ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كتاب
: على خطا اوباما الحلقة:
(1) الصفحات:
233 صفحة الكتاب:
على خطى اوباما تأليف:
نيل بلانيل عرض
ومناقشة : د. محمد مخلوف الناشر:
هاشيت ـ باريس ـ 2009 قصة
صعود اوباما ليست ممكنة في أي
بلد آخر تمثّل
مدينة شيكاغو صورة لأميركا بما
فيها من تباينات وانقسامات بين
بيض وسود وأغلبية وأقليّات
وأغنياء وبؤساء وعالم «أوّل»
وعالم «ثالث». وفي هذه المدينة «قلعة
السود في أميركا» مارس باراك
اوباما عمله الأول في الميدان
الاجتماعي، وكانت تلك تجربة
تركت بصماتها على حياته كلها.
وهذا ما وجد صداه في كتابه الأول
«أحلام أبي» الذي أصدره عام 1995،
أي قبل عام واحد من انطلاق
مسيرته السياسية. كان
اوباما خلال سنوات 1997- 2004 عضوا
في مجلس شيوخ ولاية الينوا،
لكنه لم يستطع عام 2000 الفوز
بعضوية مجلس النوّاب الفيدرالي.
وفي نفس تلك السنة وصل جورج
دبليو بوش إلى الرئاسة وشرع بعد
تفجيرات 11 سبتمبر 2001 ب«حربه ضد
الإرهاب» ثم بغزو العراق في
ربيع عام 2003 متجاوزا، بل
متجاهلا، الأمم المتحدة والرأي
العالم العالمي مما خلق فجوة
عميقة بين الولايات المتحدة
وبقية العالم وبمناسبة الحملة
الانتخابية الرئاسية الأميركية
لعام 2004 ألقى باراك اوباما
خطابا «تاريخيا» لدعم المرشح
الديمقراطي آنذاك جون كيري. وقد
أكّد فيه أن قصة حياته وصعوده
ليست ممكنة في أي بلد آخر
بالعالم. وذكّر بالمبادئ
الأساسية التي ترفعها بلاده
وعلى رأسها المساواة بين الجميع
والحرية وحق الحياة. كان ذلك
إيذانا بانطلاق مسيرته
السياسية وصولا إلى البيت
الأبيض. تجسّد
مدينة شيكاغو صورة أميركا
المنقسمة بين «أميركتين»،
إحداهما نشطة وثرية وفيها أفضل
التكنولوجيات وتحظى
بالميزانيات الضخمة. والأخرى
التي تهبّ عليها رياح البؤس
وتزدهر فيها كل أشكال
اللامساواة والمظالم تمثلها
خاصة أحياء السود، أو
الأميركيين ذوي الأصول
الإفريقية حسب التسمية
الدارجة، والتي يطلق عليها مؤلف
هذا الكتاب «العالم الثالث
الأميركي». وتوصف هذه الأحياء
أنها تعج بالعنف والمخدرات وكل
أشكال التجارة الممنوعة، وهذا
كله على خلفية الفقر المدقع
وبعد أن يروي مؤلف هذا الكتاب
قصة «آرون بيترسون» الذي أمضى
في السجن ظلما مدة 17 سنة على
جريمة ثبت أنه بريء منها، يشير
إلى أن «سناتورا» داكن البشرة
وضع لنفسه هدفا هو إصلاح النظام
القضائي في ولاية ألينوي التي
كان يمثلها. وكان غضبه شديدا
أمام ما تعرّض له ذلك المواطن
والعديد غيره من حالات انتزاع
الاعترافات من أبرياء تحت
التهديد والتعذيب أحيانا. ذلك «السناتور»
الذي ذاع صيته فيما بعد بأميركا
والعالم اسمه باراك حسين اوباما.
ومؤلف هذا الكتاب يحاول «تتبع
خطاه» وشرح التحديات التي
تنتظره. ثمرة
زواج مختلط: باراك اوباما من
مواليد عام 1961 في هاواي. وهو
ثمرة زواج رجل إفريقي «أسود» من
كينيا اسمه حسين اوباما وامرأة
أميركية «بيضاء» من كنساس.
تنقّل خلال مسيرة حياته بين
اندونيسيا حيث أمضى سنوات
طفولته، وهاواي في كنف جدّيه
لأمه، ولوس انجلوس حيث عاش حياة
الشباب الأميركيين من أبناء
جيله بما في ذلك «الاقتراب من
المخدرات»، كما يقول المؤلف
وانتسب اوباما الشاب لجامعة
كولومبيا الشهيرة في نيويورك
لينتقل بعد تخرجه منها إلى
الأحياء الفقيرة من مدينة
شيكاغو «قلعة السود في أميركا،
حيث عمل في الميدان الاجتماعي».
وكانت تجربة تركت بصماتها على
شخصيته من خلال ما تعرفه تلك
الأحياء من «تداخل الثقافات
والأديان والعروق في موزاييك
استثنائي شكّلت حياته وبوتقته».
كان
باراك اوباما قد تولّى رئاسة «مجلة
هارفارد للقانون» في أواسط عقد
التسعينات وأصبح بذلك الأسود
الأول الذي يصل إلى ذلك المنصب.
لكن الإنجاز «الفكري» الأكثر
أهمية الذي حققه اوباما يحدده
المؤلف بكتابه الذي حمل عنوان: «أحلام
أبي» عام 1995، أي قبل عام من
بداية المسيرة السياسية لباراك
اوباما الذي جرى انتخابه في عام
1996 عضوا في مجلس شيوخ ولاية
ألينوي الأميركية. والكتاب هو
أولا وأساسا عن سيرة حياة باراك
اوباما نفسه وما يمكن أن تمثّله
في الوعي الأميركي. وإذا
كان اوباما يتحدث في كتابه عن
مختلف محطات حياته واعتناقه
المسيحية ورحلته إلى إفريقيا «بحثا
عن جذوره»، فإنه يتوقف طويلا
عند «رحلته الداخلية» و«البحث
عن الهوية». هكذا «كان على
اوباما الشاب أن يصالح دائما
بين كل التناقضات ومصادر
النزاع، وما يعكس صورة عالم هو
بطور التبدّل»، كما يكتب المؤلف.
ثم يشير
إلى أن كتاب باراك اوباما كان
أيضا «محاولة من أجل معرفة
حقيقة ذلك الأب الذي لم يعرفه».
ولم يكن قد رأى والده، بعد فترة
الطفولة الأولى، إلا مرة واحدة
لشهر من الزمن عندما كان عمره 10
سنوات، وجاءه خبر «موته المفاجئ»
عندما كان طالبا في نيويورك. ويشير
مؤلف هذا الكتاب أنه «من المدهش
ملاحظة عدد المرّات التي يذكر
فيها اوباما اسم ذلك الأب الذي
لم يكن قد عرفه تقريبا بشكل
مباشر، وذلك عندما يتحدث عن
السياسة الخارجية أو عن الفرص
التي يقدمها المجتمع الأميركي،
هذا وكأنه قد أمضى حياته مأخوذا
بغيابه. ثم إن كتاب أحلام أبي
ينتهي بمشهد مثير هو لابن ينهار
باكيا أمام قبر أبيه بعد أن أدرك
ما كانت قد عرفته مسيرة حياته». جسارة
الأمل قرر
باراك اوباما، بعد صدور كتابه
الأول، دخول معترك السياسة.
وشغل خلال سنوات 1997 ـ 2004 أحد
مقاعد مجلس شيوخ ولاية ألينوي
حيث جذب انتباه الآخرين إليه
بما يمتلكه من مواهب للتوفيق
بين الجميع في الوقت الذي كان
فيه رفاقه الديمقراطيون بصفوف
المعارضة إجمالا. حاول اوباما
في عام 2000 الفوز بعضوية مجلس
النواب، لكنه عرف هزيمة ساحقة
تزامنت مع نهاية الفترة
الرئاسية لبيل كلنتون التي عرفت
مزيجا من الازدهار الاقتصادي
والفضائح «الأخلاقية». وكان
الرئيس الديمقراطي خلالها قد
واجه تقليصا حقيقيا لسلطاته
بسبب سيطرة الجمهوريين على
الكونجرس منذ عام 1994. يشير
المؤلف الي انه بتاريخ 27 يوليو
من عام 2004، أي قبل الانتخابات
الرئاسية بعدة أشهر، وفي مناخ
سياسي متوهج ألقى باراك اوباما
خطابا أمام مؤتمر للديمقراطيين
دعما لترشيح جون كيري للرئاسة.
لقد تحدث أولا عن سيرة حياته وعن
جذوره مذكّرا أنه ابن رجل كيني
كان قد نال منحة للدراسة في «مكان
ساحر، اسمه أميركا»، وحفيد
طبّاخ كان يعمل لدى المستوطنين
البريطانيين. توفيق
بين الأعراق وتحدث
اوباما في ذلك الخطاب «التاريخي»
عمّا تدلّ عليه قصة حياته من
التوفيق بين الأعراق عبر والده
«الإفريقي» ووالدته الأميركية
«البيضاء» من كنساس. وقدّم قصة
على أنها أيضا وأساسا قصة
أميركا نفسها بكل ما فيها من
معارك داخلية وفرص للنجاح وآمال.
وروى أن أبويه أعطياه اسم «باراك»
على أساس أنه «في أميركا
المتسامحة لا يشكل الاسم عائقا
أمام النجاح» و«في أميركا
السخية لا حاجة للمرء أن يكون
غنيا كي يترجم إمكانياته إلى
واقع معاش»ز كما
ينقل المؤلف من ذلك الخطاب الذي
واجه فيه جمهور الحضور بعاصفة
من التصفيق تأكيد اوباما أن
قصته العجيبة ليست ممكنة «في أي
بلد آخر في العالم». وفيما هو
أبعد من قصته «الشخصية» تعرّض
اوباما طويلا في ذلك الخطاب إلى
المبادئ الأساسية التي ترفعها
بلاده وتدافع عنها وعلى رأسها
المساواة بين الجميع وحق الحياة
والحرية والبحث عن السعادة. وذكّر
بأولئك الذين يعانون من إهمال
الحكومة لهم وقدّم رؤية تقدمية
للسياسة قائلا: «إن الناس لا
ينتظرون من الحكومة حلّ جميع
مشاكلهم. لكن يتولاّهم الإحساس
في أعماق نفوسهم أنه يمكن عبر
تغيير طفيف في الأولويات، تأمين
مصير كريم لكل طفل في أميركا
وبقاء أبواب الحظ مفتوحة للجميع».
وكان من
بين الأفكار التي أطلقها اوباما
ولاقت أصداء استمرّت فيما بعد
قوله: «ليس هناك أميركا
ليبرالية وأميركا محافظة، بل
هناك الولايات المتحدة
الأميركية». لقد بدا بوضوح أنه
يرفض الانقسامات ويطالب بتجاوز
تلك التي ظهرت في الولايات
المتحدة خلال سنوات الستينات
المنصرمة، والتي مزّقتها منذئذ
وصبّت غالبا في مصلحة
الجمهوريين. ويذكّر
المؤلف قارئه هنا أن باراك
اوباما قد درس القانون في جامعة
هارفارد، ومارس مهنة المحاماة
كمختص في الحقوق المدنية،
وبالتالي هو مفاوض يبحث
باستمرار عن السبل التي يلتقي
الناس حولها ويريد وصول الجميع
إلى الاتفاق حيال نقطة تثير
الخلاف. ثم كانت تلك هي المهمة
التي وصفها لنفسه منذ طفولته،
أي التوفيق بين المتناقضات،
وهذا هو أحد الوجوه الأساسية
دائما في رسالته السياسية. وهو يرى
أنه من خلال أمل كل أميركي يتعلق
الرهان بمصير المجتمع الأميركي.
وبكل الحالات يؤكد اوباما
باستمرار أهمية «الأمل» من أجل
مواجهة المستقبل، وكان قد ردد
في خطابه قوله: «الأمل، في
مواجهة الصعوبة، في مواجهة
التردد. علينا أن نتحلّى بجسارة
الأمل». الفوز
بمقعد الشيوخ خسر جون
كيري الانتخابات الرئاسية
الأميركية أمام جورج دبليو بوش
عام 2004 وفاز الجمهوريون أيضا
بأغلبية مقاعد الكونجرس. لكن
اوباما استطاع أن ينتزع من
خصومه مقعدا في مجلس الشيوخ
ليصبح السناتور الأسود الخامس
بتاريخ الولايات المتحدة. وكان قد
أصبح عليه، من موقعه الجديد
كممثل لولاية كاملة وليس لأحد
الدوائر فيها، أن يدافع عن
الصالح العالم وأن يكون مسؤولا
أمام الجميع، السود والبيض على
حد سواء. لقد أظهر اوباما في
واشنطن نشاطا كبيرا عبر دفعه
باتجاه تبنّي عدة قوانين أو
اتخاذ عدة قراءات، وتميّز
بحضوره المستمر لجلسات مجلس
الشيوخ بل وبقدرته على العمل
المشترك مع بعض الجمهوريين. إن
أفقا واسعا كان قد أصبح مفتوحا
أمامه. ويشير
المؤلف إلى أن العديد من رجال
الصحافة ركّزوا على القول إن
اوباما يعطي الانطباع في جميع
أحاديثه أنه يتوجّه لكل فرد
يستمع إليه. ويستطيع بذلك أن
يخلق روابط مع الجميع، مما
يشكّل قوة أكيدة لمن يبحث عن
توحيد أمة، هكذا لعبت السمات
الشخصية لدى اوباما دورا في
فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي
له في الانتخابات الرئاسية
الأخيرة، خاصة بمواجهة السيدة
هيلاري كلينتون، رغم «تجربتها»
العميقة. وكان
اوباما قد مهّد الطريق، بعد
خطاب 2004، بإصدار كتاب جديد عام
2006 تحت عنوان «جسارة الأمل»
الذي احتل صدارة قائمة الكتب
الأكثر انتشارا في أميركا لفترة
من الزمن. لقد قدّم في هذا العمل
الضخم رؤيته لأميركا المعاصرة
ولتطورها منذ الحرب العالمية
الثانية. وتوقف
طويلا عند «الشروخ» التي عرفتها
الأمة في سنوات الستينات مع
بروز قضية الحقوق المدنية
للسود، والتعبيرات الثقافية
المتنوعة والتعبيرات المضادة
لها. ويرى اوباما أنه كان بمقدور
اليسار الأميركي أن يشرع آنذاك
بقطيعة تعيد أجواء الثقة لكن
اليمين هو الذي عرف كيف يقوم ب«ثورته
المحافظة» ويدفع إلى السلطة
رؤساء من رينالد ريجان حتى جورج
دبليو بوش مع استثناء مثّلته
سنوات إدارة بيل كلنتون. لكن مع
اوباما بدأت ترتسم ملامح «جيل
جديد من الديمقراطيين». يتبع ـــــــ المصدر
: الراصد للتوثيق الإعلامي ---------------- هذه
الكتاب يعبر عن رأي كاتبه
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |