ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية -
53 - د.
محمد سعيد حوى سبق ان
اسعرضت معكم حديث الخميس
الذي يتحدث عن تنازع
الصحابة بين يدي رسول الله
اذغلبه الوجع في مرض وفاته
وقد اراد ان يكتب كتابا ، وقد
بينت الاشكالات الواردة عليه
وبقي مناقشة هذه الاشكالات
مبتدئا بأجوبة العلماء : اجوبة
العلماء:. لقد لحظ
العلماء الاشكالات الكثيرة
فحاولوا الاجابة عن بعضها فماذا
قالوا؟ وهل رفعوا هذه الاشكالات
وهم في ذك مصممون ان لا يردوا
الحديث كونه في الصحيحين:. 1-
قال الخطابي: اختلف العلماء
في الكتاب ثم قال: اراد ان ينص
على الامامة فترتفع بعده تلك
الفتن العظيمة كالجمل وصفين. وقيل
اراد ان يبين فيه امهات الاحكام
ليحصل الاتفاق على المنصوص عليه
ثم ظهر للنبي ان المصلحة في تركه
او اوحي له في ذلك (عمدة القارئ
2/171). وقال
النووي بعد بيانه عصمة النبي من
تغيير الاحكام او كتمانها ونقل
كلام الخطابي السابق، قال: واما
كلام عمر فقد اتفق الشراح انه من
دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق
نظره لأنه خشي ان يكتب اموراً
ربما عجزوا عنها واستحقوا
العقوبة, لأنها منصوصة لا مجال
للاجتهاد.. فكان عمر افقه من ابن
عباس.. ونقل النووي عن الخطابي
قوله: خاف عمر ان يكون ذلك القول
(من رسول الله) مما يقوله المريض
مما لا عزيمة له فيجد المنافقون
الى ذلك سبيلاً ثم قال: واكثر
العلماء على انه يجوز على رسول
الله الخطأ فيما لم ينزل عليه (شرح
النووي 11-90). وقال
ابن حجر: وقد تكلم عياض وغيره
على هذا الموضع, فأطالوا ولخصه
القرطبي تلخيصاً حسناُ ثم لخصته
من كلامه ثم قال والهُجْر:
الهذيان.. ووقوع ذلك من النبي
مستحيل لأنه معصوم في صحته
ومرضه.. فاذا عرف ذلك، فانه قاله
من قاله منكراً على من توقف في
امتثال امره باحضار الكتف
والدواة قال: وهذا احسن الأجوبة..
قال ويحتمل ان بعضهم قال ذلك عن
شك عرض له, ولكن يبعده ان لا
ينكره الباقون من الصحابة,
ويحتمل ان يكون ذلك صدر عن دهش
وحيرة كما اصاب كثيراً منهم عند
موته ويحتمل انه اراد اشتد وجعه
فاطلق اللازم واراد الملزوم. واجاب
ابن حجر عن عدم كتابة النبي صلى
الله عليه وسلم: كأنه ظهرت قرينة
دلت ان الامر ليس على التحتم بل
على الاختيار.. وصمم عمر على
الامتناع لما قام عنده من
القرائن بأنه صلى الله عليه
وسلم قال ذلك عن غير قصد جازم..
وعزمه (صلى الله عليه وسلم) كان
اما بالوحي او بالاجتهاد فكذا
تركه اما بالوحي او بالاجتهاد
وشبهوا
ذلك برفع العلم بليلة القدر
عند ما تنازع رجلان(فتح الباري
رقم 4432) وتأول
بعضهم فعل عمر أنه كأحد
موافقاته لرسول الله في حياته
وفسر الوصية
التي لم تذكر انها ربما انفاذ
بعث أسامة . وهكذا
ترى: اخي القارئ – انهم ارادوا
ان يزيلوا اشكالات خطيرة،
فاكثروا التأويل لشدة الاشكال
واوقعونا في اشكالات اكبر، منها: 1-
اذا كان النبي اراد ان يبين
ما يمنع الفتنة كما حصل في الجمل
وصفين فكيف يكون تركه اولى. 2-
اذا كان بالوحي فكيف سيعود
الوحي لينسخ ذلك في المجلس
ذاته؟ ما هذا الاضطراب. 3-
اذا كان باجتهاد النبي فهل
يضطرب النبي هكذا؟. 4-
هل يصح ان يقال ان عمر كان
ادق نظراً والامر متعلق برفض
أمر للنبي. 5-
اذا كانوا قالوا
أهجرانكاراً على من انكر
الكتابة فلماذا ينتصر رأي من
أبى الكتابة؟ ومن هؤلاء الذين
يمكن ان يكون لهم هذه السطوة؟
واذا كان امر فيه خير للأمة كيف
لا يمضه رسول الله. 6-
واذا دققنا فيما قاله
النووي ونقله عن الخطابي نجد
عجباً, ففي الوقت الذي يؤكد
النووي عصمة النبي في الاحكام
والتبليغ وعدم الترك وعدم
التبديل يذهب الى التأويل. فيرى
ذلك من فقه عمر ودقيق نظره؟!
ومتى كان نظر عمر ادق من نظر
رسول الله "سبحان الله"؟!!
او ان عمر خشي ان يكلفنا رسول
الله بما نعجز عنه؟ يا سبحان
الله؟ هذا النبي الرحمة المهداة
سيكلفنا بما نعجز؟ وان كان
تكليفاً فهل يجوز كتمه؟ ثم هل
يجوز ان يقول الخطابي لعل عمر
خشي ان يكون قول النبي مما يقوله
المريض ولا عزم له في ذلك ايجوز
هذا في حق رسول الله. ثم يختم
ذلك بجواز الخطأ على رسول الله؟
افي هذا الموضع؟ موضع النصيحة
والانقاذ من الفتن والضلال؟. 7-
ثم تجدهم يذكرون اعتذارات
اخرى لعمر منها ان عمر علم حصول
تمام الدين واراد ان يرفع عن
النبي المشقة؟ وهل لا يعلم
النبي صلى الله عليه وسلم، حصول
تمام الدين؟ واين المشقة في ان
يأمر صلى الله عليه وسلم بكتابة
كلمات. 8-
اما القياس على رفع ليلة
القدر فلايسلم لان ليلة القدر
امر غيبي فرفعه الله اما نحن هنا
فبصدد أمر تشريعي فيه صلاح
الامة لوكان ثابتا. 9
وأماان الوصية الثالثة
لرسول الله هي انفاذ بعث اسامة
الى الشام. نقول:
نعم قد ذكرت عدة وصايا لرسول
الله قبيل وفاته في سياقات غير
هذا السياق، كانفاذ بعث اسامة
والوصية بالنساء والوصية
بالصلاة فلا يكون ذلك بياناً
للوصية الثالثة المسكوت عنها –
على زعم الرواة - . 10- وأما
أنها من
الموافقات التي حدث لعمر
مثلها في حياة النبي كقضية
الاذان وحجاب ازواج النبي وعدم
التبليغ بفضل الشهادتين ، فأقول
ليس شئ من ذلك مشابها حتى أمر
الشهادتين قد تم تبليغه لكن
النبي لم يناقش عمر في ذلك ولنا
ان نتذكر كم كان عمر يلوم نفسه
لانه ناقش في أمر صلح الحديبية . 11-
ولما كان
أمر السكوت عن الوصية
الثالثة كبيرا وخطيرا في هذا
الموطن قال
بعضهم لعله العهد لأبي بكر
بالخلافة بدلالة
قول صلى الله عليه وسلم لعائشة
في اول مرضه: ادعي لي اباك واخاك
حتى اكتب كتاباً فاني اخاف ان
يتمن متمنٍ، ويقول قائل ويأبى
الله والمؤمنون الا ابا بكر (اخرجه
البخاري ومسلم 2387). ولنا ان
نتساءل اذن لماذا لم يعلنه رسول
الله على الملأ؟ وهذا فتح بابا
للآخرين أن يقولوا
بل أوصى لعلي
؛ لكن الصحابة كتموه .وهكذا
فتحنا بابا عريضا للادعاءات
والاتهامات. وهنا
لنا ان نتساءل هل حلت اجوبة
العلماء الاشكالات واجابت عنها
ام اوقعت المزيد من الاشكال مع
اجماعهم انه لا يجوز ان يقال في
حق رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) هجر.ولاانيكتم امرا فيه
خير الامة ولاان يكتم امر
الخلافة لو أراد فضلا عن
تأخيرها ومع استحالة اجماع
الصحابة على باطل . والخلاصة:.
انه اذا
اردنا ان نسلم بصحة هذا الحديث
لظاهر الاسناد, فان هذا يعني -وبالرغم
من اجابات العلماء التي لم تشفِ
غليلاً بل ازداد القارئ حيرة :--ان
يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم
بكتم ما فيه خير الأمة وهذا محال. - او
يوصف بأنه اخطأ في هذا الموضوع،
ثم رجع الى الصواب وان عمر افقه
وادق وهذا محال. - وان
يصفه الصحابة بالهُجْر ،وهذا
امر محال ننزه مجموع
الصحابة ا عنه حتى ولو على سبيل
الاستفهام واذا كان على سبيل
الانكار لمن قال ذلك, فأين نذهب
بكلمة عمر غلبه الوجع. - ومحال
ان يكون المرض سببا في ان يخطئ
النبي (صلى الله عليه وسلم). - ومحال
ان يخطئ النبي في امر تبليغي. - ومحال
ان يوحى اليه ثم يرفع في التو
ومباشرة فالوحي لا يتردد ولا
يضطرب.والموقف موقف تبليغ
وانقاذ وهداية . - ثم كيف
يوصي بأمور مهمة بحضرة جمع من
الصحابة ثم لا ينقل لنا ذلك الا
من طريق سفيان عن سليمان عن سعيد
عن ابن عباس. - ثم كيف
ننسى اخطر وصية في التاريخ او
كيف يكتمها الصحابة. - مع ما
في المتون من اختلاف واضطراب
يؤذن بأن الرواة لم يضبطوا النص
ابداً حتى تعددت اوجه التأويل. ومع كون
هذا الحديث قد استغله المخالفون
لأهل السنة في اثارة اتهامات
خطيرة لهم كونهم كتموا امر
الخلافة وخالفوا امر رسول الله
واساؤوا له باللفظ وكل ذلك مما
لا نقبله في حق الصحابة الكرام
لما علم من حالهم في الحرص على
انفاذ امر رسول الله. لهذا
كله.. فان لا نقبل صحة هذا الحديث
البتة, دفاعاً عن رسول الله ان
ينسب له ما لا يجوز ودفاعاً عن
الصحابة ان يتهموا بما لا يليق
بهم وصونا لرسولنا عن الخطأو
صونا للصحابة عن الاساءة
البالغة للنبي وهم من هم في
الطاعة والنصرة، ومنعالاتهامهم
بكتم امر نبوي مهما كان
والاتفاق على ذلك – أن لا نسلم
بصحة الحديث منعا لذلك كله
اذ كل ذلك لا يكون ولابعضه ؛
اولى من قبول الحديث ؛ فان
الرواة غير معصومين عن الخطأ
والتزيد والنقص والرواية
بالمعنى وان
يدخل في حديث بعضهم ماليس
منه ،وأي تصرف في مثل هذه
الروايات يجعلها محل شك ؛فلا
تصلح ان تكون وثيقة تاريخية
يستند اليها في شيء مع كون
التفرد ببعض الفاظه الخطيرة
والتصرف بها بالرغم من انه كان
في حضرة جمع من الصحابة كل ذلك
يجعلنا لا نسلم بصحة رواية هذه
الحادثة على هذا الوجه والله
أعلم. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |