ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 18/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


منهجية التعامل مع السنة النبوية

- 45 -

د. محمد سعيد حوى

القاعدة الرابعة عشرة:.

لا يحتج بالحديث الحسن الا بعد الاختبار الدقيق والوقوف على قرائن ترجح ثبوته.

وهذه القضية من المشكلات الاساسية التي واجهت نقاد الحديث وكيف نتعامل مع الحديث؟.

لقد درج علماء الحديث الاوائل على نقد الحديث، فاما مقبول (صحيح) واما مردود (ضعيف) او ما دونه. وكان لدى علمائنا السابقين من سعة الاطلاع وقوة النقد ان يحكموا على الحديث حكماً مميزاً فاما صحيح واما ضعيف ولم يكن مصطلح الحديث الحسن شائعاً عندهم, بل في الحالات النادرة التي استخدم بها البخاري او علي بن المديني مصطلح حسن وحدناها بالتأمل والاستقراء والتتبع تعني الضعف ثم جاء الامام الترمذي فكان من اول من طرح مصطلح حسن، ولكن لم يرد به ما استقر عند المتأخرين, بل اراد ذلك الحديث الذي لا يكون راويه متهماً ويروى من غير وجه ولا يكون شاذاً.

وظن بعض اهلم العلم انه يقصد ما عرف فيما بعد (بالحسن لغيره) والصواب كما مر معنا انه اراد به الحديث الضعيف الذي لم يرتق الى الاحتجاج لكنه يمكن ان يعتبر به اذا وجد ما يقويه (تحت دائرة البحث والاختبار).

وكان قريباً من هذا مصطلح (صالح) عند ابي داود الذي قال في رسالته في رصف سننه "وما سكت عنه فهو صالح" ليتبين ان معظم سنته قد سكت عنه, وما تكلم الا على نحو من اربعين حديثاً شديدة الضعف او ظاهرة العلل، فاشتمل قوله صالح على كثير من الاحاديث الضعيفة.

ثم اخذ العلماء يحاولون ان يميزوا بين الضعيف والصحيح باقرار مصطلح ورتبة الحسن مع شدة اختلافهم في ضبط هذا المصطلح وسبب اختلافهم في ضبط هذا المصطلح لماذا نشأ اصلاً, ثم كان الاشكال الاكبر كيف نجعله في مرتبة الصحيح ونتعامل معه على هذا الاساس. اذ لو كان صحيحاً لماذا لا نسميه صحيحاً؟.

 

سبب نشأة مصطلح الحسن:.

لما كان علماؤنا السابقون من سعة الاطلاع وقوة النقد والقرب بالقاعدة المعلوماتية للنقد امكنهم ان يحكموا على اكثر الاحاديث صحة او ضعفاً، وبقي جملة كبيرة من الاحاديث لم يتكلموا فيها (وهذا امر طبيعي) فلما جاء جيل الترمذي فمن بعدهم اخذوا يغربلون كثيراً من هذه الاحاديث فاستطاعوا ايضاً ان يصنفوا كثيراً منها الى صحيح وضعيف ثم وقفوا امام جملة منها لم يترجح لديهم صحتها وفي الوقت ذاته لم يروا ان يلحقوها بالضعيف فكان ان رأوا حلاً وسطاً ان يطلق عليها حسن؟ لماذا؟.

ذلك ان راوي الحديث الحسن ممن روى جملة من الحديث (قلت او كثرت) فشارك الثقات في نحو 80% وانفرد في نحو 20% ثم فتشت رواياته التي شارك فيها الثقات فوجد انه قد ضبط في 70% واخطأ في 30%, فما اصاب فيه الحق بالصحيح وما اخطأ فيه الحق بالضعيف لكن بقي نحو من 20% من مجمل حديثه قد انفرد به فلا بد ان فيه نسبة من الصحيح ونسبة من الضعيف لكنها غير متميزة لانفراد بها (وهذا النسب تقريبية والا قد يكون روى الراوي الذي نصف حديثه بالحسن عشرين حديثاً شارك الثقات في خمسة منها فأصاب في اربعة واخطأ في واحد فاذن قد انفرد بـ 15 حديثاً فلا بد في هذه الـ 15 حديثاً عدد من الاحاديث فيها خطأ ما مع العلم ان انفراد من رتبته حسن علة في حد ذاتها – كما سنرى).

فاذ لم تتميز روايات هذا الراوي مع علمهم بصدقه وعدالته وجود نسبة جيدة من الصواب عنده اطلقوا على الراوي رتبة صدوق وعلى حديثه رتبة حسن.

والى هنا قد يكون الامر منطقياً جداً, لكن الاشكال الكبير كيف نتعامل مع هذه الروايات التي انفرد بها الراوي الصدوق فضلاً عن ضبط مفهوم الحسن.

لقد اراد الخطابي ان يعرف الحسن فقال ما عرف مخرجه اشتهر رجاله وعليه مدار اكثر الحديث وهو الذي يقبله اكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء.

وواضح ان هذا التعريف فيه من العمومية والتداخل مع الضعيف والصحيح الشيء الثكير ثم جاء ابن الصلاح فقال: الحديث الذي لا يخلو رجاله من مستور لم تتحق اهليته غير انه ليس مقفلاً كثير الخطأ ولا متهماً بالكذب – وقد روي من وجه آخر نحوه – وهو الحسن لغيره -.

او ان يكون راويه من المشهورين بالصدق والامانة غير انه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والاتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من بعد ما ينفرد به منكراً – فهو الحسن لذاته (علوم الحديث ص 30-34) والاشكالات هنا:.

ما ضابط الشهرة والامانة وما ضابط نزوله عن جردة رجال الصحيح وهل عندما يأتي علماؤنا اليوم ليحكموا على حديث بأنه حسن هل يتحققون من كون الراوي مشهوراً ومرتفعاً حاله عمن يعد تفرده منكراً والاشكال الاهم كيف نجعل الحسن في مرتبة الصحيح عند التعامل.

ان تأمل منهج علمائنا الاسبقين يجعلنا نرجح انهم ما كانوا يعاملون الحسن معاملة الصحيح بل لا بد من مرجحات تجعلهم يأخذون به او يردونه والا كان لا بد من التوقف لانه كما رأينا فان الصدوق راوي الحسن لديه جملة من الاحاديث غير متميزة ولا بد فيها خطأ.

 

امثلة لمنهج علمائنا.

ولنضرب امثلة تؤكد ان العلماء السابقين ما كانوا يقبلون الحسن مطلقاً او يحتجون به على الدوام.

فمثلاً عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص ممن ينزل منزلة الصدوق وحديثه حسن, وقد روى جملة من الاحاديث تفرد بها عن ابيه عن جده (اختلفوا من المقصود بجده هل هو محمد او جد ابيه عبدالله).

من الاحاديث التي رواها عمرو بن شعيب "من ولي مال يتيماً له مال فليتجر به, ولا يتركه حتى تأكله الصدقة" رواه الترمذي. وقد رجح عدد من نقاد الحديث العمل بهذا الحديث (خلافاً للحنفية) مع ان كل من روى الحديث عن عمرو فضعف او مضعف جداً.

لكن رأوا انه له من الشواهد ما يرجح صحة العمل به ولكنهم في الوقت نفسه نظروا في حديث عمرو بن شعيب ان امرأة اتت النبي ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال: "اتعطين زكاة هذا" اخرجه ابو داود والترمذي..

وفي الحديث اثبات زكاة الحلي, (مع ان الرواة عن عمرو ثقات، نجد ان معظم المحدثين قد رفضوا الاحتجاج بهذا الحديث على خلاف الحديث السابق (النظر الفهقي يستدعي عكس ما رجم المحدثون)، فالشاهد هنا انهم ردوا حديث عمرو بن شعيب مع كونه صدوقا.

واذا اردت ان تتبع الاحاديث التي حكم عليها بعض المحدثين بالحسن وجعلوها في مرتبة الصحيح من حيث العمل فتسكتشف اننا عملياً صححنا احاديث صحيحة لا تصح وارهقنا الامة بها وكبلنا الفقه والاجتهاد او الزمنا الناس بأحكام لا تثبت عن الله ولا عن رسوله.

من ذلك:.

1-        حديث "الماء طهور لا ينجسه شيء" .. اخرجه الترمذي.

2-        حديث "من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ" وحسنه الترمذي.

3-        حديث "العين وعاء السَّة, فمن نام فليتوضأ" رواه ابو داود.

4-        حديث "كان بأمرنا اذا كنا في سفر ان لا ننزع خفاً منا ثلاثة ايام ولياليهن.." اخرجه احمد 4/293 والنسائي 1/32 وغيرهم.

5-        حديث "لا صلاة من لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر الله" اخرجه احمد 2/418 وغيره.

6-        حديث  عمرو بن شعيب "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك".. اخرجه الخمس, وصححه الترمذي وغيره بالشواهد.

7-        وكل هذه الاحاديث وما بني عليها من احكام تستحق وقفات مطولة.

والاشكال الاكبر فيها تنزيل الحسن وما تفرد به الصدوق مما يمكن ان يكون اخطأ فيه – تنزيله منزلة الصحيح-.

فكيف يكون الحسن حجة لذاته من غير ان يختبر ويتأكد من صحته.

يتبع بإذن الله

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ