ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الأحكام
الفقهية لشهداء الحرية والثورة
العربية بقلم
د. حاكم المطيري الحمد
لله رب العالمين وصلى الله وسلم
على النبي الأمين وآله وصحبه
أجمعين : وبعد
فقد جاءتني أسئلة كثيرة حول حكم
من يُقتل من المتظاهرين في
الثورة الشعبية في الدول
العربية من أجل العدل والحرية؟ وهل
يصدق عليهم أنهم شهداء أم لا؟ وهل
هذه الثورة شرعية أم ثورة
دنيوية؟ وأقول
وبالله التوفيق قد سبق لي
الإجابة عن هذه الأسئلة في
مقالي (الثورة العربية
والمصطلحات الوهمية) و(الثورة
العربية رؤية شرعية) وغيرها من
المقالات القديمة كمقالي (المقاومة
السلمية رؤية شرعية) المنشور
بتاريخ 11/9/ 2009م، وكلها منشورة في
موقعي، وهذه دراسة أكثر تفصيلا
وهي في مباحث: المبحث
الأول : في عموم أحكام الشريعة
لأفعال المكلفين: فليس
في أفعال المكلفين عامة ما هو
خارج عن الشريعة وأحكامها، فكل
فعل يصدر عن فرد أو جماعة أو
دولة له حكم شرعي بالحل أو
التحريم أو الإيجاب، وهذا
بإجماع علماء الأمة من الفقهاء
والأصوليين على اختلاف
مذاهبهم، واستدل له الشافعي في
الرسالة بقوله تعالى {أيحسب
الإنسان أن يترك سدى}، أي لا
يؤمر ولا ينهى! وكما
قال تعالى {يومئذ يصدر الناس
أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل
مثقال ذرة شرا يره}! وبناء
عليه فهذه الثورة التي قامت - أو
ستقوم - بها الشعوب في العالم
العربي إما أنها مشروعة سواء
كانت واجبة أو مباحة، أو أنها
محرمة غير مشروعة، ولا حكم غير
هذين الحكمين العامين، فمن قال
بأنها ثورة من أجل الدنيا لا من
أجل الدين! قيل له هل الثورة من
أجل الدنيا مشروعة أم غير
مشروعة؟ ووصفها بأنها دنيوية لا
يخرجها عن دائرة الأحكام
الشرعية، فإن كانت مشروعة فهي
ثورة دنيوية شرعية، وإن كانت
غير مشروعة فهي ثورة دنيوية
محرمة غير شرعية! ولا
يوجد في الإسلام فصل في الأحكام
بين ما هو ديني وما هو دنيوي، بل
هذه هي النصرانية التي ترفع
شعار (دع ما لله لله وما لقيصر
لقيصر)، وتفرعت عنها العلمانية
الغربية التي فصلت الديني عن
الدنيوي، أما في الإسلام
فالشريعة تنتظم كل أفعال
العباد، وتحكم لها أو عليها، لا
يخرج عن أحكامها شيء مطلقا، فما
حرمته فهو الحرام، وما أباحته
فهو الحلال، وما أوجبته فهو
الواجب! وقوله
صلى الله عليه وسلم في الحديث
الصحيح (أنتم أعلم بأمور دنياكم)،
دليل على أن الأصل في الأشياء
الدنيوية الإباحة، وهي أيضا حكم
شرعي، فثبت أن الشارع قد حكم في
كل شيء تفصيلا أو إجمالا،
ودائرة الإباحة في الأشياء
والمعاملات والعادات أوسع من
دائرة الحظر، كما قال تعالى {يريد
الله بكم اليسر ولا يريد بكم
العسر}، وقال سبحانه {ما جعل
عليكم في الدين من حرج}، وقال
النبي صلى الله عليه وسلم (بعثت
بالحنيفية السمحة). المبحث
الثاني : مشروعية القتال عن
الدنيا : وإذا
ثبت ذلك فالسؤال هل للإنسان
شرعا فردا كان أو مجموعة أن
يقاتل من أجل الدفاع عن حقوقه
الدنيوية أم لا؟ والجواب
كما هو معلوم من دين الإسلام
بالضرورة القطعية أن للإنسان
الدفاع عن نفسه وماله وعرضه
وأرضه وحقه، ومن مات دون شيء من
ذلك فهو شهيد، كما توافرت
وتواترت بذلك النصوص كقوله
تعالى {والذين إذا أصابهم البغي
هم ينتصرون.. ولمن انتصر بعد
ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.
إنما السبيل على الذين يظلمون
الناس ويبغون في الأرض بغير
الحق}.. وكما
جاء في الصحاح عن النبي صلى الله
عليه وسلم (من قُتل دون ماله فهو
شهيد).([1]) وقد
احتج بهذا الحديث الصحابي عبد
الله بن عمرو بن العاص حين أجرى
أمير مكة والطائف عنبسة بن أبي
سفيان عين ماء ليسقي بها أرضه،
فدنا من حائط بستان عبد الله بن
عمرو، فاعترض عبد الله عليه
وجاء بمواليه وسلاحه، وقال
للأمير: (والله لا تخرقون حائطنا
حتى لا يبقى منا أحد، فركب إليه
خالد بن العاص فوعظه، فرد عليه
عبد الله بن عمرو واحتج بحديث:(من
قتل دون ماله فهو شهيد).([2]) وقد
سأل رجل النبي صلى الله عليه
وسلم فقال:(يا رسول الله أرأيت
إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال:(فلا
تعطه مالك)، قال: أرأيت إن
قاتلني؟ قال: (قاتله)، قال: أرأيت
إن قتلني؟ قال:(فأنت شهيد)، قال:
أرأيت إن قتلته؟ قال: (هو في
النار).([3]) وقد
احتج الصحابي سعيد بن زيد أحد
العشرة المبشرين بالجنة بحديث :(من
قتل دون ماله فهو شهيد)، لما جاء
جماعة من قريش يكلمونه في شيء من
أرضه، فقال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: (من قتل دون
ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه
فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو
شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد)،
وفي رواية:(من قاتل دون ماله
فقتل فهو شهيد، ومن قاتل دون دمه
فهو شهيد، ومن قاتل دون أهله فهو
شهيد).([4]) وفي
رواية:(من أريد ماله بغير حق
فقاتل فقتل فهو شهيد)([5])، وفي
الحديث عن سعد بن أبي وقاص:(نعم
الميتة أن يموت الرجل دون حقه).([6]) فساوت
هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة
بين القتال عن الدين، والقتال
عن النفس والأهل والعرض والمال
والأرض والحقوق كالحرية والعدل
والكرامة، فكلها مشروع القتال
دونه، وكلها يصدق على من قتل
دونها بأنه شهيد! وهذان
صحابيان جليلان عبد الله بن
عمرو وسعيد بن زيد يرويان هذه
الأحاديث ويحتجان بها قوليا
وعمليا في تصديهم بالقوة لمن
أرد أن يظلمهما ويأخذ حقهما وإن
كانت السلطة نفسها! ولا يعرف
لهما مخالف من الصحابة وهما
أدرى برويتهما ممن سواهما. قال
ابن المنذر: (الذي عليه أهل
العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر
إذا أريد ظلما بغير تفصيل).([7]) وقال
الخطابي: (دل ذلك على أن من دافع
عن ماله أو أهله أو دينه فقتل،
كان مأجورًا نائلاً منازل
الشهداء).([8]) وكما
ثبت في الصحيحين بل ما تواتر في
كتاب فريضة الزكاة الذي كتبه
النبي صلى الله عليه وسلم قبل
وفاته، وفيه: (هذه فريضة الصدقة
التي فرض رسول الله صلى الله
عليه وسلم على المسلمين، والتي
أمر الله عز وجل بها رسوله صلى
الله عليه وسلم، فمن سئلها من
المسلمين على وجهها فليعطها،
ومن سئل فوقها فلا يعط).([9]) قال
ابن حجر: (أي من سئل زائدًا على
ذلك في سن أو عدد فله المنع،
ونقل الرافعي الاتفاق على
ترجيحه).([10]) فليس
للسلطة أخذ أموال الناس بالباطل
ولو كانت جباية الزكاة، وليس
لها حبسهم واعتقالهم ظلما، وليس
لها انتهاك حرماتهم، فإن فعلت
فجائز لهم دفعها عن ذلك
والامتناع عن طاعتها ومقاومتها. قال
الإمام ابن حزم بعد أن ذكر حديث
عبد الله بن عمرو وقصته، وحديث
أبي بكر في الزكاة: (فهذا رسول
الله صلى الله عليه وسلم يأمر من
سئل ماله بغير حق ألا يعطيه،
وأمر أن يقاتل دونه، فَيَقتل
مصيبًا سديدًا، أو يُقتل بريئا
شهيدًا، ولم يخص عليه السلام
مالا من مال، وهذا أبو بكر وعبد
الله بن عمرو رضي الله عنهما
يريان السلطان في ذلك وغير
السلطان سواء).([11]) فهذه
بعض الأدلة القطعية في ثبوتها
ودلالاتها تؤكد أن للإنسان الحق
أن يقاتل دون دنياه سواء كان
مالا أو أرضا أو نفسا أو أهلا،
وهذا من العدل والقسط الذي جاء
به الإسلام، كما قال تعالى {قل
أمر ربي بالقسط}، وقال {ليقوم
الناس بالقسط}.. ولا
فرق في هذا الحق بين مسلم وغير
مسلم، وصالح وغير صالح، بل لكل
إنسان في دار الإسلام الدفع عن
حقوقه ممن أراد الاعتداء عليها. وبناء
على كل ما سبق فإن للأمة شرعا
بأفرادها أو بمجموعها أن تقاتل
عن دنياها كما تقاتل عن دينها،
كما ثبت أيضا بأن من يقتل دون
دنياه مظلوما فهو شهيد، كمن
يقاتل دون دينه، وهذا بنص رسول
الله صلى الله عليه وسلم الذي لا
ينطق عن الهوى! المبحث
الثالث : ثبوت أحكام الشهادة
للمتظاهرين دفاعا عن حقوقهم : وإذا
ثبت أن الشارع أطلق اسم الشهادة
ووصفها على من قاتل دون حقوقه
الدنيوية، فقد اجتمع لمن قتلوا
في الثورة العربية الشعبية
وصفان يوجب كل واحد منهما وصف
الشهادة وأحكامها لهم: الأول:
من قاتل منهم دون نفسه أو أهله
أو دينه أو ماله أو حقه فقتل. والثاني:
من قتل منهم مظلوما، وإن لم
يقاتل، بل خرج مسالما يدعو إلى
إنصافه ورفع الظلم عنه وعن
غيره، فاعتدت عليه السلطة
وقتلته، ولهذا جاء في دليل
الطالب في فقه الحنابلة (وشهيد
المعركة، والمقتول ظلما، لا
يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه
ويجب بقاء دمه عليه، ودفنه في
ثيابه)، وجاء في الشرح الكبير (إذا
مات الشهيد في المعركة لم يغسل
رواية واحدة.. ومن قتل مظلوما
فهل يلحق بالشهيد؟ على روايتين
إحداهما يغسل ويصلى عليه،
والثانية حكمه حكم الشهيد)! وقد
جاء في صحيح مسلم عن جهاد الأئمة
المضلين (فمن جاهدهم بيده فهو
مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو
مؤمن)، وجاء في الحديث أيضا (سيد
الشهداء حمزة ورجل قام إلى
سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله)،
وفي الحديث الآخر (أفضل الجهاد
كلمة حق عند سلطان جائر)، وفي
الصحيحين (من رأى منكم منكرا
فليغيره بيده، فإن لم يستطع
فبلسانه..)... وهذان
الوصفان - أي وصف الجهاد ووصف
الشهادة - يثبتان لمن تظاهروا
وقتلوا في المظاهرات السلمية،
على الأنظمة الشرعية، إذا جارت
وظلمت واعتدت على الرعية، أما
إذا ثبت عدم شرعيتها بل وثبتت
ردتها كأكثر الحكومات العربية
اليوم، فالمقتول في الثورة
عليها هو شهيد المعركة نفسه عند
أكثر الفقهاء كما سيأتي بيانه! المبحث
الرابع أقسام الشهداء وأحكامهم
: والشهداء
أقسام ولكل قسم أحكام، كما دلت
على ذلك النصوص، وأقوال
الفقهاء، فهم: القسم
الأول : شهداء في حكم الدنيا
والآخرة، فلا يغسلون، ولا يصلى
عليهم، ويدفنون في لباسهم الذي
قتلوا فيه، وهم أنواع أيضا : النوع
الأول : كل قتيل من المسلمين في
حربهم مع عدوهم أثناء الحرب أو
بسببها، كشهداء معركة أحد،
ويصدق ذلك اليوم على من
يستشهدون في مواجهة الاحتلال
الأجنبي في فلسطين أو في العراق
أو أفغانستان..الخ، وهذا النوع
لا خلاف فيه بين الأئمة في الحكم
الدنيوي والأخروي. النوع
الثاني : القتيل من المسلمين في
تصديهم للسلطان الكافر أو
السلطان إذا ارتد، أو السلطان
الجائر، إذا خرجوا عليه لمنعه
من الجور، وتغيير المنكر،
كشهداء أهل المدينة يوم الحرة
في خروجهم على يزيد، وشهداء
كربلاء مع الحسين سيد شباب أهل
الجنة، وشهداء القراء في دير
الجماجم في خروجهم على الحجاج...الخ،
ومثلهم من يخرجون اليوم في
الثورة العربية بقصد مواجهة
الطاغوت، وإعلاء كلمة الله. النوع
الثالث: كل قتيل ظلما دون نفسه
أو ماله أو عرضه أو أهله أو حقه،
كمن يخرجون اليوم في الثورة
العربية بقصد الدفاع عن حقوقهم
الدنيوية، فيقُتلون على يد رجال
السلطة ظلما وعدوانا.. وهذان
النوعان الأخيران لا خلاف بين
الفقهاء في الحكم الأخروي لهم،
ولا خلاف على إطلاق وصف الشهادة
عليهم، وإنما اختلفوا في الحكم
الدنيوي هل يغسلون ويصلى عليهم
أم لا؟ وأكثر الفقهاء على أنهم
كالنوع الأول في الحكم الدنيوي
أيضا.. ولا
فرق في الأحكام السابقة بين أهل
الصلاح وأهل المعاصي، إذا تحقق
لهم وصف الشهادة وسببها. كما لا
خلاف بين الفقهاء على أن أعلاهم
وأشرفهم في الجهاد والشهادة من
قُتل لتكون كلمة الله هي
العليا، سواء تحقق له ذلك على يد
عدو كافر كحمزة بن عبد المطلب،
أو سلطان جائر كالحسين بن علي،
كما في الحديث (سيد الشهداء
حمزة، ورجل قام إلى سلطان جائر). القسم
الثاني : شهداء في حكم الدنيا
فقط، وهم النوع الأول والثاني
من القسم الأول إذا كان قتالهم
نفاقا ورياء وللغنيمة لا في
سبيل الله، فلا يغسلون ولا يصلى
عليهم بل يدفنون كسائر الشهداء،
إلا إنهم ليسوا شهداء في
الآخرة، وليس لهم ثواب الشهداء،
وهذا أمر لا يعلمه إلا الله، إلا
من عرف من حاله نفاق ظاهر. القسم
الثالث : شهداء في حكم الآخرة
فقط، وهم كل من مات بسبب من
الأسباب التي ثبت بنص الشارع أن
القتيل بها شهيد، كالطاعون
والمبطون والحريق والغريق
والنفساء الخ، فيغسلون ويصلى
عليهم في حكم الدنيا، ويطلق
عليهم وصف الشهادة في حكم
الآخرة، ولهم ثواب الشهداء. فتلك
بعض أحكامهم إجمالا، وهذه بعض
نصوص الفقهاء في تفصيل ذلك : جاء في
رد المحتار في فقه الحنفية (مطلب
في تعداد الشهداء (قوله في
الشهيد الكامل) وهو شهيد الدنيا
والآخرة، وشهادة الدنيا بعدم
الغسل إلا لنجاسة أصابته غير
دمه، وشهادة الآخرة بنيل الثواب
الموعود للشهيد، والمراد بشهيد
الآخرة من قتل مظلوما أو قاتل
لإعلاء كلمة الله تعالى حتى
قتل، فلو قاتل لغرض دنيوي فهو
شهيد دنيا فقط، تجري عليه أحكام
الشهيد في الدنيا، وعليه
فالشهداء ثلاثة..). وجاء
في كتاب الفقه على المذاهب
الأربعة في تعريف الشهيد
وأحكامه (( الحنفية قالوا :
الشهيد هو من قتل ظلما سواء قتل
في حرب أو قتله باغ أو حربي أو
قاطع طريق أو لص ولو كان قتله
بسبب غير مباشر، وينقسم إلى
ثلاثة أقسام : الأول
: الشهيد الكامل وهو شهيد الدنيا
والآخرة ويشترط في تحقق الشهادة
الكاملة ستة شروط وهي : العقل
البلوغ والإسلام والطهارة من
الحدث وأن يموت عقب الإصابة
بحيث لا يأكل ولا يشرب ولا ينام
ولا يتداوى ولا ينتقل من مكان
الإصابة إلى خيمته أو منزله حيا... ويدخل
في هذا القسم من قتل مدافعا عن
ماله أو نفسه أو المسلمين أو أهل
الذمة بشرط أن يقتل بمحدد، وحكم
هذا القسم من الشهداء أن لا يغسل
إلا لنجاسة أصابته غير دمه
ويكفن في أثوابه... الثاني
: من الشهداء شهيد الآخرة فقط،
وهو كل من فقد شرطا من الشروط
السابقة، بأن قتل ظلما وهو جنب
أو حائض أو نفساء أو لم يمت عقب
الإصابة أو كان صغير أو مجنونا
أو قتل خطأ ووجب بقتله مال،
فهؤلاء ليسوا كاملي الشهادة إلا
أنهم شهداء في الآخرة، لهم
الأجر الذي وعد به الشهداء يوم
القيامة فيجب تغسيلهم وتكفينهم
والصلاة عليهم كغيرهم، ومثل
هؤلاء في شهادة الآخرة الغرقى
والحرقى ومن مات بسقوط جدران
عليه وكذلك الغرباء والموتى
بالوباء وبداء الاستسقاء أو
الإسهال أو ذات الجنب أو النفاس
أو السل أو الصرع أو الحمى أو
لدغ العقرب ونحوه كالموتى في
أثناء طلب العلم.. ومثل هؤلاء
يغسلون ويكفنون ويصلى عليهم،
وإن كان لهم أجر الشهداء في
الآخرة. الثالث
الشهيد في الدنيا فقط وهو
المنافق الذي قتل في صفوف
المسلمين ونحوه وهذا لا يغسل
ويكفن في ثيابه ويصلى عليه
اعتبارا بالظاهر). ويلاحظ
أن الحنفية جعلوا قتيل المعركة
والمقتول ظلما بيد الجائر قسما
واحدا، وادخلوا معهم من قتل
دفاعا عن نفسه وعن ماله وعرضه أو
دفاعا عن غيره بالحق، ولو كان
دفاعا عن غير مسلم.. وجاء
في كتاب الفقه على المذاهب
الأربعة أيضا (المالكية قالوا :
الشهيد هو من قتله كافر حربي أو
قتل في معركة بين المسلمين
والكفار سواء كان القتال ببلاد
الحرب أو ببلاد الإسلام، كما
إذا غزا الحربيون المسلمين،
وحكم الشهيد المذكور أنه يحرم
تغسيله والصلاة عليه ولو لم
يقاتل بأن كان غافلا أو نائما....
والشهيد المذكور يشمل شهيد
الدنيا والآخرة وهو من قاتل
لتكون كلمة الله هي العليا،
وشهيد الدنيا فقط وهو من قاتل
للغنيمة، وأما شهيد الآخرة فقط
وهو المبطون والغريق والحريق
ونحوهم والمقتول ظلما في غير
قتال الحربيين ولم يقتله حربي
فهو كغيره من الموتى في غسله
وغيره، فيجب تغسيله والصلاة
عليه، ولا يجب دفنه في ثيابه،
وشهيد الآخرة المذكور له في
الآخرة الأجر الوارد في الشرع
إن شاء الله تعالى، وأما شهيد
الدنيا فقط فلا أجر له في
الآخرة، وإن كان يعامل معاملة
الشهداء في الدنيا). وفي
إعانة الطالبين في فقه الشافعية
(والمراد بالشهيد - فيما تقدم -
شهيد المعركة، سواء كان شهيدا
في الدنيا والآخرة، وهو من قاتل
لإعلاء كلمة الله، أو كان شهيدا
في الدنيا فقط، وهو من قاتل
للغنيمة مثلا، وأما شهيد الآخرة
فقط: فهو كغير الشهيد، فيغسل،
ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن،
وأقسامه كثيرة، فمنها الميتة
طلقا، ولو كانت حاملا من زنا،
والميت غريقا وإن عصى بركوب
البحر، والميت هديما، أو حريقا
أو غريبا وإن عصى بالغربة،
والمقتول ظلما ولو هيئة، والميت
بالبطن، أو في زمن الطاعون،
والميت في طلب العلم ولو على
فراشه، والميت عشقا بشرط العفة،
حتى عن النظر، بحيث لو اختلى
بمحبوبه لم يتجاوز الشرع وبشرط
الكتمان حتى عن معشوقه). وفي
حاشية قليوبي وعميرة في فقه
الشافعية تعريف الشهيد بأنه
قتيل المسلمين (..(في قتال الكفار)
أي في محاربة كافر ولو واحدا أو
مرتدا...فعلم أن الشهيد قسمان :
شهيد في الآخرة دون الدنيا وهو
العاري عن الضابط المذكور،
وشهيد فيهما وهو من فيه الضابط
المذكور، نعم إن
لم يكن قصده إعلاء كلمة الله
تعالى، بل تحصيل الكسب أو
المفاخرة، أو ليقال : إنه شجاع
مثلا فهو شهيد في الدنيا دون
الآخرة فهو قسم ثالث، وبحث
بعضهم أنه لو علم منه ذلك وجب
فيه الغسل ، والصلاة كغير
الشهيد). فهنا
نص الشافعية على أن قتيل
المعركة شهيد، سواء قتل في
معركة مع عدو كافر خارجي، أو بيد
عدو داخلي ثبتت ردته وكفره،
كحال طغاة العرب اليوم! وقال
في مطالب أولي النهى في فقه
الحنابلة (..(ومقتول ظلما)، كمن
قتله نحو لص، أو أريد منه الكفر
فقتل دونه، أو أريد على نفسه أو
ماله أو حرمته، فقاتل دون ذلك
فقتل، لحديث سعيد بن زيد مرفوعا
(من قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن
قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل
دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون
أهله فهو شهيد) رواه أبو داود
والترمذي وصححه، ولأنهم
مقتولون بغير حق، أشبهوا قتل
الكفار؛ فلا يغسلون، بخلاف نحو
المطعون والمبطون والغريق
ونحوهم). وجاء
في منار السبيل في فقه الحنابلة
(وشهيد المعركة لا يغسل، ولا
يكفن، ولا يصلى عليه، لحديث
جابر أن النبي صلى الله عليه
وسلم (أمر بدفن شهداء أحد في
دمائهم ولم يغسلوا، ولم يصل
عليهم) رواه البخاري. والمقتول
ظلما لا يغسل، ولا يكفن، ولا
يصلى عليه، لحديث سعيد بن زيد
مرفوعا (من قتل دون دينه فهو
شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد،
ومن قتل دون ماله فهو شهيد) رواه
أبو داود والترمذي وصححه، وعنه :
يغسل ويصلى عليه، لأن ابن
الزبير غُسل وصلي عليه، فأما
الشهيد بغير قتل كالمطعون
والمبطون فيغسل لا نعلم فيه
خلافا). وفي
فتاوى محمد بن إبراهيم مفتي
المملكة الأسبق (الشهداء
وأحكامهم : الشهداء أوصلهم بعض
العلماء بالتتبع إلى نحو عشرين،
لكنهم ينقسمون إلى أربعة أقسام : قسم
شهيد في الدنيا والآخرة : وهو
قتيل المعركة الذي قتل صابرا
لإعلاء كلمة الله، فهذا لا يغسل
في الدنيا ولا يصلى عليه، لفعله
صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد،
وما جاء أنه صلى عليهم فلا يصح،
وإن صح فليس معناه إلا الدعاء
لهم في مصارعهم. وشهيد
في الدنيا فقط: وهو من قتل في
المعركة، لكن نيته ليست في سبيل
الله. وشهيد
في الآخرة فقط : وهو الذي قاتل في
سبيل الله فقتل وتأخر موته،
فيصلى عليه في الدنيا ويغسل. . والمقتول
ظلما مثل شهيد المعركة في
الأحكام الدنيوية، وكذلك في
الأجر بالنسبة إلى مقامه فإنه
شهيد في الدنيا والآخرة، أما
بقية الشهداء – كالمبطون
والمطعون والغريق والحريق الخ -
فإن لهم أحكام الشهداء في
الآخرة لا في الدنيا، فالواحد
منهم يغسل ويصلى عليه). فجعل
الشيخ المقتول ظلما كشهيد
المعركة في الحكم الدنيوي فلا
يصلى يغسل ولا يصلى عليه ويدفن
في ثيابه، وفي الحكم الأخروي
والثواب يوم القيامة.. وقال
ابن عثيمين في شرح الزاد (وقوله:
"ومقتول ظلما" ، أي:
المقتول ظلما لا يغسل أيضا؛ لأن
المقتول ظلما شهيد، قال النبي
صلى الله عليه وسلم: "من قتل
دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون
ماله فهو شهيد" والصحيح أن
المقتول ظلما يغسل كغيره من
الناس؛ لأنه داخل في عمومات
الأدلة الدالة على وجوب الغسل،
وهذه العمومات لا يمكن أن يخرج
منها شيء إلا ما دل الدليل عليه،
وهو شهيد المعركة، ولا يمكن أن
يساوى المقتول ظلما بشهيد
المعركة، وإن كان يطلق عليه اسم
شهيد، فالمطعون شهيد، والمبطون
شهيد، والغريق شهيد، والحريق
شهيد، وليس كل ما أطلق عليه اسم
الشهيد يكون حكمه كشهيد
المعركة؛ لأن شهيد المعركة مد
رقبته إلى عدوه ليقطعها في سبيل
الله، والمقتول ظلما أكره على
المقاتلة حتى قتل، فبينهما فرق
عظيم). فالشيخ
ابن عثيمين يرجح كون القتيل
ظلما يغسل ويصلى عليه كسائر
الأموات، إلا أنه لا ينفي عنه
اسم ووصف الشهادة الدنيوي
وثوابها الأخروي لثبوتها له بنص
الشارع! فانظر
كيف يطلق الفقهاء على أعيان
قتلى المعركة اسم ووصف الشهيد،
وكيف يجرون عليهم أحكاما خاصة
بناء على هذا الوصف الشرعي،
ومثلهم في الحكم القتيل ظلما
خاصة من قتل دون حقه، بناء على
إطلاق وصف الشهادة عليهم
بأعيانهم! المبحث
الخامس : حكم أصحاب المعاصي إذا
تحقق لهم وصف الشهادة : ولا
فرق في هذه الأحكام بين قتلى
المتظاهرين الصالح منهم وغير
الصالح، كما نص الفقهاء في
شهداء المعركة، وهو ظاهر النصوص
الشرعية حيث قالوا عن شهيد
المعركة: هو كل قتيل من المسلمين
في حرب مع عدوهم، صالحا كان أو
فاسقا، سنيا كان أو بدعيا، كما
في فتح الباري 3/309(باب الصلاة
على الشهيد): (قال الزين بن
المنير : والمراد بالشهيد قتيل
المعركة أي من المسلمين .. قال
الحافظ : ولا فرق في ذلك بين
المرأة والرجل، صغيرا أو كبيرا،
حرا أو عبدا، صالحا أو غير صالح)
انتهى . وجاء
في رد المحتار في فقه الحنفية (مطلب:
المعصية هل تنافي الشهادة ؟ ذكر
الأجهوري قال في العارضة : من
غرق في قطع الطريق فهو شهيد
وعليه إثم معصيته، وكل من مات
بسبب معصية فليس بشهيد، وإن مات
في معصية بسبب من أسباب الشهادة
فله أجر شهادته، وعليه إثم
معصيته، وكذلك لو قاتل على فرس
مغصوب، أو كان قوم في معصية فوقع
عليهم البيت فلهم الشهادة،
وعليهم إثم المعصية). ولا
يقتضي الحكم لمن سبق بالشهادة
الدنيوية والأخروية القطع لهم
بالجنة والشهادة لهم بها، إذ لا
يعلم نياتهم وقبول أعمالهم إلا
الله، كما قال الحافظ ابن حجر في
الفتح 6 / 90 في باب (لا يقال فلان
شهيد) :(أي على سبيل القطع بذلك
إلا إن كان بالوحي .... وإن كان مع
ذلك يعطى أحكام الشهداء في
الأحكام الظاهرة، ولذلك أطبق
السلف على تسمية المقتولين ببدر
وأحد وغيرهما شهداء، والمراد
بذلك الحكم الظاهر المبني على
الظن الغالب) انتهى كلام ابن حجر. وهكذا
يقال في المقتول دون ماله
وعرضه، والمقتول ظلما، لا فرق
بين صالح وفاسق، بل كل من قتل
مظلوما من المسلمين، فهو شهيد
في أحكام الدنيا، وله أحكام
الشهداء، وأما الآخرة فهو شهيد
بحكم الظاهر، ولا يقطع له
بالشهادة بالجنة، بل نرجو له
ذلك! فهذه
أحكام شهداء الثورة العربية،
على فرض أنهم لا يريدون إلا
الدفاع عن حقوقهم، وعلى فرض أن
السلطة شرعية، أما من قاتل منهم
لتكون كلمة الله هي العليا فهذا
أشرف أنواع الجهاد في سبيل
الله، وهو أعلى درجة عند الله
ممن قاتل فقط دفاعا عن نفسه
وماله وأرضه، وإن كان كلاهما
مجاهد وشهيد، وكما في الحديث
الصحيح (إنما الأعمال بالنيات
ولكل امرئ ما نوى)، وكما في
الحديث الآخر(رب قتيل بين
الصفين الله أعلم بنيته). وأحق
هؤلاء بوصف الشهادة من قتل
مظلوما بيد سلطان جائر، لقصده
إقامة الحق والعدل، كما في
الحديث (سيد الشهداء حمزة، ورجل
قام إلى إمام جائر، فأمره
ونهاه، فقتله)! وجهاد
أئمة الجور بالقول والفعل واجب
حسب الاستطاعة كما في صحيح مسلم
عن أمراء الجور (فمن جاهدهم بيده
فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه
فهو مؤمن).([12]) وأحق
منه بالشهادة من قام لإعلاء
كلمة الله، فقتل مظلوما بيد
الطاغوت وأئمة الطغيان ممن ثبتت
ردتهم وزندقتهم! ومما
يؤكد ذلك إطباق الأمة على أن
الحسين بن علي قتل مظلوما
شهيدا، وكذا عبد الله بن
الزبير، وكذا أهل الحرة، ودير
الجماجم، وكذا أطلق الأئمة وصف
الشهيد على كثير من العلماء
والمصلحين، كالإمام أحمد بن نصر
الخزاعي، وقد قال عنه الذهبي (أحمد
بن نصر الخزاعي الإمام الشهيد)([13])،
وكان قد خرج وأعد العدة، وبايعه
الناس سرًّا على الأمر
بالمعروف، وخلع الواثق
العباسي، سنة 231ه، فظفروا به،
وامتحنه الواثق في خلق القرآن
فلم يجبه، فأمر به وصلب، فكان
أحمد بن حنبل يقول عنه:(رحمه
الله! لقد جاد بنفسه).([14]) وقال
عنه يحيى بن معين:(ختم الله له
بالشهادة).([15]) المبحث
السادس : حكم خروج أهل الذمة على
السلطة الجائرة : إذا
خرج أهل الذمة على سلطة أئمة
الجور، فحكمهم حكم المسلمين
الذين يخرجون على الظلمة من حيث
حرمة قتالهم، إذا كانوا خرجوا
لدفع الظلم عنهم! قال
شيخ الإسلام ابن تيمية(ولا خلاف
بين علماء السنة أنهم يقاتلون
أي الخوراج مع أئمة العدل مثل
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
رضي الله عنه، لكن هل يقاتلون مع
أئمة الجور؟ فنقل
عن مالك أنهم لا يقاتلون، وكذلك
قال فيمن نقض العهد من أهل الذمة
لا يقاتلون مع أئمة الجور).([16]) أما
الجمهور فذهبوا إلى أنه لا يحرم
القتال مع الإمام الجائر إذا
كان القتال نفسه مشروعا، أما
إذا كان ظلما وعدوانا فإنه يحرم
إعانة الجائر عليه، سواء كان
يقاتل الخوراج أو أهل الذمة أو
غيرهم! وقال
ابن تيمية أيضا (مذهب أبي حنيفة
والشافعي وأحمد قالوا يغزى مع
كل أمير برا كان أو فاجرا، إذا
كان الغزو الذي يفعله قتالا
مشروعا قوتل معه، وإن قاتل
قتالا غير جائز لم يقاتل معه،
فيعاون على البر والتقوى، ولا
يعاون على الإثم والعدوان،
فالظالم لا يجوز أن يعاون على
الظلم، لأن الله تعالى يقول{وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا
على الإثم والعدوان}، وقال موسى{رب
بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا
للمجرمين}، وقال تعالى{ولا
تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم
النار}، وقال تعالى {ومن يشفع
شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن
يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها
}، والشفيع المعين فكل من أعان
شخصا على أمر فقد شفعه فيه، فلا
يجوز أن يعان أحد لا ولي أمر ولا
غيره على ما حرمه الله ورسوله).([17]) ويتلخص
من كل ما سبق بيانه ما يلي: أولا:
مشروعية الثورة السلمية بل
والثورة المسلحة على الأنظمة
الطاغوتية التي تحكم الأمة
اليوم، لعدم شرعيتها من جهة،
ولطغيانها وحق الشعوب في
تغييرها من جهة أخرى. ثانيا
: مشروعية التظاهرات السلمية
الشعبية لمنع الظلم وتغيير
المنكر، وهي تدخل في مفهوم اليد
كما في الحديث الصحيح (من رأى
منكم منكرا فليغيره بيده، فإن
لم يستطع فبلسانه)، فقدم الشارع
التغيير باليد وهو الفعل، على
التغيير باللسان والقول، واليد
تصدق على القوة بكل صورها،
ومنها القوة السياسية التي
تستطيع الشعوب من خلالها الضغط
على الحكومات وإسقاطها أو
إصلاحها، أو كف ظلمها، والأخذ
على يدها. ثالثا
: ومشروعية القتال دون الحقوق
الدنيوية، إذا لم تستطع الأمة
حماية حقوقها إلا بالقتال. رابعا:
وأن من يقتل في هذه المظاهرات
والثورات فهو شهيد، وله أحكام
شهداء المعركة. خامسا:
وأنه لا فرق بين من خرج بشكل
سلمي فقتل مظلوما، كما جرى في
تونس ومصر واليمن وسوريا، ومن
قاتل دون حقه وقتل، كما جرى في
ليبيا، فكلاهما شهيد في حكم
الدنيا والآخرة. سادسا
: وأنه لا فرق في وصف الشهادة
وحكمها بين صالح وعاص، وسني
وبدعي، إذا ثبت لهم سبب الشهادة
ووصفها، لعموم النصوص، كشهداء
المعركة، فإنه لا فرق بينهم بلا
خلاف. سابعا
: وأن وصف الشهادة يطلق على
الأعيان الذين أطلق عليهم
الشارع هذا الوصف، ويبنى عليه
أحكام محددة بحقهم، ومنهم
المقتول ظلما، ومن قتل دون حقه! ثامنا
: وأن من خرج في التظاهرات بنية
إقامة حكم الله وعدله فقُتل،
فهو في سبيل الله، وهو أشرف
وأعلى أنواع الشهادة! تاسعا
: وأنه يحرم القتال مع السلطة
الجائرة فضلا عن الكافرة، ويحرم
إعانتها إذا قاتلت من خرج عليها
دفاعا عن حقه، ورفضا لظلمها،
حتى وإن كان الخارج عليها غير
مسلم، فيحرم إعانة السلطة عليه،
كما نص عليه شيخ الإسلام ابن
تيمية، وهو مذهب أبي حنيفة
ومالك والشافعي وأحمد. عاشرا
: وأنه إذا جاز خروج غير
المسلمين على الإمام الشرعي،
لدفع جوره وظلمه عنهم، وإذا كان
يحرم إعانة الجائر عليهم، بل
ويجب إعانتهم على دفع الظلم عن
أنفسهم، كما في الحديث (لتأخذن
على يد الظالم، ولتأطرنه على
الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق
قصرا)، وقال أيضا (إذا رأت أمتي
الظالم ولم تأخذ على يديه أوشك
الله أن يعمها بعقاب من عنده)،
فمن باب أولى إذا خرج عليه
المسلمون لدفع ظلمه، وحماية
حقوقهم، فضلا عن السلطان إذا
كان غير شرعي، أو كان طاغوتا
يحكم بينهم بغير ما أنزل الله،
فجهاده أوجب، ويحرم إعانته
وطاعته، بل يجب الكفر به
والبراءة منه، كما قال تعالى {يريدون
أن يتحاكموا على الطاغوت وقد
أمروا أن يكفروا به}، ويجب قتاله
وجهاده على من استطاعه كما قال
تعالى {الذين كفروا يقاتلون في
سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء
الشيطان إن كيد الشيطان كان
ضعيفا}! فاللهم
انصر المستضعفين وخذ بأيديهم
وثبت أقدامهم وانصرهم على عدوك
وعدوهم آمين آمين وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب العالمين.. الأحد
2 شعبان 1432ه الموافق
4 يوليو 2011م ____________ ([1])
البخاري مع الفتح 5/123 ح 2480 ،
ومسلم 1/124 ح 141 . ([2])
انظر المصدرين السابقين . ([3])
مسلم 1/124 ح 140 . ([4])
رواه أحمد 1/187 و189و190، وأبو
داود،ح رقم (4772)، والترمذي ح رقم
(1421)، والنسائي 7/116، وابن ماجه ح
رقم (2580) بإسناد صحيح . ([5])
أبو داود، ح رقم (4771)، والترمذي،
ح رقم (1420) وقال : (حسن صحيح) . ([6])
رواه أحمد في المسند 1/184 ،
والطبراني في الأوسط كما في
مجمع البحرين 5/145، وقال الهيثمي
في مجمع الزوائد 6/244 باب فيمن
قاتل دون حقه: رجال أحمد رجال
الصحيح ، إلا أن أبا بكر ابن حفص
لم يسمع من سعد)- وصححه الألباني
في الصحيحة رقم 697 وهو كذلك
بشواهده. ([7])
فتح الباري 5/124 . ([8])
انظر حاشية أبي داود 5/128 . ([9])
البخاري مع الفتح 3/317 ح 1454 . ([10])
المصدر السابق 3/319 . ([11])
المحلى 11/309 . ([12])
رواه مسلم ح رقم (50) ، وأحمد في
المسند 1/458 و461 – 461 مختصرًا ،
وأبو عوانة في مستخرجه على مسلم
1/36 ، وابن حبان في صحيحه ح رقم
(6194) ، والطبراني في الكبير ح رقم
(9784)، وابن منده في الإيمان رقم
(184) قال ابن منده :( هذا حديث صحيح
تركه البخاري ولا علة له ، ورواه
عبد الله بن الحارث الجمحي عن
سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي
هريرة نحوه). ([13])
سير أعلام 11/166 . ([14])
سير الأعلام 11/168 . ([15])
البداية والنهاية 10/317 – 319 . ([16])
الفتاوى 6/116 . ([17])
الفتاوى 6/116 . ___________ المصدر : موقع د. حاكم المطيري -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |