ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (37) د.
محمد سعيد حوى القاعدة
الثانية عشرة: من شروط الاحتجاج
بالحديث التأكد من استيفائه
شروط الصحة كاملة ومن اهمها
انتفاء العلل من كل وجه:. تمهيد:. اجدني
مضطراً بين الحين والآخر – اذ
ربما لا يتابع بعض القراء
الاعزاء كل المقالات – اجدني
مضطراً للتأكيد على بعض
البدهيات او التذكير بها. فان
اجماع الأمة منعقد بجميع مللها
على حجية السنة النبوية، وانها
المصدر الثاني من مصادر التشريع
ومن يدّعي الاستغناء عن السنة,
فهو يرفض اوامر القرآن ذاته "اطيعوا
الله واطيعوا الرسول" وهو
يهدم كثيراً من تشريعات الاسلام,
فان تفصيلات الصلاة والزكاة
والبيوع لم ترد الا في السنة. لكن
الاجتهاد انما يقع في ثبوت النص
عن رسول الله، اذ هي في معظمها
ثابتة بدلالة ظنية (أي ليست
متواترة) او يقع الاجتهاد في
الفهم. ومن
هنا، يتعدد الاجتهاد وما دام
هذا الاجتهاد صادراً عن اصحاب
الاختصاص وليس مبنياً على الهوى
والتشهي فان صاحبه بين اجرين،
كما قد يقع الاجتهاد عند بعضهم
في شروط الاحتجاج بالحديث
وقواعد النقد. ومن ثم,
فان ما هو قطعي في الشريعة دلالة
وثبوتاً يبقى محدوداً وهذا جزء
من حكمة التشريع ليسع الزمان
والمكان، وليتحقق معنى التيسير,
ومعنى ابتلاء الامة بالبحث عن
الحق, والبعد عن الهوى. ومن
هنا، وجب ان يتسع صدر بعضنا
لبعض، وان نحسن الظن ببعضنا وان
يعذر بعضنا بعضاً في هذه الامور
الاجتهادية المحتملة. ومما
ينبغي التذكير به مما نحن بصدده:
من شروط الاحتجاج بالحديث
استيفاء جميع شروط الصحة. وشروط
الحديث الصحيح معلومة عند
علمائنا وهي:. 1-
ان يتصف راوته بالضبط التام
او ما يقوم مقامه من تعدد الطرق (اعتضاد
الحديث). 2-
وان يتصف رواته جميعاً
بالعدالة ولها تفصيلات عند
المحدثين. 3-
الاتصال في جميع طبقات
السند. 4-
انتفاء العلل والشذوذ (والشذوذ
احد انواع العلل). وجميع
المحدثين متفقون على هذه
الشروط، لكن الذي يحدث ان يختلف
العلماء في تحقق حديث ما بشرط من
هذه الشروط. فتجدهم
قد يختلفون هل هذا الراوي ضبطه
تام، واذا كان في ضبطه خلل هل
قام ما يسد سد هذا النقص في
الضبط ويجده، ام لم يقم. وربما
اختلفوا في بعض تفصيلات احكام
العدالة، فمع اتفاقهم على وجوب
تحقق الصدق التام فربما,
اختلفوا في شأن المبتدع وما حكم
روايته بل وربما، اختلفوا في
وجود هذه البدعة في راو ما,
وربما اختلفوا هل هذا القول
بدعة ام لا، ومن هنا تجد
احتمالات تنوع الاجتهادات. واتفقوا
على وجوب الاتصال بين رواة
السند في جميع طبقاته، لكن يقع
الاختلاف في بعض التفصيلات
فمثلاً اذا قال الراوي حدثنا
فلان فانه يحمل على الاتصال ما
لم يثبت العكس، كأن يكونا في
عصرين مختلفين او كان هناك وهم
من بعض الرواة. ولكن
اذا قال الراوي عن فلان فهل قوله
عن فلان تحمل على الاتصال,
فجمهور العلماء انه لا بد من
شروط حتى تحمل عن على الاتصال. ثم
اختلفوا في هذه الشروط او بعضها
واختلفوا في نسبة بعض الشروط
الى بعض العلماء. وكلها
مسائل البحث فيها طويل جداً،
والاختلاف واسع جداً, وعندئذ
فقطعاً سيقع اختلاف بين اهل
العلم في توافر شروط الصحة في
حديث ما من الاحاديث. اما
الشرط الاخر من شروط صحة الحديث
فموضوع انتفاء العلل من كل وجه،
وموضوع العلل بحث عريض طويل،
وله مؤلفات مطولة، ولكن وبايجاز
شديد يقصد من العلل تلك الاخطاء
التي يقع فيها بعض الرواة ولا
تظهر للوهلة الاولى او تكون
خفية او لا يتنبه اليها بعض
النقاد حتى يظن ان الحديث صحيح،
ثم بعد البحث والتفتيش يكتشف
خطأ ما قد وقع فيه بعض الرواة. ومن
انواع هذه العلل:. ان تجد
حديثاً منسوباً الى رسول الله
بسند ظاهره الصحة ثم بعد
استيفاء تخريج الحديث من جميع
طرقه يتبين لك ان اكثر الرواة
جعلوه من كلام الصحابي وليس من
كلام رسول الله, وهذا ما يسميه
العلماء تعارض الرفع والوقف،
فمن لم يحسن البحث ويستكمل
التخريج ووقف على الطريق الذي
رفع الحديث الى رسول الله يظنه
صحيحاً وليس الأمر كذلك. ومن
انواع العلل تعارض الوصل
والارسال. أي ان
يروي تابعي حديثاً عن رسول الله
ثم يأتي الحديث ذاته متصلاً
بذكر واسطة بين التابعي والنبي (ص)
بينما هو منقطع في حقيقته. او ان
يزيد بعض الرواة الفاظاً في
النص, لكننا اذا بحثنا في طرق
الحديث الاخرى لا نجد هذا اللفظ,
ونجد ان من لم يرو هذه الزيادات
اوثق فضلاً عن ان يكون في المتن (متن
الحديث) ما يخالف ظاهره. القرآن
او السنة ذاتها او العقل الصريح
او التاريخ او الواقع مما يقتضي
وقوع وهم ما، وهنا قد تختلف
انظار العلماء في التعامل مع
هذا التعارض. فمنهم
من يلجأ الى التوفيق والجمع
ومنهم من لا يرى هذا الاسلوب
فيلجأ الى الترجيح او البحث عن
الناسخ والمنسوخ. وهذه
نماذج محدودة جداً من انواع
العلل التي قد تقع في الروايات,
بل ان بعض الرواة قد يكون ثقة
جداً, لكن اذا حدث عن غير اهل
بلده يكون ضعيفاً او يخطئ. واذا
كان الامر كذلك، فمن هنا ليس
غريباً ان تجد ان انظار العلماء
تختلف في الحكم على حديث من
الاحاديث. ومن هنا
كان واجباً على طلبة العلم ان
تتسع صدورهم للاختلاف وتعدد
وجهات النظر. كما كان
من اهم الواجبات انه لا يجوز ان
نحكم على حديث ما بالصحة الا بعد
التأكد من استيفاء الحديث لجميع
شروط الصحة وانتفاء جميع العلل
المؤثرة. ومع ان
جميع العلماء متفقون على هذه
القاعدة نظرياً فثمة اختلافات
كثيرة في التفاصيل والتطبيق اذ
تجد من يتساهل في بعض الشروط
فيزعم ان الارسال (رواية
التابعي عن رسول الله) لا تضر
احياناً, او يزعم ان قليل
التدليس (الانقطاع الخفي لا يضر,
او يزعم ان خلل الضبط اليسير لا
يضر. ولكن
ومع ذلك, فان من اهم الاشكالات
التي نواجهها في الحكم على
الحديث صحة وضعفاً هو عدم
التحقق من انتفاء العلل او
التساهل في التعامل معها او
ادعاء انها لا تضر. او تجد
البعض يقف على العلة ثم يحاول ان
يدفعها بما لا يدفع او ينفي
وجودها او ربما يصحح حديثاً من
غير بحث كاف, فاذا جاء من بعد
لينبه على علة ما في الحديث قيل
له وهل انت اعلم ممن سبقك. ثم
بعضهم ربما يرى العلة امامه ثم
يصر على عدم اعتبارها علة, فاذا
جاء باحث آخر ليبين ان في الحديث
علة تمنع من الاحتجاج به واجهه
المخالفون بالنقد اللاذع
والاتهام بعدم الفهم وبالجهل. فكل ذلك
من المشكلات الحقيقية التي
تواجهنا في التصحيح والتضعيف.
ومن هنا, كان واجباً عليّ ان
اركز على هذه القاعدة، وان أضرب
العديد من الامثلة التطبيقية
لعل فيها تنويراً لطلبة العلم,
وهذا ما سنتحدث عنه ان شاء الله. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |