ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الفروق لابن
قيم الجوزية (4) فصل
والفرق بين الجود والسرف أن
الجواد حكيم يضع العطاء مواضعه
والمسرف مبذر وقد يصادف عطاؤه
موضعه وكثيرا لا يصادفه وإيضاح
ذلك أن الله سبحانه بحكمته جعل
في المال حقوقا وهي نوعان حقوق
موظفة وحقوق ثانية فالحقوق
الموظفة كالزكاة والنفقات
الواجبة على من تلزمه نفقته
والثانية كحق الضيف ومكافأة
المهدى وما وقى به عرضه ونحو ذلك
فالجواد يتوخى بماله أداء هذه
الحقوق على وجه الكمال طيبة
بذلك نفسه راضية مؤملة للخلف في
الدنيا والثواب في العقبى فهو
يخرج ذلك بسماحة قلب وسخاوة نفس
وانشراح صدر بخلاف المبذر فإنه
يبسط يده في ماله بحكم هواه
وشهوته جزافا لا على تقدير ولا
مراعاة مصلحة وإن اتفقت له
فالأول بمنزلة من بذر حبة في
الأرض تنبت وتوخى ببذره مواضع
المغل والإنبات فهذا لا يعد
مبذرا ولا سفيها والثاني بمنزلة
من بذر حبة في سباخ وعزاز من
الأرض وإن اتفق بذره في محل
النبات بذر بذرا متراكما بعضه
على بعض فلذلك المكان البذر فيه
ضائع معطل وهذا المكان بذر بذرا
متراكما بعضه على بعض فلذلك
يحتاج أن يقلع بعض زرعه ليصلح
الباقي ولئلا تضعف الأرض عن
تربيته والله سبحانه هو الجواد
على الإطلاق بل كل جود في العالم
العلوي والسفلي بالنسبة إلى
جوده أقل من قطرة في بحار الدنيا
وهي من جوده ومع هذا فإنما ينزل
بقدر ما يشاء وجوده لا يناقض
حكمته ويضع عطاءه مواضعه وإن
خفي على أكثر الناس أن تلك
مواضعه فالله يعلم حيث يضع فضله
وأي المحال أولى به
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |