية اتخاذ تدابير
استثنائية ولو أدى ذلك إلى
الخروج على مقتضى القواعد
الدستورية. ومن هنا ظهرت في
الفقه والقضاء المعاصر نظرية
الضرورة التي استندت إلى مبدأ
روماني قديم مفاده ( سلامة
الدولة فوق القانون ) والذي يجوز
وفقا له وبناء على شروط وضوابط
للسلطات العامة ورجالها الخروج
على مقتضى القواعد الدستورية
والقانونية في حالة الضرورة
لاعطائها قدر من الحرية في
التصرف دون خشية العقاب أو
الوقوع في اللامشروعية لإنقاذ
الدولة من خطر أو أزمة اقتصادية
أو أزمة سياسية أو غيرها لأن
سلامة الدولة فوق كل اعتبار
ويقوم جوهر نظرية الضرورة، على
افتراض قيام خطر جسيم وحال،
يهدد كيان الدولة وأنظمتها،
بحيث لا تجدي القواعد القانونية
التي وضعت للظروف العادية في مواجهته،
فتجد الدولة نفسها مضطرة
لمخالفة هذه القوانين العادية
من أجل مواجهة
هذا الخطر الداهم الذي يهدد
كيان الدولة ووفق شروط وضوابط
تكاد تتفق عليها اغلب الدساتير. الفقرة ثانياً ـ
طبيعة نظرية الضرورة: توجد عدة
نظريات لتحديد طبيعة الضرورة،
أهمهما نظرية الفقه الألماني
ونظرية الفقه الفرنسي التي
تبنتها أغلب الدساتير، فضلا عن
نظرية الفقه الإسلامي. أولاً
: الفقه الألماني ( نظرية
الضرورة نظرية قانونية )
:يعتبر
الفقه الألماني نظرية
الضرورة
نظرية قانونية، ورتب على
ذلك عدة اثار منها : 1ـ
إذا ما واجه المجتمع والدولة
خطراً أو أزمة تهدد سلامتهما
فإن للسلطات العامة مطلق الحرية
في اتخاذ ما تراه مناسبا
لمواجهتها ولو أدى ذلك إلى
خروجها على مجمل الضوابط
والقيود والقواعد الدستورية
والقانونية وقواعد القانون
الدولي. وقد تبنى هتلر هذه
النظرية حين غزا دول الجوار
الألماني بحجة أن سياستها تهدد
سلامة ألمانيا. 2ـ كل ماتقوم به
السلطات في ظل الأزمة والخطر
يعتبر سليماً وقانونياً
ومشروعاً ولو خالف الدستور ودون
حاجة لأخذ موافقة من أحد. 3ـ
بما أن نظرية الضرورة نظرية
قانونية، فلا يتولد لأية جهة أو
أي مواطن حق في التعويض عن
الأضرار التي تلحقه جراء أعمال
الضرورة كالأجرة عن أعمال
السخرة أو الأضرار التي تلحق
ممتلكاته. وأساس هذه النظرية
الفلسفي أن الفقه الألماني
وطبقاً لما يعرف بنظرية التحديد
الذاتي للإرادة التي قال بها
هيكل واهرنك، يرى أن الدولة
إنما تلتزم بالقانون بمحض
إرادتها وأنه يوجد إلى جانب
القانون المكتوب قانون عرفي
يعطي للدولة الحق في اتخاذ كافة
الإجراءات اللازمة للمحافظة
على سلامتها بما في ذلك مخالفة
القواعد القانونية القائمة.
وانها حين تخالفها إنما تكون
إرادتها قد اتجهت إلى إحلال
قواعد أخرى تلائم
الظروف الاستثنائية لتحل محل
القواعد السابقة، وعلى هذا
التفسير لنظرية التحديد الذاتي
تعتبر حالة الضرورة مصدراً
للقواعد القانونية، ولهذا
السبب سميت بالنظرية القانونية
للضرورة.(28)
ثانيا : الفقه
الفرنسي: ( نظرية الضرورة نظرية
سياسية ) ومن
أنصار الطبيعة القانونية
للنظرية كل من ديكي وهوريو إلا
أنهما وبخلاف الفقه الألماني
وضعا ضوابط وشروط قاسية
لتطبيقها. ويرى
العلامة هوريو أن الحكومة ليس
فقط لها الحق في اتخاذ
الإجراءات اللازمة لمواجهة
الظروف الاستثنائية كالحرب،
وإنما عليها واجب اتخاذ هذه
الإجراءات لحماية الدولة
استناداً إلى حق الدفاع الشرعي،
فاذا كانت الدولة في مواجهتها
لهذه المخاطر تخرج عن إطار
المشروعية، فإنها لاتخرج عن
إطار القانون طالما
كانت هي في حالة دفاع شرعي. ويذهب
أصحاب النظرة السياسية للمبدأ،
وهو الاتجاه الغالب في الفقه
والقضاء الفرنسي، إلى أن
الضرورة لا تخلق قواعد قانونية
ولا تحل محل القوانين القائمة،
وأن الحكومة إذا اتخذت تحت
ضغط الضرورة
إجراءات تخالف الأنظمة
القانونية القائمة، فإن هذه
الإجراءات تعتبر بحسب
الأصل إجراءات غير مشروعة،
فالإدارة ينبغي أن تلتزم بمبدأ المشروعية
ليس فقط في الظروف العادية
وإنما كذلك في الظروف غير
العادية، حيث غاية ما في الأمر أنه يمكن
للإدارة أن تتحاشى المسؤولية
الناجمة عن مخالفتها للقانون
بأن
تعرض على
البرلمان الإجراءات التي
اتخذتها وتطلب منه أن يعفيها من
المسئولية بواسطة قانون يعرف في
فرنسا باسم قانون التضمينات،
والقضاء هو الجهة الوحيدة
المختصة بالفصل في مدى ضرورة
اتخاذ الإجراءات الاستثنائية
ومدى التزام الإدارة بضوابط
وقيود هذه النظرية، وبذلك تكون
الضرورة نظرية واقعية لا
قانونية. ومن
الجدير بالذكر أن الجنرال
ديغول، الرئيس الفرنسي الأسبق،
قد أشار في الجزء الأول من
مذكراته إلى حادثين معلقاً على
احتلال فرنسا سنة 1945 ومشيراً
إلى نظرية الضرورة، الحادث
الأول وقع معه شخصياً، وهو من
ساهم بوضع دستور فرنسا لسنة 1958
الذي تبنى نظرية الضرورة في
المادة (16) منه، بأنه يجب القول
بإن النظام في ذلك الوقت لم يكن
يسمح لرئيس الحكومة الأخيرة في
الجمهورية الثالثة بأن يتخذ أي
إجراء، وإن اضمحلال الدولة كان
في الواقع مأسأة قومية، وقد أدى
هذا الحادث إلى التنبه إلى منح
رئيس الجمهورية الاختصاصات
التي تمكنه من مواجهة الأزمات
الوطنية، أما الحادث الثاني
فيرجع إلى سنة 1851 حيث قاد رئيس
الجمهورية الثالثة لويس
نابليون انقلاباً أقام بعده
نظاما دكتاتورياً للحكم، وكان
لذلك الحادث الثاني أثره في في
ضبط ممارسة رئيس الجمهورية
لسلطاته في حالة الازمة الوطنية
بشروط شكلية وموضوعية معينة.(29) ويترتب على المفهوم
السياسي للنظرية عدة آثار
: أولاًـ
إخضاع نظرية الضرورة لعدد من
الشروط والضوابط، وكما يلي: الشرط الأول ـ
أن يكون هناك ظرف استثنائي
حقيقي يتولد
عنه خطر جسيم وحال يهدد سلامة
وأمن الدولة أو النظام
العام
كالحرب أو
العصيان المسلح أو الإضراب
العام، بحيث لا تجد الإدارة أي
فرصة للجوء إلى وسيلة أخرى
لمواجهته. الشرط الثاني ـ أن
تكون الإجراءات التي تتخذها
الإدارة ضرورية لمواجهة هذا
الخطر، أي إستحالة مواجهة هذا
الخطر بالطرق العادية وعن طريق
المؤسسات الدستورية المختصة.
وفحوى هذا الضابط أنه إذا وجدت
وسيلة قانونية أو دستورية
تستطيع أن تواجه المخاطر التي تهدد
سلامة الدولة، فإنه يجب الرجوع
في تلك الحالة إلى هذه الوسيلة،
أما إذا كانت المخاطر لا تجدي معها نفعاً
هذه الوسائل بحيث تصبح عاجزة عن
مجابهتها، فإن الرجوع
إلى نظرية
الضرورة وتطبيقاتها يكون أمراً
لا مناص منه. الشرط الثالث ـ أن
تكون الإجراءات التي تتخذها
الإدارة متناسبة مع حالة
الضرورة فلا تتجاوزها لإن
الضرورة تقدر بقدرها. ثالثاً ـ أن تتوقف
السلطات عن هذه الإجراءات بمجرد
انتهاء الظروف الاستثنائية. رابعاً ـ استناداً
لمبدأ مساواة المواطنين أمام
التكاليف العامة فإن لكل متضرر
من جراء أعمال الضرورة الحق في
الحصول على تعويض.(30) ثالثاً ـ نظرية
الضرورة في الفقه الإسلامي: أقرت الشريعة
الاسلامية نظرية الضرورة
في وقت مبكر سبقت فيه
الشرائع الحديثة بعدة قرون، حيث
أشارت إليها بوضوح النصوص
القرآنية الكريمة والسنة السنة
النبوية الشريفة، وتولى فقهاء
الشريعة دراسة هذه النصوص
واستنبطوا منها قواعد كلية
وفرعية في العبادات
والمعاملات، وبنوا أحكامها
الشرعية على مستلزمات
الضروريات الخمس وهي (حفظ الدين
والنفس والمال والعقل والنسل)
وذهبوا إلى أن المحافظة على هذه
الضروريات الخمس تبيح مخالفة
التكاليف الشرعية بعد أن اشتقوا
لها أحكاما وشروطاً وقيوداً من
مصادر الحكم الشرعي. وعرف بعضهم
الضرورة بأنها (خوف من الهلاك
على النفس أو المال سواء أكان
هذه الخوف علماً أي أمراً متيقناً
أو ظناً يراد به الظن الراجح وهو
المبني على أسباب معقولة). وتقوم
نظرية الضرورة في الفقه
الإسلامي على قاعدتين هما،
قاعدة المشقة تجلب التيسير
وقاعدة لا ضرر ولا ضرار. أولا
: المشقة تجلب التيسير: ويقصد بها أن المشقة
التي تخرج عن المعتاد تجلب التيسير، وتتحقق هذه
المشقة إذا كان من شأن التكليف
إيقاع الضرر بالمكلف في نفسه أو
ماله أو في ما يعد من ضروريات
حياته ومعاشه. ومن أدلة القاعدة
قوله تعالى ( يُرِيدُ الله بِكُمُ
اليُسرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ
العُسرَ )، وقوله تعالى (فَمَنِ
اضطُرَ غَيرَ بَاغٍ ولاَ عَادٍ
فَلاَ إِثمَ عَلَيهِ إِنَ
اللَهَ غَفُورُُ
رَحِيمُُ )،
وقوله تعالى (
ما يُرِيدُ الله
لِيَجعَل عَلَيكُم مِن حَرَجٍ ) (31).
وحديث الرسول
الأمين صلى الله عليه وسلم (إن
الله وضع عن أمتي الخطأ
والنسيان وما
استكرهوا عليه). ويتفرع عن هذه
القاعدة الأصولية عدد من
القواعد منها : 1ـ
قاعدة ( الضرورات
تبيح المحظورات )، ومن تطبيقات
هذه القاعدة ( إباحة شرب الخمر
لدفع العطش لمن أشرف على الهلاك
ولم يجد سوى الخمر، جواز النطق
بكلمة الكفر للمضطر، إباحة أكل
الميتة عند الضرورة ) 2ـ قاعدة ( الضرورة
تقدر بقدرها )، ومفادها أن
المضطر لا يأكل ولا
يشرب من الاشياء المحرمة
إلا ما يسد به رمقه.
وسندها حديث الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم حيث
قال (لا ضرر ولا ضرار )
ويتفرع عن هذه
القاعدة عدد من القواعد منها
) الضرر
يزال بقدر الإمكان) وقاعدة (
يتحمل الضرر
الخاص لدفع ضرر عام ) وقاعدة (
الضرر الأشد يزال
بالضرر الأخف ) وقاعدة)
الضرر لا يزال
بالضرر) وقاعدة ( درء المفاسد أولى من جلب
المصالح ).
ومن ذات المصادر
الشرعية استنبط فقهاء الشريعة
أحكاما وشروطا وقيوداً لتطبيق
حالة الضرورة منها أن الضرورة
تقدر بقدرها، وأن يكون الخطر
الذي يبرر الاضطرار جسيماً
وحالاً، وأن لا يوجد طريق غيره
لدفع الخطر، والعودة للحكم
الشرعي الأصلي عند زوال أسباب
الاضطرار. ومن تطبيقات ذلك أن
الخليفة الراشد عمر بن الخطاب
رضى
الله عنه قد عطل
إنزال حد السرقة في عام المجاعة
والذي يعرف في التاريخ الاسلامي
بعام الرمادة. (32) الفقرة ثالثا ـ
تطبيقات نظرية الضرورة في
التشريع والقضاء: تغطي نظرية
الضرورة النظام القانوني برمته.
قد نصت عليها دساتير معظم الدول
وذلك استثناءا من مبدأ الفصل
بين السلطات بينما تبناها
القضاء في بعض الدول دونما نص
خاص وانما على أساس التوسع في
تفسير النصوص. حيث نصت عليها
المادة (16) من دستور فرنسا لسنة
1958 والمواد(74،108،147، 148) من
الدستور المصري لسنة 1971 والمادة
(71) من الدستور الكويتي والمادة(36)
من دستور مملكة البحرين،
والمادة(61) من دستور جمهورية
العراق لسنة 2005. وفي الولايات
المتحدة الامريكية وأثناء حرب
الانفصال وضع الرئيس الامريكي
لنكولن النظرية محل التطبيق
لمواجهة خطر الانفصال دون وجود
نص دستوري يجيز وقف تطبيق
الأحكام الدستورية المتعلقة
بحقوق الأفراد، إلا أن الكونغرس
صادق بعد ذلك على إجراءات
الرئيس بناءاً على قناعته بأن
مصلحة الأمة الأمريكية اقتضت
ذلك. ونصت المادة 147 من
دستور جمهورية مصر العربية على
أنه ( اذا حدثت في غيبة مجلس
الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ
تدابير لا تحتمل التأخير، جاز
لرئيس الجمهورية أن يصدر في
شأنها قرارات يكون لها قوة
القوانين...) وجاء في المذكرة
التوضيحية للمادة (36) من دستور
مملكة البحرين( لما كانت
القاعدة الشرعية أن الضرورات
تبيح المحظورات، وكانت سلامة
الدولة فوق القانون، ونظراً لما
يمكن أن تتعرض له المملكة من
ظروف طارئة تهدد سلامة البلاد،
سواء أكانت هذه الظروف خارجية
كالحرب أم داخلية كاضطراب الأمن
العام أو حدوث فيضان أو وباء أو
ما شابه ذلك، كان من الضروري منح
سلطات الدولة الوسائل
الاستثنائية التي تكفل حماية
الدولة وسلامتها في تلك الظروف...)
وقد قضى مجلس الدولة
الفرنسي بصحة
مرسوم أصدره رئيس الجمهورية في
10 سبتمبر 1914م يقضي بإيقاف
المادة 65 من قانون 22 إبريل 1905م
الخاص ببعض ضمانات الوظيفية، خلال فترة الحرب،
وقد رأى مجلس الدولة الفرنسي أن
هذا الإيقاف يعد مشروعاً، وفي
ذلك اعتراف بحق الحكومة في وقف
كل الضمانات الفردية ودون إذن
تشريعي
وهو ما يعني
إمكانية الحكومة الاعتداء على
مبدأ المشروعية متمثلاً في
القاعدة
الدستورية
الأساسية التي تقضي بخضوع
اللائحة أو المرسوم للقانون
وعدم تعارضه معها. ولتبرير
ذلك الموقف استند مجلس الدولة
إلى نص المادة الثالثة
من دستور 1875م (النافذ في حينها)
والتي تحمل رئيس الدولة مهمة
الإشراف على تنفيذ القوانين على
أساس أن هذا الإشراف على
القوانين سيما المنظمة للمرافق
العامة يقتضي منه
السهر على سير المرافق دون توقف
أو تعطل وخاصة زمن الحرب حتى لو أدى
ذلك إلى خرق القوانين الأخرى
التي ينتج عن تطبيقها إعاقة سير
المرافق العامة بانتظام، وهكذا فإن بعض
القوانين يجب ضمان تطبيقها في
زمن الحرب لأنها تسمح
بسيرالمرافق العامة، ولكن
البعض الآخر يعوق هذا السير
الذي ينبغي عليه أن يتوقف.(33) ولنظرية الضرورة
تطبيقاتها في القانون الجزائي
ففي حالة الدفاع الشرعي لا يسأل جزائياً من ارتكب
فعلاً دفعته لارتكابه ضرورة
وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم
على النفس أو المال (34) وكذلك في
القانون الخاص الذي تبنى نظرية
الظروف الطارئة،
ويأخذ القضاء
الإدراي بنظرية الضرورة أيضاً
في مجال القانون الإداري، حيث
لم
يعتبر مجلس
الدولة الفرنسي الامتناع عن
تنفيذ حكم قضائي خطأ من جانب
الإدارة، إذا كان سوف يترتب على
تنفيذه إخلال جسيم بالأمن
العام، وتقرر هذه النظرية
للإدارة الحق في القيام
بالإجراءات المستعجلة اللازمة
لدفع كل خطر يهدد الأمن أو الصحة العامة
دون تقيد بالقوانين واللوائح.
بل وتسمح هذه النظرية للإدارة
بتعديل إلتزاماتها التعاقدية،
كما تقرر هذه النظرية للمتعاقد
مع الإدارة حقوقاً تسمح بإعادة
التوازن المالي للعقد إذا طرأت
ظروف استثنائية أثرت على هذا
التوازن.(35) الفقرة رابعاً: الصفة
الدولية لنظرية الضرورة: أضفت
قواعد القانون الدولي العام
الصفة الشرعية على نظرية
الضرورة وأجازت عدم الالتزام
بالقواعد الدولية الضامنة
للحقوق والحريات العامة في حالة
الطوارئ وفقا لشروط وضوابط
معينة. فقد نصت الفقرة الأولى من
المادة الرابعة من العهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية لسنة 1966 على انه (1. في
حالة الطوارئ الاستثنائية التي
تتهدد حياة الأمة، والمعلن
قيامها رسمياً، يجوز للدول
الأطراف في هذا العهد أن تتخذ،
في أضيق الحدود التي يتطلبها
الوضع، تدابير لا تتقيد
بالالتزامات المترتبة عليها
بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم
منافاة هذه التدابير
للالتزامات الأخرى المترتبة
عليه بمقتضى القانون الدولي
وعدم انطوائها على تمييز يكون
مبرره الوحيد هو العرق أو اللون
أو الجنس أو اللغة أو الدين أو
الأصل الاجتماعي ) (36) الفقرة خامساً ـ
نظرية الضرورة في الدستور
العراقي: نصت الفقرة (تاسعاً) من
المادة (61) على نظرية الضرورة
وعبرت عنها بـمصطلح ( حالة
الطوارئ )، حيث جاء فيها ضمن
تعدادها لاختصاصات مجلس النواب
: ( تاسعاً : أ ـ
الموافقة على إعلان الحرب وحالة
الطوارئ بأغلبية الثلثين،
بناءاً على طلبٍ مشترك من رئيس
الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
ب ـ تعلن حالة الطوارئ لمدة
ثلاثين يوماً قابلة للتمديد
وبموافقةٍ عليها في كل مرة. ج ـ
يخول رئيس مجلس الوزراء
الصلاحيات اللازمة التي تمكنه
من إدارة شؤون البلاد في أثناء
مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ
وتنظم هذه الصلاحيات بقانون بما
لايتعارض مع الدستور. د ـ
يعرض رئيس مجلس الوزراء على
مجلس النواب الإجراءات المتخذة
والنتائج في أثناء مدة إعلان
الحرب وحالة الطوارئ خلال خمسة
عشر يوماً من انتهائها.) الفرع
الثالث مخالفة
القيود الموضوعية الواردة
بالدستور تتضمن
الدساتير عادة العديد من القيود
التي لا يجوز للهيئة التشريعية
وهي بصدد استعمالها
لحقها في التشريع أن تخرج
على مقتضاها، ومن هذه القيود
على سبيل المثال
وليس الحصر، شخصية العقوبة وعدم
رجعية القوانين الجنائية
مالم تكن أصلح للمتهم، حظر
إسقاط الجنسية عن المواطنين،
وحق التنقل والسفر. وهذه القيود تتراوح
بين السعة والتضييق، فقد
يتولى الدستور صراحة تحديد نطاق
موضوع معين تحديداً
كاملاً
بحيث يحرم المشرع عند
مباشرته من أية سلطة
تقديرية، فإذا حظر الدستور
رجعية القوانين وأقدم مجلس
النواب على سن قانون يجيز الأثر
الرجعي في هذه القوانين فان
المجلس في هذه الحالة يكون قد
شرع في موضوع
لا يملك التشريع فيه لأن
الدستور حظره عليه، كذلك الأمر
عندما يقرر الدستور مبدأ مساواة
الموطنين جميعاً
أمام القانون فإن مجلس النواب
لا يملك أن يسن تشريعاً يخل
بقاعدة المساواة وتكافؤ الفرص
حتى وإن كان في ذلك الإخلال مظهر
من مظاهر العدالة، كان يمنح فئة
من المجتمع أو أبناء فئة معينة
ميزة معينة تميزهم عن غيرهم،
فإذا صدر مثل ذلك التشريع فإنه
يعتبر غير دستوري لأن موضوع
التشريع خالف قاعدة دستورية
أصلية هي مبدأ تكافؤ الفرص
ومبدأ المساواة بين المواطنين
جميعا أمام
القانون. وقضت
المحكمة الدستورية العليا في
مصر بعدم دستورية المعاملة
الاستثنائية فى القبول
بالتعليم
العالي والتى
تتضمنها النصوص التشريعية التى
تستتبع قبول فئات مستثناة محل
من
يتقدمونهم
طبقـاً للشروط الموضوعة
والمقررة للقبول مما يشكل
مخالفة للمادتين 8، 40 من
الدسـتور وإخـلالاً بكل من الحق
فى تكافؤ الفرص وحق المساواة
يناقض المساواة التى كفلها
الدستور. (37) وقضت هذه المحكمة
بعدم دستورية ما تضمنه البند (أ)
من المادة الثالثة من القانون
رقم 99
لسنة 1992 بشأن
التأمين الصحى على الطلاب وذلك
بتقرير تحمل طلاب المدارس
الخاصة ورياض الأطفال الخاصة
اشتراكات سنوية لتمويل هذا
التأمين تزيد عن المقررة على
غيرهم من الطلبة
لما فى ذلك إخلال بحق المساواة
المقرر بالمادة 40 من
الدستور.(38) ومن الجدير بالذكر ان
الدستور المصري قد حَضر في
المـادة (40) منه التمييز على
أساس الجنس أو
الأصل أو اللون أو الدين أو
العقيدة. وقد ذهبت المحكمة
الاتحادية العليا في مصر إلى أن
إيراد الدستور لصور بعينها مرده
هو كونها الأكثر شيوعاً ولا يدل
على انحصاره فيها، إذ لو كان ذلك
لأدى إلى أن التمييز مباح فيما
عداها وهو ما وفي حكم مهم آخر
لها جاء فيه، أن ذكر الدستور
المصري لصور بذاتها محظور لا
غير فيها التمييز، مرده أنها
الأكثر شيوعاً فى الحياة
العملية ولا يدل على انحصاره فيها،
إذ لو صح ذلك لكان التمييز بين
المواطنين فيما عداها جائزاً
دستورياً وهو ما يناقض المساواة التى أرساها
الدستور، وأوضحـت المحكمـة فى
أسبابها أن آية ذلك وجود صور من
التمييز التى أغفلتها المادة (40)
من الدستور ما لا تقل عن غيرها
خطراً
كالتمييز بين
المواطنين فى نطاق الحقوق التى
يتمتعون بها أو الحريات التى
يمارسونها لاعتبار
مرده لمولدهم أو مركزهم
الاجتماعي أو انتمائهم الطبقي
أو ميولهم الحزبية أو نزعاتهم العرقية أو عصبيتهم
القبلية أو موقفهم من السلطة
العامة أو إعراضهم عن
تنظيماتها أو
تبنيهم لأعمال بذاتها، وغير ذلك
من أشكال التمييز. وذهبت
المحكمة إلى أن صور التمييز
المجافية للدستور وأن تعذر
حصرها إلا أنها
كل تفرقة أو تقييد أو تعطيل أو
استبعاد ينال بصورة تحكمية من
الحقوق والحريات التى يكفلها
الدستور أو القانون سواء
بإنكارها أو تعطيلها أو انتقاص آثارها
بما يحول دون مباشرتها على قدم
المساواة الكاملة على المؤهلين
قانوناً للانتفاع بها وبوجه خاص على
صعيد الحياة السياسية
والاجتماعية والاقتصادية
والثقافية وغير
ذلك من مظاهر الحياة العامة.(39) وتبنى الدستور
العراقي لسنة 2005 الأصل العام
الذي يتيح لمجلس النواب التشريع
في أي موضوع من الموضوعات
باعتباره صاحب الاختصاص
الأصيل في التشريع، إلا أنه
أورد قيوداً موضوعية على سلطته
لضمان عدم انحراف التشريعات عن
المباديء والقيم التي تبناها
الدستور، كما يتضح من النصوص
التالية: نصت المادة (2) من
الدستور على أنه (أولاً :
الاسـلام دين الدولــة الرسمي،
وهـو مصدر أســاس للتشريع : أـ
لايجوز سن قانون يتعارض مع
ثوابت أحكام الاسلام. ب ـ لايجوز
سن قانون يتعارض مع مبادئ
الديمقراطية.) كما جاء في المادة (18)
منه ( أولاً : الجنسية العراقية
حقٌ لكل عراقي، وهي أساس
مواطنته. ثانياً : يعدّ عراقياً
كل من ولد لأب عراقي أو لأمٍ
عراقية، وينظم ذلك بقانون.
ثالثاً: أ ـ يحظر إسقاط الجنسية
العراقية عن العراقي بالولادة
لأي سببٍ من الاسباب، ويحق لمن
اسقطت عنه طلب استعادتها، وينظم
ذلك بقانون.) ونصت المادة (95) منه
على تطور قانوني مهم بقولها (
يحظر انشاء محاكم خاصة أو
استثنائية.) وكذلك
الأمر بالنسبة للمادة (100) منه
بقولها (يحظر النص في القوانين
على تحصين أي عمل أو قرار إداري
من الطعن.) ونصت المادة (112) من
الدستور على ضوبط إدارة النفط
والغاز. ونصت المادة(114) من
الدستور على الاختصاصات
المشتركة بين السلطات
الاتحادية وسلطات الاقاليم. وحيث
إن هذه القيود الموضوعية قد نص
عليها الدستور صراحة
يتوجب على السلطة التشريعية
مراعاتها عندما تقوم بمهمتها
بسن القوانين، فلا تخرج عنها
وإلا كانت
عرضة لتقرير عدم دستوريتها من
قبل المحكمة الاتحادية العليا.
وإذا
كان من المقرر أن الأصل في
المشرع أنه يملك سلطة تقديرية
تتصل بمحل التشريع الذي يختص
بسنه. إلا أنه في أحيان محدودة
تكون سلطة المشرع مقيدة وفقاً
لما ينص عليه الدستور.
الفرع
الرابع مدى
السلطة التقديرية للمشرع التقدير عموماً هو
إمكانية الخيار الحر والملائمة
بين عدة خيارات أو حلول، وعلى
هذا تكون السلطة التقديرية
بمعنى الاستقلال لمن يملك اتخاذ
قرار طبقاً لإرادته الذاتية،
أما السلطة المقيدة فتعني
التحديد المسبق والملزم للتصرف
وفقاٌ لقاعدة قانونية ملزمة لا
تترك مجالاً لأعمال الإرادة
الذاتية لمن يصدر قرارا أو حكما. يتمتع المشرع بسلطة
تقديرية تتصل بمحل التشريع الذي
يختص بسنه كلما كانت قاعدة
الدستور قد تركت له حرية
الاختيار بين عدة حلول كلها في
ميزان الشرعية سواء. فيستطيع
بذلك أن يحدد بحرية محل التشريع
الذي منحه الدستور حق إصداره،
وعلى العكس من ذلك يكون المشرع
متمتع بإختصاص مقيد أو سلطة
مقيدة فيما يتعلق بمحل التشريع
عندما لا تترك له قواعد الدستور
إمكانية الاختيار بين عدة حلول،
بعبارة أخرى إن السلطة
التقديرية متمثلة في قدرة
المشرع في
الاختيار بين محلين أو أكثر.(40) أما الاختصاص المقيد
فيبدو في عدم إمكانية الاختيار،
لأنه لا يستطيع أن يختار إلا
محلاً معيناً هو الذي ينطبق مع
النص الدستوري الذي أوجبه وإذا
لم يلتزم المشرع هذا التطابق في
تشريعه، كان تشريعه مشوباً بعيب
مخالفة الدستور. ونتناول بالبحث
الرقابة الدستورية عندما تكون
للمشرع سلطة تقديرية وكذلك
عندما تكون سلطة المشرع مقيدة: الفقرة أولاً ـ
الرقابة على دستورية القوانين
عندما تكون سلطة المشرع تقديرية:
الأصل في الرقابة
الدستورية على القوانين أنها
رقابة مشروعية لا رقابة ملائمة،
واستقرت آراء الفقهاء وأحكام
القضاء الدستوري على أنه عندما
يتمتع المشرع بسلطة تقديرية
فإنه لا تعقيب على سلطته هذه
مادام أنه قد التزم حدود
القواعد العامة للتشريع وما
تضمنه الدستور من قواعد وموجهات
وقيود. ومن البديهي أن
السلطة التقديرية لا تعني إطلاق
سلطة المشرع ولا تصل إلى حد
إهدار أصل الحق الذي قرره
الدستور أو حتى الانتقاص من ذلك الحق, ذلك أن نظام (السلطة
التقديرية) الممنوحة للمشرع (أو
القاضي أو رجل الإدارة) إنما
يهدف إلى إضفاء شيء من المرونة
على أعمال المشرع بهدف تمكينه
من معالجة الوقائع العامة
وتطوراتها المستقبلية، معالجة
تتفق مع الأحوال العامة للمجتمع
وروح العصر وقت التشريع لا
وقت سن الدستور.(41) وفي هذا الصدد قضت
المحكمة الدستورية العليا
المصرية بأنه (وأن كان الأصل في
سلطة التشريع عند تنظيم
الحقوق أنها سلطة تقديرية وأن
الرقابة القضائية على دستورية
التشريعات لا تمتد إلى ملاءمة إصدارها
إلا أن هذا لا يعني إطلاق هذه
السلطة في سن القوانين دون
التقيد بالحدود والضوابط التي
نص عليها الدستور.. ومن ثم فإن
تنظيم المشرع لحق
المواطنين في
الانتماء إلى الأحزاب السياسية
ومباشرتهم للحقوق السياسية
ينبغي أن لا يعصف بهذه الحقوق أو
يؤثر على بقائها على نحو ما سلكه
النص المطعون عليه إذ تعرض
لحقوق عامة كفلها الدستور وحرم
فئة من المواطنين منها حرماناً
مطلقاً ومؤبداً على ما سلف
بيانه مجاوزاً بذلك دائرة تنظيم
تلك الحقوق الأمر الذي يحتم
إخضاعه ما تتولاه هذه المحكمة من رقابة
دستورية.) (42) يتضح في ضوء ماتقدم
أن محل التشريع يجب إن يظل في
إطار الإحكام والقيود التي
فرضها الدستور وإن تمتع المشرع
بسلطة تقديرية. الفقرة ثانيا ـ
الرقابة على دستورية القوانين
عندما تكون
سلطة المشرع
مقيدة: إذا كان الأصل أن
للمشرع سلطة تقديرية في ملائمة
محل التشريع للظروف والحاجات
الاجتماعية الراهنة، فإن
المشرع الدستوري يلجأ في أحيان
معينة إلى تقييد سلطة المشرع
وذلك بالنسبة للثوابت التي
يتبناها المشرع الدستوري ويرى
فيها أحكما غير قابلة للتقدير
أو التبديل
مهما مر الزمان أو تغيرت
أحوال المجتمع وظروفه. من ذلك ما جاء في
الباب الأول (المبادئ الأساسية)
من دستور جمهورية العراق من
قيود على إرادة المشرع لاتقبل
التقدير، حيث نصت المادة (1)(
جمهورية العراق دولة اتحادية
واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة،
نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني)
ديمقراطي. وهذا الدستور ضامن
لوحدة العراق.) ونص
المادة (2) (أولاً : الإسـلام دين
الدولــة الرسمي، وهـو مصدر
أســاس للتشريع : أـ لا يجوز سن
قانون يتعارض مع ثوابت احكام
الاسلام. ب ـ لا يجوز سن قانون
يتعارض مع مبادئ الديمقراطية. ج
ـ لايجوز سن قانون يتعارض مع
الحقوق والحريات الأساسية
الواردة في هذا الدستور. ثانياً
: يضمن هذا الدستور الحفاظ على
الهوية الاسلامية لغالبية
الشعب العراقي، كما ويضمن كامل
الحقوق الدينية لجميع الأفراد
في حرية العقيدة والممارسة
الدينية كالمسيحيين والآيزديين
والصابئة المندائيين.) من ذلك ما قرره
المشرع الدستوري العراقي في
المادة (18) التي نصت (ثالثاً: أ ـ
يحظر إسقاط الجنسية العراقية عن
العراقي بالولادة لأي سببٍ من
الأسباب، ويحق لمن أسقطت عنه
طلب استعادتها، وينظم ذلك
بقانون.) فان المشرع العادي لا
يملك أن يسن تشريعاً ينظم فيه
بعض حالات إسقاط الجنسية وما جاء في
المادة (19) ( ثامناً: العقوبة
شخصية.) وبناءاً على ذلك فان
المشرع لا يستطيع ان يقرر
مساءلة الأبناء عن جريمة أبيهم،
أو حجزهم حتى يسلم نفسه في حالة
هروبه. وهكذا الحال في بقية
النصوص التي لم يترك الدستور
العراقي أية سلطة تقديرية
للمشرع، حيث أنه إذا ما صدر أي
قانون غير مراعياً للقيود التي
فرضها الدستور فإن يكون محلاً
للطعن أمام المحكمة الاتحادية
العليا. وفي حالات أخرى يكون
فيها محل التشريع ممكناً ولكن
سلطة المشرع في تنظيم ذلك
المحل تكون
مقيدة، ومن الأمثلة التي تضيق
فيها سلطة المشرع هي المواضيع
الجنائية التي تعرض الدستور
لتنظيمها بنصوص لا تقبل اللبس،
من ذلك
مثلا ما جاء في
المادة (19) من
دستور 2005 حيث تقول (تاسعاً: ليس
للقوانين أثر رجعي ما لم يُنص
على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا
الاستثناء قوانين الضرائب
والرسوم. عاشراً : لا يسري
القانون الجزائي بأثر رجعي إلا
إذا كان أصلح للمتهم). في مثل هذه النصوص
المقيدة لسلطة تقدير المشرع،
تضيق سلطة المشرع إلى مدى بعيد
حينما يتولى التشريع
في هذه المواضيع. وعلى سبيل
المثال،لا يستطيع المشرع أن
ينظم توقيع العقوبة الجزائية
بقرارات
إدارية لأن
العقوبة الجزائية لا تكون إلا
بحكم قضائي، كما أنه لا يستطيع
أن يجيز الأثر الرجعي للقوانين
الجنائية مالم تكن أصلح للمتهم.
وهنا يوشك المحل أن
يمتنع على المشرع
العادي وعندما ينص الدستور على
أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته
في محاكمة قانونية عادلة. هنا
أيضا تضيق إلى حد بعيد سلطة
المشرع، ولكنها لا تنعدم كما يري
البعض فهو لا
يستطيع مثلاً إن
يسن تشريعا يعتبر المتهم مدانا
قبل الحكم عليه إلا أنه يستطيع
أن يحدد مفهوم المحاكمة
القانونية العادلة ومتى تكون
المحاكمة
قانونية ومتى لا
تكون، في مثل هذه الأحوال يوجد
قدر محدود من السلطة للمشرع
لكنها لا تصل إلى حد إهدار
النص الدستوري.(43) وقد تتراوح سلطة
المشرع بين التقدير والتقييد في
ذات النص الدستوري ومن ذلك
ماجاء في
المادة (15): ( لكل
فرد الحق في الحياة والأمن
والحرية، ولايجوز الحرمان من
هذه الحقوق أو تقييدها إلا
وفقاً للقانون، وبناءً على قرار
صادر من جهة قضائية مختصة.)
وماجاء في المادة (38) على أنه (
تكفل الدولة وبما لايخل بالنظام
العام والآداب: أولاً: حرية
التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً : حرية الصحافة والطباعة
والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً : حرية الاجتماع
والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.)
وفي تطور دستوري واضح نصت
المادة (42) ( لكل فرد حرية الفكر
والضمير والعقيدة.) حيث يلاحظ أن
هذه المادة لم تضع قيود
إيديولوجية على حرية الفكر
والضمير والعقيدة، كما هو حال
أغلب دساتير الأنظمة الشمولية
التي تربط ممارسة الحريات بقيود
من خلال استخدام تعابير مرنة،
ومن الطبيعي أن ممارسة هذا الحق
تكون وفقاً للقانون. وفي ضوء هذه النصوص
الدستورية، فإن للمشرع العادي أن يتعرض لتنظيم
الحق في الحياة والأمن والحرية
من حيث الإتاحة أو الحرمان أو
القيود على أن يكون ذلك بقانون
يوكل أمر تطبيقه للقضاء، إلا أن
له وفقاً لسلطته التقديرية أن
يضع عليها بعض القيود، وكذلك
تبدو سلطته التقديرية واضحة في
تحديد مفهوم النظام العام
والآداب من حيث أنه مفهوم مرن
وواسع ويقبل وجهات نظر متعددة،
إلا أنه مع ذلك يجد نفسه مقيداً
بما فرضه الدستور من مباديء
وإذا
تجاوز تنظيمه
لهذا الحق حدود التنظيم إلى
الانتقاص من جوهر الحق ذاته أو
إهداره فإنه عندئذ يكون قانوناً
معيباً ويخضع لرقابة المحكمة
العليا ومحلاً للطعن أمامها
بالنصوص التي تنتقص أو تهدر
الحق في حرية الرأي أو التعبير
عنه
انتقاصاً يخل
بالأصل الذي قرره الدستور . وما جاء في المادة (28)
( أولاً: لا تفرض الضرائب
والرسوم ولا تعدل ولا تجبى، ولا
يعفى منها، إلا بقانون. )
فالضرائب لا تفرض إلا بقانون،
إلا أن سلطة المشرع التقديرية
تتجسد في تحديد نوع الضرائب
التي تفرض ونسبة الضرائب على
المال الخاضع للضريبة، وكيفية
تعديلها وطريقة جبايتها
والإعفاء منها. وسلطته هذه
مقيدة بالثوابت العامة التي جاء
بها الدستور ومبادئ حقوق
الانسان، فإن كانت له سلطة
تقديرية فإن ذلك لا يعنى أن له
أن يغالي في فرض الضرائب من حيث
النوع والمقدار لأن ذلك يتعارض
مع الحقوق الاقتصادية للمواطن
وحقوق الانسان والمبادئ
الدولية بهذا الشأن. الفرع
الخامس مخالفة
مبدأ سيـادة الـقـانـون إن سيادة القانون
تعني أن يتم تطبيق حكم الدستور
والقانون على جميع السلطات في
الدولة، التشريعية، التنفيذية،
القضائية، وعلى كل المواطنين في
المجتمع بغض
النظر عن انتماءاتهم السياسية
أو الدينية أو العرقية أو
الجنسية، وبغض النظـر أيضا عن
الدور والمراتب الاجتماعية
التى يحتلونها فى الحياة
الاجتماعية العامة. نصت المادة (5)على أنه
( السيادة للقانون، والشعب مصدر
السلطات وشرعيتها، يمارسها
بالاقتراع السري العام المباشر
وعبر مؤسساته الدستورية.) وجاء في المادة (6)على
انه( يتم تداول السلطة سلمياً
عبر الوسائل الديمقراطية
المنصوص عليها في هذا الدستور.) المادة (14): العراقيون
متساوون أمام القانون دون تمييز
بسبب الجنس أو العرق أو القومية
أو الأصل أو اللون أو الدين أو
المذهب أو المعتقد أو الرأي أو
الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي. المادة
(15): لكل فرد الحق في الحياة
والأمن والحرية، ولايجوز
الحرمان من هذه الحقوق أو
تقييدها إلا وفقاً للقانون،
وبناءً على قرار صادر من جهة
قضائية مختصة. المادة
(16): تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع
العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ
الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك. ويمكن تحديد مظاهر
سيادة القانون في خضوع سلطات
الدولة كافة للدستور هذا المقام
كالآتي: الفقرة أولاً ـ خضوع
السلطة التشريعية للدستور: يجب
على السلطة التشريعية أن تراعي
أحكام الدستور ومبادئه العامة
والقيود التي أوردتها تلك
المباديء على صلاحياتها
التشريعية ولا تتجاوزها،
ويتحقق ذلك من خلال وضع قواعد
قانونية عامة ومجردة تطبق على
كل من توافرت فيه شروطها
القانونية. أـ خروج القانون على
قاعدتي العمومية والتجريد في
التشريع: مبنى العمومية
والتجريد في القاعدة القانونية
هو إقامة العدل وتحقيق مبدأ
مساواة المواطنين أمام القانون
وتحقيق الاستقرار في المجتمع،
وتعني العمومية أن القاعدة
القانونية تسري على جميع
الحالات المتشابهة وعلى جميع
الأفراد بصفاتهم لا ذواتهم، أما
التجريد فيعني سمو القاعدة
القانونية على التفصيلات وتحرر
خطابها من الميل أو الهوى أو
المحاباة، وإذا تجردت القاعدة
القانونية من العمومية
والتجريد فلا تعد قاعدة قانونية
في معناها وحقيقتها وإنما
ستاراً لتفضيل شخص أو أشخاص
معينين بذواتهم أو فئة معينة
على فئات المجتمع الأخرى. ومن
ذلك أن يصدر المشرع قانوناً
يحرم طائفة معينة من حق أو حرية
محددة أو يمنح طائفة من الطوائف
امتيازاً خاصاً أو أن يخص سلطة
معينة برواتب ضخمة لا تتناسب مع
رواتب الموظفين من الفئات
الأخرى، لأن ذلك يخل بمبدأ
مساواة المواطنين أمام القانون.(44)
ومن جانب آخر إن وجود
حصانة نيابية لعضو مجلس النواب
لا يعني انه يستطيع أن يرتكب من
الجرائم ما يشاء ويدخل في حماية
مجلس النواب أو كتلته النيابية،
لأن مبدأ سيادة القانون مبدأ
دستوري في ظل دستور العراق لسنة
2005 ويجب احترام هذا المبدأ وأن
يقتصر استعمال حق رفض رفع
الحصانة وفقا لاعتبارات الغاية
الأصلية من تقرير هذا الحق، إن
الغاية الأساسية من هذا الحق هو
حماية النائب من الدعاوى
الكيدية سواء جاءت من السلطة
التنفيذية أو من عموم
المواطنين، وفي هذه الحالة
ينبغي أن يقرر مجلس النواب رفع
الحصانة من عدمها في ضوء جدية
الاتهامات، ومن قرائن جديتها أن
يكون طلب رفع الحصانة قد صدر من
قضاء مستقل لا يخضع للتأثيرات
السياسية. ب ـ
المبادئ الدستورية التي
أكدتها المحكمة الدستورية
العليا المصرية في مجال سيادة
القانون والمشروعية، نورد
التطبيقات القضائية الآتية:
1ـ
قضت المحكمة بعدم
دستورية البند السادس من المادة
(37) من قانون مجلس
الدولة الصادر
بالقرار بقانون رقم (47) لسنة 1972،
فيما نص عليه من ألا يعين عضو بمجلـس
الدولة من يكون متزوجاً بأجنبية
لمخالفة ذلك للنصوص الدستورية
أرقام 9، 12، 13،40، 45 من الدستور
لما فيه من مساس بالحرية
الشخصية والحق فى الزواج
واختيار الزوج وتكوين أسـرة. وأشارت
المحكمة الدستورية إلى أنه
وإن كان حق
الزواج واختيار الزوج لم يرد
بالدستور إلا أن إغفال الوثائق
الدستورية لبعض
الحقوق لا يعنى إهمالها، وأن
إمعان النظر فى الدستور ككل
والنظر لمواده بصورة مترابطة ترشح لحقوق أخرى لم
ترد أصلاً بالدستور وأشارت
المحكمة إلى أن الزواج
واختيار الزوج هى
من الحقوق المرتبطة أصلاً
بالحرية الشخصية وهى الأساس
الطبيعي لتكوين الأسرة، وكل من
الحقين الآخرين نص الدستور على
حمايتهما.(45) ومن الجدير بالذكر ان
الفقرة (أولا) من المادة (29) من
دستور جمهورية العراق نصت على
أنه: (أولاً: أـ الأسرة أساس
المجتمع، وتحافظ الدولة على
كيانها وقيمها الدينية
والأخلاقية والوطنية) 2ـ قضت المحكمة بعدم
دستورية المادة 89 من قرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة
1972 بشأن تنظيم الجامعات فيما
تضمنه من عدم جعل مرافقة الزوج
المرخص له بالسفر أمراً وجوبياً
على جهة
الإدارة أسوة
بالعاملين بالدولة مما يشكل
إخلالاً بمبدأ المساواة وتمايز
على غير
أسس موضوعية
ومساسا بمبدأ وحدة الأسرة
وتماسكها وواجب المحافظة على
تماسكها.(46) 4 ـ قضت المحكمة بعدم
دستورية الفقرة (2) من المادة (21)
من قانون
المحاماة الصادر بالقانون رقم 17
لسنة 1983 والمتضمنة حرمان من
تجاوز سن معينة من حق القيد
بالجـدول العـام للمحامين
العاملين بمهنة المحامـاة رغم
توافر شروط
العضوية، لما فى ذلك من مخالفة
لكل من حق العمل حق المساواة
ويعد مخالفة بالتإلى للمواد 13،
25، 40، 47، 54، 56 من الدستور. (47)
5 ـ قضت المحكمة
الدستورية بعدم دستورية المادة ( الفقرة ثانياً ـ خضوع
السلطة التنفيذية للدستور
وللقانون ( مبدأ المشروعية ):
ومقتضى ذلك أنه لا يجوز للإدارة
بمختلف هيئاتها أن تتخذ أى عمل
أو تصدر أى أمر أو قرار إلا
بمقتضى الدستور والقانون
وتنفيذاً لهما. ومرد ذلـك إلى
أمرين : الأول : هو أنه لكى
يتحقق هذا المبدأ يلزم أن تكون
الإجراءات الفردية التى تتخذها
السلطات العامة منفذة لقواعد
مجردة موضوعة سلفا فتتحقق
العدالة والمساواة. الثانى:
هو أن القانون يصدر عن هيئة
منتخبة تمثل الشعب وتمارس
السيادة باسمه ومن ثم لا يجوز
للسلطات الادارية أن تلزم
الأفراد بشئ خارج الدستور أو
القوانين النافذة، فمن ناحية لا تستطيع الإدارة
حينما تدخل في معاملات مع
الأفراد أن تخالف الدستور
أوالقانون ومن ناحية أخرى لا
تستطيع أن تفرض عليهم شيئاً إلا
إعمالا للدستور والقانون.
وبخلافه يتحقق سبب من أسباب
الطعن بعدم الدستورية إذا ما
خالفت الإدارة قاعدة أو مبدأ
دستورياً. ولكي يتحقق مبدأ
سيادة القانون يجب أن تتوفر عدة
ضمانات هي: الضمانة الأولى: وجود
حكومة شرعية منتخبة عادلة تضمن
سيادة القانون، وتضع قواعد
للسلوك الإدراي القانوني
والأخلاقي تلتزم الإدارة
بمراعاتها وهي بصدد اتخاذ
قراراتها الإدارية . وينبغي أن
تحدد هذه القواعد الطريقة التي
يتم بموجبها اتخاذ القرارات
والتظلم منها أمام السلطات
الادارية أو الطعن فيها أمام
القضاء. الضمانة
الثانية : وجود رقابة فعالة على
أعمال السلطة التنفيذية. سواء
كانت هذه الرقابة برلمانية أو
رقابة قضائية تناط بالقضاء
العادي أو القضاء الإداري، أو
بهيئات مستقلة وهذه من الافكار
القانونية الحديثة التي
اعتمدتها اتفاقية الامم
المتحدة لسنة 2004 بعد أن فشلت
الأساليب والنظم التقليدية في
القضاء على ظاهرة الفساد. (49) الضمانة الثالثة ـ
استقلال القضاء : لا معنى للحديث
عن استقلال القضاء إلا في ظل
دولة القانون والمؤسسات
الدستورية التي تقوم على
مبدأ سيادة
القانون ومبدأ المشروعية، ذلك
أن استقلال القضاء هو نتيجة
طبيعية ومباشرة لمبدأ سيادة
القانون ومبدأ المشروعية،
فضلاً عن مبدأ الفصل بين
السلطات. ذلك أن من أهم
الضمانات الأساسية لحقوق
وحريات المواطنين وجود سلطة
قضائية مستقلة في عملها عن
السلطتين التنفيذية
والتشريعية، بحيث يكون القاضي
في ممارسته لوظيفة القضاء حراً
ومحايداً في اتخاذ قراره.
فالقاضي لا يمكنه ان يكون
محايداً إلا إذا كان مستقلاً في
عمله، وهكذا قيل إن القاضي هو
الحارس الأمين للحقوق
والحريات، وهو من بيده طوق
النجاة لكل من كان ضحية للظلم
والتعسف، سواء كان ذلك الظلم
والتعسف قد صدر بحقه من بين
أفراد المجتمع أو من السلطات
العامة. وبصدد استقلال
القضاء يميز الفقه بين استقلال
القضاء كمؤسسة وبين استقلال
القاضي في عمله، ويتجسد استقلال
القضاء كمؤسسة في استقلاله
إدارياً ومالياً وفي سلطة اتخاذ
القرار، وأهم مظهر لاستقلال
القضاء هو إنشاء مجلس للقضاء
يتولى ادارة
شؤون العدالة وشؤون القضاة.
أما استقلال القاضي فيقصد به أن
يتخذ القاضي قراراته وأحكامه
بناءاً على قناعته وعقيدته التي
كونها من حيثيات الدعوى دون
تدخل أو تأثير من اية جهة كانت،
ولكي يكون القاضي مستقلاً،
يتوجب توفير ضمانات أساسية له،
منها، أن يكون هناك نظام قانوني
خاص لتعيين القضاة، ونقلهم،
وترقيتهم، ويتولى ذلك مجلس يتم
تشكيله من هيئات قضائية يتم
تحديدها وفقاً لأحكام القانون
وأن يكون مرتبه كافيا. كما أنه
يتوجب تحصين القاضي من النقل
والعزل، إلا وفقاً للقانون، حتى
لا يكون ذلك وسيلة ضغط على
القاضي، كما ويجب اختيار من
يتولى القضاء بعناية خاصة ممن
شهد لهم بالكفاءة العلمية
والنزاهة والاستقامة، لأن جهل
القاضي بالقانون وبمبادئه
العامة وعدم نزاهته مدعاة للظلم
وضياع الحقوق. وتتمتع الأحكام
القضائية بما يعرف فقهاً بقوة
الحقيقة القانونية، سواء في
مواجهة أطراف النزاع أو في
مواجهة الكافة، ذلك أن قرار
الحكم الذي اكتسب الدرجة
القطعية يتمتع بحجية الشئ
المقضى به، وتتضمن هذه الحجية
معنيين، معنى شكلي يتمثل في أن
قرار الحكم القضائي يتضمن
الحقيقة القانونية ويترتب على
ذلك أن موضوع النزاع المقضى فيه
لا يمكن أن يكون محلاً لأية دعوى
مستقبلاً، ومعنى مادي يتعلق
بتنفيذ قرار الحكم، فإذا لم
ينفذ القرار من قبل من صدر في
مواجهتهم إذعاناً للحكم، تتولى
السلطة العامة تنفيذه بالقوة من
أجل إيصال الشئ المقضي به إلى
المنتفعين من القرار.(50) الفقرة ثالثاً ـ خضوع
القضاء للدستور والقانون: نص
دستور جمهورية العراق لسنة 2005
على القواعد العامة التي تحكم
أعمال السلطة القضائية، حيث نصت
المادة (19) (أولاً: القضاء مستقل
لا سلطان عليه لغير القانون.
ثانياً: لا جريمة ولا عقوبة إلا
بنص. ولا عقوبة إلا على الفعل
الذي يعده القانون وقت اقترافه
جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة
أشد من العقوبة النافذة وقت
ارتكاب الجريمة. ثالثاً:
التقاضي حق مصون ومكفول للجميع.
رابعاً: حق الدفاع مقدس ومكفول
في جميع مراحل التحقيق
والمحاكمة. خامساً: المتهم بريء
حتى تثبت إدانته في محاكمة
قانونية عادلة، ولا يحاكم
المتهم عن التهمة ذاتها مرة
أخرى بعد الإفراج عنه إلا إذا
ظهرت أدلة جديدة. سادساً: لكل
فرد الحق في أن يعامل معاملة
عادلة في الإجراءات القضائية
والادارية. سابعاً: جلسات
المحاكم علنية إلا اذا قررت
المحكمة جعلها سرية. ثامناً:
العقوبة شخصية. تاسعاً: ليس
للقوانين أثر رجعي ما لم يُنص
على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا
الاستثناء قوانين الضرائب
والرسوم. عاشراً : لا يسري
القانون الجزائي بأثر رجعي إلا
إذا كان اصلح للمتهم). فإذا
خالفت السلطة القضائية أيا من
هذه القواعد كان تصرفها مشوباً
بعيب عدم الدستورية. قيود على أهلية
التعاقد: نصت المادة (127)على أنه (
لايجوز لرئيس الجمهورية ورئيس
وأعضاء مجلس الوزراء ورئيس مجلس
النواب ونائبيه وأعضاء المجلس
وأعضاء السلطة القضائية وأصحاب
الدرجات الخاصة أن يستغلوا
نفوذهم في أن يشتروا أو
يستأجروا شيئاً من أموال الدولة
أو أن يؤجروا أو يبيعوا لها
شيئاً من أموالهم أو أن يقاضوها
عليها أو أن يبرموا مع الدولة
عقداً بوصفهم ملتزمين أو موردين
أومقاولين.)، فإن قامت السلطة
التشريعية بسن قانون يتعارض مع
هذه القيود، كان التشريع معيباً
في محله. -------------------------- 20ـ
انظر د. رمزي الشاعر– رقابة
دستورية القوانين، مصدر سابق،ص
660. 21ـانظر
د. رمزي الشاعر– رقابة دستورية
القوانين، مصدر سابق،ص 654. 22ـ
انظر د. إحسان حميد المفرجي و د.
كطران زغير نعمة، د. رعد ناجي،
النظرية العامة في القانون
الدستوري والنظام الدستوري في
العراق، مصدر سابق، ض 164 وما
بعدها، وانظر كذلك د. يحى الجمل،
القضاء الدستوري في مصر، تنضيد
الكتروني، مصدر سابق، الفصل
الأول، المبحث الأول، وانظر
كذلك د. محمد كامل
عبيد – نظم الحكم
ودستور الامارات دراسة
تحليلية مقارنة لدستور
الامارات –2002- أكاديمية شرطة
دبي ص 144. 23ـ
انظر د. إحسان حميد المفرجي و د.
كطران زغير نعمة، د. رعد ناجي،
النظرية العامة في القانون
الدستوري والنظام الدستوري في
العراق، مصدر سابق، ض 164 وما
بعدها 24ـ
أحكام المحكمة الدستورية
العليا عن المستشار سناء سيد
خليل، النظام القانوني المصري
ومباديء حقوق الانسان، كتاب
تنضيد الكتروني نشر البوابة
القانونية ـ شركة الخدمات
التشريعية ومعلومات التنمية. 25ـ
الحكم الصادر فى القضية رقم 16
لسنة 15 قضائية دستورية جلسة
14/1/1995 والمنشور بالجريدة
الرسمية(المصرية)
رقم
(6) لسنة
1995 بتاريخ
9/2/1995. 26ـ
الحكم
الصادر فى
القضيـة
رقم 3 لسـنة 16 قضائيـة دسـتورية
جلسـة 4/2/1995، نشر بالجريدة
الرسـمية (المصرية)
رقم
(9) لسـنة 1995 بتاريخ 6/3/1995
(. 27ـ
الحكم
الصـادر
فى القضيـة رقم 52 لسـنة 18 قضائية
دستورية، جلسة 7/6/1997، والمنشور
بالجريدة
الرسـمية (المصرية)
رقـم
(25) لسـنة 1997 بتاريخ 19/6/1997
. 28ـ
انظر بصدد فقه المدرسة
الألمانية، ص193 ما بعدها، د.
ثروت أنيس الأسيوطي، المنهج
القانوني بين الرأسمالية
والاشتراكية ـ دراسة في
سوسيولوجيا الفكر القانوني،
مجلة مصر المعاصرة، السنة
التاسعة والخمسون، العدد 333،
يوليو 1968، مصر. وكذلك انظر د.
احمد فتحي سرور، القانون
الجنائي الدستوري، مصدر سابق
هامش ص
558 29ـ
انظر د. أحمد فتحي سرور، القانون
الجنائي الدستوري، مصدر سابق
هامش ص 558 30ـ
انظر بصدد هذه النظرية، د. إحسان
المفرجي و د. كطران زغير نعمة، د.
رعد ناجي، النظرية العامة في
القانون الدستوري والنظام
الدستوري في العراق، مصدر سابق،
ص 167 ومابعدها ويشير في هامش ص 167
إلى أن ( وتستمد هذه النظرية
مدلولها من القاعدة الرومانية
القديمة التي تقول ( إن سلامة
الشعب فوق القانون ) وانظر كذلك
د. محمود حافظ، القضاء الإداري
في القانون المصري والمقارن،،
دار النهضة العربية، 1993 ص52 وما
بعدها. د.إبراهيم عبد العزيز
شيحا، القضاء الإداري ـ دعوى
الالغاء، الناشر منشأة المعارف
بالاسكندرية،2006، ص 14 وما بعدها.
وانظر كذلك سامي جمال الدين،
لوائح الضرورة وحالات الرقابة
عليها، منشأة المعارف، ص23 وما
بعدها.و د. أحمد فتحي سرور،
القانون الجنائي الدستوري،
مصدر سابق ص 551 وما بعدها 31ـ
(البقرة 185)، (البقرة: 173(،
(المائدة 6). 32ـ
د.يوسف
قاسم، نظرية الضرورة في الفقه
الجنائي
الإسلامي والقانون الجنائي
الوضعي، دار النهضة العربية، 1993م،
ص 80، وكذلك يسري العصار، نظرية
الضرورة في القانون الدستوري
والتشريع الحكومي في فترات
ايقاف الحياة النيابية ـ دراسة
مقارنة، مجلة المحامي، السنة
العشرون، 1996، ص17. وكذلك محمد
مدكور، مدخل للفقه
الإسلامي،
دار النهضة العربية، ص275، 279. 33ـ
د. سامي جمال الدين،، لوائح
الضرورة وضمانة الرقابة
القضائية عليها، منشأة المعارف
الاسكندرية، 1982، ص 29. 34ـ
انظر المواد 42، 34،
45،
46
من قانون العقوبات العراقي رقم
111 لسنة 1969 المعدل. 35ـ
يسري محمد العصار ـ نظرية
الضرورة في القانون الدستوري
مصدر سابق، ص21 وما بعدها،، كذلك
انظر د. محمود حافظ،القضاء
الإداري في القانون المصري
والمقارن،، دار النهضة
العربية، طبعة سنة 1993، ص 58 وما
بعدها. 36ـ
العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية، اعتمد وعرض
للتوقيع والتصديق والانضمام
بموجب قرار الجمعية العامة
للامم المتحدة 2200 ألف (د ـ 21)
المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر 1966،
تاريخ بدء النفاذ
23 مارس 1976، وفقاً لأحكام
المادة 49 منها. 37ـ
القضية رقم
106
لسنة
6 دستورية جلسـة 29/6/1985، نشـر
بالجريـدة الرسـمية (المصرية)
رقـم
(28) لسنة 1985
بتاريخ
11/7/1985). 38ـ
قضية رقم 40 لسنة 16 دستورية جلسة
2/9/1995، نشر بالجريدة الرسمية (المصرية)
رقم
(37) لسنة
1995 بتاريخ 14/9/1995. 39ـ
قضية رقم 17 لسنة 14 قضائية
دستورية جلسة 14/1/1995، نشر
بالجريدة الرسمية (المصرية) رقم
(6)
لسنة
1995 بتاريخ 9/2/1995.
والحكم
الصادر فى ( القضية رقم 39
لسنة
15 قضائية دستورية جلسة 4/2/1995،
ونشر بالجريدة الرسمية(المصرية)
العدد رقم 9 بتاريخ 6/3/1995 ). 40ـ
انظر أستاذنا الدكتور عصام
البرزنجي، السلطة التقديرية
للإدارة والرقابة القضائية،،
رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس،
منشورات دار النهضة العربية، ص
61 وما بعدها. 41ـ
د.
رمزي الشاعر– رقابة دستورية
القوانين، مصدر سابق، ص 708. 42
ـ انظر د. يحي الجمل، القضاء
الدستوري في مصر، مصدر سابق. 43ـ
انظر د. يحي الجمل، القضاء
الدستوري في مصر، مصدر سابق. 44ـ
انظر الأستاذ عبد الباقي البكري
والأستاذ زهير البشير، مصدر
سابق، ص31 وما بعدها. 45ـ
الحكـم
الصادر
فى القضيـة رقم 23 لسنة 16 قضائية
دستورية، جلسة 18/3/1995، نشـر
بالجريـدة
الرسميـة(المصرية)
رقم
(14) لسنة 1995 بتاريخ 6/4/ 1995. 46ـ
الحكم
الصادر فى القضية رقـم 33 لسنـة 15
قضائية دستورية، جلسة 2/12/1995ونشر
بالجريدة
الرسمية(المصرية)
العدد
رقم 51 بتاريخ 21/12/ 1995. 47ـ
الحكم
الصادر فى القضية
رقم
38 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة
18/5/1996، نشر بالجريدة الرسمية(المصرية)
رقم (21) لسنة
1996 بتاريخ
30/5/1996. 48ـ
الحكم
الصادر فى القضية رقم 29 لسنة 15
قضائية
دستورية،
جلسة 3/5/1997، نشر بالجريدة
الرسمية(المصرية) رقم (20) لسنة 1997
بتاريخ 15/5/1997).
49ـ
انظر بصدد مبدأ المشروعية د.
عصام البرزنجي، مصد سابق، ص11. 50ـ
انظر د. يحى الجمل، القضاء
الدستوري في مصر، تنضيد
الكتروني،مصدر سابق، الفصل
الأول ـ المبحث الثالث (وجود
قضاء مستقل). ـــــــــــــــــــ *ماجستير في القانون باحث في فلسفة
القانون والثقافة القانونية
العامة / بغداد ـ العراق يتبع -------------------- هذه
الدراسة
تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |