ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كتاب
: على خطا اوباما الحلقة:
(2) الصفحات:
233 صفحة الكتاب:
على خطى اوباما تأليف:
نيل بلانيل عرض
ومناقشة : د. محمد مخلوف الناشر:
هاشيت ـ باريس ـ 2009 حملة
أوباما انطلقت من تغيير سلوكيات
واشنطن واشنطن
مدينة صغيرة نسبياً، ولكنها
المركز الإداري للعالم، وفيها
يتم تقرير السياسات الكونية لما
هو أفضل وما هو أسوأ من قبل
مجموعة من الأفراد ومراكز البحث
ومجموعات الضغط ومركز القرار
الأميركي متمثلاً في الكونجرس
والبيت الأبيض. وواشنطن
هي أيضاً مركز القرارات التي
تتم صياغتها في أجواء يسيطر
فيها المال والصناعات التي
تمثله على رجال السياسة وأصحاب
القرار، باسم المبادئ أحيانا
ولكن عبر «رشوات» مموّهة بأقنعة
كثيرة في أغلب الأحيان. طرح
باراك اوباما نفسه منذ البداية
كمرشح لأجيال الشباب ول«القطيعة»
مع الماضي تحت شعار كبير هو «التغيير».
ووجدت دعوته أصداء كبيرة لدى
الأجيال المعنية. وكانت معركته
الأولى في الفوز بترشيح الحزب
الديمقراطي له. ومنذ
عام 2007 أشارت استطلاعات الرأي
إلى أن الأميركيين أصبحوا
يميلون بأغلبيتهم إلى اليسار.
هذا ما دلّت عليه استطلاعات رأي
كثيرة. وفي ذلك الإطار أرادت
السيدة هيلاري كلينتون أن تكون
أول «رئيسة» للولايات المتحدة
وتطلّع باراك اوباما إلى أن
يكون أول رئيس من أصل إفريقي.
فكانت بينهما معركة الفوز
بترشيح الحزب الديمقراطي أولا. بتاريخ
10 فبراير 2007 أعلن باراك اوباما
عن ترشحه للانتخابات الرئاسية
التي كانت ستجري في شهر نوفمبر
من عام 2008. وطلب تأييد الحزب
الديمقراطي، حزبه، لترشيحه.
وذكر اوباما يوم ترشيحه أبراهام
لنكولن صاحب الخطاب الشهير عام
1858 الذي طالب فيه بإلغاء
العبودية، الأمر الذي كان يشكل
آنذاك رهانا انقسمت حوله الأمة
الأميركية. وأشار
اوباما أمام الحشود إلى أنه إذا
كان لم يمضِ وقت طويل في واشنطن،
فإنه قد مكث فيها فترة سمحت له
بمعرفة أن ينبغي تغيير «السلوكيات
السياسية» الجارية في العاصمة.
لقد اعترف إذن أنه يأتي من خارج
«الدائرة التقليدية» للحياة
السياسية الأميركية وأنه يريد
أن تهب رياح التغيير على عاصمة
الولايات المتحدة من أجل إجراء
التحوّل الضروري للبلاد. إن مؤلف
هذا الكتاب يصف العاصمة
الأميركية «واشنطن» أنها تشبه
مدينة بورجوازية صغيرة
بشوارعها العريضة وابنيتها
الجميلة وحدائقها الكبيرة
وبيوتها التي لا يتعدى السواد
الأعظم من مساكنها الطابقين.
لكن واشنطن هي أيضا «المركز
الإداري» للعالم كله. ومصدر
القوة الرئيسي لهذه المدينة هو
التواجد «الكثيف» و«المركّز»
لمجموعة من الأفراد بيدهم تغيير
العالم لما هو أفضل أو لما هو
أسوأ. علب
التفكير وفيها
تتواجد مراكز البحث، «علب
التفكير» كما يطلقون عليها،
التي يتم فيها التنظير للسياسات
التي قد تبدّل العالم ويتم
تصميمها كذلك. وفي واشنطن أيضا
يقوم السفراء بالتفاوض من أجل
تسيير أمور العالم وحماية
المصالح الوطنية التي يمثلونها.
هذا
بالإضافة إلى مجموعات الضغط «اللوبي»
التي تمتلك الملايين من أجل
شراء رجال السياسة والحكومة أو
الضغط عليهم لتبنّي وجهات نظر
عالم الصناعات التي يمثلونها،
ويدفعون بهذا المعنى السلطة
التنفيذية والسلطة التشريعية
للتضحية بالمصلحة العامة على
مذبح المصلحة الخاصة. ودون
نسيان أن واشنطن تضم الكونجرس
والبيت الأبيض. إن مؤلف
هذا الكتاب يشرح كيف أن بعض
الدول والشركات الكبرى تنفق
كميات ضخمة من الأموال عبر
مجموعات الضغط من أجل تمرير هذا
القرار أو ذاك لدى الكونجرس.
وذلك بطريقة لا يبدو فيها أن
الأمر يتعلق برشوة وإنما ب«هبات»
يتم تقديمها لأعضاء الكونجرس
لدعم حملاتهم أثناء الفترات
الانتخابية. ويتم التأكيد أنه
يتم «استثمار» مبالغ هائلة أيضا
على الصعيد الداخلي الأميركي كي
تحمي الشركات والمجموعات
الصناعية الكبرى مصالحها. وفي
المحصّلة هناك محامون ونافذون
في مجموعات ضغط ومستشارون
وصحافيون ومحللون وساسة
وموظفون ونقابيون ودبلوماسيون
واقتصاديون وغيرهم في واشنطن،
وكل يحاول من أجل التأثير على
مسيرة العالم، باسم المبادئ أو
بواسطة الرشاوى. ما يتم
تأكيده هو أن القوى التي تتولّى
تسيير الأمور في العالم تبدو
وكأنها تجد مصدرها الأساسي في
تلك المدينة الصغيرة، واشنطن.
لكن هل ستبقى الأمور على ما هي
عليه بعد 20 سنة؟ يتساءل المؤلف.
ويجيب: على الأقل، يبدو أن
الولايات المتحدة مصممة على أن
يتابع التاريخ الجاري مسيرته
دون أن تُبدي أية إشارة حول
المصير المحتوم لإمبراطورية
تتراجع. ذلك أنه لا شيء جامد
والسلطة هي دائما لمن يأخذها. خيبة
أمل سياسية وينقل
المؤلف عن أحد العاملين في مكتب
الحسابات الحكومي الفيدرالي -
محكمة الحسابات- قوله: «في
بلادي، سقطت أوهام الشباب حول
السياسة والطريقة التي تعمل على
أساسها. هناك خيبة أمل كبيرة
حيال الطبقة السياسية وحيال
حالة الانسداد القائمة منذ زمن
طويل. ولهذا السبب يفضلون
القدوم مباشرة إلى واشنطن
وينخرطون في الهيئات التي تقود
السياسات في البلاد. تلك هي
طريقتهم في محاولة تغيير الأمور».
على
أساس هذه الخلفية بالتحديد بدت
الحملة الانتخابية الرئاسية
لباراك اوباما كإحياء
للديمقراطية الأميركية وجذبت
إليها الأكثر شبابا بين
الناخبين. وكان اوباما قد أكّد
في الخطاب الذي أعلن فيه ترشيحه
أنه سوف يضع حدا نهائيا للحرب في
العراق وسينهي الفقر وسيؤمّن
الغطاء ضد المرض للجميع وسوف
يخلق الشروط المطلوبة
للاستقلال على صعيد الطاقة في
أميركا. ولهذا كله، دعا جيلا
جديدا من الأميركيين إلى تجاوز
أزمة البلاد ومساعدته من أجل
تحويل مسار الأمة. باختصار قدّم
اوباما نفسه كرمز لأكثر الأجيال
شبابا ووجد بالمقابل آذانا
صاغية من قبلها. وإذا
كان باراك اوباما ليس بعيدا عن
تأثيرات إرث سنوات الستينات وعن
قيم حركات المطالبة بالحقوق
المدنية للجميع، فإنه طرح نفسه
بالمقابل كمرشح يريد إخراج
البلاد من 20 سنة من الصراعات
القاسية «شبه الارستقراطية»
بين الجمهوريين، ممثلين ببوش،
والديمقراطيين، ممثلين
بكلينتون. هكذا غدت «القطيعة
بين الأجيال» كأحد الشعارات
المطروحة صراحة في حملته
الانتخابية. رهانات
الانتخابات وينقل
المؤلف عن صحيفة «نيويورك تايمز»
قولها أن الانتخابات الرئاسية
لعام 2008 تمثّل للمرة الأولى
رهانات بعيدة جذريا عن رهانات
سنوات الستينات والتركيز على
العراق والحرب ضد الإرهاب
وسخونة الأرض والمناخ والطاقة
والتكنولوجيات والعولمة. وبعد
الإشارة إلى دراسة أثبتت أن كل
أميركي من أصل خمسة أميركيين
هناك أحد أبويه من أصول مهاجرة،
تتم ملاحظة أن هرم الأعمار في
الولايات المتحدة عام 2008 يدل
على «تعادل» جيل مواليد ما بعد
عام 1980 مع جيل مواليد ما قبله. وقد عمل
جيل الشباب على دفع أهله
للاقتراع مع اوباما، كما أشار
العديد من الناخبين. وكانت
هيلاري كلنتون قد بذلت جهودا
حثيثة من أجل الحصول على تأييد
جيل «الكبار»، وقد ظهر ذلك في
وجود أعداد كبيرة من السيدات «ذوات
الشعر الأبيض» في جمهور
لقاءاتها الانتخابية. لقد جذبت
إذن الديمقراطيين «المحافظين». هكذا
كانت الانتخابات الرئاسية
الأميركية، على مختلف
مستوياتها، قد عكست التطور
الديموغرافي الأميركي وحيث
يزداد عدد السكان بفضل نسبة
ولادات مرتفعة ووفود أعداد
جديدة باستمرار إلى البلاد. وفي
مثل ذلك السياق خاض باراك
اوباما المعركة الانتخابية
الرئاسية كي يصبح الرئيس الأول
ذو الأصل الإفريقي ـ الأسود
للولايات المتحدة الأميركية.
لكن في عام 2007 لم تكن «المعركة»
سوى في بداياتها. من هو
الديمقراطي اليوم؟ كان
المشهد السياسي مختلفا جدا
عندما أكمل جورج دبليو بوش
فترته الرئاسية بالقياس عمّا
كان عليه سابقا. ففي سياق
العولمة وتحديات البيئة وتعاظم
أشكال اللا مساواة، كان
الأميركيون يأملون بتحسين
أوضاعهم الاجتماعية ومالوا
بالتالي نحو اليسار أكثر، كما
أشار مركز «بوو»، أحد المرجعيات
الأساسية في مجال استطلاعات
الرأي. وشرح محللوه منذ عام 2007
أن الأميركيين أصبحوا يميلون
بنسبة 50 بالمئة منهم إلى
الديمقراطيين مقابل 35 بالمئة
فقط إلى الجمهوريين. ويعيد
المؤلف هذا التحول أولا إلى عدم
كفاءة إدارة جورج دبليو بوش
وتطرفه وما عرفته رئاسته من
أفعال كانت سلبية النتائج جدا
بالنسبة لأميركا. مما ولّد «الحاجة»
للتوجه نحو اليسار كما دلّت
انتخابات الكونجرس منذ عام 2006.
واجتمعت عدة عوامل ولّدت الخشية
من ظاهرة العولمة ويحدد المؤلف
أهمها بالخوف من تعاظم حدّة عدم
المساواة والخوف من تغيرات
المناخ وموجة الحقد التي
أثارتها في العالم كله إدارة
أميركية منتشية بقوتها وصعود
الصين والهند وروسيا. يضاف إلى
هذا «الوجه الكريه» لأميركا في
غوانتانامو وابو غريب وداخل
أميركا ذاتها تتسع دائرة البؤس. كان
الرئيس الأميركي الأسبق رونالد
ريغان قد نجح في تغيير العالم
باتجاه اليمين. وجرى تكريس
أفكار الاقتصادي ميلتون
فريدمان خاصة فيما يتعلق بخفض
الضرائب ورفع جميع القيود
والضوابط باتجاه مصلحة عالم
الأعمال ومحاولة نقل الضمان
الاجتماعي للقطاع الخاص
والتخلص من سلطة الدولة في كل
المجالات باستثناء ما يتعلق
بالأمن القومي. وأراد جورج
دبليو بوش الذهاب بعيدا في «الثورة
المحافظة». لكن النتيجة كانت
تهالك حزبه والتضحية بمصالح
الطبقة الوسطى وشن حرب لا مبرر
لها ونشوب أزمة اقتصادية كبرى.
هذه الأمور كلها أفقدت مصداقية
الأفكار الخطيرة للحركة
المحافظة الأميركية. خواء
فكري وينقل
المؤلف في هذا السياق عن
الصحافي المحافظ دافيد بروك
كتابته منذ شهر يونيو ـ 2008 ما
يلي: «أمضيت السنوات الأخيرة في
البحث عن خبراء محافظين يجيبون
على حالة القلق التي تعتري
الطبقة الوسطى. واسمحوا لي أن
أقول لكم ان الحالة الفكرية
السائدة حول السوق الحرة إنما
هي حالة سقيمة. هناك بعض
المفكرين المبدعين لكن عمر
أغلبيتهم يقل عن سن الثلاثين.
بالتالي جون ماكين مدعو للقيام
بحملته الانتخابية على قاعدة
حالة من الخواء الفكري». وفي
المحصلة يرى مؤلف هذا الكتاب أن
نهاية «اللحظة» الجمهورية التي
استمرّت قرابة ثلاثة عقود من
الزمن اختلطت عمليا مع نهاية
حقبة الرئيس الأميركي الأقل
شعبية في التاريخ المعاصر
للولايات المتحدة الأميركية. لكن
بالمقابل يلاحظ المؤلف أن القول
بوجود أميركا اتجهت أكثر نحو «اليسار»
لا يعطي في الواقع فكرة محددة عن
تطورها، خاصة أن الحزب
الديمقراطي الأميركي هو، كما
يقال، أقدم حزب سياسي في
العالم، وكان قد عرف تبدلات
كثيرة في مساره التاريخي. وتتم
العودة في هذا الإطار إلى تقسيم
إقامة مؤسسة «بوو» لاستطلاعات
الرأي عام 2005 حول «خارطة
الديمقراطيين الأميركيين».
وجرى التمييز بين «الديمقراطي
المحافظ» و«الديمقراطي الفقير».
وكان الأول يمثل آنذاك 17 بالمئة
من مجموع السكان و19 بالمئة من
الناخبين المسجّلين على قوائم
الاقتراع. وهؤلاء ليسوا أعضاء
في الحزب الديمقراطي دائما
ولكنهم ينضوون في إطار معسكره
ويشكلون شريحة هامة من ناخبيه.
والديمقراطيون المحافظون هم
غالبا من البيض ذوي التعليم
العالي والشباب ويعيشون في
المدن أو في منطقة غرب أميركا،
وهم الأكثر ثراء بين
الديمقراطيين. . الديمقراطي
الفقير أما «الديمقراطي
الفقير» فإنه يمثل 10 بالمئة من
مجموع السكان ونفس النسبة
تقريبا من المسجلين على القوائم
الانتخابية. وبعملية جمع هناك
أكثر من 40 بالمئة من الناخبين
المسجّلين من الديمقراطيين.
وتتم الإشارة إلى أن نسبتهم
زادت منذ 2005، إذ صرّح 7,38 بالمئة
من الأميركيين خلال شهر يناير
2008 إنهم ديمقراطيون مقابل 1,33
بالمئة للجمهوريين. في ظل
ذلك الواقع تنافس طامحان لترشيح
الحزب الديمقراطي لهما في
الانتخابات الرئاسية ولدخول
التاريخ من أوسع أبوابه. إنهما
هيلاري كلينتون التي كانت تطمح
أن تكون أول امرأة ـ رئيسة
للولايات المتحدة واعتمدت على
خبرتها، والآخر هو باراك اوباما
كأول رئيس أميركي من أصل إفريقي
واعتمد على رفع شعار «التغيير».
بكل الحالات كانت حملة انتخابية
غيّرت أميركا. يتبع ـــــــ المصدر
: الراصد للتوثيق الإعلامي ---------------- هذه
الكتاب يعبر عن رأي كاتبه
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |