ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
صراع
الاستقلال الجزء
الثاني العنف
في العراق بين سياسة الخوف
وصراع الأجندات د.مهند
العزاوي يسعى
العراقيين لنيل الاستقلال
والتحرر من الاحتلال الأمريكي
بعد أن عصفت بهم دوامة العنف
وحصدت أرواح ودماء الكثير من
أبناء الشعب العراقي في محاولة
لتغيير ديموغرافيته العربية
وتخضع
تلك العمليات لمعايير "إستراتيجية
البركان- volcano
strategy
- الحرب القذرة dirty war
بعنصر "الحرب الديموغرافية demographic
war" والتي
تمارس ضد العالم العربي
والإسلامي حصرا,واذهب
مفسرا هذه الظاهرة التي تمارسها
قوى مليشياوية غير
عربية والتي اتشحت في الغالب بالصبغة
السياسية الطائفية والعرقية
وتقلدت مفاصل سيادية وأمنية
مهمة في ظل الاحتلال, أن تلك
التفجيرات واستخدام العنف
السادي الموجه ضد أبناء العراق
خلفه أجندات إقليمية متنوعة
تستهدف التركيبة الديموغرافية
والبعد العربي خصوصا في العراق,
وبات مايسمى الشرق الأوسط
الأكثر اضطراب ودموية حيث أصبح
العنف ينتشر فيه بشكل متسارع,
ولعل العنف هو ابرز السمات التي
خلفها الغزو الانكلوامريكي
للعراق, وقد عصف بالبنية
التحتية المؤسساتية
والاجتماعية العراقية خصوصا
بعد تفكيك الدولة العراقية عمدا
وهشاشة تشكيلها لاحقا , وهذا جعل
أمن ومقدرات الشعب العراقي
رهينة بيد قطاع الطرق
والمليشيات والمرتزقة وطبقة
سماسرة الحرب والمنتفعين
والمخبر السري..الخ الذين
يعيشون بشكل طفيلي على دماء
المجتمع العراقي, ويطرقون على
النسيج الاجتماعي العراقي
بمطرقة العنف المستديم وهم بدون
شك زعانف للأجندات الأجنبية
والإقليمية المتصارعة في
العراق, وأن نقيض العنف هو الأمن
الذي يعتبر مطلبا وطنيا ذو
سيادة يستحيل تحقيقه في ظل
الاحتلال أو نفوذ إقليمي مدمر
أو في ظل أجندات أجنبية
وإقليمية متصارعة مختلفة
التوجهات والعقائد والوسائل
على ارض العراق, والأمن كما
نعرفه هو "عقد اجتماعي"[1]
يجب أن تؤمنه السلطة الوطنية
للشعب أو المجتمع وفقا للمحددات
الدستورية التي تكفل حق وحرية
المواطن من بطش السلطة , وخلافا
لذلك تنتفي الغاية من الحكومة ,
ولعل مفهوم الآمن مفهوم مركب
ومعقد مع الاعتراف بغموض
وصعوبة تحقيق مقوماته وعناصره
في ظل الفوضى والعنف الذي يشهده
العراق, فان الأمن صناعة معقدة
وتطبيقاته تبنى على الفعل وليس
على رد الفعل وتتطلب تطبيق
مفهوم السيادة الوطنية أولا
ليحقق التوافق والاستقرار
السياسي ويتبعه
الاستقرار الاقتصادي
والاجتماعي والتنمية والرفاهية
والاستثمار والادخار في ظل
أجواء توافق وطني حقيقية, لتشكل
النظام الديمقراطي الحقيقي لا
كما يطبقونه , مع الاستناد على
منظومة القيم الوطنية ومراعاة
توازن المصالح , فالآمن هو
العمود الفقري في سياسة أي دولة
بل هو مبرر وجود الدولة ككيان
سياسي, ولغرض مناقشة العناصر
التي تعصف بهيكلية الصراع
العراقي نحو الاستقلال والتحرر
نناقش مرة أخرى تزايد وتيرة
العنف في العراق . أدوات
عنف سائبة تدق
مطرقة العنف المجتمع العراقي
بشكل قاسي ودموي ومبعثر, مما يدل
على وجود بؤر عنف شبحيه هلامية مستديمة
منتشرة على ارض العراق وبأشكال
مختلفة ولها أجندات متنوعة
انتشرت بعد غزو العراق,وأصبح
العنف في العراق نهج سياسي
ورسائل محاكاة دموية ووسائل ضغط
سياسية ذات منحى دموي مسلح لعدد
كبير من الكانتونات السياسية
العاملة على إدارة المشهد
السياسي العراقي في ظل الاحتلال
الأمريكي , وللأسف من يدفع
فاتورة هذا الصراع الدموي هو
الشعب العراقي ويلقي بظلاله على
استقرار الدول العربية المحيطة
أيضا, كون العراق يتصدر المشهد
العربي والإقليمي خصوصا جريمة
العنف الدموي الذي طال كل شيء في
العراق,كما أن المهمة الأساسية
والأولى للدولة هو تحقيق الأمن والدفاع
, والخروج من حالة الفوضى وشريعة
الغاب, ونفسر الأمن بمفهومه
البسيط هو "غياب الخوف
واختفاء التهديد وسيادة
الاطمئنان النفسي لدى الفرد
والمجتمع" وهذا ما لم تستطيع
تحقيقه قوات الاحتلال
والحكومات المتعاقبة طيلة
سنوات الست الماضية, ولعل ابرز
أسبابه وجود قوات الاحتلال
الأمريكي[2]
وفرض الوسائل والأدوات
السياسية والعسكرية بما يتلاءم
مع إرادتها وهذا يلقي بظلاله
على المفاصل السياسية والأمنية
والاقتصادية العراقية ناهيك عن
حملات الاعتقال المستمرة يوميا
التي لم تتوقف طيلة سنوات
الاحتلال , ناهيك عن وجود نفوذ
مخابراتي أجنبي وإقليمي وصراع
أجندات دموي على ارض العراق, مما
يجعل تطبيق الأمن وفق مفهوم
القيم والهوية الوطنية
ومرتكزاته المهنية مستحيلا, لقد
ارتكز مفهوم الأمن في العراق
على سياقات مجتزأة ومشوهة وعلى
مفاصل مزدوجة الولاء والارتزاق,
ولعل أسوء حلقة بنيوية هي دمج
المليشيات الطائفية والعرقية
في القوات المسلحة الحالية طبقا
لقانون برايمر 91, ويفترض أن
القوات المسلحة هي انعكاس للشعب
وخادمة له وتكلف بمهام الأمن
والدفاع (الأمن الشخصي والشخصي
العام- الأمن المجتمعي الشامل-
والأمن الوطني الشامل),والحقيقة
أن تلك القوات تخضع في الغالب
إلى الوصايا الصادرة من قوات
الاحتلال نظرا لمدى اعتمادها
المباشر ألمعلوماتي والتدريبي
من جهة وانتمائها الحزبي والطائفي
والعرقي من جهة أخرى وكذلك
المغانم الفئوية والشخصية, ومن
الملفت للنظر أن العراق لم
ينتهج سياسة
دفاعية عراقية(الدفاع) واضحة
المعالم, لان السياسة الدفاعية
تستند على مبادئ وأسس وواقع
تتحدد من خلاله التهديدات
والأخطار المحتملة , فلا يمكن
اعتماد سياسة الأمن والدفاع عن
دولة ما لم تكن قد حددت في الأصل
اتجاهات سياستها العامة ,التي
بموجبها تحدد كيفية صياغة
العلاقة بين تلك الدولة مع بقية
الدول, وكيفية التعامل مع الشعب والمجتمع
الذي يشكل عنصرها الأساسي وسبب
وجودها وضمان الحقوق والحريات
واعتقد أنها مكفولة في الدستور
الحالي وغير مطبقة, فإذا حددت
هذه السياسة بالإمكان الحديث عن
سياسة وإستراتيجية أمنية
ودفاعية تستجيب لمتطلبات الأمن
والدفاع, وهي ابرز مهام الدولة,
ولعل أن السياسة الأمنية ابرز
مقوماتها هو الاستقرار السياسي
والاقتصادي والاجتماعي وتتبعه
القدرة والحرفية العسكرية
والأمنية واحترام القانون
وحقوق الإنسان واحترام حقوق
الفرد المجتمع وفقا لنظرية
العقد الاجتماعي, وبيان
التهديدات والأخطار ومن الملفت
للنظر أن إستراتيجية الأمن
القومي العراقية لعام2007 توصف
أبناء العراق المختلفين سياسيا
وفكريا تهديدا يتوجب القضاء
عليهم وفي سابقة أمنية ووطنية
خطيرة لم تحدث أبدا في دول
العالم أن يعتبر الرأي والرأي
الأخر بين مكونات الشعب تهديدا
وهي احد ابرز مقومات العمل
للنظام الديمقراطي كما بشروا
العراقيين به. استخدمت الدوائر
الإعلامية والسياسية العراقية
منذ الغزو ولحد الآن مجموعة من
المصطلحات الإعلامية التي تجعل
عمليات العنف الشبحية التي
تستهدف المدنيين الأبرياء
موشحة بقطب واحد, وفي الغالب
تعلق على شماعة النظام
السابق أو القاعدة , وبذلك تجعل
العنف معوم وسائب لأغراض سياسية
وطائفية ذات منحى مخابراتي
تتواءم مع حجم التكتيك المفروض
إحداثه على الأرض, وبما يتفق مع
الهدف الاستراتيجي السياسي
والإعلامي للأجندات والإرادات
المتصارعة في العراق ,ويستبعد
بذلك كافة عناصر العنف
المستديمة السائبة
المحصنة التي يفترض أنها في
دائرة الشك مادام السلاح
والمتفجرات متاحة لهم ويتمتعون
بحرية الحركة ولم تنظم وحدة
قيادة تحكم أدائهم, وبذلك تمنح
بؤر العنف المختلفة صك البراءة
بالرغم من أنها مشتبه بها كونها ضالعة
في غالبية عمليات العنف الدموي,
ويفترض المعالجة الأمنية في
البيئة العراقية لا تستثني جهة
مسلحة, ويمكننا تبويب أدوات
العنف المسلح
السائبة المختلفة التي تحمل
السلاح وتمتلك القدرات وتستطيع
إحداث العنف الدموي وسط
المدنيين في أي وقت
لأغراض سياسية متعددة أو
أحداث عامل الحركة ضمن العنف في
الحرب النفسية وتلك الأدوات هي
:- 1.
القوات
المسلحة الأمريكية النظامية
والدوائر الأمنية
والأستخبارتية الملحقة بها وهي
غير محددة بإطار شرعي سياسي
قانوني يحدد وجودها ويضمن
انسحابها وفق ضمانات دولية. 2.
القوات
المسلحة النظامية للدول
الأجنبية المتحالفة مع
الولايات المتحدة الأمريكية في
غزوها للعراق وهي غير محددة
بإطار شرعي سياسي وقانوني يحدد
وجودها ويضمن انسحابها وفق
ضمانات دولية. 3.
دوائر
الأسلحة البرية والبحرية
والجوية والقدرات الفضائية
والمعلوماتية المتطورة العاملة
في العراق. 4.
شركات
الخدمات العسكرية الخاصة(المرتزقة
– الاستخبارات – المخابرات-التحقيقات)
وتقوم بعدد من العمليات
العسكرية والمخابراتيه مقابل
ثمن, وتحظى بحصانة قانونية
واستقلال وكتمان في التنفيذ
عالي المستوى . 5.
تعدد دوائر
المخابرات الأجنبية والإقليمية
العاملة في العراق وغالبيتها
تعمل خلف واجهات مختلفة البعض
منها بوشاح عراقي لأغراض سياسية
واستخبارتيه وبمنهجيات أمنية
مختلفة. 6.
عصابات
الجريمة المنظمة –المخدرات –الخطف-القتل-التهريب
– السلاح..الخ
وتتستر خلف واجهات تجارية
إضافة إلى شركات تبييض الأموال
وتمتلك قدر كبير من الموارد
والقدرات التي تمكنها من تنفيذ
العمليات الشبحية التي تستهدف
امن المجتمع العراقي . 7.
المجاميع
الخاصة الطائفية
ذات العقيدة المتشددة
وفرق الموت المرتبطة
بإيران والتي تنفذ أجندات
إقليمية تسعى
لإذكاء الصراع الطائفي
والمذهبي وتمتلك ترسانة أسلحة
وذخائر متطورة مختلفة. 8.
دمج
المليشيات الطائفية والعرقية
المسلحة في القوات المسلحة
الحالية,وتتميز تلك المليشيات
بخطورتها على الأمن القومي
العراقي وتستهدف البنية
التحتية للمجتمع العراقي, وقد
ارتكب الكثير منهم جرائم التطهير
الطائفي في عدد من مدن العراق
ومناطق بغداد ضمن محرقة التطهير
الطائفي عام2006-2007 دون مسائلة
قانونية ومحاسبة قضائية,وترتبط
بأجندات أجنبية وإقليمية
تستهدف وحدة النسيج الاجتماعي
العراقي,ولا تزال تتمتع بسطوة
وحصانة وحرية الحركة بالسلاح
وتنفذ عمليات التصفية الجسدية
للكفاءات والنخب والعلماء
والضباط وفق قوائم تصدر من خارج
الحدود. 9.
طواقم
الأحزاب الحاكمة المسلحة
ودوائر استخباراتها والحمايات
الشخصية,والعناصر المندمجة ضمن
الأجهزة الحكومية كخلايا نائمة
تنشط عند الحاجة . 10.
تداخل
وتعدد مراكز النفوذ والقوى في
القوات المسلحة الحالية ضمن
التشكيلة الحكومية وفقا لمنظور
المحاصصة المقيت والتشكيل
الغير متجانس[3],مما
يفقدها القيادة والسيطرة
والمسائلة القانونية وتشخيص من
يقف خلف عمليات العنف ضد
المدنيين, وتسارع تلك الجهات
إلى تنميط العمليات بقطب واحد. 11.
المجرمين
ذوي السوابق الذين أطلق سراحهم
قبل الغزو,البعض منهم أصبحوا
قياديين في الأحزاب القادمة من
الخارج, والآخر شكل عصابات
محلية للخطف والسرقة والقتلة
المأجورين مما وسع رقعة العنف
في العراق. 12.
الشركات
الأمنية العراقية وهي شركات
مرخصة باستخدام وحمل الاعتدة
والأسلحة وتنفيذ العمليات
الأمنية الخاصة. 13.
الدوافع
والنوازع الشخصية الشريرة ذات
الدافع الطائفي والعرقي وهوس
المناصب وسياسة منح الرتب
الوهمية للمواقع الأمنية
المهمة وصراع المناصب الذي بلغ
حد القتل..الخ. 14.
المجاميع
المسلحة الأخرى والخلايا
النائمة المختلفة. كما
أن هناك عدد من العوامل
المساعدة على العنف ومنها الوضع
الاقتصادي وجيوش من العاطلين عن
العمل والفساد الإداري
المستشري بالجسد العراقي
وفقدان الثقة بين المجتمع
والسلطة ناهيك عن أعمال العنف
المفرط والتعذيب التي تمارسهما
القوات الحكومية وقوات
الاحتلال الأمريكي مما يفقد
الأمن وينتهك حقوق المواطنة (الحقوق
والحريات في الدستور) وحقوق
الإنسان والمساس بالشرف
والكرامة الشخصية وهناك ممن قتل
أبائهم وإخوانهم وأزواجهم على
يد قوات الاحتلال والقوات
الحكومية وصودرت أو دمرت
مساكنهم تلك الممارسات العنيفة
والاستخدام المفرط للقوة جعل
عدد كبير يفكر في فلسفة الثار
ذات المنحى العشائري وهي
مستفحلة في العراق خصوصا في ظل
غياب العدالة والأمن. فلسفة
الخوف (نظرية القطيع التائه) تستخدم
الدوائر السياسية والإعلامية
الأمريكية سياسات وتكتيكات
متعددة وفق القيم الاستراتيجية الحربية الجديدة
وبما يتطابق مع
التطبيقات الحربية
المعاصرة "إستراتيجية
البركان-
volcano strategy - الحرب القذرة dirty war -"[4]
بعنصر "الحرب
الديموغرافية demographic
war" وبالأخص تستخدم
فلسفة سياسية مخابراتية ذات بعد
ديموغرافي تسمى (سياسة الخوف
والتخويف) وكان السياسي
الأمريكي اليساري المعارض "نعومي
تشو مسكي" أطلق عليها تسمية
"نظرية القطيع التائه"
والتي تسعى لزرع الخوف المستديم
في النسيج الاجتماعي بشكل عام
أو يجري تفكيكه إلى طوائف
وأعراق ويمارس كل جهد تلك
الفلسفة تجاه المكون المستهدف
ليجري استقطابه وخندقته , وقد
استخدمت هذه الفلسفة في
الولايات المتحدة وبقية الدول
الغربية بشكل شائع, ولعل العراق
أصبح ميدان وحقل تجارب لتطبيقات
دموية شاذة تحقق متغيرات تستثمر
رد الفعل الشعبي وتوظفه لتحقيق
أهداف سياسية مرحلية ومغانم
فئوية ضيقة , وبات من الواضح
تزايد وتيرة العنف بعد أعلن
الرئيس الأمريكي "اوباما"
إستراتيجية "انسحاب القوات-Withdrawal
Forces" وإنهاء
الحرب في العراق والانسحاب وفق
المراحل والتوقيتات المعلنة
بجدولة الانسحاب وحتى الانسحاب
النهائي عام2011,وفق
إستراتيجية "الأبواب
المفتوحة" حيث ربط الانسحاب
بالتحسن الأمني وهناك عدد من
الجهات المستفيدة من الحرب ترفض
انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي
من العراق, إذ افترضنا جدلا انه
انسحاب وليس إعادة انتشار
وترقيق للقطعات, وتبدو ملامح
فلسفة سياسة الخوف واضحة للعيان
ومستخدمة بشكل واسع من قبل
الأحزاب السياسية العرقية
والطائفية والتي تشكل الإطار
السياسي للعملية السياسية في
العراق بعد أن سقطت ورقة التوت
عنها , خصوصا بعد تزامن الفشل
الانتخابي الكبير[5]
لعدد من الأحزاب التي تصدرت
المشهد السياسي العراقي سابقا
وفق أجندات طائفية وعرقية
تستهدف تقسيم العراق كبديل
للانسحاب, مما حدا بها استخدام
تكتيك الحركة ضمن الحرب النفسية
ضد الشعب العراقي ليحقق حالة
الهلع والخوف ليستثمر طرديا
باتجاه تامين قاعدة استقطاب
انتخابية قادمة, أو إعادة
الاحتراب الطائفي والعرقي بين
مكونات الشعب العراقي وسيادة
الفوضى الدموية والتي سبقت وان
عصفت بالعراق وكلفته ضحايا
ومهجرين بأرقام فلكية بلغت
الملايين. من
يرفض الانسحاب الأمريكي تشير
المعطيات السياسية
والاقتصادية والعسكرية في
الولايات المتحدة إلى
أن الانسحاب الأمريكي من
العراق وإنهاء الحرب أصبح ضرورة
إستراتيجية ملحة للولايات
المتحدة الأمريكية, خصوصا إذا
علمنا أن حجم الخسائر البشرية
والأكلاف المادية التي أدت إلى
الانهيار الاقتصادي, وارتفاع
حصيلة القتلى والإصابات في
الجيش الأمريكي[6],
وتراجع حالة الاستعداد القتالي
للقوات المسلحة الأمريكية عما
كانت عليه قبل غزو العراق[7],
لذا يتوجب مناقشة
عدد من العناصر الخارجية
والداخلية التي ترفض فكرة
انسحاب قوات الاحتلال من العراق
وتذكي العنف باستمرار وتستفيد
من بقائه وتعرقل آليات انسحابه
وتفتعل الأزمات
خصوصا أن الرئيس الأمريكي
"اوباما"ترك الباب مفتوحا
لخصومه عندما ربط الانسحاب من
العراق بالوضع الأمني واغفل
الجانب السياسي, هذا مما قد يجعل
الانسحاب الأمريكي غير ممكن في
ظل الاضطرابات والأزمات
المفتعلة وحينئذ يتعذر
الانسحاب؟ ونفتش عن
المستفيد من بقاء قوات الاحتلال
ويرفض فكرة الانسحاب ويساهم في
إذكاء العنف لتحقيق أجندات
أجنبية وإقليمية في العراق
وكذلك إدامة مراثون الفساد
والسرقة الذي طال كل شيء في
العراق ونضع
عدد من الاحتمالات وهي:- أ.
الصراع
التقليدي بين الحزبين الجمهوري
والديمقراطي , وحاولت إدارة
رئيس الحرب السابق "بوش"
وضع معرقلات تمنع الرئيس المقبل
من الانسحاب,في محاولة لإفشال
الإدارة الديموقراطية والذي
ينعكس على البطاقة الرئاسية
الثانية والغالبية
الديموقراطية في الكونغرس . ب.
صراع
المهام والملفات بين وزارتي
الخارجية والدفاع الأمريكيتين
حيث يتمسك البنتاغون بملف
العراق وفق المرسوم 24 في كانون
الثاني 2003 والذي أمر بتسليم ملف
العراق إلى البنتاغون ويخضع
لاعتبارات اقتصادية خلفها
الشركات القابضة العملاقة
وبدعم اللوبي الصهيوني في
الولايات المتحدة الأمريكية,وهناك
عدد من الارتباطات لجنرالات
الحرب الأمريكيين بشركات
السلاح والنفط والتي تفرض
أملاءاتها لمنع الانسحاب. ت.
مصالح
مالية لمجموعة "واشنطن
بلاتواي"Washington beltway"
تسمية اصطلاحية تستخدم في
أمريكا للدلالة على كل المجندين
للحرب والمنتفعين بها كانوا في
الإدارة أو الكونغرس أو قطاع
الأعمال والصناعة أو مراكز
الأبحاث والدراسات أو وسائل
الإعلام ..الخ وتطلق بالأخص على
جماعة المحافظين الجدد 1)
يوجد
أكثر من (160000) ألف متعهد ومقاول
أمريكي يعملون بالعراق[8],ضمن
إستراتيجية خصخصة الحرب, وخلف
هذا الاستخدام الفساد
والاستغلال وجني الأرباح
الفاحشة[9],
والعمليات العسكرية خارج أطار
السيطرة. 2)
شركات
الخدمات العسكري الخاصة , وزارة
الدفاع الأمريكية وحدها أنفقت
أربعة مليارات دولار على حراس
الأمن في عام2007, وأبرزها"بلاك
ووتر",و"دين كورب"؟ 3)
ج
. شركات
النفط هي الرابح الحقيقي الوحيد
من هذه الحرب, حيث ارتفعت أسهم
شركة هاليبرتون ب229بالمائة
منذ بداية الحرب, متجاوزا مكاسب
شركات الدفاع الأخرى[10]. ث.
التغلغل
الصهيوني ومشاريعه في تقسيم
وإضعاف العراق. ج.
النفوذ
الإيراني المتعاظم والساعي
لتحقيق نفوذ إقليمي في العراق
في ظل الوجود العسكري الأمريكي
والتحول من محور جيوسياسي ساند
للمشروع الأمريكي إلى لاعب
جيواستراتيجي في المنطقة. ح.
الأحزاب
المرتبطة بمشروع الاحتلال ذات
الأجندات الإقليمية وبالصبغة
الطائفية والعرقية الانفصالية
والتي رهنت مستقبلها بوجود
القوات الأمريكية, والتي لم
تتمكن من تحقيق نجاح سياسي في
المدة الاستراتيجية[11]
طيلة السنوات الاحتلال وقد خلفت
ملفات سوداء يصعب معالجتها . خ.
شريحة
سماسرة الحرب والمرتزقة
والمخبر السري الذين يعملون في
القواعد والدوائر الأمريكية في
العراق لأغراض مختلفة وهؤلاء
ينطبق عليهم وصف "بغداد
بلاتواي
beltway Baghdad
"المستفيدين ماليا
وسياسيا من الحرب في العراق يفترض التبويب أعلاه
أن المتضرر من خروج
الاحتلال يسعى إلى بقائه مهما
كان الثمن ومن خلال إذكاء العنف
وتحقيق مكاسب شخصية وفئوية أو
حزبية ضيقة مرتهنة بأجندات
أجنبية وإقليمية على حساب سلامة
وامن المجتمع العراقي وسيادته
واستقلاله,ونعتقد أن الانسحاب
بمفهومه الواسع لن يتحقق[12]
وسيجري إعادة انتشار القوات
وترقيق انفتاح القطعات وإعادة
توزيع المهام والواجبات وقطع
التماس المباشر بالعمليات
الحربية يصاحبه متغيرات جذرية
ومفاتيح حل حقيقية للعمل
السياسي أي وصول أمريكا إلى
حالة الاطمئنان لشكل النظام
السياسي في العراق وهذا غير
متاح حاليا في ظل لاستقطابات
الطائفية والعرقية السياسية
وهشاشة العملية السياسية
وفقدان الحياة الدستورية بشكل
كامل. الأجندات
المتصارعة على ارض العراق كان
قرار غزو واحتلال العراق قرار
استراتيجيا بامتياز وخطط له
مطلع عام 1992 القرن الماضي
وتبنته جماعة المحافظين الجدد
في أمريكا, وتمكنت من خلق البيئة
الدولية والمناخ الإقليمي
المناسب لتنفيذ فكرة الحرب,
وكانت خليط إرادات وأجندات
أجنبية للولايات المتحدة
وبريطانيا وإقليميا إسرائيل
وإيران ولذا يعصف بالعراق اليوم
صراع أجندات مختلفة ,ويمكن
تبويبه بشكل عام ومختصر كما يلي:- 1.
المشروع
الأمريكي:-
بناء نظام سياسي رأسمالي في
العراق ويطلق عليه نظام
ديمقراطي, وإكمال الرقعة
الشاغرة في شبكة القواعد
والتسهيلات العسكرية في ما يسمى
الشرق الأوسط (إستراتيجية
التواجد) , والهيمنة على مصادر
الطاقة(إنتاجا وتسويقا) وتعزيز
الأمن الإسرائيلي بالسيطرة على
القدرة العسكرية العراقية ووضع
آليات هشة لبناء قواته المسلحة,
وحققت الولايات المتحدة قدرا لا
بأس فيه من القدرة المكتسبة
بتجنيد العراقيين لحماية
المشروع الأمريكي في العراق. 2.
الوجود الأوربي
والمتمثل بالحضور العسكري
لقوات الناتو والتمثيل السياسي
للاتحاد الأوربي ويشكل محور
إسناد سياسي وعسكري واقتصادي,
ونادرا ما يختلف مع المنهجية
الأمريكية في احتلال العراق. 3.
الأجندة
الصهيونية
الساعية إلى تقسيم العراق على
أسس طائفية وعرقية ومنع العراق
من استعادة دوره المفصلي في
القضايا العربية وقد أصبح
التغلغل الصهيوني واضح المعالم
في العراق. 4.
الأجندة
الإيرانية
والمتمثلة بلعب دور الإسناد
المباشر للمشروع الأمريكي وفق
الرؤيا الاستراتيجية الإيرانية
تجاه العراق والنابعة من بعد
راديكالي متشدد
وأطماع مذهبية ذات بعد
تاريخي وتسعى إلى
ترويج –الدولة الشيعية
ولاية الفقيه – الفدرالية
الشيعية ضمن الدولة العراقية –
حكم الأكثرية الطائفية تصدير
الثورة الإسلامية على نمط إيران,
واستطاعت أن تحقق القدرة
المكتسبة بشكل أكثر من الولايات
المتحدة الأمريكية. 5.
الأجندات
الداخلية
تمثل الواجهات للأجندات
الخارجية أعلاه وتشكل زعانفها
العاملة عسكريا وسياسيا
واقتصاديا وهي أجندات ذات بعد
انفصالي-عرقي -طائفي- مذهبي-
محميات عشائرية –تخندق حزبي-
مغانم فئوية وشخصية..الخ, اضافة
إلى دور الطبقة الطفيلية التي
تقتات على دماء العراقيين من
سماسرة الحرب والمتعهدين
والمخبر السري والمترجمين
والجواسيس . تشكل
المحاور أعلاه
مرتكزات العنف الدموي السائبة
في العراق والمتمثلة بالاحتلال
الميداني الأمريكي والتواجد
العسكري على ارض العراق , وصراع
الأجندات المختلفة ذات الطابع
المدمر للعراق, وأدوات تطبيق
تلك الأجندات ذات الطابع الدموي
المسلح والتي تنشر العنف السادي
في كل مكان وجميعها تخضع
لاستراتيجيات وسيطة وتكتيكات
في الغالب دموية تنعش وتعزز
العنف في العراق, ومن يدفع
فاتورة العنف الشعب العراق
المغيب إرادته عن مسرح الصراع ,
ويبدوا أن العنف الدموي أصبح
السمة الرئيسية
بين المتقاتلين على السلطة
والباحثين عن مجد التريليون
دولار الممزوجة بدماء
العراقيين, ولكن إرادة
العراقيين في الصراع نحو
الاستقلال والتحرر باقية لم
تكسر بالرغم من وجود خفافيش
العنف والظلام. ــــــــــــــ 10تموز2009 مركز
صقر للدراسات الاستراتيجية
والعسكرية 1. نظرية العقد
الاجتماعي بتعدد مفاهيمها ,
وهو تنازل الفرد عن بعض من
حقوقه في إطار تعاقدي لحفظ
الوجود والحياة مع الحفاظ على
قسط كبير من الحرية المتبقية
للفرد ويعد هذا التنازل
لتحقيق الأمن والحرية وهما
الأساس في وجود الدولة [2]
. تشير دراسة
أمريكية أخرى "الخطوات
الضرورية لانسحاب مسئول من
العراق", وقد أشرف عليها
مركز "وذرهيد" للشؤون
الدولية في جامعة "هارفارد"
واشتركت فيه عدد من مراكز
الدراسات بأن وجود القوات
الأمريكية في العراق هو عامل
مهم في إثارة الصراع والعنف (
بالرغم من إنه ليس العامل
الوحيد)، وإن الانسحاب الكامل
ليس مرغوبا فحسب، بل هو جوهري
لتحقيق تقدم دائم.,وفي استطلاع
أجرته وكالة,opinion
research business في اذار2007 العراقيين
في غالبيتهم العظمى يرون أن
الأوضاع الأمنية لن تتحسن إلا
متى انسحبت القوات الأمريكية
من العراق. [3]
.تشير المادة
التاسعة من الدستور الحالي
إلى أن يكون تشكيل القوات
المسلحة يراعي
فيه التوازنات للمكونات(المحاصصة
الطائفية والعرقية الحزبية)
وبالتالي لتحقق مبدأ
المعنويات والعمل كفريق ضمن
الجيش الوطني. [4]
. د.مهند العزاوي,رؤية
إستراتيجية عسكرية عراقية
عربية للقيم الحربية
المعاصرة . [5]
. انتخابات مجالس
المحافظات كانون الثاني 2009 [6]
. يشير تقرير
اقتصادي رصين صدر نهاية عام2008
, للبروفيسور الاقتصادي
الأمريكي"جوزيف ستيغلتز"
والحائز على جائزة نوبل
للاقتصاد, إلى أن القوات
المسلحة الأمريكية استهلكت
قدرتها وجاهزيتها من جراء
الحرب في العراق,حيث بلغ
الجنود الجرحى 110الف 65الف
إصابات غير قاتلة,14الف منهم
إصابات خطرة مميتة,وهناك أكثر
من200الف امرأة ورجل ممن خدموا
بالعراق وأفغانستان معطوبين
جسديا أو نفسيا ممن عادوا
بالفعل إلى أمريكا,و هناك
مايقارب751الف تم تسريحهم ممن
خدموا في العراق وأفغانستان
وغالبيتهم بناء على طلبهم,وهناك
أكثر من263الف جندي عولجوا في
المستشفيات 100الف منهم حالات
صحية نفسية مضطربة,52 ألف
اضطراب عصبي عقب الصدمة
الناتجة من عمليات المقاومة
"العبوات"والبقية
إصابات مختلفة, أمراض,رضات
دماغية,تدريب, اصطدام شاحنات,بتر
الأطراف,الحروق الشديدة,العمى,عطب
العمود الفقري, انظر "جوزيف
ستيغلتز", حرب الثلاثة
تريليونات,دار الكتاب العربي,
بيروت,2009. [7]
. ذكرت دراسة
لمعهد نيو أمريكان سكيورتي
"أن الحرب أضعفت الجيش
الأمريكي" - استبيان لعدد
من ضباط الجيش الأمريكي. [8]
. إحصائية للباحث
"بيتر سينغر" - معهد
بروكينغز [9]
.يشير تقرير "جوزيف
ستيغلتز" أن الإفراط في
الدفع لشركة"هاليبورتن"متعهدة
وزارة الدفاع والتي كان
يرأسها فيما سبق نائب الرئيس
الأمريكي السابق"ديك تشيني"
وباتت معروفة للقاصي والداني,
غير أن هذا الرأس البارز من
جبل الجليد,انظر المصدر نفسه
ص41. [10]
. شركة,جنرال
داينمكس,واريثيون, لوكهيد
مارتن, نورث روب غرومان, انظر
جوزيف ستيغلتز,ص43. [11]
. هناك مدة
إستراتيجية يجري تقييم أداء
الاستراتيجيات والخطط
الوسيطة والمنظومات السياسية-
الأحزاب –والمنظمات-
والمؤسسات-الأشخاص ومقياس
التقدم والنجاح السياسي
والعسكري والاقتصادي
والاجتماعي
وحجم الخسائر التي نجمت
من تلك السياسات وفق معايير
الربح والخسارة والنجاح
والفشل وبيان حجم الاستقرار
السياسي والاقتصادي والعسكري. [12]
. في مسح واستطلاع
أجراه مركز صقر للدراسات حول
سحب القوات الأمريكية من
العراق كان 65% من المستطلع
أرائهم يؤكدون عدم الانسحاب
بينما أكد 35%
منهم بجدية بالانسحابwww.saqrcenter.net
. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |