عين
على سورية
2007
ـ 2008
(7)
تقارير عن بناء عسكري سوري
تثير قلق الإسرائيليين
ويثير
هذا التساؤل عن السبب الذي
ينبغي لأجله أن يهتم السيد
أولمرت بإطلاق فكرة اسئتناف
مفاوضات السلام مع سورية. أحد
التفاسير الممكنة هي أن إسرائيل
مهتمة بشكل حقيقي بمخاطر صراع
عسكري مع سورية، وأنها تضع
استعدادها لتسوية متفاوض عليها
على جدول الأعمال بغية تأسيس
أهدافها السلمية. في الأشهر
القليلة الماضية اقتبس كلام
مسؤولين عسكريين إسرائيليين
بشكل منهجي وهم يقولون إنهم
رأوا دليلاً على زيادة كبيرة
بالجنود والمعدات على جانب خطوط
الجولان الحدودية. وقد أشاروا
إلى أن وضع القوات السورية يبدو
دفاعياً، وأنه قد يكون ذا صلة
باهتمامات لحماية سورية من هجوم
تشنه إسرائيل في حالة حدوث هجوم
على إيران بقيادة الولايات
المتحدة، حيث أن سورية تحتفظ مع
إيران بتحالف استراتيجي طويل
الأمد. إن أهمية البعد العسكري
لروابط سورية مع إيران قد تم
التأكيد عليها في أواخر نيسان
عندما قام وفد كبير من مسؤولي
الدفاع السوريين، على رأسهم
الجنرال يحيى سليمان، مدير
التخطيط في الأركان العامة في
القوات المسلحة السورية،
بزيارة استغرقت أسبوعاً إلى
إيران. وقد تمت تغطية الزيارة في
إيران واجتذبت تعليقات كثيرة من
محللين إسرائيليين، والذين
لفتوا الانتباه إلى طول الزيارة
وحجم الوفد. إن من الواضح أن على
إسرائيل أن تأخذ باعتبارها خطر
أن سورية قد تستهل صراعاً في
الجولان، وقد يكون ذلك كجزء من
تحركات يتم تنسيقها مع إيران
لاستباق تحرك عسكري أمريكي
لإيقاف برنامجها النووي. إن
تحركاً كهذا سينفجر في وجه
التفاهم الضمني الذي قد حفظ
الجبهة السوري الإسرائيلية
هادئة منذ 1974 (رغم تصادم القوات
السورية والإسرائيلة في لبنان
عام 1982). إن تفوق إسرائيل النووي
وامتلاكها للأسلحة النووية
بشكل رادعاً فعالاً ضد مهاجمة
سورية لإسرائيل، في الوقت الذي
تستطيع فيه سورية إحداث تدمير
كبير بصواريخها متوسطة المدى
والتي يمكن تحميلها برؤوس حربية
كيميائية في حال حدوث هجوم
إسرائيلي. رغم ذلك، فإن إدراكات
توازن القوى قد تأثرت بالصعوبة
التي واجهت إسرائيل في التعامل
مع حزب الله العام الفائت، وفي
الحقيقة مع عدم قابلية إسرائيل
على إيقاف هجمات صواريخ القسام
من قطاع غزة. وفقاً لتقارير
نشرتها إيلاف، موقع للأخبار
الالكترونية العربية، في 25
حزيران، فإن القيادة العسكرية
السورية قد استفادت من دروس
الحرب اللبنانية العام الفائت
وأعادت ترتيب قواتها لتشتمل على
وحدات صغيرة عديدة، مشابهة لتلك
التي أعيد نشرها من قبل حزب
الله، مع امكانية الوصول إلى
مخزوناتهم الخاصة من الصواريخ
المضادة للدبابات وصواريخ أرض
أرض.
من
الممكن أن تقوم روسيا بتزويد
سورية بالأسلحة:
في نفس
الوقت، فإن هناك عدة تقارير
حديثة عن كميات متزايدة من
الأسلحة يتم إرسالها من روسيا
إلى سورية. وقد ذكرت (الكوميرسنت)
وهي صحيفة أعمال روسية، ذكرت في
19 حزيران أن روسية قد بدأت
بإرسالية تتكون من خمس طائرات
جت ميغ ـ31
اي، وهي طائرة متطورة أكثر
بكثير من أي طائرة موجودة
حالياً في القوات الجوية
السورية، وقد وافقت على تزويد
عدد غير محدد من مقاتلات ميغ ـ 29
ام، ولم تنكر الحكومة الروسية
التقرير، ولكنها وضحت وحسب أن
جميع صفقاتها العسكرية متوافقة
تماماً مع القانون الدولي. وقد
تحدثت الكوميرسنت بداية عن
الخطط المفترضة لروسيا لتقوم
بتزويد سورية بطائرات متقدمة في
أوائل آذار كجزء من تحقيقاتها
حول (موا ايفان سافرونوف)،
مراسلها العسكري الرئيسي، لدى
سقوطه عن شرفة منزله في موسكو في
الثاني من آذار. وقد قالت
الصحيفة أن السيد (سافرونوف) كان
قد كشف عن صفقات جديدة كبرى
لتزويد سورية وإيران بالأسلحة
الروسية عبر بيلاروسيا في معرض
الأسلحة الدفاعية الـ(اي. دي. اي.اكس)
في أبو ظبي الشهر الفائت، ولكنه
أمسك عن نشر القصة بسبب
حساسيتها المفرطة.
ويستمر
التقارب مع الغرب:
في
الوقت الذي تحتفظ فيه بخط قوي في
القضايا اللبنانية، فقد أصرت
الحكومة السورية كذلك في
مساعيها على صعيد التقارب
الديبلوماسي مع الغرب. وقد
اشتملت هذه كذلك لقاء مع وزيرة
الخارجية الأمريكية، رايس، في
مؤتمر أمن العراق في مصر، وتدفق
مستمر من الزيارات من وزراء
الخارجية الأوربيين إلى دمشق.
وكان آخرها وزير الخارجية
الإيطالي، (ماسيمو داليما)،
والذي قال بعد محادثات مع السيد
الأسد في 5 حزيران إن سورية
بإمكانها أن تلعب دوراً
إيجابياً في إحلال الاستقرار في
المنطقة. هناك أيضاً فرصة إعادة
التقويم من قبل فرنسا لمقاربة
عدائيتها غير القابلة للتهدئة
لسورية بعد انتخاب نيكولاس
ساركوزي رئيساً. لقد كان الرئيس
السابق، جاك شيراك، يتمتع
بعلاقة حميمة مع السيد الحريري،
ولم يخف اقتناعه بأن سورية كانت
مسؤولة عن موت رجال الدولة
اللبنانيين. وقد وضح السيد
ساركوزي أنه لا يمكن أن يكون
هناك تساؤل حول رفع فرنسا
لحظرها عن العلاقات رفيعة
المستوى مع سورية تحت الظروف
الحالية، ولكن هناك تقارير عن
صلة بين كلا الجانبين على مستوى
أقل.
السياسة الاقتصادية
يعتمد الموقف السياسي على الشخصيات
الرئيسية في الحقبة الجديدة
لقد
كان هناك ذكر ضئيل للسياسة
الاقتصادية خلال كل من حملة
الانتخابات العامة في نيسان أو
التي تقدمت الانتخابات
الرئاسية في الشهر التالي. إن
توجه سياسة سورية الاقتصادية في
الفترة القادمة سيتم تحديده على
نحو كبير وفق طبيعة أي تعديلات
يقوم بها الرئيس بشار لحكومته
بعد البداية الرسمية لفترته
الجديدة في أواسط تموز. يقوم
الرئيس الأسد برعاية برنامج
للإصلاح التدريجي، يرتكز على
التحول إلى اقتصاد (السوق
الاجتماعية) ولكنه لم يظهر أي
التزام شخصي كبير بتعزيز أهدافه.
الشخصيات الأساسية المشتركة في
تنفيذ البرنامج هم أديب
الميالة، وعبدالله الدردري،
والذي منح مركز نائب رئيس
الوزراء للشؤون الاقتصادية بعد
مؤتمر حزب البعث النصفي في 2005،
والذي وافق على خطته ذات الخمس
سنوات للإصلاح الاقتصادي. لقد
أحدث السيد ميالة، وهو أكاديمي
فرنسي التعليم، تأثيراً قوياً
منذ استلامه القيادة في البنك
المركزي، ولكنه كان مكبوحاً
بقيود استقلالية البنك ومصادره
المالية والبشرية الفقيرة. وقد
أيد صندوق النقد في نتائجه
الابتدائية بعد مشاورات وفق
المادة (5) في وسط أيار، أيد
إمرار التشريع الجديد لتعزيز
قوى البنك المركزي. وقد قام
السيد الدردري كذلك ببعض
التجديدات السياسية الهامة،
خصوصاً عبر تحديث قوانين
الاستثمار السورية في نهاية عام
2006. رغم ذلك، ماتزال هناك تحديات
كبرى أمامه، وخصوصاً تنفيذ خططه
لفرض ضريبة القيمة المضافة (الفات)،
والدفع من أجل تخفيضات في دعم
سعر النفط وتنفيذ إصلاحات في
القطاع العام. إن تشكيل الحكومة
الجديدة سيوفر مؤشرات فيما لو
كانت مناصرة السيد الأسد
للإصلاح الاقتصادي ستكون ذات
قوى سياسية فعالة بحيث يمكن
تنفيذها في مراحل البرنامج
التالية. إن الصعوبة الأساسية
التي يواجهونها (على افتراض
أنهم سيبقون في مراكز هامة) هي
أنهم لن يكون عليهم وحسب كسر
عطالة البيروقراطية البعثية،
بل سيكون عليهم كذلك مواجهة قوى
احتكارية قوية في داخل جهاز
الدولة الأمني والدائرة
الداخلية لعائلة الأسد.
وزير
المالية قد اتخذ موقفاً
إصلاحياً كذلك:
إلى
جانب السيد ميالة والسيد
الدردري، فإن وزير المالية محمد
الحسين، قد بدأ دوراً هاماً
كذلك في الإصلاح الاقتصادي.
وتشتمل انجازاته الرئيسية على
تخفيض معدلات ضرائب الأعمال
والأفراد عبر الثلاث سنوات
الماضية، مما يبسط نظام جمع
الضرائب ويدفع إلى تخفيضات
كبيرة في تعرفات الاستيراد. رغم
ذلك، فإن السيد حسين قد تبنى
مقاربات أكثر حذراً تجاه
الإصلاح الاقتصادي من السيد
دردري وحاكم البنك المركزي، وقد
كانت هناك مؤخراً مؤشرات نزاع
حول قضايا (الفات) وقطاع الإشراف
البنكي. في نهاية أبريل، اقتبس
السيد حسين من قبل الثورة، وهي
صحيفة تابعة للحكومة وهو يقول
إن (الفات) لن تفرض خلال سنة 2008،
بسبب الحاجة إلى مزيد من الوقت
لتجهيز المناخ لتنفيذها،
وللحصول على فهم أفضل لآثارها
المترجحة و(لزيادة الوعي بين
رجال الأعمال والمستهلكين). إن
فرض (الفات) في عام 2008 كان واحداً
من البنود الرئيسية
لاستراتيجية السيد الدردري كما
هو محدد في الخطة الخمسية، وأن
تعويقاً قد يشكل تهديداً جدياً
لمصداقيته. وقد أكد تقرير صندوق
النقد الدولي التالي على الحاجة
إلى أن يتم فرضها بشكل تدريجي في
وقتها المحدد. ورغم أن الصندوق
قد اعترف بأن (إطلاقاً ضعيف
الاستعداد قد يدمر مصداقية
الضريبة الجديدة)، ملاحظاً أن (خطوات
كثيرة بما فيها تبني إجراءات
قانون الضريبة ونظام دمج
تكنولوجيا المعلومات، ينبغي
اكماله). وقد قال صندوق النقد
الدولي إن الاستعدادات قد تتحرك
بشكل أسرع بكثير فيما لو كانت
الحكومة ستتبنى تصميماً بسيطاً
مرتكزاً على معدل مطرد مع
القليل من الاعفاءات مع وجود
اهتمامات حيال مخاطبة المساواة
الاجتماعية بوسائل أخرى، من مثل
الضرائب على السلع الكمالية
وخطط الانفاق الهادفة. رغم ذلك،
فإن ملاحظات السيد حسين تشير
إلى أن الحكومة مترددة في
الالتفات إلى نصيحة صندوق النقد
الدولي فيما يتعلق (بالفات). في
نفس الوقت فإن ضريبة الاستهلاك،
والتي تم فرضها على نطاق محدود
نسبياً من البضائع والخدمات منذ
2004 ستبقى سارية المفعول.
يتبــــع
|