ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحركات
الإسلامية في سوريا
عرض/إبراهيم
غرايبة الكتاب: الحركات
الإسلامية في سوريا المؤلف: يوهانس
راسنر المترجم: محمد
عبد الله الأتاسي عدد الصفحات: 483 الناشر: رياض
الريس للكتب والنشر،
بيروت الطبعة:
الأولى/2005 رغم أن عنوان الكتاب
هو "الحركات الإسلامية في
سوريا" فإنه يقتصر على دراسة
تاريخ الإخوان المسلمين في
سوريا في أوائل الأربعينيات
وحتى أواخر الخمسينيات، ويبدو
أنه رسالة علمية جامعية. وقد تكون للكتاب
اليوم أهمية خاصة مع الصعود
السياسي والحضور الذي بدأ يتمتع
به الإخوان المسلمون ومع
التحديات الجديدة التي تواجهها
سوريا، خاصة أن الإخوان
المسلمين قد يكونون البديل
المرشح للنظام السياسي القائم. الإخوان
المسلمون وسوريا الحديثة تشكلت سوريا الحديثة
في سياق نهاية الدولة العثمانية
وحلول الاستعمار الفرنسي
مكانها، وأثناء ذلك كان التطور
الاجتماعي السوري في اتجاه
العلمانية والارتباط الوثيق مع
السوق التجاري الرأسمالي
الدولي ونشر الثقافة الغربية،
وظهور الطبقة الوسطى من التجار
والمهنيين والموظفين الذين
بدؤوا يأخذون حجما سياسيا
مرموقا. وتجلت حركة التحرر
اللاديني (التغريب) في الانحسار
الشديد لنفوذ المؤسسات
الإسلامية خاصة في مجال التربية
والتعليم والقانون، وفي تأصيل
فكرة القومية التي قللت
بالاشتراك مع ازدياد النفوذ
الغربي من نفوذ الدين وقوته،
فلم يعد الأساس الوحيد لإرساء
القواعد والصيغ الاجتماعية. وقد وقف الإخوان
المسلمون الذين ظهروا في حدود
العام 1940 بثبات أمام عوامل
التغريب والقومية، وظهرت جهود
علماء الدين الإسلامي في العمل
السياسي والاجتماعي والبرلماني
لأجل استرجاع المكانة الأساسية
التي كان الإسلام يتمتع بها
داخل المجتمع. لقد سبق الإخوان
المسلمين في سوريا ظهور جمعيات
إسلامية عدة، وهي جمعيات شكل
كثير من قادتها وأعضائها
القاعدة الأساسية والنخبة
القيادية لجماعة الإخوان
المسلمين فيما بعد، ومن هذه
الجمعيات "الغراء" برئاسة
محمد هاشم الخطيب الحسيني، ثم
محمد الدقر، وكان من نشطائها
عبد الحميد الطباع الذي انتخب
فيما بعد عضوا في البرلمان سنة
1943. وتأسست جمعية
الهداية عام 1930، ومن أشهر
شخصياتها: كامل القصار وهو رجل
دين وقاض، وسليمان العظمة أحد
التجار والمالكين الكبار في
سوريا، وكان الشيخ مصطفى
السباعي مؤسس الإخوان المسلمين
في سوريا رئيسا لفرع الجمعية في
مدينته حمص. وأنشئت جمعية التمدن
الإسلامي عام 1932 التي كانت تصدر
مجلة "التمدن الإسلامي"،
وكانت بقيادة مجموعة من النخب
المؤثرة، مثل أحمد مظهر العظمة
وأحمد بهجت البيطار وحسن الشطي
وخالد الخاني، وكان اثنان من
قادتها من القيادات السياسية في
البلد، وهما عارف التوأم ووحيد
الحكيم، وكان كثير من قادتها
ونشطائها من قادة ونشطاء
الإخوان المسلمين، مثل عمر بهاء
الدين الأميري، ومحمد المبارك. ظهور الإخوان
المسلمين ليس لدى الإخوان
المسلمين في سوريا "تاريخ
ميلاد" كما في مصر، وإنما تم
ذلك من خلال اندماج عدة جمعيات
إسلامية في منتصف الأربعينيات،
وكانت هذه الجمعيات قد تأسست في
أوائل الثلاثينيات
والأربعينيات تحت قيادة مصطفى
السباعي، مثل جمعية "شباب
محمد" و"دار الأرقم"
برئاسة عمر بهاء الدين الأميري
الذي عمل فيما بعد نائبا لرئيس
الإخوان المسلمين. وقد أقامت جماعة
الإخوان المسلمين في صيف العام
1946 معسكرا تدريبيا بإشراف الجيش
السوري، وشارك فيه حوالي 300 شاب
من الإخوان، وتشير المصادر إلى
أنهم انتشروا بسرعة وكانت لهم
فروع في جميع المحافظات والمدن
السورية. وكشأن الإخوان
المسلمين في جميع الأقطار كانت
الجماعة في سوريا تعبر بوضوح عن
الإرادة والرغبة في مجابهة
مشاكل العصر الحديث بالتوافق مع
الإسلام، ولم يختلفوا من خلال
نشاطهم كجمعية عن الإطار العام
للتطورات الاجتماعية في ذلك
الحين. وتبدي أدبياتهم
ومواقفهم رؤية لإصلاح المجتمع
والقضايا المعاصرة، وإعادة بعث
الإسلام في هيئة معاصرة. وكان للإخوان
المسلمين دور في التصدي للتصوف
والاعتقادات الشعبية السائدة،
ولكن السلفية طغت على خطابهم،
بمعنى النظرة إلى فترة صدر
الإسلام بأنها مثالية ومقدسة
وتصلح للأزل مصدرا لتنظيم
الحياة والتشريعات، وهذا جعل
موقفهم من التاريخ تبريريا. وربما استطاع
الإخوان المسلمون استحداث أمور
جديدة في تفكيرهم، والتخلي عن
فكرة إعادة إنشاء مؤسسات
إسلامية قديمة مثل الخلافة، أو
التسامح في إعادة تطبيق الحدود
التي وردت في القرآن الكريم،
ولكنهم تقيدوا بطرق التفكير
الشرعية، وكانوا في ذلك كله
يهدفون دائما إلى إثبات صلاحية
الإسلام الشاملة لكل مكان وزمان. ولا تستند آراء
الإخوان المسلمين في المسائل
الاقتصادية والاجتماعية إلى
تحليل مجريات الأحداث فقط،
وإنما إلى معطيات دينية
وتفسيرات من التاريخ الإسلامي،
بعضها مشكوك في طرق استنباطه،
وكل ذلك لا يتخطى المبادئ
العامة، ما يسهل الادعاء بقدرة
النظام الإسلامي على تحقيق
المطالب المرجوة منه، أي إضفاء
الشرعية على مطالبة قسم من طبقة
صغار الكسبة في سوريا أثناء
مرحلة تطورها. وللتأكد من صحة هذا
الاستنتاج لا بد من دراسة تصرف
الإخوان المسلمين في المجال
السياسي للتعرف على مدى وكيفية
تأثير فكرة نظام الإسلام على
سلوكهم. مشاركة الإخوان
المسلمين السياسية بدأت المشاركة
السياسية الإسلامية تبدو بوضوح
وقوة مع عودة عبد الرحمن
الشهبندر إلى دمشق عام 1937 حين
شارك معه مجموعة من القيادات
الإسلامية مثل وحيد الحكيم
ومصطفى الزرقا. وخلف شكري القوتلي
عبد الرحمن الشهبندر الذي اغتيل
عام 1940، وحظي القوتلي بدعم
الجمعية الغراء الإسلامية
وجمعيات إسلامية أخرى، ومن
الإسلاميين الذين نجحوا مع
القوتلي في الانتخابات التي
أجريت عام 1943 عبد الحميد الطباع. ولكن التحالف بين
القوتلي والجمعية الغراء تفكك
بعد عام واحد بسبب الخلاف حول
إقامة حفل رقص خيري، ما أدى إلى
قيام مظاهرات عارمة استمرت
أياما عدة، وأدت إلى تدخل
الشرطة لفض التظاهرات. وشارك الإخوان
والإسلاميون المتحالفون معهم
في الانتخابات النيابية عام 1947،
وانتخب منهم محمد المبارك
ومعروف الدواليبي ومحمود
الشقفة، وكان من مرشحيهم لتلك
الانتخابات عمر بهاء الدين
الأميري وعلي الطنطاوي وعبد
الحميد الطباع ومظهر العظمة. واعتبر مصطفى
السباعي في رسالة له بعثها إلى
حسن البنا أن تلك الانتخابات
تمثل أهمية خاصة لأن الإخوان
المسلمين فيها كانوا أول من طرح
الفكرة الإسلامية بصفة قانونية
أمام برلمان منتخب انتخابا
شرعيا. كانت مشاركة الإخوان
السياسية في الفترة بين العامين
1947 و1949 (انقلاب حسنى الزعيم)
تعبر عن تفاعل إيجابي مع
التطورات السياسية، وغالبا ما
كانت مناقشاتهم السياسية لا
تشير إلى أنهم يرون نظام
الإسلام الشامل لجميع نواحي
الحياة بأنه ميزانهم لكل الأمور. وليس من المستغرب أن
حججهم كانت تتراوح بين المستوى
القومي العربي والدنيوي، بل
إنهم استخدموا في بعض الأحيان
تعابير سياسية هي أقرب ما تكون
إلى صراع الطبقات. كان التركيز على
عقيدة الإخوان المسلمين في
سلوكهم السياسي يبدو في
نقاشاتهم وتفاعلاتهم مع
المسائل القائمة في مواجهة
الأنظمة والعقائد العالمية
الأخرى كالشيوعية والرأسمالية،
بينما اعتبر الدين الشخصي بأنه
أساس الشخصية الذاتية وإثبات
النفس. وأثناء التعرض
لمسائل السياسة الداخلية
والاجتماعية في المجتمع لم يحاج
الإخوان المسلمون من منطلق نظام
الإسلام، ولكن من منظار ديني
أخلاقي ينبثق من صميم فكرهم. وبعد انقلاب حسنى
الزعيم عمل الإخوان من خلال
الجبهة الاشتراكية الإسلامية
وحافظوا على الطابع غير السياسي
للإخوان المسلمين، وأصدروا
مجلة "المنار الجديد" بعد
مجلتهم السابقة "المنار"،
وشاركوا في الانتخابات
النيابية التي جرت عام 1949، وكان
من مرشحيهم مصطفى السباعي ومحمد
المبارك وعبد الحميد الطباع
وعارف الطرقجي وعمر بهاء الدين
الأميري ومعروف الدواليبي،
ودعموا في تلك الانتخابات اثنين
من المرشحين النصارى، هما
الطبيب جورج شلهوب والمحامي
قسطنطين منصة. وأثبت الإخوان بذلك
أن أقوالا سابقة لمحمد المبارك
في انتخابات العام 1947 "إننا
نسعى للتعاون مع جميع النواب من
مسلمين ونصارى بل ويهود أيضا
ماداموا ليسوا صهاينة" لم تكن
عبارات جوفاء. وشارك الإخوان
المسلمون في حكومة خالد العظم
عام 1950 من خلال معروف الدواليبي
(وزير الاقتصاد)، وشاركوا في
معظم التطورات الهامة التي وقعت
في سوريا، مثل القضية
الفلسطينية، وتطوير سياسة
للحياد بين الدول العظمى،
ووقفوا ضد مشروع الأمير عبد
الله "سوريا الكبرى" وضد
محاولات الاتحاد مع العراق. وكان الجيش هو الخصم
الأساسي للإخوان المسلمين بدءا
بانقلاب حسنى الزعيم ثم أديب
الشيشكلي، وقد انسحبوا من العمل
السياسي إثر انتهاء فترة حكم
أديب الشيشكلي عام 1954، فلم
يشاركوا في الانتخابات العامة،
وظلوا على نحو عام يعبرون عن
مصالح وتطلعات الطبقة الوسطى. مؤسس الإخوان في
سوريا يعد مصطفى السباعي من
أهم الشخصيات في تاريخ الإخوان
المسلمين حتى اليوم، وقد يكون
مناسبا تخصيص مساحة من هذا
العرض لحياته وسيرته، فقد ولد
في العام 1915 في حمص، وكان والده
حسني السباعي خطيب المسجد
النوري الكبير في حمص، وكذلك
كان جده، ودرس الدين وقواعد
الشريعة وأنهى دراسته الثانوية
في حمص عام 1930، ثم غادر إلى مصر
لمتابعة دراسة القانون
الإسلامي في جامعة الأزهر. حصل على الدكتوراه من
خلال رسالته "السنة ومكانتها
في التشريع الإسلامي" وأثناء
دراسته تعرف على الإخوان
المسلمين في مصر، ونشر فكرة
الجماعة وتنظيمها في سوريا،
وكان يتمتع بمكانة مهمة في
السياسة الداخلية. وقد سجن مرات عدة في
سوريا ومصر وفلسطين ولبنان بسبب
أنشطته السياسية والدعوية
المعارضة للبريطانيين
والفرنسيين، وربما يكون قد أصيب
في السجن بمرض مزمن لازمه لفترة
طويلة، وأدى إلى وفاته عام 1964. وقد عمل في التدريس
في المدارس الثانوية في حمص،
وفي المعهد العربي الإسلامي في
دمشق، ثم أستاذا للقانون في
كلية الحقوق بجامعة دمشق. وشارك في حرب العام
1948 على رأس مجموعة من المتطوعين
من الإخوان المسلمين، وعمل
رئيسا للجنة موسوعة الفقه
الإسلامي التي كانت تعدها كلية
الشريعة بجامعة دمشق، وانتخب
عضوا في البرلمان عام 1949، وترأس
البعثة السورية للمؤتمر
العالمي الإسلامي عام 1951
والمؤتمر الإسلامي المسيحي عام
1954. وأوفدته الجامعة عام
1956 لإجراء جولة دراسية في
أوروبا للتعرف على الجامعات
هناك وعلى الدراسات الإسلامية
بصفة خاصة، وكانت له اتصالات مع
المستشرقين. وتدهورت صحته منذ
العام 1957، فقد أصيب بشلل نصفي،
ولكن جهوده العلمية والسياسة
تواصلت رغم المرض، وألف في ذلك
العام كتابه الشهير "اشتراكية
الإسلام"، وفي العام 1959 أسس
مجلة "حضارة الإسلام"
وترأس تحريرها، وفي العام 1962
ألف خلال إقامته في المستشفى
كتابه "هكذا علمتني الحياة". أهم قادة الإخوان
المسلمين في سوريا يسرد المؤلف في نهاية
الكتاب قائمة وسيرا ذاتية لأهم
قيادات الإخوان المسلمين في
الفترة التي تغطيها الدراسة،
وهم عمر بهاء الدين الأميري
المحامي الشاعر السفير نائب
المراقب العام للإخوان
المسلمين، ومحمد آقبيق رئيس
جميعة التعاون الإسلامي، وبشير
العوف السكرتير العام للإخوان
المسلمين عام 1946، وأحمد مظهر
العظمة، وسليمان العظمة، وعبد
الوهاب الأزرق المحامي القاضي
سكرتير البرلمان عام 1937. ومنهم كذلك نجيب
باقي، ومحمد بهجت البيطار،
ومحمد معروف الدواليبي المحامي
النائب ورئيس البرلمان وزير
الاقتصاد وزير الدفاع رئيس
الوزراء المنتخب. ثم منهم نظمي
الغاغاوي، ومحمد الحكيم، ووحيد
الحكيم، ومحمد المبارك، النائب
الأستاذ الجامعي، ومصطفى
الزرقا، النائب أستاذ الشريعة
والقانون بالجامعات السورية
والأردنية، ومحمد هاشم
الحسيني، وكامل القصاب مؤسس
جمعية العلماء، ومحمود الشقفة،
وعبد الحميد الطباع النائب في
البرلمان، وعارف الطرقجي أستاذ
الطب في الجامعة السورية. ــــــــ المصدر:
الجزيرة
28/3/2006 -------------------- هذا
الكتاب يعبر عن رأي كاتبه
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |