ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 25/11/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

أبحاث

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الصحافة الإلكترونية: إعلام الجيل

حسين فاروق

انطلقتِ الصحافة الإلكترونيَّة على شَبكة (الإنترنت)؛ لتُنشِئ مشهدًا إعلاميًّا جديدًا، وارتبطتْ واستفادَتْ مِنَ الثورة الهائِلة في تكنولوجيا الاتِّصالات والمعلومات، وكانتْ سببًا أساسيًّا في جعْل المشهد الإعلامي في متناول الجميعِ بصورةٍ كبيرة، وواضحةِ المعالِم، ونتيجةً لذلك صار المحتوى الإعلاميُّ أكثرَ سرعةً في الانتشار والوصول إلى آفاقٍ عديدة، وإلى أكْبر عددٍ ممكن من القرَّاء.

 

وفتحتِ الصحافةُ الإلكترونيَّة أبوابًا مُغلَقة، وأصبحتْ أقربَ وأسهلَ للمواطن، وخاصَّة مِن فئة الشباب، ممَّا كان له دَورٌ كبير في صُنْع وتشكيل الرأيِ العام، الذي أصْبَح أكثر وعيًا عمَّا كان عليه في الصحافةِ التقليديَّة (الورقيَّة)، فلم يَعُدِ الرقيب حكوميًّا، بل أصبَح الرقيب هو الضَّميرَ المِهَني، والموضوعيَّة الإعلاميَّة.

 

وعلى الرغمِ مِنَ انتِشار ظاهِرَة الصحافة الإلكترونيَّة بشكلٍ مُتسارِع في كثيرٍ مِن دول العالَم، إلاَّ أنَّه لا يزال هذا النَّوْع مِن الصحافة في بداياته في المنطَقة العربيَّة، ويحتاج إلى المزيد مِن التوضيحِ لمفاهيمه وقواعِده الأساسيَّة.

 

ولكنَّ الصحافةَ الإلكترونيَّة أصبحتْ وسيلةً إعلاميَّة جديدة، واعِدة ومؤثِّرة، وتُشكِّل واقعًا إعلاميًّا جديدًا يتمثَّل في التركيز والاختصار، والاعتماد على السَّمْع والصورة والفيديو.

 

وفي هذه الورقةِ سوف نُلقي الضوْءَ على مفهوم الصحافة الإلكترونيَّة ونَشْأتها، وتطوُّرها وسماتها، بالإضافةِ إلى دَوْرها في تعزيز الديمقراطيَّة، والتحديات التي تُواجِهها.

 

أولاً: مفهوم الصحافة الإلكترونية:

 

ظهرتْ خلالَ القرن الماضي العديدُ من المفاهيم والتعريفات، التي حاول الأكاديميُّون وضعَها للصحافة الإلكترونيَّة، ومنها:

تعريف الدكتور محمود عَلَم الدين - أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة - بأنَّها "تلك الصحافة التي تستعين بالحاسباتِ في عمليات الإنتاج والنَّشْر الإلكترونية".

 

ويراها البعضُ أنها "منشورٌ إلكتروني دَوري يحتوي على الأحداث الجارية، سواء المرتبطة بموضوعات عامَّة، أو بموضوعاتٍ ذات طبيعة خاصَّة، ويَتِمُّ قراءتُها من خلال جهاز (الحاسوب)، وغالبًا ما تكون مُتاحةً عبرَ (الإنترنت)".

 

ويُعرِّفها آخرون بأنَّها:

"عبارة عن نوْعٍ جديدٍ من الإعلام، يشترك مع الإعلام التقليدي في المفهوم، والمبادِئ العامَّة والأهداف، وما يُميِّزه عن الإعلام التقليدي أنَّه يعتمد على وسيلةٍ جديدة مِن وسائلِ الإعلام الحديثة، وهي الدَّمْج بيْن كل وسائل الاتصال التقليدي؛ بهدَف إيصالِ المضامين المطلوبة بأشكال متمايزة، ومؤثِّرة بطريقة أكْبَر، وهو يعتمد بشكلٍ رئيسٍ على (الإنترنت)، الذي يُتيح للإعلاميِّين فرصةً كبيرة لتقديم موادِّهم الإعلاميَّة المختلفة، بطريقة إلكترونيَّة بحْتَة"، وهو تعريف أقرَبُ إلى تجسيد وظائفِ وسِمات الصحافة الإلكترونيَّة.

 

وظلَّ الإعلام بشكله التقليدي حبيسًا مُقيَّدًا في محدودية نقْله، وتوسيع رُقعةِ انتِشاره، ومحصورًا في قوالبَ وأشكالٍ معيَّنة، حتى انفجرتْ ثورة المعلومات، وتطوَّرتْ وسائلُ الاتصال، وأصبح مِن الممكن على الإعلام التقليدي مواكبةُ الجديد، والاستفادة منه للتطوُّر والتفوُّق في إطارٍ تنافسي.

 

ثانيًا: نشأة الصحافة الإلكترونية:

هناك عددٌ من التجارِب للنَّشْر الإلكتروني للصُّحُف، بدأتْ في حِقبة التسعينيات مِنَ القرن الماضي، وبرغمِ عدم القُدْرة على التحديد الدقيق لتاريخ نشوء أوَّل صحيفة إلكترونيَّة، لكن يُمكِن القول: إنَّ صحيفة (هيلزنبورج داجبلاد) السويديَّة هي أوَّلُ صحيفة إلكترونيَّة في العالَم تُنشَر إلكترونيًّا بالكامل على شبكة (الإنترنت) عام 1990.

 

ثم توالى بعْدَ ذلك إنشاءُ الصحف الإلكترونيَّة في العالَم، وخاصَّة في الولايات المتحدة الأمريكيَّة، ففي عام 1992 أَنشأتْ "شيكاجو أونلاين" أوَّلَ صحيفة إلكترونيَّة على شبكة أميركا أونلاين.

 

وبحسبِ رأي أكاديميِّين، فإنَّ موقع الصحافة الإلكترونيَّة الأوَّل على (الإنترنت) هو موقع "بالو ألتو أونلاين Palo Alto"، الذي انطلق عام 1993 في كلية الصحافة والاتِّصال الجماهيري في جامعة فلوريدا، ثم أُلْحِق به موقعٌ آخَر في 19 يناير 1994، هو ألتو بالو ويكلي؛ لتصبح الصحيفةُ الأُولى التي تُنشَر بانتظام على الشبكة.

 

وبدأت الصحافة عبر (الإنترنت) تتطوَّر في الولايات المتحدة والغَرْب، خاصَّة مع توفيرِ خِدمة (الإنترنت) المجانيَّة في تلك الدول، وبدأتْ غالبية الصُّحف الأمريكيَّة تتَّجه إلى النَّشْر عبْرَ (الإنترنت) خلالَ عامي 1994- 1995، وزاد عددُ الصحف اليوميَّة الأمريكيَّة التي أنشأتْ مواقع إلكترونية من 60 صحيفة نهاية عام 1994، إلى 115 صحيفة عام 1995، ثم إلى 368 في منتصفِ عام 1996.

 

وتُعدُّ صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكيَّة هي أوَّل صحيفة تُنفِّذ مشروعًا إلكترونيًّا صحفيًّا على (الإنترنت)، كَلَّف تنفيذه عشراتِ الملايين مِن الدولارات، وكان هذا المشروع بدايةً لظهور جيلٍ جديد من الصحف الإلكترونيَّة، التي تخلَّتْ للمرة الأولى في تاريخها عنِ الورق والأحبار، والنظام التقليدي للتحرير والقراءة؛ لتستخدم جهاز الحاسوب وإمكانياتِه الواسعةَ في التوزيع عبرَ دول العالَم.

 

ويُعتبَر مشروع "واشنطن بوست" هو استجابة للتطوُّراتِ المتسارِعة في ربْط تقنية الحاسوب مع تقنيات المعلومات، وظهور نُظُم وسائط الإعلام المتعدِّد(Multi media)،والتنامي لاستخدام شبكة (الإنترنت)، واتِّساع حجم المشتركين فيها داخلَ الولايات المتحدة، ودول أخرى عديدة، خصوصًا في الغَرْب، والبَدْء قبل ذلك بتأسيس مواقِع خاصَّة للمعلومات، ومنها معلومات إخباريَّة متخصِّصة، مثل: الرياضة والعلوم، وغير ذلك.

 

وعربيًّا أصْدَرت أوَّلُ صحيفة عربية نُسختَها الإلكترونية منذُ أكثر من أربعَ عشرَةَ سَنَة، وهي صحيفة "الشرق الأوسط"، وتزامَن معها إصدارُ صحيفة "النهار اللبنانية"، وبعدَها تعدَّدتِ المواقع التي تحمل أسماءَ صُحف عربيَّة كثيرة.

 

وأُصْدِرت نُسخٌ إلكترونية لصُحف ليس لها نُسَخ ورقية أو غير مطبوعة، كان أحدُها صحيفة (إيلاف) التي أُصدرت في لندن، وبَلَغ عمرها الآن أكثرَ مِن تِسع سنوات، كما أصدرتْ في عام 2008 صحيفة إلكترونيَّة عربية في لندن بأربع لغات مختلفة، وهي صحيفة "الهدهد".

 

وفي عام 1997 تَمكَّنتْ صحيفتَا "اللوموند" و"الليبراسيون" الفرنسيتانِ مِنَ الصدور بدون أن تتمَّ عملية الطباعة الورقيَّة؛ بسبب إضرابِ عُمَّال مطابع الصُّحُف الباريسيَّة.

 

وتسارعَتْ في هذه الفترة الصحفُ للنشر عبْرَ (الإنترنت)، ففي عام 1991 لم يكن هناك سوى 10 صحف فقط على (الإنترنت)، ثم تزايدَ هذا العدد حتى بلغ 1600 صحيفة عام 1996، وقد بلَغ عددُ الصحف عام 2000 على (الإنترنت) 4000 صحيفة على مستوى العالَم، كما أنَّ حوالي 99% من الصحف الكبيرة والمتوسِّطة في الولايات المتحدة الأمريكيَّة، قد وضعَتْ صفحاتِها على (الإنترنت).

 

أمَّا الصحافة العربية في شبكة (الإنترنت)، فقد كانتْ حتى عام 2000 قاصرةً في استخدام أساليب وتكنولوجيات ومميِّزات النشْر الإلكتروني.

 

ومِن أشهر الصحف الإلكترونية في مصر: الشروق، المصري اليوم، اليوم السابع، الدستور.

 

وهناك أيضًا عددٌ من المواقِع الإلكترونيَّة الإخباريَّة التي ليس لها نُسَخ ورقيَّة، مثل: إسلام أون لاين، المصريُّون، إيلاف.

 

ثالثًا: عوامل التطور:

وبالنسبة للصحافة الإلكترونيَّة فقدِ امتزجتْ عِدَّة عوامل ساعدَتْ على تطوُّرِها ونجاحِها، ومنها:

1- العامل التقني:

حيث تقدَّمتْ تكنولوجيا الحاسوب ببرمجياته المختلِفة، وتطوَّرت قواعد البيانات ومجالات نقْل النصوص شبكيًّا، ممَّا ساعَدَ على ازدهار الصحافة عبرَ (الإنترنت).

 

2- العامل الاقتصادي:

فالعولمة الاقتصادية أصبحتْ تَتطلَّب سرعةً في حركة رؤوس الأموال والسَّلِع، وهو ما يَتطلَّب سرعةً في تدفُّق المعلومات؛ لكونِ المعلومة في حدِّ ذاتها سلعةً تتزايد أهميتُها يوميًّا.

 

3 - العامل السياسي:

والمتمثِّل في الاستخدام المتزايد لوسائلِ الإعلام مِن طَرَف السُّلطات السياسيَّة؛ بهدف إحْكام قبضتها على الأمور في البلاد وحِفْظ الاستقرار.

 

4- عائدات الإعلانات:

رَغِبت الصحف في الاشتراك في شبكة (الإنترنت)؛ بهدف الحصولِ على عائدات هائلةٍ مِن الإعلانات التي تُنشَر على (الإنترنت).

 

5- مشاكل الصحيفة المطبوعة:

تُعاني الصُّحفُ المطبوعة مِن عددٍ مِن الضغوطات بشأن عمليات التمويل، وارْتِفاع تكلفة الطباعة، والتقيُّد بمساحاتٍ معيَّنة داخل الصفحة الورقيَّة، وأيضًا طول المدة الزمنيَّة بيْن تسلُّم المقال وطبْعه ونشْره.

 

ويُشير عددٌ من الاستطلاعات والدِّراسات إلى تزايُدِ معدَّلات الإقبال على الصُّحف الإلكترونية في العالَم، فقد كشفَتْ دراسة أجْرَتْها مؤسسة الأبحاثNielsen/NetRatings مؤخرًا عن تزايد عددِ زائري مواقع الصحف اليوميَّة على الإنترنت؛ ليصلوا إلى 39.3 مليون زائر.

 

حيث قال 22% تقريبًا ممَّن شملتْهم الدِّراسة: إنَّهم يُفضِّلون قراءة صحف (الإنترنت)، بينما قال 7%: إنهم يقسمون وقتَهم بيْن صحف (الإنترنت) والصحف المطبوعة.

 

وأرْجَع المحلِّل الإعلامي جيري دافيسون هذا الإقبالَ إلى تميُّز مواقع (الإنترنت) بالمدونات و"البودكاستنج"، علاوةً على معرفة الخبر بمجرَّد حُدوثه، وهي ميْزة تفتقر إليها الصحفُ المطبوعة.

 

وبحسب مركز "بيو" للأبحاث، بلغَتْ نِسبة قُرَّاء الصحف الإلكترونيَّة إلى أكثرَ مِن ثلث إجمالي قرَّاء الصحف بكافة أشكالها، وبلَغ زُوَّار مواقع الصحف الإلكترونيَّة ما نسبته 41 % من مُجْمَل مستخدِمي (الإنترنت) في الرُّبُع الأخير من 2008.

 

ووَفْقًا لآخِرِ بحْث أجرتْه رابطةُ الصحف الأمريكيَّة، وُجِد انخفاض في معدَّل توزيع الصحف الورقيَّة، على الرغم مِن تزايد معدَّل الإقبال على قراءةِ الصحف بيْن الشباب، لكن عبْرَ (الإنترنت)، فمواقع الصحف على الإنترنت ساهمت في زيادة عدد جماهير قراء الصُّحف بيْن البالغين من العمر 25 إلى 34 عامًا بمقدار 13.7%، و9.2% بيْن البالغين من العمر 18 إلى 24 عامًا.

 

رابعًا: سِمات الصحافة الإلكترونية:

برغم قِصَر عمر الصُّحُف الإلكترونيَّة مُقارنةً بنظيرتها الورقيَّة، إلا أنَّها استطاعتْ أن تَكونَ لها شخصيةٌ وأسلوب.

 

تلك الشخصيةُ أصبحَ لها عددٌ من السِّمات التي يمكن إيجازُها في التالي:

1- الآنية الإعلامية:

فالنَّقْلُ الفوري للأخبار ومتابَعةُ التطوُّرات مَكَّنَا الصحف الإلكترونية مِن منافسة الإذاعة والتليفزيون، وبدأتْ تَسبِق حتى القنواتِ الفضائيةَ التي تبثُّ الأخبار في مواعيدَ ثابتة، فيما يَجْري نشْرُ بعض الأخبار في الصُّحف الإلكترونيَّة بعدَ أقل من 30 ثانية من وقوعِ الحَدَث.

 

2- عالمية عابرة للقارات:

فنَشْر الصحف عبرَ (الإنترنت)، يُعطِيها الصِّبْغة العالميَّة؛ نَظرًا لطبيعة الوسيط ذاته، وهو (الإنترنت)، فالصُّحُف الإلكترونيَّة تَعبُر القاراتِ دون رقابةٍ، أو موانع، أو رُسوم، وبتكلفة يسيرة، وشكل فَوْري سِرِّي.

 

3- الخِدْمات المضافة إلى القائمة على السرعة:

فالصحيفة بإمكانها أن تَلعبَ دَورَ حلقةِ الاتصال اللحظيَّة أو الآنية بيْن جمهورها، عبْرَ حلقات النِّقاش، وغُرَف المحادثة، ومنتديات الحوار، وقوائم البريد، وغيرها.

 

4- خصائص جديدة للعمل الصحفي:

فقدْ فرَضتِ الصحافةُ الإلكترونيَّة على الصحفي واقعًا مهنيًّا جديدًا؛ حيث لا بدَّ أن يكون ملمًّا بالمعرفة التقنيَّة لأسلوب التعامل والكتابة على (الإنترنت).

 

5- تعدد الوسائط:

فيُمكن استخدامُ النص والصَّوْت والصورة لخِدْمة المضمون، وعرْضه بشكلٍ أفضلَ وجذَّاب.

 

6- التكاليف المالية أقل للبثِّ الإلكتروني:

فهي لا تحتاج إلى توفيرِ المباني والمطابِع، والوَرَق ومستلزمات الطباعة، ناهيك عن متطلَّبات التوزيع والتسويق، والعدد الكبير من الموظَّفين والمحرِّرين والعمَّال.

 

7- التمويل الإعلاني:

لجَأتْ معظمُ الصحف الإلكترونيَّة إلى التمويل مِن خلال الإعلانات، وأصْبَح إعلانُ اليافطة (Banner) هو مصدرَ الدَّخْل الرئيس لهذه الصُّحُف.

 

8- الدقة في الإحصاءات:

من طبيعة الشبكة العنكبوتيَّة توفيرُ إمكانية الحصول على إحصاءاتٍ دقيقة عن زُوَّار مواقِع الصحيفة الإلكترونيَّة، وتُوفِّر للصحيفة مؤشراتٍ عن أعداد قُرَّائها، وبعض المعلومات عنهم، كما تُمكِّنها من التواصُل معهم بشكلٍ مستمر؛ (إحصاءات الترتيب العالمي لموقع أليكسا).

 

9- إمكانية ممتازة لقياس رجع الصدى Feed Back:

فالتفاعُل بيْن الصُّحف والقُرَّاء أصبح ممكنًا وميسورًا، فأصبح مِن الممكن للقارئ إبداءُ رأيه وملاحظاته في وقتٍ فوري، وذلك بعدَ أن ظلّتِ العلاقة هامشيَّة بيْن القارئ والصُّحف الورقيَّة.

 

10- أرشيف إلكتروني متوافر:

فتُوفِّر الصحافة الإلكترونيَّة أرشيفًا إلكترونيًّا يُمكِن استرجاعه بكلِّ سُهولة من المستخدِم، وفي وقتٍ يسير.

 

11- تعزيز الديمقراطية وحرية التعبير:

فقد كان للصحافة الإلكترونيَّة دورٌ كبيرٌ في تعزيز حريَّة الرأي، وخاصَّةً في العالَم العربي، مِن خلال التواصُل اللحْظي بيْن القارئ والجريدة، وقَبول النَّقْد، وإبداء الرأي مِن خلال التعليقات الفوريَّة، وإعطاء مساحة للشباب للتعبيرِ عنْ طُموحاتهم وتطلعاتهم مِن خلال أقلامِهم عبرَ مساحات تُخصِّصها لهم الصحافة الإلكترونيَّة، فالعديدُ مِنَ الصحف الإلكترونيَّة تُعطي إمكانيةَ إنشاء مدوَّنات ومنتديات وخِدْمات أُخْرى مرتبطة بالجيل الثاني مِن (الإنترنت) WEB2.0، ومما لا شكَّ فيه أنَّ العاداتِ الجديدةَ للقراءة الإلكترونيَّة، قد أسهمتْ في إيجاد وتفعيل، وإنشاء مجتمعات ثقافيَّة وإبداعيَّة، خاصَّة لدَى الشباب.

 

خامسًا: إيجابيات الصحافة الإلكترونية:

1- السرعة:

سُرْعة انتشارِ المعلومات، ووصولها إلى أكبرِ شَريحة مُمكِنة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا في أقلِّ وقْت، وبأقل تَكْلِفَة.

 

2- التفاعلية السريعة:

سُرْعَة استجابة القارئ لِمَا يُعرَض من أخبار، وسُهولة التواصُل وعَرْض الرأي بيْن الصحفي والقارئ، كما أنَّ توفُّرَ النقد والتعليق على الخَبر الإلكتروني يَزيد مِن مستوى المشارَكة الإيجابيَّة للقارئ.

 

3- المرونة في التعامل مع الخبر:

فتُتيح الصحيفةُ الإلكترونية مرونةً كبيرةً في التعامُل مع الخَبَر مِن حيثُ سُرعةُ تحديثه أو تعديله.

 

4- سهولة الحصول على تقييم دولي معترَف به:

فالصحيفةُ الإلكترونيَّة تستطيع الحصولَ على تقييم دولي مُعترَف به، وذلك عن طريق ترتيبِ "موقع أليكسا" للصُّحُف والمواقِع الإلكترونية؛ لتتعرَّفَ على ترتيبها بالنِّسبة للصُّحُف الأخرى سواء عربيَّة أو إقليميَّة أو دوليَّة، وكذلك عدد الزوَّار، وعدد الزِّيارات لصفحاتها، ومدَّة المكْث على صفحاتها، وما إلى ذلك مِن مجموعةٍ من المعايير التي يتمُّ التعرُّف على مؤشراتها، بعكس تمامًا الصحف الورقيَّة التي تحتاج إلى شَرِكات أبحاث، وجهد، وفترة طويلة للحُصول على تقييم لتلك المعايير السالِف ذِكرُها.

 

5- استيعاب أكبر للموهوبين والمتهمين:

لا تقتصر الصحافة الإلكترونيَّة على الكتَّاب المشهورين، أو المعتمدين لديها فقط، كما هو الحالُ في الصُّحُف الورقيَّة، وإنَّما يتَّسع المجال لدَيْها لتفردَ مساحات خاصَّة للهُواة والأقلام الشابَّة، وكافَّة شرائحِ المجتمع بصورة أكْبر من نظيرتِها الورقيَّة.

 

6- تخطِّي القيود:

فالصحافة الإلكترونيَّة تتخطَّى حواجزَ الوقت والجهد والمال لمتابعيها.

 

7-  التوفر:

وهي مَيْزة تَعني: أنَّه يمكن استحضارُ الصحيفة الإلكترونيَّة في أيِّ وقت، ومتى شاء القارئ، ومِن أيِّ دولة في وقتٍ قصير.

 

8- إيجاد مجتمعات متجانسة الاهتمام:

تَمكَّنتِ الصحافةُ الإلكترونيَّة مِن خَلْق مجتمعات متجانِسة محليَّة عربيَّة، ودوليَّة صحفيَّة، حولَ قضيةٍ ما، مثل قضايا حقوق الإنسان على المستوى العالمي.

 

9- استطلاعات الرأي:

فاحتواء الصحافة الإلكترونيَّة على استطلاعاتِ رأي واستفتاءات، تُعطي مساحةً كبيرةً للقارئ مِن إبداء رأيه دون قَلَق.

 

10- قاعدة معلوماتية ضخْمة:

تُوفِّر الصحافةُ الإلكترونية أرشيفًا وقاعدة معلوماتيَّة للصحفي في كلِّ وقْت.

 

11- المرونة المكانية:

عدم حاجةِ إدارة الصحيفة الإلكترونيَّة إلى مقرٍّ واحِدٍ ثابت يحوي كلَّ الكوادر.

 

12- قوالب متميِّزة:

فعن طريق خِدْمات الوسائط المتعدِّدة (الصوت والفيديو)، يُمكِن من خلالها دعمُ المضمون النصِّي بطريقة تخدُم الشَّكْل والمضمون معًا.

 

سادسًا: السلبيات:

1- ضرورة السُّرعة في نشْر الأخبار الإلكترونيَّة:

وهو سلاحٌ ذو حدَّيْن، قد يؤدِّي إلى فقدان المصداقيَّة في حالة عدم التأكُّدِ والتثبُّت من صحَّة ما نُشِر، بعكس الصحافة الورقيَّة التي لدَيْها وقتٌ أكثر للتأكُّد من مصداقية المنشور.

 

2- عدم خضوعها للرقابة:

بالرغم مِن أنَّها قد تكون ميزةً للصحف الإلكترونيَّة، إلاَّ أنَّها قد تُصبِح سلبيةً في عددٍ من الصُّحُف غير المسؤولة بقواعدِ الضمير الصحفي المِهني، فتعمد إلى نشْر أخبار غيْر صحيحة، أو مضلِّلة، أو تُهدِّد السلم الأَمْني أو الاجتماعي.

 

3- نقص العمالة البشرية:

فعددٌ مِن المؤسَّسات الصحفيَّة الإلكترونيَّة عَمَدتْ إلى تناقُصِ عددِ الموارد البشريَّة في المؤسَّسة الإعلاميَّة؛ لعدم حاجتها إليهم في الوضْع الجديد.

 

4- الفوارق التقنية:

فعدم تَوفُّر الإمكانيات التقنيَّة في الدُّول النامية، ومِنها بعضُ الدول العربيَّة، نتج عنه فروقٌ في جودة شكْل ومضمون ما يُقدَّم في الصحيفة الإلكترونيَّة.

 

5- أعطال (الإنترنت):

قد يَحدُث عطلٌ لأيٍّ من الكابلات المغذية للإنترنت في أيِّ دولة، ممَّا ينتج عنه عدمُ القدرة على تصفُّح الجريدة عبْر (الإنترنت).

 

6- إمكانية الحجب:

يمكن لأيِّ دولةٍ أن تحجب موقِعًا معيَّنًا، أو جريدة معينة مِن الظهور في نِطاقها، وإنْ كان يُمكِن التغلُّب على ذلك عن طريق مجموعةٍ مِن الطرق، مثل استخدام البروكسييات.

 

سابعًا: تحديات الصحافة الإلكترونية عربيًّا:

في ظلِّ التحدِّي الذي جَلبتْه شبكة الإنترنت، فرَضتِ الصحافة الإلكترونية نفسَها على الساحة الإعلاميَّة، كمنافِسٍ قوي للصحافة الورقيَّة، بالإضافةِ إلى ظهور الأجيال الجديدة التي لا تُقبِل على الصحف المطبوعة، وهناك عددٌ مِن التحديات التي تواجه الصحافةَ الإلكترونية في العالَم العربي.

 

ومنها:

1- تواضُع أعدادِ مستخدمي (الإنترنت) في العالَم العربي، فبحسب تقرير الشبكة العربيَّة لمعلومات حقوق الإنسان 2009، فإنَّ عددَ مستخدمي (الإنترنت) في الوطن العربي بلغ 58 مليون مستخدم، معظَمُهم من الشباب، منهم 15 مليون مستخدِم في مصر، وهي أكْبر دولة في الوطن العربي من حيثُ استخدامُ (الإنترنت).

 

2- المهارات المستحدَثة على المهنة:

فلا يُمكِن ممارسة العمل الصحفي على (الإنترنت) بنفس المهارات القديمة التي سادتْ في الصحافة الورقيَّة، فمُحرِّر الصحافة الإلكترونية يتعامل مع بيئة متعدِّدة الوسائطِ، ومتعدِّدة الخِدْمات، ولذلك يجب أن يُجيدَ مهاراتِ التعامل مع الحاسِب الآلي و(الإنترنت).

 

3- مشاكل التمويل:

فعدمُ توافُر دخْل مِن وراء موقِع الصحافة الإلكتروني، وعدم اقتناع عددٍ كبير من الشركات بالإعلان عبْرَ المواقع الإلكترونيَّة، فهناك حالةٌ مِن عدم الثقة بيْن المعلِن العربي و(الإنترنت)، ممَّا يُشكِّل تحديًا كبيرًا ومشكلة أمامَ تمويل الصحف الإلكترونيَّة.

 

4- عدم توافُر نُسَخ بلُغات أجنبية:

فمُعظَم الصحف الإلكترونيَّة لا تُوفِّر نسخةً أخرى غير اللُّغة العربية، وهو ما يَقِف وراءَ عدم انتشار الصحافة الإلكترونيَّة في الغرْب.

 

ويَتوقَّع عددٌ كبير من الخبراء أن يَنشأَ نوعٌ جديد من الصحافة الإلكترونيَّة مستقبلاً، يُطلَق عليه "الصحافة شديدة التكيُّف"، التي تُوفِّر مستوًى من الشخصنة، يصل بها إلى التكيُّف بشِدَّة وسرعة مع احتياجات ورغبات الجمهور، حتى نصلَ إلى الدرجة التي يستطيع فيها كلُّ مستخدم على حِدَةٍ أن يُحدِّد سَلفًا طبيعة ومحتوى صحيفته الإلكترونيَّة، أو موقعه الإلكتروني الصحفي المفضَّل بشكل عميق وشامل.

 

ووَفْقًا لذلك، فإنَّ الصحيفة الإلكترونيَّة أصبحتْ نُسخةً خاصَّة لكلِّ فرد أو قارئ على حِدَة، وهو ما تفعله بعضُ المواقع الكبرى في تقديمها لمجالات المعلومات للقارئ، مثل موقع (جوجل) من خلال خدمة آي جوجل I GOOGLE.

 

ثامنًا: أنواع الصُّحف الإلكترونية:

هناك نوعانِ مِن الصحف الإلكترونيَّة على شبكة (الإنترنت)، وهما:

1- صحف إلكترونية ليس لها نُسَخ ورقيَّة:

وهي صُحف قائمة بذاتها، ولها إدارة، ومجلس تحرير، وهي تُقدِّم نفس الخِدمات الإعلاميَّة والصحفيَّة التي تُقدِّمها الصحيفة الورقيَّة من أخبارٍ وتقارير وتحقيقات، وما إلى ذلك، كما تُقدِّم خدماتٍ إضافيةً لا تستطيع الصحيفةُ الورقيَّة أن تُقدِّمها، والمتعلِّق جزء كبير منها بطبيعة (الإنترنت) وخدماته، مثل:

• تكنولوجيا النص التشعبي أو Hypertext.

• خِدْمات البحْث داخلَ الصحيفة أو في شبكة الويب.

• خدمات تدوير المحتوى وترويجه عبْرَ الشبكات الاجتماعيَّة الأخرى.

• وخِدْمات الردِّ الفوري والأرشيف.

• خدمات الوسائط المتعدِّدة Multimedia الفيديو والصوت.

 

2- صحف ورقية لها نسخ إلكترونية:

ونعني بها مواقِع الصُّحُف الورقيَّة على الشبكة، والتي تَقصُر خدماتها على تقديم كلِّ أو بعض مضمون الصحيفة الورقيَّة مع بعض الخِدْمات المتصلة بالصحيفة الورقيَّة، مثل خدمة الاشتراك في الصحيفة الورقيَّة، وخدمة تقديم الإعلانات والرَّبْط بالمواقع الأُخرى.

 

وهي تنقسم من حيثُ طريقةُ وآلية النشر إلى:

• النشْر الصحفي الموازي: وفيه يكون النَّشْرُ الإلكتروني موازيًا للنشْر المطبوع، بحيث تكونُ الصحيفة الإلكترونية عبارةً عن نُسْخةٍ كاملة من الصحيفة المطبوعة، باستثناء الموادِّ الإعلانية.

 

• النَّشْر الصحفي الجُزئي: وفيه تقومُ الصُّحُف المطبوعة بنشْر أجزاءٍ مِن موادِّها الصحفية عبرَ الشبكة الإلكترونية، ويَعمِد إلى هذا النوع بعضُ الناشرين بهدف ترويجِ النُّسَخ المطبوعة مِن إصداراتهم.

 

ويَتَّصل بهذين النوْعَيْن من الصحف المواقِعُ الإخبارية التي تَملِكُها المؤسَّسات الإعلامية الإذاعية والتلفزيونيَّة، كالفضائيات الإخبارية: "العربية"، و"الجزيرة"، والـ"BBC" والـCNN..، ونحوها.

 

وتقوم هذه المواقع عادةً بالترويج للمؤسَّسة الإعلاميَّة، التي تتكامَل معها وتدعم دَورَها، وكذلك تُعيد إنتاجَ المحتوى الذي تُقدِّمه المؤسَّسة الأم بشكل آخَر؛ لتحقيقِ التنوُّعِ والتأثير بشكل أكبر، وغالبًا ما يكون هذا الشكل من الصحفِ لا يُنتِج أو يَنشُر مادةً إعلامية، أو صحفية غيْر مُنتجة في مؤسَّساتها الأصليَّة، إلاَّ في نِطاقٍ ضيِّق، وغيْر رئيس.

 

تاسعًا: مستقبل الصحافة التقليدية في ظلِّ تنامي الإعلام الإلكتروني:

ظهرتْ مُؤشِّرات كثيرة تقول بتنامي الصحافة الإلكترونية بشكلٍ كبير، مقابل تراجُعِ الصحافة الورقيَّة في العالَم، وذَكَر مركز "بيو" الأمريكي للدِّراسات أنَّ انخفاض توزيع الصُّحُف اليوميَّة في أمريكا بلغ 2.5% سنويًّا، و3.3 % في الصحف الأسبوعيَّة، مقابل ازْدِهار المواقع الإلكترونية للصحف بنسبة 1%.

 

ويُؤكِّدُ تقرير "بيو" أنَّ الصحافة الورقيَّة تسارِعُ إلى تطوير نفسها مِن خلال فتْح مواقع، أو التعامل مع مواقعَ إلكترونيَّة عالميَّة للأخبار، أو شراء هذه المواقع.

 

ويَرَى البعضُ أنَّ الإعلام الجديد بأدواته ومواقعِه قد أصْبَح يمثِّل تهديدًا واضحًا للإعلام التقليدي، الذي ظلَّ متواجدًا بقوة داخلَ المشهد الإعلامي العربي لعقودٍ كثيرة، وأثَّر كثيرًا على المواطن العربي، بل ومَلَكه في كثيرٍ من الأحيان، إلاَّ أنَّه الآن لم تَعُدْ تلك القوَّة الإعلامية قادرةً على الصمود أمامَ اجتياح المواقِع الإعلامية المختلفة التي تنتشر عبرَ (الإنترنت)، وتدعمها مواقعُ الجيل الثاني من (الإنترنت)، مثل: تويتر، والفيسبوك، واليوتيوب، وكذلك المدونات.

 

وقد لخَّص د. علي بن شويل القرني - أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود - هذا الوضعَ بقوله:

إنَّ ميزان القوَّة تحول من حرَّاس البوابة في الصحافة التقليديَّة إلى السُّلْطة الخامسة، المتمثِّلة في المواطنين، حيث اكتسبتْ شرعيتَها من الواقِع المعيش، ولم يَعُدْ للسلطة الرابعة ذلك الحضور الذي كان يشهد لها في القرنَيْن الماضيَيْن"، ومثل هذا الوضع قد دعَمَه الكثيرُ من التغيُّرات التي ظهرتْ على الساحة، والتي يُمكِن توضيحها في الآتي:

أ - الإعلام الجديد والاستهلاك الإعلامي عبرَ (الإنترنت):

1- ارْتِفاع نسبة المستخدمين للإنترنت من الشباب:

على الرغم مِن أنَّ الإعلام الرقمي في العالَم العربي ما زال في سنواته الأولى، إلا أنَّه يشهد نموًّا مطردًا؛ نظرًا لارتفاع نسبة الشباب بيْن السكَّان في كثيرٍ من الدول العربية، فالسكَّان تحت سن 25 عامًا يُقدَّرون بحوالي 55% من مجموع السكَّان في المنطقة العربية.

 

وتُمثِّل هذه الشريحةُ العمريةُ عنصرًا مشتركًا في معظمِ الدول العربية لدفع "عملية الاستهلاك الإعلامي عبرَ (الإنترنت)"، ويُتوقَّع أنْ تُسهِم هذه الفئةُ في دفْع نموِّ الإعلام الرقمي، كما يمكن للمنطقة أن تستفيدَ مِن إمكانيةِ التعليم مِنَ الإخفاقات والنجاحات التي تحقَّقتْ في السُّوق الإعلامي في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا.

 

وقد بدأتْ أدواتُ الإعلام الجديد بما لا يَدَع مجالاً للشكِّ تُؤثِّر على الإعلام التقليدي مِن زاوية الاستهلاك الإعْلامي للجمهور العربي، فعَلى سبيل المثال تُشكِّل الأخبار أحدَ أكثر المحتويات التي يتمُّ استهلاكها عبرَ (الإنترنت)، حتى وصلَتْ نسبتها إلى 40 % من إجمالي قرَّاء الأخبار في العالَم العربي في عام 2009.

 

2- انتشار خدمات (الإنترنت) ذي النطاق العريض:

إضافة إلى ذلك فإنَّ انتشارَ خِدْمات (الإنترنت) ذي النِّطاق العريض في المنطقة، عزَّزَ مِن عملية الاستهلاك الإعلامي عبْرَ (الإنترنت)، فعلى الرَّغم من ضعْف انتشاره في المنطقة العربيَّة إلاَّ أنَّه يتفاوت عبرَ الدول، فمثلاً يبلغ في السُّودان واليَمَن (3%)، وفي سوريا (21%)، بينما يصِل في دولةٍ واحدة - وهي قطَر - إلى (%84).

 

3- تنوُّع الأجهزة المحمولة:

فقدْ أصْبَح الهاتف النقَّال وسيلةً قويَّة للاستهلاك الإعلامي عَبْر (الإنترنت)، وينمو ذلك بشكلٍ متزايد في العالَم العربي، وشَهدْنا تشكيلاتٍ وأنواعًا متطوِّرة من التليفونات المحمولة القادِرة على تصفُّح المواقع الإلكترونيَّة للحُصول على الأخبار والمعلومات.

 

4- الاهتمام بالمحتوى المنتج من قبل المستخدمين:

تعاظَمَ الاهتمامُ بالمحتوى المنتَج مِن المستخدمين من قِبَل شبكات إخباريَّة عربيَّة، مثل: "العربية" و"الجزيرة" وغيرها، وخاصَّة بعد أن تطوَّرت أجهزة المحمول، وأصبحتْ ملائمة لتلبيةِ ذلك الغرَض، فلم تَعُدْ تقتصر على مهمَّة نقْل المحتوى فقط، وإنَّما سَمَحتْ للمستهلكين بدمْجِ وتأليفِ المحتويات طبقًا لرغباتِهم واهتماماتِهم.

 

كما أنَّ انخفاضَ تَكلِفة الهواتف المحمولة سَمَح لقطاعٍ كبيرٍ من المستهلكين بتبادُل محتوياتهم فورًا مع المواقِع الإخباريَّة؛ لنشْرِها على نِطاق أوسع.

 

5- ظاهرة المواطن صحفي:

بدأتِ المنطقةُ العربية تشهد بُروزَ مواقع الأخبار، ونشْر ما يستجدُّ في جميع أنحاء العالَم، اعتمادًا على المعلومات التي يُقدِّمها المواطنون (ظاهرة المواطن الصحفي)، مثل موقِع (جريدتك دوت كوم) اللبنانية، الذي تأسَّس في مارس 2008، ويُقدِّم مجموعةً واسعةً من محتوى الأخبار، سواء مطبوعة، أو صوتية، أو مرئية، التي يتمُّ إنتاجُها مِن المواطنين باللُّغات العربية والإنجليزية، ويُتوقَّع في المستقبل تزايدُ هذا النوع مِن صحافة المواطن.

 

6- اجتذاب البوَّابات الإلكترونية لجمهور عريض:

فبوَّابات إلكترونيَّة، مثل موقع (مكتوب) شَهِد تصاعدًا تدريجيًّا في عملية الاجتذاب، وخصوصًا منذ عملية الاندماج التي حدَثَتْ مع (ياهو) في أغسطس 2009.

 

7- انتشار شبكات الإعلام الاجتماعي بشكل كبير:

شَهِد قطاع الإعلام التشارُكي، أو المعروف باسمِ الإعلام الاجتماعي (Social Media)، تطوُّرات عامَّة في المنطقة العربيَّة، فقدْ نجحَتْ مواقعُ عالمية، مثل: (الفيسبوك) و(تويتر) في الانتشار داخلَ المنطقة العربية، وساعَدَ على ذلك قيامُهم بتقديمِ واجهتهم باللُّغة العربيَّة، ممَّا ساعَد كثيرًا المواقعَ الإخبارية العربيَّة على نشْر وتداول محتواها عبْرَ هذه المواقع، خاصَّة في مصر والسعودية.

 

ويَستخدِم (الفيسبوك) في مصر 900 ألْف مستخدم، وفي لبنان 300 ألف مستخدم، وفي السعودية 250 ألف مستخدِم، وذلك وَفْقًا لتقرير الشبكة العربيَّة لمعلومات حقوق الإنسان 2009.

 

كما قامتْ شبكاتٌ اجتماعيَّة عربيَّة بتطوير قواعدِها الخاصَّة، مثل (مكتوب) و(جيران) و(بوابة المرأة الإماراتية)، وخاصَّة موقع (مكتوب).

 

ب- الصحافة التقليديَّة والجديدة: منافسة أم تكامُل:

في دراسةٍ أجْراها الباحثُ محمود عبدالوهاب راغِب، بعنوان "مستقبل الصحافة الإلكترونية في العالَم العربي": أكَّدتِ الدراسة أنَّ العلاقة بيْن الصحافة الإلكترونيَّة، ونظيرتها الورقيَّة ليستْ علاقة إلْغاء وإقصاء؛ بل تنافُس لصالِح القارئ والرأي العام.

 

وكشفَتِ الدِّراسة أيضًا ضعْف استخدام (الإنترنت) في العالَم العربي، وأكَّدَتِ الإحصاءات أنَّ 4% فقط من العَرَب يستخدمون (الإنترنت)، مقابل 27 % في الدول المتقدِّمة، وأنَّ المواقع العربيَّة الإلكترونيَّة تُمثِّل 7% من إجمالي المواقع على الشبكة العنكبوتية.

 

ويقول خبير (الإنترنت) الأمريكي "بيتر لايدن":

إنَّ صعود أنواع جديدة مِنَ الإعلام الجديد المعتمِد على (الإنترنت)، سيكون له تأثيرٌ أكيدٌ على الإعلام التقليدي، وأكَّد "لايدن" على أنَّ الإعلام التقليدي وهياكلَه الاقتصادية أمامَ لحَظْةٍ نادرة في المجال الإعلامي، ومُهدَّد تهديدًا حقيقيًّا أمامَ عالَم (الإنترنت).

 

ويَرَى عددٌ من الخُبراء أنَّ الصحافة الإلكترونية وسيلةٌ مِن وسائل الإعلام، فهي وسيلةُ نشْر كالصحافة المطبوعة، والعَلاقَة بينهما هي عَلاقة تكامل، وليست علاقة صِراع، فتاريخُ ظهورِ الوسائل الإعلاميَّة المختلفة لا يَشهَد بظهورِ وسيلةٍ تلغِي الأُخرى، أو تقضي عليها، ولكن تُوجَد منافسةٌٌ في أحيان، أو تكامل في أحيان أخرى، وتحاول كلُّ وسيلة تطويرَ نفْسِها، فنستطيع القوْل: إنَّ الصحافة الإلكترونيَّة والورقيَّة لا تَنْفي إحداهما الأخرى، ولكن يَبْقى المنافس الوحيد للصحافة الإلكترونيَّة، هو التلفزيون بموادِّه المختلفة.

 

وأصبحتِ المواقعُ الاجتماعية مصدرًا مهمًّا للأخبار لصحفيي الإعلام التقليدي، فقدْ أكَّدت دراسةٌ أجرتْها جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة: أنَّ غالبيةَ الصحفيِّين يستخدمون المواقع الاجتماعيَّة للبَحْثِ عن أخبار وقصص ومعلومات، حيث قال 89% من الصحفيِّين ممَّن يلجؤون إلى المواقِع الاجتماعية: إنَّهم يبحثون دومًا في المدوَّنات والشبكات الاجتماعيَّة على الشبكة العنكبوتيَّة.

 

ولجأتْ بعضُ الصحف الورقيَّة إلى إنشاء نُسَخ لها عبْرَ (الإنترنت)، يستطيع مستخدمو (الإنترنت) قِراءَتَها، وعَمَدتِ الصحف التقليدية إلى استغلالِ أدوات الإعلام الجديد في تحسينِ الشكل والكيفيَّة التي يُقدَّمُ بها المضمون الصحفي.

 

إذًا فنحن أمامَ تحدٍّ إعلامي جديد، يتمثَّل في ظُهورِ وسائلَ جديدة، تُعَدُّ مصدرًا هامًّا لاستهلاك وتوزيع وتبادُل المحتوى الإعلامي، ليس فقط مِن جانبِ جمهور (الإنترنت)، وإنَّما أيضًا من جانبِ الصحفيِّين الذين يَعملون ضِمنَ منظومة الإعلام التقليديَّة، وهو ما يُشكِّلُ تهديدًا حقيقيًّا للصحافة التقليديَّة.

 

المصادر:

1- موقع يوم الجديد، "الصحافة الإلكترونية وملامح الإعلام الجديد"، متوافر على

http://yomgedid.kenanaonline.com/topics/57197/posts/108683

2- الأكاديمية المفتوحة للصحافة العربية، "الخبر الإلكتروني"، متوافر على

http://pressacademy.net/modules/news/article.php?storyid=163

3- الأكاديمية المفتوحة للصحافة العربية، "الصحافة الإلكترونية تفرض نفسها"، متوافر على

http://pressacademy.net/modules/news/article.php?storyid=245

4- عبلة درويش، موقع الحوار المتمدن، "الصحافة الإلكترونية"، العدد2022، للاطِّلاع

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=107238

5- دار بابل للدراسات والإعلام، دراسة بعنوان: "الإعلام الأمريكي والحرْب"، 17-1-2010، متوافر على الرابط التالي:

http://www.darbabl.net/show_derasat.php?id=130

6- جريدة الرياض السعودية، "د.القرني: الإعلام الاجتماعي سحَب البُساط من السلطة الرابعة"، 27 - 3 -2010، العدد 15251.

7- تَمَّ الاستعانة ببعض الإحصاءات والمعلومات مِن تقريري نادي دبي للصحافة 2008 - 2012 و2009 - 2013. وللاستزادة عبرَ موقع نادي دُبيّ للصحافة http://www.dpc.org.ae

8- موقع المنار، دراسة "جورج واشنطن، الإعلام التقليدي.. لن يختفي".. 6 – 2 - 2010، الرابط التالي:

http://www.almanar.com.lb/Newssite/New

sDetails.aspx?id=123223&language=ar

9- شريف درويش اللبان، تكنولوجيا النشر الصحفي: الاتجاهات الحديثة، 2001، الدار المصريَّة اللبنانيَّة للنشر، القاهرة.

10- فارس حسن شكر المهداوي، صحافة (الإنترنت).. دراسة تحليلية للصحف الإلكترونية المرتبطة بالفضائيات الإخبارية.. "العربية. نت نموذجًا" 2007، رسالة ماجستير مقدَّمة إلى مجلس كلية الآداب والتربية، الأكاديميَّة العربيَّة المفتوحة في الدنمرك.

11- محمد شويلي، الإعلام الإلْكتروني، ومفهوم الصحافة، مجلَّة النبأ،؛ 2003، العدد السادس.

12- صحيفة الاتحاد، الإمارات العربية المتحدة، أبو ظبي، العدد 11469، 29-11- 2006.

13- محمد المسعودي، الصحافة في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات، صحيفة المؤتمر العراقية، 2009-05-18.

14- صحيفة عاجل الإلكترونية، "تاريخ الصحافة الإلكترونية.. وأوراق مجهولة أخرى"، 21-5-2009، على الرابط التالي

http://www.burnews.com/articles-action-show-id-2306.htm

15- نجاح حسن، صحيفة الاتِّحاد العراقية، الموقِع الإعلامي للاتِّحاد الوطني الكردستاني، 2005، الرابط التالي:

http://www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=51346

16- أشرف أبو جلالة، صحيفة إيلاف الإلكترونية، "الصحافة الإلكترونيَّة... حراك متنامٍ يغمر صحافة الحبر والورق"، 21-5-2010، الرابط التالي:

http://www.elaph.com/Web/news/2010/5/563311.html

17- جمال غيطاس، المؤتمر الرابع للصحفيين، مجموعة المكتبيين العرب، "الصحافة الإلكترونية"، 23-9-2005، على الرابط التالي:

http://www.khayma.com/librarians/archive/lis/199.htm

18- تقرير الشبكة العربية لمعلومات حقوقِ الإنسان، "شبكة اجتماعية واحدة.. ذات رسالة متميزة"، 2009. للاطلاع رابط الشبكة

http://www.openarab.net/node/1583

19- Kiran Prasad، e-Journalism: New Media and News Media، available at http://cyberjournalist.org.in/e-journalism.html

__________

المصدر : الألوكة

--------------------

هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها

 

   

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ