ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
النقاب
وسياسة علمنة الدولة في سورية مركز
التواصل والأبحاث الاستراتيجية 27/10/2010 http://ar.strescom.org/research/society-niqab في الوقت الذي كانت دولاً أوروبية تشهد
إصدار قوانين تحظر النقاب تحت
شعار "الحفاظ على العلمانية"،
أعلن وزير التربية السوري علي
سعد في نهاية تموز/يونيو الفائت
عن إحالة 1200 معلمة من المنقبات
إلى وظائف إدارية ليس لها علاقة
بالتعليم، وتحديداً إلى
البلدية، معللاً ذلك بـ"أن
العملية التعليمية تسير نحو
العمل العلماني الممنهج
والموضوعي"، مؤكداً أن "بقية
الوزارات ستقوم بنفس الإجراءات"،
في حين صرح مسؤلوون آخرون بأن
هذا القرار "يهدف إلى وقف نمو
تيار ديني متشدد في سورية"،
وإلى التأكيد على "علمنة
التدريس"، وقد شجع هذا القرار
وزير التعليم العالي لاتخاذ
إجراء منع دخول المنقبات إلى
الحرم الجامعي من الطبيعي أن يثير هذا القرار نقاشاً
واسعاً لدى السوريين حول مدى
صحته، وفي الوقت نفسه يبث مخاوف
وشكوك لدى المجتمع السوري ذي
الأغلبية السنية المحافظة.
وبمعزل عن الأسباب التي دعت إلى
إصدار هذا القرار والنقاش الذي
دار، فإن هذا القرار استقبل على
نطاق واسع في المجتمع بكثير من
الريبة والخوف من أن يكون "خطوة"
للإجبار على خلع الحجاب وهو أمر
يذكر بواحدة من أسوأ الحوادث في
الثمانينيات عندما أمر رفعت
الأسد (شقيق حافظ الأسد) نائب
الرئيس وقائد "سرايا الدفاع"
بنزع حجاب النساء في شوارع دمشق
بالقوة! مما أدى إلى وقوع مجزرة
مروعة بسبب مقاومة الأهالي،
الأمر الذي اضطر الرئيس الأسد
لتقديم ما يشبه الاعتذار على
شاشة التلفزيون السوري الرسمي
لتجاوز النقمة التي تسببت بها
الحادثة، في وقت كانت أحداث
العنف منتشرة في كل مكان في
سورية. ومن المهم أن نلاحظ أيضاً
في هذا السياق أن بعض الجماعات
الدينية السياسية سارعت بإصدار
بيانات تنتقد بشدة القرار
الحكومي هل موضوع المنقبات حقاً يمثل مشكلة في "علمنة
الدولة"؟ وإلى أي حدّ تدعم
طريقة اتخاذ القرار هذه
العلمانية؟ بالتأكيد أن واحدة من الخطوات المهمة في
التعليم النظامي والحكومي على
وجه التحديد هو الحرص على تنشئة
سياسية تنسجم مع نظام الدولة
كما هو معرّف دستورياً كدولة
علمانية متعددة الأديان. ولكن
هناك شكوك عديدة يمكن أن ترد على
هذا القرار، وما إذا كان بالفعل
يخدم "علمنة الدولة" و"الحماية
من التطرف الديني". فالقرار
تم تسريبه بطريقة غير معروفة
يبدو أنها كانت محاولة لجس نبض
الشارع ثم "اضطر" الوزير
للإفصاح عنه وتبريره. كما أنه
صدر بشكل مفاجئ ولم يكن هناك من
الظروف ما يشير إلى خطوات من هذا
النوع، خصوصاً وأن "قضية
المنقبات" لم تكن مطروحة من
قبل كواحدة من المشكلات في أي
مؤسسة من مؤسسات الدولة أو في
المجتمع السوري عامة. إضافة إلى
هذا لم تكن هناك أي مؤشرات واضحة
أو معلنة من قبل عن أن الجهاز
التعليمي الحكومي يعاني من
انتشار التطرف الديني. فالمصادر
لهذا النوع من التطرف كما هو
شائع ومعلوم خارج العملية
التعليمية يمكن أن توجد هذه
المصادر في بعض المؤسسات
الدينية التي لا تخضع لرقابة
مشددة من قبل الحكومة، أو في
واقع اجتماعي يعاني من ارتفاع
معدل البطالة والفقر بين الفئات
الشابة بشكل خاص. وفي ظل مثل هذا
الوضع يمكن أن يكون التساؤل عما
إذا كان أنسب وقت لاتخاذ مثل هذا
القرار هو الآن وليس بعد أحداث
أيلول/سبتمبر ٢٠٠١.
وإذا كانت الدولة تسعى لتأكيد
علمانيتها أمام شعبها، لماذا
وقع اختيارها على النقاب الذي
بات يملك رمزية خاصة في العالم
الغربي ويثير حفيظة المجتمع
السوري، في وقت كان بإمكان
الحكومة العمل على تغييرات أكثر
تأثيراً وأقل إثارة مثل "جريمة
الشرف" والقوانين المتعلقة
بالمرأة والتي تشكل مطالب
للمنظمات الحقوقية وتحظى
بتأييد واسع في المجتمع السوري،
في حين يبدو قرار المنقبات
استفزازياً وموجهاً ضد فئة أو
جماعة دينية محددة، خصوصاً وأن
مظاهر تطرف شبيهة أخرى تثير
حفيظة السوريين وتعزز الغرائز
الطائفية على نطاق واسع، كان
يمكن اتخاذ قرارات بحظرها أو
الحد من انتشارها مثل إزالة
الرموز الدينية من الأماكن
العامة ومؤسسات التعليم، وحظر
المؤسسات الثقافية التي تقوم
بتعزيز اللغة الطائفية إن القرار الذي أريد منه أن يكون معززاً
للعلمانية لم يعط فرصة
للمتضررين لكن ينسجموا مع
سياسات التعليم، ولم يسلك أي
طريق من الطرق الدالة على
العلمانية السياسية، وخاصة أن
هذا القرار لا يسنده أي مظهر من
مظاهر الديمقراطية، أو حتى لم
يكلف المسؤولون أنفسهم تسويغ
هذا القرار دستورياً وعلاقته مع
الحريات الشخصية. يمكن في ظل
الظروف التي أحاطت بهذا القرار
المصمم لدعم علمنة الدولة أن
يفهم في ظل متغيرات السياسة
الخارجية بشكل أفضل، فسورية
التي تحاول أقصى ما يمكنها
تحسين علاقاتها مع الولايات
المتحدة الأمريكية والغرب بشكل
عام حريصة على إثبات علمانيتها
وتبديد ما قد يعلق في صورتها من
ارتباطاتها وتحالفاتها مع
إيران والإسلاميين، وتقديم
نفسها كدولة تنتمي إلى النسق
الثقافي الغربي، في وقت كان
الحديث عن إعادة السفير
الأمريكي إلى سورية، وتحسين
العلاقات مع الولايات المتحدة
أمراً ملحاً بالنسبة لسورية مع
بوادر مأزق في لبنان ومحكمته
الدولية التي بات من شبه المؤكد
أن الاتهام سيوجه من قبلها إلى
عناصر من حزب الله ولربما يصل
الأمر إلى سورية، والقرار الظني
كان على الأبواب إلى أنه أجّل
بسبب ظروف لبنان. يجب أن نلاحظ
هنا أيضاً أن المسؤولين
السوريين حرصوا على إبلاغ وسائل
الإعلام العالمية ووكالات
الأنباء الدولية أن سورية تعمل
من أجل حماية علمانية الدولة في
مواجهة أصولية متطرفة. وواقع
الأمر أن هذه الرسالة المزدوجة
الترغيبية الترهيبية تأتي في
سياق مفهوم دقيق جداً. يؤكد صلة
هذا القرار بظروف السياسة
الخارجية باعتباره رسالة إلى
الطرف الآخر، إلى الأميركيين
بشكل خاص، أن وكالة الأنباء
سانا عندما نشرت خطبة العيد
التي حضرها الرئيس الأسد بعد
شهر واحد من القرار والتي انتقد
فيها الخطيب بقوة الولايات
المتحدة و"ديمقراطيتها"
الزائفة حذفت كل ما يتعلق بنقد
أمريكا في موقف هو الأول من نوعه
في نقل خبر سوري في ظل خطاب رسمي
لطالما انتقد الولايات المتحدة.
هذه القراءة تعزز سياسة سورية
مستمرة تتصل بالجماعات الدينية
ترهن السياسة الداخلية
بمتطلبات السياسة الخارجية هل سيحقق هذا القرار علمنة الدولة
والتعليم الحكومي؟ علينا آن نضع
في اعتبارنا أن المعلمين في
المدارس الحكومية يتقاضون
رواتب تتراوح بين 220-250 دولار
شهرياً، بينما معدل الإنفاق
للأسر المتوسطة هو 600 دولار
شهرياً، وهذا يعني أن شريحة
المعلمين تنتمي إلى الطبقة
الفقيرة التي تنتشر فيها أعلى
نسب البطالة والجرائم والتطرف (حسب
التقارير الحكومية فإن معدلات
الجريمة ارتفع بنسب كبيرة في
السنوات الأخيرة)، وهذا يعني أن
هذا القرار على مستوى الواقع
سيدعم هذه الظروف، كما أن هذا
القرار لا يحظى بتأييد إلا فئات
محدودة من المجتمع، بل إنه لا
يوجد أي ربط اجتماعي بينه وبين
موضوع العلمانية، خصوصاً أن هذا
النوع من النقاب هو جزء من عادات
اجتماعية واستمراراً لتراث
مازال قائماً منذ مئات السنين.
يبدو القرار كما لو أنه موجه ضد
جماعات محددة من المجتمع، مما
يفقده تأثيره العمومي ويخلف
نتائجاً غير محمودة العواقب التأكيد على علمانية الدولة وحماية
علمانياتها هو أمر مفهوم في
مجتمع متعدد الديانات وفي منطقة
تمر بأحداث العنف وتهددها
الحروب الطائفية، لكن اختيار
موضوع المنقبات للتأكيد على
علمانية الدولة ليس هو المدخل
المناسب لعلمنة الدولة في سياق
المجتمع السوري، والاستمرار
بسياسات من هذا النوع لا تأخذ
بحسبانها مدى قبول المجتمع لها
سينتج عنه على المدى البعيد
العديد من النتائج التي تناقض
علمنة الدولة أقلها استنفار
الغرائز الطائفية وتعزيز
التطرف. وإذا كان للأوروبيين
مفهومهم ومنظورهم الخاص عن
النقاب في ظل ثقافة مختلفة عن
الثقافة العربية الإسلامية في
بلد مثل سورية فإن إثارة موضوع
مثل هذا ستكون له نتائج معكوسة،
وبدلاً من ذلك فإن الخيار
الأفضل هو القيام بمجموعة من
الإصلاحات القانونية في
موضوعات تحظى بتأييد واسع في
مختلف شرائح المجتمع وطوائفه،
واتباع طرق أكثر شفافية
وديمقراطية في تنفيذها ليقبل
بها السوريين عن رضى. إضافة إلى
ذلك من الضروري إجراء نقاشات
واسعة في المجتمع السوري لتعميق
مفهوم العلمانية السياسية
وفصلها عن أي ارتباطات محتملة
بالسياسات الخارجية، ووضعها في
أجندة التعليم من أجل تنشئة
سياسة تنسجم ومتطلبات المجتمع
السوري The
Niqab, and the Policy of State Secularisation in 27
October 2010 The
confirmation and defence of state secularism is
understood in a multi-religious society, and in a region
which is experiencing violent incidents and is
threatened by sectarian wars. But is choosing the
subject of veiled women to demonstrate state secularism
an appropriate approach towards secularisation of the
state in the Syrian social context? Are veiled women
really a problem in the “secularisation of the
state”? And to what extent does the manner in which
this decision was taken support this secularism? The
pursuit of policies of this kind does not take into
account their level of acceptance within society, and
will result in the long term in various results that
work against state secularism, the least of which is the
arousing of sectarian instincts and the fortification of
extremism At
a time when European states were passing laws banning
the Niqab in the name of “the defence of
secularism”, Syrian Education Minister Ali Saad
announced at the end of June the transfer of 1,200
veil-wearing teachers to administrative positions,
unrelated to education, within the municipality. He
justified this decision by stating that “the
educational process is moving towards becoming secular,
systematic and objective work”, confirming that “the
other ministries will take the same measures”. Other
officials, meanwhile, stated that this decision aimed to
“stop the growth of the extremist religious movement
in Naturally
this decision has caused widespread debate among Syrians
on the question of its validity. At the same time, it
has spread fear and doubt within Syrian society,
especially among the conservative Sunni majority. Aside
from the reasons for the Education Minister’s actions
and the debate which has emerged, the decision has been
widely met in society with a good deal of suspicion and
fear that this may be a step towards the enforced
removal of the Hijab headscarf. One of the worst
incidents in the eighties occurred when Rifaat Al-Asad
(Hafiz Al-Asad’s brother), the vice-president and
commander of the “Defence Companies”, ordered the
removal of women’s Hijabs in the streets of It
is clear that one of the important elements of formal
education, and governmental education in particular, is
the insistence on developing a policy which is
harmonious with the constitutional system of state, i.e.
as a multi-religious secular state. However, there are a
number of doubtful aspects which lead us to question
this decision, and whether it in fact contributes
towards “secularisation of the state” and the
“protection from religious extremism”. The decision
was sneaked through by unknown means, which were
seemingly an attempt to feel the pulse of the people.
The minister was then “forced” to declare it, and
justify it. Its issuance was also a surprise, as there
had been no circumstances indicating steps of this kind.
The “veiled women issue” had not previously been
presented as a problem in any state institution or in
Syrian society in general. Moreover, there were no clear
or public prior indications that the government’s
educational body was suffering from the spread of
religious extremism. The
origins of this type of extremism, as is commonly
understood, lie outside of the educational process. Such
origins can be traced to certain religious institutions
which are not subject to close supervision by the
government, or to the reality of a society suffering
from a rise in unemployment and poverty among the young
in particular. In the light of such a situation, it must
be asked whether this is the most appropriate time to
take this decision, rather than after the tragic events
of September 2001. If the state wished to demonstrate
its secularism before its people, why did it choose the
Niqab, which has gained particular symbolism in the
Western world, yet the banning of which causes
resentment in Syrian society? Meanwhile the government
could be working towards more effective and less
provocative changes, such as with regard to “honour
crime” and laws related to women. Such changes form
the demands of rights organisations, and enjoy
widespread support in Syrian society. The decision
regarding veiled women meanwhile appears provocative,
and directed against a specific social section or
religious group. Other similar manifestations of
extremism meanwhile both inspire resentment among
Syrians, and strengthen sectarian instincts on a broad
scale. It would have been possible to take decisions to
ban them, or to limit their spread. Examples include
removing religious symbols from public places and
educational institutions, and banning cultural
institutions which reinforce sectarian language. This
decision, which was intended to strengthen secularism,
did not give the opportunity to those affected to comply
with educational policies, nor did it follow any of the
paths which lead towards political secularism, in
particular as this decision is not supported by any
manifestations of democracy. Even the officials
themselves were not asked to justify this decision
constitutionally, or its connection with personal
freedoms. In view of the circumstances surrounding this
decision, designed to support the secularisation of the
state, it can be better understood in the light of
changes to foreign policy. Syria, which has tried its
utmost to improve its relations with the United States
and the West in general, is intent on demonstrating its
secularism, dispersing any stains on its reputation
regarding its links and alliances with Iran and the
Islamists, and presenting itself as a member state of
the Western cultural order. This comes at a time of talk
of the return of the American ambassador to Will
this decision achieve the secularisation of the state,
and of governmental education? We must take into
consideration that teachers in government schools
receive wages of between 220-250 dollars per month,
while the average expenditure of the typical family is
600 dollars per month. This means that teachers belong
to the poorer section of society, in which the highest
proportions of unemployment, crime and extremism are
found. (According to government reports crime rates have
risen significantly in recent years.) In reality this
means that this decision will consolidate these
circumstances, just as the decision only enjoys the
support of limited sections of society. In fact it has
no social link with the subject of secularisation, in
particular as the Niqab veil is a social custom, and a
continuation of a tradition which has existed for
hundreds of years. The decision appears to be directed
against specific social groups, which robs it of its
overall effect and results in undesired consequences. While
Europeans have their particular concept and view of the
Niqab, within a culture that is different to the Islamic
and Arabic culture of a country such as http://www.strescom.org/research/niqab-and-policy-state-secularisation-syria -------------------- هذه
الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |