ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الإسلام
وحرية الملكية (حق
الملكية في الإسلام) (
رؤية مقارنة ) بقلم :
يسري عبد الغني عبد الله* المقصود بحرية
الملكية: المقصود بحرية
الملكية , حق الفرد في تملك
الأموال بالوسائل المؤدية إلى
الملكية ، كالميراث والشراء
وغير ذلك من العقود والوسائل
المشروعة قانوناً . والدساتير الحديثة
جميعها تنص على حماية الملكية
الخاصة وتقرها ، وتدعو إلى
صيانتها ، وإلى أن تكون ملكية
غير مستغلة ، كما أن لها وظيفة
اجتماعية في خدمة الاقتصاد
القومي ، وهذا لا يتأتى إلا من
الانسجام الكامل والتام مع خطط
التنمية ، ومع الخير العام
للأمة ، فإذا تجاوزت هذه القيود
جاز فرض الحراسة عليها بحكم
قضائي . كما تنص الدساتير
الحديثة على أن نزع الملكية لا
يكون إلا للمنفعة العامة ،
ومقابل تعويض مجزي وعادل ، كما
لا يجوز تأميمها إلا للصالح
العام ، و لا يجوز المصادرة
العامة للأموال ، وأيضاً لا
تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم
قضائي . الملكية في الإسلام : إن
حرية التملك أصل مقرر في
الإسلام ، وإذا كان القرآن
الكريم لم ينص صراحة على هذا
الحق ، إلا أن آيات القرآن قاطعة
في تقريره ، وكذلك ما أقره من
أنظمة لا تقوم إلا على أساس وجود
الملك ، تؤكد وجود الملكية
الفردية ، أي حق الأفراد
وحريتهم في التملك . فالكثير
من آيات القرآن الكريم تشير إلى
أموال الناس , بما يؤكد اختصاصهم
بها ، واعتبارها أموالهم أي
ملكاً لهم . يقول
الله تعالى : {والذين في أموالهم
حق معلوم . للسائل والمحروم } [المعارج
: 24 ـ 25 ] والمعنى
: أن هؤلاء الذين يجعلون في
أموالهم حق معلوم للسائل
والمحروم ، هؤلاء في جنات
يكرمهم الله بثوابه فيها ،
والسائل هو الذي يسأل ،
والمحروم هو الذي لا يسأل الناس
فيظنه الناس غنياً غير محتاج . ويقول
سبحانه و تعالى : {خذ من أموالهم
صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلِ
عليهم إن صلاتك سكنٌ لهم والله
سميع عليم } [التوبة : 103 ] . والمعنى
: خذ يا محمد من أموالهم صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها ، وصلِ
عليهم ، أي وادع لهم ، إن دعاءك
يسكن اضطراب نفوسهم ، والله
سميع عليم . ويقول
جل علاه : {ولا تأكلوا أموالكم
بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى
الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال
الناس بالإثم وأنتم تعلمون } [البقرة
: 188] . والمعنى
: ولا يأكل بعضكم أموال بعض
بالباطل ، ولا تدفعوها إلى
الحكام لتمكنوهم من اغتيال قسم
من أموال الناس بالباطل . كذلك
إذ فرض القرآن الكريم الزكاة ,
وقرر الصدقة , وواجبات التكافل
الاجتماعي , ونظم المواريث ,
والوصايا , فكل هذه المقررات لا
توجد إلا على أساس الملكية . والرسول
محمد (صلى الله عليه وسلم) قد أكد
وجود الملكية قولاً وعملاً
وإقراراً . فقد علمنا أنه : لا
يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه
. وقوله
في خطبته الشهيرة في حجة الوداع
: "إن دماءكم وأموالكم
وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا
" . كما
أن الرسول الكريم (صلى الله عليه
وسلم ) ، كان يملك الأشياء ،
ويبيع ويشتري ، ويقر أصحابه
وسائر المسلمين على التملك وعلى
البيع والشراء . حماية الملكية في
الإسلام : ومن
جهة أخرى فقد قرر القرآن الكريم
والسنة النبوية المطهرة حماية
الملكية بوسائل عديدة ، فحرم
أكل أموال الناس بالباطل وأنذر
بالويل للمطففين . قال
عز وجل : {ويلٌ للمطففين . الذين
إذا اكتالوا على الناس يستوفون .
وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون .
ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون .
ليوم عظيم . يوم يقوم الناس لرب
العالمين . } [المطففين : 1 ـ 6 ] . والمعنى
: هلاك وعذاب للمتلاعبين
بالمكاييل والموازين ، الذين
إذا اكتالوا حقهم من الناس
أخذوه وافياً موفوراً ، وإذا
كالوا لهم أو وزنوا لهم يبخسوهم
حقهم. ألا يظن هؤلاء أنهم
ٍسيحيون بعد الموت ، وسيساقون
للوقوف بين يدي الخالق الأعظم ،
فيتولى حسابهم ويدبر عقابهم ؟ كما
أن الله سبحانه وتعالى حرم
الربا بكل ألوانه وأشكاله
تحريماً قاطعاً ، لأنه أكل
لأموال الناس بالباطل . كما
قرر الإسلام حد السرقة حماية
للمال الخاص ، ومما يؤكد أن حد
السرقة مقرر لحماية الملكية
الفردية أساساً ، الشك في
تطبيقه على السرقة من المال
العام ، وذلك لقيام شبه
المشاركة في الملك ، وهو ما يذهب
إليه بعض العلماء . وكل
ما يتطلبه الشرع في الملك أن
يكتسب بطريقة مشروعة ، أي من
حلال طيب , فالملك عن طريق
الميراث ، وعن طريق الوصية ، وعن
طريق البيع والشراء ، وعن طريق
إحياء وتعمير الأرض الموات ، كل
ذلك مشروع وحلال . وبناء
على ما تقدم فإن الملكية مقررة
شرعاً ، وذلك باعتبارها حقاً
مكفولاً للجميع ، ككل الحقوق ،
,‘وعليه فإن فقهاء الشريعة
يعرفونها على النحو التالي : ـ
"هي اختصاص بالشيء يمنع الغير
عنه ، ويمكن صاحبه من التصرف فيه
ابتداء إلا لمانع شرعي " [عمر
الشريف ، مذكرات في نظام الحكم
والإدارة في الدولة الإسلامية ،
ص 197 ، وما بعدها ، بتصرف .] طبيعة حق الملكية في
الإسلام : إن
الإسلام لم يجعل من الملكية
حقاً مطلقاً ، بل إن القيود
الشرعية التي فرضها الشرع على
الملاك تجعل من الملكية في
المقام الأول وظيفة اجتماعية . فالله
جل علاه هو خالق كل شيء ، وهو
المبدع الأول للكون كله ، وقد
خلق ما في الأرض جميعاً لينفع به
عباده ، وإذا كان المال يوزع بين
نوعين من الملكية ، نوع منه لا
يكون ملكه إلا عاماً لصالح
الجماعة ويعتبر مملوكاً للدولة
، ومنه الماء والكلأ والنار ـ
على ما ورد بالحديث الشريف ـ ،
ونوع منه يختص بمفرداته اختصاص
ملك ، وما اختصاصهم بالملك
بمانحهم سلطة مطلقة في المال ،
لأنهم مستخلفين فيه ، لذلك تعين
على المالك الالتزام التام
والكامل بالقيود الشرعية
لاستعمال المال وتوظيفه
واستثماره وتنميته ، والتصرف
فيه بما يفيد وينفع الناس
جميعاً ، بما يحقق صالح المالك
نفسه وصالح الجماعة التي يعيش
فيها . القيود الشرعية التي
ترد على حرية الملكية : نتحدث
بعد ذلك عن القيود الشرعية التي
ترد على حرية الملكية في
الإسلام ، محاولين قدر الطاقة
أن نبين الحكمة من هذه القيود
وأهدافها :- فبالنسبة للمالك : أولاً : هناك أموال لا
يجوز تملكها : 1ـ هذه الأموال لا
يجوز تملكها إما لأنها من
الملكيات العامة شرعاً كالهواء
، والماء ، والكلأ ،
والنار،فالناس جميعاً شركاء في
هذه النعم الضرورية للحياة ،
ولا يحق لأحد مهما كان السيطرة
عليها ، أو استغلالها لنفعه
الشخصي . 2 ـ وإما لأنها محرمة
شرعاً فلا يرد عليها ملك كالخمر
والخنزير ، إذ ورد النص الصريح
بتحريمها . ثانياً : ليس للمالك
الحق المطلق للتصرف في أمواله: 1 ـ فهو ملزم شرعاً
بحسن الإنفاق ، بلا إسراف أو
تبذير. قال تعالى : {ولا تجعل يدك
مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل
البسط فتقعد ملوماً محسوراً . إن
ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر
إنه كان بعباده خبيراً بصيرا } [الإسراء
: 29 ـ 30 ] . والمعنى
: ولا تجعل يدك مشدودة إلى عنقك
من الشح والبخل ، ولا تفتحها كل
الفتح فتصير مذموماً تعاني من
الإعياء والتعب ، إن ربك يوسع
الرزق لمن يشاء ويضيقه عليه
لأنه خبير بأحوال عباده ، بصير
بأدواء نفوسهم ، فيعالجهم
بالتوسعة أو التضييق العلاج
المناسب لهم . ويقال
: أن سبب نزول هذه الآية أن امرأة
أرسلت إلى رسول الله بنتها تطلب
إليه درعاً (جلابية) ، فلم يجد ،
فأعطاها قميصه ، وجلس في داره ،
ولم يستطع الخروج للصلاة
بالمسجد . 2 ـ وهو مطالب بعدم
حجب المال عن التداول
والاستثمار والتنمية من أجل
صالح المجتمع . قال عز وجل :{ يا أيها
الذين آمنوا إن كثيراً من
الأحبار والرهبان ليأكلون
أموال الناس بالباطل ويصدون عن
سبيل الله والذين يكنزون الذهب
والفضة ولا ينفقونها في سبيل
الله فبشرهم بعذاب أليم . يوم
يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى
بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا
ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما
كنتم تكنزون .} [التوبة : 34 ـ 35 ] . والمعنى : يا أيها
المؤمنون إن كثيراً من علماء
اليهود ورهابنة النصارى
ليغتالون أموال الناس من طريق
الرشا (جمع رشوة) وبيع الرحمة (صكوك
الغفران) ويصدونهم عن إتباع دين
الله الصحيح ، فبشر الذين
يكنزون الأموال ولا يبذلونها في
سبيل الله (صالح الناس) بعذاب
أليم ، يوم يحمي على هذه الأموال
في نار جهنم فتكوى بها جباههم
وجنوبهم وظهورهم ، ويقال هذا ما
ادخرتم لأنفسكم فذوقوا عذاب ما
كنتم تدخرون . ولعل في هذا دلالة
قاطعة على تحريم اكتناز الأموال
، لما في ذلك من حبس لها عن
التداول والمشاركة في تنمية
الموارد والتعمير والإصلاح ،
وتوفير احتياجات الناس . ومن الأمثلة على ذلك
أن رسول الله محمد (صلى الله
عليه وسلم) ، كان قد أقطع
الصحابي الجليل (بلال بن رباح )
أرضاً (أي ملكه إياها ) ، فلما
عجز بلال عن إصلاحها أو تعميرها
أو زراعتها كلها ، طالبه
الفاروق / عمر بن الخطاب (رضي
الله عنه ) بالتنازل عنها لمن
يستطيع زراعتها ، فرفض بلال ذلك
، فأرغمه عمر على ترك ما زاد على
حاجته وقسمه بين المسلمين
المحتاجين . كذلك فإن من المقرر
شرعاً ، أن من قام بتحديد جزء من
الأرض الموات (البور) وهو ما
يسمى بالتحجير ، أي : وضع علامات
بالحجر ، لإحيائه ، فإن أحيا هذا
الجزء من الأرض تملكه ، ولكنه
إذا قام بالتحجير ولم يبادر إلى
إصلاحه والإفادة منه خلال سنوات
ثلاثة يسقط حقه . فقد علمنا رسول الله (صلى
الله عليه وسلم) : أنه ليس لمحتجر
حق بعد ثلاث سنين . وقد أكد الفاروق / عمر
بن الخطاب (رضي الله عنه) العمل
بهذا المبدأ المهم الذي يدعو
إلى صالح المجتمع ، وإلى
استمرارية حركة التعمير
والتنمية والإصلاح . وهكذا تبدو لنا بجلاء
ووضوح سمات الوظيفة الاجتماعية
للملكية في الإسلام ، وذلك من
خلال ما فرض على المالك من
واجبات هدفها الصالح العام . أما بالنسبة لعلاقة
المالك بغيره : فالقيود الشرعية على
المالك عديدة ، ولهذه القيود
هدفان : ـ الأول : عدم الإضرار
بالغير . الثاني : تحقيق صالح
الجماعة . الهدف الأول : عدم
الإضرار بالغير (أي غير المالك) يرجع تقرير هذه
القيود إلى قاعدة عامة قررها
الرسول محمد (عليه الصلاة
والسلام) في الحديث الآتي : "لا
ضرر ولا ضرار " . ويتفرع عن هذه
القاعدة عدة قواعد أصولية : "الضرر
الأشد يزال بالضرر الأخف " ،
"يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر
عام " ، "الضرر يزال" ..
إلخ .. وتطبيقاً لهذه
القاعدة وتفريعاتها تتقرر
القيود التي هدفها عدم الإضرار
بالغير ، وسنحاول قدر الجهد
استعراضها : ـ 1 ـ روي أن أحد
الأنصار شكا إلى الرسول محمد (صلى
الله عليه وسلم ) من أن له بستان
، وأن لأحد المسلمين نخل في داخل
هذا البستان (ملكية النخل في ملك
الغير مقررة ومسلم بها) ، وأن
مالك النخل يدخل هو وأهله في
بستان الأنصاري مما يسبب الأذى
للبستان ، فطلب الرسول (عليه
الصلاة والسلام) من مالك النخل
أن يبيعه لصاحب البستان أو يهبه
له إن استطاع ، فأبى صاحب النخل
، فقال له الرسول (صلى الله عليه
وسلم) : "أنت مضار " ، وأمر
مالك البستان بقطع النخل . وما
فعل ذلك إلا لدفع الضرر الأشد . 2 ـ تقرير حقوق
الارتفاق على أرض الغير ، من أجل
صالح مالك الأرض المحبوسة عن
الطريق أو غيرها ، كحق المرور, و
حق المجرى المائي . وقد روي أن محمداً بن
مسلمة منع جاراً له من أن يروي
أرضه ، لأنه لا سبيل لذلك إلا
بمرور الماء في أرض مسلمة ، ولكن
الفاروق / عمر بن الخطاب سأل
مسلمة عما إذا كان عليه من ذلك
ضرر ، فلما أجاب بالنفي قال له
عمر : "والله لو لم أجد له
ممراً إلا على بطنك لأمررته "
!! 3 ـ تقرير حق الشفعة
للمالك المشترك أو للجيران ،
وما يجيزه الشارع من أفضليتهم
في التملك دون غيرهم ، روعي فيه
دفع الضرر الذي قد يصيبهم من
شريك جديد أو جار جديد ، فجاز
بالشفعة أن يتملكوا الأرض جبراً
عن صاحبه ، إذا رغب في التصرف
للغير . 4 ـ حرية المالك في
التصرف في ملكه تصرفاً مضافاً
إلى ما بعد الموت مقيدة بحدود
محددة ، وذلك لمنع الإضرار
بالورثة . هذه كانت بعض المبادئ
المقررة بالنسبة للقيود التي
ترد على الملكية لصالح الأفراد
، من أجل ضمان علاقات طيبة بينهم
بعيداً عن الخلافات والمشاحنات
، لما يحقق عدم الإضرار بالغير .
[عمر الشريف ، مذكرات في نظام
الحكم والإدارة في الدولة
الإسلامية ، ص 170 ، بتصرف] . الهدف الثاني : تحقيق
صالح الجماعة : ليس المالك طبقاً
للأصول الشرعية المقررة حر
التصرف في ملكه ، بل إن المشرع
قد فرض على الملكية حقوقاً
وقيوداً لصالح الجماعة ،
باعتبار أن مصلحة المجموع غالبة
على مصالح الأفراد ، ووفقاً
لهذه الحقوق والقيود ، وعلى
أساسها : ـ 1 ـ فرض الله عز وجل
على المسلمين الزكاة تؤخذ من
أموالهم لتصرف في مصالح الجماعة
، سواء أكانت مصالح الدولة بوجه
عام ، أو لمصالح الفقراء وأصحاب
الاحتياجات بوجه خاص . 2 ـ للحاكم أن يأخذ من
أموال الأغنياء إذا قامت
الضرورة بمواجهة مصالح المجموع
، إذا لم تكف موارد الدولة ،
وخاصة الزكاة للوفاء بها . 3 ـ يرى كثير من
الفقهاء المعاصرين أن من حق
الحاكم أن يضع حداً أعلى ملكية
الأموال ، وأن يؤمم الملكيات
التي يقتضيها الصالح العام
للأمة . الأدلة على تحديد
الملكية : يستدل الفقهاء على
تحديد الملكية بأدلة عديدة منها
: أ ـ أن الدولة
الإسلامية في بلاد الأندلس قد
صادرت أملاك الأغنياء من أجل
الصالح العام .[علي منصور ، نظم
الحكم والإدارة في الشريعة
الإسلامية ، ص 87] . ب ـ كما يستدلون على
ذلك بالآية الكريمة {هو الذي خلق
لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى
إلى السماء فسواهن سبع سماوات
وهو بكل شيء عليم .} [البقرة : 29] . والمعنى : هو الله
الذي خلق لكم كل ما في الأرض
فتنتفعون به لمعاشكم ، ثم وجه
إرادته إلى السماء فجعلهن سبعاً
طباقاً وهو بكل شيء عليم . وقد أوضح الفقهاء أنه
يمكن أن نستخلص من هذه الآية
ومفهومها : أن الأرض خلقت للناس
جميعاً لا اختصاص لأحد منهم ،
وإن كان لكل إنسان "حظه الذي
يسد به حاجته ، وتقوم به حياته
في النطاق الذي تقرره العدالة
وتحدده نواميس العمران
ومقتضيات الاجتماع ." [الشيخ /
علي الخفيف ، بحث الملكية في
الإسلام.] . ج ـ كما يؤيد الفقهاء
المعاصرون رأيهم في الملكية من
أجل الصالح العام ، بحديث
الرسول (صلى الله عليه وسلم) :
"الناس شركاء في ثلاثة : الماء
والكلأ والنار ." . ويستدركون على ذلك
قائلين بأنه : فضلاً عن أن هذا
الحديث الشريف وضع أساس الملكية
الجماعية إلا أن هذه الأموال
ليست أنواعها واردة على سبيل
الحصر ، بل يلحق بها كل ما كان
مثلها في حاجة الناس جميعاً
إليها . [مصطفى السباعي ،
اشتراكية الإسلام ، ص 159 ] . د ـ كما يستدلون على
ذلك بما فعله الفاروق / عمر بن
الخطاب (رضي الله عنه) في أرض
السواد بالعراق ، إذ قرر
تقسيمها على الفاتحين ، ـ
خلافاً لما نص عليه القرآن ـ و
أبقاها تحت يد أصحابها الأصليين
مقابل التزامهم بالخراج ويرون
أن هذا الوضع مؤداه تأميم الأرض
الزراعية باعتبار ملكية الرقبة
فيها لبيت المال. خاتمة في إجمال :- وعلى العموم فإن
الفقهاء المحدثين ، يرون أن من
حق الحاكم أن يتدخل بتحديد
الملكية إلى المدى الذي تتحقق
فيه مصلحة المجتمع ككل في وقت
معين وظروف معينة ، وممن أقروا
حق ولي الأمر العادل في نزع
الأراضي من أيدي أهلها ،
أستاذنا المرحوم الدكتور / محمد
عبد الله العربي ، وأستاذنا
المرحوم الشيخ / محمد أبو زهرة . [محمد
عبد الجواد محمد ، ملكية
الأراضي في الإسلام ، ص 269 ، وما
بعدها بتصرف من عندنا ] . وبهذا نعلم أن
الملكية في الإسلام لها وظيفة
اجتماعية ، وأن عدم الإضرار
بالغير وتحقيق صالح الجماعة من
أهم أهداف القيود الشرعية على
المالك ، مع ضرورة استثمار
المال وتنميته وحسن التصرف فيه
، بما يحقق صالح المالك نفسه ،
وصالح الجماعة بوجه عام . ------------- الأسانيد
والمراجع (
1 ) محمد فريد وجدي ، المصحف
المفسر ، دار الشعب ، القاهرة ،
مصر . (
2 ) عمر الشريف ، مذكرات في نظام
الحكم والإدارة في الدولة
الإسلامية ، القاهرة ، 1977 م . (
3 ) يسري عبد الغني عبد الله ،
المدنية العربية الإسلامية (
نظرات في الأصول والتطور ) ،
هيئة الكتاب ، القاهرة ، 1987 م . (
4 ) محمد عبد الجواد محمد ، ملكية
الأراضي في الإسلام ، جامعة
القاهرة ، فرع الخرطوم . (
5 ) على منصور ، نظم الحكم
والإدارة في الشريعة الإسلامية
، القاهرة ، 1965 م . (
6 ) مصطفى السباعي ، اشتراكية
الإسلام ، القاهرة ، مصر . (
7 ) على الخفيف ، الملكية في
الإسلام ، القاهرة ، مصر . (
8 ) محمد أبو زهرة ، التكافل
الاجتماعي في الإسلام ، القاهرة
، مصر . (
9 ) محمد عبد الله العربي ، النظم
الإسلامية ، الجزء الثاني ،
نظام الحكم في الإسلام ،
القاهرة ، مصر . (10)
يسري عبد الغني عبد الله ،
الإسلام والتنمية الاجتماعية ،
هيئة الكتاب ، القاهرة ، 1985 م . ـــــــــ *باحث
ومحاضر في الدراسات العربية
والإسلامية -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |