ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 24/10/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

لئلا ننسى .. من تاريخ المؤامرة على فلسطين

د. محمد عبد الرحمن المرسي

عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين

مقدمة

 قضية فلسطين هي قضية الإسلام الكبرى في هذا العصر، وهى كذلك قضية الإخوان الأساسية . وهى تمثل رأس الحربة للمشروع الصهيوني الغربي الموجه ضد الأمة الإسلامية ومشروعها الإسلامي .

وهى صراع بين الحق والباطل يمتد لأجيال عدة . ونحن هنا نحرص على أن تبقى ذاكرة الأمة حية ، تعرف هذا التاريخ ، وتعرف العدو من الصديق ، وتحزم أمرها لكي تستعد في هذه المواجهة .

وهذا الكتيب موجز مختصر لجزء من تاريخ المؤامرة، وقد شكل الكتاب المتميز للدكتور محسن محمد " فلسطين " مرجعاً أساسياً لهذه المعلومات التاريخية المختصرة .. فجزاه الله خير الجزاء .

 

جذور المؤامرة :

- انقطعت صلة اليهود عملياً كتواجد سياسي بفلسطين منذ سنة 135 ميلادية ، وعاشوا فيها كأفراد . وفي عام 15 هـ/636م ثم فتح بيت المقدس في عهد الخليفة سيدنا عمر ابن الخطاب، واشترط أهلها عدم إقامة يهودي واحد بالقدس.

* ويمثل يهود الخزر " الأشكناز " 80% من يهود العالم في عصرنا الحالي ، وهم لا يرتبطون بأرض فلسطين تاريخياً على الإطلاق ، فلا هم من أحفاد بني إسرائيل القدامى ، ولا هم سكنوا – أو جدودهم – هذه الأرض أو استوطنوها قبل ذلك . فكيف ظهرت الفكرة الصهيونية في العقلية اليهودية ؟

- اهتمت الحركة البروتستانينة وخاصة في بريطانيا بالتوراة ( العهد القديم ) وبفكرة أن فلسطين هى أرض الشعب المختار ( اليهود ) وفي سنة 1621م ظهر أول كتاب للمحامي البريطاني اليهودي السير هذي فنش بعنوان البعث العالمي أو عودة اليهود ، لتأصل هذه الفكرة : عودة اليهود إلى فلسطين .

كما ظهرت تلك الفكرة أيضاً في كتابات مشاهير الكتاب والأدباء في أوربا مثل : مارتن لوثر ( 1483 – 1546 ) وإسحاق نيوتن ( 1643 – 1727 ) وجان جاك روسو (1712 – 1778 ) وبريستلي ( 1733 – 1804 ) .

- كما خدمت الثورة الفرنسية ضد الحكم الملكي سنة 1789م اليهود بشكل مباشر وغير مباشر .

وكان نابليون بونابرت ( 1769 – 1821 ) أول رجل دولة يقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين سنة 1799م . وذلك في أثناء حملته المشهورة على مصر وحصاره لعكا .

- وفي تلك الفترة بعد الثورة الفرنسية ، أخذت تتغير طريقة تعامل أنظمة الحكم الأوربي مع اليهود ، فشهد القرن التاسع عشر في أوربا الغربية والوسطى عملية تحرير لليهود وتحطيم أنظمة الجيتو ومعاملة اليهود كمواطنين كاملي الأهلية .

- وتأثرت اليهود بهذا التغير ، ومنذ أواخر القرن الثامن عشر ظهرت بينهم ما يعرف بحركة الاستنارة "الهسكلا " وكان أبرز منظريها موسى مندلسون ( 1726 – 1786 ) وهو يهودي ألماني حيث دعت هذه الحركة إلى أن يحاول اليهود الحصول على حقوقهم المدنية كاملة عن طريق الاندماج في المجتمعات التي يعيشون في وسطها ويكون الولاء للبلاد التي ينتمون إليها وليس لقوميتهم الدينية.

وقد استمرت هذه الحركة قوية حتى 1880م .

وظهرت قدرة اليهود في اختراق هذه المجتمعات وتحسين مكانتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية .

- وفوق ذلك فقد تمكن اليهود من خلال إنشائهم وسيطرتهم على المنظمات الماسونية من ضمان قدر أكبر من النفوذ على رجال السياسية والاقتصادية والإعلام في عدد من البلدان مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا،بل وتمكن يهود الدونمة من اختراق المؤسسات العثمانية والسيطرة على حزب الاتحاد والترقي الذي قام بإسقاط السلطان عبد الحميد الثاني.

- في أوائل القرن التاسع عشر انتشرت الظاهرة القومية في أوربا وأصبح كل مجتمع أوربي يؤكد على قوميته الخاصة ، فتوحد الألمان تحت زعامة بسمارك ، وتوحد الإيطاليون تحت زعامة كافور ... إلخ .

وبالتالي صنف اليهود في ألمانيا والمناطق السلافية في أوربا الشرقية وروسيا على أنهم غرباء .

وأسهمت ظاهرة القومية في فشل حركة الهسكلا "التنوير " أو الاندماج مما قوى فكرة التجمع على أرض محددة : فلسطين ليكون لهم قوميتهم الخاصة بهم .

-  أسهم الوضع في روسيا بشكل أساسي في تفجير المشكلة اليهودية ، فلم يتفاعل يهود روسيا كثيراً مع حركة التنوير " الهسكلا " بالإضافة لمحاولات فوقية من الحكومة نُفذت عن طريق القسر والإرهاب لإنهاء حياة الجيتو . ثم زاد الأمر مشاركة اليهود بفاعلية في قيادة الحركات الثورية اليسارية ، وزادت الإجراءات ضد اليهود على إثر اغتيال قيصر روسيا الكسندر الثاني سنة 1881 والتي اتهم فيها اليهود، وعرفت تلك الإجراءات بما يسمى اللاسامية مثل تحريم إقامة اليهود في موسكو، حرمان اليهود من حق الانتخاب والترشيح لمجالس البلديات ، واليهودي الذي يغادر قريته لا يسمح له بالعودة .. إلخ .

-  أدى ذلك إلى زيادة أعداد الهجرة اليهودية من روسيا إلى أوربا خلال الفترات 1881 – 1914 ، تمكن حوالي 30 ألف منهم من النفاذ إلى فلسطين . واستغلت الحركة الصهيونية ذلك في التأكيد على فكرة إقامة كيان مستقل لليهود على أرض فلسطين . وأيدت أوربا الغربية هذه الفكرة .

-  وكانت قناعة الدول في أوربا الغربية بهذه الفكرة قائمة على أسس أهمهما : الخلفية العقائدية – الحل للمشكلة اليهودية عندها – أهمية هذا المكان وأن يكون لها قاعدة فيه – الأثر التاريخي من الحروب الصليبية – الرغبة في تشكيل الدولة الحاجزة وإضعاف العالم الإسلامي وتفكيكه .

-  وقد فتحت حملة نابليون على مصر وفلسطين عيون بريطانيا على المنطقة ، فافتتحت قنصلية لها في القدس ، كلفتها بتوفير الحماية لليهود بشكل عام وليس لليهود البريطانيين فقط . وعندما تمكنت بريطانيا من السيطرة على قبرص 1878م وعلى مصر 1882 أصبحت الدولة الاستعمارية الوحيدة التي لها قواعد في شرق البحر المتوسط وبالقرب من قناة السويس الشريان الحيوي للمواصلات البريطانية مع مستعمراتها .

-  كما تكرست فكرة الدولة الحاجزة في توصية مؤتمر لندن الاستعماري الذي عقد سراً في لندن خلال الفترة 1905 – 1907 بدعوة من حزب المحافظين البريطاني واشترك فيه عدد من كبار علماء التاريخ والاجتماع والزراعة والاقتصاد والبترول.. إلخ ، وناقش سبل تحقيق المصالح الغربية والهيمنة على المنطقة الإسلامية ورفع المؤتمر توصياته إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك كامبل بترمان ، وقد أكد فيها أن إقامة حاجز بشرى قوي وغريب في منطقة شرقي البحر المتوسط كقوة عدوة لشعوب المنطقة وصديقة للدول الأوربية ومصالحها هو التنفيذ العمل العاجل للوسائل والسبل المقترحة .

-  وقد أدركت الحركة الصهيونية أن مشروعها في إنشاء دولة يهودية في فلسطين لن ينجح إلا برعاية دولة كبرى وحمايتها ، لهذا استفادت من التغيرات والتوجهات السياسية للقوى الاستعمارية .

وقد أكد هرتزل لوزير المستعمرات البريطاني جوزيف تشمبرلن عندما قابله سنة 1902 ذلك وقال له : إن قاعدتنا يجب أن تكون في فلسطين والتي  يمكن أن تكون دولة حاجزة " بحيث تؤمن المصالح البريطانية " .

مسار الحركة الصهيونية :

-  تحولت كلمة صهيونية إلى مصطلح سياسي وإلى حركة سياسية على يد الكاتب النمساوي ناثان بربناوم (1864 – 1937 ) عندما نشر كتابه باللغة الألمانية سنة 1893م " الإحياء القومي للشعب اليهودي في وطنه " . وكان قد استخدم لفظ الصهيونية في مقال كتبه سنة 1886 بعنوان التحرر الذاتي .

-  كان شبتاي زفى ( 1626 – 1676 ) – وهو يهودي ولد في أزمير وعاش في تركيا – من أوائل من دعا إلى تجديد الهيكل في القدس ، وعودة اليهود إلى أرض فلسطين وإقليم الوجه البحري في مصر ، ودعا إلى تكوين لجنة تمثل اليهود في 15 بلداً لاتخاذ الخطوات العملية لهذا المشروع وأن يتم ذلك بالتنسيق مع فرنسا .

-  قام الحاخام يهودا القالي ( القلعي ) ( 1798 – 1878 ) المولود في سراييفو عاصمة البوسنة ، بالدعوة في سنة 1843 إلى عقد جمعية عامة كبرى لليهود وإقامة صندوق قومي لشراء الأراضي ، وإقامة صندوق مماثل لجباية الضرائب من اليهود في سبيل إقامة وطن لهم في فلسطين ، كما دعا إلى تشكيل مجلس للحكماء يكون باستطاعته فرض طاعته واحترامه على اليهود .

-  كان الحاخام زفى هيرش كاليشر ( 1795 – 1874) الذي عاش في بروسيا (ألمانيا سابقاً ) ثم في بولندا أحد رواد الصهيونية الكبار حيث نشر كتابه "البحث عن صهيون" في عام1862وقد تحدث عن الاستيطان الزراعي اليهودي في فلسطين ودعا إلى تشكيل منظمة تتولى ذلك .

-  ثم ظهر اليهودي موزس هس ( 1812 – 1875 ) وهو ألماني بدأ حياته يسارياً اشتراكياً مقرباً من كارل ماركس ، وبعد فشل ثورة 1848 في ألمانيا ، قام بنشر كتابه " روما والقدس " سنة 1862 ، تحدث فيه عن أسس الفلسفة الصهيونية وأن لليهود رسالة لا يستطيعون تحقيقها إلا من خلال نهضة قومية على قطعة أرض هى أرض الميعاد .

-  ومن رواد الصهيونية الكبار الروسي البولندي ليوبنسكر ( 1821 – 1891 ) مؤسس وزعيم حركة " أحباء صهيون " وقد أصدر كتابه " التحرر الذاتي " بالألمانية دعا فيه إلى إيجاد قومية يهودية تعيش على أرض فلسطين ، كما دعا إلى إقامة منظمة مركزية أو شركة مساهمة لشراء الأرض .

-  وتعد جمعيات أحباء صهيون أحد الإرهاصات التي وفرت قواعد واسعة للحركة الصهيونية في شرق أوربا خاصة . وقد بادر لتأسيس أول جمعية لأحباء صهيون الحاخام صموئيل موهيليفر (1824 – 1898) سنة1882، ثم توالت فروعها في الانتشار، والتفت حول المفكر الصهيوني ليوبنسكر وانتخبته في مؤتمرها الأول عام1884 رئيساً لها . وتجلي عملها في دعم حركة الاستيطان اليهودي وموجة الهجرة الأولى في الثمانينات من القرن التاسع عشر، وإنشاء المستعمرات الصهيونية الأولى في فلسطين أمثال: بتاح تكفا، ريشيون لازيون، روش بيناه .. إلخ ، وكان معظم هؤلاء المهاجرين اليهود من روسيا وبولندا غير أن هذه الجمعيات التي غلب عليها الطابع الديني لم تفلح في تشكيل منظمة عالمية متماسكة،لكن260 فرعاً لها انضمت للمنظمة الصهيونية العالمية عند إنشائها مما شكل إثراء كبير للمنظمة.

-  ويعد يتودور هرتزل ( 1860 – 1904 ) والد الحركة الصهيونية ومؤسسها الفعلي وهو يهودي مجري نمساوي ولد في بودابست وبدأ حياته اندماجياً ( مؤيداً لحركة الاستنارة " الهسكلاً ") لكنه تحول للصهيونية عام 1894 م ، وفي فبراير1896 نشر كتابه الدولة اليهودية باللغة الألمانية، ورأى أن إنشاء الدولة اليهودية مسألة قومية وأنه الجواب الحقيقي لمشكلة اللاسامية ، ودعا إلى إقامة جمعية لليهود وشركة يهودية لخدمة ذلك .

-  وكان يتميز بالشخصية الديناميكية العملية ، فانطلق حتى تمكن من إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية .

-  واعتبر أن هذه المنظمة دولة على الطريق ، واختلف عن أحباء صهيون في أنه رفض اعتبار أن المشروع الصهيوني يمكن أن ينجح من خلال عملية متقطعة لإنشاء المستعمرات وإنما عبر استقلال سياسي كامل أي بوجود هيئة تمثيلية سياسية لليهود ، ثم ربط نجاح المشروع بوجود دعم وحماية من القوى الكبرى – وهو ما يعرف "بالصهيونية السياسية " .

-  انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في 29 – 31 أغسطس 1897 في مدينة بال بسويسرا بحضور 204 مندوبين من معظم أرجاء العالم ( ثلثهم من روسيا ) وتم انتخاب هرتزل رئيساً والإعلان عن إقامة المنظمة الصهيونية العالمية ( w.z.o ) ووضع البرنامج الصهيوني العالمي المطلوب تنفيذه وتلخيص هدف الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين يضمنه القانون العام . أي برعاية وقبول عالمي .

-  وتشكلت الأجهزة الإدارية للمنظمة من :

1-        المؤتمر الصهيوني : الذي يعد السلطة العليا للحركة الصهيونية ويشارك فيه المندوبون المنتخبون من قبل الأعضاء في مختلف أنحاء العالم . وينعقد مرة كل سنة ( ثم أصبح ينعقد كل أربع سنوات ) وهو ينتخب رئيس المنظمة والمجلس العام واللجنة التنفيذية .

2-        المجلس العام : وهو السلطة العليا التي تنوب عن المؤتمر الصهيوني في حالة غيابه .

3-        اللجنة التنفيذية : وهى قيادة المنظمة ويتم انتخابها من أعضاء المجلس العام ( لجنة العمل الكبرى ) .

وقد اتسع الشكل التنظيمي للحركة الصهيونية وتعقد مع مرور الزمن غير أن المؤسسات الأساسية الثلاث ظلت على حالها .

وقد ظل هرتزل رئيساً للمنظمة الصهيونية حتى وفاته في 3 يوليو 1904 وانعقدت في عهده ست مؤتمرات صهيونية وخلال سنة واحدة من إنشاء هذه المنظمة تضاعف عدد الجمعيات اليهودية المنتمية إليها ثمانية أضعاف وخلال عهده تم إنشاء البنك الصهيوني ( صندوق الائتمان اليهودي للاستعمار)، والصندوق القومي اليهودي ( الكيريت كايمت ) الذي يستهدف امتلاك الأراضي ، وشركة بنك أنجلو – فلسطين فرعاً للصندوق القومي .

وفي سبيل تحقيق دعم سياسي عالمي للمشروع الصهيوني ، قام هرتزل باتصالات واسعة شملت قيصر ألمانيا ، والسلطان العثماني وملك إيطاليا ووزراء ومسئولين بريطانيين ونمساويين وروس ، وبابا روما فضلاً عن عدد كبير من الشخصيات السياسية وأصحاب البنوك والأثرياء ولم تنفع مقابلاته مع السلطان عبد الحميد الثاني 1 مايو 1901 ، فبراير ويوليو 1902 ، في إقناعه بفتح باب الهجرة إلى فلسطين حيث أصرّ السلطان على تحديد الهجرة وأن تكون في أجزاء من الدولة العثمانية من غير فلسطين وأن تكون بإشراف عثماني ، وبذلك أدرك أن طريقه إلى فلسطين مسدود ما دام السلطان هناك .

وقد اضطر هرتزل بسبب المصاعب العملية التي واجهها إلى التفكير في حلول مؤقتة تعتبر خطوة في اتجاه فلسطين ، ففكر في استعمار قبرص لكنه ووجه بمعارضة قوية من أحباء صهيون ، كما ناقش مع تشمبرلن وزير المستعمرات البريطاني في 1902 مشروع الاستيطان في العريش في منطقة سيناء ( كانت مصر تحت الاستعمار البريطاني منذ 1882 ) ووافق تشمبرلن مبدئياً على الدراسة لكن المشروع واجهته معارضة مصرية وعثمانية قوية فتوقف ، وفي عام 1903 عرض تشمبرلن على هرتزل الاستيطان في شرق أفريقيا ( مشروع أوغندا ) كمرحلة مؤقتة دون التخلي عن فلسطين ، ونجح هرتزل في تمرير المشروع في المؤتمر الصهيوني وتقرر إرسال بعثة استكشافية إلى أوغندا لكن تم استعباد هذا المشروع نهائياً بعد وفاة هرتزل في المؤتمر الصهيوني السابع في 1905 وتقرر فيه التركيز على فلسطين فقط .

وقد ظهرت مشاريع استيطانية أخرى قبل هذا المؤتمر السابع ، مثل الاستيطان في ليبيا والأرجنتين والإحساء (شرق السعودية ) وغيرها .. لكن البوصلة ظلت مصوبة في النهاية نحو فلسطين .

بعد وفاة هرتزل تبلور داخل المنظمة تياران أو مساران للعمل : مسار عملي يركز على الخطوات العملية للاستيطان في فلسطين وفرض الواقع على الأرض بما يسمى تيار " الصهيونية العملية " ومسار يركز على الدعم السياسي من الدول الكبرى وإيجاد الدولة الحامية والداعية لإنشاء الوطن القومي ، تيار الصهيونية السياسية . وقدم حايين وايزمان ( 1874 – 1952 ) أطروحته التوفيقية بين الصهيونية السياسية والصهيونية العملية .

-  انتخب ديفيد ولفسون ( 1856 – 1914 ) خلفًا لهرتزل خلال الفترة 1905 – 1911 في رئاسة المنظمة ، وهو من مواليد ليتوانيا لكنه استقر في ألمانيا منذ عام 1881 حيث أصبح رجل أعمال ناجحاً وحاول التركيز على مسار توفير الدعم السياسي للمشروع لكنه لم يستطيع أن يملأ الفراغ الذي تركه هرتزل .

-  تقدم أحد قيادات المنظمة " دار بورج باقتراح تبني سياسة التغلغل الاقتصادي " المعتمد على العمل الصهيوني بصورة منظمة، وتمت الموافقة عليه وتأسس مكتب فلسطين في يافا سنة 1908 لتوجيه العمل الاستيطاني الزراعي ، وأنشئت شركة تطوير أراضي فلسطين ، كما بدأ إنشاء مدينة تل أبيب .

-  ويعد المؤتمر الصهيوني العاشر سنة 1911 نقطة تحول ، إذ سيطر تيار الصهيونية العملية على قيادة المنظمة وانتخب أوتو واربورج ( 1871 – 1937 ) – وهو ألماني – رئيساً للمنظمة واستمر في رئاستها حتى عام 1921 .

-  بعد إسقاط السلطان عبد الحميد،وانقلاب حركة الاتحاد والترقي 1908 وهى متساهلة مع اليهود وضعف الدولة العثمانية ، ازدادت بصورة كبيرة حركة الهجرة إلى فلسطين وإجمالي من هاجر إلى فلسطين خلال 1882 – 1914 نحو 55 ألف يهودي .

-  كان للحرب العالمية الأولى أثر سلبي على الجهاز الإداري للمنظمة الصهيونية حيث كانت قيادات العمل ومؤسساته موزعة في عدد من الدول التي أصبحت بلداناً متحاربة فانقطعت صلة مكتب القيادة في روسيا مع باقي مكاتب المنظمة ، كما أن صهاينة وسط أوربا التفوا حول مكتب القيادة الصهيونية في ألمانيا وأن يبذل مساعيه مع ألمانيا للضغط على حليفتها تركيا لإقامة الوطن اليهودي في فلسطين (كان في تصورها أن ألمانيا ستنتصر في الحرب) .

وفي غرب أوربا وبريطانيا ظهرت مؤازرة الصهيونية لبريطانيا وحلفائها ضد ألمانيا وتركيا . ( وأثر ذلك على الهجرة لفلسطين فانخفض عدد اليهود من 85 ألفاً سنة 1914 إلى 55 ألفا سنة 1918 ) .

ثم فقدت قيادة المنظمة في ألمانيا فاعليتها مع تطور أحداث الحرب ، وبرز نجم الأستاذ الجامعي الروسي الأصل الدكتور حاييم وايزمن ( وكان مقيماً في بريطانيا ) وفرض نفسه كزعيم واقعي للمنظمة الصهيونية وشكل مع رفاقه هناك لجنة سداسية انضم إليها اثنان من اللجنة التنفيذية ، وسعى إلى التفاوض مع بريطانيا لتبني المشروع الصهيوني مقابل دعم اليهود لها في الحرب واستخدام نفوذهم في أمريكا لدفع أمريكا للمشاركة في الحرب إلى جانب بريطانيا . [حيث برز في الوقت نفسه لويس برانديس ( 1856 – 1941 ) الذي قاد صهيوني أمريكا ] .

ومن خلال الدورين اللذين لعبهما وايزمن وبرنديس والتنسيق بينهما، نجحت المنظمة الصهيونية في استصدار وعد بلفور من بريطانيا في 2 نوفمبر 1917 بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين . ووافق عليه أيضاً حلفاء بريطانيا في الحرب ( فرنسا ، وإيطاليا وكذلك أمريكا التي دخلت الحرب في مارس 1917 ) .

ومع نهاية الحرب والاحتلال البريطاني لفلسطين 1918 (واستمر حتى 1948) استرد المشروع الصهيوني عافيته. وتولي وايزمن القيادة الفعلية للمنظمة (1821 – 1946 ) .

وقامت بريطانيا بإدماج وعد بلفور في صك انتدابها على فلسطين والذي أقرته عصبة الأمم سنة 1922 ليصبح التزاماً دولياً . كما فتحت بريطانيا أبواب الهجرة والاستيطان اليهودي ، وبناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية الصهيونية في فلسطين بل وتوفير الحماية لها وتساهلت مع التشكيلات العسكرية السرية لليهود الذين أصبحوا دولة داخل الدولة. وفي نفس الوقت حرمان أبناء فلسطين من حقوقهم وسحق مقاومتهم وانتفاضتهم ضد اليهود.

وأصبح تحقيق الهدف الصهيوني يعتمد أساساً – في ظل هذا الواقع – على مدى إقناع الحركة الصهيونية لليهود بالهجرة والاستيطان في فلسطين .

-  في أبريل 1918 ذهبت لجنة صهيونية برئاسة وايزمن إلى فلسطين وشكلت جهازاً إدارياً لليهود للإشراف على الجوانب السياسية وأمور الاستيطان والإغاثة والزراعة والتجارة والصناعة والهجرة والتعليم والعمل ... إلخ .

-  في مؤتمر لندن يوليو 1920 أقر تعيين وايزمان رئيساً للمنظمة ، وتقرر إنشاء مكتب مركزي للهجرة اليهودية ، وإنشاء الصندوق التأسيسي لفلسطين " إلكيريت هايسود " المختص بشئون الهجرة والاستيطان والتعليم وإنشاء المشاريع الاقتصادية والمؤسسات الاجتماعية .

-  وفي المؤتمر الصهيوني الثاني عشر سبتمبر 1921 تحولت زعامة وايزمان إلى زعامة رسمية – وبلغ حينها عدد أعضاء المنظمة الصهيونية 770 ألفاً .

-  كان صك الانتداب البريطاني على فلسطين قد أشار إلى إنشاء "وكالة يهودية" تمثل اليهود بشكل عام، وقامت المنظمة الصهيونية عملياً بدور الوكالة خلال 1922 – 1929 .

 وكان رأي المنظمة ألا يقتصر تشكيل الوكالة على المنظمة الصهيونية ، ولكن تكون وكالة يهودية موسعة تمثل اليهود من صهاينة وغير صهاينة ، مع سيطرتها على التوجية فيها – مما يساعد على إدخال عناصر يهودية مؤثرة غير منتمية للمنظمة وأن هذا الشكل يوسع دائرة نفوذ المنظمة وتمثيلها لليهود في العالم كله كما يمكنها من امتصاص أية معارضة يهودية للحركة الصهيونية .

وتم إنشاء الوكالة اليهودية الموسعة سنة 1929 بحيث تتم مناصفة مقاعد مجلس الوكالة ( السلطة العليا للوكالة ) واللجنة الإدارية ( تقابل المجلس العام في المنظمة الصهيونية ) واللجنة التنفيذية ( تقابل اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية ) بين المنظمة الصهيونية وبين اليهود غير المنتمية إليها .

وحرصت المنظمة على أن تكون الوكالة أداة طيعة بيدها – عبر مجموعة من الإجراءات والقواعد التي ضمنت ذلك . فهناك رئيس واحد للمنظمة وللوكالة ، اللجنة التنفيذية للوكالة هى عملياً بيد أعضاء اللجنة التنفيذية الصهيونية .

ومن خلال إنشاء هذه الوكالة تم استقطاب عناصر يهودية شهيرة غير أعضاء في المنظمة أمثال: البريطاني هربرت صمويل،والأمريكي لويس مارشال،وألبرت أينشتاين العالم الألماني الذي يحمل الجنسية الأمريكية وغيرهم ..

وكان الكثير من هؤلاء زعماء سياسيين وعلماء لم يكن من السهل على المنظمة الصهيونية استيعابهم داخلها دون إخلاء مواقع مؤثرة لهم . فكان وعاء الوكالة أفضل وسيلة استيعاب لهم مع توظيفهم بصورة جيدة لخدمة المشروع الصهيوني واستمرت الوكالة مظلة وأداة للمنظمة الصهيونية، وتزايد الانصهار بينهما حتى أصبحا مع نهاية الحرب العالمية الثانية تعبيرين لشيء واحد .

وفي عام 1947 لم تعد المنظمة الصهيونية بحاجة لهذه الوكالة الموسعة كديكور لها ، فأصبحا مندمجين كشيء واحد إلى أن أعيد تشكيل الوكالة سنة 1968 .

-  أصبح للصهيونيين داخل فلسطين تأثير أكبر على المنظمة الصهيونية العمالية ، وتحديد سياستها وتمكن التيار العمالي اليهودي بقيادة ديفيد بن جوريون (1886 – 1973) من فرض نفسه وتحقيق نفوذ واسع بين يهود فلسطين . وظهر ذلك عندما انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية في المؤتمر الثامن عشر 1933 ، كما أعيد انتخابه سنة 1935 حيث أصبح قطباً مركزياً فيها ، وانتخب في 1937 رئيساً للجنة التنفيذية في فلسطين .

-  هاجر إلى فلسطين خلال الفترة 1933 – 1936 ، ما مجموعه 187.671 يهودياً وكان أخطر ما فيه هو نوعية المهاجرين من علماء وفنيين في مختلف التخصصات .

-  وتوافقت تلك الفترة مع صعود النازية في ألمانيا ، وتمكن هتلر من الوصول إلى الحكم واستفادت الحركة الصهيونية من ذلك في دفع اليهود الألمان للهجرة إلى فلسطين وعقدت مع هتلر اتفاقية سرية لترحيل اليهود "اتفاقية همعفاره " سنة 1933 فهاجرت أعداد كبيرة من اليهود الألمان في مختلف التخصصات الهامة مما أعطى دفعة كبيرة للمشروع الصهيوني .

ورغم أن يهود أوربا عانوا من السياسات الهتلرية النازية ضدهم خلال الحرب العالمية الثانية (1939–1945) إلا أن المشروع الصهيوني في فلسطين كان هو المستفيد الأول إذ وجدت الأنظمة الصهيونية مبرراً ودافعاً قوياً للدعاية للهجرة إلى فلسطين وتمكنت من تضخيم صورة المعاناة اليهودية وجعلها عقدة أساسية عند الغرب لدعم مشروعها .

* قامت الحركة الصهيونية بنقل مركز ثقلها خلال الحرب العالمية الثانية من لندن إلى واشنطن ( أمريكا ) التي أصبحت لها القوة الأقدر على رعاية المشروع الصهيوني والتي خرجت بعد الحرب كأقوى قوة بشرية في العالم .

وكان مؤتمر بلتيمور الصهيوني في 8 مايو 1942 العلامة الفارقة لنقل مركز الثقل ، وتم فيه صياغة السياسة الصهيونية حيث ركزت على إقامة الدولة اليهودية ، وإقامة جيش يهودي ورفض الكتاب البريطاني الأبيض لسنة 1939 وقام الأمريكيون بالضغط على بريطانيا بشأن الكتاب الأبيض ، فأعلن وزير الخارجية البريطانية بيفن في 14 نوفمبر 1945 التخلي عن الكتاب الأبيض وفتح باب الهجرة اليهودية على مصراعيه .

وعندما أعلنت بريطانيا عن عزمها على مغادرة فلسطين، نشطت أمريكا وروسيا في الضغط على الأمم المتحدة لاتخاذ قرار بتقسيم فلسطين ، فكان قرار 181 في 29 نوفمبر 1947 بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية 54% من الأرض، وعربية 45 % من الأرض ، و1% منطقة دولية .

وبذلك اتخذت الدولة اليهودية شرعية دولية ، وبناء عليه أعلن اليهود دولتهم إسرائيل في مساء14 مايو 1948 ، وقامت على الفور بالتوسع بما لقيته من دعم أمريكي روسي غربي لتستولي على 77% من أرض فلسطين وتشرد 800 ألف فلسطيني من وطنهم .

* ظل وايزمان رئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية حتى سنة 1931 ثم تولى الرئاسة ناحوم سوكولوف 1931 – 1935 ثم عاد وايزمن للرئاسة حتى سنة 1946 ، وكان المؤتمر الصهيوني الـ 22 هو الذي انعقد في 9 ديسمبر 1946هو آخر مؤتمر صهيوني قبل إنشاء الكيان اليهودي ، وبلغ عدد أعضاء المنظمة الممثلين في المؤتمر مليونين و159 ألفاً . ورغم ذلك فإن المنظمة فشلت في انتخاب رئيس لها بسبب الخلافات الداخلية وخصوصاً بين بن جوريون ، ووايزمن وقام المجلس الصهيوني العام بتعيين لجنة تنفيذية ائتلافية برئاسة بن جوريون الذي تزايدت هيمنته الفعلية على المنظمة .

وخلال الفترة 1946– 1956 مثل بن جوريون زعامة الأمر الواقع للمنظمة دون أن ينتخب رئيساً رسمياً لها . ومع إعلان الدولة اليهودية أصبح بن جوريون أول رئيس لوزرائها، واستدعى وايزمن ليكون رئيساً فخرياً للدولة اليهودية .

الحركة الصهيونية بعد قيام دولة إسرائيل :

* مع قيام الدولة اليهودية أصبح هناك تياران (اتجاهان) داخل المنظمة الصهيونية هما صهيوني الداخل (أي داخل فلسطين ) وصهيوني الخارج كان بن جوريون وتيار صهيوني إسرائيل ، يعدون المنظمة مجرد سقالة أو وسيلة حققت هدفها ولم يعد لها لزوم بعد إقامة الدولة وأن الصهيونية الحقة هى التي تعني الهجرة والاستيطان في فلسطين ، وركز هذا التيار على مركزية إسرائيل في الحياة اليهودية ، واستقلالها عن هيمنة المنظمة الصهيونية .

أما تيار صهيوني الخارج وخصوصاً في أمريكا فكان يرفض هذا التفسير للصهيونية وقصره على الهجرة لإسرائيل ، وأن دور المنظمة لم ينته ، فهى قادرة على دعم الدولة الصهيونية بوجودها في الخارج ، كما أنه لابد للمنظمة من المشاركة في صنع القرار الداخلي والخارجي لدولة إسرائيل وبالذات في مجال تمثيل يهود الشتات والتحدث باسم إسرائيل سياسياً .

ولم تنكسر حدة التوتر بين الطرفين إلا سنة 1968 عندما حسمت المعركة لصالح تيار صهيوني الداخل , واستقال ناحوم جولدمان من رئاسة المنظمة ، وأمكن التوصل حتى في أثناء التوتر إلى حلول توفيقية وظل الجميع ناشطين في دعم المشروع الصهيوني . لكن أصبحت المنظمة الصهيونية سنة 1968 أداة في يد إسرائيل وقد عقدت المنظمة مؤتمرها الـ 23 لأول مرة في القدس عام 1951 وأقر برنامج القدس ، وأعاد المؤتمر تحديد مهام المنظمة في توطيد دعائم إسرائيل وتشجيع الهجرة لدولة إسرائيل ، وتنمية وحدة الشعب اليهودي وتطوير التنسيق بين المنظمة وإسرائيل ، وإعطاء المنظمة وضعاً قانونياً خاصاً في الدولة العبرية بحيث تتابع أعمال الاستيطان .

وقد انتخب جولدمان رئيساً للمنظمة سنة 1956 وظل في منصبه حتى 1968 واعتبر أن ازدهار الخارج أمر هام ليشكلوا الدرع الواقي لإسرائيل والداعم لها .

وبعد المؤتمر الصهيوني الـ 27 والذي عقد في القدس في 9 – 19 يونية 1968 تكرست المنظمة كتابع وأداة للكيان الصهيوني وخفت حدة نقدها وشكواها وباستقالة جولدمان من رئاسة المنظمة في ذلك المؤتمر لم يتم انتخاب رئيس للمنظمة بعد ذلك وحتى آخر مؤتمر عقدته في ديسمبر 1997 ، واكتفى باختيار رئيس للجنة التنفيذية حيث تولى هذا المنصب لويس بنكوس حتى وفاته 1973 وخلفه أرييل دولستين رئيساً بالوكالة إلى أن انتخب بنحاس سابير في 1974 وحتى وفاته 1975 ثم عاد دولستين رئيساً بالوكالة حتى انتخاب يوسف الموحي في 1976 وعاد دولستين للمرة الثالثة رئيساً بالوكالة سنة 1977 وتم تثبيته رئيساً رسمياً في المؤتمر الصهيوني 1987 – 1994 ثم خلفه أبراهام بورغ 1994 – 1997 ثم تولى الرئاسة بعده سالاي مريدور منذ ديسمبر 1997 .

كان قد تقرر في المؤتمر الـ 27 ( 1968 ) إعادة فصل الوكالة اليهودية عن المنظمة الصهيونية وبدأ تنفيذ ذلك فعلياً منذ 1971 غير أن الفصل ظل شكلياً لأنه تركز أكثر على توزيع الاختصاصات بينما ظل رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة هو نفسه رئيس الوكالة وتولت الوكالة اليهودية التركيز على جمع التبرعات والهجرة والاستيطان .

أما المنظمة الصهيونية فتولت شئون التربية والإعلام الصهيوني والثقافة .ويمثل يهود الكيان الصهيوني ويهود أمريكا نحو ثلثي مندوبي المؤتمر الصهيوني ( 38% ليهود الكيان الصهيوني ، و29 % ليهود أمريكا ) والباقي ليهود العالم : ويمثل مندوبي الكيان الصهيوني حيث نسبة تمثيل أحزابهم في الكنيست الإسرائيلي أما باقي البلاد فتختار مندوبيها وفق الشكل الذي يناسبها .

ويبلغ عدد أعضاء المنظمة حوالي 10% من يهود العالم .

الأيدلوجية الصهيونية :

- ليست الصهيونية مقصورة على اليهود وحدهم ، إذ أن هناك تيارات كبيرة وقيادات مؤثرة في الأوساط المسيحية وخصوصاً البروتستانت تؤمن بالصهيونية وتسعى لخدمتها وإنجاح مشروعها وظهر ذلك واضحاً في بريطانيا وأمريكا .

- هناك قلة من اليهود لا يؤمنون بالصهيونية من أمثال جماعة " ناتوري كارتا " التي ترفض الإعتراف بدولة إسرائيل لأنهم يرون ضرورة انتظار ظهور المسيح الخاص باليهود وإن عودة اليهود إلى فلسطين مرتبطة بهذه الإرادة الربانية ولا يجوز التعجيل بها . وإن كانوا من الناحية العملية يدعمون الكيان الصهيوني .

- الفكر الصهيوني أصبح يشمل تيارات ومدارس متعددة ، لكنه كان قادراً على استيعابها وتوجيهها دائماً لصالح الفكرة الصهيونية .

إن أول حاخام أكبر لليهود في فلسطين ابراهام إسحق كوك ( 1868 – 1935 ) كان يؤمن أن الحركة القومية (أو الصهيونية بتعبير آخر ) على الرغم من اتجاهاتها العلمانية البادية على أتباعها فإنها في النهاية ليست إلا دينية في جوهرها وحقيقتها وأنها تصدر أصلاً عن نزعة دينية هى الصفة الراسخة لليهود التي اختصوا بها بين الأمم وأنهم الشعب المقدس .

كما نجد رؤية اليهود كشعب مقدس تتكرر في مقولات هرتزل الليبرالي ، وبن جوريون العمالي الاشتراكي ، وبورخوف الشيوعي .

بل إن هذه القداسة لأنفسهم وشعبهم وضرورة خدمته ليست جزءاً فقط من عقيدتهم بل هى أكبر حتى من إيمانهم بالله والتزامهم بأحكام التوراة ، فإن تنكر أحدهم لربه أو تعاليم دينه فإنه لا يفعل شيئاً كبيراً في نظرهم ما دام هذا اليهودي على ولائه وانتمائه لهذا الشعب المقدس ، وهو بذلك يقوم بمهمة دينية وإن لم يكن متديناً – لأن الشعب أصبح مصدر القداسة ، وأصبح الدين اليهودي هو التعبير الديني عن روح الأمة اليهودية وليس العكس والحركة الصهيونية قدمت نفسها امتداداً لليهودية وليس نقيضاً لها .

وكان ماكس نوردور القيادي الصهيوني الكبير وكان مقرباً إلى هرتزل ، يعد ملحداً ولكنه اعتبر الدين مصدراً لطاقة بناء كاملة .

وكان جابوتنسكي يعد ملحداً أيضاً وهو مؤسس الصهيونية التنقيحية والأب الروحي لبيجن وتجمع الليكود .

هناك أربعة مدارس أو اتجاهات صهيونية كبيرة ، تتفرع عنها اتجاهات وانقسامات أخرى ولكن الحركة الصهيونية أثبتت مرونة في استيعاب هذه التيارات التي يظهر عليها التناقض كما أثبتت التيارات إمكانية التعايش في أجواء الخلاف ، بل والاستفادة من تناقضاتها في خدمة المشروع الصهيوني ، وظلت الأفكار السياسية ( اشتراكية – ليبرالية – شيوعية .. إلخ ) مضامين فكرية مضافة إلى بنية الأيدلوجية الصهيونية يمكن حذفها أو الاستغناء عنها أو عن بعضها عند الحاجة دون أن تتأثر البنية الأساسية للأيدلوجية الصهيونية . أي أنها تمثل صهيونية توفيقية فهى سياسية عندما تتحرك دبلوماسياً لتنال التأييد ، "وعملية" عندما تركز على تواجد المستوطنين وتوحيدهم و" تنقيحية ومراجعة " عندما تجمع الضرائب وتشجع الرأسمال اليهودي ، وعمالية اشتراكية عندما تهتم بالتنظيمات العمالية وتوفير المساعدات لها، وتعبر عن فلسفة قومية " لا دينية " وتوظفها لصالحها ، وتقدم نفسها على أنها التعبير الوحيد عن اليهودية والمدافع عن التراث اليهودي " دينية " .

أ – المدرسة الأولى:الصهيونية السياسية،وزعيمها الأول هرتزل، وهى تركز في سعيها إلى تحويل المشكلة اليهودية إلى مشكلة سياسية دولية . ومن أهم دعاة هذه المدرسة جاكوب كلاتزكين ( 1882 – 1948 ) وماكس نوردو .

 ويتفرع منها الصهيونية التنقيحية أو المراجعة ، وهى تغلب الجانب القومي على الجانب الديني وهى ذات توجهات ليبرالية ورأسمالية ، ويعد فلاديمير جابوتنسكي المنظر الأساسي لها ويمثلها بيميه وشايد ونتنياهو ... إلخ .

ب – المدرسة الثانية : هى الصهيونية العمالية "الاشتراكية" وهى ترى أن التركيب الاجتماعي والحضاري لليهود مختلف عن غيره ، وتركز على الاسلوب الاشتراكي لتحقيق الأهداف الصهيونية ومن أمثلة هذه المدرسة : بوروخوف (1881 – 1917) الذي حاول توظيف المنهج الماركسي لخدمة الصهيونية وعلى حتمية الحل الصهيوني لتزويد الطبقات اليهودية بقاعدة إنتاج ( يقصد بها أرض فلسطين ) ويدخل ضمنها تيار ناحام سيركين ( 1868 – 1924 ) الذي يركز على العنصر الأخلاقي ووحدة الرؤية اليهودية .

وكذلك تيار أهارون جوردون (1856 – 1922) الذي ركز على الجانب النفسي وعلى اقتحام الأرض والعمل . وقد شاعت أفكار سيركين وجوردون بالذات في الأوساط العمالية اليهودية وكان من نتاجه تأسيس الهستدروت والكيبوتسات وهذا التيار قاد الكيان الصهيوني من 1948 وحتى 1977 من خلال حزب الماباي (وتكتل حزب العمل) ومن قياداته بن جوريون ، وموشيه شاريت وجولدا مانير وليفي أشكول وشمعون بيريز .

جـ - المدرسة الثالثة : الصهيونية الدينية : وهى تغلب الجانب الديني على الجانب القومي وتسعي لتطبيق الشعائر اليهودية والاحتكام للتوراة وهى قسمان :

قسم يرى أن الصهيونية السياسية رغم علمانيتها الظاهرة إلا أنها ستسهم في النهاية في خدمة القيم الدينية . وقد انضم هذا القسم للمشروع الصهيوني منذ بدايته ومن رواده الأوائل الحاخام كاليشر وكذلك إسحق كوك وقد أخذ شكله المنظم سنة 1902 بتأسيس حركة مزراحي " مركز روحي " ولخصت شعارها في " التوراة والعمل " ويمثل حزب المفدال " الحزب القومي الديني " نموذجاً له ، ومن قادته حايين شابيرا ويوسف بورغ وقد انشق عنه سنة 1981 حزب تامي .

أما القسم الثاني من الصهيونية الدينية ، فقد رفض الصهيونية في البداية بل وحاربها باعتبارها مخالفة لتعاليم اليهودية وتمرداً على الإرادة الربانية وعدم الانتظار لظهور مسيح اليهود . وبداية هذا التيار كان سنة 1909 .

وأنشأ لنفسه حزب أغودات إسرائيل سنة 1912 ، ولكنه مع مرور الوقت تبني عملياً الهجرة والاستيطان وتعاون مع المؤسسات الصهيونية ورأى أن وعد بلفور يتسق مع الوعد الإلهي وسحب معارضته لقيام الدولة اليهودية ويشارك في الانتخابات لكن في الوقت نفسه يرفض الاعتراف من ناحية دينية بـ إسرائيل كدولة يهودية ويرفض خدمة شبانه في الجيش الإسرائيلي .

ومن أمثلة رموزه إسحاق ليفين ، ومن عباءته خرجت أحزاب شاس 1984 .

د  - المدرسة الرابعة : الصهيونية الثقافية : وهى ترى أن الخطر الأكبر الذي يهدد استمرار اليهودية هو فقدان الإحساس بالوحدة والترابط بين طوائف اليهود وضعف تمسكهم بقيمهم وتقاليدهم : وتركز على أن مصدر هذه القيم هو التراث اليهودي وتاريخ اليهود أي أنها ركزت على الإحساس باليهودية وقداسة الشعب اليهودي كمسار للحفاظ واستمرار اليهودية.

وقدمت القومية اليهودية في هيئة رومانسية يطلق عليها البعض صهيونية عضوية وأبرز دعاتها هو آشر جينزبرغ (1856- 1927 ) المشهور باسم آحاد هاعام ، وكذلك مارتن بوبر .

هذه المدرسة ليس لها أحزاب محددة،وإنما فكر ثقافي يعبر عن نفسه بالاهتمام باللغة العبرية والثقافة والقيم اليهودية .

حول طبيعة المعركة بين اليهود والأمة الإسلامية :

نشير باختصار إلى بعض النقاط في هذا المجال :

- الصهيونية ليست هي الديانة اليهودية نفسها ، ولكن الصهيونية مشروع يهودي استخدام الدين والسياسة لتحقيق مصالحه الدينية والسياسية ، وله مرتكزات عقائدية يستند إليها ويستخدمها ويوظفها لحاجته ومصلحته .

ويجمع داخله كل الأطياف العلمانية واليسارية والدينية بكل مذاهبها وحتى الإلحادية ، منطلقه الأساسي هو قدسية الشعب اليهودي والانتماء إليه . كثير من اليهود يعملون لمصلحة الصهيونية ولمصلحة الدولة اليهودية ، رغم أنه غير متدين بل قد يكون فاسداً ومتحللاً حسب المعايير الدينية اليهودية وإنما يفعل ذلك بدافع الانتماء القومي والعاطفة اليهودية المتأصلة داخله فالانتماء القومي عندهم هو انتماء ديني أساساً لأن قومية اليهودي هى دينه .

أن هذا الصراع بين الدولة الصهيونية وبين أمة الإسلام ليس كصراع صاحب أرض مع محتل غاصب ، وإنما في جوهره معركة عقائدية معركة حضارية خاصة بالمصير والوجود . وذلك بسبب : 

أولاً : من ناحية العدو :

1-        طبيعة العدو ومرتكزاته العقائدية .

2-        ما يحمله العدو من إرث تاريخي مليء بالعداء والخصومة .

3-        ما صاحب النشأة من أهداف تستهدف تفكيك الأمة الإسلامية وإضعافها .

4-        أنها مدعومة التأييد الغربي المسيحي ذو البعد العقائدي، وأصبحت تمثل امتداداً للحروب الصليبية . وقد صرحوا بذلك في أكثر من موقف .

ثانياً : من ناحية الأمة الإسلامية:

1-        بسبب طبيعة الأرض التي هى أرض مقدسة مباركة في نظر المسلمين ، وبها مقدساتهم .

2-        طبيعة العقيدة الإسلامية التي ينطلق منها المسلم ليواجه العدوان على دينه ومقدساته .

فالمعركة حسب المفهوم الإسلامي يجب أن تكون عقائدية مستندة إلى الإيمان والجهاد في سبيل الله ، بغض النظر عن طبيعة الغاصب أو خلفياته القومية والعقائدية فاحتلال أي أرض للمسلمين من أي عدو كان يستوجب الجهاد ويعتبرها الإسلام معركة عقائدية .

3-        القرآن الذي أشار لهذا الصراع وطبيعة اليهود فيه حتى يوم الساعة .

* ويجب أن يكون واضحا أن الأمة الإسلامية عندما تقاتل اليهود فإنها لا تقاتلهم لكونهم مجرد يهود ، وإنما لأنهم معتدين مغتصبين يستهدفون الإسلام وأمة الإسلام . فاليهود كمنتمين للديانة اليهودية – وغيرهم من أهل الأديان – لهم أحكامهم المتعلقة بأهل الذمة في الإسلام فما داموا مسالمين غير معتمدين على سلطان الدولة فلهم الأمان وحماية دولة الإسلام .

ولكنهم عندما يحتلون أرضاً إسلامية،يصبح من الواجب الشرعي والقانوني والإنساني قتالهم ورد عدوانهم وتحرير كامل الأرض التي اغتصبوها .

 

إحصائيات وأحداث لها دلالة :

بلغ عدد اليهود في فلسطين عام 1799 نحو خمسة آلاف يهودي وفي عام 1876 بلغ 13920 يهودي .

وفي عام 1918 وصل عددهم إلى 55 ألفاً ( أي 8% من عدد السكان في فلسطين ) .

وفي سنة 1948 بلغ عددهم 650 ألفاً – أي ازدادوا في فترة الاحتلال البريطاني ليصلوا إلى 31% من السكان).

لكنهم لم يتمكنوا من الحصول سوى على 6.5% من أرض فلسطين قبيل إعلان الدولة 1948 ( وأغلبها أراضي حكومية ، أو باعها إقطاعيون غير فلسطينين كانوا يقيمون في دول أخرى مثل لبنان أو بالحيلة والتحايل ..) بني عليها اليهود 291 مستعمرة ( قرار التقسيم 1948 كان يعطي اليهود 54% من أرض فلسطين ) ومع اندلاع حرب 48 تمكنوا من الاستيلاء على 77% من أرض فلسطين وقد بلغ عدد قوات الجيش اليهودي في هذه الفترة ( نظامي أو عصابات اليهود المسلحة ) أكثر من 70 ألف مقاتل ( 64 ألف مقاتل من الهاجاناة و 5آلاف من الأرغون ، وألفين من شيترن والباقي مجموعات صغيرة ..) .

وهو عدد أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش العربية السبعة التي دخلت حرب 1948 مع فارق ضخم في التسليح لصالح اليهود .

دمر اليهود 478 قرية فلسطينية من أصل 585 قرية في الأراضي المحتلة 48 وبلغ عدد مستعمراتهم 756 مستعمرة بحلول سنة 1985 .

لم يبق تحت يد أبناء فلسطينيين في الأرض المحتلة 48 سوى أقل من 4% من الأرض .

بعد حرب 67 قاموا بمصادرة 62.7% من مساحة الضفة الغربية و 43% من مساحة قطاع غزة ، وأخذوا في تنفيذ مشروع القدس الكبرى الذي سوف يغطي 20% من أرض الضفة الغربية .

في القدس الشرقية أقاموا أكثر من عشرة أحياء يسكنها 190 ألف يهودي مستوطن بحيث أصبحوا أكثر من العرب المقيمين بالقدس الشرقية كما أقاموا في أراضي الضفة الغربية أكثر من 160 مستوطنة يسكنها أكثر من 200 ألف يهودي ( تقدير عام 2000م ) .

وبالتالي لم يتركوا إلا الفتات من أراضي الضفة الغربية وحتى هذا تم تقسيمه إلى ثلاث أجزاء ( منطقة أ - سيادة فلسطينية محدودة ، منطقة ب - مشاركة أمنية إسرائيلية مع السلطة الفلسطينية – منطقة ج - إشراف أمني إسرائيلي كامل ) ثم جدار للفصل بين القرى والتجمعات الفلسطينية يتحكم في بواباته الأمن الإسرائيلي ليجعلها جزر منفصلة محاصرة . فهذا الفتات الباقي من الضفة الغربية هو الذي تجري عليه المفاوضات التي يستجديها ويتوسل لها القادة العرب وسلطة أوسلو الفلسطينية .

  في بداية الحرب العالمية الأولى 1917 ، تحالفت القبائل العربية : الشريف حسين في الحجاز، وزعماء القبائل في جنوب الشام وشرق فلسطين مع الإمبراطورية البريطانية ضد الدولة العثمانية ( وكانت تحت حكم الاتحاد والترقي ) ، مقابل أن يحكموا بأنفسهم هذه المناطق وبلاد الشام ، حسب زعم ووعد الإنجليز لهم . وتم هذا الاتفاق على يد ضابط المخابرات الإنجليزية لورانس العرب " ، وكان لهذا التحالف دور فعال في نجاح الإنجليز في الاستيلاء على الشام .

  عقدت معاهدة سايكس بيكو مايو 1916 بين بريطانيا وفرنسا ثم انضمت لهم روسيا بعد ذلك لتوزيع مناطق العراق والشام عليهم .

في 2 نوفمبر 1917 صدر وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين قام الروس بكشف هذه الاتفاقية حيث لم يأخذوا شيئاً في هذه المنطقة العربية وكان ذلك في بداية عهد الثورة الشيوعية التي قضت على الحكم القيصري في روسيا في أكتوبر 1917 وأعلنت انسحابها من الحرب العالمية وأرسلته للصحافة بعد أقل من أسبوع من صدوره . ثم جاء الإعلان الرسمي على لسان الجنرال ليويس بولز في مايو 1919 ( أي بعد عام ونصف من صدوره ) .

وقد أرسلت بريطانيا في يناير 1918 مبعوثها هونمارث لطمأنة الشريف حسين والعرب بأن ذلك الوعد لن يتعارض مع مصالح السلطان السياسية والاقتصادية .

في ديسمبر 1917 أتم البريطانيون احتلال جنوب ووسط فلسطين ، واحتلوا القدس في 9 ديسمبر 1917 وقال اللبني قائد الجيش البريطاني: الآن انتهت الحروب الصليبية، وفي سبتمبر 1918 احتل البريطانيون شمال فلسطين .

وفي الفترة من سبتمبر - أكتوبر 1918 احتلوا شرق الأردن وسوريا ولبنان واستطاعت بريطانيا إقناع فرنسا بالتخلي عن مشروع تدويل فلسطين كما في نصوص معاهدة سايكس بيكو مقابل مساعدة فرنسا في احتلال سوريا .

استصدرت بريطانيا قرارًا من عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 بإنتدابها على فلسطين وتم تضمين وعد بلفور في صك الانتداب بحيث أصبح التزاماً رسمياً معتمداً دولياً ، ووضعت بريطانيا فلسطين تحت الحكم العسكري حتى نهاية 1920 ثم حولتها للحكم المدني وعينت اليهودي الصهيوني هربرت صمويل أول مندوب سام لها على أرض فلسطين (1920 حتى 1925 ) وتابع المندوبون السامون المسيرة نفسها بعده وكان أكثرهم حدة وبذلاً للجهد آرثر واكهوب (1931 – 1938 ) .

- ثم تأسيس الهستدروت ( اتحاد العمال ) وافتتاح الجامعة العبرية بالقدس سنة 1925 .

* هذا النجاح الظاهر ( والمؤقت بإذن الله ) للحركة الصهيونية لم يكن يعتمد على قوة اليهود الذاتية وإنما كانت هناك عوامل أخرى كثيرة ساعدته نجملها في الآتي:

 1- المساعدة الفعالة من دول العالم الكبرى ، وحرصهم على نجاح المخطط الصهيوني .

2- التبني الكامل من الإمبراطورية البريطانية مع احتلالها لأرض فلسطين والدول المجاورة لها .

3- الإمكانيات الاقتصادية والسياسية التي وصل إليها اليهود عبر مئات السنين في الدول المختلفة ، فامتلكوا الأموال الضخمة – والإعلام المؤثر – والتأثير السياسي الخفي.

4- أساليب المكر والدهاء واستباحة جميع الوسائل والحيل لتحقيق أهدافهم .

5- الضعف الشديد في الجبهة المقابلة لهم : من تفكك العرب – البعد عن دينهم – التخلف الحضاري والتكنولوجي – خضوعهم لقوى الاحتلال والاستعمار .

تاريخ المقاومة الفلسطينية حتى حرب 1948 :

-  أول صدام مسلح بين الفلسطينيين واليهود كان في سنة 1886 عندما أسس اليهود مستوطنة بتاح تكفا من أراض اشتروها من ملاك كبار وقاموا بطرد الفلاحين من منطقة الخضيرة وملبس ، فقاومهم الفلاحون ، ومن بعدها بدأ تنبه السلطات العثمانية للهجرة اليهودية .

-  كان أول بوادر المقاومة للمشروع الصهيوني وظهور ما يسمى بالحركة الوطنية الفليسطينية ، هو أوائل عام 1919 . حيث تم إنشاء جمعية " الفدائية " أوائل هذا العام وتكونت لها فروع في يافا والقدس وغزة ونابلس وطولكرم والرملة والخليل ، وتولى زعامتها في البداية محمد الدباغ ، ثم محمود عزيز الخالدي ، وكانت تلقي دعماً وتوجيهاً من الشيخ سعيد الخطيب والحاج أمين الحسيني والشيخ حسن أبو السعود ونشطت في تجنيد الأعضاء وسط الجندرمة والشرطة الفلسطينية وقاموا بشن بعض الهجمات على المستوطنات اليهودية مثل المطلة ، تل حاي ، كفر جلعادي وكان لها دور واضح في انتفاضة موسم النبي موسى في القدس في إبريل 1920 حيث احتشد الناس في القدس يوم 4 ابريل 1920 للاحتفال بهذا الموسم وخطب في الجماهير المتوافدة بعض المشايخ والزعماء مثل موسى كاظم الحسيني والحاج أمين الحسيني وعارف العارف .. وفي هذه الأثناء تطاول بعض اليهود على بعض الفلسطينيين فاندلعت الاشتباكات لتشمل مدينة القدس وأسفرت عن مقتل خمسة يهود وجرح 211 يهودياً كما جرح سبعة جنود بريطانيين ومن العرب استشهد أربعة وجرح 24 آخرين .

-  وفرضت السلطات البريطانية الأحكام العرفية وحكمت بالسجن غيابياً لمدة عشر سنوات على الحاج أمين الحسيني وعلى عارف العارف، ثم أصدر المندوب السامي البريطاني عفواً عنهما لمحاولة تهدئة الأوضاع كما قامت بإقالة موسى كاظم الحسيني من رئاسة بلدية القدس ( وقد تفرغ بعدها لقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية حتى وفاته 1934 ) .

وعينت مكانه راغب النشاشيبي رئيساً للبلدية ، لتلعب منذ ذلك الوقت على ورقة الصراع العائلي ( حسينية ونشاشيبية) والتي كان لها أثر سلبي على حركة المقاومة .

انتفاضة يافا مايو 1921 :

في 28 مارس 1921 زار وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل فلسطين وأعطى دعما ودفعة قوية للاستيطان اليهودي ، وعندما قابله الوفد العربي الفلسطيني كان اللقاء مخيباً لآمالهم ، فقامت مظاهرة في حيفا 28 مارس ، فقمعها الإنجليز بعنف واستشهد فيها اثنين من العرب ثم اعتدت مجموعة من الشيوعيين اليهود عند احتفالهم بعيد العمال أول مايو 1921 على الفلسطينيين القاطنين في حي المنشية بيافا . فانفجرت الاشتباكات هناك وقتلوا 13 يهودياً وجرحوا 24 آخرين . ثم اتسعت الاشتباكات والأحداث لتغطي أجزاء عديدة من شمال فلسطين واستمرت الانتفاضة حتى منتصف مايو 1921 .

وقد تصدت القوات البريطانية للعرب الفلسطينيين عند هجومهم على المستعمرات اليهودية ( مستعمرة بتاح تكفا ) واستخدمت الطائرات في ذلك واستشهد من العرب 28 شهيداً و15 جريحاً . وقتل من اليهود 4 والجرحى 12 . وفي 6 مايو هاجم حوالي 400 عربي مستعمرة الخضيرة فتدخل الطيران البريطاني وأصابهم ، وأجبرهم على الانسحاب وفي نفس اليوم هاجم 600 عربي مستعمرة رحوبوت وقام الجيش البريطاني بالتصدي لهم .

وفي المقابل قام اليهود بأسر العرب الموجودين بالغرب منهم في مستعمرة بتاح تكفا ( بحماية القوات البريطانية ) وعذبوهم تعذيباً شديداً وهتكوا أعراض النساء ، وقتلوا منهم خمسين مسلماً فيهم أطفال ونساء وثبتت هذه الأشياء بتقارير الأطباء .

وقد بلغ شهداء العرب 157 والجرحى 705 بخلاف الخمسين الذين ذبحهم اليهود . كما أن معظم الإصابات وسط العرب كانت على يد القوات البريطانية وبرصاص البريطانيين واليهود ، أما معظم إصابات اليهود فكانت بالسكاكين والعصي .

ولتهدئة الأحوال قام البريطانيون باتخاذ إجراءات قضائية والاتصال ببعض الزعماء والوجهاء العرب لتهدئة الجماهير ووعدوهم بحل سياسي وضحكوا عليهم بإعطائهم وسام عضو الإمبراطورية M.B.E . وقام في نفس الوقت النائب العام البريطاني المسئول عن القضاء في فلسطين : "نورمان بنتويش " وهو بريطاني يهودي صهيوني في التحقيق واعتبارها قضايا شغب بسيطة وقفل صفحتها .

واستكمالاً لهذا الخداع أعلن المندوب السامي البريطاني ( وهو يهودي صهيوني ) هربرت صمويل في 3 يونيو 1921 أن بريطانيا ستراعي مصالح الشعب الفلسطيني .

ثورة البراق أغسطس 1929 :

بعد انتفاضة يافا هدأت الأمور وانتظر وجهاء العرب تغير سياسة بريطانيا ، لكن حدثت اشتباكات محدودة مثل مظاهرة القدس في ذكرى وعد بلفور 2 نوفمبر 1921 أدت إلى مقتل خمسة من اليهود واستشهاد ثلاثة من العرب . وفي 20 مارس 1924 أهان اليهود في احتفالهم بعيد لهم الدين الإسلامي فحدث اشتباك ، وقتل يهودي وآخر مسلم وفي25 مارس 1925 أضربت فلسطين إضراباً شاملاً بمناسبة زيارة بلفور إلى فلسطين .

وحائط البراق هو الحائط الغربي للمسجد الأقصى (ويسميه اليهود حائط المبكى ) وكان ذلك وقف إسلامي لكن كانوا يسمحون لليهود بزيارة المكان من باب التسامح . لكن في 23 سبتمبر 1928 استغل اليهود ذلك وحاولوا تغيير الحالة وتحويل المكان إلى ما يشبه الكنيس اليهودي . فأسس المسلمون في 30 سبتمبر " لجنة الدفاع عن البراق الشريف" وعقدوا في القدس مؤتمراً إسلامياً في الأول من نوفمبر 1928 حضرته وفود من الأردن والعراق ولبنان وسوريا والهند، وقرر المؤتمر تشكيل جمعية حراسة المسجد الأقصى وفي 15أغسطس1925 قام اليهود بتصعيد جديد حيث نظموا مظاهرات في القدس الغربية اتجهت إلى حائط البراق ورفعوا عليه العلم الصهيوني وألقوا الخطب وشتموا وهاجموا الإسلام والمسلمين وذلك تحت حماية القوات البريطانية .

وفي اليوم التالي قام المسلمون بمظاهرة مضادة من المسجد الأقصى ، وحدث الاشتباك بين العرب واليهود في 17 أغسطس ، ثم صدامات واسعة بعد صلاة الجمعة 22 أغسطس في القدس. ثم عمت المظاهرات والصدمات جميع أنحاء فلسطين واستمرت بشكل عنيف أسبوعاً كاملاً وفي 24 أغسطس قام العرب في الخليل بمهاجمة الحي اليهودي فقتلوا أكثر من ستين يهودياً وجرحوا خمسين آخرين وقتلت القوات البريطانية من العرب عشرة خلاف عشرات الجرحى.

وفي يوم 29 أغسطس هاجم العرب الحي اليهودي في صفد فقتلوا عشرين وجرحوا 25 آخرين . واستمرت تلك الهجمات حتى 2 سبتمبر ونجحوا في تدمير ستة مستعمرات صغيرة. وتحولت أغلب أراضي فلسطين إلى ساحة قتال. ولم تستطع السلطات البريطانية السيطرة على الوضع إلا في 28 أغسطس وباستخدام مفرط في القوة أسفرت هذه الثورة عن مقتل133يهودياً وجرح339،واستشهد من العرب116 وجرح 232 ( هناك تقديرات ترفع هذه الأرقام ) وقد أصيبوا على يد الجيش البريطاني . وكانت الإصابات بين البريطانيين نادرة جداً لأن العرب كانوا يستهدفون اليهود فقط ( وكان عند بعض العرب الأمل في بريطانيا لكنهم أدركوا بعد ذلك أبعاد الحماية البريطانية للمشروع الصهيوني) .

وسيق إلى المحاكمة 1300 شخص 90% منهم من العرب وقد أفرج النائب العام البريطاني ( اليهودي ) بتتويش عن اليهود بكفالة ويدون كفالة، وحكم بالإعدام على ثلاثة من العرب هم عطا الزير، ومحمد جمجوم، وفؤاد حجازي وأعدموا في 17 يونيو1930 وكان يوماً مشهوداً في فلسطين عرف ب " الثلاثاء الحمراء " وقد واجهوا الموت بشجاعة .

بعد ذلك جرت محاولة لاغتيال بنتويش أصيب على أثرها في فخده ثم أعفته السلطات البريطانية من منصبه سنة 1931 .

ثورة الكف الأخضر 1929 – 1930 :

كانت مجموعة الكف الأخضر هى أولى المجموعات الثورية ظهوراً بعد ثورة البراق ، وقد تركز نشاطها في شمال فلسطين ( قضاء صفد ، وعطا ) وقد بدأت بحوالي 27 رجلاً من الثوار – ( من الذين شاركوا في ثورة البراق وهربوا من قبضة السلطات البريطانية ) ثم انضم إليهم عشرات آخرون ليصل عددهم إلى 80 رجلاً: وقاموا بهجمات على اليهود وضد الشرطة البريطانية ونشطوا خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 1929 وتولى قيادتها أحمد طافش .

طاردتهم القوات البريطانية واستعانت بالطائرات والتعاون مع السلطات الفرنسية وقوات حدود شرق الأردن في عمليات الملاحقة التي استمرت طوال شهري يناير وفبراير 1930 وتمكنت من القبض على أحمد طافش في شرق الأردن في 27 يناير 1930 وأعدمته وآخرين معه ولم تستطع هذه المجموعة الثورية بعد ذلك من الاستمرار بسبب المطاردة البريطانية ، ولأن الزعامات السياسية الفلسطينية لم تدعمها أو تتعاون معها .

انتفاضة أكتوبر 1933 :

تشكلت تجمعات سياسية في فلسطين مثل حزب الاستقلال – جمعيات الشبان المسلمين – اللجنة التنفيذية العربية ( وهى تمثل العرب الفلسطينيين سياسياً . وطالبوا بوقف الهجرة وإلقاء اللوم على بريطانيا ، وفي يوم 13 أكتوبر 1933 قررت اللجنة التنفيذية الإضراب العام في فلسطين وإقامة مظاهرة كبرى في القدس سقط فيها 11 جريحاً وفي يوم 27 أكتوبر عم الإضراب فلسطين وخرجت مظاهرة كبيرة في يافا بعد صلاة الجمعة بقيادة اللجنة التنفيذية ، واجهتها الشرطة البريطانية بالعنف وقتل فيها ثلاثين عربياً وجرح مائتان واعتقلت السلطات البريطانية 12 من القادة الفلسطينيين بينهم ثلاث أعضاء في اللجنة التنفيذية وكان من ضمن المصابين موسى كاظم الحسيني رئيس اللجنة وقد توفى بعد ذلك في مارس 1934 .

أحدثت مجزرة يافا ردود فعل غاضبة ، فقامت مظاهرات عنيفة في مدن فلسطين . واستمر الإضراب العام أسبوعاً كاملاً .

جماعة الجهادية واستشهاد عز الدين القسام نوفمبر 1935 :

هو الشيخ عز الدين عبد القادر مصطفى القسام من مواليد بلدة جبلة قضاء اللاذقية بسوريا سنة 1882 . درس في الأزهر وعاد إلى سوريا داعية للإسلام وكان من قادة الثورة السورية ضد الفرنسيين خلال الفترة 1918 – 1920 ثم بعد توقفها انتقل إلى فلسطين واستقر في حيفا .

ابتدأ تشكيل جماعته في سنة 1925 بإنشاء تنظيم جهادي سري يستمد منهجه من الإسلام والإعداد للجهاد وذلك تحت اسم " المنظمة الجهادية " ثم اشتهرت بعد استشهاد عز الدين القسام باسم جماعة القسام عمل عز الدين القسام إمام وخطيب لمسجد الاستقلال في حيفا منذ سنة 1925 ومأذون شرعي منذ سنة 1930 . كما استفاد من رئاسته لفرع جمعية الشبان المسلمين في حيفا كغطاء لحركته وتنظيمه وانشأ فروع لهذه الجمعية في اللواء الشمالي . وتشكلت القيادة الأولى للتنظيم القسامي سنة 1928 وضمت بالإضافة إلى رئيسها كلاً من العبد قاسم، محمود زعرورة ، محمد الصالح ، خليل محمد عيسى . وكان مركزها حيفا . وقد بلغ عدد أفراد الجماعة سنة 1935 حوالي مائتي عضو وعدد من الدوائر المتعاطفة بلغ إجمالها ثمانمائة .

وبدأ مرحلة التدريب والتسليح في أواخر 1928 . وشاركوا كأفراد في ثورة البراق 1929 ، وقاموا بعمليات عسكرية فردية في الفترة من 1930 – 1932 .

وفي نوفمبر 1935 أعلنت جماعة الجهادية عن نفسها وعن الدعوة للجهاد ، واختفى القسام وعدد من رجاله في أواخر أكتوبر في الجبال وبدأوا في شن الهجمات ، وبدأوا في الإعداد للهجوم على مستعمرة " بيت ألفا " ، لكنهم فقدوا عنصر المباغتة عندما كشف أمرهم ، وفي فجر يوم 20 نوفمبر 1935 طوقتهم القوات الإنجليزية بعدد 400 جندي مع المصفحات عند أحراش بلدة يعبد بالقرب من قرية الشيخ زيد وبدأت المعركة في الخامسة والنصف صباحاً واستمرت أربع ساعات ونصف واستشهد فيها الشيخ عز الدين القسام ، ويوسف الزيباوي ، ومحمد حنفي المصري . وقبض على ستة آخرين. وقتل من الإنجليز 15 رجلاً بخلاف الجرحى .

وكان ذلك الحادث هو الشرارة التي اندلعت منها الثورة الفلسطينية الكبرى .

الثورة الفلسطينية الكبرى 1936 – 1939 :

بعد استشهاد عز الدين القسام ، تولى القيادة الشيخ فرحان السعدي ، وقاموا ببعض العمليات العسكرية ، ومنها عملية عنبتا – نور الشمس ( على طريق نابلس – طولكرم ) وذلك في 15 ابريل 1936 وشارك فيها القائد فرحان السعدي وكان عمره حوالي 75 عاماً وتم قتل اثنين من اليهود وجرح ثالث .

ثم توالت الصدامات الواسعة بين العرب واليهود في منطقة يافا يوم 19 أبريل أدت إلى مقتل تسعة يهود وجرح45 آخرين، وقتل من العرب اثنان وجرح 28 .

وأعلنت بريطانيا حظر التجول في يافا وتل أبيب . وأثناء المرحلة الأولى من الثورة الفلسطينية تولى قيادة الثورة شمال فلسطين القائد القسامي أبو إبراهيم الكبير ، وفي منطقة لواء نابلس كان ضمن القيادة هناك قائدان قساميان هما يوسف أبو درة ، والشيخ محمد الصالح الحمد ، ومنطقة أخرى يقودها عبد الرحيم الحاج محمد ، وأخرى يقودها عارف عبد الرزاق ثم بعد انتهاء الثورة الكبرى ، شاركوا في الجهاد ولكن تحت قيادة تجمعات أخرى .

- وبذلك أصبحت المقاومة المسلحة الفلسطينية منذ 1936 وحتى 1947 تشمل ثلاثة تيارات أو مجموعات رئيسية :

أ – جماعة الجهادية والتي أصبحت بعد استشهاد عز الدين القسام جماعات القسام الجهادية وخاصة في شمال ووسط فلسطين .

ب – منظمة المقاومة والجهاد بقيادة عبد القادر الحسيني.

ج - المجموعات التي شكلها الحاج أمين الحسيني في فلسطين . وقد اتحدت بعد ذلك مع مجموعة عبد القادر الحسيني لتشكل منظمة واحدة عرفت باسم " منظمة الجهاد المقدس" .

هذا بالإضافة إلى مجموعات أخرى صغيرة مبعثرة في المدن والقرى الفلسطينية .

منظمة الجهاد المقدس :

كان موسى كاظم الحسيني زعيماً للحركة الوطنية في فلسطين ، وخلفه بعده ابنه عبد القادر الحسيني حيث درس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة وفي حفل تخرجه سنة 1932 قام بتمزيق شهادة التخرج بعد أن استلمها من رئيس الجامعة على مرأى من الحشد وصاح قائلاً إني لست في حاجة إلى شهادة معهدكم الذي هو معهد استعماري تبشيري . وقد قامت الجامعة بسحب شهادته وقامت السلطات المصرية - بضغط بريطاني أمريكي – بطرده من مصر وبعد أن عاد عبد القادر الحسيني إلى فلسطين في يوليو 1932 ، أخذ يشكل تنظيماً عسكرياً سرياً للمقاومة في مارس 1934 برئاسته وأطلق عليه بعد ذلك اسم منظمة المقاومة والجهاد ، واتسع ليشمل مناطق كثيرة بلغت حوالي 17 فرعاً في مدن فلسطين ووصل عدد أعضائه إلى نحو 400 شخص ، واصطبغ هذا التنظيم بالصبغة الوطنية وشارك في عضويته العديد من النصارى من أبرزهم أميل الغوري وحنا خلف .

وفي نفس الوقت كان للحاج أمين الحسيني – مفتي فلسطين – تجمعات سرية عسكرية وتم توحيد جهود هذه التنظيمات في منظمة الجهاد المقدس برعاية الحاج أمين الحسيني وتحت إشرافه ثم أسند قيادتها لعبد القادر الحسيني .

وقد تولى عبد القادر الحسيني القيادة العملية في منطقة القدس أثناء الثورة الكبرى 1936 – 1939 ) . وقد تشكلت في أبريل 1936 اللجنة العربية العليا لفلسطين برئاسة الحاج أمين الحسيني .

ومن المعارك الكبيرة التي خاضها عبد القادر الحسيني معركة حوسان – الخضر في 4 أكتوبر 1936 وانتهت باستشهاد البطل السوري سعيد العاصي وأصيب فيها عبد القادر الحسيني وتم أسره بعد ذلك لكنه استطاع الهرب قبل محاكمته في 11 ديسمبر 1936 إلى العراق ثم إلى ألمانيا ، ثم عاد للقدس في خريف1937 وقاد أعمال الجهاد من جديد، ومن المعارك الكبيرة التي خاضها معركة بني نعيم الكبرى في 4 أكتوبر 1938 لكن مع نشوب الحرب العالمية الثانية ، توقفت الثورة في منطقة القدس وغادر عبد القادر الحسيني فلسطين إلى العراق .

المرحلة الأولى من الثورة الكبرى تمتد من أبريل حتى أكتوبر 1936 :

تفجرت الشرارة الأولى للثورة الكبرى يوم 15 أبريل 1936 بعد معركة المجموعة القسامية بقيادة الشيخ فرحان السعدي لتنشر الصدامات المسلحة في اغلب مدن فلسطين بعدها .

وفي 20 أبريل 1936 تشكلت في نابلس لجنة قومية غير حزبية أساسها مجموعة من الشبان المثقفين في مقدمتهم أكرم زعيتر . وقد دعت إلى إضراب عام في فلسطين إلى أن تستجيب الحكومة البريطانية لمطالبها وكانت الاستجابة من الشعب الفلسطيني عالية جداً وفي اغلب فلسطين .

وُحدت القيادة الفلسطينية بشأن هذا الإضراب إذ تشكلت لجان قومية في أنحاء فلسطين وتجاوبت الأحزاب العربية الفلسطينية معه ، ثم توحدت القيادة الفلسطينية في 25 أبريل بتشكيل اللجنة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسيني .

واستمر الإضراب ستة أشهر (178 يوماً ) ، وزاد من حدة الإضراب سياسة العصيان المدني إذ بدأ امتناع الفلسطينيين عن دفع الضرائب اعتباراً من 15 مايو وانتشرت العمليات المسلحة وبلغ معدلها خمسين عملية يومياً وبلغ عدد الثوار الذين يحملون السلاح حوالي خمسة آلاف . وفي أوائل أغسطس 1936 بعد جهود سرية قام بها الحاج أمين الحسيني بالشعوب العربية ، قدمت إلى فلسطين تعزيزات من الثوار العرب من العراق وسوريا وشرق الأردن بلغت حوالي 250 رجلاً على رأسهم القائد العسكري فوزي القاوقجي الذي وصل في 22 أغسطس وتولى بنفسه القيادة العامة للثورة وتنظيم شئونها الإدارية .

ومع فشل بريطانيا في إخماد الثورة، حاولت استيعابها، وذلك بالإعلان في 18 مايو إرسال لجنة ملكية ( لجنة بيل ) للتحقيق في أسباب الإضطرابات . حيث وصلت اللجنة إلى فلسطين في 12 نوفمبر 1936 واستمرت في التحقيق ستة أشهر وأعلنت توصياتها في 7 يوليو 1937 . وأوصت بتقسيم فلسطين إلى دولتين دولة يهودية تتضمن جميع مناطق الجليل وشمال فلسطين كله بما فيها حيفا وعكا والسهل الساحلي الممتد حتى جنوبي تل أبيب ب 25 كم . وكذلك ممر يصل القدس بيافا .

أما باقي فلسطين فيتم توحيده مع شرق الأردن ، ويبقى تحت الانتداب البريطاني ، وقد رفض الفلسطينيون هذا التقرير وبدءوا في الانتفاضة الثانية .

لم يكن الفلسطينيون ليوقفوا انتفاضتهم لولا دفع بريطانيا للزعماء العرب للتدخل لدى الفلسطينيين حيث وجه زعماء السعودية والعراق وشرق الأردن واليمن نداءً لأهل فلسطين بالإخلاد إلى السكينة وحقن الدماء وأنهم سيساعدوهم في نيل حقوقهم والتعاون مع الحكومة البريطانية في ذلك وبالتالي استجاب الفلسطينيون وانتظروا تقرير لجنة بيل .

وقد بلغت إجمالي عمليات المجاهدين في هذه المرحلة أربعة آلاف عملية والشهداء ما يزيد على 750 والجرحى ما يزيد على 1500 جريح أما قتلى الجنود البريطانيين واليهود فقد تم إخفاء الأرقام الحقيقية وخسرت الحكومة البريطانية بسبب الإضراب وتوقف التجارة والسياحة 3.5 مليون جنيه إسترليني .

المرحلة الثانية من الثورة سبتمبر 1937 – سبتمبر 1939 :

كان حادث اغتيال أندروز حاكم لواء الجليل على يد جماعة القسام يوم26 سبتمبر1937 شرارة المرحلة الثانية ، فقامت السلطات البريطانية بإجراءات قمعية واسعة النطاق ، وقامت في أول أكتوبر 1937 بحل اللجنة العربية العليا وإبعاد أفرادها إلى جزر سيشل وإقالة مفتي فلسطين الحاج أمين من رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى ، وحل اللجان القومية ، وحملة اعتقالات واسعة .

تمكن الحاج أمين الحسيني من الفرار إلى لبنان في 14 أكتوبر ، وأخذت العمليات الجهادية في التصاعد والاتساع وبلغت قيمتها في صيف 1938 وخضعت لهيمنتها مناطق شمال فلسطين ووسطها . واقتحموا العديد من المدن وشكلوا محاكم للفصل في القضايا ومعاقبة الجواسيس والعملاء .

وزاد عدد الثوار حتى بلغوا عشرة آلاف ( المتفرغ منهم تماماً للثورة حوالي ثلاثة آلاف).

وتم تشكيل لجنة الجهاد المركزية في سوريا ولبنان تحت إشراف الحاج أمين الحسيني وتولى إدارتها الفعلية في دمشق محمد عزة دروزة ودورها كان في دعم الثورة في فلسطين . غير أن قادة الثورة لم يتوحدوا جميعاً تحت قائد واحد . لكن جماعة القسام استطاعت أن تتوحد تحت قيادة أبي إبراهيم الكبير وتشرف على مناطق شمال فلسطين وقسماً من مناطق نابلس وقسماً من منطقة القدس الشمالية .

وبرز من قادة القسام في منطقة طولكرم الشرقية القائد عبد الرحيم الحاج وكانت حركة الجهاد المقدس تتركز بقيادة عبد القادر الحسيني في مناطق القدس والخليل واضطرت السلطات البريطانية إلى إرسال تعزيزات عسكرية ضخمة يقودها أفضل قادة بريطانيا : أمثال ديل ، ويفل ، هنينج ، مونتجمري .

وقامت بإعادة احتلال فلسطين قرية قرية مستخدمة كافة الأسلحة ، من طيران ودبابات . خصوصاً من شهر أكتوبر 38 ، وحتى شهر أبريل 1939 ( مجموع إجمالي قرى فلسطين كلها حوالي ألف قرية ) فاستشهد الكثير من قادة الثورة ، وبدأت تضعف منذ أبريل 1939 لكنها استمرت حتى آخر سنة 1939 ( قاموا في عام 1938 بحوالي 5 آلاف عملية ، وفي عام 39 بحوالي ألف عملية ) بلغت إصابات اليهود 1500 قتيل وجريح ، والبريطانيين 1800 قتيل وجريح حسب الإحصائيات الرسمية ، أما شهداء العرب فبلغوا ثلاثة آلاف والجرحى سبعة آلاف .

وكان من أسباب توقف هذه الثورة :

1-        استخدام القوة المفرطة من الجيش البريطاني .

2-        حالة الانهاك والإعياء والانهيار الاقتصادي التي أصابت شعب فلسطين طوال 3 سنوات ونصف .

3-        تقاعس الدول العربية عن نجدتهم حيث كانوا تحت الاحتلال العسكري .

4-        استشهاد أعداد كبيرة من قادة الثورة .

5-        الخلافات الداخلية الفلسطينية الحزبية والعائلية . وقد برزت بوضوح في المراحل الأخيرة ، واستثمرتها بريطانيا بصورة سريعة وخبيثة .

ولمحاولة استيعاب وإخماد الثورة في مرحلتها الثانية قامت بريطانيا بإصدار ما يسمى الكتاب الأبيض في مايو 1939 ، وفيه تعد باستقلال فلسطين خلال عشر سنوات وإيقاف الهجرة اليهودية بعد خمس سنوات ووضع إجراءات كثيرة بشأن شراء اليهود للأرض .

وقد أصدر هذا الكتاب وزير المستعمرات البريطاني مالكوم مكدونالد .

وحيث كانت بريطانيا مقدمة على الحرب العالمية الثانية وتريد التفرغ لها وقد سبقه محادثات مؤتمر لندن بين الوفود العربية وبريطانيا واليهود في فبراير – مارس 1939 بشأن فلسطين وتوصيات لجنة بيل رفض معظم قادة فلسطين الكتاب الأبيض لشكهم في نوايا بريطانيا ولأنه ربط استقلال فلسطين بمدى موافقة اليهود وتعاونهم .

أما اليهود فأعلنوا رفضهم واصطدم بعضهم بالجنود البريطانيين وضغطوا مركزياً ، وأعلن بن جوريون في فلسطين " سنحارب مع بريطانيا في هذه الحرب – يقصد العالمية – كما لو لم يكن هناك كتاب أبيض ، وسنحارب الكتاب الأبيض كما لو لم تكن هناك حرب ".

وحول اليهود مركز ثقلهم في أواخر الحرب العالمية الثانية إلى أمريكا وحصلوا على دعم الحزبي الجمهوري والديمقراطي لإلغاء الكتاب الأبيض وأظهر الرئيس الأمريكي ترومان تعاطفاً كبيراً مع الصهيونية وضغط على بريطانيا لإلغائه، فقامت بالتخلي عن كل وعودها في الكتاب الأبيض بالبيان الذي أصدره وزير خارجيتها بيفن في 14 نوفمبر 1945، وتشكلت لجنة مشتركة أنجلو أمريكية (بتوصية من بيان بيفن ) لبحث مستقبل فلسطين وقد أوصت اللجنة بهجرة مائة ألف يهودي وبحرية انتقال الأراضي لليهود .

وعرضت بريطانيا في مؤتمر لندن 10 سبتمبر – 2 أكتوبر 1946 مشروعاً " مشروع مويسون " لتقسيم فلسطين لأربعة مناطق :

1-        منطقة يهودية .

2-        منطقة عربية .

3-        القدس .

4-        النقب .

وتمنح المنطقتان اليهودية والعربية استقلالاً ذاتياً ، ورفض العرب هذا المشروع تماماً .

بعد ذلك قررت بريطانيا رفع قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة بحجة أنها قررت إنهاء انتدابها على فلسطين ، فدعت في2 أبريل 1947 الأمم المتحدة لعقد دورة استثنائية، وبعد مناقشات قررت الجمعية العامة في 15 مايو 1947 تأليف لجنة خاصة بالأمم المتحدة تألفت من 11 دولة هى : ( استراليا – كندا – تشكوسلوفاكيا – جواتيمالا – الهند – إيران - بيرو – السويد – أورجواي – يوجوسلافيا – هولندا).

وهي لجنة " أنسكوب " مهمتها دراسة الوضع ورفع مقترحاتها ، وعقدت 16 إجتماعاً بين 26 مايو ، 31 أغسطس 1947 .

وتضمن تقريرها : إنهاء الانتداب البريطاني – تقسيم فلسطين إلى دولتين يربط بينهما اتحاد اقتصادي ، دولة عربية على مساحة 42.8 % ، ودولة يهودية على مساحة 56.7 % ويكون للقدس كيان مستقل خاضع لنظام دولي تشرف عليه الأمم المتحدة عبر مجلس وصاية .

وأن يسبق استقلال فلسطين مرحلة انتقالية تكون السلطة أثناءها مسئولية الأمم المتحدة .

وكان للهند وإيران اقتراح لم يؤخذ به في اللجنة وهو إقامة دولة اتحادية عاصمتها القدس تضم حكومة عربية وحكومة يهودية مستقلين استقلالاً داخلياً .

وفي 3 سبتمبر 1947 شكلت الأمم المتحدة من نفسها لجنة خاصة لإقرار الوضع النهائي . وفي 25 نوفمبر 1947 وافقت اللجنة الخاصة على خطة التقسيم .

وفي يوم 29 نوفمبر 1947 فاز قرار التقسيم بأغلبية 33 مقابل 13 وامتناع 10 ( وكانت بريطانيا ضمن الممتنعين عن التصويت ) [ قرار 181 لسنة 1947 ] مع تعديل بسيط في مساحة الدولة اليهودية لتصبح 54.7% .

بعد حرب 1948 استولى اليهود على 77% من أرض فلسطين ولم تقم الأمم المتحدة بإلزام الكيان الصهيوني بالعودة للحدود المقترحة في قرار التقسيم وإنما سعت إلى تثبيت الحدود الجديدة وفق اتفاقيات الهدنة التي عقدت بين إسرائيل ومصر في 24 فبراير 1949، ثم لبنان في 23 مارس ثم الأردن في3 إبريل ثم سوريا في20 يوليو1949 .

-  وعند خروج الإنجليز من فلسطين تركوا سلاحهم لليهود حيث اشتروا حاجتهم من الأسلحة المتطورة 2400 طائرة ، وألف سيارة مصفحة وعتاد وذخائر كافية ، كما اشتروا من التشيك بدعم وتنسيق من الاتحاد السوفيتي 40 طائرة مقاتلة وكذلك ثلاث طائرات قاذفة من أمريكا بخلاف الدبابات والمدافع .

-  وكان ميزان القوى العسكرية طوال الحرب لصالح الكيان الصهيوني فإجمالي عدد القوات العربية التي دخلت فلسطين بدأت ب 12 ألف ثم زادت إلى 21 ألف ثم وصلت في نهاية الحرب عند توقيع الهدنة إلى 40 ألفاً .

أما اليهود فبلغت عدد قواتهم في البداية 60 ألفاً ثم زادت إلى 106 آلاف عند نهاية معارك 48 .

وتفصيل القوات العربية كالآتي : الجيش المصري 6 آلاف، والسوري ألف وخمسمائة والعراقي ألف وخمسمائة ، والأردني أربعة آلاف وخمسمائة ، والسعودي ألف وخمسمائة واللبناني ألف ثم زاد الجيش المصري إلى 20 ألف ، وتضاعفت أعداد الجيوش السورية والعراقية والأردنية أما اليمنيون فكانت مشاركتهم رمزية .

وكذلك بلغ عدد المتطوعين تحت الجامعة العربية حوالي عشرة آلاف بالإضافة إلى الجيوش العربية النظامية ، فقد كان هناك :

1- جيش الجهاد المقدس : وهو الجيش الذي شكلته القيادة السياسية الفلسطينية " الهيئة العربية العليا لفلسطين " بقيادة عبد القادر الحسيني .

وتشكلت الهيئة العربية العليا في إبريل 1936 بقيادة الحاج أمين الحسيني ثم عبد القادر الحسيني .

وفي ديسمبر 1947 أعادت الهيئة تشكيل منظمة الجهاد المقدس باسم "جيش الجهاد المقدس " بقيادة عبد القادر الحسيني وكان يتكون من 5 – 7 آلاف مقاتل بالإضافة لعدد من المتطوعين مقيمين بقراهم يأتون عند الحاجة ومجموعهم حوالي عشرة آلاف .

وكان الجيش ضعيف التسليح ، ولم يجد الدعم الكافي من الدول العربية أو من الجامعة العربية ( الهيئة العربية العليا والتي كانت ضعيفة أيضاً ) وكان استشهاد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل في 9 أبريل 1948 أثر بالغ على جيش الجهاد ، وبعد الهدنة الأولى في يونيو 1948 ، اضطروا للانضمام للجيوش العربية : الجيش الأردني – الجيش العراقي – الجيش المصري - ، جيش الإنقاذ التابع للجامعة العربية ، وأصدرت الحكومة الأردنية قرارا بحلها في 18 ديسمبر 1948 ، ثم أتاها قرار الحل من الهيئة العربية العليا في 15 مايو 1949 .

2- جيش الإنقاذ : تشكل هذا الجيش بقرار من الجامعة العربية ( تحت إشراف الهيئة العربية العليا التي شكلتها الجامعة ) وأغلبه من المتطوعين ، وبلغ إجماليه عشرة آلاف دخل منهم فلسطين فعلياً حوالي خمسة آلاف تم إسناد قيادته إلى فوزي القاوقجي ، وقد تركز في شمال ووسط فلسطين وضم إليه أخلاطاً من الناس وممن عُرف عنهم الإجرام فقام بعضهم بنهب وسرقة العديد من القرى كما حدث في يافا مما أساء لهذا الجيش كما أن قائده فوزي القاوقجي كان منحرفاً يدمن الخمور ، ولم يكن على المستوى العسكري المناسب رغم الشهرة والدعاية التي أحاطت به فتسبب في سهولة استيلاء اليهود على شمال فلسطين واستشهاد الآلاف من المجاهدين هناك .

3- شاركت تنظيمات الإخوان المسلمين: في مصر وسوريا والأردن والعراق بفاعلية كبيرة في معارك فلسطين. وكان لهم أيضاً فوج شبه مستقل يعمل تحت اسم الجامعة العربية .

مجريات حرب 1948 :

في المرحلة الأولى من المعارك منذ صدور قرار التقسيم 29 نوفمبر 1947 ، وإلى وقت دخول الجيوش العربية في 15 مايو 1948 تحمل العبء خلالها جيش الجهاد المقدس ، ومتطوعي الإخوان المسلمين ، ومتطوعي جيش الإنقاذ .

ثم بعد معركة القسطل واستشهاد عبد القادر الحسيني (8 أبريل 1948 ) قامت العصابات الصهيونية بمجزرة دير ياسين مساء 9 أبريل 1948 ، واستشهد فيها 253 من الرجال والنساء والأطفال كما تتابع سقوط مدن فلسطينية مثل طبرية في 19 أبريل ، حيفا في 22 أبريل ، بيسان وصفد في 12 مايو يافا في 14 مايو ، عكا في 17 مايو 1948 .

دخلت الجيوش العربية وأعداد كبيرة من المتطوعين في 15 مايو 48 وأحرزت نجاحات في البداية مما جعل وضع اليهود سيئاً في جنوب ووسط فلسطين فتم فرض الهدنة الأولى بقرار مجلس الأمن ( 11 يونيو – 8 يوليو 1948 ) ليصل آلاف المتطوعين والأسلحة إلى اليهود ( 40 طائرة تشكيلية مثلاً ) بينما أغلق باب شراء السلاح على العرب .

واستؤنف القتال في 9 – 17 يوليو 1948 فاحتلوا فيها مدينة اللد ، الرملة . ثم بدأت الهدنة الثانية بقرار مجلس الأمن في 18 يوليو لكن اليهود لم يلتزموا بها واستطاعوا في 15 أكتوبر من شن هجوم مكنهم من محاصرة الجيش المصري في الفالوجة وتمكنوا من الاستيلاء على 77% من أرض فلسطين .

وقد ارتكب اليهود 34 مذبحة في أثناء هذه الحرب ، وأجبروا حوالي 800 ألف فلسطيني على الهجرة وترك ديارهم من أصل مليون و290 ألف فلسطيني ( أي نحو 60 % من شعب فلسطين ) .

خاتمة :

  هذا موجز بسيط عن تلك الأحداث والتي مازلنا نعيش واقعها وتداعياتها ، والله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، كما نود أن نشير أننا تناولنا بالعرض المشروع الإسلامي بشأن قضية فلسطين في كتابنا الآخر .

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

   

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ