ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
60 - د.
محمد سعيد حوى هل
مثل القرآن شيء؟ عندما
نتكلم عن منهجية التعامل مع
السنة النبوية نؤكد على حجية
السنة حال ثبوتها بلا مطعن ولا
علة، ونقول في الوقت ذاته ان خبر
الآحاد يبقى ظنياً – على اختلاف
مراتبه – ولا يمكن ان ينزل
منزلة القرآن في الثبوت ولا
منزلة المتواتر لما سبق بيانه
من كون الآحاد قد يخطئ، ومن حيث
ان الاسانيد قد تعتريها العلل،
وربما لا يقف عليها الناقد، وان
السنة رويت بالمعنى في معظمها,
وتأخر تدوينها، وان العلماء
يختلفون في التصحيح والتضعيف
ويختلفون في الحكم على الرواة,
وان نقد الاحاديث كله اجتهادي. هنا
يأتي من يريد ان يحتج عليك بحديث
"الا اني اوتيت الكتاب ومثله
معه" وفي بعض الروايات "اوتيت
القرآن ومثله معه" ليستنبط من
وراء ذلك ان السنة مثل القرآن
ويعمم ذلك في حكم ثبوتها وقوة
العمل بها. وقبل ان
اقدم دراسة هذا الحديث لا بد من
بيان كل ما صدر عن النبي (صلى
الله عليه وسلم) وثبت ثبوتاً لا
مجال للشك فيه فهو وحي وهو معصوم
وهذا ما أدين الله تعالى به. ولو كنت
اسمع من النبي (صلى الله عليه
وسلم) امراً او نهياً او ارشاداً
فقوله لي كقول الله تعالى. اذن
ليست قضيتنا مع حجية السنة
ذاتها ولا مع وجوب طاعة رسول
الله فكل ذلك مسلم قطعاً انما
قضيتنا مع الوسائط والرواة فيما
ينسبون الى رسول الله (صلى الله
عليه وسلم) من حيث وجوب التحري
والتدقيق هذا من جهة، ومن جهة
اخرى، انه حتى في حال تم نقل ما
نُقل وروي بأسانيد صحيحة ما لم
تبلغ التواتر يبقى ان كون السنة
ظنية هو واقع الحال, والا لماذا
اختلف العلماء في صحة مئات
الاحاديث فتجد عالماً صحح
حديثاً، واخر يضعفه وتجد العالم
نفسه اليوم يصحح وغداً يتراجع. حديث
اوتيت الكتاب ومثله:. وبين
يدينا الحديث الآتي:. عن
المقدام بن معد يكرب، عن رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) انه
قال: "الا اني اوتيت الكتاب
ومثله معه لا يوشك رجل شبعان على
اريكته يقول عليكم بهذا القرآن
فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه,
وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه،
الا لا يحل لكم (لحم) الحمار
الاهلي ولا كل ذي ناب من السبع،
ولا لقطة معاهد الا ان يستغني
عنها صاحبها، ومن نزل بقوم
فعليهم ان يقروه فان لم يقروه
فله ان يعقبهم بمثل قراه". ينظر
تخريجه في صحيح ابن حبان بتحقيق
الشيخ شعيب (1/رقم 12) والمسند
الجامع 15/454-455) وسنن الترمذي
بتحقيق د. بشار 2663 و2664). والحديث
كما نرى يشتمل على اربع فقرات:. 1-
قوله "اوتيت الكتاب ومثله
معه" وفي رواية اوتيت القرآن
ومثله معه وفي رواية اوتيت
الكتاب وما يعدله. 2-
قوله: "يوشك رجل شبعان على
اريكته ...". 3-
قوله "الا لا يحل لكم لحم
الحمار ...". 4-
قوله "ولا لقطة معاهد....". اما
تحريم لحوم الحمر الأهلية وكل
ذي ناب من السباع فصح وثبت في
البخاري ومسلم. من طرق
عن انس وجابر وابي ثعلبة الخشني
وابن عباس (ا رواء 8/136). لكن
الاشكالات في: 1-
ان اصل الحديث في تحريم
الحمر وكل ذي ناب في الصحيحين،
ومع ذلك لم يوردا هذه الزيادات. 2-
كيف يكون شيء مثل او عدل
القرآن؟. 3-
هل رويت هذه الفقرات
الزائدة بأسانيد صحيحة؟. فكان لا
بد من نقد الحديث سنداً ومتناً. نقد
الحديث سنداً:. الحديث
من رواية المقدام بن معد يكرب
ورواه عنه اثنان:. 1-
عبدالرحمن بن ابي عوف
الجرشي. 2-
الحسن بن جابر اللخمي. ورواه
عن عبدالرحمن اثنان:. 1-
حريز بن عثمان. 2-
مروان بن رؤبة التغلبي. ورواه
عن الحسن معاوية بن صالح. اما
عبدالرحمن بن ابي عوف فقد قال
فيه الآجري عن ابي داود: شيوخ
حريز كلهم ثقات، أ.هـ، أي لم ينص
صراحة على توثيق عبدالرحمن لكن
اكتفى بأنه من شيوخ حريز
والقاعدة عند المحدثين عدم قبول
التعديل على الابهام فلم يقبلوا
قول من قال حدثني الثقة. ولم اجد
احداً وثق هذا الراوي صراحة الا
ابن حبان ذكره في الثقات وكذا
العجلي (وهما ممن يوثق المجاهيل). لذا,
قال ابن القطان: مجهول الحال (تهذيب
6/246). اما
مروان بن رؤبة فمجهول، لم يوثقه
الا ابن حبان كعادته في توثيق
المجاهيل (تهذيب 10/92). واما
حريز بن عثمان، فالكلام فيه
طويل حتى قيل فيه ثقة ثقة، الا
انه كان يحمل على علي بن ابي
طالب وينتقص وينال منه بشدة
ويقول: لا احبه تهذيب (2372-240) فهل
يكون عدلاً من يبغض علياً. وقد
بيّن النبي (صلى الله عليه وسلم)
انه لا يبغض علياً الا منافق (مسلم
249). واما
الحسن بن جابر فليس له الا هذا
الحديث.. في السنن, وهو مجهول،
ايضاً لم يوثقه غير ابن حبان (تهذيب
2/259). واما
الراوي عنه معاوية بن صالح: فقد
وثقت احمد وابو زرعة لكن كان
يحيى بن سعيد القطان لا يرضاه
وقال ابو حاتم: لا يحتج به ولينه
ابن معين (ميزان 4/135). هذا النقد
الاجمالي لاسانيد الحديث. فان
الرواة مع ذلك لم يتفقوا على لفظ
واحد وثمة علل في الحديث. وخلاصتها:. 1-
تفرد عبدالرحمن بن ابي عوف
بعبارة "اوتيت الكتاب (او
القرآن) ومثله (او ما يعدله) لم
يروها احد غيره عن المقدام وهو
مجهول على الارجح. 2-
اضطربت الرواية عن مروان
عنه فبعضهم روى هذه العبارة من
طريقه وبعضهم لم يروها مع كون
مروان مجهولاً. 3-
حريز متهم بعداء علي رضي
الله عنه وان كان الحديث لا صلة
له بهذا الامر، لكن كيف يعدل من
يبغض علياً؟. 4-
اما عبارة (يوشك رجل شبعان
على اريكته) فقد رواها عن
المقدام ابن ابي عوف والحسن بن
جابر لكن الحسن مجهول والراوي
عنه معاوية بن صالح ضعّفه عدد من
الائمة. 5-
وعبدالرحمن ايضاً مجهول
والرواة عنه متكلم فيهم او
مجاهيل. 6-
اصل الحديث جاء في سياق ذكر
تحريم لحوم الحمر الاهلية وكل
ذي ناب من السباع وقد اتفق
الشيخان على رواية تحريم الحمر
الاهلية وكل ذي ناب ومع ذلك، فان
احداً منهم لم يذكر فيه هذه
العبارات (اوتيت القرآن ومثله)
او (يوشك رجل شبعان ..).. فهي زيادة
شذ بها هؤلاء الضعفاء والمجاهيل. 7-
لو نظرنا في قوله (اوتيت
القرآن ومثله او ما يعدله) فهل
يجوز ان يقال هذا شرعاً. هل يمكن
لشيء ان يعدل القرآن او يماثله
سواء من حيث الاعجاز او النظم او
البلاغة والبيان او الاسرار او
قوة الثبوت وقطعيته او العظمة
والخلود.. فلو قال
قائل: يقصد رسول الله ان طاعة
رسول الله كطاعة الله، قلنا هذا
لا خلاف فيه، لكن هل نقلت لنا
سنة رسول الله كما نقل القرآن
اما انها كما ذكرت في البداية
منع رسول الله كتابتها ونقلت
احادية على الأعم.. ثم هل الرواة
هؤلاء الذين رووا هذه العبارات
يحتج بهم؟. فكيف
وقد شذوا بزيادة ليست مروية في
الصحيحين مع كون الصحيحين اخرجا
اصل الحديث وهو تحريم لحوم
الحمر الاهلية وكل ذي ناب من
السباع. واما
حديث "لا الفين احدكم متكئاً
على اريكته يأتيه امر مما امرت
به او نهيت عنه فيقول: لا ادري،
ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه (اخرجه
احمد 6/8 والترمذي 2663) فهو من
الاحاديث المعلولة بالارسال
ينظر سنن الترمذي. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |