ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 15/05/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


انعكاسات استخدام أسلحة الدمار الشامل

 على العالم الإسلامي

المنشاوي الوردانى*

إن أخطر ما يواجه  العالم اليوم هو انتشار ما يسمى بأسلحة الدمار الشامل ، اذ لا تفرق هذه الأسلحة بين مدني وعسكري ولا بين رجل أو أمراه ، ولقد اتجه العسكريون إلى هذا النوع من الأسلحة منذ زمن بعيد ، ففي عام 1763 م أمر قائد أمريكي برمى بطانيات كانت تستخدم في  مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر ؛ بهدف نشر المرض بينهم ، مما أدى إلى انتشار الوباء الذي نتج عنه موت الملايين ، ونتج عن ذلك شبه فناء للسكان الأصليين في القارة الأمريكية . إنها حرب جرثومية بكل ما في الكلمة من معنى ، فكانت هذه الحادثة هي أول وأكبر استخدام لأسلحة الدمار الشامل ضد الهنود الحمر .

وفى إحدى المعارك قتلت أمريكا فيها خلال ثلاثة أيام فقط 45,000 ألف من الأفريقيين السود ، مابين قتيل وجريح ومفقود وأسير . وأمريكا أكثر من استخدام أسلحة الدمار الشامل ، فقد استخدمت الأسلحة الكيماوية في الحرب الفيتنامية ، وقتل مئات الآلاف من الفيتناميين وأمريكا أول من استخدم الأسلحة النووية في تاريخ البشرية .

وهناك  من تلك الأسلحة ما هو حديث نسبيا ً وما هو ضارب في جذور التاريخ فقد كان هناك استخدام متعدد للحشرات كأسلحة هجومية بيولوجية بالمفهوم الحديث خلال المائة ألف عام الأخيرة وذلك من خلال استخدام الحشرات أو الحيوانات السامة . وفى العصر الحديث أثناء الحرب العالمية الثانية ضمن برنامج الوحدة اليابانية رقم 731 خططا ً لإنتاج 5 مليارات برغوث كل عام محملة بجراثيم الطاعون لاستخدامها في ميادين القتال . وقد أثرت الحشرات الناقلة للأمراض في العديد من الحروب فى التاريخ الحديث بما فى ذلك حملات نابليون بونابرت وفى حرب الاستقلال الأمريكية حيث مات ثلثا الخمسمائة جندي من عدد من الأمراض المنقولة بالحشرات كالملاريا والحمى الصفراء وكذلك أثناء الحرب العالمية الأولى أدت الغارات الألمانية إلى خسائر بلغت 181000 شخص مات منهم 6110 شخص . (1)

وفى ظل وجود هذه الأسلحة يعد حماية المدنيين أمر عسير جدا ً ، خاصة بعد أن أصبحت بعض الجماعات تملك أسلحة الدمار الشامل ، كما  يشاع في بعض التقارير

الحرب المشروعة

في الإسلام الحرب المشروعة هي التي تكون دفاعا عن النفس ، وردا ً لعدوان غاشم ، وهذا النوع من الحرب يسمى الجهاد ، بل هو جهاد مقدس تحت مظلة الدين ، فالله تعالى يقول :

".. فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .. " (البقرة /194)

والملاحظ في الآية تقييد رد الاعتداء بالقدر اللازم ، وذلك دون مجاوزة أو تنكيل .

ومن الحرب المشروعة القتال لحماية حق ثابت شرعا ً للدولة انتهكته دولة أخرى ، وهذا هو الجزاء  الذي تحمى به الحقوق . فإن خرجت عن هذا الإطار فهي غير مشروعة

استعمال أسلحة الدمار الشامل تعد حربا ً غير مشروعة:

حيث يقصد بها التدمير والفتك والتخريب دون مبرر أو سبب ، ولا تفرق بين مقاتل أو مسالم ، إنما هي حرب بقصد الرغبة في السيطرة ، وبسط السلطان ، ووضع اليد و انتهاب خيرات البلاد

ومن ثم يفرق العلماء بين الحربين .. ويصفون المشروعة بالعادلة ، ويصفون الأخرى بأنها غير عادلة ، ويجيزون الأولى ويحرمون الثانية .

ويتحدث ابن خلدون عن هذا في مقدمته فيقول : إن الحرب لم تزل واقعة منذ أن بدأ الله الخلق ، وهذا هو أمر طبيعي في البشر لا تخلو منه أمة من الأمم ، ولا جيل من الأجيال ، وترجع هذه الحرب في الأكثر إما إلى غيرة ومنافسة ، وإما إلى عدوان وبغى ، وإما إلى غضب لله ورسوله ودينه ، وإما إلى غضب للملك .

فالأول : أكثر ما يجرى بين القبائل المتجاورة ، والعشائر المتناظرة .

والثاني : وهو العدوان أكثر ما يكون بين الأمم الوحشية ، كالعرب في جاهليتهم  ، والتركمان والأكراد والتتار وأشباههم لأنهم جعلوا أرزاقهم تحت رماحهم ومعاشهم بأيدي غيرهم ، ومن دافعهم عن متاعه آذنوه بالحرب ، ولا رغبة لهم فيما وراء ذلك من رتبة ولا ملك " (2)

وفى العصر الراهن ، تجد الحرب الطاغية دون سبب ، وتجد الاحتلال الغاشم المدمر ، والوسائل غير المشروعة التي ترتكبها بعض الدول ؛ تحت اسم حقوق الإنسان زورا ً وإثما وبهتانا ً ، وبالتالي يفقدون الناس الأمن والاستقرار والاطمئنان الذي يشعرون به ، وإذا ما وقفت أمامهم عوائق من قانون ، أو قرار مجلس أمن ؛ فإنهم يلجئون إلى الحيل الخداعة ، والوسائل الوقحة حتى يصلو إلى ما يريدون من أقرب طريق ، بحيث لا يقف القانون الوضعي أمامهم حجر عثرة في الوصول إلى أهدافهم ، ويتوهمون خطأ أنهم بهذا يحاولون القضاء على الإرهاب ، ونشر الأمن والسلام ، وكذبوا ، فإنهم يريدون خيرات ومغانم البلاد التي يحتلونها ، وليس أدل على ذلك مما يحدث الآن في الحرب من قبل  إسرائيل العنصرية على فلسطين العربية ، وفى الحرب من قبل أمريكا ضد العراق .. (3) والمتتبع للحروب غير المشروعة يشعر بأنها كانت بمثابة الدمار التام والقضاء على أمن الناس وأمانهم ، بداية من الحروب الصليبية وما قبلها ومرورا ً بالحربين العالميتين وانتهاء بحرب فلسطين والعراق ، كل ذلك مما يزيد القلب حسرة وألما.

رحمة للعالمين :

في ظل وحشية العالم المتسلط من خلال الأنظمة أو الجماعات التي سعت لامتلاك أسلحة الدمار الشامل نجد طيفا ً من النور يضيء ظلمات الجهل بالخلق الأمثل للتعامل بين بني البشر من خلال التأكيد بالقول القرآن للنبي الخاتم ( صلى الله عليه وسلم) .

"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (الأنبياء/107) .. وهذا البيان القرآني المضيء لا يختص بمكان دون مكان ولا زمان دون زمان بل هو بيان للناس في عالم استشرى الوحشية والقتل والتدمير والفتك بالبشرية ليؤكد أن الإسلام دين الرحمة .. وأن الحروب كانت في الإسلام من أنقى الحروب وكانت حربا ً مشروعا ً عند كل العقلاء من بني البشر من جميع الجهات :

1 – من ناحية الهدف

2 - من ناحية الأسلوب

3 – من ناحية الشروط

4 – من ناحية الإنهاء والإيقاف

5 – من ناحية الآثار أو ما يترتب على هذه الحرب من نتائج وهذا الأمر واضح تمام الوضوح في جانبي التنظير والتطبيق في دين الإسلام وعند المسلمين .

وإننا لنذكر الناس بشهادة غربية لكاتب غربي كبير هو ( توماس كار ليل ) حيث قال في كتابه " الأبطال وعبادة البطولة " .

إن اتهامه _ أي سيدنا محمد" صلى الله عليه وسلم" – بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر سيفه ليقتل به الناس ، أو يستجيبوا له ، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين ، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها " .(4)

انعكاسات الحرب غير الشرعية واستخدام أسلحة الدمار الشامل  

لا يخفى على العاقل الآثار السلبية للاستخدام غير المسئول لأسلحة الدمار الشامل والدخول في حرب غير شرعية وتتمثل هذه الآثار سلبا ً في عدد من الانعكاسات النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية .

ففي المجال النفسي .. ما يلي

1 – انعدام الأمن والقضاء عليه تماما ً

2 – خلقت الحرب غير المشروعة هذه أنواعا ً كثيرة من الأمراض النفسية القاتلة ، والنظرة السوداء للحياة والأحياء بسبب حروب أفسدت الحرث والنسل وأتت على الأخضر واليابس فأهلكته

وفى المجال الاجتماعي .. ما يلي

1 – هلاك النوع الإنساني / حيث التقتيل والتشريد والتخريب والاضطراب وإزهاق للأرواح بالآلاف بل قد يعد بالملايين منهم الأطفال والشباب والنساء والشيوخ .. وما مذابح فلسطين والعراق عنا ببعيد .

2 – تمزيق أواصر المودة بين المجتمعات ، بل بين المجتمع الواحد ، وهذا هو الهدف الذي تسعى إليه دول الاستعمار عموما ً ، تفتيت الوحدة المتكاملة للجانب الإسلامي بخاصة ، وللجانب الدولي بعامة " فالاستعمار الغربي هدفه تفتيت التماسك الإسلامي للمسلمين ، وتشتيت تراثهم ، ونهب ديارهم بحيث أصبح يجسم عليهم كسحابة سوداء ، من البغضاء والكراهية ، يريدون تقطيع الأواصر ، وزرع الأحقاد " (5)

3 – الإفساد الأخلاقي وبث عوامل الانحلال بين أفراد المجتمع .

4 – هدم صرح الأسرة وهى النواة الأولى للمجتمع .

وفى المجال السياسي .. ما يلي

1 – تعطيل التمثيل السياسي الدبلوماسي ، وترك السفارة في الدولة التي تمت محاربتها .

2 – إنهاء مفعول المعاهدات ، أو عدم صلاحيتها ، بعد نشوب الحرب بين الطرفين

3 – قطع الاتصالات المباشرة وغير المباشرة بين الدولتين المتحاربتين والمتنازعتين.(6)

ومن الآثار الاقتصادية .. ما يلي

1 – الاستيلاء على الأموال كالسيارات وأدوات النقل وغيرها ، وكل ما من شأنه أن يشكل اقتصادا ً قوميا ً ، أو يساعد على الأقل في الاقتصاد .

2 – الاستيلاء على خيرات البلاد من خلال ما تنتجه الأرض أو الأيدي العاملة .

3 – فرض الضرائب والإتاوات وإرهاق الناس بما لا يطيقون ناهيك عن الذل والاحتقار والفوضى والاضطراب .

وتتمثل الآثار الثقافية  في خطورة الغزو الفكري حيث هو اليد الخفية التي تعمل وتحرك العقول بالتزييف والتزوير وأنتج الغزو  الفكري كثيرا ًمن الآثار الضارة على عقول أبنائنا .

(   هوامش  )

1 – الدفاع في العمق ضد الاستعمال الإرهابي لأسلحة الدمار الشامل ، د/ محمود بركات ، هيئة الطاقة الذرية ، مصر

وانظر أوراق عمل مؤتمر (أسلحة الدمار الشامل والاستخدام المسئول للتكنولوجيا ) ، المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية 26/11/2008 ، القاهرة .

2 – انظر مقدمة ابن خلدون ( ص170- 179 ) ط الأعلمى/ بيروت .

3 – الضوابط الشرعية لاستخدام أسلحة الدمار الشامل ، د/ سالم عبد الجليل _ عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة ، ص12

4 – حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ، ص166 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب .

5 – انظر الإسلام والقوى المعادية ، د . نجيب الكيلانى ص144، مؤسسة الرسالة ، بيروت 1407 هـ / 1987 م .

6 – الشريعة الإسلامية والقانون الدولي العام ، المستشار : على منصور ص 312،313 .

ــــــــــــــ

*مترجم بالتليفزيون المصري

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ