ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 13/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

كتب

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كتاب : على خطا اوباما

الحلقة (الأخيرة)

الصفحات: 233 صفحة

الكتاب: على خطى اوباما

تأليف: نيل بلانيل

عرض ومناقشة : د. محمد مخلوف

الناشر: هاشيت ـ باريس ـ 2009

اوباما في مغامرة البحث عن المصالحة مع العالم

لا تقل التحديات التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين خطورة عن تلك التي عرفها القرن الماضي (العشرين). وما يؤكده الرئيس اوباما أن الولايات المتحدة لن تستطيع مواجهة هذه التحديات وحدها، ولن يستطيع العالم أن يواجهها بدونها.

قائمة التحديات كما حددها أوباما طويلة وفي مقدمتها إيجاد نهاية «مسؤولة» للحرب في العراق وإيجاد حل للصراع العربي ـ الإسرائيلي ووضع حد نهائي لانتشار الأسلحة النووية بل وتوقيع معاهدة دولية لضمان «أمنها». هذا على خلفية التصميم على أن تلعب الولايات المتحدة دورا مركزيا في العلاقات الدولية، بعد السنوات «العجاف» لإدارة جورج دبليو بوش.على الصعيد الداخلي الأميركي يتركز برنامج اوباما المستقبلي على تنشيط دور الطبقات الوسطى والفقيرة ودفعها للاندماج الحقيقي في سوق العمل، وذلك على خلفية قناعة ثابتة هي أن قيام «أميركا جديدة أمر ممكن».

إن أميركا دخلت بقيادة اوباما في مغامرة البحث عن المصالحة مع نفسها ومع بقية العالم. وبنجاحها أو فشلها قد تتحدد معالم العالم المقبل.على خلفية الخشية من تنامي نزعة الميل إلى العزلة عن قضايا العالم بعد الفشل في العراق، يقترح باراك اوباما تجديد الزعامة الأخلاقية والدبلوماسية والعسكرية لأميركا في مواجهة التحديات الجديدة للقرن الحادي والعشرين. لكنه بدأ بإخطار الجميع منذ البداية أن أميركا لن تستطيع أن تجيب وحدها على هذه التحديات، وأن العالم لن يستطيع ذلك أيضا بدونها. هذا ما عبّر عنه بالقول: «إننا مدعوون اليوم من جديد للعب دور زعامة متبصّرة». ثم إن التحديات الجديدة من انتشار لأسلحة الدمار الشامل والإرهاب وسخونة المناخ وغير ذلك من تحديات ليست أقل أهمية مما كان قد عرفه القرن الماضي.

وشجب اوباما بشدّة الإجابات التي قدّمتها إدارة بوش على تفجيرات 11 سبتمبر 2001 والتي أدّت إلى الحرب ضد العراق وتجاوزات ابو غريب وفقدان العالم لثقته في الولايات المتحدة وما تقول به من مبادئ وما تسعى إليه من أهداف. وكرد على هذا كله يقترح اوباما أن تستلهم الزعامة الأميركية الجديدة ركائزه من سياسات رؤساء أميركيين سابقين كروزفلت وترومان وكندي والتي قامت على مقولة أساسية مفادها أن أمن ورفاهية كل أميركي ترتبط بأمن ورفاهية أولئك الذين يعيشون خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية. سلسلة تحديات إن سلسلة التحديات التي وضعها اوباما طويلة، ولكنها قد تترتب حسب الأولويات كالتالي: وضع نهاية لحرب العراق بطريقة مسؤولة أولا وإعادة النظر بالسياسة الأميركية في عموم منطقة الشرق الأوسط. الحل العسكري في العراق ليس ممكنا، برأيه، مع التأكيد على ضرورة تنشيط مبادرة إقليمية ودولية بهذا الخصوص.

وفي مثل هذا السياق، سيكون من السهولة أكثر تركيز الجهود الأميركية على رهانات أخرى مثل النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. بل ويرى اوباما أنه من المطلوب تنشيط الدبلوماسية الأميركية في عموم الشرق الأوسط بما في ذلك إجراء مفاوضات مع سوريا وإيران حيث جرت الإشارة إلى أن تغيير موقفها، حول الملف النووي، يمكن أن يقابله التزام اقتصادي من قبل الولايات المتحدة وضمان لأمنها مع إقامة علاقات دبلوماسية. أما بالنسبة لسوريا فإن التوجه الأميركي الجديد يرى إمكانية أن تدفعها الدبلوماسية والضغوط إلى الاعتدال أكثر، مما قد يساهم في تعزيز الاستقرار في العراق وفي لبنان وتحسين الأمن الإسرائيلي.

وإلى جانب تأكيد اوباما على ضرورة تعزيز قوة الجيش الأميركي للمحافظة على السلام، يؤكد أهمية وضع حد نهائي لانتشار الأسلحة النووية. ويعلن ضرورة التوصل خلال السنوات الأربع القادمة إلى معاهدة دولية لضمان «أمن» الأسلحة الموجودة، مع الإشارة إلى ضرورة التعاون النشيط مع روسيا. والهدف المحدد هو الوصول إلى خطة عالمية لمنع إنتاج أسلحة نووية جديدة.

ويضع اوباما في أفق اهتماماته القيام بسلسلة من المبادرات الدبلوماسية باتجاه أفغانستان وباكستان، مع تشجيع الحوار بين هذه الأخيرة والهند، خاصة حول قضية كشمير. ويقع في منظور «محاربة الإرهاب» بذل الجهود من أجل إقامة نوع من «التحالف» على غرار ما كان قد عرفه المعسكر الغربي لمحاربة الشيوعية سابقا. هذه المباراة كلها تنضوي في إطار محاولات تحسين الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية.

من الواضح أن رؤية اوباما لـ (تجديد زعامة الولايات المتحدة) تمر عبر إعادة تأسيس مخالفات وشراكات ومؤسسات من أجل تعزيز الأمن المشترك. من هنا تأتي، برأيه، أهمية تعزيز الملف الأطلسي وزيادة مساهمة الحلفاء فيه لصالح أمنهم الجماعي. كذلك يرى من الضروري القيام بإصلاح بنى الأمم المتحدة. وكل هذه الصيغ من التحالفات تصبّ في محاولة مواجهة تهديد حديث يمثله «التغيّر المناخي».

 

بناء مجتمعات ديمقراطية

ويؤكّد اوباما أيضا على ضرورة بناء مجتمعات أكثر ديمقراطية وأكثر أمنا لصالح خير الإنسانية كلها. وهذا ما عبّر عنه هو نفسه بالقول: «إن التزامنا على الصعيد العالمي لا يمكن تحديده على أساس ما نعارضه، بل ينبغي أن يهتدي بفكرة واضحة لما نمثله». هكذا يبدو بوضوح أن أميركا بزعامة باراك اوباما لا تنوي أبدا أن تنكفئ على نفسها.

وهذا يبدو كرد فعل طبيعي بعد الأخطاء «التاريخية» التي شهدتها سياساتها في السنوات الأخيرة. بالتالي من المتوقع جدا أن تضع كل ثقلها في حلبة العلاقات الدولية لدفع الأمور إلى ما هو أفضل أو لما هو أسوأ.

 

أميركا أخرى ممكنة

أعاب كُثر على باراك اوباما نقص خبرته وتشوش برنامجه. لكن هؤلاء نسوا أن رؤساء أميركيين شباب من أمثال لنكولن وكينيدي وحتى كلينتون تركوا بصماتهم على تاريخ البلاد والنقص «المزعوم» لخبرتهم. وإذا كان من الصحيح القول أن اوباما لم يمض حياته في أروقة السلطة فإنه عاش تجربة الأحياء الفقيرة في شيكاغو وخبر أشكال الفساد التي تعشش في إفريقيا أو آسيا وعرف عن قرب هموم الأميركي العادي الباحث باستمرار عن سبل تسديد الفاتورات والقروض.

ومنذ بداية عام 2008 كان الاقتصاد قد أصبح مصدر الهموم الأكبر بالنسبة للأميركيين. هكذا ركّز اوباما برنامجه على الطبقة الوسطى، مؤكّدا في نفس الوقت ضرورة تحديث الاقتصاد الأميركي ووضع حد نهائي لخفض الضرائب على الأغنياء بل اقترح زيادة هذه الضرائب على من يزيد دخلهم السنوي عن 250 ألف دولار وردد بأشكال كثيرة القول: «أنا أؤمن باقتصاد السوق وبالرأسمالية وبروح المبادرة في إنشاء المشاريع».

 

قضايا الهجرة

على صعيد الهجرة يقترح اوباما تسوية أوضاع 12 مليون مهاجر يقيمون ويعملون في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية. وبنفس الوقت فتح الطريق أمامهم للحصول على الجنسية الأميركية مع إخضاعهم لبعض الشروط مثل قدرة التحدث باللغة الإنكليزية ودفع «غرامة». بالتوازي مع هذا يؤكّد اوباما على ضرورة تعزيز الرقابة على حدود الولايات المتحدة وتشجيع التنمية الاقتصادية في المكسيك التي يأتي منها السواد الأعظم من المهاجرين «السريين».

إن اوباما يقدّم بوضوح برنامجا طموحا للمسار الذي يريد أن يقود بلاده فيه. وما يمكن أن تلخصه مقولته الأساسية وهي أن «أميركا أخرى ممكنة». وهذا ما يعلّق عليه المؤلف بالقول: «إن انتخابه رئيسا سيسمح له بكتابة فصل جديد في تاريخ الولايات المتحدة».

 

«أميركا متصالحة مع نفسها»

تحت هذا العنوان يقدم المؤلف الصفحات الأخيرة من كتابه. ويرى أن الخطوة الأساسية في «تصالح» أميركا مع نفسها ومع تاريخها تمثّلت في انتخاب باراك اوباما رئيسا. فالولايات المتحدة تجسّد أمّة غذت فيها العبودية ومختلف أشكال التمييز العنصري الحقد والضغائن. وها هي تنتخب اليوم شخصا أسود. يتحدث لها لغة المصالحة والتغيير دون نسيان أن ثلاثة أرباع مواطنيها هم من البيض.

ويشير المؤلف هنا أنه عند تجوّله في شوارع واشنطن غداة يوم 5 نوفمبر الماضي، أي غداة انتخاب اوباما رئيسا، شعر بذلك الإحساس العميق الذي كان يشارك فيه الجميع وهو أن جدارا عميقا عمره عدة قرون قد انهار.

وبدا بوضوح أن ذلك الطفل من أب إفريقي وأم أميركية يمكن أن يفتح اليوم أبواب الحداثة لبلاده مع الإيذان بوصول عالم جديد متعدد الأقطاب ومتداخل، وما يمكن أن يجعل منه بنفس الوقت «الزعيم الحقيقي الأول» في القرن الحادي والعشرين.

واليوم يجسّد اوباما أيضا هزيمة الذهنية المحافظة التي حكمت أميركا خلال عقود، وهي هزيمة تبدو آثارها من العراق إلى اورليان الجديدة ومن كابل إلى وول ستريت. ثم إن قدرته على الإنجاز الجيد لمهمته ستساهم في إعادة تعريف دور الدولة في القرن الحالي، بعد تهميش هذا الدور من قبل الجمهوريين وسياساتهم المفرطة في لبرالياتها والتي قادت إلى أخطر أزمة مالية عالمية منذ حوالي قرن من الزمن.

لا شك أن فترة رئاسية واحدة لن تكفي لتغيير الواقع الأميركي، لكنها سوف تحضر المستقبل من أجل ذلك. ويمكن للتأييد الكبير الذي لاقاه برنامج اوباما الإصلاحي أن يكون تحوّلا يصب في مصلحة الديمقراطيين.

ونجاح إصلاحات اوباما سيعزز في مثل هذا التوجه. لكن على العكس سوف يؤدي فشلها إلى عودة الأميركيين إلى معسكر اليمين الذي تركوه قبل فترة وجيزة، ويحظى اوباما بدعم الكونجرس الذي يشكل الديمقراطيون أغلبية أعضائه. بكل الحالات سيكون على الرئيس اوباما أن ينجح في تصحيح مسار الاقتصاد الأميركي ويقاوم التيار اليساري في حزبه ويقوم بإصلاحات كبرى قبل انتخابات منتصف فترته الرئاسية عام 2010 لضمان استمرار دعم ناخبيه له.

 

لحظة الانتصار القصيرة

في المحصلة كانت «لحظة الانتصار» الأميركي قصيرة، إذ بعد 20 سنة من سقوط جدار برلين سيكون على اوباما مواجهة العمل على استمرار «الزعامة» الأميركية في عالم متعدد الأقطاب. والقاعدة الغالبة دائما هي وجود تباين بين الكلمات والوعود وبين تحققها على أرض الواقع.

لكن اوباما، وفيما هو أبعد من برنامجه، نجح عبر انتخابه بولادة أميركا «ما بعد الأعراق» وبطيّ صفحة الشروخ الإيديولوجية التي كانت تمزقها في العميق منذ زمن طويل. «إن مصالحة أميركا مع نفسها ومع بقية العالم، هذا من شرع اوباما بقيادة أمّة من 300 مليون نسمة في البحث عنه»، هكذا تقول إحدى الجمل الأخيرة من هذا الكتاب.

انتهى

ـــــــ

المصدر : الراصد للتوثيق الإعلامي

----------------

هذه الكتاب يعبر عن رأي كاتبه

 

السابقأعلى الصفحة

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ