ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
46 - د.
محمد سعيد حوى القاعدة
الخامسة عشرة:. الباب
اذا لم تجمع احاديثه والحديث اذا لم
تجمع طرقه والفاظه، لا يتبين
الخطأ من
الاخطاء النقدية التي يقع فيها
بعض المتعاملين في نقد الحديث
انه ينظر الى ظاهر اسناد حديث ما
فاذا ما وجد ضعفاً او علة ووقف
على طريق آخر تجده يصحح الحديث
بما يسمى الشواهد او المتابعات
دون تدقيق في حقيقة مضمون هذه
الشواهد وقد تكون بعض هذه
الشواهد ضعيفة سنداً، فيقول لك
وهو حسن بشواهده او ضعف محتمل في
الشواهد والمتابعات مما يؤدي
الى عدد من المشكلات منها ان
نحكم على حديث ما بأنه حسن ثم
نتعامل مع معاملة الصحيح وهذا
خطأ نقدي, سبقت الاشارة اليه. ومشكلة
اخرى ان نقف على اخطاء للرواة
فنجعلها دليل صحة بدل ان نجعلها
دليل بطلان كما سنرى ثم نأخذ كل
حديث بشكل مجزأ مفرق دون جمع
دقيق لألفاظ الحديث ومرويات
الباب الواحد فلا تظهر العلل
كما هي. ولتوضيح ذلك كله اضرب
الأمثلة التالية:. المثال
الاول: حديث: جابر بن عبدالله
مرفوعاً: "يا
أيها الناس اني تركت فيكم ما ان
اخذتم به لن تضلوا كتاب الله
وعترتي أهل بيتي". فنجد من
يصحح ذكر عبارة "وعترتي اهل
بيتي" بالشواهد, مع انه ههنا
علة مؤثرة, لماذا؟. اصل هذا
الحديث في صفة حجة رسول الله
وخطبته في عرفة وهي خطبة مطولة
وفيها: "وقد تركت فيكم ما لن
تضلوا بعده ان اعتصمتم كتاب
الله وانتم تسألون عني, فما انتم
قائلون". وهذا الحديث أخرجه
بهذا اللفظ مسلم (3009) وابو داود
(1907) وابن ابي شيبة (7/175) وابن
الجارود في المنتقى (469) وعبد بن
حميد (1137) وابن ماجه (3190) وابن
حبان (1479) و(4020) وابن خزيمة (2597)
ومشكل الاثار 28 وغيرهم كثر من
طرق كثيرة عن حاتم بن اسماعيل
المدني عن جعفر بن محمد بن علي
بن الحسين عن ابيه دخلنا على
جابر .. الحديث". فهذا
اشهر سياق للحديث وليس فيه ذكر
"وعترتي". ثم جاء
زيد بن الحسن الانماطي بتفرد
برواية هذا الحديث عن جعفر بهذا
الاسناد فرواه بلفظ "يا ايها
الناس قد تركت فيكم ما ان اخذتم
به لن تضلوا كتاب الله وعترتي
اهل بيتي" وان ذلك كان في خطبة
عرفة.. (الترمذي 4155 والطبراني 2614
و2680 والطبراني في الاوسط (4557). وقال
الترمذي وفي الباب عن ابي ذر
وابي سعيد وزيد بن ارقم وحذيفة
حديث حسن غريب.. وهنا علل خطيرة:. 1-
تفرد بهذا اللفظ زيد بن
الحسن وهو ضعيف الحديث (تقريب
2127) بل قال ابو حاتم منكر الحديث. 2-
خالف عشرات الرواة الذين
رووا خطبة عرفة عمن هو اوثق من (حاتم
بن اسماعيل) وليس فيها ذكر
وعترتي. 3-
عدم فهم مصطلح الترمذي وان
يشير بمصطلح حسن الى الضعف،
وبمصطلح غريب الى وجود علة. 4-
وهنا لا يجوز ان يقال ان
يشهد لهذا الحديث، حديث زيد بن
ارقم لسببين:. الاول:
ان لفظ حديث زيد ليس كذلك وجاء
في سياق آخر كما سنراه. الثاني:
ان حديث زيد بن الحسن مخالف مع
ضعفه لما رواه العشرات فهو منكر. الخلاصة:
ان حديث زيد بن الحسن معلول منكر
لا يجوز ان يقال انه يصح بشواهده
لأن الراوي زاد من نفسه شيئاً لم
يروه الثقات فلا يجوز ان يعتبر
به في الشواهد. المثال
الثاني:. حديث
زيد بن ارقم:. هذا
الحديث اخرجه مسلم (7/122) واحمد
_4/366) وابن ابي عاصم (1550)
والطبراني (5026) والطحاوي في
المشكل 4/368 وغيرهم عن يزيد بن
حيان التميمي قال: انطلقت انا
وحصين بن سَبَرة وعمر بن مسلم
الى زيد بن ارقم, وفي ذكر خطبة
النبي في غدير خم وانه قال: اني
تارك فيكم ثقلين اولهما كتاب
الله فيه الهدى والنور, فخذوا
بكتاب الله واستمسكوا به فحث
على كتاب الله ورغّب فيه واهل
بيتي اذكركم الله في اهل بيتي
ثلاثاً..". هذا لفظ الحديث
الصحيح. فهو:
اولاً: في غدير خم وليس في خطبة
عرفة. وثانياً:
عندما اشار رسول الله الى اهل
بيته انما قال اذكركم الله في
اهل بيتي وبمعنى آخر بين انه ترك
امرين ثم بين ما هو الواجب على
المسلمين في حق كل منهما فمن
الكتاب ان نأخذ به ونتمسك به ..
وحق اهل البيت ان نحفظهم ونحفظ
حقهم, وقدرهم وهذا لا شك فيه
مصداقاً لقوله تعالى "قل لا
اسألكم عليه اجراً الا المودة
في القربى". فهاهنا
ملحوظات:. 1-
انك ترى ان هذا السياق لا
يصلح شاهداً لحديث زيد بن الحسن
الانماطي لأن رواية زيد جاءت في
سياق خطبة عرفة مخالفة لما رواه
الثقات, وهذه جاءت في سياق خطبة
غدير ثم ان رواية زيد بن الحسن
تجعل اهل البيت قرين الكتاب في
العمل، بينما سياق حديث زيد
انما يبين الواجب علينا تجاه كل
على حدة. 2-
لما لم يلاحظ بعض النقاد دقة
رواية زيد بن ارقم عند مسلم ومن
معه جعلوا روايات اخرى خاطئة
ومعلولة شاهداً لهذه الرواية
وصححوا الجميع. 3-
فقد روي حديث زيد بن ارقم
بلفظ منكر "لما رجع رسول الله
من حجته نزل غدير خم فقال: اني قد
تركت فيكم الثقلين احدهما اكبر
من الآخر كتاب الله وعترتي اهل
بيتي..". اخرجه النسائي في
الكبرى (8148) والحاكم (4553) واخرجه
الطبراني (2615) والمشكل (1521) بلفظ:
ثقلين الاكبر كتاب الله والاصغر
عترتي. وهذا
السياق معلول متناً وسنداً اما
متناً فكيف يقال احدهما اكبر من
الآخر فأي شيء يقرن بالعظمة
بكتاب الله. وثانياً:
انه مخالف للرواية الصحيحة التي
رواها مسلم والتي تبين واجبنا
تجاه اهل البيت وليس انها
مقرونة بذكر الكتاب في وجوب
العمل. 4-
وعدم الالتفات الى هذه
الدقائق جعل بعض النقاد يصحح
رواية زيد بن ارقم ككل دون النظر
الى الفرق في الالفاظ وانها
حرفت في بعض الالفاظ ثم صححت
بناء عليها روايات اخرى شاذة
ليقال بعد ذلك انها تصح
بالشواهد او حسنة بالشواهد مع
انها معلولة ومخالفة. ولا
يتسع المقام الآن لاستيفاء ذكر
كل الشواهد المعلولة وكيف صححت
الفاظ تعطي مدلولات غير المطلوب. فالخلاصة
ان خطبة عرفة لم يصح فيها الا
ذكر كتاب الله وخطبة غدير خم ذكر
بحق الكتاب وانه الاستمساك
والعمل وحق اهل البيت وهو الحفظ
والرعاية والحب. بينما
الروايات المعلولة تجعل كأنه
واجب العمل التشريعي بالكتاب
وبما ورد عن العترة حتى جعل بعض
الفئات يرون ان هناك ائمة
معصومين يجب طاعتهم وان لهم حق
كحق الكتاب. اما
باقي الشواهد وعللها فلعلنا
نتمكن من بيانها ونستكمل ضرب
الأمثلة في موضوع القاعدة التي
بين ايدينا. يتبع
بإذن الله -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |