ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 07/01/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نبـي الـرحمة

الرسـالة والإنسـان

(6)

تأليف : محمد مسعد ياقوت

www.nabialrahma.com

الفصل الثاني

رحمته للعالمين في مجال التنوير والحضارة

المبحث الأول

التوحيد والتنوير

المطلب الأول : محمد r تنويرياً عملاقًا:

يقول رودي بارت: "كان من بين ممثلي حركة التنوير من رأوا في النبي العربي [r] أدلة الله، ومشرعًا حكيمًا، ورسولاً للفضيلة، وناطقًا بكلمة الدين الطبيعي الفطري، مبشرًا به"[1]

لقد كان النبي r في رأي علماء الغرب - الذين درسوا سيرته - تنويرياً عملاقاً، وتوحيديًا كبيرًا،  فهم يرون أن محمداً r يحمل كتاباً نورانياً لم يعرف التاريخ كتاباً مثله في الإحكام وروعة البيان ومعالجته لمشكلات الإنسانية..

وإذا كان علماء الغرب قد أطلقوا صفة التنوير على النبي r ، فالحق أن القرآن الكريم سبقهم وأطلقها عليهr ، وهذه الصفة في القرآن تعبر في الغالب عن  التوحيد، إضافة إلى العلم والحضارة والمدنية :

  قال الله تعالى في ذلك : ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً  ( [الأحزاب:45، 46] .

وقال : ) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ  ) [المائدة: 15]

"يجلو الظلمات ، ويكشف الشبهات ، وينير الطريق ، نوراً هادئاً هادياً كالسراج المنير في الظلمات.وهكذا كان رسول الله r وما جاء به من النور. جاء بالتصور الواضح البين النير لهذا الوجود ، ولعلاقة الوجود بالخالق ، ولمكان الكائن الإنساني من هذا الوجود وخالقه ، وللقيم التي يقوم عليها الوجود كله ، ويقوم عليها وجود هذا الإنسان فيه؛ وللمنشأ والمصير ، والهدف والغاية ، والطريق والوسيلة"[2]. .

و"أي الناس أولى بنفي الكيد عن سيرته من أبي القاسم [r] ؛ الذي حول الملايين من عبادة الأصنام الموبقة إلى عبادة الله رب العالمين، ومن الضياع والانحلال إلى السموّ والإيمان، ولم يفد من جهاده لشخصه أو آله شيئًا مما يقتتل عليه طلاب الدنيا من زخارف الحطام"[3] .

يقول المستشرق الأيرلندي المستر هربرت وايل " :

"بعد ستمائة سنة من ظهور المسيح ظهر محمد [r] فأزال كل الأوهام ، وحرم عبادة الأوهام ، وكان يلقبه الناس  بالأمين ، لما كان عليه من الصدق والأمانة وهو الذي أرشد أهل الضلال إلى الصراط المستقيم "[4].

فبعدما كانت عبادة الحجارة والأشخاص والنار والبهائم هي العبادة السائدة المسيطرة على الشعوب، أصبحت عبادة الله ـ تبارك وتعالى ـ هي العبادة السائدة وأكثر انتشاراً، وبذلك يكون النبي r قد أعاد دين إبراهيم وموسى وعيسى ـ ابن مريم ـ عليهم السلام-، إلى الحياة مرة أخرى، بعدما حُرف الدين الحق (دين الأنبياء) من قبل الأنظمة الغابرة المستبدة، التي استعبدت الشعوب،وأغرقته في الظلام والجهل..

إن عظمة النبي r البارزة لكل متبصر ، تكمن في أنه كان حامل رسالة سماوية تنويرية، عنوانها لا إله إلا الله ، تهدف أساساً إلى إصلاح حياة البشرية عامة، تحريرها من عبادة الأوثان والشيطان .. ومن ثم نقلها من البربرية والوثنية إلى الحضارة المستنيرة..

جاء النبي r بشريعة خلقت جيلاً فريداً ضرب المثل الأعلى في النبوغ العقدي والفكري..

الأمر الذي دفع علماء الغرب إلى النظر للإسلام على أنه دين تنويري، أو بعبارة الدكتور مكسيم رودنس "دين عقلاني بعيد كل البعد عن العقائد المسيحية المخالفة للعقل.. ثم إنه وفّق بين الدعوة إلى حياة أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع. وخلاصة القول فهو كدين كان قريبًا جدًا من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به معظم رجال عصر التنوير.."[5]..

ومن ثم يقول "ناجيمو راموني"[6] :"إن الإسلام هو أعظم الأديان ملاءمة لجيلنا المتحضر ولكل جيل. فالإسلام لا يفصل بين الدين والدنيا بحيث تتحول الحياة إلى طريقين مختلفين تمامًا، وهذا يشكل خلاصة الأزمة المعاصرة للإنسان. لقد اعتنقت الإسلام لأنه دين طبقات الناس جميعًا، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، دين الأحرار والعبيد، والسادة والمسودين"[7].

ولذلك يقول الأستاذ القانوني الإنكليزي المستر ولز : " كل شريعة لا تسير مع المدنية في طور من أطوارها فاضرب بها عرض الحائط ولا تبال بها ! لأن الشريعة التي لا تسير مع المدنية جنبًا إلى جنب هي شر مستطير على أصحابها، تجرهم إلى الهلاك، وإن الشريعة التي وجدتُها تسير مع المدنية، أنى سارت هي الشريعة الإسلامية"[8]..

ويدلل على ذلك قائلاً: " وإذا أراد إنسان أن يعرف شيئًا من هذا؛ فليقرأ القرآن وما به من نظريات علمية وقوانين وأنظمة لربط المجتمع، فهو كتاب ديني، علمي، اجتماعي، تهذيبي، خُلقي، تاريخي، وكثير من أنظمته وقوانينيه تستعمل حتى في وقتنا الحالي، وستبقى مستعمله حتى قيام الساعة، وهل في استطاعة إنسان أن يأتي بدور من الأدوار كانت فيه الشريعة الإسلامية مغايرة للمدنية والتقدم ؟ ! "[9].

إن الشريعة الإسلامية كانت خير هدية من الله للعالم المتحضر، على حد قول جوزيف شاخت[10] فهي" تختلف اختلافًا واضحًا عن جميع أشكال القانون، إلى حدّ أن دراستها أمر لا غنى عنه لكي نقدر المدى الكامل للأمور القانونية تقديرًا كافيًا.. إن الشريعة الإسلامية شيء فريد في بابه، وهي جملة الأوامر الإلهية التي تنظم حياة كل مسلم من جميع وجوهها، وهي تشتمل على أحكام خاصة بالعبادات والشعائر الدينية كما تشتمل على قواعد سياسية وقانونية.."[11]

ويبين "ديبورا بوتر"  أن الإسلام جاء بعصر التنوير الحقيقي في المجالات الحياتية المختلفة، فيقول:

"لقد جاء الإسلام بعصر التنوير الحقيقي في المجالات العلمية والثقافية والفنية بصورة لم يسبق لها مثيل في عظمتها إلى يوم الناس هذا.. فبين عام 700 و1400 بعد الميلاد، وفي الوقت الذي كانت فيه أوروبا تغط في سبات عميق في عصور الظلام المسماة بالعصور الوسطى، كان العلماء المسلمون قد توصلوا إلى المنهج التجريبي في البحث الذي حلّ محل المنهج المنطقي العقيم الذي كان سائدًا عند الإغريق قبل ذلك.. لقد أنتجت هذه الحقبة من الزمان للدنيا رجالاً عظماء.. ساهموا مساهمة عظيمة في تشييد صرح الحضارة الإنسانية وكانوا يستلهمون هديهم من القرآن الكريم في جميع نشاطاتهم"[12].

المطلب الثاني : نضاله في إخراج الناس من الظلمات إلى النور:

دخل الرسول  r في صراع ونضال ضد أصحاب عصر الظلام، والنزعات الرجعية، والموروثات المتخلفة التي عفى عليها الزمن، كما تبين لورافيشيا فاغليري بقولها : "دعا الرسول العربي [r] بصوت ملهم باتصال عميق بربه.. دعا عبدة الأوثان وأتباع نصرانية ويهودية محرّفتين على أصفى عقيدة توحيدية. وارتضى أن يخوض صراعًا مكشوفًا مع بعض نزعات البشر الرجعية التي تقود المرء إلى أن يشرك بالخالق آلهة أخرى.."[13].

 

ولقد بذل النبي r مجهوداً ضخماً في سبيل تنوير  العرب ودحر الوثنية.. يبّين ذلك  المؤرخ الأمريكي واشنجتون إيرفنج  بقوله :

 "لقي الرسول [r] ... كثيرًا من العناء، وبذل عدة تضحيات. فقد شك الكثير في صدق دعوته، وظل عدة سنوات دون أن ينال نجاحًا كبيرًا، وتعرض خلال إبلاغ الوحي إلى الإهانات والاعتداءات والاضطهادات، بل اضطر إلى أن يترك وطنه ويبحث عن مكان يهاجر إليه هنا وهناك، وتخلى عن كل متع الحياة وعن السعي وراء الثراء من أجل نشر العقيدة. "[14].

ويؤكد ذلك هنري دي كاستري (1927-1850) بقوله : ".. ولقد نعلم أن محمدًا [r]مرّ بمتاعب كثيرة وقاسى آلامًا نفسية كبرى قبل أن يخبر برسالته، فقد خلقه الله ذا نفس تمحّضت للدين، ومن أجل ذلك احتاج إلى العزلة عن الناس لكي يهرب من عبادة الأوثان، ومذهب تعدد الآلهة الذي ابتدعه المسيحيون، وكان بغضهما متمكنًا من قلبه، وكان وجود هذين المذهبين أشبه بإبرة في جسمه [r] ، ولعمري ! فيم كان يفكر ذلك الرجل الذي بلغ الأربعين وهو في ريعان الذكاء ومن أولئك الشرقيين الذين امتازوا في العقل بحدة التخيّل وقوة الإدراك.. إلا أن يقول مرارًا ويعيد تكرارًا هذه الكلمات "الله أحد الله أحد". كلمات رددها المسلمون أجمعون من بعده وغاب عنا معشر المسيحيين مغزاها لبعدنا عن فكرة التوحيد.."[15].

وتقول الكاتبة الإنكليزية اللادي ايفلين كوبولد[16]:

"كان العرب قبل محمد [r] أمة لا شأن لها ولا أهمية لقبائلها ولا لجماعتها، فلما جاء محمد [r] بعث هذه الأمة بعثًا جديدًا يصح أن يكون أقرب إلى المعجزات فغلبت العالم وحكمت فيه آجالاً وآجالاً... لقد استطاع النبي [r] القيام بالمعجزات والعجائب، لَمّا تمكن من حمل هذه الأمة العربية الشديدة العنيدة على نبذ الأصنام وقبول الوحدانية الإلهية.. لقد وفّق إلى خلق العرب خلقًا جديدًا ونقلهم من الظلمات إلى النور"[17].

 

 

المطلب الثالث : نجاح حركة التنوير :

وإن المبهر في سيرة النبي r أنه هدّم الأصنام بأيد من صنعوها وعبدوها .. وهذا لاشك من دلائل نجاح حركة التنوير التي قادها النبي r

فهدمها سدنتها أمثال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص و سعد بن زيد بن الأشهلي..

وما أروعهم !

بعدما قاتلوا في سبيل هذه الأوثان والحجارة ..

هُم هُم الذين يهدمونها بأيديهم، ويحطمونها بسواعدهم .. !!

ولا شك أن هذا أوقع في قلوب الناس، لجذبهم إلى طريق التوحيد.. 

فلما دخل النبي r مكة  (في رمضان 8هـ/يناير 630 م) في يوم فتحها، متجهاً إلى البيت، وحوله ثلاثمائة وستون صنماً ، جعل يطعنها الواحدة تلو الأخرى بعود في يده ، وهو يقول:

 " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا، جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد"[18].

 وكان في جوف الكعبة أيضا أصناماً فأبى أن يدخل وفيها هذه الأوثان ، وأمر بها فأخرجت وأخرجت صور لإبراهيم وإسماعيل في أيديهما الأزلام[19]،  فقال النبي r

"  قاتلهم الله ! لقد علموا ما استقسما بها قط ".. ثم دخل البيت فكبر في نواحي  البيت[20].

أما عن الأصنام والأوثان المنتشرة في الجزيرة العربية، فقد أرسل إليها رجاله، ليهدموها واحداً تلو الآخر، ليسدل الستار بذلك على عصر الظلام..

فإليك هذه المشاهد :

1ـ لما اطمأن رسول الله  r بعد الفتح؛ بعث خالد بن الوليد إلى صنم العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة 8 هـ(يناير 630 م )  ليهدمها وكانت بنخلة – بين مكة والطائف -، وكانت لقريش وجميع بني كنانة وهي أعظم أصنامهم‏.‏ وكان سدنتها بني شيبان، فخرج إليها خالد في ثلاثين فارسًا حتى انتهى إليها، فهدمها[21].‏

2ـ وبعث النبي r عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى الصنم  سواع ليهدمه وهو صنم لهذيل برهاط، على قرابة 150 كيلوا مترا شمال شرقي مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ أمرني رسول الله rأن أهدمه قال‏:‏ لا تقدر على ذلك قال‏:‏ لم ‏؟‏ قال تُمنع قال‏:‏ حتى الآن أنت على الباطل‏؟‏ ويحك فهل يسمع أو يبصر‏؟‏ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئًا، ثم قال للسادن‏:‏ كيف رأيت‏؟‏ قال‏:‏ أسلمت لله‏.‏!! [22] .

3ـ وفي الشهر نفسه بعث r القائد سعد بن زيد بن الأشهلي في عشرين فارسًا إلى الصنم مناة وكانت بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادنها‏:‏ ما تريد‏؟‏ قال‏:‏ هدم مناة، قال‏:‏ أنت وذاك[23]

أرأيت كيف تحول حال هؤلاء الصحابة من أناس يقدسون الأصنام والأوثان إلى رجال موحدين، وقادة فاتحين، وعلماء ومفكرين  .. ؟ !

وهكذا كان النبي كما وصفه جورج حنا بإنه "  كان ثائرًا، عندما أبى أن يماشي أهل الصحراء في عبادة الأصنام وفي عاداتهم الهمجية وفي مجتمعهم البربري. فأضرمها حربًا لا هوادة فيها على جاهلية المشركين وأسيادهم وآلهتهم. فكفره قومه واضطهدوه وأضمروا له الموت. فهاجر تحت جنح الليل مع نفر من أتباعه، وما تخلى عن النضال في نشر دعوته، وما أحجم عن تجريد السيف من أجلها. فأخرج من جاهلية الصحراء عقيدة دينية واجتماعية تجمع بين مئات الملايين من البشر في أقطار المعمورة"[24]

وهكذا تتجلى أهم مظاهر رحمة النبي محمد r للعالمين..

والتي تتمثل في كونه r المحرر الأعظم للبشر في إخراجهم من دركات عبادة الحجارة إلى مستوى عبادة الخالق سبحانه وتعالى .. وكون الإنسان لا يعبد مخلوقا؛ً دلالة على حريته وكرامته . أما عابد النار، وعابد الحجارة، وعابد البقرة، فلا  شك أنه لا يهنىء بحياة إنسانية كريمة، قد قيدتهها الموروثات العقدية الواهية . فكون النبي محمد r يجعل من جوهر رسالته أن يخرج هؤلاء البشر من هذا الحضيض إلى الحياة الإسلامية الشريفة؛ فذلك مظهر من مظاهر رحمته r، وكان هذا هو ديدنه حتى كان له الفضل الأكبر في تحويل سدنة الأوثان إلى علماء، ودعاة حضارة وتنوير !

المبحث الثاني

التحضر والرقي

من مظاهر رحمته r  أنه ارتقى بالعرب إلى مستوى التحضر  فوحد صفهم وأقام لهم دولة و جعل منهم أمة، وصفها القرآن بإنها خير أمة أخرجت للناس.. إن في ذلك لرحمة ! رحمة أن يعيش العربي في ظلال دولة مدنية، وأمة متحضرة، وفي سبيل فكرة مستنيرة .. لا أن يعيش في صراعات قبلية، واقتتال على الناقة والعنزة، في سبيل أفكار رجعية أو عصبية منتنة، كما كان يسميها النبي r: " دعوها فإنها منتنة"[25].

هذا ولم يقتصر فضل النبي r على تحضر  العرب وحدهم  .. بل يمتد خيره ونوره إلى الشعوب والأمم الأخرى، خصوصاً أوربا..

المطلب الأول : العرب من القبيلة إلى الدولة والأمة

أولاً: العرب لم يعرفوا الوحدة الحضارية قبل النبي r

يقول المفكر الألماني رودي بارت[26] :

"كان العرب يعيشون منذ قرون طويلة في بوادي وواحات شبه الجزيرة، يعيثون فيها فسادًا. حتى أتى محمد [r] ودعاهم إلى الإيمان بإله واحد، خالق بارئ، وجمعهم في كيان واحد متجانس"[27].

ويقول رودي بارت ، في موضع آخر، مفصلاً:

"جاء محمد بن عبد الله [r]، النبي العربي وخاتمة النبيين، يبشر العرب والناس أجمعين، بدين جديد، ويدعو للقول بالله الواحد الأحد، كانت الشريعة [في دعوته] لا تختلف عن العقيدة أو الإيمان، وتتمتع مثلها بسلطة إلهية ملزمة، تضبط ليس الأمور الدينية فحسب، بل أيضًا الأمور الدنيوية، فتفرض على المسلم الزكاة، والجهاد ضد المشركين.. ونشر الدين الحنيف.. وعندما قبُض النبي العربي [r]، عام 632م، كان قد انتهى من دعوته، كما انتهى من وضع نظام اجتماعي يسمو كثيرًا فوق النظام القبلي الذي كان عليه العرب قبل الإسلام، وصهرهم في وحدة قوية، وهكذا تم للجزيرة العربية وحدة دينية متماسكة، لم تعرف مثلها من قبل.."[28].

ثانيًا: جهود مضنية من النبيr : 

ولقد كانت الحياة العربية قبل الإسلام تقوم أساساً على نمطية خاصة، فالقبيلة هي التنظيم الاجتماعي والسياسي الذي يضمم حياة الفرد في القبيلة ، فكان انتماء العربي الجاهلي انتماء قبلياً ، وليس هناك أية رابطة عملية توحد القبائل وتجمعها ، بل على العكس كانت القبائل متناحرة متحاربة ، وإذا ما قامت أحلاف قبلية ، فلمناصرة قبيلة على أخرى ، وبالتحديد كانت القبيلة العربية تشكل وحدة سياسية مستقلة[29] . .

 ومن هنا كان الانقلاب الذي أحدثه الرسول rعميقاً في حياة الجزيرة العربية إذ استطاع بسياسته الكفاحية التي تمليها روح الإسلام أن يحول هذه الوحدات القبلية المستقلة ويرتقى بها لتظهر في إطار الأمة الإسلامية[30].

فيبين "فيليب حتي" هذا الانقلاب الذي أحدثه الرسول r فيقول :" إذا نحن نظرنا إلى محمد [r] من خلال الأعمال التي حققها، فإن محمدًا الرجل والمعلم والخطيب ورجل الدولة والمجاهد؛ يبدو لنا بكل وضوح واحدًا من أقدر الرجال في جميع أحقاب التاريخ. لقد نشر دينًا هو الإسلام، وأسس دولة هي الخلافة، ووضع أساس حضارة هي الحضارة العربية الإسلامية، وأقام أمة هي الأمة العربية. وهو لا يزال إلى اليوم قوة حية فعالة في حياة الملايين من البشر"[31]  ..

وعن ضخامة هذا الجهد العظيم الذي بذله النبي  rلإحداث هذا التحول في المجتمع العربي الجاهلي ، يقول إميل درمنغم : "إن النبي [r] لم يعرف الراحة ولا السكون بعد أن أوحي إليه في غار حراء، فقضى حياة يعجب الإنسان بها، والحق أن عشرين سنة كفت لإعداد ما يقلب الدنيا، فقد نبتت في رمال الحجاز الجديبة حبة سوف تجدد، عما قليل، بلاد العرب وتمتد أغصانها إلى بلاد الهند والمحيط الأطلنطي. وليس لدينا ما نعرف به أن محمدًا [r] أبصر، حين أفاض من جبل عرفات[32]، مستقبل أمته وانتشار دينه، وأنه أحس ببصيرته أن العرب الذين ألّف بينهم سيخرجون من جزيرتهم لفتح بلاد فارس والشام وأفريقية وإسبانية"[33] .

ويبين آرنولد توينبي[34] أن النبي قد كرّس حياته لتحقيق رسالته في كفالة مظهرين أساسيين في البيئة الاجتماعية العربية؛ هما الوحدانية في الفكرة الدينية، والقانون والنظام في الحكم. "وتم ذلك فعلاً بفضل نظام الإسلام الشامل الذي ضم بين ظهرانيه الوحدانية والسلطة التنفيذية معًا.. فغدت للإسلام بفضل ذلك قوة دافعة جبارة لم تقتصر على كفالة احتياجات العرب ونقلهم من أمة جهالة إلى أمة متحضرة.. بل تدفق الإسلام من حدود شبه الجزيرة، واستولى على العالم السوري بأسره من سواحل الأطالسي إلى شواطئ السهب الأوراسي "[35].

ثالثًا: تميز فكرة الأمة الإسلامية

ويناقش المستشرق الفرنسي مارسيل بوازار فكرة " الأمة الإسلامية " ومغايرتها المفهوم الغربي، فيقول:

"ليس لفكرة الأمة الإسلامية مقابل في فكر الغرب ولا في تجربته التاريخية. فالجماعة الإسلامية، وهى تجّمع من المؤمنين يؤلف بينهم رباط سياسي وديني في آن واحد، ويتمحورون حول كلام الله القدسي... و الفرد يندمج في الإسلام بالجماعة المؤمنة بالتساوي عن طريق شهادته، الفردية واستبطان إرادته وصفاته الخاصة كمؤمن، فالنية المعلنة والجهر بالكلام شرطان من شروط الانتماء إلى المجتمع . وبصورة تلازمية يحدد الامتثال لمشيئة الله البنية الاجتماعية . وهكذا تكون النظم التأسيسية للجماعة مشروطة بالعبادة الواجبة عليها نحو الله "[36].

إذًا ليس لفكرة الأمة الإسلامية ما ينافسها في تجارب الغرب على مدار تارخيه..

فتاريخ الغرب عبارة عن مجموعة إمبراطوريات متتابعة قائمة على الطبقية والعرق واللون..

ولم تقم لهم حضارة في تاريخهم تقوم على أساس الرباط الإيماني، اللهم إلا حضارة الإسلام! .

ولم يحدث أن دولة من دول الغرب في عصور الظلام، أن سوت بين أفراد الشعب في المعاملة وتوزيع الثروة والسلطة، اللهم إلا دولة الإسلام !

 

المطلب الثاني : إشادة العلماء الغربيين بجهود النبي r

هذا، ولقد أثار موضوع فضل الرسول محمد rعلى تحضر العرب، اهتمام علماء الغرب وغيرهم، فهو الذي وحد الجزيرة العربية أول مرة في التاريخ في ظل حكم إسلامي ، متنور نقل العرب من الجاهلية إلى الحضارة والمدنية..  يقول الباحث الروسي آرلونوف:

"في شبه جزيرة العرب المجاورة لفلسطين ظهرت ديانة أساسها الاعتراف بوحدانية الله ، وهذه الديانة تعرف بالمحمدية[37] أو كما يسميها أتباعها الإسلام، وقد انتشرت هذه الديانة انتشاراً سريعاً، و مؤسس هذه الديانة هو العربي محمد [r]، وقد قضى على عادات قومه الوثنية، ووحد قبائل العرب، وأثار أفكارهم وأبصارهم بمعرفة الإله الواحد، وهذب أخلاقهم ولين طباعهم وقلوبهم وجعلها مستعدة، للرقي والتقدم، ومنعهم من سفك الدماء ووأد البنات، وهذه الأعمال العظيمة التي قام بها محمد[r] تدل على أنه من المصلحين العظام، وعلى أن في نفسه قوة فوق قوة البشر، فكان ذا فكر نير ، وبصيرة وقيادة "[38] .

وهكذا فإن فضل الرسول r على العرب لا حد له، إذ أخرجهم من الجاهلية إلى نور الإسلام.

ويضيف "هنري سيرويا"[39] أن "محمداً [r] لم يغرس في نفوس الأعراب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيها أيضًا المدنية والأدب"[40] .

ويتحدث الباحث الأمريكي "جورج دي تولدز"( 1815-1897) ، عن فضل الرسول   rعلى العرب حين نقلهم من الهمجية إلى المدنية، وعن دور الرسالة في تبديل أخلاق عرب الجاهلية ، حين عمر ضياء الحق والإيمان قلوبهم ، فيقول :

" إن من الظلم الفادح أن نغمط حق محمد [r]، و العرب على ما علمناهم من التوحش قبل بعثته، ثم كيف تبدلت الحالة بعد إعلان نبوته ، وما أورته الديانة الإسلامية من النور في قلوب الملايين من الذين اعتنقوها بكل شوق وإعجاب من الفضائل ، لذا فإن الشك في بعثة محمد[r]إنما هو شك في القدرة الإلهية التي تشمل الكائنات جمعاء"[41].

ويؤكد ذلك  القس السابق  دُرّاني[42] بقوله:

 ".. وأخيراً أخذت أدرس حياة النبي محمد [r] فأيقنت أن من أعظم الآثام أن نتنكر لذلك الرجل الرباني الذي أقام مملكة لله بين أقوام كانوا من قبل متحاربين لا يحكمهم قانون، يعبدون الوثن، ويقترفون كل الأفعال المشينة، فغير طرق تفكيرهم، لا بل بدل عاداتهم وأخلاقهم، وجمعهم تحت راية واحدة وقانون واحد ودين واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة وحكومة واحدة، وأصبحت تلك الأمة، التي لم تنجب رجلاً عظيمًا واحدًا يستحق الذكر منذ عدة قرون، أصبحت تحت تأثيره وهديه تنجب ألوفًا من النفوس الكريمة التي انطلقت إلى أقصى أرجاء المعمورة تدعو إلى مبادئ الإسلام وأخلاقه ونظام الحياة الإسلامية وتعلم الناس أمور الدين الجديد"[43].

 

كان فضل النبي r في تحضر العرب من العمق وبُعد الأثر لا يحصره زمان أو يحده مكان، يقول الباحث قسطاكي حمصي (1858-1941)  :

"إذا كان سيد قريش نبي المسلمين ومؤسس دينهم، فهو أيضا نبي العرب  ومؤسس جامعتهم القومية، وكما أنه من الحمق والمكابرة أن ننكر أن ما لسيد قريش من بعيد الأثر في توحيد اللهجات العربية ، وقتل العصبيات الفرعية في نفوس القبائل، بعد أن أنهكها القتال في الصحراء ، و تناحر ملوكها في الشام والعراق تناحراً أطال أمد الحماية الرومانية والفارسية في البلدين الشقيقين حتى الفتح الإسلامي. فمن الخطأ أن ننكر ما للرسول العربي الكريم  [r]  وخلفائه من يد على الشرق ! ... والمنافحة لتحرير الشرق من رق الرومان وأسر الفرس .إن سيد قريش هو المنقذ الأكبر للعرب من فوضى الجاهلية، وواضع حجر الزاوية في صرح نهضتهم الجبارة المتأصلة في تربة الخلود !! "[44].

 المطلب الثالث: فضل النبي في تحضر العالم

ويبين المستر سنكس أن لمحمدr الفضل الأكبر ليس فقط في رقي العرب بل في رقي العالم كله حتى اليوم ، فيقول سنكس :

" ظهر محمد [r]بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة .... " إلى أن قال:

إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقياً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد [r] بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ، إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة"[45]. .

 

أما  المفكر " برتلي سانت هيلر " فيبين أن فضل النبي محمد r ، يمتد إلى كل شعوب العالم، بقوله :

"وقد كان دينه [r] الذي دعا الناس إلى اعتقاده، جزيل النعم على جميع الشعوب التي اعتنقته"[46].

أما الكاتب الفرنسي موريس بوكاي فيخص أوربا والغرب ، على أساس أن الشعوب الغربية هم أكثر الشعوب إستفادة من حضارة الإسلام، فيقول بوكاي: "إن الإسلام ينظر إلى العلم والدين كتوءمين، وأن تهذيب العلم كان جزءاً من التوجيهات الدينية منذ البداية، وأن تطبيق هذه القاعدة أدى إلى التقدم العلمي العجيب في عصر الحضارة الإسلامية العظمى، التي استفاد منها الغرب قبل نهضته"[47] .

ويؤيده العلامة " سان سيمون "  في كتابه " علم الإنسان " بقوله:

" إن الدارس لبنيات الحضارات الإنسانية المختلفة ، لا يمكنه أن يتنكر للدور الحضاري الخلاق الذي لعبه العرب والمسلمون في بناء النهضة العلمية لأوربا الحديثة "[48]     .   

ويقارن "كويليام " حال العالم بعد عهد محمد r وبين عصر الجاهلية فيقول : "لما شرف محمد r ساحة عالم الشهود بوجوده الذي هو الواسطة العظمى والوسيلة الكبرى إلى اعتلاء النوع الإنساني وترقيّه في درجات المدنية، أكمل ما يحتاجه البشر من اللوازم الضرورية على نهج مشروع وأوصل الخلق إلى أقصى مراتب السعادة بسرعة خارقة. ومن نظر بعين البصيرة في حال الأنام قبله r وما كانوا عليه من الضلالة.. ونظر في حالهم بعد ذلك وما حصل لهم في عصره من الترقّي العظيم رأى بين الحالين فرقًا عظيمًا كما بين الثريا والثرى"[49].

و".. امتدت أنوار المدنية بعد محمد [r] في قليل من الزمان ساطعة في أقطار الأرض من المشرق إلى المغرب حتى إن وصول أتباعه في ذلك الزمن اليسير إلى تلك المرتبة العلية من المدنية قد حيّر عقول أولي الألباب. وما السبب في ذلك إلا كون أوامره ونواهيه موافقة لموجب العقل ومطابقة لمقتضى الحكمة"[50].

ويبين المستشرق الأمريكي  "إدوارد رمسي" أن الإسلام منح" المدنية والحضارة قوة جديدة وشجع العالم على درس العلوم باتساعٍ متناهٍ، وهكذا خرج إلى الدنيا فلاسفة وخطباء وأطباء ومؤرخون يفخر بهم الإسلام أمثال: أبي عثمان – الجاحظ – والبيروني والطبري وابن سينا وابن رشد والفارابي وابن باجه والغزالي وغيرهم.. والمسلمون بلا نزاع هم مخترعو علم الكيمياء ومؤسسوه، أما علم الطب والصيدلة فقد حسنوهما تحسيناً عظيماً، وبواسطة المسلمين تقدم علم الفلك سريعاً حتى الطيران، وهم مخترعو علم الجبر ومكتشفو علم الطيران"[51]..

و" قليلون من هم على علم بما أسهم به العالم الإسلامي من جهود متميزة في تقدم الإنسانية "[52] .

كل هذا وغيره دفع المفكر الفرنسي - أحد عمالقة فلاسفة الاجتماع- جوستاف لوبون (1841-1931) إلى أن يدعو أبناء عصره إلى الإقتداء بمحمدr ، واعتناق دعوته لأن فيها صلاح المجتمعات الإنسانية ، فيقول في كتابه "الحضارة الإسلامية"  :

 

"أنني لا أدعو إلى بدعة محدثة ، ولا إلى ضلالة مستهجنة ، بل إلى دين عربي قد  أوحاه الله إلى نبيه محمد، فكان أميناً على بث دعوته بين قبائل تلهت بعبادة الأحجار والأصنام ، وتلذذت بترهات الجاهلية ، فجمع صفوفهم بعد أن كانت مبعثرة ، ووحد كلمتم بعد أن كانت متفرقة ، ووجه أنظارهم لعبادة الخالق ، فكان خير البرية على الإطلاق حباً ونسباً وزعامة ونبوة ، هذا هو محمد الذي اعتنق شريعته أربعمئة مليون مسلم ، منتشرين في أنحاء المعمورة ، يرتلون قرآناً عربياً مبيناً ".

"فرسول كهذا جدير باتباع رسالته ، والمبادرة إلى اعتناق دعوته ، إذ أنها دعوة شريفة ، قوامها معرفة الخالق ، والحض على الخير والردع عن المنكر ، بل كل ما جاء فيها ما يرمي إلى الصلاح والإصلاح ، والصلاح أنشودة المؤمن ، وهو الذي أدعو إليه جميع النصارى"[53]

 

المبحث الثالث

التسامح الديني

إن التسامح الديني- بين الطوائف والجماعات والدول - الذي تبناه النبي r يعد من أهم مظاهر رحمته r.. وقد كان r نموذجًا فذا في التسامح الديني . فالنبي rلم يُكره اليهود و لا النصارى على قبول دينه، لأنهم أهل الكتاب. بل أمرأعفى النبي r بإكرام علماء أهل الكتاب كالبطاركة والرهبان وخدمهم وحرم r  قتل الرهبان - على الخصوص - حتى في حال الحرب.

المطلب الأول : "محمد[r]الحاكم المتسامح الحكيم المشرع"[54]:

التسامح عند سيدنا محمد r كما يقول الباحث الفرنسي مارسيل بوازار "هو واجب ديني وأمر شرعي"[55].

ويقول الفيلسوف الألماني الشهير "غوته" في كتابه (أخلاق المسلمين وعاداتهم): "ولا شك أن التسامح الأكبر أمام اعتداء أصحاب الديانات الأخرى، وأمام إرهاصات وتخريفات اللادينيين، التسامح بمعناه الإلهي، غرسه رسول الإسلام[r] في نفوس المسلمين، فقد كان محمد [r] المتسامح الأكبر، ولم يتخذ رسول الإسلام[r]  موقفاً صعباً ضد كل الذين كانوا يعتدون عليه بالسب أو بمد الأيدي أو بعرقلة الطريق وما شابه ذلك، فقد كان متسامحاً؛ فتبعه أصحابه وتبعه المسلمون، وكانت وما زالت صفة التسامح هي إحدى المميزات والسمات الراقية للدين الإسلامي، وللحق أقول: إن تسامح المسلم ليس من ضعف؛ ولكن المسلم يتسامح مع اعتزازه بدينه، وتمسكه بعقيدته"[56] ..

وتتحدث لورافيشيا فاغليري عن مظهر التسامح الديني عند النبي r، فتقول:

"كان محمد [r] المتمسك دائمًا بالمبادئ الإلهية شديد التسامح، وبخاصة نحو أتباع الأديان الموحدة. لقد عرف كيف يتذرع بالصبر مع الوثنيين، مصطنعًا الأناة دائمًا اعتقادًا منه بأن الزمن سوف يتم عمله الهادف إلى هدايتهم وإخراجهم من الظلام إلى النور.. لقد عرف جيدًا أن الله لابد أن يدخل آخر الأمر إلى القلب البشري"[57]

إن سياسة التسامح الديني التي انتهجها محمد r تجاه أصحاب الديانات الأخرى حظيت باحترام وتقدير المفكرين الغرب فعقدوا المقارنة بين تسامح الإسلام وتعصب الصليبيين..  يقول القس الألماني ميشون :

"إن الإسلام الذي أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى ، وهو الذي أعفى البطاركة والرهبان وخدمهم من الضرائب وحرم قتل الرهبان -على الخصوص - لعكوفهم على العبادات ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى بسوء حين فتح القدس ..وقد ذبح الصليبيون المسلمين و حرقوا اليهود عندما دخلوها "[58].

ويضيف الكاتب نفسه في موضع آخر ، متحدثاً عن تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية ، وكيف أن المسيحيين تعلموا الكثير من المسلمين في التسامح وحسن المعاملة ، يقول :

"وإنه لمن المحزن أن يتلقى المسيحيون عن المسلمين روح التعامل وفضائل حسن المعاملة ، وهما أقدس قواعد الرحمة والإحسان عند الشعوب والأمم، كل ذلك بفضل تعاليم نبيهم محمد[r]"[59].

المطلب الثاني: دستور المدينة نموذجًا:

لقد كان التعايش بين مختلف الطوائف والفصائل في الدولة الإسلامية الأولى هو أحد أهداف الدستور الإسلامي الذي وضعه النبي r عقب هجرته إلى المدينة ، والذي ضمن تنظيم العلاقات ما بين المسلمين من جهة ، وأصحاب الديانات الأخرى من جهة أخرى ، في إطار من التسامح الديني والحرية الدينية في ممارسة الشعائر، ويقول في ذلك "كونستانس  جيورجيو" [60]:

"وقد حوى هذا الدستور اثنين وخمسين بنداً ، كلها من رأي رسول الله[r] . خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى ، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان . وقد دون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية ، ولهم أن يقيموا شعاثرهم حسب رغبتهم ،  ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء . وضع هذا الدستور في السنة الأولى للهجرة،  أى عام 623م . ولكن في حال مهاجمة المدينة من قبل عدو عليهم أن يتحدوا لمجابهته وطرده "[61] .

 

وقد نص دستور المدينة على حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر فجاء فيه :

وجاء في هذا الأصل:

"وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، ومواليهم وأنفسهم إلا من ظلم نفسه وأَثِم فإنه لا يوتغ[ أي يُهلك] إلا نفسه وأهل بيته"[62] .

ونص على الاستقلال المالي لكل  طائفة، فكان من ضمن مواد دستور المدينة:

"وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم"[63]

فمع وجوب التعاون المالي بين جميع طوائف الدولة لرد أي عدوان خارجي، فإن لكل طائفة استقلالها المالي عن  غيرها من الطوائف.

كما نص الدستور على النصح والبر بين المسلمين وأهل الكتاب:

فيقول الدستور :

"وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم"[64]

فالأصل في العلاقة بين جميع طوائف الدولة –مهما اختلفت معتقداتهم– هو النصح المتبادل، والنصيحة التي تنفع البلاد والعباد، والبر والخير والصلة بين هذه الطوائف.

المطلب الثالث: استقبال الوفود النصرانية :

وتجلت مظاهر التسامح الديني في عهد النبي r عام الوفود حين استقبل وفوداً نصرانية وبعث برسالة إلى أسقف نجران . .

ومن ثم يتحدث "كونستانس  جيورجيو" عن أوضاع أصحاب الديانات السماوية في ظل الحكم الإسلامي فيقول[65] :

" مع أن الإسلام عم الجزيرة كلها في السنة التاسعة فإن محمداً [r] لم يُكره اليهود و لا النصارى على قبول دينه، لأنهم أهل الكتاب . و قد جاء في رسالة محمد [r]  إلى أبي الحارث أسقف نجران أن وضع المسيحيين في الجزيرة بعد الإسلام تحسن كثيراً، يقول في الرسالة :

"بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد النبي، إلى الأسقف أبي الحارث، وأساقفة نجران، وكهنتهم، ومن تبعهم، ورهبانهم : إن لهم ما تحت أيديهم، من قليل أو كثير من بيَعهم وصلواتهم، ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله، لا يُغيّر أُسقف من أُسقفيتّه، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته. ولا يُغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم، ولا شيء مما كانوا عليه . [على ذلك جوار الله ورسوله أبدًا ]، ما نصحوا واصطلحوا فيما عليهم، غير مثقَلين بظلم ولا ظالمين"[66]...

يقول جيورجيو معلقًا :

"تشير هذه الرسالة إلى أن المسيحيين ( وكذلك اليهود ) في الجزيرة أحرار في أداء شعائرهم، ولن يزاحمهم من المسلمين مزاحم . وقد قدْم في السنة التاسعة وفد من مسيحي نجران يرأسهم أبو الحارث الأسقف الأكبر، وعبد المسيح الأسقف ، والأيهم رئيس القافلة ، وحين أرادوا الدخول على النبي [r] ارتادوا ألبستهم الدينية الرسمية الكاملة... وبعد أن زاروا النبي [r]سألوه أن يسمح لهم بأداء شعائرهم فطلب منهم أن يؤدوا صلواتهم في مسجد المدينة، فدخلوا واتجهوا نحو بيت المقدس، و تعبدوا هناك . . ولا شك أن النبي [r] كان يحترم النصارى احتراماً خاصاً ، لأن القرآن  ذكرهم وأكرمهم . وقد أشار الله تعالى إلى هذه النقطة في محكم كتابه في سورة المائدة (الخامسة) في الآية ( 82 ) : ]لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [، ويقول في الآية التي بعدها : ]وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ[ [المائدة :83] .."[67]

ويعلق آتيين دينيه على ما فعله النبي r مع وفد نجران النصراني قائلاً :

".. من الحقائق التاريخية أن النبي [r] أعطى أهل (نجران) المسيحيين نصف مسجده ليقيموا فيه شعائرهم الدينية. وها نحن أولاً نرى المسلمين إذا بشروا بدينهم فإنهم لا يفعلون مثل ما يفعل المسيحيين في الدعوى إلى دينهم، ولا يتبعون تلك الطرق المستغربة التي لا تتحملها النفس والتي لايحبها الذوق السليم. وقد أنصف القس ميثون الحقيقة في كتابه (سياحة دينية في الشرق) حيث يقول: إنه لمن المحزن أن يتلقى المسيحيون عن المسلمين روح التسامح وفضائل حسن المعاملة وهما أقدس قواعد الرحمة والإحسان عند الشعوب والأمم"[68] .

المطلب الرابع : الحرية في الاعتقاد وممارسة الشعائر :

يقول جيمس متشنر :

" القرآن صريح في تأييده لحرية العقيدة ، والدليل قوي على أن الإسلام رحب بشعوب مختلفة الأديان ، ما دام أهلها يحسنون المعاملة ، وقد حرص محمد [r]على تلقين المسلمين التعاون مع أهل الكتاب، أي اليهود والنصارى ، ولاشك أن حروباً نشبت بين المسلمين وغيرهم في بعض الأحيان ، وكان سبب ذلك أن أهل هذه الديانات الأخرى أصروا على القتال، وقد قطع الرهبان بأن أهل الكتاب كانوا يُعاملون معاملة طيبة وكانوا أحراراً في عبادتهم ، ولعل مما يقطع بصحة ذلك ، الكتاب الذي أرسله البطريرك النسطوري إيشوياب الثالث إلى البطريرك سمعان ، زميله في المجمع ، بعد الفتح الإسلامي وجاء فيه:   ( ها ! إن العرب الذين منحهم الرب سلطة العالم وقيادة الأرض أصبحوا عندنا ، ومع ذلك نراهم لا يعرضون للنصرانية بسوء ، فهم يساعدوننا ، ويشجعوننا على الاحتفاظ بمعتقداتنا ، وإنهم ليجلون الرهبان والقديسين !).. "[69].

وفي ذلك  يقول  روبرتسون : " إن المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الجهاد والتسامح نحو اتباع الاديان الاخرى الذين غلبوهم وتركوهم احراراً في اقامة شعائرهم الدينية "[70].

وكان لهذا التسامح أثره في أن يصبح الدين الإسلامي ديناً عالمياً ، بدءاً من مراحله الأولى أيام الرسول في جزيرة العرب إلى أن عم أماكن شاسعة، يقول العلامة جولد تسهير :

"سار الإسلام لكي يصبح قوة عالمية على سياسة بارعة ، ففي العصور الأولى لم يكن اعتناقه أمراً محتوماً فإن المؤمنين بمذاهب التوحيد أو الذين يستمدون شرائعهم من كتب منزلة كاليهود والنصارى والزرادشتية كان في وسعهم متى دفعوا [ الإشتراك السنوي للدولة - الجزية ] أن يتمتعوا بحرية الشعائر وحماية الدولة الإسلامية ، ولم يكن واجب الإسلام أن ينفذ إلى أعماق أرواحهم إنما كان يقصد إلى سيادتهم الخارجية . بل لقد ذهب الإسلام في هذه السياسة إلى حدود بعيدة ، ففي الهند مثلاً كانت الشعائر القديمة تقام في الهياكل و المعابد في ظل الحكم الإسلامي ! "[71].

لقد أثارت مبادئ التسامح الديني وحرية الاعتقاد في الإسلام فيما أثارته احترام المفكرين والعلماء والمستشرقين المنصفين من الغرب وكذلك الكتاب والباحثين العرب النصارى، فقد تطرق "يوسف نعيم عرافة" في خطبة له في مناسبة المولد النبوي عام 1346هـ 1927م ، إلى معاهدة الرسول مع أصحاب الديانات الأخرى ، لاسيما المسيحيين منهم، فيقول:

" إن محمدا ً [r]هو باني أساس المحبة والإخاء بيننا ، فقد كان يحب المسيحيين ويحميهم، من ذلك: ما قام به في السنة السادسة بعد الهجرة ، حيث عاهد الرهبان خاصة والمسيحيين عامة ، على أن يدفع عنهم الأذى ، ويحمي كنائسهم وعلى أن لا يتعدى على أحد من أساقفتهم ولا يجبر أحداً على ترك دينه ، وأن يُمدوا بالمساعدة لإصلاح دينهم وأديرتهم ، كما أن القرآن نطق بمحبة المسيحيين للمسلمين وبمودتهم لهم ، وإن الآية الشريفة :  ]وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ [72][‏‏، لتبعث على شد أواصر الصداقة بين الطرفين ، بل حتى مع الشعب الإسرائيلي في أكثر الأوقات ، إننا لنعلم أن ما أتى به الرسل موسى وعيسى ومحمد[عليهم والصلاة والسلام]ما هو إلا لإصلاح العالم لا لإفساده وخرابه ، وما الكتب الثلاثة المنزلة  إلا نور صادر من بؤرة واحدة ينعكس نورها في ثلاثة أشعة، كل منها للبشر"[73]

 هذا ، ومن أهم النصوص الإسلامية  في التسامح الديني وحرية الاعتقاد ..

قول الحق تبارك وتعالى: ]‏لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [‏‏ [البقرة: 256] .

يقول الأستاذ سيد قطب – رحمه الله -  في ظلال هذه الآية : " إن قضية العقيدة - كما جاء بها هذا الدين - قضية اقتناع بعد البيان والإدراك؛ وليست قضية إكراه وغصب وإجبار . ولقد جاء هذا الدين يخاطب الإدراك البشري بكل قواه وطاقاته . يخاطب العقل المفكر ، والبداهة الناطقة، ويخاطب الوجدان المنفعل ، كما يخاطب الفطرة المستكنة . يخاطب الكيان البشري كله ، والإدراك البشري بكل جوانبه؛ في غير قهر حتى بالخارقة المادية التي قد تلجىء مشاهدها الجاء إلى الإذعان ، ولكن وعيه لا يتدبرها وإدراكه لا يتعقلها لأنها فوق الوعي والإدراك ... فكيف بالمذاهب والنظم الأرضية القاصرة المتعسفة وهي تفرض فرضاً بسلطان الدولة؛ ولا يسمح لمن يخالفها بالحياة؟!"[74].

 

المبحث الرابع

رعاية العلم والمعرفة

 

المطلب الأول : بداية عصر العلم والمعرفة:

إن الحركة العلمية والثقافية التي قام بها محمد r متعددة الجوانب، اجتماعياً وسياسياً ودينياً وثقافياً . لقد كان العهد الإسلامي الذي بدأ مع إقامة أول دولة إسلامية بقيادته r في المدينة المنورة ، فاتحة عهد جديد وخير للبشرية جمعاء : عهد علم وثقافة ومعرفة.

فلقد افتتح النبي محمد r حسب رأي العديد من علماء الشرق والغرب عهداً جديداً،وعصراً للنور والعلم والمعرفة ، فكان كفاحه حين صدع بالدعوة الإسلامية ، لنشر رسالة الله ، لإزالة ما تراكم في ذلك المجتمع الجاهلي الوثني من معتقدات خرقاء ، وأنماط اجتماعية سوداء . . وهذا ما دفع الدكتور ماركس إلى إعلان قولته الشهيرة التي نصها:

" هذا النبي [r] الذي افتتح برسالته عصر العلم والنور والمعرفة لا بد أن تدون أقواله وأفعاله على طريقة علمية خاصة ، وبما أن هذه التعاليم التي قال بها[يعنى النبي محمد r]، هي وحي الله المنزل ورسالته ، فقد كان عليه[r] أن يمحو ما تراكم على الرسالات السابقة من التبديل والتحوير ، وما أدخله عليها الجهل من سخافات لا يعول عليها عاقل "[75]. وهذا ما فعله النبي r !

"ومنذ عام 700م بدأت إشراقة الحضارة العربية الإسلامية تمتد من شرقي المتوسط إلى بلاد فارس شرقاً وإسبانيا غرباً، فأعيد اكتشاف قسم كبير من العلم القديم، وسجلت اكتشافات جديدة في الرياضيات والكيمياء والفيزياء وغيرها من العلوم.. وفي هذا المجال كما في غيره؛ كان العرب معلمين لأوربة، فساهموا في نهضة العلوم على هذه القارة"[76].

المطلب الثاني : القرأة أولي تعاليم النبيr  :

يقول نصري سلهب: "أولى الآيات البيّنات.. كانت تلك الدعوة الرائعة إلى المعرفة، إلى العلم عبر القراءة.. )اقْرَأْ ([77].. وقول الله هذا لم يكن لمحمد  [r] فحسب، بل لجميع الناس، ليوضح لهم، منذ الخطوة الأولى، بل منذ الكلمة الأولى أن الإسلام جاء يمحو الجهل وينشر العلم والمعرفة"[78] .

وهذا ما يشيد به أيضاً "واجنر"، حيث يقول : ".. الإسلام دين العلم، ويكفي أن أول آية في القرآن أنزلت على محمد [r]هي قوله تعالى: )اقْرَأْ (، وهذا اتجاه فريد يصعب وجوده في تاريخ الكنائس والأديان الأخرى. ولهذا تجدني وصلت من خلال الدراسات الإسلامية وما قرأته في كتاب الله تعالى الذي لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وصلت إلى ما أبغيه لنفسي من الاستقرار والأمان..!!"[79]..

المطلب الثالث : احترام العقل:

يبين "ليون"[80] أن من روائع دعوة محمدr  أنها  تحترم العقل، وأن الإسلام " لا يطالب أتباعه أبدًا بإلغاء هذه الملكة الربانية الحيوية. فهو على النقيض من الأديان الأخرى التي تصرّ[81] على أتباعها أن يتقبلوا مبادئ معينة دون تفكير ولا تساؤل حرّ، وإنما تفرض هذه المبادئ فرضًا بسلطان الكنيسة. أما الإسلام فإنه يعشق البحث والاستفسار ويدعو أتباعه إلى الدراسة والتنقيب والنظر قبل الإيمان... إن الإسلام يؤيد الحكمة القائلة: برهن على صحة كل شيء ثم تمسّك بالخير. وليس هذا غريبًا، إذ أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها. فالإسلام دين العقل والمنطق... فالإسلام هو الحق  ! وسلاحه العلم! وعدوه اللدود هو الجهل! "[82].

ويتحدث المفكر الشهير " أوجست كونت" عن هذه النقطة، وعن قدرة الإسلام في التعامل واحتواء جميع العقول والفلسفات والأفكار الإنسانية .. فعبّر عن ذلك بقوله :

" إن عبقرية الإسلام وقدرته الروحية لا يتناقضان البتة مع العقل كما هو الحال في الأديان الأخرى ؛ بل ولا يتناقضان مع الفلسفة الوضعية نفسها ؛ لأن الإسلام يتمشى أساساً مع واقع الإنسان، كل إنسان، بما له من عقيدة مبسطة ، ومن شعائر عملية مفيدة ! "[83]..

ويقول المؤرخ العلامة  سيديو – في مقارنة رائعة - : "لم يشهد المجتمع الإسلامي ما شهدته أوربة من تحجر العقل وشل التفكير، وجدب الروح، ومحاربة العلم والعلماء حيث يذكر التاريخ أن اثنين وثلاثين ألف عالم قد أحرقوا أحياء! ولا جدال في أن تاريخ الإسلام لم يعرف هذا الاضطهاد الشنيع لحرية الفكر، بل كان المسلمون منفردين بالعلم في تلك العصور المظلمة، ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة ومنح مخالفيه في العقيدة كل أسباب الحرية كما فعل الإسلام"[84] ..

ومنذ حوالي ألف عام، عندما كان العلماء في أوربة يُحرقون أحياء كما قال سيديو؛ كان العالم الأندلسي المسلم (ابن حزم) يعلن في كتابه (الفِصَل في الملل والأهواء والنحل) عن كروية الأرض[85] منطلقاً من القرآن الكريم ومن التنظيم المطرد لمواقيت الصلاة في محيط الأرض[86].

رغم أن أوربا في عهد الكنيسة وفي ذلك الوقت، اعتبرت" أن من الكفر والضلال القول بأن الأرض كروية؛ فمعلم الكنيسة لاكتانتيوس يتساءل مستنكراً: أيعقل أن يُجنَّ الناس إلى هذا الحد فيدخل في عقولهم أن البلدان والأشجار تتدلى من الجانب الآخر من الأرض، وأن أقدام الناس                  تعلو رؤوسهم ؟ !"[87] .

المطلب الرابع : حثه على طلب العلم :

يقول ول ديورانت : "تدل الأحاديث النبوية على أن النبي [r] كان يحث على طلب العلم ويعجب به، فهو من هذه الناحية يختلف عن معظم المصلحين الدينيين"[88] .. وتقول هونكه[89] :" لقد أوصى محمد [r] كل مؤمن رجلاً كان أو امرأة بطلب العلم، وجعل من ذلك واجبًا دينيًا. وكان يرى في تعمق أتباعه في دراسة المخلوقات وعجائبها وسيلة للتعرف على قدرة الخالق. وكان يرى أن المعرفة تنير طريق الإيمان.. ويلفت أنظارهم إلى علوم كل الشعوب، فالعلم يخدم الدين والمعرفة من الله وترجع إليه، لذلك فمن واجبهم أن يصلوا إليها وينالوها أيًا كان مصدرها ولو نطق بالعلم كافر. وعلى النقيض تمامًا يتساءل بولس الرسول Paulus مقرًا: (ألم يصف الرب المعرفة الدنيوية بالغباوة)؟ ..."[90]

وهي لفتة ذكية من هونكه في الفرق بين وجوب طلب العلم في تعاليم محمدr، وتحريم المعرفة في تعاليم بولس ومِن خلفه الكنائس النصرانية في عصور الظلام !

تماماً كما قارنت الدكتورة هونكة في موضع آخر ، حيث قالت : "نادى النبي بالطموح إلى المعرفة والسعي إلى العثور عليها، وقد أدى ذلك إلى اندفاع العرب بأسرهم إلى المدارس يعلِّمون ويتعلمون، بينما كان الغربيون يتباهون بجهلهم للقراءة والكتابة !"[91].

ومن ثم تقول تزفسكن[92] :

 " لم يتبيّن لي الفرق الشاسع بين تعاليم الإسلام وبين كثير من العادات الشرقية إلا عندما دخلت عالم الإسلام الروحي عن طريق القرآن والكتابات الإسلامية.. فشعرت ببطء كيف يجذبني الإسلام. وكانت تعاليمه تخاطب عقلي وفطرتي. وكان من أهم ما شدّني ...الاجتهاد في طلب العلم الذي يُعتبر فريضة على كل مسلم ومسلمة.. "[93].

وهوالأمر الذي نال إعجاب وتقدير لامير[94] التي تقول: "في الوقت الذي تهاوت فيه تعاليم الأديان الأخرى ومبادئها أمام جبروت العلم؛ أخذ علماء الدنيا في الوقت الحاضر يتطلعون إلى الإسلام طالبين السلوى، لأن تعاليمه أقرب إلى العلم من أي دين آخر. بل إن الإسلام يحض على العلم. وهو دين تقدمي يناسب كافة المناخات والبلاد، كما يصلح لجميع العصور"[95] .

المطلب الخامس: العلم من وظائف رسالته:

يقول آتيين دينيه:

".. إن الإسلام منذ البداية في أيامه الأولى قد أخذ في محاربة الخرافات والبدع، وهو نفس العمل الذي يقوم به العلم إلى يومنا هذا"[96] ..

وبالتالي فإن "المنجزات العلمية تتفق تمامًا مع مبادئ الإسلام، لأن الإسلام هو دين العلم"[97]، على حد قول فيلويز[98] .

ومن هنا يذكر جوستاف لوبون أن:"الإسلام من أكثر الأديان ملاءمة لاكتشافات العلم"[99].

وعلى هذا الأساس يعرّف "جارودي "[100]  الإسلامَ، فيقول :"إنما الإسلام هو تلك الرؤية لله .. وللعالم وللإنسان، التي تنيط بالعلوم وبالفنون وبكل إنسان وبكل مجتمع مشروع بناء عالم إلهي وإنساني لا انفصام فيه باقتضاء البعدين الأعظمين، المفارقة والجماعة، التسامي والأمة"[101] ..

ويبين روم لاندو العلاقة بين الدين والعلم في الإسلام، فيقول :

".. في الإسلام لم يول كل من الدين والعلم ظهره للآخر ويتخذ طريقًا معاكسة لا، والواقع أن الأول كان باعثًا من البواعث الرئيسية للثاني"[102] .

ويُفصِّل روم لاندو القول في هذه العلاقة، قائلاً : "العلم الإسلامي لم ينفصل عن الدين قط ! والواقع أن الدين كان هو ملهمه وقوته الدافعة الرئيسية. ففي الإسلام ظهرت الفلسفة والعلم معًا إلى الوجود لا ليحلا محل ألوهية الدين (البدائية) ولكن لتفسيرها عقليًا، لإقامة الدليل عليها وتمجيدها.. إن المسلمين وفّقوا، طوال خمسة قرون كاملة، إلى القيام بخطوات حاسمة في مختلف العلوم من غير أن يديروا ظهورهم للدين ...وأنهم وجدوا في ذلك الانصهار عامل تسريع وإنجاح لا عامل تعويق وإحباط"[103] ..

ومن ثم بلغوا مبلغاً عظيماً في ميادين العلوم الإنسانية والطبيعية، وظهر منهم مسلمو إسبانيا  " الذين أهدوا إلى الغرب اللاتيني هباتهم النفيسة في ميادين العلم والفلسفة.. وكان الطب كالرياضيات من مفاخر العلوم العربية وأركانها الوطيدة"[104] على حد قول سرارنست باركر (1874-1960).

وكانت هذه العلوم التي نبغ فيها المسلمون في عصورهم الذهبية – كما يقول الدومييلي – هي "حلقة الاتصال والاستمرار بين الحضارة القديمة وبين العالم الجديد"[105] .

وهنا يحذر "الدومييلي" من شبهة، فيقول: "ينبغي ألا نظن أن العرب لم يضيفوا شيئًا جديدًا إلى العلم الذي كانوا أوصياء عليه ! بل على النقيض من ذلك ."[106]

وعن رسالة المسلمين في هذه العلوم يقول "أرنست بانرث" [107] : إنهم – أي المسلمين -  " لم يخربوا ما وجدوه من عناصر ثقافية، بل اهتموا بها وبذلوا جهدهم لهضمها ومن ثم تطويرها. ونرى هنا أن العرب فتحوا باب التعرف على الحضارة اليونانية ... بواسطة المترجمين، وعلى هذه الطريقة تطورت الثقافة تحت حماية الإسلام بالعربية التي هي واسطة ممتازة للتعبير عن الأفكار العليا والتي لا تفوقها في هذا لغة من لغات الدنيا. ولا أراني بحاجة إلى ذكر أسماء الفلاسفة[ المسلمين ] الذين فتحوا آفاقًا جديدة لفهم أسرار الطبيعة والوجود، ...ولا شك أن الحضارة الإسلامية ارتفعت في القرون الوسطى إلى علوّ لم ينتبه إليه قوم آخرون. ولا يخفى أن هذا الاعتلاء كان ثمرة الاجتهاد في كل نواحي الثقافة وتطبيق الطرق العلمية. أما الغرب الأوروبي فلم يستطع حينئذ فهم الثقافة وتطويرها. وكذلك دولة بيزنطية فقد تجمدت، والآن نرى كيف تعجبت الأقوام الأوروبية من جمال الثقافة العربية التي امتدت من حدود الصين والهند إلى جبال البرانس"[108] .

المطلب السادس : من توجيهات النبي  r:

وهذه باقة من توجيهات نبينا العظيمr، وحثه على طلب العلم، ونشر المعارف والثقافات، وأمره بمحو الأمية والخرافات:

فيقول – صلوات ربي وسلامه عليه - :

"طلب العلم فريضة على كل مسلم"[109] ..

" .. و إن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر"[110]

"إن الله أوحى إلي : أنه من سلك مسلكاً في طلب العلم سهلت له طريق الجنة، و من سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة، و فضل في علم خير من فضل في عبادة، و ملاك الدين الورع"[111] .

"ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع حتى يرجع"[112] .

"من علم علماً، فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل شيء"[113] ..

"إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته : علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه..."[114]

وعن صفوان بن عسال المرادي t قال:

أتيت النبي r وهو في المسجد متكىء على برد له أحمر فقلت له: يا رسول الله،  إني جئت أطلب العلم .

فقال: " مرحبًا بطالب العلم ..  إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها، ثم يركب بعضهم بعضًا حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب"[115] .

وعن أبي أمامة قال: ذُكر لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- رجلان : أحدهما عابد والآخر عالم.. فقال - عليه أفضل الصلاة والسلام - : " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ".. ثم قال - رسول الله صلى الله عليه وسلم -:                                       

"إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير"[116]

قال ابن عباس:

 كان ناس من الأسارى يوم بدر ليس لهم فداء، فجعل رسول- الله صلى الله عليه وسلم - فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة[117]؛ وبذلك شرع الأسرى يعلمون غلمان المدينة القراءة والكتابة، وكل من يعلم عشرة من الغلمان يفدي نفسه. وقبول النبي صلى الله عليه وسلم تعليم القراءة والكتابة بدل الفداء في ذلك الوقت الذي كانوا فيه بأشد الحاجة إلى المال يرينا سمو الإسلام في نظرته إلى العلم والمعرفة، وإزالة الأمية[118]..   

  هذه كانت توجيهات محمد في العلم والمعرفة ...

صور رائعة وتعاليم رفيعة، يقف أمامها العاقل المتبصر وقفة خشوع وإجلال، لاسيما لهذا المظهر العظيم من مظاهر الرحمة من النبيr، ألا وهو رعاية العلم والمعرفة.. وفي ذلك رحمة للبشر من زعيم كبير ونبي جليل ..

مما دفع "لبيب رياشي" أن يرفع قبعته تقديراً لهذه التعاليم قائلاً :  "حقاً يا محمد ... إنك (السوبرمان)[119] الأول العالمي، رسول الثقافة والعلم، رسول الهداية والتضحية، رسول الفلسفة الجديدة، رسول الإنسانية  الجديدة"[120]..

 "بدّل الضلال بالهدى ، والجهل بالعلم ، والهمجية بالمدنية"[121]..

"علمه الله العلم والحكمة ، فوجب علينا أن نصغي إليه قبل كل شيء !"[122]..

 

المبحث الخامس

الخطاب التربوي

لم يكن خطابه r إلى الناس خطابًا دكتاتوريًا مستبدًا، أو براجماتيًا نفعيًا، إنما كان خطابه إلى الناس خطابًا تربويًا .. لم يكن يغلب عليه طابع الحاكم بقدر ما غلب عليه طابع المعلم الوقور الذي يتحدث إلى تلاميذه .. وهذا من تجليات رحمته r..

المطلب الأول : المعلم الرحيم :

كان النبي r هو المعلم الرحيم  والمصلح الكبير لإبناء الإنسانية، علمهم الحياة ، والحضارة، فأصلح شؤونهم بعد فساد، يقول الباحث الهولندي وث ( 1814 – 1899م) :

"لقد جاء قرآن العرب[123] على لسان نبيهم محمد العظيم [r]! ، وعلمهم كيف يعيشون في هذه الحياة ، وقد وحد صفوفهم وجمع كلمتهم وأدبهم حتى لا ترى أمة من الأمم أحسن منهم، وبالنهاية اعتمدوه في كل أمورهم ، وكان يتلقى الوحي من ربه الذي يوحي إليه ، ثم ينقله إلى الناس ، بعد أن يكتبه له الكتاب الذين انتدبهم لذلك"[124] ..

 

كما كان النبي  rفي سائر مراحل حياته القدوة الإنسانية والمثل الأعلى والنموذج الأمثل للمعلم الكبير، وقد جاء في القرآن الكريم:] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ   [[ الأحزاب : 21]

"فهو القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا وحبًا بنا ،حتى نقتفي أثره"[125]

وهذه القدوة التي تمسك بها المسلمون، عادت عليهم بانتشار هذا الدين في تلك الرقعة الفسيحة في الأرض كما يقول توماس آرنولد، و"وقفوا حياتهم على الدعوة إلى الإسلام، متخذين من هدي الرسول [r] مثلاً أعلى وقدوة صالحة"[126].

المطلب الثاني: نماذج رحمته بالمتعلمين :

فمن نماذج رحمته r في التربية ما رواه مُعَاوِيَةَ بنِ الْحَكَمِ السّلَمِيّ قال: صَلّيْتُ مَع رسولِ الله  rفَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ. فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله, فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمَيّاهُ ! مَا شَأْنُكُم تَنْظُرونَ إلَيّ؟ ! قال: 

فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأيْدِيهِمْ عَلَى أفْخَاذِهِمْ فَعَرَفْتُ أنّهُمْ يُصَمّتُونِي، فَلَمّا رَأيْتُهُمْ يُسكّتُونِي سكَتّ، فَلَمّا صَلّى رسولُ الله r - بِأبِي وَأُمّي - مَا ضَرَبَني وَلا قهَرَني وَلا سَبّنِي. ثُمّ قال:"إنّ هَذِهِ الصّلاَةَ لا يَحِلّ فيها شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النّاسِ هَذَا. إنّمَا هُوَ التّسْبِيحُ وَالتّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ"[127].

ومن أعاجيب المواقف التي تدل على سعة صدره ورحمته للمتعلمين، قصة الأعرابي الذي بال في المسجد..  فعن أنس t قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله r إذ جاء أعرابي[128] فقام يبول في المسجد وأصحاب الرسول r يصيحون به: مه مه! (أي اترك)، فقال رسول الله r: "لا تزرموه دعوه!" (لا تقطعوا عليه بولته)، فترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله، ثم دعا الرسول r الأعرابي، فقال رسول الله r للأعرابي: " إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر؛ إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن". وهنا قال رسول الله r لإصحابه: "إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين صبوا عليه دلوا من الماء". فقال الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا!!! فقال الرسول r: "لقد تحجرت واسعًا، (أي ضيقت واسعًا)"[129] .

 

وهكذا نرى نبي الرحمة r في مثل هذه المواقف، التي يغلب عليها الجانب التربوي السمح، لا الجو العسكري الصارم . وإن كان رسول اللهr  هو "الرجل والمعلم والخطيب ورجل الدولة والمجاهد"[130] في آن واحد .

المطلب الثالث : أساليبه في الخطاب التربوي :

وأساليبه r في الخطاب التربوي والتعليم، رحمة للمتعلمين، رحمة لكل من يستمع إليه ..

فتراه r وهو يحدث الناس، يمهد لحديثه ليفهموه، ويكرر المعلومة ويوكدها ليعقلوها، ويضرب الأمثلة ليصل المعنى إلى السامعين، ويتخولهم بالموعظة مخافة الملل، ويرسم بيده على الأرض، ويستخدم أصابعه ممثلاً...كل هذا رفقًا ورحمة بالمستمعين والمتعلمين[131] .

أولاً: التمهيد والتهيئة:

كان النبي r يمهد للمعلومة قبل إيصالها للمتعلم، بحيث يستوعبها السامع، بسهولة ويسر، ومثال ذلك :

1- ما رواه أبو هريرة t عن النبي r قال: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.. ويرفع به الدرجات؟ " قالوا: بلى يارسول الله قال: " إسباغ الوضوء على المكاره.. وكثرة الخطى إلى المساجد... وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط.. فذلكم الرباط... فذلكم الرباط "[132].

2- وعن أبي هريرة أن رسول الله r قال: " أتدرون من المفلس؟".

 قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام ويأتي وقد شتم هذا.. وقذف هذا.. وأكل مال هذا.. وسفك دم هذا... وضرب هذا... فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته... فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم.. فطرحت عليه ثم يطرح في النار "[133] .

ففي المثال الأول مهد للمستمعين قائلاً : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.. ويرفع به الدرجات..؟" ، ليتهيىء السامع، ويتجاوب مع السؤال، ويُعمل عقله، في محاولة الإجابة، ومن ثم يقوم النبي بالإجابة على السؤال بنفسه وقد استثار عقل السامع نحو فكرة الموضوع . فتدخل المعلومة إلى العقل، وقد اشتاق إلى المعلومة، كما تشتاق الأرض العطشى للمطر !

وبالمثل في المثال الثاني، فالسامع في اشتياق لمعرفة هذا المفلس وصفاته، بعدما تحرك العقل يمينًا وشمالاً لمعرفة الجواب الصحيح . فلا يزال العقل في حيرة حتى تصل إليه المعلومة الشافية، فتحصل الفائدة وترسخ المعلومة.

 

ثانيًا: التكرار والإعادة:

فعن أنس بن مالك t عن النبي r أنه " كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه.. "[134].

ومثال ذلك:

1- قوله r: " ألا وقول الزور " فما زال يكررها...

2- ويقول ابن عمر: قال النبي r : " هل بلغت؟ " ثلاثًا .

3- وعن  عبد الله بن عمرو عن النبي r قال: " ويل للأعقاب من النار " مرتين أو ثلاثاً.

والتكرار في هذه النماذج  للتفهيم والحفظ. وهذه من قبيل رفقه وتنبيهه للمستمع. 

 

ثالثًا: التأني أثناء العرض:

فتصف عائشة طريقة عرض النبي r فتقول : " ما كان رسول الله r يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بيّن، فصل، يحفظه من يجلس إليه "[135] .

والنبي r بطريقة عرضه هذه، إن دلت على شيء فإنما تدل على رفقه ورحمته بالمستمعين..

 

رابعًا: مراعاة طاقة المتعلمين:

فلقد كان النبي r، يقتصد في دروسه وخطبه ومواعظه، حتى لا يمل المتعلمين من تعاليمه r، وحتى ينشطوا لحفظها ويسهل عليهم فهمها ..

فقد كان النبي r يحسن اختيار أوقات النشاط الذهني، والاستعداد النفسي لدى المتعلمين.. ومباعدته بين الخطبة وأختها، والموعظة وأختها.. حتى تشتاق النفوس، وتنشرح الصدور لتلقي العلم..

فعن عبد الله بن مسعود t قال: " كان النبي r يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا "[136].

 

خامسًا: ضرب الأمثال:

وقد كان هذا الأسلوب هو المعتاد والمفضل في منهج النبي r في العرض والتفهيم، ومثال ذلك قوله r :"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد... إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "[137]

وفي ذلك أثر كبير في إيصال المعنى إلى المتعلم، ذلك أنه يقدم القيمة المعنوية في صورة حسية ملموسة، فيربطه بالواقع ويقربه إلى الذهن .

سادسًا: استخدام الوسائط المتعددة:

كان النبي r يستخدم ما يسمى اليوم بالوسائل التعليمية أوالوسائط التوضيحية، لتبيين المعنى، وتوضيح المغزى في عقول السامعين، وشغل كل حواسهم بالموضوع:

ومن هذه الوسائط:

1- التعبير بحركة اليد والأصابع:

كتشبيكه r بين أصابعه وهو يبين طبيعة العلاقة بين المؤمن وأخيه. فعن أبى موسى الأشعري t... عن النبي r قال: " المؤمن للمؤمن كالبنيان.. يشد بعضه بعضا " وشبك بين أصابعه[138].

2- التعبير بالرسم والمجسمات:

أ) أما الرسم : فعن عبد الله بن مسعود t قال: " خط النبي r خطًا مربعًا.. وخط خطًا في الوسط خارجا منه ـ وقد أحاط به ـ وهذا الذي هو خارج أمله... وهذه الخطوط الصغار الأعراض.. فإن أخطأه هذا؛ نهشه هذا. وإن أخطأه هذا؛ نهشه هذا"[139] .

ففي هذا الحديث بين لهم النبي r بالرسم على الأرض كيف يحال بين الإنسان وبين آماله الكثيرة الواسعة بالموت .. وفيه حض على الاستعداد للموت قبل هجومه المفاجئ.

ب) وأما المجسمات : فعن علي بن أبي طالب t قال: " إن نبي الله r أخذ حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله: ثم قال: " إن هذين حرام على ذكور أمتي... حل لإناثهم "[140].

3- التعليم التطبيقي العملي:

ولقد انتهج الرسول r هذا الأسلوب في التعليم عندما كان يعلم الصحابة الصلاة حيث قال بعد ما فرغ من الصلاة ذات يوم : " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي "[141] .

كل هذه الوسائط والأساليب من قبيل الرحمة بالمتعلمين، تبين لك عظيم رحمة النبيr، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على عظم قدر العلم والمعرفة والثقافة في نفس محمدr، وتقديره البالغ لرسالة التربية والتعليم، وممارسته الماهرة لشتى الوسائل التي تفيد المنظومة التربوية ..

 

 

المبحث السادس

خدمة الإنسانية

المطلب الأول : محمد rخادم الإنسانية:

وفي رعايته للإنسانية وحقوق الإنسان مظهر آخر من مظاهر رحمته r ..

لقد عاش النبيr  حياته يخدم الإنسان، ويهذب الإنسان، ويعلم الإنسان، ويدافع عن الإنسان..  !

لقد كان إنسانًا بكل ما في الكلمة من معان. وكانت سعادة نفسه ورضاها، في كونه إنسانًا، يأكل كما يأكل العبد، ويلبس كما يلبس العبد، يسأل ربه دومًا أن يحيه مسكينًا وأن يمته مسكينًا، وأن يحشره في زمرة المساكين .. و لا يأنف أن يطمئن رجلاً دخل علي حضرته – صلوات الله وسلامه عليه - ، وقد ارتعدت أوصال الرجل، من شدة هيبة النبي r، ظنًا منه أنه إنما دخل على جبار أو ملك، والنبي يهدىء من روعه قائلاً :    

" هون عليك ! فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد !"[142].

"لقد  كان محمد [r] أنموذجًا للحياة الإنسانية بسيرته وصدق إيمانه ورسوخ عقيدته القويمة. بل مثالاً كاملاً للأمانة والاستقامة وإن تضحياته في سبيل بث رسالته الإلهية خير دليل على سموّ ذاته ونبل مقصده وعظمة شخصيته وقدسية نبوته... وما حياة الرسول [r] سوى سلسلة وقائع تاريخية عظيمة الشأن نبيلة المرمى يتجلى فيها مقامه السامي من الحلقة الإنسانية "[143] ..

تقول "اللادي ايفلين كوبولد":

".. لعمري، ليجدن المرء في نفسه، ما تقدم إلى قبر محمد [r] روعة ما يستطيع لها تفسيرًا، وهي روعة تملأ النفس اضطرابًا وذهولاً ورجاء وخوفًا وأملاً، ذلك أنه أمام نبي مرسل وعبقري عظيم لم تلد مثله البطون حتى اليوم.. إن العظمة والعبقرية يهزان القلوب ويثيران الأفئدة فما بالك بالعظمة إذا انتظمت مع النبوة، وما بالك بها وقد راحت تضحي بكل شيء في الحياة في سبيل الإنسانية وخير البشرية"[144].

ويؤكد القس "دافيد بنجامين كلدانى" في مؤلفه : " محمد في الكتاب المقدس " هذه الحقيقة بأن النبي r "خادم الإنسانية" بقوله :

"إن الخدمة الجليلة العظيمة المدهشة التي قدمها محمد [r] لله .. ولصالح البشر، لم يقدمها أي مخلوق من عباد الله ملكاً كان أو نبياً... فإنه [r] أقلع جذور الوثنية من جزء كبير من الأرض، وأما خدمته للإنسان فقد قدم له أكمل دين وأفضل شريعة لإرشاده وأمنه "[145].

ويتابع القس كلدانى القول :

" أقام دين الإسلام الذي وحد في أخوة حقيقية ، جميع الأمم والشعوب التي لا تشرك بالله شيئاً . إن جميع الشعوب الإسلامية تطيع رسول الله[r] وتحبه تحترمه! لأنه مؤسس دعائم دينها، ولكنها لا تعبده أبداً ولا ترفعه إلى مقام التقديس والتأليه"[146]..

ويقول الباحث السويسري ماكس فان برشم ( 1863 _ 1921 ) :

" إن محمداً [r] نبي العرب من أكبر مريدي الخير للإنسانية، وإن  ظهور محمد[r] للعالم أجمع إنما هو أثر عقل عال ، وإن افتخرت آسية بأبنائها فيحق لها أن تفتخر بهذا الرجل العظيم .."[147] ..

و تلخص الموسوعة البريطانية السيرة الكفاحية لحياة الرسول r واجتهاده في  خدمة الإنسانية عربياً وعالمياً فتقول :

"إن محمداً [r]، اجتهد في الله .. وفي نجاة أمته ، وبالأصح : اجتهد في سبيل الإنسانية جمعاء" [148]..

و"ما أجمل ما قال المعلم العظيم [r] :(الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللَّهِ، فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ.).. "[149]

المطلب الثاني: خطبة الوداع : الميثاق الإسلامي لحقوق الإنسان :

وقد جاء في هذه الخطبة الجامعة  :

"أيها الناس ! إني والله لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا، بمكاني هذا، فرحم الله من سمع مقالتي اليوم فوعاها، فرب حامل فقه ولا فقه له ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه"[150] .

‏" ‏إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا‏.‏ ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ـ وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هُذَيْل ـ وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله‏"[151] .

" لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ولا يُؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه!"[152] .

" واعلموا أن القلوب لا تغل على ثلاث إخلاص العمل لله ومناصحة أولي الأمر وعلى لزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم "[153]

‏"‏فاتقوا اللّه في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة اللّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللّه، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مُبَرِّح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف‏..وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ..كتاب الله[154] .

"أيها الناس ! إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم واعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأطيعوا ولاة أمركم تدخلوا جنة ربكم.‏ "[155] . 

"‏وأنتم تسألون عني، فما أنتم قائلون‏؟‏‏" ‏ قالوا‏:‏ نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت‏.‏

فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها إلى الناس‏:‏ ‏"‏اللهم اشهد‏!!"ثلاث مرات‏[156].

ويعلق "هربرت جورج ولز "على هذه الخطبة فيقول :

"إنّ أول فقرة فيها تجرف أمامها كل ما بين المسلمين من نهب وسلب ومن ثارات ودماء، وتجعل الفقرة الأخيرة منها الزنجي المؤمن عدلاً للخليفة.. إنها أسست في العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وإنها لتنفخ في الناس روح الكرم والسماحة، كما أنها إنسانية السمة ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما يغمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعي، عما في أي جماعة أخرى سبقتها"[157] .

ويعلق العلامة إميل درمنغم ، على هذه الرحلة العظيمة، وهذه الخطبة البليغة، قائلاً:

".. تجلت بهذه الرحلة الباهرة [حجة الوداع] ما وصلت إليه من العظمة والسؤدد رسالة ذلك النبي [r]الذي أنهكه اضطهاد عشر سنين وحروب عشر سنين أخرى بلا انقطاع، وهو النبي الذي جعل من مختلف القبائل المتقاتلة على الدوام أمة واحدة.."[158]

المطلب الثالث: توجيهات إنسانية :

وإلى جانب خطبة الوداع الجامعة هناك توجيهات وتعاليم أخرى للنبي r، تعنى بحقوق الإنسان، لاسيما في مسألة الدماء :

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،  قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ r لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ، فَصَعِدَ مِنْبَرَهُ ، فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! أَيُقْتَلُ قَتِيلٌ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ؟ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِلا عَدَدٍ وَلا حِسَاب"[159]

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ:

أَنَّ سَرِيَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ r غَشُوا أَهْلَ مَاءٍ صُبْحًا فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ إِنِّي مُسْلِمٌ فَقَتَلَهُ ، فَلَمَّا قَدِمُوا أَخْبَرُوا النَّبِيَّ r بِذَلِكَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ الْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ وَهُوَ يَقُولُ إِنِّي مُسْلِمٌ" فَقَالَ الرَّجُلُ:  إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا. فَصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ r وَجْهَهُ وَمَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى فَقَالَ : " أَبَى اللَّهُ عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا "ثَلَاثَ مَرَّاتٍ[160]..

و"مثل هذه الأقوال وهذه الأفعال ترينا في محمد[r] أخا الإنسانية الرحيم ، أخانا جميعاً الرؤوف الشفيق ، وابن أمنا الأولى وأبينا الأول"[161] .

 

[1] رودي بارت : الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية ، ص 20.

[2] سيد قطب : في ظلال القرآن - (ج 6 / ص 91)

[3] نظمي لوقا: محمد في حياته الخاصة ، ص 12.

[4] هربرت وايل : المعلم الأكبر ، ص 17

[5] انظر : شاخت وبوزورت : تراث الإسلام 1 / 64 – 66 .

[6] منصّر سابق، من غانا، بإفريقية الغربية، ولد لأبوين مسيحيين، وتلقى تعليمه في المدارس التنصيرية، ولما بلغ العشرين بدأ مهمته كمبشر متحمّس، لكنه عثر يومًا على كتاب عن الإسلام قدمه إليه أحد أصدقائه فاهتزّت قناعاته بالنصرانية، واستمر في طريق البحث عن الحق حتى خريف عام 1963 حيث أعلن إسلامه.

[7] انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 9 / 57 – 58 .

[8] انظر: حكمت بشير ياسين، عناية السنة النبوية بحقوق الإنسان، 337

[9] انظر: حكمت بشير ياسين، عناية السنة النبوية بحقوق الإنسان، 337

[10] جوزيف شاخت: ولد عام 1902، وعين أستاذًا في عدد من الجامعات الألمانية (1927-1934)، ومحاضرًا للدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد (1948)، وليدن (1954)، وكولومبيا (1957-1958)، وقد اشتهر بدراسة التشريع الإسلامي وبيان نشأته وتطوره.من آثاره: (دين الإسلام) (1931)، و(نشأة الفقه في الإسلام) (1950)، و(خلاصة تاريخ الفقه الإسلامي) (1952).

[11] انظر : شاخت وبوزورت : تراث الإسلام 3 / 9 .

[12] انظر : عرفات كامل العشي : رجال ونساء أسلموا ، 8 / 1108 – 109 .

[13] لورافيشيا فاغليري : دفاع عن الإسلام ، ص 43.

[14] إميل درمنغم: حياة محمد، ص 300.

[15] هنري دي كاستري: الإسلام: خواطر وسوانح ، ص16، 17

[16]  كاتبة إنجليزية، اعتنقت الإسلام وزارت الحجاز، وحجت إلى بيت الله، وكتبت مذكراتها عن رحلتها تلك في كتاب لها بعنوان: (الحج إلى مكة) (لندن 1934) والذي ترجم إلى العربية بعنوان: (البحث عن الله).

[17] اللادي ايفلين كوبولد: البحث عن الله، ص51، 66

[18] انظر:  ابن كثير: السيرة النبوية، 3\ 573، والبداية والنهاية 4\ 346

[19] السهام التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر، وهو عمل سخيف، يعيق الإنسان عن العمل والحركة، إلا بقرار من هذه الأزلام !

[20] المصدر السابق

[21] انظر : صفي الرحمن  المباركفوري : الرحيق المختوم ، 471.

[22] انظر : المصدر السابق

[23] انظر : المصدر السابق

[24] جورج حنا : قصة الإنسان ، ص 25

[25] صحيح البخاري، برقم 4525 ، قال هذه الكلمة عندما ضرب رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلا مِنْ الْأَنْصَارِ "  فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ : يَا للأ نْصَارِ !! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ !!  فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ:" مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ !!" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ :كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ . فَقَالَ : " دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"  يعني العصبية والتفاخر بالقبائل .

[26] مفكر وباحث ألماني، عكف على  الدراسات الشرقية في جامعة هايدلبرج، وكرس حياته لدراسة الإسلام، وصنف عددًا كبيرًا من الكتب والأبحاث، منها ترجمته للقرآن الكريم ، التي أصدرها في عامي 1964     و1965، وله كتاب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

[27] رودي بارت : الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية ، ص 20.

[28] رودي بارت : الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الألمانية ، ص 20.

[29] انظر للباحث : " دور النبي صلى الله عليه وسلم في تحضر العرب"، المقالة الفائزة بمسابقة " انصر نبيك وكن داعياً " من الموقع الإسلامي " الألوكة " .. فرع المقالة الصحفية- 2006

[30] انظر: محمد شريف الشيباني : الرسول في الدراسات الإستشراقة المنصفة، ص 68 وما بعدها.

[31] فيليب حتى :الإسلام منهج حياة ، ص56.

[32] يقصد حجة الوداع، في اليوم التاسع من ذي الحجة، في العام العاشر من الهجرة (6مارس632 م)

[33] إميل درمنغم :حياة محمد

[34] آرنولد توينبي : المؤرخ البريطاني، الذي انصبت معظم دراساته على تاريخ الحضارات، وكان أبرزها مؤلفه الشهير (دراسة للتاريخ) الذي شرع يعمل فيه منذ عام 1921 وانتهى منه عام 1961، وهو يتكون من اثني عشر جزءًا عرض فيها توينبي لرؤيته الحضارية للتاريخ.

[35] سومر فيل،  وإشراف: آرنولد توينبي : مختصر دراسة للتاريخ 10 / 381

[36] مارسيل بوزار : إنسانية  الإسلامية ، ص 182-183.

[37] خطأ ! بل الإسلام، أما مصطلح المحمدية، فيستخدمه المعادون للإسلام عى أساس أنه دين من اختلاق محمد صلى الله عليه وسلم . 

[38] آرلونوف : مقالة "النبي محمد " ، مجلة الثقافة الروسية ، ج 7 ، عدد 9

[39] مستشرق فرنسي،  من آثاره: (موسى بن ميمون: ترجمته وآثاره وفلسفته) (1921)، (الصوفية والمسيحية واليهودية)، (فلسفة الفكر الإسلامي).

[40] هنري سيرويا : فلسفة الفكر الإسلامي ، ص 8

[41] انظر : محمد شريف الشيباني: الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة، 182

[42] سليل أسرة مسلمة منذ القدم، أصبح نصرانيًا في فترة مبكرة من حياته وتحت تأثير إحدى المدارس التبشيرية المسيحية، وقضى ردحًا من حياته في كنيسة إنكلترا، حيث عمل قسيسًا منذ عام 1939 وحتى عام 1963 ، ثم عاد إلى دين الإسلام.

[43] عرفات كامل العشي :رجال ونساء أسلموا، 4 / 28 – 29 

[44] قسطاكي حمصي : مجلة الفتح القاهرية، عام 1930، نقلاً عن : محمد شريف الشيباني، 183

[45] انظر:  آن بيزينت: حياة وتعاليم محمد ، ص5.

[46] انظر : محمد شريف الشيباني، الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة، ص 204.

[47] موريس بوكاي : التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، ص 14

[48] انظر : رشدي فكار: نظرات إسلامية للإنسان والمجتمع خلال القرن الرابع عشر الهجري ، ص 31.

[49] عبد الله كويليام : أحسن الأجوبة عن سؤال أحد علماء أوروبا ، ص 21 ، 22.

[50] عبد الله  كويليام : أحسن الأجوبة عن سؤال أحد علماء أوروبا ، ص 22 ، 23.

[51] انظر : محمد عثمان عثمان : محمد في الآداب العالمية المنصفة، ص107

[52] هذه الجملة للمؤرخ : ستانورد كب : المسلمون في تاريخ الحضارة، 21

[53] جوستاف لوبون : الحضارة الاسلامية ، ص 67.

[54] هذه الجملة للباحث الفرنسي: مكسيم رودنسن، انظر: عماد الدين خليل:  قالوا عن الإسلام ص 112

[55] مارسيل بوزار : إنسانية الإسلام ، ص 183

[56] انظر: محمد عثمان عثمان : محمد في الآداب العالمية المنصفة، ص20.

[57] لورافيشيا فاغليري : دفاع عن الإسلام ، ص73.

[58] ميشون : تاريخ الحروب الصليبية،  نقلا عن عفيف عبد الفتاح طبارة، ص 383

[59] ميشون : سياحة دينية في الشرق ، ص 31.

[60] المستشرق والوزير الروماني  كونستانس  جيورجيو ( المولود عام 1916) صاحب كتاب : " نظر ة جديدة في سيرة رسول الله"

[61] كونستانس جيورجيو : نظرة جديدة في سيرة رسول الله ، ص 192 وما بعدها

[62] ابن كثير: السيرة النبوية 2/ 322، ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 503

[63] ابن سيد الناس : عيون الأثر 1/261 وابن كثير: السيرة النبوية 2/ 322، ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 503

[64] ابن سيد الناس : عيون الأثر 1/261 وابن كثير: السيرة النبوية 2/ 322، ابن هشام : السيرة النبوية 1/ 503

[65] كونستانس جيورجيو : نظرة جديدة في سيرة رسول الله ، ص  371، 372.

[66] انظر : محمد حميد الله : الوثائق السياسية،ص 179، وقد نقلنا النص الأصلى، وليس النص المترجم عن جيورجيو.

[67] كونستانس جيورجيو : نظرة جديدة في سيرة رسول الله ، ص 372.

[68] آتيين دينيه : أشعة خاصة بنور الإسلام ، ص 18 – 19 .

[69] انظر: محمد أمين حسن : خصائص الدعوة الإسلامية ، ص 166

[70] انظر : شوقي أبو خليل:  الإسلام في قفص الاتهام ، 125

[71] انظر: محمد أبو فارس:  النظام السياسي في الاسلام ، ص 21

[72] سورة المائدة :الآية 82، والاستشهاد للباحث النصراني يوسف نعيم عرافة.

[73] انظر : محمد شريف الشيباني : الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة 110.

[74] سيد قطب: في ظلال القرآن، المجلد الأول، تفسير الآية 256 من سورة البقرة.

[75] انظر : محمد شريف الشيباني: الرسول في الدراسات الإستشراقية المنصفة ، 178

[76] دانييل بريفولت: نشأة الإنسانية، ص84

[77] قول الله تعالى )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ( سورة العلق : الآية الأولى  .

[78] نصري سلهب : لقاء المسيحية والإسلام، 92

[79] انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا 5 / 37 .

[80] البروفيسور هارون ليون: باحث إنكليزي، اعتنق الإسلام عام 1882، وكان زميلاً وعضوًا فخريًا في العديد من الجمعيات الدينية في أوروبا وأميركا، وكان أستاذًا قديرًا في علم اللغويات، وقد تلقى العديد من الأوسمة الفخرية، أحدها من السلطان عبد الحميد الثاني – رحمه الله - .

[81] هكذا، ولعلها : "تفرض"

[82]انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 7 / 6 – 7 .

[83] انظر : عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، ص 32

[84] انظر: محمد حسام الدين الخطيب: نبي المسلمين ودين الإسلام والحضارة الإسلامية 41، 42

[85] انظر ابن حزم : الفصل في الملل والأهواء والنحل، مطلب (بيان كروية الأرض)، 2\78

[86] انظر: محمد حسام الدين الخطيب: نبي المسلمين ودين الإسلام والحضارة الإسلامية، ص  42

[87] انظر:  زيغريد هونكه:شمس الله تسطع على الغرب، ص 370

[88] ول ديورانت : قصة الحضارة ،13 / 167

[89] دكتورة زيغريد هونكه : مستشرقة ألمانية معاصرة، وهي زوجة الدكتور شولتزا، المستشرق الألماني المعروف الذي تعمق في دراسة آداب العرب والمسلمين  والاطلاع على آثارهم ومآثرهم. من آثارها: (أثر الأدب العربي في الآداب الأوروبية) ، و(الرجل والمرأة) وهو يتناول جانبًا من الحضارة الإسلامية (1995)، و(شمس الله تسطع على الغرب) الذي ترجم بعنوان: (شمس العرب تسطع على الغرب).

[90] زيغريد هونكه: شمس العرب تسطع على الغرب، ص 369

[91] زيغريد هونكه: شمس العرب تسطع على الغرب، ص 369

[92] فاطمة تزفسكن: من تشيكوسلوفاكيا كانت تحمل اسم (مونيكا). ولدت عام 1943م، قرأت كثيرًا واتصلت بعدد من المسلمين الألمان، وبعد أن اقتنعت بالإسلام دينًا، أعلنت انتماءها إليه عام 1963م.

[93] انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 2 / 98 – 99 .

[94] فاطمة سي لامير : ألمانية، لم تقنعها الديانة النصرانية، فأخذت تتصل منذ مطلع عام 1951، عن طريق المراسلة، بعدد من المسلمين الذين شرحوا لها مبادئ الإسلام، فانشرح صدرها له وانتمت إليه.

[95]انظر: عرفات كامل العشي:  رجال ونساء أسلموا ، 3 / 96 .

[96] آتيين دينيه :أشعة خاصة بنور الإسلام ، ص 18

[97] هذه الكلمة لفيلويز، انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 6 / 61 .

[98] ح. ف. فيلويز :  ضابط بحرية بريطاني، شارك في الحربين العالميتين الأولى والثانية، نشأ في بيئة نصرانية، تأصلت فيها التقاليد المسيحية بشكل عميق، ومع ذلك فقد هداه الله إلى الإسلام بعد أن اطلع على القرآن الكريم وقرأ عددًا من المؤلفات الإسلامية، وذلك عام 1924.

[99] فيلويز : حضارة العرب ، ص 126

[100] روجيه جارودي : المفكر الفرنسي المعروف، وأحد كبار زعماء الحزب الشيوعي الفرنسي، سابقًا، تتميز ثقافته بالعمق والشمولية، والرغبة الجادة في البحث عن الحق. أتيح له منذ مطلع الأربعينات أن يحتك بالفكر الإسلامي والحياة الإسلامية. وازداد هذا الاحتكاك بمرور الوقت، وتمخض عن اهتزاز قناعاته المادية وتحوله بالتدريج إلى خط الإيمان، الأمر الذي انتهى به إلى فصله من الحزب الشيوعي الفرنسي، كما قاده في نهاية الأمر (أواخر السبعينات) إلى اعتناق الإسلام، حيث تسمى بـ(رجاء جارودي). كتب العديد من المؤلفات منها: (حوار الحضارات)، (منعطف الاشتراكية الكبير)، (البديل)، (واقعية بلا ضفاف)، وبعد إسلامه أنجز سيرة ذاتية خصبة وعددًا من المؤلفات، أبرزها: (دعوة الإسلام)، فضلاً عن العديد من المحاضرات التي ألقاها في أكثر من بلد.

[101] روجيه جارودي: دعوة الإسلام ، ص 22

[102] روم لاندو : الإسلام والعرب، 246

[103]روم لاندو:  الإسلام والعرب ، ص 280 – 281

[104] انظر: سير توماس أرنولد (إشراف) : تراث الإسلام ، ص105

[105]الدومييلي: العلم عند العرب ، ص 10 – 11 .

[106] الدومييلي : العلم عند العرب،144

[107] أرنست بانرث : ولد في مدينة ليبزج، سنة 1895، نال الدكتوراه في اللغات الإسلامية من جامعة فينا. وعين أستاذًا للفلسفة والتاريخ والآداب الألمانية. من آثاره: (الإسلام اليوم وغدًا) (1958)، (التفاهم بين الشرق والغرب) (بتكليف من اليونسكو)، وله دراسات عن الفلاسفة المسلمين.

[108] أرنست بانرث : تأثير الفلسفة الإسلامية في تطور الفكر الأوروبي ، ص 8 – 9 .

[109] صحيح – رواه ابن ماجة عن أنس( 1\ 81) ، برقم 224، وصححه الألباني في الجامع الصغير، برقم 7360

[110] صحيح – رواه ابن عبد البر في العلم عن أنس ، برقم 24، وصححه الألباني في الجامع الصغير، برقم 7361

[111] صحيح – رواه البيهقي عن عائشة، وصححه الألباني في الجامع الصغير، برقم2607

[112] صحيح – رواه أحمد والبيهقي وابن حبان والحاكم، عن صفوان بن عسال وصححه الألباني الجامع الصغير، برقم 10639 

[113] حسن لغيره - رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني   لغيره  في صحيح الترغيب والترهيب 1\19، برقم 80

[114] حسن - رواه ابن ماجه بإسناد حسن والبيهقي ورواه ابن خزيمة في صحيحه، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(1 \ 18 )، برقم 77 

[115] حسن – رواه رواه أحمد والطبراني بإسناد جيد واللفظ له وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد وروى ابن ماجه نحوه باختصار، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(1 \ 17 ) برقم 71.

[116] حسن لغيره - رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، ، وحسنه الألباني   لغيره  في صحيح الترغيب والترهيب 1\19، برقم 81

[117] ابن كثير : السيرة النبوية،2\ 512

[118] على محمد الصلابي : السيرة النبوية 2\46

[119]  لا بأس بها ! فهي تعنى الرجل الأفضل أو الأعظم. أو ذو القدرات الخارقة !

[120] لبيب رياشي : نفسية الرسول العربي، نقلاً عن: محمد شريف الشيباني 100

[121] ميخائيل طعمة : جريدة الكرمل، نقلاً عن: محمد شريف الشيباني 150

[122] توماس كارلايل: الابطال ، ص 60، 70

[123] بل هو قرآن البشر كلهم !

[124] وث : محمد والقران ، ص 78.

[125] هذه الكلمة للقس السابق الدكتور دُرّاني، انظر: عرفات كامل العشي: رجال ونساء أسلموا ، 4 / 27 – 28 .

[126] توماس آرنولد :الدعوة إلى الإسلام ، ص 27

[127] صحيح - أخرجه مسلم في الصلاة باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ماكان من إباحة.

[128] هو ذو الخويصرة اليماني رضي الله عنه.

[129] متفقٌ عليه، صحيح البخاري، باب صب الماء على البول في المسجد، رقم 217

[130] هذه العبارة لفيليب حتي: الإسلام منهج حياة ، ص 56

[131] انظر: سعيد رفعت راجح: الوسائط التعليمية في الأحاديث النبوية، بحث منشور على موقع alukah.net

[132] صحيح - رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، رقم 251

[133] صحيح - رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم  2581.

[134] صحيح – رواه  البخاري في كتاب العلم ، باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، رقم 95

[135] صحيح -  رواه  الترمذي في كتاب المناقب، باب كيف كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم 191، وقال الألباني : صحيح .

[136] صحيح - رواه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة، رقم 68.

[137] صحيح - رواه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم، رقم 5665.

[138] صحيح - رواه البخاري، بَاب تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ،  رقم 459

[139] صحيح - رواه البخاري في كتاب الرقاق. باب في الأمل وطوله، رقم 5938

[140] صحيح - رواه أبو داود في كتاب اللباس، كتاب في الحرير للنساء، رقم 3535، وقال الألباني: صحيح.

[141] صحيح - رواه البخاري في كتاب الصلاة، بَاب الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ،  رقم  866.

[142] صحيح - رواه الحاكم عن أبي مسعود، رقم 3692، قال الألباني في السلسلة الصحيحية (1876) : صحيح .

[143] أحمد سوسة : في طريقي إلى الإسلام ص 1 / 174 – 175.

[144] اللادي ايفلين كوبولد: البحث عن الله ، ص52.

[145] دايفد بنجامين كلداني (عبد الأحد داوود ) : محمد في الكتاب المقدس ، 82.

[146] المصدر السابق.

[147] ماكس فان برشم : العرب في آسية، 57

[148] الموسوعة البريطانية

[149] جان ليك : العرب ، ص 43. والاستشهاد بالحديث من جان ليك.  وحديث :(الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اللَّهِ، فَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ.) هو حديث رواه الطبراني في المعجم الكبير، برقم 9891، وفي رواية البيقهي في شعب الإيمان، « الخلق كلهم عيال الله ، وأحب الخلق أنفعهم لعياله » برقم 7193، ولقد ضعف الألباني هذه الصيغة في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " 4 / 372، لكنه صحح الصيغة الآخرى في حديث: " الخلق كلهم عيال الله ، و تحت كنفه ، فأحب الخلق إلى الله من أحسن إلى عياله " في الصحيحة " ( 427 ).

[150] صحيح - سنن الدارمي1\ 86  ، برقم 227، قال حسين سليم أسد : إسناده حسن والحديث صحيح.

[151] صحيح – رواه ابن حبان، عن جابر،  1457  ، وقال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح

[152] صحيح - السلسلة الصحيحة، رقم 1974

[153] صحيح - سنن الدارمي 1\ 86  ، برقم 227، قال حسين سليم أسد : إسناده حسن والحديث صحيح

[154]  صحيح – رواه مسلم 2 \886 ، برقم 1218

[155]  صحيح – رواه الطبراني في المعجم الكبير 8 \ 136 ، برقم   7617، عن أبي أمامه . وقال الألباني : صحيح (ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم رقم 1061)

[156] صحيح – رواه ابن حبان، عن جابر،  1457  ، وقال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح 

[157] هربرت جورج ولز : معالم تاريخ الإنسانية ، 3 / 640 – 641

[158] اميل درمنغم :حياة محمد، ص 359

[159] رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم 12513

[160] رواه أحمد  في مسنده، برقم 16395

[161] هذه الجملة  لتوماس كارلايل : الابطال ، ص 84-85

يتبع

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ