ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
61 - د.
محمد سعيد حوى هل في
الصحيحين ما تعارض ظاهره مع
القرآن. لا شك
ان هذا السؤال خطير وكبير
والاجابة عنه لا بد ان تكون في
غاية الدقة والحذر ومن ثم فلا بد
من مقدمات بين يدي ذلك:. 1-
الذي نقطع به ونعتقده ويجب
الايمان به ان أي حديث ثبت عن
رسول الله ثبوتاً قطعياً لا
يمكن ان يتعارض مع القرآن
ابتداء لان كلاً من القرآن
والسنة وحي وحق. 2-
ان أي يتعارض يظهر لنا بين
الحديث والقرآن انما هو لأحد
امرين: أ-
اما ان الحديث لا يثبت او
دخله وهم او تحريف خطأ او عمداً.
واحياناً كلمة او حرف تغير
المعنى. ب - او
ان هذا التعارض متوهم وليس
حقيقياً وانما هو تعارض نشأ في
ذهن الدارس والباحث. 3-
وستجد من خلال النماذج التي
سأقدمها ان من الاحاديث ما عارض
ظاهره القرآن ولكن ربما كان
للعلماء محاولات للتوفيق قبل
الرد. 4-
ان الغاية من هذا السؤال (هل
في الصحيحين ما يعارض القرآن؟)
ان نشير الى مبدأ امكانية خضوع
بعض احاديث الصحيحين للنقاش،
والبحث عند العلماء، لأسباب
علمية وشرعية وجيهة, وان هذا لا
يطعن لا في الصحيحين ولا في
العالم ما دام ذلك مبنياً على
اسس علمية نقدية سليمة. كما في
ذلك اشارة الى مبدأ ظنية ثبوت
السنة بمعنى احتمال وقوع الخطأ
في بعض روايات الثقات فضلاً عن
ضعفائهم. 5-
وسأحاول في عرض هذه النماذج
المتكلَّم فيها ان اكون حيادياً
اعرض الرأي وما يقابله ليرى
الدارس بنفسه وجهات نظر اهل
العلم وفيما يلي نماذج:. الحديث
الاول:. اخرج
البخاري (1292) ومسلم (927) عن عمر ان
رسول الله قال: الميت يعذب في
قبره بما نيح عليه" وفي رواية
"ان الميت يعذب ببكاء اهله
عليه". وفي رواية "ان الميت
ليعذب ببكاء الحي" (خ 1290) وفي
رواية "من يُبكى عليه يعذب"
م (927/20) ونحوه عن عبدالله بن عمر (
خ 1286 ومسلم 928) ونحوه عن المغيرة
بن شعبة (م 933 وخ1291). كما روي
الحديث عن ابي هريرة وأبي موسى
الأشعري ينظر سنن الترمذي
بتحقيق د. بشار عواد رقم (1002 –
1004). نقد
الحديث:. لم تقبل
السيدة عائشة نسبة هذا الحديث
الى رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) فنجدها تقول: لا والله ما
قال رسول الله قط "ان الميت
يعذب ببكاء أحد" ولكنه قال: ان
الكافر يزيده الله ببكاء اهله
عذاباً وان الله لهو اضحك وابكى
"ولا تزر وازرة وزر اخرى"
ثم قالت: انكم لتحدثوني غير
كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع
يخطئ" م (927) وايدها ابن عباس
بقوله عند ذلك "والله اضحك
وابكى". وفي
رواية اخرى "ذكر عند عائشة
قول ابن عمر: الميت يعذب ببكاء
اهله عليه، فقالت رحم الله ابا
عبدالرحمن سمع شيئاً فلم يحفظه،
انما مرت على رسول جنازة يهودي
وهم يبكون عليه فقال: انتم تبكون
وانه ليعذب (م 931), وفي رواية "لانه
ليعذب بخطيئته او بذنبه وان
اهله ليبكون عليه" خ 3978 وم 932. واخرج
البخاري (1288) ومسلم (929) قال ابن
عباس فلما مات عمر رضي الله عنه
ذكرت ذلك لعائشة (أي قوله عن
رسول الله ان الميت يعذب ببعض
بكاء اهله عليه) فقالت: رحم الله
عمر والله ما حدّث رسول الله ان
الله ليعذب المؤمن ببكاء اهله
عليه, ولكن رسول الله قال: ان
الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء
اهله عليه، وقالت حسبكم القرآن
"ولا تزر وازرة وزر اخرى"
قال ابن عباس عند ذلك والله "هو
اضحك وابكى". قال ابن
ابي مليكة الراوي عن ابن عباس:
والله ما قال ابن عمر رضي الله
عنهما شيئاً" أ.هـ. وهنا
احب ان انوه انه حتى لو كان
كافراً فانه لا تزر وازرة وزر
اخرى, لذا فالراوية الاصح عن
عائشة قولها مرت جنازة يهودي (مسلم
931). وفي
رواية البخاري مر على يهودية
يبكي عليها اهلها فقال انهم
ليبكون عليها وانها لتعذب في
قبرها (خ 1289) وكذا رواية البخاري
رقم (3978) السابق ذكرها وفي كل ذلك
بيان انها تعذب لذاتها.. ولعملها..
وانهم ليبكون ولا علاقة بين هذا
وذاك. وبعد:
فماذا نلاحظ:". 1-
حديث الميت يعذب.. يرويه عمر
وابن عمر وغيرهم. 2-
اتفق الشيخان على تصحيحه. 3-
لم تقبل السيدة عائشة
الحديث. 4-
ان ابن عباس ايدها في نقد
الحديث. 5-
ان ابن عمر سكت عندما سمع
النقد. 6-
ان نقد السيدة عائشة توجه
للنص والمتن من خلال عرضه على
القرآن والسنة معاً. 7-
ان في الحديث بيان امكان خطأ
الصحابة واوثق الرواة. 8-
كما فيه بيان عرض السنة على
القرآن والسنة الصحيحة
المشهورة. 9-
ان ما خالف القرآن يرد.. 10
- ان
البخاري ومسلم استشعرا مخالفة
الحديث للقرآن فحاولا تأويله
وهذا يؤكد وجود الاشكال. ولذا
فان صاحبا الصحيحين خرّجا
الحديث تارة مع اعتراض عائشة
وتارة من غير اعتراض بل ان
البخاري قصد الى تثبيت صحة حديث
ابن عمر "ان الميت ليعذب
ببكاء اهله" فعنون للباب رقم
33 باب قول النبي "يعذب الميت
ببعض بكاء اهله عليه" ثم قال:
اذا كان النوح من سنته لقول الله
تعالى "قوا انفسكم واهليكم
ناراً" وقال النبي "كلكم
راع وكلكم مسؤول عن رعيته"
فان لم يكن من سنته فهو كما قالت
عائشة " لا تزر وازرة وزر اخرى..
وهو كقوله تعالى "وان تدع
مثقلة الى حملها لا يحمل منه شيء"
انتهى من البخاري كتاب الجنائز. فأنت
ترى ان البخاري يصر على صحة
الحديث ولكن ذهب الى التأويل
والتوفيق بأن الميت يعذب اذا
كان ذلك من سنته، مع ان الحديث
في لفظه مطلق ومع ان رد السيدة
عائشة كان عاماً ومن وجهين:. الاول:
ان الحديث مخالف للقرآن, واكد
ابن حجر ان عائشة انما ردت
الحديث لما رأت انه مخالف
للقرآن (فتح 3/197 الجنائز). الثاني:
انها اكدت خطأ الصحابة فيما
نسبوا الى رسول الله, وانها سمعت
خلاف ذلك. ويبقى
موقف البخاري مجرد تأويل
ومحاولة توفيق ولكل وجهه, ومما
يؤكد الاشكال في الحديث كثرة
التأويلات التي اوردها العلماء
على الحديث (فتح 3/196-199). وهنا
اتساءل لو جاء عالم الآن ليقول
ان حديثاً تعارض مع القرآن في
نظري فلا اسلم به، ماذا سيقول
بعض الناس فيه؟. وبناء
على نقد السيدة عائشة هذا الا
يمكن ان يكون في الصحيحين ما
ينقد او يختلف فيه على الاقل. وثالثاً:
لو كان ما ينقله الصحابة عن رسول
الله – مع صدقهم وعدالتهم –
قطعياً كيف سمحت السيدة عائشة
لنفسها ان تنقدهم وتخطأهم
جميعاً اذ لو كان عندها قطعياً
للجأت الى التأويل والجمع وليس
الى رد الحديث وباصرار. وسنقف
مع احاديث اخرى ان شاء الله في
هذا الصدد.. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |