ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  19/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإسلام وحرية الملكية

(حق الملكية في الإسلام)

( رؤية مقارنة )

بقلم : يسري عبد الغني عبد الله*

المقصود بحرية الملكية:

المقصود بحرية الملكية , حق الفرد في تملك الأموال بالوسائل المؤدية إلى الملكية ، كالميراث والشراء وغير ذلك من العقود والوسائل المشروعة قانوناً .

والدساتير الحديثة جميعها تنص على حماية الملكية الخاصة وتقرها ، وتدعو إلى صيانتها ، وإلى أن تكون ملكية غير مستغلة ، كما أن لها وظيفة اجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي ، وهذا لا يتأتى إلا من الانسجام الكامل والتام مع خطط التنمية ، ومع الخير العام للأمة ، فإذا تجاوزت هذه القيود جاز فرض الحراسة عليها بحكم قضائي .

كما تنص الدساتير الحديثة على أن نزع الملكية لا يكون إلا للمنفعة العامة ، ومقابل تعويض مجزي وعادل ، كما لا يجوز تأميمها إلا للصالح العام ، و لا يجوز المصادرة العامة للأموال ، وأيضاً لا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي .

الملكية في الإسلام :

 إن حرية التملك أصل مقرر في الإسلام ، وإذا كان القرآن الكريم لم ينص صراحة على هذا الحق ، إلا أن آيات القرآن قاطعة في تقريره ، وكذلك ما أقره من أنظمة لا تقوم إلا على أساس وجود الملك ، تؤكد وجود الملكية الفردية ، أي حق الأفراد وحريتهم في التملك .

 فالكثير من آيات القرآن الكريم تشير إلى أموال الناس , بما يؤكد اختصاصهم بها ، واعتبارها أموالهم أي ملكاً لهم .

 يقول الله تعالى : {والذين في أموالهم حق معلوم . للسائل والمحروم } [المعارج : 24 ـ 25 ]

 والمعنى : أن هؤلاء الذين يجعلون في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ، هؤلاء في جنات يكرمهم الله بثوابه فيها ، والسائل هو الذي يسأل ، والمحروم هو الذي لا يسأل الناس فيظنه الناس غنياً غير محتاج .

 ويقول سبحانه و تعالى : {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلِ عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم والله سميع عليم } [التوبة : 103 ] .

 والمعنى : خذ يا محمد من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ، وصلِ عليهم ، أي وادع لهم ، إن دعاءك يسكن اضطراب نفوسهم ، والله سميع عليم .

 ويقول جل علاه : {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } [البقرة : 188] .

 والمعنى : ولا يأكل بعضكم أموال بعض بالباطل ، ولا تدفعوها إلى الحكام لتمكنوهم من اغتيال قسم من أموال الناس بالباطل .

 كذلك إذ فرض القرآن الكريم الزكاة , وقرر الصدقة , وواجبات التكافل الاجتماعي , ونظم المواريث , والوصايا , فكل هذه المقررات لا توجد إلا على أساس الملكية .

 والرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) قد أكد وجود الملكية قولاً وعملاً وإقراراً . فقد علمنا أنه : لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه .

 وقوله في خطبته الشهيرة في حجة الوداع : "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا " .

 كما أن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم ) ، كان يملك الأشياء ، ويبيع ويشتري ، ويقر أصحابه وسائر المسلمين على التملك وعلى البيع والشراء .

حماية الملكية في الإسلام :

 ومن جهة أخرى فقد قرر القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة حماية الملكية بوسائل عديدة ، فحرم أكل أموال الناس بالباطل وأنذر بالويل للمطففين .

 قال عز وجل : {ويلٌ للمطففين . الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون . وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون . ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون . ليوم عظيم . يوم يقوم الناس لرب العالمين . } [المطففين : 1 ـ 6 ] .

 والمعنى : هلاك وعذاب للمتلاعبين بالمكاييل والموازين ، الذين إذا اكتالوا حقهم من الناس أخذوه وافياً موفوراً ، وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم يبخسوهم حقهم. ألا يظن هؤلاء أنهم ٍسيحيون بعد الموت ، وسيساقون للوقوف بين يدي الخالق الأعظم ، فيتولى حسابهم ويدبر عقابهم ؟

 كما أن الله سبحانه وتعالى حرم الربا بكل ألوانه وأشكاله تحريماً قاطعاً ، لأنه أكل لأموال الناس بالباطل .

 كما قرر الإسلام حد السرقة حماية للمال الخاص ، ومما يؤكد أن حد السرقة مقرر لحماية الملكية الفردية أساساً ، الشك في تطبيقه على السرقة من المال العام ، وذلك لقيام شبه المشاركة في الملك ، وهو ما يذهب إليه بعض العلماء .

 وكل ما يتطلبه الشرع في الملك أن يكتسب بطريقة مشروعة ، أي من حلال طيب , فالملك عن طريق الميراث ، وعن طريق الوصية ، وعن طريق البيع والشراء ، وعن طريق إحياء وتعمير الأرض الموات ، كل ذلك مشروع وحلال .

 وبناء على ما تقدم فإن الملكية مقررة شرعاً ، وذلك باعتبارها حقاً مكفولاً للجميع ، ككل الحقوق ، ,‘وعليه فإن فقهاء الشريعة يعرفونها على النحو التالي : ـ "هي اختصاص بالشيء يمنع الغير عنه ، ويمكن صاحبه من التصرف فيه ابتداء إلا لمانع شرعي " [عمر الشريف ، مذكرات في نظام الحكم والإدارة في الدولة الإسلامية ، ص 197 ، وما بعدها ، بتصرف .]

طبيعة حق الملكية في الإسلام :

 إن الإسلام لم يجعل من الملكية حقاً مطلقاً ، بل إن القيود الشرعية التي فرضها الشرع على الملاك تجعل من الملكية في المقام الأول وظيفة اجتماعية .

 فالله جل علاه هو خالق كل شيء ، وهو المبدع الأول للكون كله ، وقد خلق ما في الأرض جميعاً لينفع به عباده ، وإذا كان المال يوزع بين نوعين من الملكية ، نوع منه لا يكون ملكه إلا عاماً لصالح الجماعة ويعتبر مملوكاً للدولة ، ومنه الماء والكلأ والنار ـ على ما ورد بالحديث الشريف ـ ، ونوع منه يختص بمفرداته اختصاص ملك ، وما اختصاصهم بالملك بمانحهم سلطة مطلقة في المال ، لأنهم مستخلفين فيه ، لذلك تعين على المالك الالتزام التام والكامل بالقيود الشرعية لاستعمال المال وتوظيفه واستثماره وتنميته ، والتصرف فيه بما يفيد وينفع الناس جميعاً ، بما يحقق صالح المالك نفسه وصالح الجماعة التي يعيش فيها .

القيود الشرعية التي ترد على حرية الملكية :

 نتحدث بعد ذلك عن القيود الشرعية التي ترد على حرية الملكية في الإسلام ، محاولين قدر الطاقة أن نبين الحكمة من هذه القيود وأهدافها :-

فبالنسبة للمالك :

أولاً : هناك أموال لا يجوز تملكها :

1ـ هذه الأموال لا يجوز تملكها إما لأنها من الملكيات العامة شرعاً كالهواء ، والماء ، والكلأ ، والنار،فالناس جميعاً شركاء في هذه النعم الضرورية للحياة ، ولا يحق لأحد مهما كان السيطرة عليها ، أو استغلالها لنفعه الشخصي .

2 ـ وإما لأنها محرمة شرعاً فلا يرد عليها ملك كالخمر والخنزير ، إذ ورد النص الصريح بتحريمها .

ثانياً : ليس للمالك الحق المطلق للتصرف في أمواله:

1 ـ فهو ملزم شرعاً بحسن الإنفاق ، بلا إسراف أو تبذير. قال تعالى : {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً . إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيراً بصيرا } [الإسراء : 29 ـ 30 ] .

 والمعنى : ولا تجعل يدك مشدودة إلى عنقك من الشح والبخل ، ولا تفتحها كل الفتح فتصير مذموماً تعاني من الإعياء والتعب ، إن ربك يوسع الرزق لمن يشاء ويضيقه عليه لأنه خبير بأحوال عباده ، بصير بأدواء نفوسهم ، فيعالجهم بالتوسعة أو التضييق العلاج المناسب لهم .

 ويقال : أن سبب نزول هذه الآية أن امرأة أرسلت إلى رسول الله بنتها تطلب إليه درعاً (جلابية) ، فلم يجد ، فأعطاها قميصه ، وجلس في داره ، ولم يستطع الخروج للصلاة بالمسجد .

2 ـ وهو مطالب بعدم حجب المال عن التداول والاستثمار والتنمية من أجل صالح المجتمع .

قال عز وجل :{ يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم . يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون .} [التوبة : 34 ـ 35 ] .

والمعنى : يا أيها المؤمنون إن كثيراً من علماء اليهود ورهابنة النصارى ليغتالون أموال الناس من طريق الرشا (جمع رشوة) وبيع الرحمة (صكوك الغفران) ويصدونهم عن إتباع دين الله الصحيح ، فبشر الذين يكنزون الأموال ولا يبذلونها في سبيل الله (صالح الناس) بعذاب أليم ، يوم يحمي على هذه الأموال في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، ويقال هذا ما ادخرتم لأنفسكم فذوقوا عذاب ما كنتم تدخرون .

ولعل في هذا دلالة قاطعة على تحريم اكتناز الأموال ، لما في ذلك من حبس لها عن التداول والمشاركة في تنمية الموارد والتعمير والإصلاح ، وتوفير احتياجات الناس .

ومن الأمثلة على ذلك أن رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) ، كان قد أقطع الصحابي الجليل (بلال بن رباح ) أرضاً (أي ملكه إياها ) ، فلما عجز بلال عن إصلاحها أو تعميرها أو زراعتها كلها ، طالبه الفاروق / عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) بالتنازل عنها لمن يستطيع زراعتها ، فرفض بلال ذلك ، فأرغمه عمر على ترك ما زاد على حاجته وقسمه بين المسلمين المحتاجين .

كذلك فإن من المقرر شرعاً ، أن من قام بتحديد جزء من الأرض الموات (البور) وهو ما يسمى بالتحجير ، أي : وضع علامات بالحجر ، لإحيائه ، فإن أحيا هذا الجزء من الأرض تملكه ، ولكنه إذا قام بالتحجير ولم يبادر إلى إصلاحه والإفادة منه خلال سنوات ثلاثة يسقط حقه .

فقد علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أنه ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين .

وقد أكد الفاروق / عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) العمل بهذا المبدأ المهم الذي يدعو إلى صالح المجتمع ، وإلى استمرارية حركة التعمير والتنمية والإصلاح .

وهكذا تبدو لنا بجلاء ووضوح سمات الوظيفة الاجتماعية للملكية في الإسلام ، وذلك من خلال ما فرض على المالك من واجبات هدفها الصالح العام .

أما بالنسبة لعلاقة المالك بغيره :

فالقيود الشرعية على المالك عديدة ، ولهذه القيود هدفان : ـ

الأول : عدم الإضرار بالغير .

الثاني : تحقيق صالح الجماعة .

الهدف الأول : عدم الإضرار بالغير (أي غير المالك)

يرجع تقرير هذه القيود إلى قاعدة عامة قررها الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) في الحديث الآتي : "لا ضرر ولا ضرار " .

ويتفرع عن هذه القاعدة عدة قواعد أصولية : "الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف " ، "يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام " ، "الضرر يزال" .. إلخ ..

وتطبيقاً لهذه القاعدة وتفريعاتها تتقرر القيود التي هدفها عدم الإضرار بالغير ، وسنحاول قدر الجهد استعراضها : ـ

1 ـ روي أن أحد الأنصار شكا إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم ) من أن له بستان ، وأن لأحد المسلمين نخل في داخل هذا البستان (ملكية النخل في ملك الغير مقررة ومسلم بها) ، وأن مالك النخل يدخل هو وأهله في بستان الأنصاري مما يسبب الأذى للبستان ، فطلب الرسول (عليه الصلاة والسلام) من مالك النخل أن يبيعه لصاحب البستان أو يهبه له إن استطاع ، فأبى صاحب النخل ، فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "أنت مضار " ، وأمر مالك البستان بقطع النخل . وما فعل ذلك إلا لدفع الضرر الأشد .

2 ـ تقرير حقوق الارتفاق على أرض الغير ، من أجل صالح مالك الأرض المحبوسة عن الطريق أو غيرها ، كحق المرور, و حق المجرى المائي .

وقد روي أن محمداً بن مسلمة منع جاراً له من أن يروي أرضه ، لأنه لا سبيل لذلك إلا بمرور الماء في أرض مسلمة ، ولكن الفاروق / عمر بن الخطاب سأل مسلمة عما إذا كان عليه من ذلك ضرر ، فلما أجاب بالنفي قال له عمر : "والله لو لم أجد له ممراً إلا على بطنك لأمررته " !!

3 ـ تقرير حق الشفعة للمالك المشترك أو للجيران ، وما يجيزه الشارع من أفضليتهم في التملك دون غيرهم ، روعي فيه دفع الضرر الذي قد يصيبهم من شريك جديد أو جار جديد ، فجاز بالشفعة أن يتملكوا الأرض جبراً عن صاحبه ، إذا رغب في التصرف للغير .

4 ـ حرية المالك في التصرف في ملكه تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت مقيدة بحدود محددة ، وذلك لمنع الإضرار بالورثة .

هذه كانت بعض المبادئ المقررة بالنسبة للقيود التي ترد على الملكية لصالح الأفراد ، من أجل ضمان علاقات طيبة بينهم بعيداً عن الخلافات والمشاحنات ، لما يحقق عدم الإضرار بالغير . [عمر الشريف ، مذكرات في نظام الحكم والإدارة في الدولة الإسلامية ، ص 170 ، بتصرف] .

الهدف الثاني : تحقيق صالح الجماعة :

ليس المالك طبقاً للأصول الشرعية المقررة حر التصرف في ملكه ، بل إن المشرع قد فرض على الملكية حقوقاً وقيوداً لصالح الجماعة ، باعتبار أن مصلحة المجموع غالبة على مصالح الأفراد ، ووفقاً لهذه الحقوق والقيود ، وعلى أساسها : ـ

1 ـ فرض الله عز وجل على المسلمين الزكاة تؤخذ من أموالهم لتصرف في مصالح الجماعة ، سواء أكانت مصالح الدولة بوجه عام ، أو لمصالح الفقراء وأصحاب الاحتياجات بوجه خاص .

2 ـ للحاكم أن يأخذ من أموال الأغنياء إذا قامت الضرورة بمواجهة مصالح المجموع ، إذا لم تكف موارد الدولة ، وخاصة الزكاة للوفاء بها .

3 ـ يرى كثير من الفقهاء المعاصرين أن من حق الحاكم أن يضع حداً أعلى ملكية الأموال ، وأن يؤمم الملكيات التي يقتضيها الصالح العام للأمة .

الأدلة على تحديد الملكية :

يستدل الفقهاء على تحديد الملكية بأدلة عديدة منها :

أ ـ أن الدولة الإسلامية في بلاد الأندلس قد صادرت أملاك الأغنياء من أجل الصالح العام .[علي منصور ، نظم الحكم والإدارة في الشريعة الإسلامية ، ص 87] .

ب ـ كما يستدلون على ذلك بالآية الكريمة {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم .} [البقرة : 29] .

والمعنى : هو الله الذي خلق لكم كل ما في الأرض فتنتفعون به لمعاشكم ، ثم وجه إرادته إلى السماء فجعلهن سبعاً طباقاً وهو بكل شيء عليم .

وقد أوضح الفقهاء أنه يمكن أن نستخلص من هذه الآية ومفهومها : أن الأرض خلقت للناس جميعاً لا اختصاص لأحد منهم ، وإن كان لكل إنسان "حظه الذي يسد به حاجته ، وتقوم به حياته في النطاق الذي تقرره العدالة وتحدده نواميس العمران ومقتضيات الاجتماع ." [الشيخ / علي الخفيف ، بحث الملكية في الإسلام.] .

ج ـ كما يؤيد الفقهاء المعاصرون رأيهم في الملكية من أجل الصالح العام ، بحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "الناس شركاء في ثلاثة : الماء والكلأ والنار ." .

ويستدركون على ذلك قائلين بأنه : فضلاً عن أن هذا الحديث الشريف وضع أساس الملكية الجماعية إلا أن هذه الأموال ليست أنواعها واردة على سبيل الحصر ، بل يلحق بها كل ما كان مثلها في حاجة الناس جميعاً إليها . [مصطفى السباعي ، اشتراكية الإسلام ، ص 159 ] .

د ـ كما يستدلون على ذلك بما فعله الفاروق / عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في أرض السواد بالعراق ، إذ قرر تقسيمها على الفاتحين ، ـ خلافاً لما نص عليه القرآن ـ و أبقاها تحت يد أصحابها الأصليين مقابل التزامهم بالخراج ويرون أن هذا الوضع مؤداه تأميم الأرض الزراعية باعتبار ملكية الرقبة فيها لبيت المال.

خاتمة في إجمال :-

وعلى العموم فإن الفقهاء المحدثين ، يرون أن من حق الحاكم أن يتدخل بتحديد الملكية إلى المدى الذي تتحقق فيه مصلحة المجتمع ككل في وقت معين وظروف معينة ، وممن أقروا حق ولي الأمر العادل في نزع الأراضي من أيدي أهلها ، أستاذنا المرحوم الدكتور / محمد عبد الله العربي ، وأستاذنا المرحوم الشيخ / محمد أبو زهرة . [محمد عبد الجواد محمد ، ملكية الأراضي في الإسلام ، ص 269 ، وما بعدها بتصرف من عندنا ] .

وبهذا نعلم أن الملكية في الإسلام لها وظيفة اجتماعية ، وأن عدم الإضرار بالغير وتحقيق صالح الجماعة من أهم أهداف القيود الشرعية على المالك ، مع ضرورة استثمار المال وتنميته وحسن التصرف فيه ، بما يحقق صالح المالك نفسه ، وصالح الجماعة بوجه عام .

-------------

الأسانيد والمراجع

( 1 ) محمد فريد وجدي ، المصحف المفسر ، دار الشعب ، القاهرة ، مصر .

( 2 ) عمر الشريف ، مذكرات في نظام الحكم والإدارة في الدولة الإسلامية ، القاهرة ، 1977 م .

( 3 ) يسري عبد الغني عبد الله ، المدنية العربية الإسلامية ( نظرات في الأصول والتطور ) ، هيئة الكتاب ، القاهرة ، 1987 م .

( 4 ) محمد عبد الجواد محمد ، ملكية الأراضي في الإسلام ، جامعة القاهرة ، فرع الخرطوم .

( 5 ) على منصور ، نظم الحكم والإدارة في الشريعة الإسلامية ، القاهرة ، 1965 م .

( 6 ) مصطفى السباعي ، اشتراكية الإسلام ، القاهرة ، مصر .

( 7 ) على الخفيف ، الملكية في الإسلام ، القاهرة ، مصر .

( 8 ) محمد أبو زهرة ، التكافل الاجتماعي في الإسلام ، القاهرة ، مصر .

( 9 ) محمد عبد الله العربي ، النظم الإسلامية ، الجزء الثاني ، نظام الحكم في الإسلام ، القاهرة ، مصر .

(10) يسري عبد الغني عبد الله ، الإسلام والتنمية الاجتماعية ، هيئة الكتاب ، القاهرة ، 1985 م .

ـــــــــ

*باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية

Ayusri_a@hotmail.com

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ