ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 16/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

(15)

د. محمد سعيد حوى

هل دية المرأة نصف دية الرجل؟

من الأحاديث التي تستوقف الباحثين ما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دية المرأة نصف دية الرجل". فالحديث روي مرفوعاً وموقوفاً عن عدد من الصحابة والذي يهمنا من هذا الحديث الرواية المرفوعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالحديث أخرجه البيهقي 8/95 من طريق بكر بن خنيس عن عبادة بن نُسي عن عبدالرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دية المرأة على النصف من دية الرجل.

قال البيهقي: وروي ذلك من وجه آخر عن عبادة عن نسي وفيه ضعف, ا.هـ.

وبكر بن خنيس راوي الحديث, قال فيه يحيى بن معين: صالح لا بأس به الا انه يروى عن ضعفاء, وقال: ليس بشيء وقال الدارقطني: متروك وبالجملة فهو شديد الضعف (تهذيب الكمال رقم 743).

وقد وهم بعض المصنفين فنسب الحديث الى كتاب عمرو بن حزم وليس صحيحاً قال ابن حجر في تلخيص الحبير 4/34 هذه الجملة ليست في حديث عمرو بن حزم الطويل, وانما اخرجها البيهقي من حديث معاذ وقال: اسناده لا يثبت مثله.

وغاية ما يعتمد عليه اذن في هذا الباب ما ورد عن بعض الصحابة.

والفقهاء يقولون: ان ذلك اشتهر عن عمر وعثمان وعلي, وابن مسعود وابن عمر وابن عباس.

قال ابن حجر: اما اثر عمر فرواه سعيد بن منصور عن هشيم اخبرني مغيرة عن ابراهيم النخعي قال: كان فيما جاء به عروة البارقي الى شريح من عند عمر ان جراح الرجال والنساء سواء في السن والموضحة وما فوق ذلك فدية المرأة على النصف من دية الرجل ورواه البيهقي من حديث سفيان عن جابر عن الشعبي عن شريح قال: كتب الي عمر اقول: واضح ان هذا هو الكتاب الذي جاء به عروة البارقي الى شريح.

وعروة البارقي له صحبة لكن لم يرو إلا ثلاثة أحاديث كما في تهذيب الكمال (20/6).

ثم قال ابن حجر: واما اثر عثمان فلم اجده واما اثر علي: فقال سعيد بن منصور اخبرنا هشيم عن زكريا وغيره عن الشعبي ان علياً كان يقول: جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل او كثر.

اقول: هذا الأثر منقطع لا تثبت به الحجة, وذكر ابن حجر اسناداً آخر من طريق الشافعي بسنده عن ابراهيم النخعي عن علي قال: "عقل المرأة على النصف من عقل الرجل"..

اقول: وهذا اسناد منقطع ايضاً ابراهيم وهو النخعي لم يدرك علياً ولد بعد وفاته بأمد.

اقول: وروي هذا المعنى (دية المرأة على النصف من دية الرجل فيما اخرجه الشافعي (1457) والبيهقي (8/76).

عن ابن شهاب ومكحول وعطاء قالوا: ادركنا الناس على ان دية الحر المسلم على عهد رسول الله مائة من الابل فقوّم عمر تلك الدية على اهل القرى الف دينار او اثني عشر الف درهم, ودية الحرة المسلمة اذا كانت من اهل القرى خمسمائة دينار او ستة الاف".

اقول: وهذا الاثر من رواية مسلم بن خالد الزنجي: قال فيه علي بن الحديثي: ليس بشيء وقال البخاري: منكر الحديث, والاكثرون على تضعيفه بل شدة ضعفه (تهذيب الكمال 27/115).

وقال في تلخيص الحبير واما اثر ابن عمر وابن عباس فلم اجدهما.

وينظر فيما سبق نصب الراية 4/363 وتلخيص الحبير 4/34.

فاذا تأملنا كل ما سبق يتبين لنا انه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الامر شيء.

واما الصحابة لم يثبت عن علي ولا عثمان ولا ابن عمر ولا ابن عباس واما عمر فلم يرو عنه بسند صحيح الا من خلال ما نقله عروة البارقي وكذا ما نقله النخعي عن ابن مسعود.

فالقضية لا تعدو ان تكون اجتهاداً من بعض الصحابة رضوان الله عليهم (هذا ان ثبت عن عمر وابن مسعود) وعندها تكون القضية محل اجتهاد اذا لم يثبت شيء خاص فلم لا نرجع الى القرآن في هذا الأمر, الذي لم يفرق بين الذكر والانثى وجاء النص عاماً في ذلك, اذ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ولو ثبت شيء لرفعناه على الرأس وسلمنا له تسليما.

ذلك ان امر الدية من المقدرات الشرعية التي لا تؤخذ بالاجتهاد مع وجود النص, ولا يقاس الامر على الميراث والشهادة لاختلاف العلة والحكمة, فاحوال الميراث  متغيره وقد ترث المرأة في بعض الاحوال اكثر من الرجل, ولاختلاف الواجبات على كل منهما .

لقد حاول من قبل الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – ان يثير هذه المسألة فتعرض لنقد شديد لاذع ومن هذا: قول الالباني – رحمه الله – في كتاب تحريم آلات الطرب ص 24: فان الغزالي نهى في التمسك بعموم القرآن ولو كان مخصصاً بالاحاديث النبوية, والامثلة على ذلك كثيرة منها ما تقدم قريباً من انكاره على كافة العلماء محدثين وفقهاء جعلهم دية المرأة على النصف من دية الرجل, ونسبهم الى مخالفتهم لظاهر الكتاب يعني قوله تعالى: "النفس بالنفس" ا.هـ.

اقول: لو ثبتت هذه الاحاديث التي اشار اليها الشيخ الالباني – رحمه الله – لكان الكلام متجهاً, لكنها لم تثبت.

وصحيح ان جمهور الفقهاء على ذلك لكننا نجد من الفقهاء المتقدمين من خالف في هذا الاجتهاد (المغني 9/532-533).

فالاوْلى اذن الاخذ بما جاء في عموم القرآن ما لم يرد شيء مرفوع يخصصه, ونقدر للفقهاء اجتهادهم..

 

اذ لا يستطيع الصحابة ولا احد من الفقهاء ان يجتهد في تخصيص علوم القرآن الا بنص كما ان التخصيص بالقياس يحتاج الى نص.

فليس اجتهادهم هنا بالضرورة هو الأولى بالاتباع خاصة ان الامر متعلق بالمقدرات الشرعية, واذا كانت القضية امراً اجتهادياً على القياس فما المانع ان يكون هناك اجتهاد آخر مبني على التمسك بعموم القرآن.

ومن هنا, نستطيع ان نقرر قاعدة مهمة في التعامل مع السنة النبوية وهي انه لا يخصص عموم القرآن الا ما جاء صحيحاً صريح الدلالة عن رسول الله سالماً من العلل والمطاعن.

كما جاء في تخصيص حد الجلد الوراد في القرآن بغير المحصن, لصحة واشتهار الاحاديث في ذلك.

وسنزيد هذه القاعدة ايضاحاً إن شاء الله.

يتبع..

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ