ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
منهجية
التعامل مع السنة النبوية (18) د.
محمد سعيد حوى مع
القاعدة العاشرة ثانياً بدأت
معكم ايها الاخوة والاخوات
القراء الحديث عن ضوابط التعامل
مع الشواهد والمتابعات وانه لا
يجوز ان نسارع الى تقوية
الروايات التي وردت من طرق
ضعيفة باسم الشواهد والمتابعات. ولذا لا
بد من ضوابط صارمة لصحة
الاحتجاج بالشاهد وهي ان تثبت
بطريق صحيح الى كل صحابي على حدة
مع وحدة المتن وكذا ان يكون
المتابِع والمتابَع كلاهما من
رتبة صدوق او صدوق يخطئ حداً
ادنى مع انتفاء العلل وتطابق
الرواية وثبوت الحديث الى كل من
الراويين ووعدناكم ببعض
الأمثلة:. المثال
الاول:. فمن
النماذج التي يتم تصحيحها وفق
الشواهد من غير تحقق بالضوابط
الاحاديث الداعية الى تكثير
النسل والتوالد حتى غدا موضوع
الكثرة لذاتها جزءاً من ثقافة
الأمة, تجد الاسرة تخلف عشرة من
الابناء ثم يتركون للشارع. وقبل ان
اتحدث عن نقد الحديث سنداً لنرى
مدى توافر ضوابط التقوية
بالشواهد والمتابعات لا بد من
كلمة حول المتن:. نحن
نؤمن ان محمداً صلى الله عليه
وسلم, اعظم الانبياء وانه اكثر
الانبياء تبعاً يوم القيامة,
وان امته اكثر اهل الجنة, كما ان
الوقع يؤكد ان امة الاسلام تربو
على ثلث العالم والدراسات تؤكد
انه بعد نحو نصف قرن سيكون
المسلمون يزيدون على نصف سكان
الكرة الارضية. ويعتبر
المختصون ان من اخطر ما يواجه
الغرب هو التمدد السكاني
للمسلمين من جهة والتقلص الكبير
في المواليد في القرب بالمقابل. ومن ذلك
ايضاً ان اسرائيل تواجه خطر
القنبلة الديمغرافية
الفلسطينية. والنبي
صلى الله عليه وسلم اخبر اننا
سنكون كثيرا وحذر في الوقت نفسه
من الغثائية ولنا ان نقول: ان
هذه الغثائية (كثرة فارغة لا
تقدم ولا تؤخر كحال غثاء السيل,
أي ما يطفو على سطح الماء من
رغوة). مرض
خطير له اسبابه, لكنه يمكن ان
يكون طارئاً ويزول وتتحول هذه
الكثرة الى ايجابية كبيرة, ان
ايجابيات الكثرة في حق امة محمد
(صلى الله عليه وسلم) كثيرة منها:. 1-
تشريف الله بأنه الاكثر
تبعاً. 2-
مظهر من مظاهر القوة.. اذا
وظفت بشكل سليم. 3-
مظهر من مظاهر اقامة الحجة
على الآخرين. 4-
سبب من اسباب فرض هيبة الأمة
الاسلامية. 5-
سبب من اسباب شرعية
المطالبة بحقوقها المغتصبة في
بلدان كثيرة. لكننا
ونحن نقرأ هذا الحديث.. تزوجوا
الودود الولود فاني مكاثر بكم
الأمم. نقف
امام اشكالات:. 1-
جميع مَن في الكرة الارضية
هي امة محمد (صلى الله عليه وسلم)
من حيث انها امة الدعوة, وهو صلى
الله عليه وسلم لم يرسل لفئة
معينة حتى يدعوها الى التكاثر
بالتوالد انما ارسل رحمة
للعالمين. 2-
فالكثرة الحقيقية لأمة محمد
(صلى الله عليه وسلم) والتي تدعو
الى الفخر والشرف والرفعة تلك
الكثرة الناتجة عن قيام
المسلمين بواجبهم الكامل تجاه
رسالتهم علماً وفهماً ودعوة
وتحققاً ومن ثم سعياً الى نشر
هذا الاسلام في العالم, ليكون
الدين الأعظم في كثرة الداخلين
فيه. 3-
وهذا يستدعي ان الكثرة
المحمودة هي التي تعنى بالبناء
الايماني والاخلاقي والعلمي
والحضاري من كل وجه على مستوى
الانسان: الفرد والامة معاً. 4-
ما جدوى ان نتغنى بكثرة وهي
خواء من كل شيء: امة: ابناؤها
وشبابها في ضياع وتسكع في
الشوارع. 5-
ما جدوى الكثرة لذاتها اذا
لم تلتزم بالحق وتعمل به, والله
يقول: "وما أكثر الناس ولو
حرصت بمؤمنين". 6-
ولا تجد الكثرة تأتي بمعرض
المدح في القرآن لذاتها اذا لم
تُقترن بالحق والقرآن لا يمتدح
القلة دائماً "وقليل من عبادي
الشكور", "كم من فئة قليلة
غلبت فئة كثيرة بإذن الله". والشاهد
من كل ما سبق ان ظاهر حديث "تزوجوا
الودود الولود ... " كأننا امة
محدودة وفئة معينة تنتمي لقومية
معينة او جغرافية محددة يراد
تكثيرها والواقع ان الاسلام لا
يعترف بهذه القيود والحدود, فهو
رسالة عالمية وان ايجاد حقيقة
عالمية رسالة الاسلام لا يكون
بالتوالد والانشغال بهذا الأمر
وانما ببناء الانسان المؤمن
الذي يبلغ رسالة الله للعالمين. من هنا,
نقول.. هل دعا النبي صلى الله
عليه وسلم الى كثرة التوالد
حقاً لذاته, حتى اصبحنا لما طغت
علينا هذه الثقافة منقطعة عن
جوهرها في البناء والتربية
والاعداد – فعلاً غثاء؟. حتى غدت
الكثرة لذاتها ثقافة الامة من
غير مضمون ولا اثر فعال في
الواقع الا ما ندر. فلنقف
مع دراسة هذا الحديث ولنرَ اثر
تصحيح الحديث بالمتابعات او
الشواهد دون ضوابط دقيقة وكيف
تعاملت الأمة مع هذا الحديث
بحيث بحثت عن مجرد الكثرة دون
جوهر بناء الانسان في كثير من
الحالات. فحديث:
"تزوجوا الودود الولود فإني
مكاثر بكم الأمم وفي رواية
مكاثر بكم الانبياء". روي عن
اربعة من الصحابة: انس ومعقل بن
يسار وعبدالله بن عمرو بن العاص
وابي امامة, لكن هل ثبت الى واحد
منهم حتى يقال يشهد بعضها لبعض. فرواية
انس في اسنادها خلف بن خليفة
صدوق واختلط بآخرة واضطرب حديثه
(تهذيب الكمال 8/288). وفيها
حفص بن اخي انس, لم يرد عنه الا
خلف بن خليفة, ومع ذلك وثقة بعض
المتأخرين, لكن قال ابو حاتم:
صالح الحديث (أي عند المتابعة). اما
رواية معقل بن يسار ففي سندها:
مستلم بن سعيد الواسطي قال احمد:
شيخ ثقة قليل الحديث وقال غيره:
صويلح وقال ابن حيان: ربما خالف. وفي
روايته زيادة "ان رجلاً جاء
إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال إني أصبت امرأة ذات حسب
وجمال وانها لا تلد, افأتزوجها,
قال لا, ثم آتاه الثانية فقال: لا
ثم آتاه الثالثة فقال: تزوجوا
الودود....". اما
رواية عبدالله بن عمرو ففي
سندها ابن لهيقة وهو ممن اختلط
فترك حديثه واما برواية ابي
امامة. ففي
سندها محمد بن ثابت العبدي
البصري. قال ابن
مين: ليس بشيء وضعفه النسائي
وغيره وقال ابن عدي: عامة احاديث
ومما لا يتابع عليه (تهذيب 24/556)
وينظر تخريج الحديث في (مسند
احمد 2/172 و3/58 وسنن ابي داود (2050)
والنسائي 6/65 وابن حيان 4028, و4056
والسنن الكبرى للبيهقي 7/78 و81
كما ان حديث تناكحوا تكاثروا
فاني أباهي بكم الأمم يوم
القيامة, حديث ضعيف مرسل. فأنت
ترى ان الحديث وان كان روي عن
اربعة من الصحابة لم يثبت الى
واحد منهم فكيف يقال بعد ذلك ان
رواية انس تشهد لرواية معقل
وكلتاهما تشهدان لرواية عمرو
وهي لم تثبت الى واحد منهم
وبعضها شديدة الضعف لنجعل من
هذا الحديث ثقافة التكثير
لذاتها, ونحن نرى ان الغثائية هي
سمت هذا الكثير وان القرآن ذم
الكثرة لذاتها, اين الحد الادنى
من العناية والرعاية والتربية
لهذه الكثرة, وسأورد نماذج اكثر
وضوحاً في هذا الشأن. يتبع.. -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |