ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (17) د.
محمد سعيد حوى القاعدة
العاشرة في ضوابط
وقواعد التعامل مع المتابعات
والشواهد في تصحيح الحديث. من
القضايا الإشكالية جداً في نقد
الحديث التصحيح على المتابعات
والشواهد. ولا بد بين يدي بحث
المسألة من تعريف المتابعة
والشاهد. فالمتابعة
أن يوافق راو راوياً آخر على ما
رواه عن شيخهما أو عمن فوقه عن
صحابي واحد. فمثلا
أن يروي معمر بن راشد عن الزهري
عن سالم عن ابن عمر ثم يرويه
يونس عن الزهري عن سالم عن ابن
عمر فيقال تابع يونس معمراً. والشاهد
أن يروى حديث عن صحابي ثم يوجد
هذا الحديث أو ما يوافق معناه عن
صحابي آخر, فقد يتفقان في اللفظ
والمعنى أو المعنى فقط وقد يكون
الاتفاق في كل المعنى أو في بعض
أجزائه. لا شك
ان البحث عن المتابعات والشواهد
من صميم عمل المحدثين النقاد
لمعرفة التفرد والغرابة او
عدمها ولمعرفة الموافقة
والمخالفة والزيادات ومن ثم
الوقوف على العلل والاخطاء
الخفية او للتثبت من صحة حديث ما. لكن
الاشكال الكبير ان تجد طرقا ما
كلها ضعيفة بدرجات مختلفة من
الضعف فيصحح الحديث بدعوى تعدد
الطرق وتقوية الحديث بذلك. ان
تصحيح الاحاديث بالاعتماد على
الشواهد والمتابعات من غير
قواعد وضوابط سليمة فتح باباً
خطيراً من الاشكالات اذ تصحح
احاديث ضعيفة, لا ينبغي ان تصحح
وهذا فضلاً عما يمكن ان يكون في
متونها من اشكالات وعلل. لقد
لوحظ ان بعض اهل العلم يسعى
لتصحيح كثير من الاحاديث بكثير
من التكلف غير ناظر لما يترتب
على عمله ذاك من نسبة احاديث الى
رسول الله لم تثبت او اصدار
احكام شرعية غير دقيقة ومن ثم
تكليف الناس بما لم يكلفوا به,
وتجد البعض اذا صحح حديثاً بهذه
الطريقة المتكلفة يقول لك بعد
ذلك فصح الحديث والحمد لله,
وكأنه لو لم يصح الحديث لضاع
الدين او تفلت الناس, وما عرف
هؤلاء ان خطورة تصحيح حديث غير
صحيح كتضعيف حديث هو في حقيقته
صحيح, بل أشد, ونحن لم نكلف
بالتعبد الا بما ثبت حقاً من غير
ظنون وأوهام "ان الظن لا يغني
من الحق شيئاً" وانه ليس
المهم ان نكثر من اعداد
الاحاديث الصحيحة المنسوبة
لرسول الله صلى الله عليه وسلم
بقدر ما ان المطلوب هو التحقق
والتثبت, بل اذا علمنا ان رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يشأ
ان تدّون السنة واراد ان تبقى
ظنية الثبوت – كما سنبين –
ليبقى ميدان الاجتهاد توسعة على
الامة فسيحاً. فعندما
نعمد الى تصحيح احاديث لم يثبت
صحتها فإننا نضيق واسعاً وتكلف
الناس ما لم يكلفوا به من غير
دليل. ومن ثم
كان لا بد ان تكون عملية التصحيح
على الشواهد والمتابعات منضبطة
بقواعد دقيقة, سأبينها وأضرب
لذلك عدداً من الامثلة مبيناً
أثر عدم الالتزام بهذه القواعد. فلا بد
لصحة اعتماده متابعة ما: اولاً:
ان لا يكون احد الراويين ضعفه
شديداً وانما لا يقل كل منهما عن
درجة صدوق. او صدوق يخطئ ونحوها
حداً ادنى لأن اطلاق لفظة صدوق
على راو تدل على عدالته مع وجود
اخطاء يسيرة عنده اما اذا قيل في
راو ضعيف مثلاً فهذا يدل على
كثرة الخطأ عنده وقلة الضبط. وكذا
اذا كان الراوي مجهولاً فإنه لا
يعرف عن ضبطه شيء فضلا عن جهالة
عدالته. ثانياً:
ان لا يكون احد الراويين ممن
اختلف فيه توثيقاً وضعفاً, ولم
يترجح جانب الوثاقة واذ نقول لا
بد ان يكون كل راو من رتبة صدوق
او صدوق يخطئ حداً ادنى فلا بد
من مراعاة امر ما مهم جداً وهو
ان اكثر الرواة الذين يرتكز
عليهم في تصحيح المتابعات ممن
اختلف فيهم فتجد من ضعفوا تارة
ووثقوا تارة وهذه علة تقترح في
قبول هذا الراوي في الشواهد أو
المتابعات خاصة اذا كان جانب
الجرح غالباً في اقوال النقاد
أو كان التوثيق متردداً كقولهم:
لا بأس به مع ضرورة فهم
المصطلحات اذ معنى قولهم صالح
مثلاً ان الراوي ثابت العدالة
لكن ضبطه ضعيف, فكيف يقبل هؤلاء
في الشواهد أو المتابعات اذ
اوجد من ضعفهم. ثالثاً:
ان يتفق كلا الراويين (الصدوقين)
في المتابعات على كلام واحد
سنداً ومتناً. فلو
قدرنا ان احدهما رفع الحديث الى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
والاخر اضافه الى الصحابي, فقد
اختلفا فهذه علة في الحديث. رابعاً:
ان يصح الطريق الى كلا الراويين
فلو قدرنا ان حديثاً رواه عن
الزهري ليث بن ابي سليم وهو ضعيف
بل شديد الضعف ثم تابعه مالك عن
الزهري ومالك ثقة لكن الطريق
الى مالك لم يثبت, فلا قيمة لهذه
المتابعة وكذا لو كان الذي تابع
ليثاً راو ضعيف مثله فلا قيمة
للمتابعة. ومما
يعين على ذلك كله استخدام شجرة
الاسناد في النقد ونحو هذا يقال
في الشواهد فلا بد ان يثبت
الحديث الى الصحابي الاول لما
لا يقل عن رتبة صدوق حصراً ثم
يثبت الى الصحابي بنحوه او افضل
لماذا؟. لأن
معنى قولك شاهد ان الصحابي
الاول نسب اليه ان ينسب لرسول
الله صلى الله عليه وسلم حكماً
ما ثم ان تقول ان الصحابي الثاني
يشهد للصحابي الاول على صحة ما
نسب الى رسول الله, فاذا كان
الصحابي الاول لم يثبت انه قال
ما قال وما نسب الى رسول الله.
فكيف تبحث له عن شاهد. واذا كان
الصحابي الثاني لم يثبت عنه ما
رواه وبطريق صحيح فكيف سيكون
شاهداً؟. ولا
يمكن ان يكون أي سند محل احتجاج
الا اذا كان رواته من مرتبة ثقة
وقد يستأنس بمن كان من مرتبة
صدوق حداً ادنى لاحتمال ان هذا
الراوي الصدوق توهم في نسبة
الحديث الى صحابي آخر. خامسا:
لا بد من انتفاء العلل من كل وجه.
وهذه تحتاج الى تفصيل هذا مع
وجوب التحري الشديد في احوال
الرواة وخاصة المختلف فيهم فلا
نرجح جانب الوثاقة لمجرد التشهي
مع النظر في علل الاحاديث
الاخرى وتكامل النقد سنداً
ومتناً. وبعد
هذه التوطئة الطويلة نسبياً
فلنتناول بعض الامثلة لنرى اثر
الخلل في تطبيق قواعد النقد. هذا ما
سنبدأ الحديث عنه في الحلقة
القادمة. يتبع.. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |