ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (36) د.
محمد سعيد حوى في سياق
الحديث عن قضية ظنية السنة
واثرها في التعامل مع السنة –
مع كون ذلك ضمن قواعد متكاملة –
اقول في سياق ذلك اثرت قضية حد
الرجم في الشريعة.. وكما
قلت اثرتها لندرس ونفكر وتحرر
دفاعاً عن الشريعة واتباعاً
لكتاب الله. وبدأت
الطعون تترى والسنة المشككين
تنطلق ومن اقوالهم انك تخالف
اجماع الامة وتطعن في سنة رسول
الله. فأقول
اما السنة فنحن لم نطعن الا
بحديث معلول وانا تساءلنا عن
امكان وجود نسخ وان القرآن ثبت
الحكم النهائي وان الرجم كان
مرحلة استثنائية ومضى بيان ذلك. اما
مخالفة الامة واجماعها، فهنا لا
بد من وقفة متأنية، نعم مذاهب
الأئمة الاربعة اقرار حد الرجم،
لكن ذلك لا يعني الا جماع المطلق
في الآية. والذي يبدو لي: ان هذا
الحد قد ساد وانتشر بسبب روايات
محددة (ذكرت بعضها) بما لم يسمح
للفقهاء ان يقفوا تجاه هذا
الحكم وقفة ابعد، فعندما يقف
امير المؤمنين عمر يعلن هذا
الحد على الملأ من سيجرؤ بعد ذلك
ان يقول لا، وهنا سيأتي من يقول
لك وكيف تجرؤ انت، لنقول ان
العصمة لم تثبت في منهج اهل
السنة الا للرسل، والخطأ
والاجتهاد ممكن ونحن هنا نعود
لكتاب الله اساساً. اقول
لقد مرت الامة بحالة لم يعد يجرؤ
احد على رفض هذا الحد والآن ادعو
القارئ الكريم الى ان يقف على ما
كتبه الشيخ الزرقا في فتاواه (ص
391-395) لتقف على امور عجب في هذا
الشأن. فهو
يحدثك ان الشيخ الامام محمد ابو
زهرة قد توصل الى قناعة تامة ان
حد الرجم ليس حداً اسلامياً
والعجيب ان يعلق على ذلك الشيخ
الدكتور القرضاوي "كنت مع
شيخنا العلامة الزرقاء في ندوة
التشريع الاسلامي بمدينة
البيضاء في ليبيا واستمعت معه
الى العلاّمة ابي زهرة في رأيه
في الرجم الذي كتمه عشرين سنة ثم
باح به" فانظر كيف ان علامة
كبيراً فقيهاً لا يجرؤ ان يبوح
برأيه صراحة، ولما رجعت الى
فتاوى ابي زهرة ص 672 فانك تلمس
تشكيكاً بالامر دون تصريح
ويكتفي ابو زهرة ان يبوح بذلك
امام بعض اهل العلم، اذن هذا
يبين لك الحالة التي خضع لها
كثير من العلماء فلما يجرؤوا ان
يصرحوا بقناعاتهم. ثم انه
يفهم من كلام الشيخين الزرقا
والقرضاوي انهما غير مقتنعين
بحد الرجم، اطلاقاً، ولكنهما
ايضاً لا يجرؤان على التصريح
فيلجآن الى القول انه حكم على
سبيل التعزير, ومعنى كونه تعزير
أي انه ليس حداً من الحدود ولكنه
عقوبة يعود تقديرها الى الحاكم
ان رأى لذلك داعياً, وهذا في حد
ذاته نفي لحد الرجم. وانني
لأرى خطورة كبيرة الى الفرار من
القول بانه حد – الى انه تعزير
مداراة للناس لسبب خطير ان
القتل رجماً عقوبة بشعة قاسية
جداً فلا يجوز ان يجعل تقرير
هكذا حكماً وفيه ازهاق نفس
انسانية بصورة بشعة جداً ثم
يكون تحت رأي انسان او حاكم ما
وليس صادراً عن الله، واذا ثبت
من قول القرضاوي والزرقا انه
ليس حداً ربانياً فيكون قد حصل
المقصود مع العلم ان الشيخ
الزرقا نقل كلام ابي زهرة في
فتاواه بما يشرك انه يريد ان
يستند عليه في رفض حد الرجم. ومما
يفيد هنا ان انقل بعض ادلة ابي
زهرة في رفض حد الرجم. اذ ينقل
الزرقا ان ابا زهرة شكك في حد
الرجم وعلل شكه هذا بما مفاده ان
عقوبة الرجم اقسى عقوبة على
الاطلاق يتصورها الانسان في
الجزاء بالموت, وانه لا يستطيع
ان يتصور ان الرسول ذا القلب
الرحيم الرؤوف يطبق مثل هذه
العقوبة التي يرجف منها قلب
السامع ثم بيّن فضيلته، ان حد
الرجم يتنافى مع القرآن الكريم
الذي بيّن ان حد الزاني الرقيق
على النصف من عقوبة الحر "فعليهن
نصف ما على المحصنات من العذاب"
وعقوبة الرجم لا تنصف ا.هـ. اما
ادّعاء علماء السنة ان عقوبة
الرجم خاصة بالاحرار ولا علاقة
لها بالزناة من الرقيق فادعاء
لا دليل عليه. ثم ان
الشيخ الزرقا يأبى ان يشكك
بالآثار الواردة ويذهب الى
القول انه ثابت لكنه على سبيل
التعزير ويستدل بشكل رئيس بحديث
عبادة بن الصامت "خذوا عني قد
جعل الله لهن سبيلاً الثيب
بالثيب جلد مائة والرجم والبكر
بالبكر جلد مائة والنفي" وانه
كما كان النفي للبكر تعزيراً
فيكون الرجم مع الجلد تعزيراً. لكنني
اقول: قد وجهنا الاحاديث
الواردة في ذلك وانه كان في
مرحلة من المراحل ولا يبعد ان
ذلك كان عملاً يشرع من قبلنا
لظرف خاص. وقد قال
ابو زهرة: ان هذه عقوبة يهودية
في الاصل وقد نسخت بظهور دين
الرحمة. واؤكد
هنا لا يجوز ان يسند ازهاق نفس
بطريقة بشعة لرأي بشر كائناً من
كان, مما ينبغي ان يكون الرجم
ثابتاً لا تعزيراً ولا حداً انه
لا بد ان ننظر نظرة متأنية, ذلك
ان الزاني اما مستتر فلن يستطيع
احد ان يطبق عليه أي نوع من
العقوبات, واما معلن وهذا
المعلن اما معترف بنفسه وقد جاء
مقراً على نفسه بذلك يريد
التطهير وهذا حري ان تخفف
عقوبته الى ما نص عليه القرآن
وهو الجلد من غير ان يميز بين
محصن وغيره. والنوع
الآخر هو ذاك الاباحي المجرم
المفسد في الارض المستهتر
بالاعراض المستخف بشرع الله
وهذا حري ان يشدد في حقه العقوبة
سواءً كان محصناً او غير محصن –
وليس بالضرورة الرجم – ولكن ان
يطبق عليه حد الحرابة. ثم اننا
مأمورون بدرء الحدود بالشبهات،
ولا يجوز ازهاق النفوس بالظن,
وان كل ما سبق اورث ظناً بثبوت
حد الرجم فكيف نطبقه مع اننا لا
يجوز ان نحكم بتهمة الزنى ذاتها
الا بيقين وقطع مطلق. ثم ان
من العلماء من ذهب خلاف ما قاله
ائمة المذاهب الاربعة فهذا ابن
حزم يرى في المحلى 11/96 ان حد
الرجم يطبق على المحصن الشيخ,
وحسب اما الشاب ولو كان محصناً
فلا يرجم. ومن هنا,
ترى عدم انضباط هذا الأمر, فمن
هو الشيخ ومن هو الشاب وما الحد
الفاصل بينهما. لذا كله
كان لا بد من الأخذ بالنص الصريح
القطعي الشامل الواضح في كتاب
الله وذلك اجدر بخصائص الشريعة
وروحها وابعد عن النزاع. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |