ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 25/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ظواهر الفوضى والعنف

واشكالية التخلف في المجتمع الفلسطيني

 ومجتمعات المشرق العربي

دراسة حالة فينومينولوجية ونفس اجتماع  

(6)


بقلم : علي نجم الدين

خاتمة

قليلة هي المصادر والنظريات التي عالجت ولم تزل تعالج الظواهر والمشكلات الاجتماعية ، وذلك لأتساع وتشعب الحياة الاجتماعية وتغيرها باستمرار من جهة ، ولأن المجتمع بظواهره ومسيرته التطورية دائم الحركة والإنتاج من جهة أخرى ، وبالتالي لم تستطع النظريات والدراسات مجاراة التسارع الظاهراتي للمجتمع ، فجاءت إما مكملة أو محدودة أو جديدة بطرحها ، ولهذا اتهم علم الاجتماع ويتهم بالقصور عن تناول ومعالجة مختلف ظواهر وجوانب الأحداث الاجتماعية .

 

لكن ومن خلال قراءاتنا لمختلف النظريات الاجتماعية والتي تتعلق بتفسير ظاهرة الفوضى ومفهوم الوقت ، فقد تم التركيز على النظرية الظاهراتية –الفينومينولوجية- وإسقاطها على موضوع البحث ، والتي أبرزت مدى وأهمية دور المحيط الاجتماعي - الأسري- في إكساب الفرد الخبرة والتربية ونمط السلوك وصقله من خلال تشريبه وعجنه ، أو من خلال ملاحظة الفرد لتأثير الفاعلين في محيطه ، ولهذا فان الفرد يكتسب هذه الخبرة  والمران بجميع جوانبه مشكّلا نموذج ( وصيغة) مختزلة وموائمة لمحيطه الاجتماعي الأوسع وهو المجتمع ، فالأسرة في هذه الحالة تعتبر آلة تفريخ- Propagation Machine وحاضنة- Incubator ومعجن للفرد ، واعتبار المجتمع هو المحيط أو الساحة العامة والخارجية التي يتم فيها عرض وتنسيق مصنوعات الأسر وإنتاجها وإدارة علاقات التبادل وإقامة الاتصال بينها ، وصوغ نمط محدد من القيم والأساليب والمبادئ التي تضبط حيز الحياة الاجتماعية اليومية ، على اعتبار أن الفعل الاجتماعي الصادر عن الفرد- وحسب ما توصل إليه علماء الاجتماع – كونه إراديا أم إلزاميا ، بمعنى أن المجتمع يبيح للفرد حق اختيار ما يراه مناسبا له ولتحقيق رغباته ضمن أفعال اجتماعية وقيم ومعايير تتواءم كحد أدنى مع معايير وقيم المجتمع من جهة ، ومدعوما بخبرة وتربية وتنشئة أسرية متجذرة في ذاته من جهة أخرى ، والدليل على ذلك هو التصادم والصراع على تحقيق المصالح والرغبات الواضحة بين الأفراد ظاهريا …فأين دور المجتمع في مثل هذه الحالة ...؟ 

 

إن الدور الأبرز والحاسم بل والمحرّك الحقيقي هو للأسر التي تستبطن الصراع – Introspection وتفحص الافكار والمشاعر وتسعى لتحقيق مصالحها وبسط نفوذها ، وما الصراع بين الأفراد إلا صراع خفي بين الأسر بعضها ببعض تحقيقا للنموذج النظري الصراعي ، وهي المرحلة التي تسبق البناء الوظيفي لنسق التركيبة الاجتماعية وطبيعة مقوماتها ، والتي تتوزع من خلالها الأدوار وتنتظم أمور المجتمع ويثبت ثم يستقر ، حيث يتراجع الصراع من خلال آليات الضبط والقوانين ودور الدولة في توزيع المكافآت المادية والمعنوية ، وضبط النظام والانتظام ، بإتاحة الفرص للأفراد المؤهلين لإدارة المواقع والمؤسسات الاجتماعية حسب مؤهلاتهم وحسب إرادة ومصلحة المجتمع العليا ، وليس حسب انتمائهم القبلي أو الطائفي أو العائلي أو حسب النسب والمنصب الموروث ، وهذه هي معضلة المجتمع العربي ، حيث ما زال يقبع في دوامة المضمار الصراعي ( الفوضوي) .

 

إن المجتمع يهدف من تطبيق النظام والانتظام وتخللها في أنساقه وتركيبته في سبيل ديمومته واستمراريته ، هو في استغلال طاقات أفراده وتوجيهها لما فيه تحقيق مصالحهم ومصلحته العليا ، وفي هذا الصدد يقول الدكتور معن خليل عمر .. إن المجتمع يهدف لتنظيم غرضه …في النظام والانتظام… في سبيل استغلال الطاقة الخام …الحاجات… استغلالا افضل وتحويلها إلى طاقة مفيدة ، ولكن عندما يتلاشى النظام وينعدم انتظام العلاقات المتبادلة ويشيع الكفاح …والصراع… غير المنظم ، تضيع الطاقة ويصعب الاستفادة منها .. ويهدف…المجتمع بهذا الغرض …الالتزام… هو تحقيق واستمرار وجوده … ويكون ذلك… إما بالاتزان أو بالتوازن بين القوى الاجتماعية وتعادلها بواسطة اللغة والقانون والتجارة والصناعة والإنتاج والعقاب… ( بالضبط والقانون ) – التشديد من عندنا - ..( معن خليل عمر ، 1997 ، ص/ 71) .

 

إن هذا يعني أن الدور الأساسي والهام في المجتمع وبناه وتراكيبه ومقوماته هي للأسرة - العائلة والقبيلة - ثم للدولة ، وما المجتمع في مثل هذه الحالة سوى بيئة ومحيط غير فاعل وكما يقال بالعامية - مهادن ومهاود- أي لا دور له وكأنه – مطية- وهذا ما ينطبق على المجتمع العربي ، اذ انه يمر الآن بأزمة نتلمسها من خلال الملامح المشتركة للفعل الاجتماعي للأفراد والجماعات والتي تحدد أنماط القيم والعادات والسلوك والتفكير ، والتي تعكس طبيعة العجينة التي عجنتها الأسرة سواء في التنشئة وتحديد مصير وطبقة ومكانة وثقافة الفرد… بل ودينه الذي ورثه منها من جهة ، وباعتبار أن الأسرة سابقة على المجتمع والدولة مما أدى إلى تجذّر القيم الأبوية وعلاقات القربى والطائفة والجماعة العرقية التي تجذب الفرد من حيث لا يدري ولا يشعر كما يقول هشام شرابي (النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي ) ، بالإضافة إلى تأثير البيئة الطبيعية التي صاغت الأسرة والفرد وقولبتهما حسب أنماط وقيم وممارسات واضحة ومحددة ، ولهذا فلا يستطيع المجتمع أن يفرض سلوك أو معايير محددة على الأسر… بل العكس هو الصحيح ، ومن هنا نستطيع القول بأن المجتمع عبارة عن مجموعة من الأسر والجماعات تعيش مع بعضها البعض كونت تجمعا (مجتمعا) ، مكون من ألوان شتى من العادات والتقاليد والقيم والمعايير بشكل غير متناسق وغير منظم أو منتظم ، ومن هنا يكون عرضة للفوضى والصراعات ،  وخاصة عندما يكون مجتمعا فسيفسائيا-  Tessellation كالمجتمع العربي والفلسطيني خاصة ، حيث تعمل الجماعات التقليدية والنظم السياسية على تعزيز وترسيخ التعددية والطائفية والعرقية ونمط تربوي واقتصادي مشوه حيث " تنتج دائرة محكمة يصعب كسرها… حسب قول حليم بركات (المجتمع العربي المعاصر)…!

 

إن هذه الدائرة معززة بالصراعات وتسلط الأنظمة الاستبدادية والأبوية التي تبلور علاقات قائمة على القنص والذعر ، والتي تؤدي إلى نشوء علاقات قائمة على التناقض في المصالح والصراعات القومية والطبقية ، والسعي الدائم نحو تأمين المعيشة ولقمة العيش ، واللهاث وراء الاستنفاخ والنمط الاستهلاكي بشتى السبل ، ولهذا تنتج ثقافة وقيم وأنماط تربية وسلوك وبناء شخصية تحمل سمات هذه التفاعلات .

 

وعلى اعتبار أن الفرد مرتبط بمجتمعه من حيث السلوك الذاتي والموضوعي ويكمل كل منهما الآخر ضمن نسق ثقافاجتماعي ، ورغم ارتباط وتفاعل الطرفين حسب نظرية -النسق الاجتماعي - فان معطيات (ومخرجات) النسق كما استعرضناه سالفا لا يقوم بوظائفه بشكل هادئ ومريح ، بل تعتريه حالات توتر واضطراب وفوضى .. فتعيق أدائه الوظيفي ويؤدي إلى ضعف وربط الفرد بالمجتمع لكونه نسقا مغلقا … وليس مفتوحا… لاستقبال المؤثرات المحيطة والتي يعيش بوسطها ، وان حصلت استجابة بينهما فلا تحصل للمتغيرات التي تنسجم مع مكوناته الثقافية والمجتمعية … أي إلى قوننة… سلوك الفرد بما لديه من خزين ثقافي موروث ..(معن خليل عمر ، 1997 ، ص/ 91).

 

من هنا ولربما يكون لهذا التعليل الجدلي بما يتعلق بسر ديمومة وتفشي الفوضى في جسم المجتمع العربي إجابة غير مكتملة ، إلا إذا أضفنا الظروف التاريخية والتجربة المشتركة وتنوع ثقافاته وانعدام الاندماج الاجتماعي والصراع الأسرى – القبلي ، بالإضافة إلى اختلاف أنماط المعيشة واختلاف مستوياتها ، وأخيرا تعدد وتنوع الولاءات…فمن هنا تنبع مأساة المجتمع العربي في التواصل المستمر نحو المزيد من التخلف والجهل والفوضى.

 

إن هذا يوضح لنا مدى أهمية دور الأسرة بالنسبة للفرد والمجتمع والدولة لأسباب ذكرت سابقا ولكونها تشكّل مركزا اجتماعيا واقتصاديا ، وتعتبر إحدى المرتكزات الرئيسية للنظام السياسي العربي الحديث ، وسابقا أثناء مراحل الصراع المختلفة وإدارة الدولة واكتساب الشرعية ، ولهذا فقد منحت الدولة الأسرة حق توريث المنصب والموقف والمعتقد السياسي خدمة لها .. كما تتوارث الملكيات والانتماءات الطبقية والدينية ..(حليم بركات ، 1996، ص/221) .

 

وللتدليل على صحة هذا التعميم - وليس النظرية -فقد يمس الفرد الذي أنشئ نشأة تقليدية وكرامته مرتبطة بكرامة عائلته مثلا .. إن شرفه قد يمس فيشعر بردة فعل وحدّة فورية لاستعادة شرفه وشرف عائلته المفقود…على اعتبار انه لا يعوض ولا يمكن استرجاعه ، وذلك لرمزيته المعنوية المترسّخة في الوعي المنكفئ والمجبول بالعصبية والجهل والتخلف …أما لو احتل الأعداء بلاده وأرضه وتحكّموا بشعبه فلا يمس ذلك شرفه بنفس الحدّة …على اعتبار انه- الوطن- يمكن تعويضه واسترجاعه من جهة ، ولأنه محسوس ومادي وهذا العنصر متوفر في الطبيعة وبكثرة ويمكن شرائه أو امتلاكه والإقامة فيه بأدنى تكاليف أو صعوبة من جهة اخرى ، وهذا يذكّرنا بالمثل العامي (بلاء أهون من بلاء) كما حدث للشعب الفلسطيني عام 1948…وهذا يدل على إن انتمائه للقبيلة والأسرة أقوى من انتمائه للوطن أو للمجتمع .. ( بركات ، 1996، ص/ 222 ) و ( هشام شرابي ، 1993 ، ص / 64).

 

إن الفرد العربي ينقلب رأسا على عقب في حالة غياب آليات الضبط والمراقبة العائلية والامتثال للسلطة من حيث الالتزام العائلي – السلوكي أمام الآخر والغير ، على اعتبار انه غريب فلا يلتزم تجاهه بموعد أو عهد أو بقيم أو سلوك ضبطي ، وخاصة ما نلاحظه في عدم الالتزام بالوقوف في الصف أو بالدور- Range  أو عدم الالتزام بقواعد المرور أو مخالفة البناء أو التعدّي على الأرصفة أو حتى في حالة انتمائه لحزب أو مؤسسة سياسية أو ثقافية أو اجتماعية ، فيشعر بأنه فوقي ولا يمتثل لآليات الضبط والربط التنظيمي خارج إطار الحزب أو المؤسسة على اعتبار أن آليات ضبطه الحزبي أو( رقابة) مؤسسته الرسمية غائبة .

 

أما دور الفرد وعلاقة سلوكه في بلورة الصراع الطبقي الذي يؤثر على العلاقات بين الطبقات والتي تتصف بالتناقض ، بسبب التفاوت غير المتكافئ في المواقع الاقتصادية والملكية والتنافس للحصول على الثروة والنفوذ والمكانة الاجتماعية ، والتي تتصف بالفوضى والعنف حيث يعللها - عدم الفرص المتكافئة – والمرتبطة .. بقوة اقتصادية تتحول إلى قوة اجتماعية ونفسية وسياسية ، ثم إن هذه الأخيرة تتسبب في المزيد من القوة الاقتصادية التي تعود مرة أخرى وتنتج المزيد من القوة الاجتماعية والنفسية والسياسية … وهكذا حلقة جهنمية يصعب التحرر منها إلا بالصراع الطبقي أو بالعنف الثوري ..بركات ، 1996 ، ص/162) …وهذا برأينا سبب أخر يفسر استمرارية وديمومة الفوضى وربما الصراع الطبقي ، الذي بيّنه لنا حليم بركات هو الذي يشكّل الحبل السري الذي يغذيها وكأنه عنصر جيني موروث ، ونود أن نضيف ملاحظة وهي أن إدارة الصراع حقيقة لا تنحصر بين أفراد بل بين اسر وعائلات .

 

فالمجتمع يجّسد ويظهر ويشّخص وكأنه مسرح تمثيلي حيث يؤدي الأفراد والجماعات أدوارهم من خلاله وبالتالي يعكس ثقافاتهم وسلوكهم وعلاقاتهم السائدة  .. من منطلق التفاعل الرمزي الذي يذهب إلى استخدام القيم الاجتماعية كمقياس ، لتقيس السلوك الاجتماعي ، فهو يرى أن الحياة عبارة عن مسرح …المجتمع…والأفراد…هم اللاعبون او الممثلون … يتنافسون للعب أدوارهم ، وهناك سيكون فاشل وناجح في دوره ، ولهذا فالمشكلة ذاتية وليست موضوعية..معن خليل عمر ، 1998 ، ص/70) … ولهذا فالتغيرات يجب أن تبدأ من الأسرة والفرد وليس كما يقول  حليم بركات .. أن تبدأ من المجتمع وليس من العائلة على اعتبار أن تغيير الكل اسهل من تغيير الجزء .. ( حليم بركات، 1996، ص/222) … إن رأينا يخالف رأي حليم بركات…فكيف يمكن تغيير المجتمع الذي يشكّل الصورة والمظهر والشكل والإطار العام كبيئة خارجية ، بينما الأسرة التي تشكّل المصنع والمعجن والمضمون وتعكس الجوهر الداخلي للفرد كبيئة داخلية حصينة ودائمة في إنتاج وتفريخ وتشريب وعجن أفراد متخلّفين ، يعكسون ويحملون جيناتها ونؤجّل تغييرها …إذن ما الفائدة من التغيير طالما أن الأسرة تنتج أفرادا باستمرار وبدون توقف ، فهذا التعميم الذي طرحه حليم بركات ينطبق على المجتمع الغربي أو الأمريكي ، على اعتبار أن الدولة هناك دولة رعاية-Welfae State ولا دخل للأسرة في تخليق وعجن الفرد ، بل الدولة ومن خلال آلياتها وإمكانياتها ومواردها ونفوذها وقوانينها وآليات ضبطها وتربيتها وإشرافها ، تستطيع القيام بحل هذه المشكلة وبكل سهولة على اعتبار أن مجتمعها مدني ويراقب… بل ويشارك في الحكم وهو صانع الدولة بموجب عقد اجتماعي ومتفق على اختياره لنسق اجتماعي ، منوط به تبادل أدوار وسلوك ومعايير موحدة ومشتركة ومتوازنة ، أما تجربة المجتمع العربي فلا يجدي معها إلا تغيير الأسرة والعائلة والقبيلة من الداخل ثم يأتي تغيير الذهنية ثم تغيير الدولة أو نظام الحكم السائد ، فيتم بعدها تلقائيا تغيير المجتمع .

 

كذلك هناك قصور نظري لمفهوم الزمن واستثمار الوقت (الزمانية) وخاصة لدى الأسرة – العائلة، إلا فيما يتعلق بأنماط المعيشة في المجتمع العربي - بدو وريف وحضر- وإلا ما معنى أن البدوي يأخذ بثأره-Retaliation ولو بعد 40 عاما ، ايعقل ذلك ...؟ أو أن كبير الأسرة دائما يتشدّق بأنه ما لم يستطع تحقيقه في حياته فسيحققه خلفه أو ولد ولده ويقولها وهو مطمئن وواثق من تحقيق أمنياته .

 

وهناك قول أو مثل عامي وهو مطبق فعليا ( اللي عند أهله على مهله) وهذا يعني أو يعكس مدى الثقة والاطمئنان والركون إلى الأسرة ، ويدلل على أن الفرد امتدادا أكيدا لها وهذا يرسّخ في الفرد كينونتها وتمفصلها بذاته ، حتى بات من الاستحالة الانفلات أو الأنفكاك منها والتقاعس أو التهاون بتحقيق مصالحها حتى لو بعد حين أو ولو بعد ولد الولد ، إذن لم يبالغ  هشام شرابي حينما شرح لنا في (النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي ) على أن التخلف الذي .. نواجهه يكمن في أعماق الحضارة الأبوية .. والأبوية المستحدثة.. وينتقل كالمرض العضال من جيل إلى جيل نعيش معه ونتّقبله ونتعايش معه حتى الممات…وكذلك مصطفى حجازي في( العصبية بنية المجتمع العربي ) وواصف عبوشي في (العربي العصري ).

 

ولكن أين دور الدولة والنظام السياسي في التصدي لهذه المشكلة الكأداء …؟ لابد أولا من الوقوف على كيفية تبلور وخلفيات تكّون النظام السياسي العربي لنقف بعدها على حقيقة وصدق نواياه في إيجاد الحلول للمشاكل الاجتماعية … لنرى

 

سنستشهد بما أورده حليم بركات في كتابه ( المجتمع العربي المعاصر ) وليس بما أورده خلدون النقيب أو غسان سلامة لنتجنب الحدّة والتطرف بالطرح ، إذ يقول بركات في معرض حديثه حول آلية وصول النخبة الحاكمة إلى دفة الحكم ، التي تعود أصولها إلى الطبقة البرجوازية التقليدية التي .. قاومت الحكم العثماني وكافحت الاستعمار من اجل الاستقلال وكان همها أن تحل محل المستعمر وتنشئ دولة مركزية تؤمن مصالحها ، لا أن تبدل من طبيعة الحكم والتفرد به…( اسريا) كمطلب الأمير عبد الله من ونستون تشرتشل عندما اجتمع به في القاهرة قبل تشكيل إمارة شرق الأردن عام 1921، ثم الأمير سعود بن عبد العزيز قبل تشكيل المملكة السعودية عام 1932 وتعهدهما بأن يسيرا بحكم امراتيهما حسب السياسة والمصالح والأهداف الإنجليزية في المنطقة ، وكأن هذا شرط ما زال معمولا به إلى الآن عليهم وعلى باقي أنظمة الحكم العربي وأيضا على إسرائيل والسلطة الفلسطينية …لا أن تؤسس نظام جديد يكفل الحرية والعدالة للشعب ، وبالتالي …استمرت الأوضاع …. على ما هي عليه من تسلط وإفقار واستبداد ، مما احدث فجوة بين الشعب والسلطة حيث استغلت … أنظمة الحكم ولاء … العائلة… وفتاوى رجال الدين… لتسويغ شرعيتها ، مما أدى إلى انكفاء الشعب والالتهاء بسد حاجاته اليومية وتأمين لقمة عيشه ..( حليم بركات ، 1996 ، ص/277) .

 

والأسر الحاكمة اليوم لأكبر دليل بدءا من دول الخليج العربية ومرورا بالأردن والسعودية ومستقبلا بالعراق وسوريا وانتهاء بالمغرب وليبيا وربما مصر ، فان لم تكن أسرة إلا أنها طائفة أو أقلية أو جماعة ريفية عصبوية من قرية أو من ناحية ما من الوطن العربي ، وخاصة في مرحلة المد الوطني والقومي ، أيام كانت الشعوب مخدّرة-Narcotic  بالشعارات الوحدوية والقومية ولم يتح لها أن تسأل عن اصل وأرومة أهل الحل والعقد آنذاك… والغريب أنها كانت تنام على الجوع والفقر او على الخبز والحشيش والقمر كما يقول نزار قباني ، ولم يكن همها تحسين مستواها المعيشي… بل كان غذاءها الشعارات التي خدّرها بها النظام الحاكم الذي استكلب ولم يزل على تحقيق اكبر قدر من الثروة والسطوة والقوة والقهر والاذلال ، او يمن على خلق الله بتوزيع المؤن والزيت والتي استجداها من الدول المانحة لقطعانه – رعيته- للألهاء والتسكين والانشغال بالأكل والطبخ والنفخ ، وانتظار موعد التوزيع التالي وتعويدهم شهريا أو دوريا - كنمط تشريطي /حيواني - Stipulation كما لو ان النظام السياسي يعمل على تبهيم – Brutalize أو كلما شعر النظام بالخطر والاحتقان والسخط ، طالبا منها الاستشهاد والتضحية في سبيل الوطن بصنع او اختلاق ازمة -Crisis أما هو – النظام- فله عالمه وهو الحفاظ على البرج العاجي وحمايته بشتى الاجهزة الأمنية والقمعية والاستثراء الفاحش بشتى الطرق ، ومقاسمة الناس لقمة عيشها او دخلها أو أرباحها بالأتاوة تارة وبالخاوة تارة اخرى ، والعمل على اطالة عمر الزعيم ونظامه الى ما شاء الله ، حيث يقول حليم بركات عن تلك الفترة وما يعقبها ..إن الثروة حلت محل الثورة… إذن فأين هو المجتمع أو الشعب الذي يجرؤ على الوقوف في وجه السلطة والنظام الحاكم ويطالب بالتغيير وإصلاح الأوضاع …؟

 

إن الجرأة لدى العائلات والأسر والقبائل ، أما الشعب فهو ملجم ومشترى ومسيّس … لكن من هي الأسر والقبائل وما هي طبيعتها ونسق تركيبتها …؟ انهم التجار والصناعيون والرأسماليون والإقطاعيون ورؤساء القبائل ، حيث اسهموا في إنشاء وإدارة دفة الحكم على حساب غالبية الشعب المعدم …وطالما أن المجتمع في مثل هذه الحالة هرمي في بنيته الاجتماعية ومنقسم بين أغلبية محرومة وكادحة ومعدومة ، وأقلية نافذة وموسرة وقابضة على دفة الحكم ، فان نظام الحكم جاء حسب أهوائها ولمصالحها ، فاصبح أمام الغالبية الشعبية في سبيل نيل الحظوة وقضاء مصالحها عند الأقلية الحاكمة ، أن تنافق وتداهن وتتزلف وتستعين بالوسطاء ..( واتباع  كالواسطة والرشوة والجنس والمحسوبية ) .. -التشديد من عندنا-(حليم بركات ، 1996 ، ص/ 282) و(هشام شرابي ،1993 ، ص/87) .

 

من هنا نستطيع أن نحدد أو نلمس سر ديمومة الفوضى تسري في جسم المجتمع العربي وسبب الإصرار على إبقائها ولمصلحة من وما القصد منها … فالفوضى منتشرة لدى الغالبية العظمى من الشعب المحروم والأفراد المسحوقين ، بل أن أحد أسباب وجودها هو التناقض الاجتماعي-Social Contradiction المتعلق بالتركيبة الاجتماعية والهرم الطبقي للسكان ، والذي نتج عن الاختلال في التنظيم الاقتصادي والديني خاصة بعد ادعاء بعض الأسر العربية الحاكمة اليوم بأنها تنتسب للرسول الهاشمي الكريم ، منعا من الثورة ضدها على اعتبار انها – وحسب زعمها وتلفيقاتها – أن من يثور عليها او لا يمنحها الطاعة فكأنما يثور ويحارب الرسول الكريم …! الأمر الذي انتج جبنا وخنوعا ورعبا ما زال متأصلا في النفوس جراء الترهيب والبطش او بالترغيب ، حيث نشأ وهنا تنظيميا في النسق الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية والاستكلاب في خدمة البطانة الحاكمة وكأن هناك مضمار سباق للكلاب –Dog Race  ، والفوز فيه او الغنيمة او المكافأة للذي يصل اولا – ويخدم باخلاص- وهذا ما نسميه بالسعار او بالاستكلاب ، حتى شمل ذلك الطبقات البرجوازية الكبرى بسبب التفاوت في الامتيازات والثروة والنفوذ والمصالح والحكم ، والتي أدت إلى بروز صراعات سياسية واجتماعية وطبقية بينها ، مشكّلة حبلا سريا من الحبال المغذية للفوضى العارمة ..وهذا يعود للذهنية السائدة التي لا تقتصر على طبقة دون أخرى ، بالإضافة إلى عدم إجراء التحولات والتغيرات الضرورية للنظم والبنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع العربي .. ( حليم بركات ، 1996 ، ص/ 289 ) .

 

ولو افترضنا حدوث تغيير اجتماعي نتيجة مشكلة اجتماعية كالفوضى مثلا ، فما هي إفرازات ومخرجات هذا التغيير على مختلف شرائح السكان أو المجتمع العربي ، والتي تواجه حاليا تحولات اقتصادية وسياسية (واجتماعية ولو بتحفظ) فماذا سينتج …؟ لنرى 

 

سيكون هناك شرائح وضحايا وقرابين وأموات أحياء وأحياء أمواتBlunt &   Impassible وهذه الأخيرة هي التي تهمّنا حيث يصفها  معن خليل عمر ..انهم يحيون حياة الدواب أو كقطيع من الغنم يأكلون ويشربون ليومهم ، ولا وجود ولا فاعلية لهم في الحياة الاجتماعية، ولا يغيّرون ولا يتغيرون بل يساقون سوقا نحو الحياة ، فلا طموح لهم ولا يقدمون أفعالا أو أفكارا جديدة أو خّلاقة ومبدعة لإنماء حياتهم ولا ينفعلون بحياتهم الاجتماعية ، انهم أموات اجتماعيا وأحياء جسديا… يكرهون التجديد ويعشقون المسكون الخانق ويحلمون بالماضي وينامون في الواقع… انهم إفراز معضلة اجتماعية … أسرية وقبلية… سببها تعسف النسق المحوري في البناء الاجتماعي ، وهي اكبر مشكلة ، وحلها يتطلب إزالة النسق المحوري واستبداله .. ( معن خليل عمر ، 1998 ، ص/34)… وهذا يؤيد وجهة نظرنا بضرورة بل وحتمية تغيير أنظمة الحكم الاستبدادية (المحورية) .

 

بالإضافة إلى الفئتين السالفتين فهناك شريحة تتسم باللوبان الاجتماعي - وهي مشتقة من لاب لوبا ولوبانا أي استدار وحام حول الماء وهو عطشان ولا يصل إليه ، وهي على الأكثر عامية الاستعمال ، ولكن اجتماعيا تعني الدوران والوثوب في محيط اجتماعي ضيق تبحث عن مخرج لكي تحيا حياة جديدة ، إلا أنها كبحت وطوّقت بمواقع قيمية وعقائدية وقمعت قسرا بقوانين متعاكسة مع الطبيعة البشرية ..وهي تعيش بين الحياة والموت وبين الحركة والسكون فهي تقفز إلى الأعلى لكنها ترتطم بالواقع الجامد كحالة المجتمع العربي .. (المصدر السابق،ص/34) .

 

وهناك شريحة تعيش حالة الرهاب الاجتماعي-Social Panic  وتتمثل هذه في المجتمعات غير الديمقراطية أو ذات البناء المتصلب ذات الحزب أو الرجل الواحد أو الأسرة الواحدة ، والتي يكون الفرد فيها غريبا عن الفئة الحاكمة ومراقب ويعاقب بشدة ، ومهزوم داخليا وخائفا ومتشككا من الآخرين حيث تتحول هذه المعاناة إلى شعور قمعي داخلي تسبب له الاكتئاب نتيجة العزلة .

 

ويضيف معن خليل عمر فئة أخرى وهي تجسد صورة الإنسان في المرآة المهشّمة والتي تعكس صورة الإنسان غير المكتملة- Stigmatic بسبب التغير الاجتماعي ، ونتيجة التعامل مع الآخرين والمحيطين به خاصة إذا كانوا من فئة الوصوليين والانتهازيين ، بالإضافة إلى شريحة الصراع الخفي والطبيعي ، الذي يعكس سبب تباين وتعارض معايير القيم والمعتقدات لدى الجماعات المتعددة (الأسر والعائلات ) والتي ينتمي إليها الفرد في سبيل إشباع حاجاته ورغباته المختلفة ، حيث تكون هذه القيم والمعتقدات متباينة ومتنوعة تنعكس على سلوك الفرد ، وتسبب له تناقض في فعله الاجتماعي ( السلوك) الأمر الذي يولّد صراع طبيعي…سببه التغير والتبدل الاجتماعي .

 

واخيرا هناك شريحة الغريب في عالم راكد وهو الفرد الذي يعيش في مجتمع راكد ومحافظ وتقليدي-Obscurantism..حيث يشعر الفرد بالاغتراب عن عالمه الذي يعيش فيه ، وهناك غريب - Fusty يعيش في عالم متغير … وهو عكس الأول.. (المصدر السابق ، ص/ 37 ) .

 

إذن ما فائدة التغيير الاجتماعي إذا كان سيفرز هكذا شرائح ستستمر كما هي ، لذا فتغيير أنماط التربية والسلوك والثقافة ونظام القيم والتقاليد والعادات والتنشئة الأسرية للفرد أجدى وأنجع ، ثم يتبع ذلك تغيير الذهنية السائدة لاجتثاث العصبية والطائفية-Sectarianism والعرقية والحياة القطيعية ، واخيرا يتم توجيه التغيير نحو نظام الحكم المحوري واجتثاثه واستبداله بنظام حكم يعتمد الديمقراطية والمشاركة الشعبية وسيطرة المجتمع المدني على المؤسسات وليس العكس ، وتفعيل آليات الضبط الاجتماعي وبسط سلطة القانون وفصل الدين عن الدولة وتأميم أملاك الأوقاف والطوائف الأخرى ، بعدها يتم تسليم النشئ ( الفرد) للدولة لتربيته وإنشائه وتثقيفه بشكل مستقل عن عائلته باعتبارها دولة الرفاهية والرعاية من جهة ، وان الفرد ليس ملكا لأسرته بل للمجتمع -الدولة لتجنيبه الأمراض والعلل الاجتماعية ، وهكذا نصل إلى ما يسمى بالمجتمع والذي سيكون له دور فاعل ومنتج وصانع قرار ، لسبب واحد فقط وهو أننا في هذه العملية استطعنا أن نخلق اندماج ومساواة وتربية ونسق وتنظيم اجتماعي موحد للجميع ، فالشعب -المجتمع - العربي حاليا .. عاجز تجاه الدولة والعائلة… المبنية على أيدلوجية هرمية سواء في البيت أو بالعمل أو بالتربية أو بالسياسة أو بالعبادة ، فهو…عبارة عن جماعة… ( أو جماعات)…-التشديد من عندنا- وليس مجتمع.. ( حليم بركات ، 1996 ، ص/ 428) .

 

ومما يؤيد ما طرحناه سالفا من أن أسباب المشكلة الاجتماعية في المجتمع العربي تتضح وتتحدد ضمن أسباب وعوامل الأسرة والذهنية السائدة ونظام الحكم السائد ، أي البدء من القاعدة ، وفي هذا الصدد يطرح الدكتور شرابي آلية التصور نفسها ولكن بشكل معكوس أي من أعلى الهرم ( من القمة) فيقول ..علينا أن نبدأ من خلال القيادة - القيادة الحاكمة -ثم ننطلق إلى الذهنية بوسائل واليات التغيير الضرورية والتي ستفعل فعلها وتدك أسس النمط العائلي والقبلي في المجتمع العربي .. ( هشام شرابي ، 1993 ، ص/ 101)…إذن شرط التغيير الاجتماعي مرهون بالتغيير السياسي والعمل على استقلاليته ، بمعنى أن التغيير سيتم عبر انقلاب وعنف ثوري ولكن من نوع مختلف حسب قول احد الكتاب ..ان تجميع هذه الاسباب (اسباب التخلف ) سيحتاج الى ثورة لكنها مختلفة عن الثورات ...ثورة تضع في اهتمامها تثوير المجتمع … ثورة تبدأ من تحت وليس من فوق ...تتحقق بسيرورة متدرجة ذات ابعاد متعددة في كل المجالات ..(ماهر الشريف ، 2000 ، ص/190)  جيد ، ولكن من يضمن عدم عودة النخب والنسق المحوري لنظام الحكم كالسابق ...؟ فالعراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن والجزائر والسودان قادت انقلابات أطاحت بأنظمة الحكم المحورية والاستبدادية ، فمن يحكم هذه الأقطار الآن…؟ أليست أنظمة حكم محورية ديكتاتورية – عسكرية مشابهة…؟ إذن عندما نبدأ من القاعدة لا مجال لعودة القيادة / والنخبة المحورية ، بل ستكون القيادة شعبية مسطّحة تماما كالثورة الفرنسية ، إذن التغيير يتم عبر ثورة شعبية شاملة وليس عبر تغيير ثوري انقلابي .

 

أما الفوضى وانعكاساتها على القيم والثقافة وأنماط التربية والبناء الاجتماعي والسلوك والشخصية والسلطة السياسية ، فهي تتعلق بنمط وآلية التغيير والتي قصدنا بها نمط التغيير والقفز والتدرج –Intergradation   ، بمعنى أننا لو أحدثنا تغييرا ما على الأنماط السالفة فسنقع في مشكلة اجتماعية جديدة ، لان ذلك يتطلب منا أن نكون واعين ومدركين لطبيعة المشكلة ، ولا يكفي أن نعيشها أولا ، ولأننا عاجزين عن إيجاد حلول لها ثانيا ، فلأن طبيعة نشأتنا غير سوية ومشّوهة وتقديسنا للتقاليد والعادات والقيم الماضوية ، وخاصة فيما يتعلق بالثقافة ، والتي ترتبط بالنظام العام للمجتمع الذي يشتمل على البنى والنظم والقيم الاجتماعية وتقسيم العمل ووسائل الإنتاج ، حيث يكون السلوك من مخرجاتها وانعكاس لها …لنطّبق هذا التعميم على المجتمع العربي ونفحص طبيعة السلوك السائد …انه حتما فوضوي …لنرى الفرد العربي ونشّرح نمط سلوكه الناتج من خلال رصد يوم واحد ،  فبماذا نعللّه… على أساس انه لب المشكلة الاجتماعية… وهذا صحيح ، ولكن كيف…؟ ..إن ارتباط المؤسسات الاجتماعية وتكافل وظائفها من اجل استقراء البناء الاجتماعي… له علاقة مباشرة بقيم المجتمع والفرد ، لذا فان مصدر المشكلات هو الفرد بسبب تجاوزه ورفضه لقوانين وضوابط مجتمعه ( كمعايير وقيم ) وبسبب تعجنه- Impaste في بيئته الداخلية …الأسرة… وضرورة إعادة تربيته..(معن خليل عمر ، 1998 ، ص/58) .

 

ولهذا كان استغلال الزمن ينم عن فوضى ( عبثية) جرّاء التخلف في التعامل معه وعدم استغلاله واستثماره واحترامه ، بسبب عدم احترامنا لذاتنا الإنسانية والآخر ، من منطلق العصبية والقبلية والطائفية والغيبية ، الأمر الذي انتج زمنا جدليا متقطعا وليس تسلسليا ، على هذا الأساس فالعربي دائم التشدّق بحضارة هارون الرشيد والمأمون وطب ابن سيناء وفلك الرازي ورياضيات الخوارزمي وشعر المتنبي وغناء زرياب … لكن أين نتاج هذا التراكم العلمي والأدبي والفني بل والتقني والحضاري الآن ونحن في عام /2005…؟ … إن الزمن ومفهوم الوقت ومعنى الحياة لدى الفرد العربي هي غاية وليست وسيلة ، لذا فقد انزرع في أعماقه حب الاستهلاك وقطف ثمار الغير بلا كد أو جهد ، ولنسأل الإنسان العربي.. لماذا لا تقوم بتصليح أو تصنيع جهاز راديو ترانزيستور مثلا…؟ فيجيبك من فوره ، لماذا وجدت أوروبا واليابان إذن…؟ إن ذلك يعكس قلة الحيلة وانعدام الوسيلة وتفضيل الغاية ، ولهذا فقد اكتسب إنسان العالم الثالث والإنسان العربي من ضمنه صفة ( العالة على البشرية-  Pauper) فهذه النوعية من البشر هي التي ينطبق عليها نتاج شريحة الحي الميت التي شرحها معن خليل عمر عند حدوث التغيير الاجتماعي ، وخاصة الفرد العربي الذي يضع نفسه وذاته فوق الزمان والمكان وخارج التاريخ والاعتماد على الصدفة (والأجاويد) من دول العالم ، إن هم العربي هو بطنه وجيبه وارواء شبقه الجنسي وشعاره الذي فعلا يليق به مع معطيات تفكيره وذهنيته المحدودة هو الماء والخضراء والوجه الحسن .

 

إن مسؤولية الحالة التي يعيشها المجتمع العربي حاليا يتحملها نظامه السياسي بالإضافة إلى تركيبة ذهنيته (لان هيك الله خلق له مخه) –كما يقول دائما- فهذه العبارة كثيرا ما نسمعها ويرددها العربي بتفاخر وشموخ ، فإذا كانت هذه أخلاق وسلوك وأفكار الفرد ، فهي نتاج الأسرة والتي تعكس نتاجها على مجمل المجتمع ككل ...وطبيعي أن يكون نتاج كهذا … التخلف والجهل والفوضى … والعنف…عنف بلا حدود ومتنوع وشامل لكافة طبقات المجتمع ، إنها …قوة التعدّي … نتيجة صراع مؤذي ومحطم في طبيعته ، وسببه هو الدوافع الأساسية في حياة الفرد وحاجاته من جهة ، وبين النظم والمقاييس الاجتماعية والمثل الفردية التي اعتنقها واكتسبها بالتجربة والثقافة والعلم من جهة أخرى ، بالإضافة إلى وجود اضطراب في الشخصية ووجود خطر خارجي ( حقيقي أو متخيل) أو نتيجة لفقدان التوازن بين قوة وشدة التجربة التي يعيشها ، وخاصة بعد استنزاف طاقة الكبت أو لجم دوافع التعدي وانهيار المناعة النفسية للفرد نتيجة الإرهاق والقلق ، أي أن هناك تهيئة نفسية وجسمانية للعنف تتفاعل مع بعضها البعض ، تؤدي إلى انفجار الفرد في لحظة مواتية مع ظرف عرضي أو خاص .

 

إذن العنف ناجم عن فوضى القيم وهي نتاج التخلف الاجتماعي وخاصة في ظل هيمنة التقاليد والعادات والقيم والسلوك القبلي /العائلي ، والذي يتسم بالنزعة القطيعية التي يستند إليها الفرد  لكن هذا لا يكفي كسبب ومبرر للعنف ، فهناك تعسّف السلطة وفشل الأفراد في تغيير الواقع وإسقاط القهر والإذلال الكامن في ذواتهم على الغريب / الآخر ولو من نفس القرية أو المنطقة ، وهي نتيجة العصبية العمياء ونتيجة لعوامل نفسية وعصبية يعانيها الفرد .

 

إن وسائل الإعلام والتربية والتعليم وآليات الضبط الاجتماعي وفرض القانون ، باعتبارها منظم للعلاقات الاجتماعية هي التي تواجه سيطرة العرف العشائري ، وطبيعة ونمط التنشئة الأسرية والذهنية الغيبية وطبيعة التنافس الاستكلابي نحو تحقيق الأهداف والرغبات ، أو لنيل مكافأة مادية أو معنوية والرد على نظام القيم والعادات وأنماط التربية ونظام الحكم السائد .

 

أمام هذا الطوفان من التخلف والعنف والفوضى ماذا تجدي سياسة العالم الجديد والعولمة والانفتاح الاقتصادي والثقافي والسياسي والحضاري من اجل خلق عالم مستقر يعمه السلام والأمن والاطمئنان ، والعمل على تلطيف الحياة الإنسانية وتسهيلها وتوفير السلع وزيادة الإنتاج والتخفيف من حدة الفقر والبؤس والمرض ، وخاصة في دول العالم الثالث ومن ضمنها العالم العربي …؟

 

إن المعسكر الغربي ( مخترع العولمة ) وصاحب هذه الشعارات والأهداف السالفة الذكر لا بد انه إما يحلم… أو انه يعمل على تخدير العالم الثالث بتخفيف آلامه أو ينوي ذبحه على البارد بهذه الشعارات .

 

وقبل ان نختم لا بد من الاشارة الى اهمية الدين - واقصد هنا بالدين السماوي- كمحدد ومقياس ومعيار ضابط للظواهر والمشكلات الاجتماعية في البناء الاجتماعي ، فرغم سوء استغلاله الا انه يبقى هو الفيصل والاداة الحاسمة في علاج العلل والامراض الاجتماعية المنتشرة والمتفشية في جسم المجتمع العربي ، واعتقد حاليا ان يزداد التوجه اليه كملاذ ودواء شافي لتحصين الافراد والجماعات في مواجهة العلل الاجتماعية ، وسيزداد ظاهرة التمسك به بل ومن المؤكد ان ما نسميه بالتدين –Proselytization  ستشتد وتيرته ردا على تقاعس الانظمة المتسلطة في العالم العربي من جهة ، ورغم الهجمة التي يتعرض لها من قبل زعيمة ما يسمى بسياسة العالم الجديد من جهة اخرى ، ولن تجدي نفعا سياسة تطهير المناهج من الافكار الدينية رغم ما يعقد لها مؤتمرات امنية بدعوة مكافحة التطرف والارهاب ، ولن يتم ذلك بتاتا ان لم تحل قضايا المجتمعات العربية الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية ومشكلة البطالة واتاحة الفرص امام افراده وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وبدون ذلك ستزداد مسألة التدين وخاصة في قطاع الشباب.

 

إننا لسنا متشائمون أو متفائلون ولكننا واقعيون ، وقبل أن نلتحق بركب العالم المتحضر والمتقدم واعتبار أنفسنا إنسانيين أسوة بالآخرين ، يجب علينا الاعتراف بهم ، وقبل كل شئ علينا أن نجتث تخلفنا وجهلنا وفوضويتنا وأنماط تربيتنا ونظم تنشئتنا وذهنيتنا وأنظمة حكمنا المحورية ، ونؤمن بان الديمقراطية والعدالة والمساواة والحرية والمشاركة السياسية هي أهم ما نصبو إليه ضمن محاولاتنا من اجل التغيير .

 

المراجع والمصادر

* كتب

-  إبراهيم ، حيدر وآخرون . العولمة والتحولات المجتمعية في الوطن العربي . ط/1، القاهرة : مكتبة مدبولي ، 1999 .

-  إبراهيم ، سعد الدين  وآخرون . المجتمع والدولة في الوطن العربي . ط/2 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1996 .

-  أبو جادو ، صالح محمد علي . سيكولوجية التنشئة الاجتماعية . ط/1 ،عمان : دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة ، 1998 .

-  أبو رمان ، حسين وآخرون . المجتمع والدولة في الوطن العربي : في ظل السياسات ( الرأسمالية الجديدة) ، المشرق العربي . ج/3 ، ط/1 ، القاهرة : مكتبة مدبولي ، 1998 .

-  الأطرش ، محمد وآخرون . العرب وتحديات النظام العالمي . ط/1 ،بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ،  1996 .

-  بركات ، حليم . المجتمع العربي المعاصر: بحث اجتماعي استطلاعي . ط/5 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 1996 .   

-     التل ، غسان . المجتمع العشائري : قضايا ومشكلات . ط/1 ، اربد : دار الكندي للنشر ، 1999.

-  الجسماني ، عبد العلي . علم النفس وتطبيقاته الاجتماعية والتربوية . ط/1 ، بيروت : الدار العربية للعلوم ، 1994 .

-  حارب ، سعيد  وآخرون . الثقافة والاستهلاك : تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة . ط/1 ،الشارقة :  دار الثقافة والإعلام ، 1994 .

-  حجازي ، مصطفى . التخلف الاجتماعي : مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور . ط/7 ، بيروت : معهد الإنماء العربي ، 1998 .

-  حجازي ، مصطفى . حصار الثقافة بين القنوات الفضائية والدعوة الأصولية . ط/1 ، بيروت : المركز الثقافي العربي ،  1998.

-  حوراني ، البرت . الفكر العربي في عصر النهضة ( 1798- 1939 ) . ترجمة كريم عزقول ، بيروت : نوفل  للنشر، 1997 .

-     الخوري ، فؤاد اسحق . الذهنية العربية : العنف سيد الأحكام . ط/1 ، بيروت : دار الساقي ، 1993

-     الدقس ، محمد . التغيير الاجتماعي بين النظرية والتطبيق ، ط/2 ، عمان : دار مجدلاوي للنشر ،1996 .

-     دويري ، مروان . الشخصية ، الثقافة والمجتمع العربي . ط/1 ، الناصرة : 1997.

-  الربيعي ، فاضل . كبش المحرقة : نموذج لمجتمع القوميين العرب . ط/1 ، بيروت : بيروت : رياض الريس للكتاب والنشر ،  1999.

-     رضوان ، شفيق . علم النفس الاجتماعي . ط/1 ،  بيروت : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ، 1996.

-     زكريا ، فؤاد . آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة . القاهرة : الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1975 .

-     زيعور ، علي . التحليل النفسي للذات العربية . ط/1 ، بيروت : دار الطليعة للطباعة والنشر ، 1987.

-  سلامة ، غسان . المجتمع والدولة في المشرق العربي . ط/1 ،بيروت :  مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987.

-  سلامة ، غسان  وآخرون . ديمقراطية من دون ديمقراطيين . ط/1 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ،  1995 .

-   سلامة ، غسان  وآخرون ، الأمة والدولة والاندماج في الوطن العربي . ط/1 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ،  1989 .

-      سويف ، مصطفى . مقدمة لعلم النفس الاجتماعي ، ط/4 ، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية ، 1975

-  شرابي ، هشام . النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي . ط/2 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1993 .

-     شرابي ، هشام .مقدمات لدراسة المجتمع العربي . ط/4 ، بيروت : دار الطليعة للطباعة والنشر ، 1991.

-  شرابي ، هشام .النقد الحضاري للمجتمع العربي في نهاية القرن العشرين . ط/2، بيروت :  مركز دراسات الوحدة العربية ، 1999.

-     الشريف ، ماهر . رهانات النهضة في الفكر العربي . ط/1 :  دار المدى للثقافة والنشر، 2000

-     شكور ، جليل وديع . أمراض المجتمع . ط/1 ، بيروت : الدار العربية للعلوم ،  1998.

-  عباس ، فؤاد إبراهيم واحمد عمر شاهين . معجم الأمثال الشعبية الفلسطينية . ط/1 ، عمان : دار الجليل للنشر والدراسات والتوزيع ، 1989 . 

-  عبد الفضيل ، محمود . التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي . ط/2 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987 .

-     عبوشي ، واصف . العربي العصري ، منشورات جامعة بير زيت : 1980 .

-     عثمان ، ابراهيم واخرون . مبادئ علم الاجتماع . ط/1 ، عمان : جامعة القدس المفتوحة ، 1992 .

 

-     العظم ، صادق جلال . ذهنية التحريم . ط/3 ، قبرص :  مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية ، 1997.

-  العظم ، صادق جلال . ما بعد ذهنية التحريم . ط/1 ، قبرص : مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية ،  1997.

-  عمر ، معن خليل . علم المشكلات الاجتماعية . ط/1 ، عمان :  دار الشروق للطباعة والنشر والتوزيع ، 1998 .

-  عمر ، معن خليل . نظريات معاصرة في علم الاجتماع . ط/1 ، عمان : دار الشروق للطباعة والنشر والتوزيع ، 1997 .

-     عمر، معن خليل . البناء الاجتماعي : أنساقه ونظمه . ط/2 ، عمان : دار الشروق للنشر والتوزيع ، 1997               

-  عمر ، معن خليل وآخرون . مدخل إلى علم الاجتماع . ط/1 ، عمان : دار الشروق للطباعة والنشر والتوزيع  ، 1992 .

-  غلاب ، عبد الكريم . أزمة المفاهيم وانحراف التفكير . ط/1 ، بيروت :  مركز دراسات الوحدة العربية ، 1996 . 

-  غليون ، برهان . المحنة العربية : الدولة ضد الأمة . ط/2 ، بيروت :  مركز دراسات الوحدة العربية ، 1994 .

-      قباني ، عبد العزيز . العصبية بنية المجتمع العربي . ط/1 ، بيروت : دار الآفاق الجديدة ، 1997.

-  كمال ، علي . النفس : انفعالاتها وأمراضها وعلاجها . ط/2 ، بغداد : دار واسط للدراسات والنشر والتوزيع ،  1983 .

-     الكواكبي ، عبد الرحمن . طبائع الاستبداد ومصارع العباد . القاهرة : مطبعة الامة ( بدون تاريخ ) .

-  لبيب ، الطاهر وآخرون . الثقافة والمثقف في الوطن العربي . ط/1 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1992 .

-     المنفلوطي ، مصطفى لطفي . النظرات ( 1-3) . بغداد : مكتبة النهضة  ،   1983 .

-     ناصر ، ابراهيم .التربية المدنية ( المواطنة ) . ط/1، عمان : مكتبة الرائد ، 1994

-  النقيب ، خلدون . الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر . ط/2 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ،  1996 .

 

* دوريات ومجلات وصحف

-     أبو زيد ، احمد . تحديات القرن الواحد والعشرين ، مجلة العربي ، العدد / 494 ، ك/2 2000

-     البكوش ، عبد الحميد . الإسلام والإنسان ، مجلة العربي ، العدد /471 ، شباط 1998 .

-  الخفاجي ، عصام وآخرون . هامشيون في المدن العربية ، العدد /4 ، دار كنعان للدراسات والنشر ، دمشق : 1993 .

-  الرميحي ، محمد . متى تنتهي حيرتنا العقلية وتبدأ معجزتنا الاقتصادية …..؟ ، مجلة العربي ، العدد /470 ، ك/2 1998 .

-     سعيد ، محمد السيد . التحول الثقافي هو طوق النجاة ، مجلة العربي ، العدد /494 ، ك/2 2000 .

-    شيللر، هربرت . المتلاعبون بالعقول ، ترجمة عبد السلام رضوان ، ط/2 ، سلسلة عالم المعرفة    الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، العدد /243، الكويت : 1999 .

-     صالح ، محمد . الكنز ، مجلة العربي ، العدد /494 ، ك/2 2000 .

-     عبيد ، منى مكرم . مستقبل السلطة في عالمنا العربي ، مجلة العربي ، العدد /494 ، ك/2 2000 .

-  العسكري ، سليمان . نحن والعام 2000.. هل نواصل التقدم إلى الوراء ….؟ ، مجلة العربي ، العدد /494 ، ك/2 2000 .

-      العشماوي ، محمد سعيد . البراغماتية نظرة أمريكية للعالم ، مجلة العربي ، العدد /494 ، ك/2 2000.

-      عمار ، حامد . نحو تعلم المستقبل ، مجلة العربي ، العدد /494 ، ك/2 2000 .

-      علي ، نبيل . العقل العربي وسط الحصار المعلوماتي ، مجلة العربي ، العدد / 494 ، ك/2 2000 .

-   مجلة العربي ، الاعداد :- 470، 471 ، 509 ، 511 ، 512 ، 513 ، 514 ، 515 ، 516 ،518 ،529 ،537 ، 539 ، 541، 546 ، 547 ، 549 ، 550

-      مغربي ، فؤاد . فلسطين الذاكرة ، مجلة الدراسات الفلسطينية ، العدد /30 ، 1997 .

-     صحيفة القدس – الصادرة في القدس العربية .

-     صحيفة الايام – الصادرة في مدينة رام الله .

-     صحيفة الحياة الجديدة - الصادرة في مدينة رام الله .

-     مجلة البيادر السياسي - الصادرة في القدس العربية .

 

نبذة عن الكاتب :-

·     من مواليد رام الله عام 1956 .

·     حصل على الثانوية العامة من مدرسة هشام بن عبد الملك الثانوية / اريحا عام /1975.

·     حصل على درجة البكالوريوس في الاداب العامة في كلية الاداب بجامعة بغداد عام / 1979.

·     حصل على درجة الماجستير في الدراسات الاقليمية من كلية الدراسات العليا في جامعة القدس عام / 2001 .

·     عمل معلما بدولة الامارات العربية المتحدة من عام / 1980-1991 .

·  نشر اكثر من 150 مقالا وبحثا تحليليا في علم الاجتماع والجغرافيا السياسية والتاريخ الاسلامي في صحف القدس والايام والحياة الجديدة والنهار والصباح التونسية .

·     يعمل محاضرا غير متفرغ في مادة علم الاجتماع بجامعة القدس المفتوحة .

انتهى

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ