ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (8) د.
محمد سعيد حوى القاعدة
السادسة صحة
الاسناد لا تستلزم دائماً صحة
المتن والعبرة لحسن الفهم
الدقيق مع صحة الاسناد وانتفاء
العلل الخفية. يتوهم
بعض الباحثين صحة حديث (ما)
لمجرد ان ينظر في ظاهر الاسناد
فيرى ان رجاله ثقات وانه متصل
بالاسناد, فتجده يحكم بصحة
الحديث دون ان ينظر في متن
الحديث. وهذا مخالف مخالفة
شديدة لمنهج المحدثين اذ من
تعريف الحديث الصحيح ما اتصل
سنده بنقل العدل تام الضبط عن
مثله من مبدأ السند الى منتهاه
من غير شذوذ ولا علة. فكيف
نثبت صحة حديث اذا كان فيه شذوذ
او علة, وكثير من الشذوذ او
العلل يعود الى المتن, أي يكون
الحديث ظاهره الصحة, لكن بعد
التدقيق في المتن تجده لا
يستقيم لسبب ما فلا يمكن ان يكون
الحديث صحيح النسبة الى رسول
الله صلى الله عليه وسلم وحتى لا
يتقول كل منقول على رسول الله لا
بد من ضوابط لهذا الأمر, فلذا
قلت لا بد من حسن الفهم اولاً
وانما يرجع في ذلك الى اهل
الاختصاص والعلماء الراسخين
فيه ثم مع ذلك لا بد من التأكد من
انتفاء العلل الخفية. وسأضرب
امثلة في ذلك:. 1-
تروى عن ابي هريرة رضي الله
عنه احاديث كثيرة, ونحن لا نشك
في قوة حفظ ابي هريرة وانه من
اجلّ الصحابة شأناً, الا انه
وقعت بعض العلل الخفية في ما روي
عنه, من لم ينتبه لها يظن صحة هذا
الحديث من ذلك:. حديث
خلق الله التربة يوم السبت. اخرجه
مسلم في صحيحه واعلن الامام
البخاري وجعله من كلام كعب
الاحبار كما في التاريخ الكبير
للبخاري 1/413. ومن
اسباب نقد الحديث متناً ان الله
اخيراً من خلق السماوات والارض
وما بينهما في ستة ايام, وفي هذا
الحديث ما يقتضي ان الخلق كان في
سبعة ايام ورجح نقد الحديث ورده
ايضاً ابن القيم في كتاب المنار
المنيف ص 84-85 بينما رجح الالباني
صحة الحديث بناء على ان الايام
المذكورة والتفصيل الذي في
الحديث هو غير التفصيل الذي في
القرآن لكن تعليل البخاري مبني
اساساً على علة الرواية عن كعب
الاحبار أي ان ابا هريرة كان
يروي عن كعب الاحبار بعض
الاسرائيليات فتنتسب خطأ من بعض
الرواة من بعده لرسول الله. فعن
بكير بن الاشج عن يسر بن سعيد
قال: اتقوا الله وتحفظوا من
الحديث, فوالله لقد رأيتنا
نجالس ابا هريرة فيحدث عن رسول
الله (صلى الله عليه وسلم)
ويحدثنا عن كعب ثم يقوم, فأسمع
بعض من كان معنا يجعل حديث رسول
الله عن كعب, ويجعل حديث كعب عن
رسول الله (سير اعلام النبلاء
2/606) والبداية والنهاية 8/109
وسنده صحيح. ومن هنا
يرد حديث روي عن ابي هريرة ايضاً
ان يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل
يوم حتى اذا كادوا يرون شعاع
الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا
فستحفرونه غداً فيعودون اليه
كأشد ما كان.. اخرجه احمد (2/510)
والترمذي (3153). قال ابن
كثير: اسناده قوي, لكن في رفعه
نكارة, واشار ان هذا المعنى روي
عن كعب الاحبار اقول: قال
الترمذي: غريب, واياً كان سند
الحديث فكيف يصح مثل هذا وهو اقل
ما فيه انه مخالف للقرآن الذي
يقول " فَمَا اسْطَاعُوا أَن
يَظْهَرُوهُ وَمَا
اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا"..
ومخالف للواقع. ومما
يؤكد القاعدة التي ذكرت اننا
نجد احاديث اوردها الامام مسلم
في صحيحه, وردها البخاري او اشار
الى تحفظه فيها او العكس. ومن ذلك
اخرج البخاري حديث الاسراء
والمعراج من طرق ومنها روايته
له من طريق شريك بن عبدالله بن
ابي نمر برقم (7517) وفيه مخالفات
عدة في متنه بينما اخرج مسلم
الحديث من غير ذكر المتن بل اشار
الى ان فيه مخالفات بقوله: "وقدم
وآخر وزاد وانقص" مسلم رقم
(162), (262). ومن ذلك
خرج مسلم حديث ابي سعيد الخدري
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تكتبوا عني غير القرآن"
مسلم (3004). بينما
يرى الامام البخاري انه من كلام
ابي سعيد الخدري. ونرى
البخاري يعتمد في صحيحه عكرمة
مولى ابن عباس ويتجنبه مسلم ولا
يروي عنه الا قليلاً مقروناً
بغير (الميزان 3/93). ونرى
الامام مسلماً قد روى عن ابي
سفيان انه طلب من النبي لما اسلم
ثلاثاً: ومنها: انه يزوجه ابنته
ام حبيبة.. (مسلم 2501). مع ان
المعلوم ان ام حبيبة تزوجها
رسول الله قبل فتح مكة وهي في
الحبشة. حتى قال ابن القيم
الجوزيه وغير حديث غير محفوظ (ميزان
الاعتدال 3/93). ويروي
الامام مسلم حديث ابي هريرة
وابي ذر: يقطع صلاة الرجل الحمار
والمرأة والكلب الاسود. (رقم 510). بينما
لا يخرج البخاري هذا الحديث الا
مقرونا برد السيدة عائشة عليه
ومعنونا بعنوان باب من قال: لا
يقطع الصلاة شيء رقم 514 و511. اننا
نجد ان بعض الرواة - يرون عن
حذيفة بن اليمان عن رسول الله
الاعتكاف الا في المساجد
الثلاثة ويرد عليهم البخاري
بقوله "باب الاعتكاف في
المساجد كلها". ومرّ
معنا من قبل ان مسلما خرج حديث
سهلة بنت سهيل في ارضاع الكبير
وان البخاري تعمد ان يحذف هذا
الجزء من الحديث. واستعراض
ذلك يطول. لكننا
نؤكد هنا على ضرورة الفهم
السديد لحديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم فما كان متعارضا
مع ما قرره القرآن او قطعي السنة
او ما تقرر شرعا فلا يجوز ان
يقبل فضلا عن ان ينسب الى رسول
الله صلى الله عليه وسلم. وهذه
سنفردها بقاعدة مستقلة تالية ان
شاء الله. والذي
نريد ان نؤكده هنا ان علماء
الحديث لم يكونوا يحكموا على
حديث قبولا او ردا الا النظر في
سنده ومتنه معا. والا ما
معنى ان يشترطوا في صحة الحديث
خلوه من الشذوذ والعلل ثم
يعرفوا الشاذ بانه ما خالف
الثقة الثقات وما معنى ان
يذكروا من انواع العلل: الادراج:
ما يلحق بالنص وليس منه
والاضطراب والتصحيف وزيادة
الثقة... ومما
يدل على ذلك قول الشافعي: لا
يستدل على اكثر صدق الحديث وكذب
الا بصدق المخبر وكذبه, الا في
الخاص القليل من الحديث, وذلك
بان يستدل على الصدق والكذب فيه
بان الحدث بما لا يجوز ان يكون
مثله, او يخالفه ما هو اثبت منه,
او أكثر دلالة بالصدق منه. وقال
الخطيب البغدادي في كتاب الفقيه
والمتفقه 1/132: اذا روى
الثقة المأمون خبرا متصل
الاسناد, د بأمور: ان يخالف
موجبات العقل... ان يخالف نص
الكتاب او السنة الصحيحة
الثابتة... ان يخالف الاجماع... ان
ينفرد بثقل ما جرت العادة ان
ينقله اهل التواتر... بتصرف
واختصار وذكر ابن القيم في كتاب
المنار المنيف في الصحيح
والضعيف الى قواعد كلية في ذلك...
وقد نقف مع بعضها مستقبلا. وانما
اردت هنا ان اؤكد ان الحكم على
حديث ما لا يتوقف على سنده فقط
وهذا ما جرى عليه علماء الامة. يتبع.. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |