ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فصول
من كتاب التاريخ اليهودي الدين
اليهودي ثقل ثلاثة آلاف سنة (2) تأليف
: إسرائيل شاحاك Israël
Shahak ترجمة
وتلخيص : أ. رشيد أبو ثور الناشر
: VIEILLE
TAUPE ، 1996. مقدمة
المترجم من
الإشكالات التي تطرحها قضية
الاحتلال الصهيوني لأرض
فلسطين، تداخل ما هو ديني بما هو
استراتيجي، بحيث تستدعى لتبرير
الاحتلال، مقولات دينية من قبيل
"أرض الميعاد" و"شعب
الله المختار"، و"الحدود
التوراتية"، وغيرها من
الشعارات التي تضفي بعدا دينيا
على ما يقترفه الصهاينة من
عدوان على الأرض والشعب
الفلسطينيين ؛ ثم هناك من جهة
ثانية مقولات تركز على البعد
الاستراتيجي الذي يجعل من دولة
الكيان الصهيوني دولة وظيفية،
من قبيل "ليست دولة إسرائيل
هذه سوى حاملة طائرات نووية
حصينة تابعة لسيدة العالم مؤقتا
: الولايات المتحدة التي تريد
فرض هيمنتها على نفط الشرق
الأوسط الذي يمثل عصب النمو
الغربي."(1) ؛ و"لاتهم كثيرا
طبيعة النظام الذي يتعين علينا
إقامته لكي نحتفظ بنفط الشرق
الأوسط، فالأمر الأساسي هو أن
يظل النفط في متناول يدنا"(3) ؛
و "لقد كانت إسرائيل العميل
الأقل تكلفة في عالمنا المعاصر"(2)
؛ وتعتبر دولة إسرائيل "القلعة
المتقدمة للحضارة الغربية ضد
همجية الشرق" وهو الدور الذي
حدده لها مؤسسها الروحي تييودور
هرتزل. (4) فمما لا
شك فيه أن زرع الكيان الصهيوني
في قلب العالم العربي، مشروع
استراتيجي غربي أوروبي أولا، ثم
أمريكي بعد حرب 1967، التي أظهرت
فيها الدولة العبرية قدرتها على
القيام بالدور الوظيفي الموكل
لها، والمتمثل في تقسيم العالم
العربي، وحماية الأنظمة
الموالية للغرب في المنطقة،
والحرص على المصالح الغربية،
بكفاءة إجرامية عالية. لكن
البعد الديني يستدعى كمبرر
للعدوان، و حافز عليه، وكستار
لتحقيق المطامع السياسية
والاقتصادية. يعلم
الجميع أن عدداً من زعماء
الصهيونية كانوا ملاحدة أو
علمانيين مثل هرتزل وبن غوريون؛
ويقول استطلاع حول التدين في
دولة الكيان الصهيوني، أجري سنة
2005، ما يلي : من بين
الإسرائيليين الذين تجاوزوا
الـ 20 سنة من العمر، لم يُعرف
إلا 7 % أنفسهم بأنهم متدينون
جداً، وعرف %10 أنفسهم بأنهم
متدينون، و 38 % بأنهم تقليديون و
45 % علمانيون (5). فما هي
إذن طبيعة هذا الدين الذي
يستدعى لإنتاج هذا الكم الهائل
من الإجرام ؟ هذا ما
يكشفه الفصل الثاني من هذا
الكتاب ، مع إضاءات أخرى عن
الطبيعة الحقيقية للشخصية
اليهودية. ---*--- الفصل
الثاني أحكام
مسبقة وتحيف المعنى في سنة
1780، كانت الهوية اليهودية دينية
أساساً، وكانت التعاليم
الدينية تحدد لليهود، حيثما
وجدوا، كل تفاصيل حياتهم العامة
والخاصة، سواء كان مع بعضهم
البعض أو مع غيرهم. ومن الواضح
أن كل المجموعات اليهودية كانت
في تلك الحقبة تعيش منعزلة عن
المجتمعات المضيفة لها. وكانت
للطائفة اليهودية سلطات قضائية
وقانونية واسعة على أعضائها، قد
تصل عند ارتكاب ذنب معين، إلى حد
طرد المذنب من المجموعة، وقطع
كل علاقة معه، أو إلى جلده أو
نفيه، أو ما إلى ذلك من العقوبات
التي كانت المحاكم الحاخامية
تكيلها لليهود المدانين. وكانت
هذه المحاكم في كثير من الدول،
مخولة حتى لإصدار أحكام
بالإعدام، وتطبيقها، في بعض
الأحيان، بطرق جد قاسية، مثل
الجلد حتى الموت. ولم يكن بمقدور
اليهودي النجاة من هذه العقوبات
إلا باعتناق الدين المهيمن في
تلك البلاد، وقطع كل علاقة
بطائفته. هكذا
كان الوضع الاجتماعي لليهود
قبل، أن تعرف سائر دول أوروبا،
تحولات تحررية، انطلقت قبل
الثورة الفرنسية واستمرت
بعدها، لتتوج بقيام الدول
الحديثة. وسينال اليهود مع
غيرهم من المواطنين، في ظل هذه
الدول، الكثير من الحقوق
الفردية، ليتحرروا بالتالي من
السطوة القضائية التي كانت
تمارسها عليهم سلطات طائفتهم.
وهكذا تم كسر طوق أحد المجتمعات
الأكثر انغلاقا واستبدادا في
تاريخ البشرية. غير أن الطريقة
التي تم بها تحرر اليهود، ستكون
لها انعكاسات خطيرة على تاريخهم
اللاحق. من
الانعكاسات الاجتماعية لهذا
التحرر، حصول اليهودي لأول مرة
منذ العام 200، على حرية قراءة
كتب باللغة العصرية، وحرية
قراءة وكتابة كتب بالعبرية و"اليدية
(6)"، وحرية مخالفة كل
القوانين السخيفة التي تنظم
الحياة اليهودية؛ وكذلك حرية
"التفكير"، لأن التفكير
الحر كان يعتبر خطيئة لا تغتفر. ولكن،
ورغم تحرر اليهود من تعسف
دينهم، ظل أغلبهم، وخاصة في
إسرائيل، حاملا لنفس النظرة
القديمة إلى المجتمع وإلى
العلاقة مع الأغيار، وإلى تاريخ
مغلوط. ولم يسلم من هذه النظرة،
حتى الكثير ممن يحسبون على الخط
التقدمي أو اليساري، والذين
يعاملون الأغيار بعنصرية واضحة. وتجدر
الإشارة هنا إلى أن التاريخ
اليهودي يكذب الكثير من مما
يعتقده العديد من المثقفين
الغربيين، بخصوص المزاعم
المتعلقة بالشخصية اليهودية. فلا نجد
مثلا أثرا لروح الفكاهة
اليهودية التي يدعى أنها من
مميزات الشخصية اليهودية، في
الأدب اليهودي السابق عن القرن
19، لسبب بسيط، هو أن الدين
اليهودي يحرم كلية الدعابة
والهزل، إلا إذا كانا للسخرية
من الغير. وكذلك
الأمر بالنسبة لـ"حب المعرفة"؛
فإذا استثنيانا التعليم الديني
الصرف، وبمستوى جد منحط، كان
يهود أوروبا يتميزون إلى حدود
1780، بكراهية شديدة للعلم. وكان
تعلم اللغات والرياضيات
والعلوم ممنوعاً البتة؛ وأي
نزوع للابتكار والنقد، كان
يحارب بلا هوادة. وبكلمة،
كان معظم اليهود، قبل قرنيين
ونيف، غارقين في أحط ألوان
الخرافة والتعصب والجهل حتى
بالتاريخ اليهودي وبالعالم
اليهودي؛ ورغم ذلك، لا زال كثير
من اليهود اليوم يحنون إلى تلك
الجنة المفقودة، التي كان، ولا
يزال كثير من الصهاينة يعملون
على إعادتها. تاريخ
استبدادي يجب
الاعتراف بأن التلمود يحمل،
إضافة إلى ما يكنه من كراهية
واحتقار للأغيار بصفة عامة،
مقولات جد مهينة وشائنة ومنحطة
تجاه المسيح والمسيحية. وهذا ما
عرض اليهود ابتداء من القرن 13،
لهجمة مسيحية قوية ، حتى اضطر
الحاخامات إلى اللجوء إلى
الرشاوى ليتمكنوا من نشر "المدونة
الكاملة للقوانين التلمودية"،
دون أن تحذف منها الفقرات
المثيرة لحفيظة المسيحيين؛ غير
أن ذلك لم يمنع من ملاحقة
التلموديين من حين لآخر. وسيضطر
الحاخامات، تحت الضغط المسيحي،
ابتداء من القرن 16، إلى تعديل
بعض الفصول المشينة أو إلغائها
كلية. وهذا الصراع سيترك بصماته
على طبيعة الدراسات العصرية
لليهودية، وخاصة تلك التي قام
بها اليهود، والتي ستعكس هاجس
المواجهة مع عدو خارجي، أكثر من
عكسها لنقاش داخلي. فعندما يسعى
مجتمع بكامله إلى العودة إلى
الشمولية والاستبداد، فإنه
يخلق تاريخا استبداديا. وهذا ما
حدث خلال التاريخ اليهودي، وهذه
هي أول عقبة يتوجب اجتيازها. آليات
الدفاع إضافة
إلى دفع الرشاوى، اعتمدت
المجموعات اليهودية عدة حيل
وأكاذيب لمقاومة السهام
الموجهة للتلمود. وستنعكس آثار
كل هذه الأساليب على السياسة
الإسرائيلية الحالية. ويتمثل
أول هذه الآثار في اعتماد سلوك
يتسم بالتحدي الماكر المقرون
بنوع من الرضوخ الظاهري. وهكذا
سيتم، ابتداء من سنة 1550، حذف أو
تغيير كل الفقرات التي تطعن في
المسيحية، من كل نسخ التلمود
المنشورة في أوروبا، حيث سيتم
استبدال كلمة "الأغيار" بـ"الكفار"،
أو حتى بـ"المسلمين"، في
حالة ما إذا كانت كلمة "كفار"
مثيرة، كما حصل في روسيا
القيصرية. وفي بعض الأحيان، كان
يكتب توضيح في الصفحة الأولى،
يشير إلى أن الكفار المقصودين،
ليسوا من أبناء الشعب الذي
يعيشون بين ظهرانيه، وإن كان
تغييب النصوص لا يعني انتفاء
الممارسات التي تدعوا لها تلك
النصوص. وبمجرد
ما يشعر الحاخامات بنوع من
الأمن، تعود مباشرة النصوص
المحذوفة أو المعدلة، إلى
الظهور على أصلها، عند طبع
النسخ الجديدة. وهكذا
حافظ مجتمعنا الاستبدادي، ولا
يزال يحافظ، على ممارسات همجية
ولاإنسانية، لتسميم عقول
أبنائه. ولا يمكن تفسير هذا إلا
بعداوة همجية ومجانية لكل كائن
بشري. ولا
يزال الخداع متواصلاً. في سنة
1962، نشر في القدس جزء من "مدونة
ابن ميمون"، التي تتضمن قواعد
العقيدة والسلوك اليهوديين.
وتنص النسخة العبرية، بشكل لا
لبس فيه، على الأمر بإبادة من
كفر من اليهود، وعلى رأسهم عيسى
ابن مريم، ومؤسسو الطائفة
الصدوقية وأتباعهم؛ أما النسخة
الإنجليزية، فلا تشير البتة
لهذا الأمر. وفي
الولايات المتحدة، نشرت سنة 1929
الطبعة الأولى للترجمة إلى
الإنجليزية لكتاب "دليل
الضالين"، الذي يعتبر من أهم
كتب الفلسفة اليهودية لإبن
ميمون؛ وكانت هذه الترجمة موجهة
لليهود الأمريكيين الذين لا
يتكلمون العبرية. ولقد تم في هذه
الترجمة، استبدال كلمة "السود"
بكلمة أخرى مبهمة المعنى، حتى
لا يطلع الأمريكيون السود على
الأوصاف المنحطة التي يخصهم بها
الكتاب. ولا يمكن مع هذا، وصف
عدد من الحاخامات الذين كانوا
يساندون مارتن لوثر كينغ، إلا
بالنفاق الصراح. والمثال
التالي، من أحط ما يمكن أن يذكر
في هذا المجال: تقول أدبيات "الحاطانيا"،
توراة الحركة "الحسيدية"
التي لها عدة أتباع بين اليهود
في العالم أجمع، "أن الشيطان
هو الذي خلق الأغيار، وأن
الأغيار يمثلون مطلق الشر، وأن
حياتهم لا قيمة لها، لأن العالم
لم يخلق إلا لخدمة اليهود." غير أن
كثيرا من الكتاب اليهود تولوا
مدح هذه الحركة دون الإشارة إلى
مذهبيتها الحقيقية، وخاصة في
كتاباتهم بغير اللغة العبرية.
ولما ترجمت هذه الكتابات إلى
العبرية، عززت موقع هذه الحركة
بين الإسرائيليين. ويمكن
القول بصفة عامة أن هذا الأسلوب
الذي يقلب الحقائق، أخطر بكثير
، في تحديد سلوك الناس، من
الإكراه المادي؛ وهي حقيقة
تنسحب حتى على ما يبتكر من
أساليب ماكرة وفعالة لدفع الناس
إلى اقتراف الآثام، والغش
والخديعة، وإفساد شعوب
بكاملها، وجرها إلى التسلط
والقتل، دون أن يلطخ المسؤول عن
ذلك يديه؛ فلا يجب أن يساورنا شك
في أن أفظع عمليات القهر التي
تقترف في الضفة الغربية، تنطلق
من التعصب الديني. ولا بد
من الإشارة أيضا إلى نوع آخر من
التضامن الآتي من غير اليهود،
والذي له انعكاسات أكثر ضررا،
والمتمثل في موقف كثير من
المسيحيين، وحتى الماركسيين،
الذين يتصورون أن التكفير عما
تعرض له اليهود من اضطهاد، يوجب
عليهم غض الطرف عن سلوك هؤلاء،
بل والمساهمة في أكاذيبهم. إن
وجود هؤلاء المتواطئين،
وتأثيرهم الكبير في كل الدول
الغربية، وفي الولايات المتحدة
على الخصوص، هو الذي أتاح
للحاخامات، ولغيرهم من
المختصين في اليهودية، فرصة نشر
أكاذيبهم، من دون أن ينتقدهم
أحد، بل منحت لهم، على العكس،
مساعدات هائلة. فكثير من مناهضي
الستالينية اليوم، قد أصبحوا
يناصرون العنصرية والتعصب
اليهوديين، بقوة وبسوء نية، لم
يمارسها في الماضي حتى غلاة
الستالينية. في سنة
1944، وفي أوج الحرب ضد هتلر، صادق
الحزب العمالي البريطاني على
مخطط لطرد الفلسطينيين من
فلسطين، مطابق لمخططات هتلر
المتعلقة باليهود. وتمت
المصادقة على المخطط بضغط من
اليهود من أعضاء الحزب، الذين
لم يفتأوا منذ ذلك الحين،
يساندون السياسة الإسرائيلية
مساندة مطلقة. ونفس الموقف نجده
في الولايات المتحدة، مع
الإشارة إلى أن موقف اللبراليين
أكثر ولاء لإسرائيل. ـــــــــ 1.
روجي جارودي ، الأساطير
المؤسسة للسياسة الإسرائيلية. 2.
اللورد بلفور. جون كيمحي "فلسطين
و إسرائيل" ألبان ميشيل 1973، ص
27 3.
جوزيف لونز، نداف شرجاي،
صحيفة هاآريتس، 13 مارس 1992 4.
طيودور هرتزل :" الدولة
اليهودية". مكتبة Lipsshutz.
1926
ص 95. 5.
المصدر المكتب المركزي
للإحصاءات :
www.cbs.gov.il
6.
لغة عبرية ألمانية ينطق بها
يهود أوروبا والاتحاد
السوفييتي. ـ
يتبع ـ ــــــــ المصدر
: الدار الإسلامية للإعلام ---------------------- الكتب
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |