ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 13/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كيف تم اختراع الشعب اليهودي

تأليف: شلومو صاند

نشر : دار فايار في باريس

ترجمة وعرض: بشير البكر

ليس هناك وجود لليهود كشعب، هذه هي خلاصة كتاب “كيف تم اختراع الشعب اليهودي؟” (صادر عن دار فايار في باريس) للمؤرخ والأستاذ الجامعي “الإسرائيلي” شلومو صاند، الذي استند إلى جملة من المعطيات التاريخة والدينية، لكي يبرهن على وجهة نظره التي تعرضت لنقد شديد وازدراء من قبل الصهاينة .كتب أحد منتقدي مؤلف الكتاب “كيف تم اختراع الشعب اليهودي؟” ما يلي: “يتذكر الجميع بعض الملفوظات التي أثارت فضائح: فحسب الإشاعة القادمة من أوروبا أن غرف الغاز لم توجد أبدا في حين أن الإشاعة الثانية القادمة من العالم العربي تقول إن الهيكل اليهودي في القدس من اختراع المستوطنين الصهاينة، على الرغم من أن القرآن يصف عيسى وهو يصلي فيه واقفا . ولكن مع القرن الآتي والذي يعلن عن نفسه بكونه مخيفا نكتشف أن هذين النفيين ليسا سوى تفصيلين .

كتاب شلومو صاند، “كيف تم اختراع الشعب الصهيوني، من التوراة إلى الصهيونية”، يحل القضية بشكل نهائي . الشعب اليهودي لا وجود له: يا لها من مفاجأة إلهية”، لا يوجد تبسيط أكبر من هذا الكتاب (446 صفحة) تنضح صفحاته إحالات ومراجع ومصادر قيمة .

 

اليهود لم يشكلوا يوماً إثنية حاملة لأصل واحد

يضيف هذا الكاتب منتقدا شلومو صاند: “من غير المفيد لعب دور الأركيولوجي كي نجعل من حائط المبكى امتدادا لمسجد الأقصى، لأنه إذا كان الشعب اليهودي ليس سوى اختراعاً في القرن التاسع عشر تحت الباراديغم الغربي للدولة- الأمة، إذاً فالقضية وجدت حلاً . البعض يستطيعون أن يستنتجوا أنه من الطبيعي بالنسبة لشعب لا وجود له أن يخترع إلى ما نهاية أساطير للتأكيد على وجود زائف” .

يطرح شلومو صاند، هذا السؤال المحرج، الذي يُولّد مجموعة أسئلة رديفة، والتي يمكنها أن تزعزع الرؤية الرسمية، التي يرفعها اليهود إلى مصاف الرؤية الإلهية: كيف تم اختراع الشعب اليهودي؟

هل يُكوّن اليهود شعباً؟ على هذا السؤال يحاول تقديم جواب جديد . وخلافاً للفكرة الشائعة فإن يهود الشتات لم يولدوا من طرد العبرانيين من فلسطين، بل من عمليات تهويد متتابعة في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا والشرق الأوسط . وهو ما زعزع أسس التفكير الصهيوني، الذي يريد أن يقنعنا أن اليهود هم أبناء مملكة داود وليسوا ورثة المحاربين البربر أو الفرسان الخازار .

 

هوية وحركة وأرض موعودة

يبتدئ الكتاب باعتراف من المؤلف بأن الأمر لا يتعلق قط بعمل محض تخييلي . “إنه يطمح أن يكون كتابا ذا طابع تاريخي”، ومع ذلك يذهب، من عدة محكيات تغذيها ذكريات حيث يمنح الخيال نفسه بعض الحرية إلى درجة ما، ويستعرض الكاتب بعض القصص عن الأُسَر التي أحضرتها الحركة الصهيونية من أجل بناء دولة “إسرائيل” . وتمتلئ بالنوادر التي تكشف أن الطابع اليهودي للدولة لم يكن واضحا على الإطلاق، خصوصا وأن الكثيرين من الوافدين الجدد كانوا مسيحيين والكثير منهم كانوا ملاحدة وفوضويين .

يستعرض المؤلف الحوار الطريف ما بين مستخدِم يهودي في فلسطين المحتلة ووافد جديد من إسبانيا .

يسأل المستخدمُ الوافد الجديد:

* هل أنت يهودي؟

لم أدّعِ أبدا أنني يهودي .

* يتوجب تغيير ما يظهر على بطاقة هويتك .

ليست ثمة مشكلة، افعل ذلك .

* من أي جنسية أنت؟

(بعد تردد) جنسية “إسرائيلية” .

* مستحيل، هذا لا يوجد . قال المستخدم .

وما السبب؟

* لأنه لا توجد هوية قومية “إسرائيلية” . قل لي أين ولدت؟

في برشلونة .

* إذا فأنت من جنسية إسبانية؟ قال المستخدم، مبتسما .

لا . لستُ إسبانيا . أنا كاتالاني، وأرفض أن يتم تسجيلي كرجل إسباني . لقد حاربتُ لهذا السبب مع والدي في سنوات الثلاثينات .

حك المستخدم الجاهل جبهته، لم يكن يمتلك معلومات تاريخية ولكنه احترم الأشخاص: “إذا، سنكتب: “الجنسية الكاتالانية”

فكان ردّ الشخص: “رائع” .

يسخر المؤلف من هذه التصرفات ويعلق: “هكذا كانت “إسرائيل” أول بلد في العالم يعترف، رسميا، بالجنسية الكاتالانية” .

يواصل المستخدم مساءلة الوافد الجديد:

* والآن، ما هي ديانتك، سيدي؟

أنا ملحد .

* لا أستطيع أن أكتب هذا . دولة “إسرائيل” لم تتوقع هذا التحديد . ما هي ديانة والدتك؟

حين غادرتها، كانت لا تزال كاثوليكية .

* إذا سأكتب: “ديانة مسيحية”، قال المستخدم، بارتياح .

ولكن ردّ الواصل الجديد كان حادا وجازما: “لا أريد بطاقة هوية وطنية يكتب على ظهرها أني مسيحي . ليس فقط لأن الأمر يخالف قناعاتي، ولكنه يسيء أيضاً إلى ذكرى والدي، الذي كان فوضوياً وأحرق العديد من الكنائس أثناء الحرب الأهلية”، ويتابع الباحث استعراض ذكرياته وذاكراته، فيتحدث لنا عن شخصين من الطرف الآخر، العربي الفلسطيني، أي من “السكان المحليين”، كما يصفهم البعض . كلا الشخصين يحمل اسم محمود . الذي ولد في مدينة يافا سنة ،1945 ولم يكن مصيره كمصير الذين طردوا إلى غزة، ونشأ مع آخرين في “الأزقة الفقيرة للمدينة التي استوطنها بشكل كامل مهاجرون يهود . وخلافا لأقربائهم في منطقة المثلث والجليل فإن فلسطينيي يافا ظلوا معزولين وقليلي العدد” عدد السكان الأصليين كان قليلاً بحيث إنه لم يستطع تطوير ثقافة مستقلة، كما أن السكان الجدد من المهاجرين رفضوا إدماجهم” . وهنا كان الحزب الشيوعي “الإسرائيلي” هو الملاذ الوحيد، “من أجل الخروج من غيتو يافا العربي” .

بفضل الحزب الشيوعي وتربيته العقائدية ارتبط محمود بعلاقة صداقة قوية مع يهودي وأسرّ له أنه كان يود لو يُدْعى “موشي” بل اسمه محمود . وكان أحيانا يخدع بها الكثير من الباعة اليهود، ولكن سرعان ما يستعيد اسمه “محمود” حين يحس بجرح لكبريائه .

من حسن حظ محمود، بسبب انتمائه العربي، أنه لم يستدع لأداء الخدمة العسكرية في ما استدعي صديقه اليهودي . ولكن الصديق اليهودي خرج من الخدمة العسكرية أكثر انغماساً في الحياة “الإسرائيلية”، مما اضطر محمود للهجرة إلى دول أوروبية عديدة قبل أن يستقر في ستوكهولم ويتوقف، منذ فترة طويلة، عن الحلم بالردّ يوماً على من يدعوه باسم “موشي” .

أمّا محمود الثاني، الذي يذكره المؤلف، فقد ولد في قرية صغيرة، لم تعد موجودة، الآن، سنة 1941 . وفي سنة 1948 أصبح لاجئاً، فقد هربت عائلته إلى لبنان، لكن بعد سنة، استطاعت العائلة في ليلة ليلاء أن تتسلل عائدة إلى فلسطين، فاستقرت لدى أقرباء في قرية جديدة في الجليل . وهكذا كان محمود، وخلال سنوات عديدة، يعتبر من “الحاضرين- الغائبين” من قبل السلطات “الإسرائيلية” . وهو ما جعله، وهو طفل، مسكوناً بأحلامه وبالخيال المتوهج الذي لم يتوقف عن إدهاش أساتذته ورفاقه . ومثلما فعل “محمود” الأول، التحق محمود الثاني بالحزب الشيوعي “الإسرائيلي” وأصبح صحافياً وشاعراً . وذهب للإقامة في مدينة حيفا، التي كانت حينها أكبر مدينة مختلطة يهودية وعربية في “إسرائيل” . وفي سنة ،1964 أصدر قصيدة جريئة بعنوان “بطاقة هوية” ألهبت حماس جيل بكامله من العرب .

 “سجل،

أنا عربي،

رقم بطاقتي خمسون ألفا،

. . . . إلخ”

ينتهي الأمر بمحمود، وهو هنا الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش، إلى أن يغادر “إسرائيل”، أو فلسطين المحتلة، إلى المنافي المختلفة، من عربية إلى أوروبية، قبل أن يعود إلى الضفة الغربية . فقد سُمح له بعد توقيع اتفاقات أوسلو العودة إلى رام الله . ورفض السماح له بالعودة إلى “إسرائيل” إلاّ في مرة واحدة أثناء تشييع جنازة صديق له . “ولأنه لم يكن يحمل متفجرات فقد استطاع، بعد ذلك، القيام ببعض الزيارت الخاطفة الإضافية” .

هذه صور عن الدولة اليهودية الجديدة، ولكن الصهيونية متغلغلة كما يعترف المؤلف، وبالتالي فإن كتابة تاريخ حقيقي أو مغاير للتاريخ الرسمي يبقى مسألة صعبة . “إنّ تاريخاً يهودياً جديداً، بعيداً عن موشور الزجاج الصهيوني، ليس بالعمل السهل . الضوء الذي يتكسّر فيه يتلقى دونما انقطاع ألوان عِرقيّة مركزية قوية . ويجب على القارئ أن يعرف هذه الحقيقة: إن هذه الدراسة تشكل أطروحة ترى أن اليهود شكّلوا على الدوام مجموعات دينية مهمة ظهرت أو استقرت في مناطق متعددة من العالم، ولكنها لم تُشكّل إثنية حاملة لنفس الأصل، الأوحد، الذي يمكن أن يكون قد انتقل أثناء التيه والمنفى الدائمين . لا يتعلق الأمر هنا بوقائع حوادث ولكن جوهرياً بنقد للخطاب التأريخي المعتاد . وهو ما يقود من وقت لآخر، إلى تقديم ثلاث محكيات بديلة . وقد وضع المؤلّف في رأسه السؤال الذي يطرحه المؤرخ مارسيل ديتيان، في كتابه: “كيف يمكن أن نكون سكّانا أصليين؟” (دار سوي الباريسية 2003) وهو: “كيف يمكن تفكيك الوطنية من التواريخ الوطنية؟” وكيف يمكن أن نتوقف عن ارتياد نفس الطرق، المعبَّدة، في معظمها، بموادّ عبّرت، في الماضي، عن أحلام قومية؟

استحضر الكاتب العديد من النظريات حول الدولة الأمة، ويقول “إن ولادة أمة ما هو بطبيعة الحال مسار تاريخي حقيقي، ولكنه ليس ظاهرة تلقائية بشكل صاف . ومن أجل تقوية الشعور المجرد للوفاء للمجموعة، كانت الأمّة في حاجة، مثل الجماعة الدينية قبلها، إلى طقوس وأعياد واحتفالات وأساطير . وكي تحدد نفسها وتذوب في كيان صلب واحد، هي في حاجة إلى أنشطة ثقافية عمومية ومستمرة بالإضافة إلى اختراع ذاكرة جماعية موحِّدة . مجموعة جديدة من المعايير والممارسات كانت أيضا ضرورية من أجل تشكيل ميتا- وعي، أي نوع من ايديولوجيا توحيدية، وهو ما يشكّل العقيدة القومية” . ويرى الكاتب ان “التمزق الذي تسبب فيه التحديث فصل البشر عن ماضيهم الفوري . سهولة الحركة التي تسبّب فيها التصنيعُ والتمدين لم تكسّر فقط التنضيد الاجتماعي الصلب للنظام القديم ولكن كسّرت أيضاً الاستمرارية التقليدية والدائرية بين الماضي والحاضر والمستقبل . المنتجون الزراعيون لم تكن لديهم حاجة خاصة إلى تاريخ الممالك والامبراطوريات والإمارات . لم يكونوا في حاجة إلى تاريخ جماعات موسعة لأنه لا يوجد لديهم أي اهتمام بالزمن المجرد الذي لم يكن مرتبطاً بحياتهم المحسوسة . محرومون من تصور التطوّر، كانوا يكتفون بمخيال ديني مكون من فسيفساء ذكريات، من دون مفهوم حقيقي للتنقل داخل الزمن . البداية والنهاية كانا متماثلين، والخلودُ كان يستخدم قنطرة ما بين الحياة والموت .

في العالم الحديث المضطرب والعلماني، أصبح الزمنُ المحورَ الرئيسي لسير المخيال الرمزي العاطفي لوعي اجتماعي . الزمن في بعده التاريخي تحول إلى عنصر حميمي للهوية الشخصية والتخطيط السردي الجماعي يمنح دلالته للوجود القومي، والذي تطلّب إرساؤه ضحايا عديدين . إن معاناة الماضي تبرر الثمن المطلوب من قبل المواطنين في الحاضر . إن بطولة الأزمان التي تبتعد تعِدُ بمستقبل مشرق، إن لم يكن بالنسبة للفرد، فعلى الأقل، وبصفة مؤكدة، من أجل الأمة . إن الفكرة القومية أصبحت، بمساعدة من المؤرخين، أيديولوجيا متفائلة بطبيعتها . ومن هنا ينبع، بشكل خاص، نجاحُها” .

إن الحلم في دولة كان يعني مرحلة مهمة من تطور كتبة التاريخ كما أنه يعني مسار التحديث . هذه الاحلام بدأت في التفكك وفي التكسر نحو نهاية القرن العشرين . وقد قام عدد متزايد من المؤرخين بتحليل وشرح و”تفكيك” المحكيات الوطنية الكبرى وبشكل خاص أساطير الأصل المشترك التي كانت تغلّف، إلى ذلك الوقت، وقائع الماضي . فهل من غير المفيد أن نضيف أن علمنة التاريخ جرت تحت تأثيرات صعود العولمة الثقافية التي لبست لبوس أشكال غير منتظرة في مجموع العالم الغربي؟

إن كوابيس الأمس الهوياتية تفسح المكان، اليوم، لأحلام هوية أخرى . وعلى منوال كل شخصية مصنوعة من هويات منسابة ومتنوعة، فإن التاريخ، هو الآخر، هوية متحركة . والمحكي الذي نقدمه للقارئ يقترح إنارة هذا البعد الانساني والاجتماعي المطمور في أعماق التاريخ .

إن خوضنا في تاريخ اليهود يبتعد بشكل خاص من المحكيات المقبولة لحد الآن . وهذا لا يعني، بطبيعة الحال، أنه (أي التاريخ) محرومٌ من الذاتية أو أن المؤلف يعتقد نفسه في منأى من كل انحراف أيديولوجي . إنه، أي المؤلف، شاء، بصفة متعمّدة، تقديم سطور وصفية لتاريخ مضادّ قادم سيساهم، ربما، في خلق لقاح ذاكراتيّ من نوع جديد . أي ذاكرة واعية للحقيقة نسبية وحاملةٌ لها والتي تتوخى لحم هويات محلية في طور التشكل، بوعي شامل ونقدي للماضي، في محكي جديد .

في الفصل الأول، المعنون ب “صناعة الأُمم . سيادة ومساواة” يستشهد الكاتب بمؤلَّفين لكل من إيتيان باليبار (الشكل الأمة: تاريخ وأيديولوجيا، 1988) وليا غرنفيلد (قومية . طرق خمسة نحو الحداثة، 1992) .يقول باليبار: “لا توجد أي أمة تمتلك بشكل طبيعي قاعدة إثنية، لكن على مقدار ما تشكل الاشكال الاجتماعية أُمّة فإن السكان الذين تحتويهم، والذين تقتسمهم أو الذين تهيمن عليهم “يتأنثنون” (من الإثنية) أي يتم تمثيلهم في الماضي أو في المستقبل كما لو أنهم يشكلون جماعة طبيعية . [ . . .]” .

أما ليّا غرنفيلد فتكتب: “ظهرت الديموقراطية في العالم تحت شكل القومية، مدرجة في فكرة الأمة مثل فراشة في شرنقتها” .

منذ أكثر من قرن تنطع باحثون وفلاسفة لمناقشة مسألة الأمة، من دون النجاح في العثور على جواب مقبول من قبل الجميع .

 

على القارئ ان ينتظر حتى الفصل الثاني “أسطورة- تاريخ، في البداية خلق الله الشعب”، ليدخل في صلب الموضوع . وكان لا بد من الاستشهاد بإعلان استقلال دولة “إسرائيل”: “إن إرض “إسرائيل” هي المكان الذي نشأ فيه الشعب اليهودي . وهنا تشكَّلَ طابعه الروحي والديني والقومي . وهنا أنجز استقلاله وخلق ثقافة ذات حمولة قومية وكونية ومنح التوراة الخالدة للعالم بأسره” .

في حين أن الفيلسوف الكبير باروخ سبينوزا يؤكد أن أسفار موسى الخمسة الأولى لم يكتبها موسى بل هل هي من تأليف كاتب جاء بعد موسى بعدة قرون .

هنا تبتدأ الأسطورة . “ولكن يجب أن نتذكر أن “الحقيقة” التوراتية المطهرة لم تكُن محكياً كونياً لتاريخ البشر، ولكن وقائع شعب مقدَّس أصبح، عن طريق قراءة حديثة معلمنة للكتاب المقدس، “أول أمة” في تاريخ البشرية .” .

يستعرض الكاتب الكتابات التاريخية حول المسألة اليهودية، ويرى، من خلال كمّ هائل من المراجع والإحالات، أنها كانت متأخرة، “بعد 1600 سنة (من ظهور موسى) قرر الثيولوجي جاك بوزناج، وهو من منطقة نورماندي، ثم استقر في روتردام، كتابة “تاريخ ديانة اليهود .” .

ولكن العديد من الدراسات والأبحاث حول المسألة اليهودية والتي كان يقوم بها مثقفون ومؤرخون يهود، خصوصا في ألمانيا، لم تكن تستهدف غير “منح قيمة لهذا البحث باعتباره قنطرة إضافية تتيح إدماج الجماعة اليهودية في مجتمع ألماني قادم .”، أي “يجب التذكيرأن بدايات كتابة التاريخ اليهودي في العصر الحديث لا تتميز بخطاب قومي صارم .”، ولكن ما لا يجب أن لا نغفله وهو ما يشدد عليه المؤلف بقوة هو أنه “كانت توجد، منذ البداية، علاقة وثيقة ما بين تصور التوراة كوثيقة تاريخية ثابتة وبين المحاولة من أجل تحديد الهوية اليهودية الحديثة بتعابير قومية وما قبل قومية” .

 

العهد القديم: “أسطورة تاريخ”

يلعب كتاب “تاريخ اليهود منذ الأزمنة القديمة إلى أيامنا” لهيرنيش غريتز والذي ظهر في الخمسنيات من القرن التاسع عشر دوراً كبيراً في صقل الهوية القومية لليهود . “وقد واصل هذا الكتاب المجدد، المكتوب بموهبة أدبية كبيرة، تأثيره في الكتابة التاريخية اليهودية طول القرن العشرين .”، ومن الصعب، كما يقدر المؤلف، “معرفة حجم التأثير في تشكيل الوعي الصهيوني القادم، لكن ليس ثمة من شك في أن دوره كان كبيرا ومركزيا . “وتكمُن قوتُه كما نقرأ في الكتاب في كونه ألهم حتى الفكر الصهيوني في فلسطين .

وعلى الرغم من أن هذا الكتاب لا يولي كثيراً من الأهمية لوصف تاريخ يهود أوروبا الشرقية، فإن المثقفين القوميين الأوائل في الامبراطورية الروسية قرأوه بتلهف وبسرعة . ( . . .) وقد استخدم الكتاب، لاحقاً، من قبل زعماء المستوطنين الصهاينة في فلسطين كخيط رابط في أعماق الزمن . وفي أيامنا هذه تحمل كثير من المدارس في “إسرائيل” اسم غريتز، ولا يخلو مقالٌ في التاريخ العام حول اليهود من الاستشهاد به” .

ما السبب حول هذه الأهمية التي يحظى بها هذا الكتاب؟

سبب هذا التأثير الواسع، في نظر الكاتب، واضحٌ: “يتعلق الأمر بأول كتاب يبذل فيه مؤلفه جهوداً بمثابرة وباستمالة للنفوس بهدف اختراع الشعب اليهودي . ( . . . ) إنّ غريتز، وليس شخصاً آخر، على الرغم من أنه لم يكن صهيونيا، هو من صنع النموذج الصهيوني لكتابة تاريخ “اليهود” . وقد نجح في في إرساء محكيّ موحَّد خالقاً، على الرغم من التشعبات، استمرارية تاريخية تحافظ لحد اليوم على وحدتها”، ومن أجل إيقاظ الشعور القومي، أي الهوية الجماعية الحديثة، يتوجب حضور ميثولوجيا وغائية . الأسطورة التأسيسية يتم منحها بطبيعة الحال من قبل عالَم نصيّ توراتي يصبح الجزءُ الأكثر تاريخية وسردية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أسطورة حية، وبشكل خاص في عيون مثقفين يهود من أوروبا الوسطى، وهذا على الرغم من السهام التي كان يوجّهها النقد الفيلولوجي .

يكتب غريتز في كتابه السابق الذكر: “تاريخ اليهود”: “اليهود لا يدخلون في هذا البلد(فلسطين)، بغرض البحث فيه عن المراعي، والإقامة فيه في سلام، جنبا إلى جنب مع رعاة آخرين . إن مطالبهم أكثرُ سموّا: إنهم يطالبون بكل أرض كنعان . إن هذه الأرض تحتوي على قبور أجدادهم” .

ويتطرق الكاتب إلى مؤلف يهودي آخر، موسيس هيس، مؤلف كتاب “روما والقدس سؤال القوميات الأخير” (باريس، 1881)، يتحدث عن غريتز بحماس . إذ إنه تعلم أنّه “حتى بعد انتهاء التلمود، فإن التاريخ اليهودي “يحافظ على طابع قومي، ولا يمكن اختزاله إطلاقا إلى تاريخ ديانة أو تاريخ طائفة”، ويرى هيس أن مصدر الصراع ما بين اليهود وغير اليهود يكمُن في كون أن الأوائل يشكلون منذ البدء مجموعة وراثية مختلفة . ويكتب: “العرق اليهودي هو عرق صافٍ أنتج مجموع طباعه وخصائصه على الرغم من مختلف التأثيرات المناخية”، ويذهب أبعد في نظرياته العِرقية إلى الخلاصة التالية: “لن ينفع اليهودَ في شيء إنكارُ أصولهم وخضوعهم للتعميد المسيحي وانخراطهم في كتلة الشعوب الهندية الجرمانية والمغولية . إن الخصائص اليهودية لا تمحي” .

يرى غريتز أنه لا يمكن أن ننكر وجود شعوب بائدة اختفت من التاريخ ووجود شعوب أخرى خالدة . لم يتبقّ شيءٌ من العِرق الهيليني ولا من العِرق اللاتيني، لقد ذابا في كيانات بشرية أخرى . أما العرق اليهودي، فقد نجح في الدوام والبقاء على قيد الحياة، وهي على وشك إذكاء نار طفولتها التوراتية المعجزة . إن “انبعاثه الجديد” (أي العرق) بعد منفى بابل والعودة إلى صهيون علامةٌ على أنه يمتلك قوة كامنة وبطيئة لولادة جديدة .

صحيح أن غريتز لم يكن صهيونياً ولكن كان من السهل استخدام أيديولوجيته من قبل الصهاينة .

“كانت غائية الأمة المختارة، عند غريتز، أخلاقية أكثر مما هي سياسية وكانت تحمل في طياتها بقايا غبار الإيمان التقليدي في تفككه”، وقد كان غريتز، كما هو شأن كل مؤرخي القرن التاسع عشر، من أنصار الفكرة القومية، فكان يرى أن تاريخ “أمته” مثير للحماس ولا يوجد له نظيرٌ في مكان آخر .

ثم يستعرض المؤلف كُتّاباً آخرين لم يكونوا يولون للقومية اليهودية أهمية كبيرة . ومن بينهم بارون، مؤلف كتاب “تاريخ “إسرائيل”” . وكان بارون حين يتحدث عن تدمير الهيكل وعن المنفى يصفهما برنة محايدة، مشوبة أحيانا برنة من الرضى: “من الآن فصاعدا لم يعد من الضروري الإقامة في أرض “إسرائيل” أو تحت سلطة “إسرائيل” كي يعتبر المرء يهودياً” .

يحرص بارون في مؤلفاته على إيجاد نوع من التوازن ما بين العرقية المركزية والوعي بأصل مشترك والروحانية الخاصة، التي هي في صلب تحديد اليهودية، من جهة وبين الكونية الإنسانوية التي حملها الشعب اليهودي، في نظره، في منفاه نحو “الشتات”، من جهة أخرى .

يجب أن نتذكر أن “الإثنية” اليهودية، عنده، ليست ثقافة دينية بسيطة، ولا ثقافة علمانية حقيقة، ولكنها نوع من “نمط حياة” توجد فوق نظام المعتقدات والعقائد الدينية .

إن عدم إيلاء بارون أهمية كبيرة للسيادة السياسية والعودة إلى “أمة قديمة”، أي غياب ثيولوجية قومية واضحة بما يكفي في عمله، حرّك انزعاجا بل وحتى نقدا من قبل مؤرخ مهم آخر . ويتعلق الأمر هنا بالمؤرخ إسحاق بايير . وهو مؤلف كتاب “التاريخ الاجتماعي والديني لليهود”، سنة 1938 . وهو يعبر عن موقفه الجذري بالقول: “مؤرّخُ المنفى اليهوديُّ عليه أن يكتشف في الحقبة التوراتية القوى الداخليةَ التي أتاحت لليهود أن يتأبّدوا في الظروف المختلفة والمتغيرة للحقب التالية . إن بارون يجد في الفصول الأولى من تاريخ “إسرائيل” نفس المخطط الدائم الذي يوجد حلاً، لاحقاً، تاريخ الشتات إلى يومنا . وهكذا سدّ طريق الإدراك العضوي”، ويلخص المؤلف هذا الفصل الذي يفيض بالمرجعيات والاستشهادات والأسماء بما يلي: “إن التوراة التي تم اعتبارها قروناً عديدة من قبل الثقافات الثلاث للديانة التوحيدية، اليهودية والمسيحية والاسلام، ككتاب مقدس أملاه الرب، دليله على الوحي وعلى تفوقه، طفقت شيئاً فشيئاً، مع بزوغ أولى براعم الفكرة القومية الحديثة تستخدم ككتاب ألّفه رجال في الماضي من أجل إعادة تكوين ماضيهم” ويضيف “وكما حاول هذا الفصل أن يبرز فإنه مع توسع كتابة التاريخ المتعلقة بتاريخ نشوء الصهيونية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فإن التوراة لعبت، بشكل واضح، دورا كبيرا في تشكيل الأمّة اليهودية الحديثة . لقد انتقلت من رفوف الكتب الثيولوجية إلى رفوف التاريخ، وأما أتباع الأمة اليهودية فقد قرروا قراءتها باعتبارها وثيقة صادقة حول المسارات والأحداث التاريخية . أكثر من هذا تم رفعها إلى مصاف “أسطورة تاريخ” ولا يمكن التشكيك فيها لأنها تشكل حقيقة واضحة . وهكذا أصبحت مكانا لقداسة علمانية لا يرقى إليها الشك، نقطة انطلاق ضرورية لكل تفكير حول مفاهيم الشعب والأمة” .

 

الآشوريون والبابليون والرومان لم يطردوا أي شعب

ضمن ما نقرأ في إعلان استقلال “إسرائيل”: “الشعب اليهودي الذي أرغم على التوجه إلى المنفى فهو يظل وفياً لدولة “إسرائيل” خلال كل تشتته، ويصلي دونما انقطاع من أجل العودة، يحدوه الأمل، دائما، في استعادة حريته القومية . اليهود الذين حفّزهم هذا التعلق التاريخي أجهدوا أنفسهم، خلال قرون عديدة، على العودة إلى بلد أجدادهم” .

ويستشهد المؤلف أيضاً بشموئيل يوسف أغنون وهو يتلقى جائزة نوبل سنة 1966: “لقد ولدت في إحدى مدن المنفى، منحدراً من الكارثة التاريخية التي قام خلالها تيتوس، الحاكم الروماني، بتدمير مدينة أورشليم ونفي اليهود خارج بلدهم . ولكني في كلّ وقت ومنذ البداية تخيلتني دائما كما لو أني وُلدت في أورشليم” .

ويعيد المؤلف التاريخ الحقيقي إلى نصابه فيكتب: “في البدء يجب أن نُذكّر بأن الرومان لم يمارسوا أبدا الطرد المنتظم لأي “شعب” . كما أنه بإمكاننا أن نضيف أن الآشوريين والبابليين لم يقوموا أبداً بترحيل السكان الذين قاموا بإخضاعهم”، ولكن ما يراه المؤلف لا يعجب منظّري الشعب المضطهد والمطرود في التاريخ . وهنا يستشهد بكتاب إسحاق كوفمان: “منفى وأرض أجنبية”، 1929 . ويرى أننا نجد لدى كوفمان كثيراً من “المنفى” ومن “الأمة” ولكن لا يوجد أدنى أثر ل”الطرد” .

هذا الكتاب، كما يرى صاند: “يشكل إحدى المحاولات المهمة للبرهنة على أن اليهود، خلال منفاهم الطويل، احتفظوا بكونهم أمة عنيدة ومنشقة وليس “ببساطة” جماعة اعتقادية” .

وعن العلاقة بين اليهودية والاسلام يكتب المؤلف أن الإسلام القديم لم يرغم اليهود على اعتناق الاسلام بل طردهم من أراضيهم .

أما عما يروج له اليهود الصهاينة من أن “الذين فقدوا أراضيهم” والذين “طردوا” أو “الهاربين المهاجرين” أخذوا طريقاً طويلة ومؤلمة للمنفى، حسب الأسطورة القومية، تاهوا من دون نهاية عبر القارات كي يصلوا إلى المناطق الأكثر بعداً، وأخيراً، مع مجيء الصهيونية، عادوا أدراجهم ودخلوا، جماعاتٍ، إلى الوطن الذي هجروه . وهذا الوطن، في حقيقة الأمر، لم ينتم أبداً للعرب “الفاتحين” ولكنه من حق اليهود: “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” . فيعلّق عليه الكاتب ويقول: “هذا الحكم أو الأمر القومي الذي حصل على شعبيته وعلى فائدته في أحضان حركة صهيونية في مختلف تنويعاتها، كان ثمرة مخيال تاريخي وفي قلبه يوجد المنفى” .

ويضيف المؤلف شارحاً تناقضات وأكاذيب المؤرخين الصهاينة، فيقول: “على الرغم من أن معظم المؤرخين المهنيين عرفوا أنه لم يكن ثمّة أبدا طردٌ بالقوة ل”الشعب اليهودي”، فقد أخذوا تسلسل الأسطورة المسيحية في التقليد اليهودي من أجل أن يتركوها تَشُقّ طريقَهَا بحرية على الساحة العمومية وفي الكتب البيداغوجية للذاكرة القومية، من دون أن يحاولوا كبح مسارها . بل إنهم شجعوها بصفة غير مباشرة وهم يعلمون أن هذه الأسطورة وحدها يمكن أن تؤمّن شرعيتها الأخلاقية للاستعمار من طرف “أُمّة منفية” لأرضٍ يحتلها آخرون”، ويوجه الكاتب انتقاداته للفكر الصهيوني: “ليس مصادفة أن الفكر الصهيوني يستمد مرجعياته من المصادر الإثنو تخييلية القديمة . يستولي عليها باعتبارها كنزا نادرا ويقوم بقولبته على هواه في مختبراته الايديولوجية” .

 

أمكنة الصمت

في البحث عن الزمن (اليهودي) الضائع كان لليهود وجود كبير في شمال إفريقيا وهو ما يقول الكثيرون من المؤرخين والعلماء، ومن بينهم العلامة ابن خلدون الذي ينقل المؤلف فقرة وردت في كتابه المهم: تاريخ البربر: “قسم من البربر كانوا يَدينون باليهودية، وهي ديانة تلقوها من جيرانهم الأقوياء، يهود سوريا . ومن بين البربر اليهود قبيلة جراوة، وهي قبيلة سكنت الأوراس والتي تنتمي إليها الكاهنة، وهي امرأة قتلها العرب في عصر الفتوحات الأولى” .

يتحدث الكاتب عن فكرة شائعة ولكنها خاطئة عن اليهود، وهي أنهم لم يقوموا بالعمل الدعوي، ويقوم بفضحها . “إن تمثيل اليهود تحت قسمات طبقة منطوية على نفسها وخبأت إيمانها الحاد في أحضان نقاشات تلمودية متعلقة بالفتوى تتناسب بالأحرى مع رؤية مسيحية مهيمنة، كانت مساهمَتُها في إنشاء صورة اليهود في العالم الغربي مُحددة”، ويضيف الكاتب أن “هذا الجانب المهين لهذه الرؤية لم يتم تقبلها من قبل كتابة التاريخ الما قبل صهيونية والصهيونية على الرغم من أنها ظلت خاضعة لها ومخلصة لها .

والحقيقة كما يسطرها هي أنه “قبل انطوائها على نفسها، حين دفعها محيطُهُ المسيحي إلى الهامش، انصرفت اليهودية إلى العمل الدعوي والتبشيري في أماكن كانت عذراء ولم يكن لها أدنى علاقة مع التوحيدية التوسعية”، وذلك “من الجزيرة العربية إلى الأراضي السلافية وإلى جبال القوقاز وهضاب الفولغا والدون والفضاءات الموجودة من حول قرطاجة القديمة، التي دمرت وأعيد بناؤها، إلى الجزيرة الإيبيرية قبل إسلامية، واصلت الديانة اليهودية إيجاد أتباع، وهو ما وفّر لها ديمومة تاريخية . والمناطق التي استطاعت اليهودية أن تتسلل إليها كانت على وجه العموم توجد فيها حضارات في طور التغير، مجتمعات قبلية نحو التحول إلى ممالك . وكانت جميعاً وثنية” .

يرى المؤلف أن ابن خلدون، وهو أكبر مؤرخ عربي في القرن الرابع عشر، “يؤكد أن قسما من البربر على الأقل ينحدرُ من الفينيقيين أو من شعوب أخرى ذات أصل كنعاني قادمة من مكان ما من سوريا والتي اعتنقت الديانة اليهودية (يتحدث ابن خلدون عن الأصول الخميرية لقسم من البربر) . وعلى كل حال فالقبائل التي يتحدث عنها ابن خلدون قبائل كبيرة ومحترمة تمتد على شمال إفريقيا . وعدا “جراوة” التي كانت تستوطن منطقة الأوراس، فإن قبيلة “نفوسة” كانت تستوطن محيط ما تمثله طرابلس في وقتنا، أما قبائل “مديونة” فقد كانت مستقرة في غرب الجزائر الحالية، بينما “فندلاوة” و”بهلولة” و”فزاز” فكانت تتقاسم المنطقة الواقعة اليوم حول مدينة فاس المغربية، في المغرب الحالي . وعلى الرغم من الاعتناق الكثيف للإسلام الذي تبع الفتوحات العربية فإن التقسيم الجغرافي لهذه القبائل يتصادف مع هذه الجماعات اليهودية التي حافظت على بقائها حتى الأزمنة الحديثة” .

ينقل المؤلف فقرات طويلة من كتابات العلامة ابن خلدون، الذي يعتبر حجة زمانه في التاريخ، وخصوصاً حينما يتحدث عن اليهود في الشمال الإفريقي وفي العالم العربي الاسمي . ويستغله المؤلف لدحض الفكرة الصهيونية المغلوطة عن العِرْق اليهودي، فنحن هنا أمام أقوام اعتنقوا اليهودية وليسوا من أصول يهودية . “يتحدث ابن خلدون في أماكن عديدة عن مقاومة ملكة جبال الأوراس الكاهنة للفتوحات الإسلامية . وقد كانت الملكة التي اعتنقت اليهودية معروفة بمواهبها في الكهانة، وهو ما يفسر اسمها “كاهنة” وهي مشتقة من الجذر العبري “كوهن” . وقد حكمت مملكتها بقبضة حديدية، وحين حاول العرب المسلمون فتح شمال إفريقيا نجحت سنة 689 في ضمّ العديد من القبائل الكبرى إلى جيشها ونجحت أيضاً في صدّ جيش حسان بن النعمان القويّ . بعد خمس سنوات، وبفضل سياسة الأرض المحروقة، وبعد أن أحرق المدن والقرى على طول الساحل، انهزمت الملكة وقتلت في قلب المعركة . وقد اعتنق أبناؤها الإسلام وانضموا إلى الفاتحين . وهكذا انتهى حكم طويل يظل تذكره ملفوفاً بكثير من الأساطير ومن الأسرار إلى يومنا هذا” .

لم يكن العلامة ابن خلدون المؤرخ الوحيد الذي اهتم بشأن هذه الملكة، فالكثير من المؤرخين العرب القدماء من القرن التاسع، أشاروا بالتفاصيل إلى معاركها ضد المسلمين . ومنهم الواقدي الذي أشار إلى قسوتها مع رعاياها .

مؤرخون آخرون جاءوا بعد ابن خلدون اهتموا بالملكة اليهودية، التي وصل اسمها إلى مسامع الباحثين المعاصرين . ومن جهة أخرى يرسم المؤرخ الفارسي أحمد البلاذري بسرعة قصة الكاهنة “كما أن بعض المؤرخين الفرنسيين في الحقبة الكولونيالية الفرنسية في الجزائر استغلوا الأساطير القديمة التي تخص الكاهنة، من أجل “التذكير” بأن العرب، أنفسهم، في الماضي، اصطدموا بمعارضة شرسة من السكان المحليين . وفي المقابل فإنه بعد تفكيك الاستعمار أصبحت الكاهنة بطلة عربية أو بربرية، محاطة باعتزاز قومي تجاوز الاعتزاز الذي تحركه جان دارك . ولكن بسبب إشارة الأدب العربي إلى يهودية الكاهنة فإن الأمر أثار فضول مؤرخين صهاينة . . .” الفتوحات الإسلامية لشمال إفريقيا بدأت في سنة 711 من تاريخنا . وقد تم الأمر بمشاركة من فيالق بربرية، وليس من التعسف افتراض أنها كانت تتضمن في ثناياها عددا كبيراً من اليهود . وقد دانت مصادر مسيحية من تلك الحقبة عدم وفاء اليهود الذين استقبلوا بحماسة جيش الغزاة، بل قبلوا تشكيل وحدات مساعدة إلى جانبهم، وبينما هرب العديد من المسيحيين فإن كثيرا من اليهود، منافسيهم، تم وضعهم على رأس العديد من المدن كي يحكموها .

قام دينور، في كتابه “إسرائيل في المنفى” بتجميع الكثير من المصادر عن هذا التعاون الوثيق بين العرب الفاتحين وبين اليهود . “الفيلق الثالث، الذي تم توجيهه ضد إلفيرا، وحاصر غرناطة، وعهد بحمايتها إلى حامية مشكلة من اليهود والمسلمين” .

وفي ما يخص القائد البربري طارق بن زياد: “حين رأى أن مدينة طليطلة فارغة، قام بتجميع اليهود وتركهم مع بعض من رجاله، في حين أنه غادر في اتجاه وادي الحجارة” .

طارق بن زياد، الزعيم العسكري السامي، وأول حاكم مسلم للجزيرة الإيبيرية (والذي منح اسمه لجبل طارق)، كان بربرياً منحدراً من قبيلة “نفوسة”، قبيلة الكاهنة . وقد وصل إلى إسبانيا على رأس جيش مكون من سبعة آلاف جندي سيلتحق بهم في فترة قصيرة خمسة وعشرون ألفاً من المقاتلين من السكان المحليين . ومن بينهم عدد كبير من اليهود . كما يرى المؤرخ الصهيوني دينور .

وبكثير من الحَرَج يتناول هذا المؤرخ الصهيوني حقيقة أن كثيراً من الإخباريين يوردون أن “كل البربر الذين أسهموا في الفتوحات العربية في إسبانيا كانوا متهوّدين” .

صحيح أنه من المبالغة، كما يرى الكاتب، القول إن فتح إسبانيا تمّ منذ البداية وفق عمل منسق ما بين البربر المسلمين والبربر اليهود . “ولكن يمكن أن نكتشف أن التعاون المثمر بين الديانتين في الجزيرة الإيبيرية وصل إلى أوجه مع بداية الغزو، وأن الوضعية التفضيلية لليهود فتحت لهم طرقا جديدة مساعدة للتوسع الجوهري لجماعاتهم . ولم تكن للأتباع القدماء لليهودية إمكانية تهويد الوثنيين والمسيحيين إلا في المراحل الأولى من الغزو العربي، حين كانت الهيمنة المسيحية في تراجع، ولم يكن المسلمون قد بدأوا بعد عملية الأسلمة . وابتداء من القرن التاسع تقلص هذا الخيار، من دون أن يختفي بشكل كامل .

لم يكن المسلمون الأوائل يعادون الديانة اليهودية . كما أن مسار الأسلمة الذي قام به العرب المسلمون “لم يضع حداً للمد المتواصل من أتباع اليهودية في كل جنوب إسبانيا ومن إفريقيا الشمالية . المؤرخ إسحاق بايير، في كتابه المهم عن يهود إسبانيا، سجّل في حينه بإعجاب “أن إسبانيا العربية بدت كأنها تحولت إلى مكان لجوء من أجل اليهود” . وهكذا استطاعت الجماعة اليهودية أن تزدهر من وجهة نظر ديموغرافية، بفضل تهويد محليّ وأيضاً بفضل موجات الفتح والهجرة . تفتحت الجماعة اليهودية، ثقافياً، في إطار تناغُم استثنائي انخلق ما بينها وبين التسامح العربي الذي كان يسود في مملكة الأندلس” .

يلخص الكاتب وضعية اليهود في شمال إفريقيا والأندلس العربية الإسلامية، بكثير من الموضوعية والاعتراف بالحقيقة: “إن حياة اليهود في الوسط الاسلامي تكشف عن أن مجتمعا “متعدد الديانات” يمكنه أن يوجد في عالَم توحيديّ في طريق تشدد القرون الوسطى، في الوقت الذي كانت تهب فيه رياح نزوع متصاعد لإهانة “الآخر” وأحياناً أخرى إلى قمعه بسبب اختلاف اعتقاده”، ويذهب الكاتب في جرأته إلى حد القول: “خلافاً لصورة الماضي التي رسمها مسيحيّون يكرهون الديانة اليهودية والتي استغلّها (هذه الصورة) معادون حديثون للساميون، فإن “دياميس” التاريخ لا تخفي شعباً معذّباً ومنفياً عن الأرض المقدسة بسبب قتله للإله، والذي جاء من دون دعوة، من أجل الاستقرار مع شعوب أخرى” .

 

سياسة “إسرائيل” الهوياتية

أنصار المحكي اليهودي الخطّي وغير القابل للانقسام يتعبّأون ليس فقط في مجال تدريس التاريخ، أي تاريخهم، بل يقومون باستدعاء البيولوجيا أيضا . فمنذ سنة 1970 تتالت في “إسرائيل” أبحاث “علمية” تحاول جاهدة البرهنة، عبر جميع الوسائل، على القرب الجينيليوجي للعالم بأسره . ويمثّل “البحث حول أصول السكان” من الآن فصاعدا حقلا حصل على الشرعية والشعبية في البيولوجيا الجزيئية . كل هذا في بحث جامح من أجل وحدة أصل “الشعب المختار” .

هذا التصور التاريخي يشكل قاعدة السياسة الهوياتية لدولة “إسرائيل”، وهنا نقطة الضعف، لأنه يفتح المجال أمام تحديد جوهري وعرقي مركزيّ لليهودية، مغذّيا لتمييز يحافظ على البون ما بين اليهود وغير اليهود العرب، كما المهاجرين الروس أو العمال المهاجرين .

ترفض “إسرائيل”، بعد ستين سنة من نشوئها، أن تتصور نفسها كجمهورية وجدت من أجل كل مواطنيها . ما يقارب ربع سكانها لا يعتبرون يهودا، وحسب روحية قوانينها، فإن هذه الدولة ليست دولتهم . وفي المقابل تقدم “إسرائيل” نفسها باعتبارها دولة من أجل يهود العالم، على الرغم من أن الأمر لم يعد يتعلق بلاجئين مضطهدين، ولكن بمواطنين يتمتعون بكامل المساواة في الدول التي يقطنونها . بصيغةٍ ما إن عرقية مركزية من دون حدود تبرر التمييز القاسي الذي تمارسه ضد جزء من مواطنيها باستحضار أسطورة الأمة الخالدة، التي تشكلت من جديد من أجل التجمع على “أرض الأجداد” .

ويواصل الكاتب، من الصعب كتابة تاريخ يهودي جديد، بعيداً عن القبضة الصهيونية . إن اليهود كونوا، بشكل دائم، جماعات يهودية تكونت، في معظم الأحيان، عن طريق التهويد، في مختلف مناطق العالم . إنهم لا يشكلون “إثنية” حاملة لنفس الأصل الأوحد والذي يكون قد انتقل على مرّ تيه امتد عشرين قرنا . وأضاف ان تطور الكتابة التاريخية، مثل مسار التحديث يمران، كما نعرف عن طريق اختراع أمّة . والأمّة شغلت الملايين من البشر في القرن التاسع عشر وخلال جزء من القرن العشرين . في نهاية القرن العشرين رأينا تكسّر بعض هذه الأحلام . وقد قام باحثون، وهم في تزايد مستمر، بتحليل وتشريح وتفكيك المحكيات القومية الكبرى، وبشكل خاص أساطير الأصل المشترك العزيز على قلوب إخباريي ومؤرخي الماضي . إن كوابيس الأمس الهوياتية ستترك مكانها، في قادم الأيام، لأحلامِ هوية أخرى .

إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكننا الحديث، فعلاً، عن نزوع مبالغ فيه من المؤلف للمبالغة في قراءته للأحداث ولوضعية “إسرائيل”؟ وهل ينطلق الكاتب من حقد مجاني على “إسرائيل”، كما يرى البعض، بل الكثيرون؟ وهل هو بالفعل معادٍ للسامية؟

لا يبالغ الكتاب، وإنما ينطلق من موضوعية جارفة . فمصير “إسرائيل” هو في علاقتها مع جيرانها، وخصوصاً مع الجار، أي الشعب الفلسطيني، ثم إن “إسرائيل” لا يمكنها أن تظل معزولة عن القرية الكونية، التي أصبح عليها العالم . “إن قوة الثقافة اليومية، محلية كانت أم شاملة، هي أكثر قوة وتحديدا من البِيَع اليهودية ومن الأنشطة الفولكلورية الصهيونية في أيام السبت . إن أسس القوة الديموغرافية للمؤسسات اليهودية سوف تتضاءل ببطء ولكن بشكل مؤكد . إن الإقامة المريحة لليهود في بلدان “المنفى” والحبّ الذي لا يمكن كبحه بين الشباب والتدني السعيد لمعاداة السامية، كل هذه الأشياء لها ثمن مرتفع . وتشير استطلاعات الرأي إلى أن “الزيجات المختلطة” في ارتفاع، كما أن الدعم والاهتمام ب”إسرائيل” في تراجع، بين أوساط اليهود الذين تقل أعمارهم عن سن الخامسة والثلاثين . وحسب هذه المعطيات فإن “إسرائيل” لا يمكنها الاستمرار في استمداد القوة من “الشتات الدولي” .

لا يريد الكاتب أكثر من تفاهم بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”، وهو مفيد وحيوي من أجل بقاء “إسرائيل” . “كل شركاء السلام عليهم أن يعرفوا أن تفاهما مشتركا حول دولة فلسطينية، إن تحققت، سيسجل ليس فقط نهاية مسار طويل ومؤلم بل يسجل بداية مسار آخر طويل وضروري، وهو ليس أقل تعقيداً، في أحضان “إسرائيل” ذاتها . يُخْشى على الليل الكابوسي أن يكون متبوعاً بفجر مقلق . إن القوة العسكرية الهائلة ل”إسرائيل” وسلاحها النووي وحتى الجدار الخراساني العظيم الذي انغلقت فيه لن تساعدها على تجنب تحويل الجليل إلى “كوسوفو” . من أجل إنقاذ “إسرائيل” من الهوة المظلمة التي تحفرها لنفسها ومن أجل تطوير علاقاتها البالغة الهشاشة مع محيطها العربي، فإنه من الضروري جدا إجراء تغيير أساسي للسياسة الهوياتية “الإسرائيلية” وأيضا تحويل كل نسيج العلاقات مع القطاع الفلسطيني “الإسرائيلي” .

 

ما الحل؟

يرى شلومو صاند أن الحل الأمثل لمائة عام من الصراع هو “دولة ثنائية الهوية”: “دولة ديمقراطية ثنائية القومية تمتد من البحر المتوسط إلى نهر الأردن” . ولكنه يعترف بأن المسألة معقدة: “لن يكون من المعقول أن ننتظر من شعب يهودي “إسرائيلي”، بعد صراع طويل ودام، وبسبب المأساة التي عاشها عدد كبيرٌ من مؤسسيه المهاجرين في القرن العشرين، أن يقبل بأن يصبح يوماً أقلية في بلده” . ومن هنا ينتهي الكتاب بتقديم نصيحة قاسية ل”الإسرائيليين” ولمن سينتقدونه: “إذا كان ماضي أمّةِ ما يتعلق، جوهرياً، بأسطورة حُلْميّة، فلماذا لا يُبْدأ في إعادة التفكير في المستقبل، قبل أن يتحول الحلم إلى كابوس؟” .

ما كان لهذا الكتاب الذي أحدث صدمة كبرى لدى العديد من “الإسرائيليين”، واعتبروه تجاوزاً كبيراً من هذا المؤرخ للعديد من أطروحات المؤرخين “الإسرائيليين” الجدد، الذين استخدموا طرق التفكيك الديريدية لتقديم قراءة جديدة ل”حقيقة/حقائق” “إسرائيل” . وقد تصدى الكثيرون من الكتاب والمفكرين والمؤرخين “الإسرائيليين” والصهاينة والمتصهينين لمهاجمة الكتاب الذي يعتبر في نظرهم موالياً للفلسطينيين، على الرغم من أنه ليس كذلك، ومن بين المنتقدين الشرسين إيريك مارتي، (وهو كاتب وناقد وأستاذ الأدب في جامعة باريس السابعة، ومعروف بحقده على الفلسطينيين، وسبق له أن انتقد الشاعر الراحل محمود درويش، غير ما مرة)، الذي كتب: كتاب صاند يُظهر هنا فقر وعَوَز “أبستمولوجيته” . صاند “حديث” الاتجاه (ذو نزوع حداثي) . ويريد أن يصبح ميشيل فوكو القرن الواحد والعشرين . إنه يتمنى، وهو يعلن أنّ الشعب اليهودي “اختراع القرن التاسع عشر”، أن يعيد، من خلال التقليد والمحاكاة، إنتاج فوكو الماضي وهو يؤكد أن الإنسان “اختراع حديث” . لكن، بالنسبة لفوكو، كان من الأساسي بالنسبة له أن يفكر، داخل خطاب فلسفي حديث، وبصفة منهجية، في هذا “الاختراع” في المعارف الإنسان ويقوم بتفكيكه .

ويقول إن كتاب شلومو صاند في هذه النقطة يكشف عن ضحالته . لأنه إذا كان يحرم على اليهود أحد تطلعاتهم، التي لم يحققوها كشعب، في أن يتشكلوا كعِرْق، فإنه لا يفكك مفهوم العِرْق . إلا أنه على النقيض، يمنحه، بقصد أو من دون قصد، مكانة حقيقة تعطي نفسها مكانة الحقيقة القصوى . إن خلاصة الكتاب التي هي، في حقيقة الأمر، خلاصة شاذة، تتمثل في منح الشعب الفلسطيني ما يحرمه على اليهود، وهو أن الفلسطينيين هم المنحدرون الحقيقيون، عضوياً، من العبرانيين الأصليين

يواصل مارتي، وهو متخصص في أدب رولان بارث، انتقاده الحاد لخلاصات الكتاب: “هذه الخاتمة تكشف غائية الكتاب . وفيها نجد الميثولوجيا الرئيسية المقلوبة والتي اعتاد عليها الشعب اليهودي، والتي تعني أن اليهود يصبحون غير يهود، والفلسطينيين يصبحون اليهود الوراثيين” . وهنا يعبر الكاتب الصهيوني عن خوفه من خلاصات الكتاب ويكتب: “ونستطيع، من الآن، أن نستخلص من هو المحتل الشرعي للبلد” .

ويحاول مارتي أن يطهر شلومو وكأنه لا يكترث لليهود: “إن المُؤلف شلومو صاند، من خلال عدم قيامه بتفكيك مفهوم الإرث الوراثي، بصفة جذرية، ومن خلال قيامه، بدل ذلك، بتفضيل الشعب الفلسطيني، يكشف عن كل اللامُفكر فيه الذي يفسد، بطريقة غامضة، ما يمسك به باعتباره مشروعاً تحريرياً . إنه يبرز أن المنهجية التعويضية التي يستخدمها هي، بكل بساطة، مُخاتلة، ويَعْظُم الأمر حين نرى أنه يريد وضعها في خدمة وفاق بين الأعداء”، ويقول “إن نفي الهوية اليهودية فكرة متسلطة، وهي اليوم تشويش عنيد على الفكر المعاصر . من أين يأتي هذا الدوار السلبي؟ يمكن فهمه من خلال قراءة كتاب شلومو صاند . إنه ينطلق من رغبة غامضة في جعل اليهود أشباحاً صافية، أطيافاً بسيطة، وأمواتاً أحياء، وصُوراً مطلقة ونموذجية أصلية للتّيه، صُوَراً لمخادعين وهم يغتصبون، إلى الأبد، هوية ناقصة . فكرة متسلطة أبدية، بعيداً عن الانطفاء، لا تتوقف عن الانولاد، من الآن فصاعداً، مع حُجة ميثولوجية جديدة: الفلسطينيون” .

لا يزال المتصهينون يرفضون وجود شعب آخر إلى جانب اليهود في فلسطين . ولعلّ من أهم حسنات هذا الكتاب هو أنه أنْسَن الشعب الفلسطيني ومنحه حقه التاريخي في فلسطين . ولكن الطريق لا تزال بعيدة وطويلة كي يعترف “الإسرائيليون” أن قَدَرَهُم الدنيوي هو قدر الشعب الفلسطيني، أي شعْبان اثنان في أرض ضيقة واحدة تضيق كل يوم، أكثر فأكثر .

--------------------

هذا الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ