ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الفروق لابن
قيم الجوزية (34) باب
من الفروق فصل
وهذا باب من الفروق مطول ولعل إن
ساعد القدر أن نفرد فيه كتابا
كبيرا وإنما نبهنا بما ذكرنا
على أصوله واللبيب يكتفي ببعض
ذلك والدين كله فرق وكتاب الله
فرقان ومحمد فرق بين الناس ومن
اتقى الله
جعل له فرقانا يا أيها الذين
آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم
فرقانا وسمى يوم بدر يوم
الفرقان لأنه فرق بين أولياء
الله وأعدائه فالهدى كله فرقان
والضلال أصله الجمع كما جمع
المشركون بين عبادة الله وعبادة
الأوثان ومحبته ومحبة الأوثان
وبين ما يحبه ويرضاه وبين ما
قدره وقضاه فجعلوا الأمر واحد
واستدلوا بقضائه وقدره على
محبته ورضاه وجمعوا بين الربا
والبيع فقالوا إنما البيع مثل
الربا وجمعوا بين المذكي
والميتة وقالوا كيف نأكل ما
قتلنا ولا نأكل ما قتل الله وجمع
المنسلخون عن الشرائع بين
الحلال والحرام فقالوا هذه
المرأة خلقها الله وهذه خلقها
وهذا الحيوان خلقه وهذا خلقه
فكيف يحل هذا ويحرم هذا وجمعوا
بين أولياء الرحمن وأولياء
الشيطان وجاءت طائفة الاتحادية
فطموا الوادي على القرى وجمعوا
الكل في ذات واحدة وقالوا هي
الله الذي لا إله إلا هو وقال
صاحب فصوصهم وواضع نصوصهم واعلم
أن الأمر قرآنا لا فرقانا ما
الأمر إلا نسق واحد % ما فيه من
مدح ولا ذم وإنما
العادة قد خصصت % والطبع والشراع
بالحكم والمقصود
أن أرباب البصائر هم أصحاب
الفرقان فأعظم الناس فرقانا بين
المشتبهات أعظم الناس بصيرة
والتشابه يقع في الأقوال
والأعمال والأحوال والأموال
والرجال وإنما أتى أكثر أهل
العلم من المتشابهات في ذلك كله
ولا يحصل الفرقان إلا بنور
يقذفه الله في قلب من يشاء من
عباده يرى في ضوئه حقائق الأمور
ويميز بين حقها وباطلها وصحيحها
وسقيمها ومن لم يجعل الله له
نورا فما له من نور ولا تستطل
هذا الفصل فلعله من أنفع فصول
الكتاب والحاجة إليه شديدة فإن
رزقك الله فيه بصيرة خرجت منه
إلى فرقان أعظم منه وهو الفرق
بين توحيد المرسلين وتوحيد
المعطلين والفرق بين تنزيه
الرسل وتنزيه أهل التعطيل
والفرق بين إثبات الصفات
والعلو والتكلم والتكليم حقيقة
وبين التشبيه والتمثيل والفرق
بين تجريد التوحيد العملي
الإرادي وبين هضم أرباب المراتب
مراتبهم التي أنزلهم الله إياها
والفرق بين تجريد متابعة
المعصوم وبين إهدار أقوال
العلماء وإلغائها وعدم
الالتفات إليها والفرق بين
تقليد العالم وبين الاستضاءة
بنور علمه والاستعانة بفهمه
والفرق بين أولياء الرحمن
وأولياء الشيطان
والفرق بين الحال الإيماني
الرحماني والحال الشيطاني
الكفرى والحال النفساني والفرق
بين الحكم المنزل الواجب
الاتباع على كل واحد والحكم
المؤول الذي نهايته أن يكون
جائز الإتباع عند الضرورة ولا
درك على مخالفه
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |