ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الإمام
حسن البنا والمجتمع المصري د.
محمد عبد الرحمن عضو
مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان
المسلمين بسم الله الرحمن
الرحيم مقدمة إن
المشروع الإسلامي الذي أحياه
وجدده الإمام الشهيد، مازال
مستمرا وسيظل بإذن الله ليحقق
أمل الأمة الإسلامية ويواجه
التحدي العالمي ، بقدم ثابتة
ورؤية متكاملة . ونحتاج
أحيانا إلى إلقاء بعض الضوء على
جوانب ومجالات جاهد فيها الإمام
الشهيد، ووضع لها مسارات
واستراتيجيات ؛ وذلك لنتعرف
بدرجة أكبر على أبعاد المشروع
الإسلامي ، وعلى وسائل وميادين
العمل الدعوي ، وعلى جوانب مـن
الإنجاز العملي تجاه قضايا
وأحداث هامة. وهذه
الدراسة الموجزة لا تعني أنها
قد ألمت وأحاطت بكل الحقائق
والأبعاد ، ولكنها مجرد إلقاء
لضوء بسيط ، وسيبقى الأمر في
حاجة إلى مزيد من إلقاء الضوء ،
وكشف جميع الحقائق والأعمال ؛
أداءً لأمانة الدعوة في حقها
علينا وحق الأجيال القادمة في
معرفة تاريخها . وهو
يدخل ضمن سلسلة : "
المفاهيم الإسلامية في مجال
الدعوة " والله
الموفق وهو الهادي لسواء السبيل
. المؤلف د/
محمد عبد الرحمن عضو
مكتب الإرشاد عندما
بدأ الإمام البنا دعوته وأسس
المشروع الإسلامى الشامل
للإصلاح الكلى وتحقيق الغاية
الكبرى لنهضة الأمة الإسلامية
وإعلاء كلمة الله فى الأرض، لم
يكن يستهدف فقط الاقتصار على
الإصلاح الجزئى بل إصلاح كلى
شامل وفى نفس الوقت لم يهمل هذا
الجانب بل اعتبره جزءاً من
برنامج الإصلاح والرقى بالأمة. وكان
المجتمع المصرى فى تلك الآونة
يمر بأزمة شديدة وهو يخضع
للاحتلال الأجنبى والفساد
والانهيار فى أغلب جوانبه،
ومصادر للخطر تهدد أسس المجتمع
وقتها. وفى
مواجهة ذلك ولتحقيق خطوات عملية
للمرتبة الثانية والثالثة من
مراتب العمل (إرشاد المجتمع
وصبغ مظاهر الحياة العامة بقيم
ومبادئ الإسلام – وتحرير الوطن
وتخليصه من كل سلطان أجنبى
سياسى أو اقتصادى أو روحى). المنهجية
العملية : وضع
الإمام البنا رحمه الله منهجية
عملية لهذا الأمر: أ - حدد
مصادر الخطر على الأمة
والمجتمع، وكيفية مواجهتها ..
فكان هناك نماذج لهذه الأخطار
قصيرة المدى سريعة الانتشار نجح
الإمام فى مواجهتها والتعاون مع
الآخرين فى منعها مثل خطر
التبشير والتنصير، وانتشار
البغاء بشرعية القانون له وعدم
تجريمه ومنعه، وفى مواجهة
الكوارث كان الإخوان فى المقدمة
بدورهم الفعال: مثل مواجهة وباء
الكوليرا، وهناك أخطار استلزمت
مشروعاً طويلاً متكاملاً
للقضاء عليها، ومثال ذلك
الاحتلال الأجنبى وتوابعه
المرتبطة به. ب
- الدفع بروح جديدة ودم جديد
يسرى فى شباب الأمة فيحركها
ويوقظها واستخدام الوسائل
الجديدة فى تحقيق ذلك، واستيعاب
طاقات الشباب وتوجيهها التوجيه
الصحيح. جـ-
إحياء القلوب والرجوع إلى معين
الإسلام الصافى، لإحداث
التغيير فى أفراد المجتمع. د -
تقديم نماذج عملية فى الإصلاح
يقتدى بها الآخرون. هـ -
تقديم تصورات ورؤية عميقة
ومناسبة لإصلاح الخلل ( بعد
معرفة الواقع ودراسة الداء
وأسبابه)، طرحها على الأمة،
وكذلك للحكام والوزراء للأخذ
بها أو ببعضها واستمر فى ذلك مع
أن استجابتهم كانت محدودة أو
معدومة، راجع رسالة نحو النور
للإمام البنا ورسالة مشكلاتنا
فى ضوء النظام الإسلامى. •
كما حدد الإمام خصائص
وضوابط العمل فى المشروع
الإسلامى لإصلاح المجتمع، فذكر
من أهمها : 1.
الصبغة الإسلامية العملية
والخطاب المناسب، لطبيعة
الإصلاح الذى تقوم به. 2.
إحياء الأمل فى الأمة، بعد
إيقاظ الإيمان لديها. 3.
التمسك بروح الحب للمجتمع
والحرص عليه ورغبة
الخير له. 4.
إتباع الأسلوب المتدرج
العملى الواقعى. 5.
أنها تضم كل المعانى
الإصلاحية ولا تنحصر فى جانب
دون آخر تستطيع العمل فيه . 6.
الاستعانة بكل الوسائل
المتاحة، بل وابتكار الوسائل
الأخرى المناسبة . 7.
مواجهة المعوقات والضغوط
بالنضال الدستورى والكفاح
السياسى والتزام ذلك كمنهجية فى
العمل. 8.
رفض أسلوب العنف والإرهاب
أو الجبر والإرغام. 9.
إتباع أسلوب الإصلاح
الإيجابى الذى يقوم على البناء
قبل الهدم . 10.
أن الجماعة فى منهجها
الإصلاحى ليست بديلاً عن
المجتمع، وليس فى تصورها أن
تحتكر ذلك، بل تتعاون مع الأمة
بكل مكوناتها وتسعى إلى تكوين
مجموعات للإصلاح والعمل
الإيجابى فى كل قطاعات الحياة
والمجتمع. 11.
الابتعاد عن الأسلوب الحزبى
فى العمل، وعدم الدخول فى
صراعات جانبية أو تجريح
الشخصيات والهيئات. 12.
أن يكون الجماعة وأفرادها
قدوة عملية فى ذلك الإصلاح. •
كما أشار الإمام الشهيد إلى
جانب مهم من الداء الذى أصاب
المجتمع، وكان نتيجة لابتعاده
عن تطبيق شرع الله وإقامة
دولته، فيقول مشيراً إلى ذلك: 1.
فقدان الأخلاق 2.
فقدان المثل العليا. 3.
إيثار المصلحة الخاصة على
المصلحة العامة. 4.
الجبن عن مواجهة الحقائق. 5.
الهروب من تبعات العلاج. 6.
الفرقة قاتلها الله. هذا هو
الداء،والدواء كلمة واحدة
أيضاً،هى ضد هذه الأخلاق،هى
علاج النفوس أيها
الإخوان،وتقويم أخلاق الشعب {
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا.وَقَدْ
خَابَ مَن دَسَّاهَا } [الشمس: 9،10]
(1 ). ولا
يكون هذا إلا بالمنهج الإسلامى
وبالأسلوب الذى أحيا به رسول
الله صلى
الله عليه وسلم القلوب
والمجتمعات. كما
أوضح أيضاً الإمام الشهيد منهج
الدعوة (وهو منهج الإسلام) فى
بناء المجتمع والمحافظة على
سلامته وأن ذلك يقوم على أسس
محددة منها: 1.
الوقاية من المشاكل وعوامل
الهدم. 2.
استئصال الأمراض
الاجتماعية من جذورها إذا حدثت
فلكل مشكلة عنده لها دواء. 3.
جعل أساس الصلاح والدواء
الأول فى كل علاج هو صلاح النفوس
والتضامن الاجتماعى بين بنى
الإنسان. 4.
أن يحيط كل ذلك بما يرفع
الحرج ولا يؤدى إلى العنت. 5.
أن يضع القواعد الكلية ويدع
الفرعيات الجزئية. 6.
يرسم طرائق التطبيق. 7.
يفرض نشر الدعوة بالحكمة
والموعظة الحسنة والتطبيق
السليم حتى تشمل الناس أجمعين"(2
) . وهذه
نماذج من توجيهاته - رحمه الله-
توضح ما سبق الإشارة إليه: فيقول
رحمه الله : "لا يحب الإخوان
أن يخلطوا البناء بهدم، وفى
ميدان الجهاد متسع للجميع"( 3)
. "
نحب أن يعلم قومنا أنهم أحب
إلينا من أنفسنا،وأنه حبيب إلى
هذه القلوب أن تذهب فداءً
لعزتهم إن كان فيها الفداء،
وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى
ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل
أو نرضى بالهوان فنحن نعمل
للناس فى سبيل الله " . "
فنادوا فى قومنا .. نحن لكم لا
لغيركم، ولن نكون عليكم يوماً
من الأيام" . ويقول
عن أسلوب الدعوة والداعية مع
الناس : " ونحمل الناس على ذلك
بألطف وسائل اللين والحب"(4). "
ومراعاة الصبر والأناة والحكمة
والموعظة فى ذلك"(5). " إن
الناس يعيشون فى أكواخ من
العقائد البالية، فلا تهدموا
عليهم أكواخهم ولكن ابنوا لهم
قصوراً من العقيدة السمحة وعليه
سوف يهجرون هذه الأكواخ إلى هذه
القصور"(6) . ويحذر
الإمام من أن يشتد الدعاة على
الناس وينفرونهم.. " بل يشتد
على نفسه أولاً ثم على مريديه
الذين فهموا غايته ثم يترك
الناس يقلدونهم بالاختلاط لا
بالأمر والشدة"(7). "
وإننا بحمد الله برآء من
المطامع الشخصية بعيدون عن
المنافع الذاتية ولا نقصد إلا
وجه الله وخير الناس ولا نعمل
إلا ابتغاء مرضاته "(8) . ويقول
" الإقناع ونشر الدعوة بكل
وسائل النشر، حتى يفقهها الرأى
العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان"(9). •
وعن أهمية الإيمان وأساس
العمل فى المجتمع يقول: "
إيقاظ الإيمان فى قلوب الناس
على كتاب الله " "
أعتقد أن أهم الأغراض التى تجب
على الأمة حيال القرآن الكريم
ثلاثة مقاصد : أولها:
الإكثار من تلاوته والتعبد
بقراءته والتقرب إلى الله تبارك
وتعالى به، وثانيها: جعله
مصدراً لأحكام الدين وشرائعه
منه تؤخذ وتستنبط، وثالثها:
جعله أساساً لأحكام الدنيا منه
تستمد وعلى مواده الحكيمة تطبق"(10)
. "
الذى يريده الإخوان إصلاحاً
شاملاً تتعاون عليه قوى الأمة
جميعاً وتتجه نحوه الأمة جمعيا"(
11) . "
أصلحوا نفوسكم، وركزوا دعوتكم
وقودوا الأمة إلى الخير" "وسنربى
شعبنا ليكون منه الشعب المسلم،
وسنكون من بين هذا الشعب المسلم"(12)
. "
ندعو إلى الإسلام، والحكومة جزء
منه، والحرية فريضة من فرائضه"
، "وإذا كانت هذه الأهداف
جميعاً لا تتحقق إلا فى ظل
الدولة الصالحة فكان لابد أن
تطالبوا بحق الإسلام فى إقامة
الحكومة التى ترتكز على أصوله
وأحكامه وتعاليمه" أ.هـ "
علينا إفهام الناس أن السياسة
والحرية والعزة من أوامر القرآن
وأن حب الأوطان من الإيمان
"(13) . "
نريد النهوض بالرجل والمرأة
جميعاً وإعلان التكامل
والمساواة بينهما وتحديد مهمة
كل منهما تحديداً دقيقاً "(14). "ونحن
لهذا نعنى بالمرأة عنايتنا
بالرجل ونعنى بالطفولة عنايتنا
بالشباب"(15) . ويقول
عن الموقف من الهيئات الأخرى: •
" وأما موقفنا من الهيئات
الإسلامية جميعاً على اختلاف
نزعاتها فموقف حب وإخاء وتعاون
وولاء، نحبها ونعاونها ونحاول
جاهدين أن نقرب بين وجهات النظر
ونوفق بين مختلف الفكر توفيقاً
ينتصر به الحق فى ظل التعاون
والحب، ولا يباعد بيننا وبينها
رأى فقهى أو خلاف مذهبى، فدين
الله يسر ولن يشاد الدين أحدً
إلا غلبه"(16). "نحن
لا نهاجمهم لأننا فى حاجة إلى
الجهد الذى يبذل فى الخصومة"(17)
. "
الإخوان يجيزون الخلاف ويكرهون
التعصب للرأى ويحاولون الوصول
إلى الحق ويحملون الناس على ذلك
بألطف وسائل اللين والحب "(18). ------------------ تنويه
: هذه السلسلة تحت الطبع __________ (1)
رسالة المؤتمر الخامس . (2)رسالة
دعوتنا فى طور جديد باختصار
بسيط . (3)
رسالة المؤتمر الخامس . (4)
رسالة دعوتنا. (5)
رسالة هل نحن قوم عمليون . (6)
الإخوان المسلمون كبرى الحركات
الإسلامية د. توفيق الواعى صـ129 . (7)
مذكرات الدعوة والداعية صـ159 . (8)
رسالة بين الأمس واليوم . (9)
رسالة المؤتمر السادس . (10)
رسالة هل نحن قوم عمليون . (11)
رسالة المؤتمر السادس . (12)
رسالة إلى الشباب . (13)
رسالة اجتماع رؤساء المناطق . (14)
رسالة بين الأمس واليوم . (15)
رسالة إلى الشباب . (16)
رسالة المؤتمر السادس . (17)
المؤتمر السادس . (18)
رسالة دعوتنا . -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |