ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 09/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


وحدة الحوار الوطني

مشاركات ورقة الحوار الأولى  

(4)

التحالفات السياسية ـ جبهة الخلاص الوطني مثلاً

شرعية الحلف

إسماعيل أحمد

المشروع الإسلامي الحضاري أرحب مدى من ظروف نشأة الحركة الإسلامية في الربع الأول من القرن الميلادي الماضي..

حركات التحرر الوطني (الإسلامية والقومية والليبرالية واليسارية) كلها تأثرت بمناخ الاستعمار وما زرعه من عبوات طائفية وعرقية وطبقية واجتماعية لتفخيخ المجتمع والدولة، ومناخ الانقلابات العسكرية التي أجهضت الاستقلال برعاية فضحتها بعض التسريبات الاستخباراتية الغربية لاحقا، كل ذلك أسهم في تشكيل ثقافة غير ديمقراطية في المنطقة، وأيقظ روح التميز والمفاصلة والتخوين..

الانقلابيون العسكريون بما يفتقدونه من حضارة ووعي لم يكونوا أهلا لجسر الهوّة بين الفرقاء الوطنيين، بل أسهموا بالطوارئ، وحل الأحزاب، وخنق الصحافة، والتوسع في الاعتقال السياسي، والإزراء بكرامة المواطن الحر، كل ذلك عزز مشاعر العداء بين التيار الإسلامي، وبين تلك التيارات التي شكلت غطاء للانقلابيين،   أو تاجر بها العسكريون وتلبسوا بشعاراتها!

القومية واليسار كانتا الغطاء السياسي الأبرز الذي التحفه الانقلابيون، ومن وراء ذلك تلك الأقليات التي استغفلت وجرجرت إلى لبوس تلكم الشعارات القومية واليسارية لتفرض سلطانها على المجتمع الذي عاشت في كنفه قرونا متطاولة، ولم تكن حركتها عفوية بيقين، ولا خلت من رعاية ممن لا يستهدف استقرار مجتمعاتنا بحال.

وها هنا كان رد الفعل التيار الإسلامي قريبا من الفعل بالقوة، ومضادا له في الاتجاه، فكانت أفكار المجتمع الجاهلي، والعزلة، والاستعلاء الإيماني، والمفاصلة، وتمخض الولاء والبراء عن معان وتطبيقات لم تكن تخطر على بال! ومن هذه التطبيقات التي جنح إليها بعضهم، أن التحالف موالاة لمن حاد الله ورسوله! وأنه لا حلف في الإسلام!!

أما المشروع الإسلامي الحضاري فلم يكن مسكونا برد الفعل هذا، ولا كان نتاج أوضاع استثنائية كالتي تعيشها مجتمعاتنا ودولنا اليوم، وعهد النبوة حافل بأنماط من الأحلاف الاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية...فمن حلف بين أمة المسلمين وأمم اليهود في المدينة، إلى حلف بين بني هاشم وخزاعة قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة)، بعد أن اشترط صلى الله عليه وآله وسلم على ألا يعين ظالما , وإنما ينصر مظلوما،  إلى حلف بين جماعة المسلمين وقريش في الحديبية ثبت حلف خزاعة ونافح عنه وأضاف إليه، إلى حلفه القديم مع المطعم بن عدي بعد إيابه من الطائف، إلى حلفه الأول مع عمه أبي طالب إلى الحلف الذي شهده صغيرا في دار عبد الله بن جدعان, وقال فيه بعد الرسالة: (ما أحب أن لي به حمر النعم , ولو أُدعي به في الإسلام لأجبت).

الصحوة الإسلامية اليوم، وهي تستعيد المشروع الإسلامي الحضاري الأول، بعيدا عن سياسة ردود الأفعال، تنظر للتحالف السياسي كحاجة حقيقة لتأمين قافلة الدعوة الإسلامية, ودفع الأمواج المتلاطمة عنها قدر المستطاع, فقد يجد الدعاة أنفسهم أمام موازنات دقيقة, ومنعطفات حساسة, لا سبيل إلى تجاوزها إلا عبر التحالف. إن التحالف السياسي ينسجم ومقاصد الشريعة التي تؤول إلى تقدير المصالح والمفاسد, فقد تلتقي الحركة الإسلامية مع غيرها على بعض الأهداف المرحلية, فتلجأ إلى التحالف كوسيلة لجلب المصالح المرجوه, أو دفع المفاسد، هذا بالإضافة إلى أنه ليس في التحالف تنظيفا لسمعة المخالفين , إذ أنه لا يعد ولاء, إنما هو إلتقاء على بعض الأهداف المرحلية التي لا يتسى للإسلاميين أن يحققوها بدونه .

إن تجربة الحركة الإسلامية المعاصرة في التحالف أثبتت صلاحية التحالف و إمكانية تحقيقه للمصالح التي يقوم عليها. بشرط أن يكون (الإسلاميون) أقوياء بالقدر الذي يحفظهم من الاحتواء أو الذوبان، وها هنا فنحن نؤكد بأن التحالف ليس غاية في ذاته، ولا يمكن أن يؤتي أكله إلا إذا كان صف الحركة الإسلامية متينا متماسكا كالبنيان المرصوص، وإلا فقد تتحول تجارب التحالف إلى شرخ وتمزيق للصف الإسلامي، يكون له من العواقب الوخيمة أضعاف ما يؤمل له من مكاسب ظنية..

الأحلاف والمفاوضات شؤون سياسية دنيوية لا دينية بالمفهوم الخاص للكلمة، والذي شرع لنا بقوله: (أنتم أعلم بشؤون دنياكم) هو الذي شرع لنا صلى الله عليه وآله وسلم بأن (الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها)، نعم ليس خافيا علينا أن شؤون الدنيا محكومة بالدين أيضا، وأنه لا يجوز أن تخرج عن مقتضيات الشريعة، فالسياسة –كما يقول الإمام ابن عقيل الحنبلي- ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي، فإن أردت بقولك : إلا ما وافق الشرع ، أي لم يخالف ما نطق به الشرع، فصحيح، أما إن أردت لا سياسة إلا ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة ) انظر الطرق الحكمية ص 41

ولكن التعلق بتأصيل هذه الشؤون الدنيوية بنصوص شرعية لإباحتها والتصرف فيها أمر خارج عن سياق الشرعنة الصحيح، بل الشرعنة هنا أن ندرس المصلحة المعتبرة للأمة، يقول العلامة ابن القيم (والمقصود: أن هذا وأمثاله سياسة جزئية بحسب المصلحة، تختلف باختلاف الأزمنة، فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة إلى يوم القيامة. ولكل عذر وأجر. ومن اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الأجر والأجرين) انظر الطرق الحكمية ص 41-50

وقال أيضا: ( فإذا ظهرت أمارات الحق ، وقامت أدلة العقل ، وأسفر صبحه بأي طريق كان فثم شرع الله ودينه ورضاه وأمره .. والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق التي هي أقوى منه وأدل وأظهر .. بل بيَّن بما شرع من الطرق أن مقصوده إقامة الحق والعدل، وقيام الناس بالقسط ، فأي طريق استخرج بها الحق ومعرفة العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها ، والطرق أسباب ووسائل لا تُراد لذواتها ، وإنما المراد غاياتها التي هي المقاصد )  أعلام الموقعين 4/373 وقال: (فأي طريق استخرج بها العدل والقسط فهي من الدِّين، ليست مخالفة له)، (فلا يقال: إن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع، بل هي موافقة لما جاء به، بل هي جزء من أجزائه. ونحن نسميها (سياسة) تبعا لمصطلحكم. وإنما هي عدل الله ورسوله، ظهر بهذه الأمارات والعلامات). انظر الطرق الحكمية ص 41-50.  

الخلاصة أن التحالف السياسي شأن من شؤون السياسة الشرعية، تترسخ شرعيته بقدر ما يحقق لنا من مصلحة عامة، على ألا يخرج عن مقتضيات الشريعة ومقاصدها..

والتحالف لا يطهر حليفا، ولا يعني ذوبانا أو احتواء، ولا يحمل الحليف أوزار حليفه، وأهم من ذلك أنه ليس بين متطابقين، بل مختلفين تجمعهما بعض القواسم المشتركة، فيتعاونان على تحقيقها تعاونا على البر والتقوى، لا تعاونا على الإثُم والعدوان، وها هنا فلا معنى للتحالف من أجل التحالف، بل رسالة التحالف هي بقدر ما يحقق من مصلحة البر والتقوى بمفاهيمها الأوسع...

وهكذا فهو ضرورة اجتماعية قوامها الخير والحكمة والمصلحة، وفريضة شرعية مدادها تعارفوا وتعاونوا

للمراسلة فقط على البريد الخاص بهذا الباب وهو

hiwar.asharq@gmail.com  


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ